insafol-khalil

مقدمة

هالني الحط من قدر علم الخليل وأحيانا من شخصه من قبل بعضهم في العضر الحديث .

بدأت هذا الموضوع للرد على ما يثار ضد الخليل ولكنه ضم مواضيع أخرى

الاختلاف في الرأي من علامات الحيوية في العلم. وليس العروض شذوذا في مجال الاختلاف. بالرغم من أنه شذوذ في أن الخليل بدأه واستكمله. شأنه في ذلك شأن الجدول الدوري لماندلييف في الكيمياء.

هل معارضة الخليل في فكره وعلمه تقتضي الحط منهما أو حتى من قدره شخصيا؟ ولا أقول منهجه، فلو عرف الحاطّون أن له منهجا فلربما حسبوا بعض الحساب في حطّهم. وفي الغالب لا ينقلب النقد العلمي إلى حطّ إلا إذا اختلط الذاتي بالموضوعي ، ويرجع ذلك في الأغلب إلى تلمس الحاطّ بنقص في الناحية الموضوعية لديه فيستكمله باللجوء للحط الذاتي. قد يتم ذلك لا شعوريا. كل هذا إذا أحسنا الظن. على أنه كلما زاد الفقر الموضوعي لدى الحاطّ زادت نسبة احتمال وعيه على ذلك وزادت معها نسبة احتمال تعمده للحطّ. وقد يبلغ الأمر حدا يؤدي إلي الخروج كليا من العلم إلى القدح الشخصي. وكل ذلك قد يجد تبريرا أو بعض تبرير في الحوار بين متعاصرين كما بين الرقمي وخصومه. فمن الممكن – من حيث المبدإ – أن يتحمل من يتبني الرقمي المسؤولية جزئيا أو كليا في جر الطرف الآخر إلى الذاتية أو حتى إلى الردح الشخصي.

أما أن يكون القدح موجها لشخص قضى منذ ما يزيد عن اثني عشر قرنا فأمر عجيب حقا. ربما يتساءل بعض القراء : أيكون مثل ذلك؟ فيما يلي بعض الأقوال المتدرجة على مقياس أوله نقد وأوسطه قدح وآخره ردح.

يقول الأستاذ محمد العياشي :"فنحمد الخليل على ما بذل من الجهود في خدمة العربية باهتمامه بالنحو واللغة، ونلومه على اعتراضه للإيقاع الشعري إذ نهض إلى دراسته ولم تكن له المؤهلات والمعدات الضرورية لذلك حتى تورط في الخطأ وورط من بعده في الجهل إذ امتنعوا عن تعقب كلامه."

ويقول:"وتلك هي البحور التي غامر فيها الخليل حتى إذا تنازعته اللجج وتقاذفته الأمواج راح يستنصر الدوائر ويستصرخ التفاعيل لعله يسحر بها عيون الناس ولكن خذلته التفاعيل ودارت عليه الدوائر. ولم يزل يعالج العلة موقوفا مقطوفا مكسوفا حتى عاجلته التيارات الزاحفة من هنا وهناك فكفَّته ولفَّته وخبَلته وعقَلته فكان أول المسحورين."

ينقل د. محمد تقي جون علي في معرض نقده للخليل قول النظام :" وحَّدَ به العُجْبُ فأهلكَه، وصَوَّر له الاستبدادُ صوابَ رأيه فتعاطى ما لا يحسنُه، ورامَ ما لا يناله، وفتنَته دوائرُه التي لا يحتاج إليها غيره"

يقول د. أحمد سالم: " .... سنجد أننا كلما خطونا خطوة للأمام هدمنا صنما من أصنام الخليل , ..... الدوائر ليست إلا تيها عروضيا دخله الخليل والعروضيون لما يزيد على 1200 عام."

الأستاذ إبراهيم الوافي: " حين ينشدون لاينتظرون المطر.. لكنهم ينتظرون عصا الخليل بن أحمد تهشُّ قطيع المستمعين إلى ساحة النفاق..!"

وذلك في مقابل عروضيين آخرين تباينت آراؤهم بشكل أو آخر مع الخليل ولم يبدر منهم ما يسيء لشخصه أو علمه في قليل أو كثير ومن هؤلاء الأخفش وحازم القرطاجني والجوهري ود. مستجير. و د. عمر خلوف ود. محمد العلمي.

لست متفائلا بعودة جل من حطّ من قدر الخليل عن آرائهم، ذلك أنه إلى جانب الجهد الذي يتطلبه إقناعهم واقتناعهم ثمة مفازة نفسية لن يستطيع عبورها منهم إلا من أوتي حظا كبيرا من الشجاعة للاعتراف بالحق والتراجع عن الباطل ثم التأهب لعبور تلك المفازة بعد أن قطعوا على أنفسهم خط الرجعة ونحروا ركائب التواضع التي كانت تيسر عودتهم. فإن لم يعد هؤلاء فلا أقل من أن ينظروا في مرآة ضمائرهم فيخففوا من غلواء الكبر وبالتالي من حدة الحطّ في خطابهم المتعلق بالخليل.

لاحظت أنه زادت جرعة الحط من قدر الخليل، كلما كان ما لدى الحاطّ أقرب للذاتي منه للموضوعي وكثر اضطرابه وتناقضه الذاتي.

خبرت صعوبة التخلص من التصورات الذاتية في بعض من تزحزح موقفهم ضد الرقمي قليلا بعد سنين من الموقف السلبي منه، فمنهم من أوقف تهجمه. ومنهم من راح يستعمله شكلا منفلتا من مضمون منهجية الخليل فأعاد به سيرة من استعملوا تفاعيل الخليل منبتّةً عن منهجه لهدم ذلك المنهج. ومنهم من راح يعيد اكتشاف النار بالبدء بالرقمي من الصفر دونما اعتبار لما خطاه الرقمي، بل وراحوا يتقبلون مديح من مدحهم لإنجازاتهم فيه دونما إشارة إلى أن ما يعيدون اكتشافه سبق الرقمي إلى بلورته وعرضه في إطاره الأشمل منذ سنين طويلة.

أتوجه بهذا البحث إلى الحاطّين من قدر الخليل – على ضآلة أمل – وإلى منكري أو جاهلي وجود منهج للخليل مع بعض الأمل ، وإلى سائر القراء والعروضيين بأمل لكنه متواضع. وسبب التواضع هو ضمور المنهج الفكري في الأمة كما تمت الإشارة إلى ذلك في الرابطين :

العروض العربي ليس علما .... https://sites.google.com/site/alarood/laysa-elman

تفكير عروضي : https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/tafkeer-aroody

مسيرتي في اكتشاف منهج الخليل والتواصل مع تفكيره كانت سلسلة من المحاولات التي ترتقي بفهمي له عبر سلسلة من الأخطاء وتصويبها. والفضل في التصويب هو افتراض الصورة الكاملة لدى الخليل في علم العروض واعتبار ما يناقضها ناتجا عن عيب في فهمها وبالتالي إعادة النظر في مصدر ذلك التناقض وتصحيحيه ليستقيم ما يتأسس عليه. لا أزعم أن فهمي أو هذا الموضوع خاليان من الأخطاء والاحتمال قائم في أن يكتشف سواي بعضها، ولكن ذلك سيكون بفضل تحكيم الخليل والرجوع إليه.

وهكذا يكون هذا البحث - في حالي ما أعرض من صواب أو خطأ - قد حقق مبتغاه وهو بعث الوعي على وجود منهج للخليل، فلعل هذا يكون بداية للسعي للتعرف عليه.

إنتهت المقدمة

***

الأستاذ عادل العاني :

http://www.rabitat-alwaha.net/moltaqa/showpost.php?p=1084356&postcount=57

وأسأل الإخوة المتحاورين أيضا

ما هي شواهد الفراهيدي لبحوره الثلاثة " اللقيطة " المضارع والمقتضب والمجتث ؟ وأضيف أيضا المشطور والمنهوك لبعض البحور ؟

وهل كانت بكثرة ما بين يدي الفراهيدي مما ذكره أبو الحسن العروضي ؟

أنا لا أطرح هذه التساؤلات لاستهداف الفراهيدي لأنني أجله وأعتبره مهندس العروض الأول ولست أعارضه لكنني أحبذ أن من يدافع عنه يدافع عنه بأسلوب لا يغالط فيه قواعد الفراهيدي وإلا هدمها دون أن يعلم

رحم الله الفراهيدي الذي اكتشف لنا علما مازلنا نبحث فيه لحد الآن

.......

رد د. أحمد سالم

أنقل لكم من مصدر أكاديمي , بغرض توفير المعلومات , أما الآراء حول ما تفضلتم به فنتركها للمشاركات التالية :

يقول الدكتور محمد العلمي في كتابه عروض الشعر العربي قراءة نقدية توثيقية صفحة 24 , 25 :

(8) لم يرد المضارع مطلقا في أي ديوان من الدواوين الجاهلية والإسلامية والأموية المدروسة .

وقد ورد في أغاني الأصفهاني من المضارع مقطوعة واحدة من أربعة أبيات لأبي عثمان سعيد بن وهب الكاتب , المتوفي أيام المأمون وذلك قوله :

لقد قلت حين قرّ (م) بت ِ العيس يا نوار

قفوا فاربعوا قليلا ... فلم يربعوا وساروا

فنفسي لها حنين ... وقلبي له انكسار

وصدري به غليل ... ودمعي له اندحار

وقد قال عنه أبو العلاء المعري ( والثلاثة الأوزان : المضارع والمقتضب والمجتث , وقل ما توجد في أشعار المتقدمين , فأما المضارع فالبيت الذي وضعه الخليل :

وإن تدن منه شبرا ... يقربك منه باعا

وهو مفقود في شعر العرب , وهو عروض قول أبي العتاهية :

أيا عتب ما يضرّ (م) كِ أن تطلقي صفادي

وقال عنه التبريزي : ( لم يسمع المضارع من العرب , ولم يجئ فيه شعر معروف , وقد قاله الخليل وأجازه )

ولعل في قول التبريزي : (قاله الخليل ) تكرار لرأي أستاذه المعري حين قال إن الخليل واضع بيت شاهد المضارع .

وأنكر أبو الحسن الأخفش قبل المعري والتبريزي ( أن يكون المضارع والمقتضب في شعر العرب , وزعم أنه لم يسمع منهم شئ في ذلك ) . إلا أن أبا إسحاق الزجاج اعتبر أنهما ( قليلان حتى إنه لا يوجد منهما قصيدة لعربي , وإنما يروى من كل واحد البيت والبيتان , ولا ينسب بيت منهما إلى شاعر من العرب , ولا يوجد في أشعار القبائل )

ولعل رأي الزجاج أن يكون الفيصل في موضوع عدم سماع الخليل المضارع من العرب , وفي وضعه لبيت شاهده .

(9) لم يرد المقتضب مطلقا في أي ديوان من الدواوين الجاهلية والإسلامية والأموية المدروسة .

إلا أن حال المقتضب أحسن من حال المضارع , ذلك أنه يروى عن الأخفش أن المقتضب ( سمع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , وذلك أن جارية قالت :

هل علي ويحكما ... إن لهوت من حرج

(10) ويضاف إلى بيت المجتث الذي في ديوان الفرزدق أبيات المجتث للوليد بن يزيد :

إني سمعت بليل ... ورا المصلي برنه

إذا بنات هشام ... يندبن والدهنه

يندبن قرما جليلا ... قد كان يعضضهنه

أنا المخنث حقا ... إن لم ..............

وقال التبريزي عن بيت الشاهد على المجتث :

البطن منها خميص ... والوجه مثل الهلال

(هذا البيت قديم وأنشدوا بيتا آخر قالوا هو قديم , وهو :

جن ّ هببن بليل ... يندبن سيدهنه )

ولعل البيت الثاني القديم أن يكون رواية أخرى لفقت من صدر البيت الأول من مقطوعة الوليد بن يزيد وعجز البيت الثاني منها ,

على أن شوقي ضيف قال عن الوليد بن يزيد ( لقد كان أول من اقترح - فيما نعلم - وزن المجتث , إذ غنى فيه قوله

إني سمعت بليل ..... إلخ

***********

مضمون ما تفضل به الأستاذ عادل العاني موضوعي.

أما ما ذكره د. أحمد سالم فمضوعي تماما مضمونا وتعبيرا.

سبق وقلت إن كثيرا من العروضيين العرب قد أدركوا جوانب من منهج الخليل.

لم يجد الرقمي صوابا إلا وبين مكانه في إطاره العام أو عدل إطاره ونظرته وفهمه لمنهج الخليل بما يتفق وما يتم اكتشافه من صواب. وهذه ميزة الرقمي ليس فيما يوافقه فحسب بل وفي إكساب ما يخالفه شيئا من المنهجية يبين آثاره وينبه من يقول به إلى ما يتطلبه قوله من تحديد ومواصفات لضرورة الانسجام الذاتي في موقفه وإعطائه شيئا من السعة التي تقتضيها المنهجية. رغم مخالفته لمعطيات الرقمي، أو حتى معارضته للخليل.

لو كان الأمر مبارزة بين الخليل وناقديه لكان هذا الموضوع يمثل تقصيرا في حق الخليل في جعله يقف موقف الدفاع. ذلك انه الوحيد الذي يملك المنهج الشامل لتناول العروض العربي. كما تقول العالمة جوان مالينج. وما خالفه مخالفٌ إلا لخطإ في تصوره يؤدي إلى مزيد من المغالطات. أو اعتسافٍ للأحكام الجزئية التي إذ يظن صاحبها أنها تسد ثغرة في موضع فهي تفتح أضعافها في مواضع أخرى.

ولكني أنظر إلى الأمر كواجب تجاه أهل الرقمي ليدركوا قيمة ما حصلوه سهلا هينا. ولكل متجاوز أو ناقد للخليل أو قادح فيه أو جاهل لمنهجه.

لا يحيط بمنهج الخليل كله إلا الرقمي ولا يتبع ذلك بالضرورة أن كل فهم الرقمي لمنهج الخليل صواب، ولكنه يعني أنه أول محاولة للتواصل مع تفكير الخليل والإحاطة بشمولية منهجه. فكأنه بذلك يسد هذه التغرة الخطيرة التي ذكرها الأستاذ ميشيل أديب في مجلة الموقف الادبي العدد 373 أيار 2002:" وأكثر ما يعيب كتب العروض القديمة والحديثة، أنها، على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف الخليل عن أسرارها، لم تحاول تحليل العملية الذهنية التي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه القمَّة الرياضية التي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ ." ويبقى الباب مفتوحا لكل من يعرف معنى المنهج ويقدم تصورا له للاجتهاد وفق الضوابط المنهجية. وقد تطرقت لذلك في :

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/almanhaj-1

العروض الرقمي يتخذ من فكر الخليل ومنهجيته محورا وإطارا وهو السابق إلى ذلك.

تراكمت لدي عدة مواضيع تتعلق بما يوجه لمنهج الخليل من نقد ويأتي مقالا أستاذي الكريمين أعلاه مناسبة لأطرح تصور الرقمي متكاملا بصددها.

تحضرني الآن هذه المواضيع وسأضيف إليها ما يستجد لدي

1- بحور الخليل الرئيسه ودوائره

2- البحور المهملة أم البحور الوهمية؟

3- البحور المجزوءة وجوبا ( المجتث ، المقتضب ، المديد )

4- البحور الرئيسة المجزوءة – بحور المحور 12 ( الهزج – المقتضب – الوافر )

5- السريع

6- إلى هواة ما يسمى بـ[ البحور الجديدة]

7- الوتد المفروق

8- الخبب

9- ساعة البحور

10- الذاتي والموضوعي

*****************

1- بحور الخليل

إستنادا لفهم الرقمي لمنهج الخليل من بوابة ساعة البحور فإن بحور الخليل الرئيسة تنحصر في ما هو مؤطر في الشكل التالي وهو مكتوب على شكل جدول من بعده ، والبحور الرئيسة في الدوائر (جـ ، د ، هـ ) لها مطالع ومطالع بحور الخليل سواء كانت متفردة في الدائرة (د – المشتبه) أو متكررة في سواها ثابتة لا تريم.

تفسير ما تقدم أو الحكم فيه لاشك قابل لتعدد الآراء. والآراء إذا تعددت فذلك يعني أن بعضها أو كلها ذاتي. فلا يمكن أن يحصل اختلاف على أمر موضوعي كتقرير لون ما لذوي العيون السليمة، أما تفاضل الألوان فأمر ذاتي. لا يختلف إثنان على أن المتنبي شاعر عباسي وهذا أمر موضوعي قد يحصل الاختلاف في تقييم شعره. وهو أمر فيه مجال للذاتي والموضوعي. ويحمل كل رأي من الآراء حوله من الموضوعية بقدر ما فيه من حجج.

2- الاجتثاث والاجتزاء

الجمع بين ما تقدم فيه قدر من الموضوعية يزيد لدى من أدرك شمولية الرقمي وينقص لدى من لا يعرفها.

1 1- إن صح أن الخليل أضاف كلا من المجتث والمقتضب والمضارع وأخذنا بالاعتبار رأي الرقمي بأنها مجرد أبعاض أو مقصرات بحور وليست بحورا جديدة، فإن لمن شاء تقليده أن يقلده ولو على سبيل التجربة وخاصة أولئك الذين يبحثون عن التجديد منفلتا من ضوابط الخليل.

2 2- بعض ذلك جاء به الشعراء العرب في الجدول :

https://sites.google.com/site/alarood/_/rsrc/1349693412267/r3/Home/jadwal-ul-bohoor/jadwal-bohoor.gif

3- من فهم هرم الأوزان يدرك أن الاجتثاث والاجتزاء كليهما لا يخرجان الوزن عن التزامه

فلنتناول تبعيض كل من المنسرح والخفيف بتجزيئهما ( من الآخر) تارة واجتثاثهما أو اقتضابهما (من الأول) تارة أخرى، ولنرمز للمجزوء بالحرف ( ز ) وللمجتث بالحرف ( ث )

في إطار السياق أعلاه لنا أن نتساءل هل أضاف الخليل المجتث والمقتضب ؟ أم أنه سنّ باب الاجتثاث أو الاقتضاب ؟ الجداول التالية تستقصي احتمالات الاجتثاث، فإن رجح هذا لم يكن المجتث بحرا مستقلا بل هو تابع للخفيف كمجزوء الخفيف والمقتضب يكون مقتضب المنسرح. ويستأنس في هذا برأي سبق إليه

جاء في الكافي للخطيب التبريزي

حول المنسرح ( ص – 120) : " فلما كان يقع في هذه الدائرة المنسرح وهو مستفعلن مفعولاتُ مستفعلن مرتين، وهذه الأجزاء بعينها على لفظها تقع في المقتضب، وإنما تختلف من جهة الترتيب فقط، فكأنه في المعنى قد اقتطع من المنسرح "

وحول المجتث : ( ص – 122 ) :" سمي مجتثا لأن الاجتثاث في اللغة الاقتطاع كالاقتضاب، ويقع في هذه الدائرة الخفيف وهو فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن، يقع المجتث وهو مستفعلن فاعلاتن فاعلاتن، فلفظ أجزاءه يوافق لفظ أجزاء الخفيف بعينها وإنما يختلف من جهة الترتيب، فكأنه اجتث من الخفيف."

كلمة ( كأنه ) لا تصف الواقع الذي يستعدي تقرير أنهما حقا مأخوذين من بحري المنسرح

والخفيف بديل أن أحكام الضرب في كل من زوجي المنسرح والمقتضب من جهة والخفيف والمجتث من جهة أخرى متطابقان مائة بالمائة.

ويتطابق هذا مع رأيي كل من الجوهري و أ. د. أحمد محمد عبدالدايم عبدالله حيث يقول الأخير :

http://www.alukah.net/literature_language/0/40911/

" نحاول في السُّطور القليلة التالية دمْج بحْري الخفيف والمجتث، ولا أدَّعي - كما سبق أن ذكرت - أنَّني أوَّل مَن قال بذلك، ولن أكونَ الأخير، فقد صرَّح الجوهري في "عروض الورقة" بأن "المجتث من الخفيف"

وعبر عن ذلك بدقة متناهية الأستاذان عبد الله درويش وسليمان أبو ستة حيث يقول الأخير:

http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=78407&p=599645&viewfull=1#post599645

نأتي بعد ذلك إلى اقتراحك بإضافة ثلاثة مصطلحات جديدة هو الاجتزاء والاجتثاث والاجتثاء. واسمح لي بدءا بالقول أن الأول منهاغير صحيح لأنه يعني الاكتفاء بالشيء، ومصطلح الخليل أصح وهو: الجزء أي الاقتطاع.

وأما الثاني فبغيض وهو يذكرني بالانقلابات على بعض الأنظمة والعمل على اجتثاث أحزابها القديمة، وأما الثالث فيبدو أنه لا يعني أي شيء سوى ما يتم في اللغات اللاتينية من إلصاق مقطع بالكلمة من أجل إكسابها معنى جديدا لم يكن معروفا في القاموس.

ثم إن ما تطمح إلى عمله بهذه المصطلحات الثلاثة قد سبقك إليه الدكتور عبد الله درويش في بحث له بمجلة الأزهر عدد أكتوبر عام 1960، حيث قال:

"يمكننا أن نتوسع خطوة أخرى في تعريف المجزوء فلا نتكتفي كما يقول العروضيون بأنه ما حذف منه عروضه وضربه ، بل نقول: إنه يشمل ذلك ويشمل أيضا ما حذف منه صدر كل من شطريه، أي التفعيلة الأولى من كل من منهما . وسوف لا يؤدي هذا الرأي إلى فرق عملي في مثل كل من الكامل والرجز لكنه يؤدي إلى فرق عملي في مثل الخفيف الذي أصل شطره:

فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن

ويكون له مجزوءان:

فاعلاتن مستفعلن ××× فاعلاتن مستفعلن

والمجزوء الثاني يكون على هذه الصورة:

مستفعلن فاعلاتن ××× مستفعلن فاعلاتن

وهو ما يعرفه العروضيون باسم المجتث. وإذا أضفنا إلى ذلك التخلص من الدوائر أمكننا أن نستغني عن كلمة المجتث في العروض اكتفاء بإدماجه في مجزوء الخفيف بعد تعديل تعريف المجزوء . ومثل هذا يقال في المنسرح الذي شطره:

مستفعلن مفعولات مستفعلن

فله مجزوءان:

الأول ما عرفه العروضيون باسم مجزوء المنسرح، وهو:

مستفعلن مفعولات ××× مستفعلن مفعولات

والمجزوء الثاني يكون على هذه الصورة:

مفعولات مستفعلن ××× مفعولات مستفعلن

وهو ما يعرفه العروضيون باسم المقتضب. وبهذا نكون قد اختصرنا أسماء البحور." أ. هـ ."

هل أورثنا الخليل مجتث الخفيف ومقتضب المنسرح أم أورثنا مبدأ الاجتثاث والاقتضاب ككل؟ وهذا التساؤل لا يرد إلا في

(علم العروض) المهتم بالتصور الشامل لمنهج الخليل، وهو لا يرد في ( العروض) المقيد بالمصطلحات والجزئيات والمظاهر

التي يقتضيها التطبيق المباشر بما يطيق أغلب الناس في منهج الحفظ.

إن علاقة مجتث الخفيف بالخفيف كعلاقة مجزوء الخفيف بالخفيف. ليس أي منهما بحرا قائما

طبعا نتعامل في الرقمي مع المضمون بعيدا عن إشكال المظهر وحدود التفاعيل.

كل ما ظلل بالأصفر وارد في الشعر العربي تحت هذا المسمى أو ذاك وطالما أنه يوافق مقاطع أبعاض المجتث ( تعميما يشمل الاقتضاب ) فلنا أن نقبل نسبته إليه ولو ضمن ازدواج الانتساب. وتفصيل ذلك:

لا ينبغي أن يغيب عن الذهن أن ما ينتج من هذا البحث من أوزان جديدة لا توافق صور الخليل في الشعر يبقى من الموزون لا من الشعر ما لم يرد عليه شعر عربي معتبر. أو تقره مراجع تملك هذه الصلاحية.

والآن نستعرض أبعاض الخفيف من مجزوءات ومجتثات

فلنستعرض هذه الصور من أبعاض الخفيف :

يبقى من المجتثات المديد وهو مجتث البسيط ويمكن أن نتصور سلسلة من مجتثات البسيط على النحو التالي :

لنأخذ أبيات بشارة الخوري التي اشتهرت بأدائها فيروز

يبكي ويضحك لا حزناً ولا فرحاً .....كعاشقٍ خطّ سطراً في الهوى ومحا

من بسمة النجم همسٌ في قصائده ............ومن مخالسة الظبي الذي سنحَا

قلب تمرّس باللذات وهو فتىً .................كبرعم لمسَتْه الريح فانفتحَا

ث1 = 2 3 2 3 4 3 1 3

جاء يضحك لا حزناً ولا فرحاً ..... عاشقٌ خطّ سطراً في الهوى ومحا

بسمة النجم همسٌ في قصائده ............ من مخالسة الظبي الذي سنحَا

قد تمرّس باللذات وهو فتىً .................برعمًا لمسَتْه الريح فانفتحَا

ج2 = 3 2 3 2 2 3 1 3

أيضحك لا حزنا ولا فرحا .....فتىً خطّ سطرا في الهوى ومحا

وهنا أتوقف لأنقل ابياتًا للشاعر جبر البعداني ومن حقه إعادة تقييمها على هذا الأساس

http://arood.com/vb/showthread.php?p=56621#post56621

شعر / جبر البعداني

مسائي مداراتٌ من الأرقِ ..... وصبحي مساحاتٌ من القلقِ

ويومي ،فما يومي سوى نزقٍ......سأمشيهِ في شوقٍ إلى نزقِ

حياتي كما قلبي معلّقةٌ .....من الوجدِ ما خُطّتْ على ورقِ

و روحي ببحر الحبّ *سابحةٌ....فأخشى ولا تخشى من الغرقِ

بقلبي حريقٌ للغرام بلا.....دخانٍ لما عانيتُ من شبقِ

دموعي عصتني فاخترعتُ لها......بديلاً :خذي يا منيتي حدقي

فأنّى على قلب الحبيب يدى....ستجني وعهد الحبّ في عُنقي

وله كذلك:

سأمضي ؛ومِن سَفرٍ إلى سَفرِ .....فلا تَبكِ إنَّ البُعدَ مِن قَدَري

*

وربّي ؛ لأنْ مَرّوا على وجَعي .....وضاقوا بما قد ضُقتُ مِن ضَجَرِ

*

لقالوا ودمعُ العينِ يسبقُهم....جريحٌ ولا تشكو منَ الضّررِ ؟!

وثمة نظرتان لهذا الوزن

ويربط هنا بين زحاف ( فعولُ ) في سياق الاعتماد في مجتث الطويل مع فعِلُن في آخر شطر البسيط. ومكانهما من دائرة المتفق المحور (1)

ث3 = 3 4 3 1 3.....يوافق مجزوء الوافر

ث 4 = 4 3 1 3 .... هو ربع البسيط

ث 5 = 2 3 1 3 أشبه ما يكون بربع المتدارك لولا أنه قياسا لا يجوز في بعض المتدارك ما لا يجوز في بعض المتقارب 3 2 3 2 3 من زحاف آخر سبب فلا يأتي 3 2 3 1 3

وعليه :

ليس من فرحا ..... في الهوى ومحا

في قصائده ..........سانحٌ سنحا

منذ كان فتىً .......قلبه انفتحا

يبقى من البحور الرئيسة طائفتان الأولى بحور المحور 12 على الدوائر (هـ، جـ ، د ) الوافر المضارع الهزج. والثانية السريع

3- بحور المحور 12

بناء على ما مر بنا قد يرى البعض – كما في الجدول - جواز اعتبار هذه البحور من فئة ( جـ + ث) أي المجزوءة والمجتثة. ولكن يترتب على ذلك إهمال هذا الوتد على المحور 12 كبداية لبحور رئيسة. ولذا أرجح أن هذه بحور أصيلة. ومع ذلك يلح السؤال لماذا لم تأت هذه البحور تامة على الدائرة ؟

لا يتكون من تكرار مفعولات ثلاث مرات بحر صاف كما هو الحال مع باقي التماثيل السباعية. وهو قول سبق إليه أحد العروضيين نسيت اسمه.

يرجع بنا تفسير هذا إلى هرم الأوزان فالوزن الهرمي ل مفعولاتُ مفعولاتُ مفعولاتُ هو 6=6=6 وهذا الثلاثي السداسي خارق لقانون هرم الأوزان وهو ذاته ما ينتج من تكرار مفاعيلن 3 2 2 ثلاث مرات فالوزن الهرمي هو 6=6=6

في حين أن الوزن الهرمي للكامل هو 4+6=6-2 ولهذا جاز في تمام الكامل والرجز والمنسرح ما لم يجز في تمام الوافر والهزج والمضارع . صحيح أن الرقم 6 لا يتكرر 3 مرات في تام المضارع المفترض إذ وزنه = 3 4 2 3 2 3 4 وهو هرميا 8-4+6. لكن فيه من مخالفة قانون الهرم هذا الصعود بعد هبوط. وهذا الفارق راجع لتغير ترتيب الرقم 2 نتيجة لتحول الوتد المجموع في الهزج ( على محور 8 ) إلى مفروق في المقضب.

فإذا رأينا حسب ساعة البحور أن مفاعيلن الهزجية هي أصل هذه البحور جميعا فربما قدم هذا تفسيرا يزيد من إحساسنا بوحدة وتماسك واطراد المنهج الخليلي كما يعرضه الرقمي.

على أن من الملاحظ أيضا وخلاف مفعولاتُ فإن الذائقة العربية قد قبلت تاليا بحري الهزج والوافر التامين ومن الهزج التام قصيدة البحتري :

أبا العباس برزت على قومــ .....ــك آداباً، وأخلاقاً، وتبريزا

فلو صورت من شيء سوى الناس.....إذا كنت من العقيان إبريزا

ولم يعلك إلا كرم النفس،....بلى، فازددت بالمعتز تعزيزا

وكثر بين المحدثين النظم على تام الوافر وأنقل عن د. خلوف :

http://www.alfaseeh.net/vb/showthread.php?t=51319

2-مُفاعَلَتن مُفاعَلَتن مُفاعَلَتن =مُفاعَلَتن مُفاعَلَتن مُفاعَلَتن

ذكره الجوهري بقوله: "وهذا مُحدَثٌ، ولم يجئْ عن العرب في مسدّسه بيتٌ صحيح". وشاهده عنده:

أدارةَ دعدَ ما فعَلَتْ بكِ الدّوَلُ=عفَتْ وعليكِ لا دِمَنٌ ولا طلَلُ

يقول عبد المجيد بن جدّه :

أخي ما الحربُ بالحَسَراتِ والأرَقِ=وبالكلِماتِ ننثُرُها على الورَقِ

مِدادُ الحبْرِ أجريناهُ أوديةً=وفي البلوى سلكْنا آمِنَ الطُّرُقِ

عَتادُ الحرْبِ في أوطاننا قلَمٌ=سفينُ الحرفِ لا يُنجي منَ الغرَقِ

3-مُفاعَلَتن مُفاعَلَتن مُفاعَلَتن =مُفاعَلَتن مُفاعَلَتن مَفاعيلن

ذكره ابن القطاع في شواذ الوافر، وشاهده:

مضى زَمَنٌ صحِبْتُ بهِ أبا كُرَبٍ=ففارَقَني أبو كُرَبٍ على كَرْبِ

ومن المعاصرين، يقول إحسان البني:

سألتُ اللهَ أنْ يُبْقيكِ في صدري=كنَزْفِ الجرْحِ في آهاتِ ذكْرانا

فطَعْمُ الجرحِ في ذكراكِ أعشقُهُ=وقد أضحتْ جراحي فيكِ إدْمانا

فمُذْ سافرْتِ والألوانُ باهتةٌ=وأحداقي تُذيبُ الليلَ أحزانا

أرى في الخَلْقِ أشباحاً مُوَشْوِشَةً=ويبدو ليْ ضياءُ الشمسِ نيرانا

فلا فجْرٌ خفيفُ الظلِّ يُفْرِحُني=ولا كأسٌ يُعيدُ القلبَ نَشْوانا

سرابٌ أنتِ والطرُقاتُ تائهةٌ=يَهونُ الصبْرُ والمشوارُ ما هانا

ثمة اعتبارات متدافعة في هذه الأوزان التامة في كل من الهزج والوافر والمضارع

( س )- تجنب تكرار الوزن الهرمي 6 = 6 = 6

( ع ) - استكمال الدائرة

وإذ ترجح بالنسبة لكل من الوافر والهزج اعتبارات س على ص فإنها لا تناقضها بشدة مما ترك فسحة لتقبل الذائقة العربية ذلك إلى حد ما.

ماذا عن المضارع التام ؟ هل تسيغه الذائقة العربية – المعاصرة – على ذات مستوى رفيقيه ؟

لنرجع للوزن الهرمي

مفاعيلن فاعلاتن مفاعيلن = 3 2 2 2 3 2 3 2 2

وزنه الهرمي هو 8- 4 + 6 هنا صعود بعد نزول، وهو مخالفة لقوانين الوزن الهرمي يتقدم تجنبها على كل الاعتباران ولندعُ هذا الاعتبار (ف) وهو أقوى بكثير من (س) وهذا الاختلاف في الوزن الهرمي عن صاحبيه ناتج عن إعادة ترتيب الرقم 2 نتيجة تحول الوتد المجموع إلى وتد مفروق.

ماذا لو تقيدنا بالوزن الهرمي ؟ سنحصل عندئذ على الوزنين الهرميين (ج1 – المضارع)

الأول : 8 – 4 = 4 وهو الوزن 3 2 2 2 3 2 3 2 ومع الزحاف = 3 2 3 3 2 3 2 وهذا ذات (ث1) في الخفيف كما تقدم :

تدلّلْ فأَنْتَ أهْلٌ لِذَاكا ..... تحَكّمْ فالحُسْنُ قد أعطاكا

لكَ الأمرُ فاقضِ ما أنتَ قاض ....عَلَيَّ الجَمَالُ قد وَلاّكَا

تَلافي إن كان فيه ائتلافي ......فعَجّلْ به جُعِلْتُ فِداكا

الثاني ( ج2- المضارع) : 8- 4 – 2 وهو الوزن 3 2 2 2 3 2 3 ومع الزحاف= 3 2 3 3 2 3

وهذا مخالف لهرم الأوزان لتوالي السالب مرتين ولندعه الاعتبار ( ص) ويتوقع نتيجة لذلك أن لا يجد في السمع نفس درجة القبول التي في (ج1- المضارع)

وعليه من الأسطر والأبيات السابقة :

تدلل فأنت أهل الهوى ... تحكم فعنك من قد روى

لك الأمر فاقض ما شئته ....ولو أنه نازعٌ للشّوى

تلافي وفيه بعض ائتلافي.....فعجّل به قبيل النوى

ولنا أن نرتب اعتبارات القوة فيما يخص بحور المحور 12 في كل من الدوائر ( هـ، د، جـ) على النحو التالي تنازليا : ف – س – ع – ص والأولوية للأقوى وللتذكير ثانية

ف = الاجتثاث بالقدر اللازم لتلبية قانون هرم الأوزان بتجنب الصعود بعد هبوط

س = تجنب الوزن الهرمي 6=6=6

ع = استكمال الدائرة

ص = التوقف عن الاجتثاث لتلبية قانون هرم الأوزان بتجنب توالي سالبين

فتعطل استكمال الدائرة بالنسبة للمضارع وهو وزن رئيس ناجم عن غلبة اعتباري هرم الأوزان (ف، س) على (ع )

وهذا يذكر بتدافع آخر يرد حول عدم سريان صدور المتوافر في (المؤتلف - هـ) عن الرمل في ( المجتلب – جـ ) أسوة بصدور كل من ( الكامل والوافر ) في (دائرة – هـ) عن نظيريهما (الرجز والهزج ) في دائرة (جـ ) فنقول ثمة تدافع هنا بين اعتبارين

أولهما وهو الأقوى ولنسمه (ق) في سلسلة التدافعات أنه لا يجتمع في حشو شطر واحد المتنافران

السبب الخببي 2 والتركيب 2 3 في الأول أو 3 2 3 في الحشو.

ثانيهما : صدور البحور في كل من دائرتي ( د- المشتبه) و (هـ - المؤتلف) عن نظائرها في (جـ-المجتلب) ولنسم هذا في سلسلة التدافعات (ر)

ق الذي يمنع تفعيلة 2 3 (2) = فاعلاتك أقوى من (ر) الذي يدفع باتجاه امتداد الرمل لينتج ما سمي بالمتوافر.

4- لا يبقى من إشكالات البحور إلا موضوع السريع

الصورة : مستفعلن مستفعلن مفعولا = 4 3 4 3 4 2 لم ترد من السريع إلا في مشطوره. سادس السريع، وهذه تأتي من الرجز في مشطوره رابع الرجز بالتعبير التفعيلي مستفعلن مستفعلن مستفعلْ. كما أنه يأتي عجزا في ثاني الرجز0

ومن يتأمل 2 2 2 في آخر كل من البحرين يجدها ناتجة في السريع عن تحول الوتد المفروق إلى 2 فيما يعرف بالكشف وفي الرجز عن تحول الوتد المجموع إلى 2 فيما يعرف بالقطع.

وهذا يعني أن مشطور السريع على الأقل له انتماءان أحدهما على دائرة ( المشتبه – د – المحور5) متواشجا مع أحد مطالع الرجز في ( المجتلب – جـ ) . أو يكون صورة من صور الرجز باعتبار 2 2 2 على محور القطع 3 في آخر الشطر جدا مشتركا للبحرين .

هذا وصف موضوعي لواقع الحال ولا يعيب أي منهما دوائر الخليل. ومما يستدعي التأمل هنا التناظر في الجدول التالي الذي لا يمكن لمصطلحات التعاريف طمسه.

نسبة السريع إلى دائرة (د- المشتبه) على أساس كشف تفعيلته الأخيرة ( تحول الوتد المفروق 2 1 إلى 2 ) فيها من الوجاهة مثل ما في

نسبة السريع إلى دائرة ( جـ المجتلب ) كرجز قطعت تفعيـلته الأخيرة ( تحول الوتد المجموع 1 2 إلى 2 )

كلا الاحتمالين صحيح في منهج الخليل، من أدرك ذلك فبها ونعمت . ومن آثر أحدهما على الآخر فلم يخرج عن منهج الخليل. أما من رفض

صحة أحدهما فقد أخطأ.

سقوط أي جزء من أي وتد مفروق أو مجموع يعني انتهاء دوره كوتد.

5- البحور المهملة أم البحور الوهمية ؟

أدرك الخليل العلاقة الدائرية بين بعض البحور، فبين ذلك على دوائره.

لم يتطرق الخليل لما سمي لاحقا البحور المهملة وما هي في منهجه ببحور لتكون مهملة أو غير مهملة. ودليل ذلك ما يجمعون عليه من أن الخليل لم يذكر المتدارك. فهل تراه ذكر المستطيل أو المنسرد؟

ماذا توهم القوم أو تخيلوا من بعده وماذا رتبوا على وهمهم وخيالهم من أحكام أمر لا يعني الخليل من قريب أو بعيد.

لنتأمل هذه المعطيات :

أولا : هناك ترتيب للمقاطع على كل الدوائر . هذا صحيح.

ثانيا : الدائرتان ( أ- المتفق) و ( جـ - المجتلب ) هما الدائرتان اللتان تنشأ عنها بقية الدوائر. وكل مقطع على محيط كل منهما يشكل مطلعا لبحر من بحورهما.

ثالثا : الدائرة (ب ) – ناتجة من تداخلهما. وفيها مقاطع لا تشكل مطلعا لأي بحر. تسمية ما ينجم من ترتيب لتتالي المحاور بدء من هذه المحاور بحورا مهملة لم يرد عليه دليل من الخليل. وهي تسمية ذاتية لمن وضعها. ولا تعني الخليل في قليل أو كثير. وتفيد دراستها كاحتمالات وهمية لبحور وهمية في الرياضة العروضية

رابعا : الدائرة (هـ) في صدورها عن (جـ) حوت بجرين منظرين للرجز والهزج وتخلف نظير الرمل لمخالفته عدم اجتماع المتناقضين السبب الثقيل والتركيب 2 3 في أول البحر

خامسا : الدائرة د في صدورها عن جـ بعكس مكوني الوتد المجموع 1 2 إلى مكوني المفروق 2 1 نتج عن ذلك توزيع جديد للمقاطع على المحاور، وبعض هذه المقاطع لا تشكل مطالع لبحور عربية. تسمية ما ينتج عن تتالي المقاطع بدءا منها بجورا مهملة لم يرد عليه دليل من الخليل. وهي تسمية ذاتية لمن وضعها. ولا تعني الخليل ولا منهجه في قليل أو كثير. وتفيد دراستها كاحتمالات وهمية لبحور وهمية في الرياضة العروضية

اعتبار الوهم المسمى ( بحورا مهملة ) عيبا في منهج الخليل. كاعتبار الوهم المسمى ( محطات عيون الجوى وجبه المهملتين ) عيوبا ونسبتها إلى هيئة سكة الحديد.

لا عيب لدى الخليل ولا لدى هيئة سكة الحديد. العيب فيمن يتخيلون ويشيدون في الواقع بناء على أساس التخيل أو الوهم.

لا بأس من التخيل ففيه متنفس وشحذ للرؤية ولا ينجم منه ضرر إلا إذا خلطه صاحبه بالواقع فلم يعد يميز بينهما.

ما تقدم كاف للرد على كل من يدعو أي تتابع للمقاطع بدءًا من أي مقطع كان بحورا مهملة، ثم ينسب هذه المغالطة للخليل، ثم يبدأ بكيل التهم له.

وما يلي من استفاضة في الموضوع هو من قبيل الرياضة العروضية من جهة وإظهار تماسك منهج الخليل واطراده من جهة أخرى.

لماذا كثرت ما تسمى بالبحور المهملة في دائرة ( المشتبه - د )

الدائرة (جـ ) وربما جاز لنا أن نسميها أم الدوائر، لا يوجد فيها محور واحد، لا يشكل بداية صحيحة لأحد بحورها الرئيسة، وهي تضم ثلاثة بحور وتسعة محاور فيكون لكل بحر ثلاثة بدايات محتملة وبذا لا يبقى أي محور شاغر ليقول من شاء إن هذا المحور يشكل بداية لبحر مهمل.

تحول الوتد المجموع 21 في (جـ ) إلى وتد مفروق 12 في (د) ينتج أوزانا صحيحة على المطالع الوحيدة الممكنة للبحور الرئيسة البادئة بالمحاور ( 2، 1، 12 ) ولمجتثين يبدءان على المحورين (11، 10) ويوافق محور إضافي (8 – د ) بحر الهزج وهناك السريع، فيكون المجموع سبعة مطالع ويتبقى ثلاثة لا يوافق الانطلاق منها شيئا من بحور الشعر العربي.

فمن أراد أن ينظر إلى هذه المطالع ويتخيل أنها بدايات لبحور مهملة فله ذلك، لكن هذا القول لا يمت إلى الواقع ولا إلى الخليل بشيء.

أتناول المزيد حول هذا الموضوع من باب شرح الواقع، وإلا فإن مآل هذه المحاور لا يعني الخليل بحال من الأحوال.

كل من الرمل وما يسمى المتئد يبدءان من المحور رقم 4

المتئد بالتفاعيل المبنية على منهج الخليل = فاعلاتن فاعلاتن فا لاع تن ( مس تفع لن)

المتئد هذا على أساس وجود بحر مجتث تام هو معكوس المجتث. لا وجود لمجتث تام.

هذا الوزن الناتج عن قلب الوتد المجموع في (جـ) إلى وتد مفروق في (د) لا يوافق أيا من بحور الشعر العربي ولا يعني في منهج الخليل شيئا من قريب أو بعيد.

***

كل من الهزج وما يسمى المنسرد يبدءان من المحور 3

المنسرد بالتفاعيل المبنية على منهج الخليل = مفاعيلن مفاعيلن فام عيلن ( فاع لاتن)

المنسرد إذا اعتبرنا هذا الوزن الوهمي بحرا فالمضارع مجتث هذا البحر. والمضارع بحر أصيل وليس مجتثا لأي بحر. المضارع والهزج تقدم الشرح حول عدم استكمالهما محاور الدائرة.

هذا الوزن الناتج عن قلب الوتد المجموع في (جـ) إلى وتد مفروق في (د) لا يوافق أيا من بحور الشعر العربي ولا يعني في منهج الخليل شيئا من قريب أو بعيد.

***

يمكن أن يبدأ الهزج من الوتد المجموع على المحور 8 وما يسمى بالمطرد يبدأ من الوتد المفروق (9-8) وهو مقلوب المجموع

بدايات البحور في الجدول أعلاه مظللة بالأصفر

المطرد بالتفاعيل المبنية على منهج الخليل = فام عيلن ( فاع لاتن) مفاعيلن مفاعيلن

هذا الوزن الناتج عن قلب الوتد المجموع في الهزج في الدائرة (جـ) إلى وتد مفروق في (د) لا يوافق أيا من بحور الشعر العربي ولا يعني في منهج الخليل شيئا من قريب أو بعيد.

***

إن كل هذه المصادفات ناجمة عن تعاملنا بنفس المقاطع على محيط الدائرة الواحدة. تعبير البحور المهمله لم يضعه الخليل ولم يأبه له ولا يعني هذا التعبير وما يدل عليه من أوزان عروض الخليل ومنهجه في قريب أو بعيد .وقد رأينا أن المحاور التي لا ينطلق منها بحر ناتج طبيعي للتغير الناجم عن تحول الوتد المجموع في محور 8 في الدائرة جـ إلى الوتد المفروق على المحور الزدوج (9-8) من الدائرة د

دعونا نرى ما يخبرنا به الوزن الهرمي حول هذه التغييرات:

الرمل = 2 3 2 2 3 2 2 3 2 ......رمزه الهرمي = 2+6=6-4

المتئد = 2 3 2 2 3 2 2 2 3 ......رمزه الهرمي = 2 +6+8-2

يتوالى فيها ( + + ) هذا مخل بالقانون الرقمي.

الهزج = 3 2 2 3 2 2 3 2 2.. رمزه الهرمي 6=6=6 ( مخالفة للهرم فيأتي مجزوءا لتجنبها)

المنسرد = 3 2 2 3 2 2 2 3 2 الهرمي = 6 +8-4

6+ 8 لا وجود لها في الشعر العربي أبدا

المطرد = 2 3 2 3 2 2 3 2 2 الهرمي = 2 +4 +6= 6 ( + + ) مخالف

وهنا فائدة ماذا لو اجتثثنا أول 2 من أول الوزن الهرمي سيبقى 4 + 6 = 6

وهذا يعطي أحد وزنين لا يخالفان هرم الأوزان

1 2 2 1 2 2 2 1 2 2 2 = 3 2 3 4 3 4

وهذا الوزن لو راعينا فيه أن صدر البيت لا ينتهي ب 22 في الشعر العربي إلا في الهزج ومجزوء الوافر وحولناه بالتالي إلى 1 3 وأجرينا العجز على ذات الوزن فإننا سنخرج بوزن أبيات الشاعر جبر البعداني أعلاه:

مسائي مداراتٌ من الأرقِ ..... وصبحي مساحاتٌ من القلقِ

أو 2 2 1 2 2 2 1 2 2 2 = 4 3 4 3 4 وهذا عجز أحذ الكامل الذي صدره 4 3 4 3 ((4)

قوانين الوزن الهرمي هي :

1- لا صعود بعد نزول

2- إشارة السلب لا تتوالى في الوزن الهرمي- -

3-لا يتكرر الرقم 6 = 2 2 2 أكثر من مرتين في الوزن الهرمي لشطر بيت الشعر.

4-لا وجود في الوزن الهرمي للشعر العربي لكل من ( 6+8) أو (8-6)

5-لا وجود في الوزن الهرمي ة للشعر العربي 2= 2

على أن هنا ملاحظة تستدعي تأملا

المنسرد المهمل مطلعه على (3 – د) نظير هزج على (3 - جـ ) ، وهذا هو المحور الثالث قبل مطلع الهزج الرسمي على (12- جـ)

المتئد المهمل مطلعه على (4- د) نظير رمل على ( 4 - جـ) ، وهذا هو المحور الثالث قبل مطلع الرمل الرسمي على (1- جـ)

السريع ....... مطلعه (5 – د) نظير رجز على (5 – جـ) وهذا هو المحور الثالث قبل مطلع الرجز الرسمي على (2- جـ)

ثم المطرد ... مطلعه ( 9/8 – د ) نظير هزج على (8- جـ ) وهذا هو المحور الثالث بعد مطلع الهزج الرسمي على ( 12 – جـ )

من غريب الصدف أثناء كتابتي لهذا الموضوع أن يضيف الأستاذ أحمد سالم على الرابط

http://www.rabitat-alwaha.net/moltaqa/showpost.php?p=1084857&postcount=29

أستاذي الكريم أ / عادل العاني , والأستاذ الفاضل أ / محمد السحار الأسئلة التالية تتفقون على معظم مقدماتها وتختلفون في بعضها , لكنني أجمعها معا فكلها احتمالات واردة وإن اختلفتم :

(1) إذا فرغنا دائرة المشتبه من سبعة بحور , الثلاثة المهملة ( المتئد والمنسرد والمطرد ) والثلاثة " اللقيطة " ( المضارع والمجتث والمقتضب ) ومعهم السريع , ولم يبق فيها غير الخفيف والمنسرح , فما قيمة هذه الدائرة ؟؟

(2) إذا استبعدنا المتدارك ( فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن ) من دائرة المتفق فأين هي الدائرة من الأساس ؟ وإذا أضفنا لها الخبب , تقولون هذا يهدم قواعد الخليل , فأين هي الشمولية المزعومة في عروض الخليل المبنية على الدوائر والتدوير ؟

(3) إذا استبعدنا المديد من دائرة المختلف , واستبعدنا احتمال المستطيل والممتد , ولم يبق فيها غير البسيط والطويل , فما قيمة الدائرة ؟

ولن أسأل عن دائرة الوافر والكامل

إذن ما قيمة الدوائر والتدوير كمنهج ؟؟ وما قيمة الأوزان التي تخرج من الدوائر ؟؟ هل الأوزان المستنبطة من الدوائر الجديدة ستكون أفضل حالا من الأوزان المستنبطة من الدوائر الخليلية ؟؟ وهل سننتظر 1200 عام أخرى لنعرف النتيجة ؟؟

هنا يقرر الأستاذ بشكل مباشر الحقيقة الموضوعية . وهي أنه لا بحور رئيسة على ساعة البحور سوى البحور ذات المطالع المحددة في ساعة البحور وهي اثني عشر أو ثلاثة عشر بحرا لا غير.

ثم يعلق تعليقا ذاتيا يناقض تماما قول العالمة جوان مالنج : " لا يقتصر نظام تميز الدوائر لدى الخليل على بساطته وأناقته وعمق تحليله ولكنه يقدم الأساس الوحيد لتوصيف عروضي كامل للشعر العربي "

وعلى افتراض أن قولها – بالنسبة للقارئ العادي - ذاتي كقوله، فعلى من يريد الحكم بينهما أن يفهم المنهجين منهج د. أحمد سالم ومنهج الخليل. وليس من شرح لمنهج الخليل شاملا خارج الرقمي.

****

6- إلى من يصرون على النظم على أوزان جديدة

قرأت هذا الموضوع وأنا أفكر في موضوع آخر ذي صله وثيقة به كنت أنوي جعل عنوانه (على خطى الخليل) وكنت متوجها به أساسا إلى الذين يبحثون عن التجديد لذات التجديد.

وكنت سأقول فيه إنه لا يعلو على روعة أوزان بحور الخليل في العربية وزن. وما خرج عنها – من غير أبعاض الأوزان أو مقصراتها – فليس بعربي. فإن كنتم ترغبون في التجديد فأمامكم باب المقصرات من اجتزاء من آخر البحر أو اجتثاث من أوله. فما ينتج عنهما - بحسب هذه الرؤية - ليس ببحور جديدة بل هو من البحور الأساسية وعددها بحران في كل من الدوائر ( أ، ب ، هـ ) بعد اعتبار المتدارك بحرا كالمتقارب – وفي هذا مجال للاختلاف - وثلاثة بحور في كل من الدائرتين ( جـ، د) فيكون المجموع 12 إثني عشر بحرا، وليس هناك من بحور مجزوءة وجوبا حسب مرجعية ساعة البحور سوى الهزج والمضارع ولذلك تفسيره. كما أنه لا وجود موضوعيا لما يسمى بالبحور المهملة، والتسمية الصحيحة لها هي البحور والوهمية.

قوانين هرم الأوزان تحدد مسارا أقل دقة وأقل سلاسة وبالتالي أوسع مساحة من صور بحور الخليل، وبالتالي فالمساحة بينهما مقرونة بالضوابط الأخرى التي بينها الرقمي وأهمها قاعدة التناوب العامة من شأنها أن تتيح بعض الأوزان التي تقل درجة نبوها في الذوق العربي عن تلك الدرجة التي للأوزان الجزافية المتحررة من كافة القيود.

****

7 - الوتد المفروق ودائرة المشتبه

سبق التطرق لبحر السريع.

الوتد المفروق 2 1 الذي يعني شيئا في العروض العربي هو ذاك الذي ذكره الخليل بتحديد في منتهى الدقة .

يرد الوتد المفروق 2 1 في سياق التوأم الوتدي 2 1 2 والتوأم الوتدي لا يرد إلا في دائرة واحدة لا يتعداها وعلى ثلاثة محاور لا يتعداها ( 9 - 8 - 5 ).

وتبعا لهذا فإن مفعولاتُ لا وجود لها - حسب منهج الخليل - إلا على الدائرة ( د) وعلى المحاور 11-10-9-8 ومن العجيب الذي يدل على الغفلة الشديدة أن هذا التركييب

[ 2 2 2 1- مفعولاتُ] يسترعي الاهتمام بشخصيته هذه في المنسرح لا يحظى بالاهتمام ذاته في الخفيف مع أنه في البحرين يجمل ذات الخصائص. ومرد ذلك إلى أن هذا التركيب في الخفيف ممتد عبر الحدود القطرية لتفعيلتين " فاعلا [ تن مس تف ع 2 2 2 1 ] لن فاعلاتن" . خفي هذا على الجوهري في عروض الورقة.

من تقيد بتعليمات الخليل الحرفية في التفاعيل كفته. ومن دخل في مجال علم العروض دون إدراك لهذا فقد ضل. وسأتطرق لأمثلة من ذلك الضلال تحت عنوان ساعة البحور أدناه.

https://sites.google.com/site/alarood/almoshtabah

دوما أذكر لأهل الرقمي أن من فهم خصائص الرقمين 6 في حشو بحور دائرة المشتبه و6 في الضرب (وأحيانا في العروض بعد الخضوع لمتطلبات خاصة] فقد أدرك

جل ما تتناوله كتب العروض العربي ووقى نفسه متاهة يدخلها كل عروضي تجاوز التقيد بتعليمات الخليل دون إدراك لمنهجه. وكل ما يتعلق بهما لا يتجاوز نصف صفحة.

ولكنها " لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور"

8 – الخبب

ما هو داخل الدائرة الحمراء (أ) بحري صرف. ويضم بحري المتدارك والمتقارب. ويتكون من أوتاد وأسباب. وأسبابه دوما بحرية لا يمكن أن تجد فيها سببا ثقيلا أو فاصلة.

وهو يقيد الدائرتين اللتين تلياه بهذه الخصائص فلا يسمح للسبب الثقيل في حشوها أبدا. ولا يكاد يفلت من ذلك في الضرب إلا فاصلة العروض والضرب في البسيط مقيدة بشروط.

ما هو خارج الدائرة الزرقاء (هـ) خببي صرف. وهو إيقاع قائم بذاته يتكون من أسباب خببية . السبب الخببي 2 له وجهان متكافئان السبب الثقيل 11=(2) والسبب الخفيف 1ه= 2

ولا وتد فيه ولا زحاف ( الزحاف حذف ساكن السبب لا غير ) وبانعدام الوتد تنعدم التفاعيل فلا بحر بلا تفاعيل. ولذا فالخبب إيقاع قائم بذاته يتكون من أسباب لا غير. ولاتصاله بالدائرة ( هـ ) نجدها تنفرد بين الدوائر كافة باحتوائها في حشو بحريها الكامل والوافر على السبب الثقيل أحد مكوني الفاصلة. وتتسلل هذه الخاصية ولكن كامنة إلى السبب الذي على محور 11 من الدائرة (د) وهو ذو شخصية خببية لبعده عن الوتد المجموع الذي يليه . ولكنه لا يستطيع إظهار هذه الخاصية. ومعنى كمون هذه الشخصية أو تجمدها أن السبب إذا مارسها لم يخرج من الشعر بل خرج من البحر. وتثقيل هذا السبب ينقل بحو هذه الدائرة إلى نظائر لها في دائرة (أ)

الخفيف المحذوف = 2 3 2 2 2 3 2 3 لو أن هذا السبب صار ثقيلا لانتقل الوزن إلى 2 3 1 1 2 2 3 2 3 = 2 3 1 3 2 3 2 3 وهو المتدارك.

المضارع = 3 2 2 2 3 2 لو أنه صار ثقيلا لانتقل الوزن إلى 3 1 1 2 2 3 2 = 3 1 3 2 3 2 وتتضح صلته بالمتقارب.

وكل سبب في بداية الرقم 2 2 2 خببي نشط أو كامن مجمد النشاط سواء كان ذلك في الحشو أم الضرب وتضبط نشاطه أحكام التخاب.

ومزيد من التمثيل على هذا الرجز المقطوع 4 3 4 3 2 2 2 فإن هذا سبب خببي مجمد تثقيله يخرج من الرجز لا من الشعر فلو صار ثقيلا نقل 4 3 4 3 1 1 2 2

= 4 3 4 3 1 3 2 وهذا من الكامل لا من الرجز.

الخبب ليس المتدارك والمتدارك ليس الخبب. وسنرى تاليا شيئا من المغالطات الناجمة عن عدم الوعي على هذا الأمر.

9- ساعة البحور

كما ترى فلا تكاد تجد موضوعا من المواضيع المثارة ضد الخليل إلا وتجد الرد عليه في ساعة البحور. فمن فهمها حق فهمها فقد ألمّ بمنهج الخليل أو بأوفره.

الشاعر لا يحتاج دوائر الخليل وتكفيه ذائقته فإن لزمه التأكد من وزن ما كفته فيه التفاعيل.

العروضي لا يحتاج ساعة البحور ويكفيه أن يلتزم بعروض التفاعيل حسب تعليمات التجزيئية الدقيقة فهذه التعليمات هي ضمان التزام التفاعيل بمنهج الخليل بطريقة يتيسر فهمها

لمن يشتغل بالعروض لمجرد ضبط الوزن.

العروضي الذي يتعدى دوره ليعبر من العروض إلى ( علم العروض ) لا غنى له عن إدراك وجود منهج للخليل ثم لا بد له أن يفهم ذلك المنهج. وبعد ذلك فقط فله أن يجتهد.

ولا يكاد عروضي تخطى العروض إلى علم العروض إلا وخالط رأيَه اضطراب قليل أو كثير.

على العروضي أن يتبع الخليل اتباعا أعمى، وليس له أن يجتهد. فما يعرفه جزئي تجسيدي لا يؤهله للاجتهاد.

ويكاد اجتهاد من اجتهد من العروضيين في علم العروض لا يخلو من خطإ يسير أو خطير.

عالم العروض الملم بشمولية منهج الخليل سيجد نفسه يتبع الخليل على بصيرة.

لن يفهم منهج الخليل حق فهمه من لم يفهم ساعة البحور كحد أدنى. دراسته الواعية للساعة ستولد لديه استفسارات سيجد الإجابات عليها في الرقمي وبذلك يكون قد

عبر إلى منهج الخليل ليتفاعل معه وينطلق منه على بصيرة. جاء كثير من الشعراء والعروضيين بما لا يصح في العروض ناهيك عن تعرض بعضهم للخليل

بما لا يليق ولا يصح. كل ذلك ما كان ليكون لو أنهم عرفوا بمنهج الخليل. قوة منهج الخليل نابعة من كونه يمثل الذائقة العربية في بساطتها وشمولها وجمالها خير تمثيل.

فيما يلي طائفة من المغالطات التي تزخر بها مواضيع العروض وخاصة على الشبكة:

حكاية البحور الجديدة. وفيها ما حوى علة في الحشو أو ما حوى وتدين متجاورين أو ثمانية أسباب في الحشو أو أكثر من وتد مفروق أو جمع

تفعيلة خماسية مع وتد مفروق أو سبب ثقيل في الحشو.

حكاية الدوائر الجديدة،

حكاية تضييع الخليل لفرص إيقاعية

حكاية جواز الحذف ( حذف السبب ) في الحشو.

التعبير عن بحور الخليل بتراكيب مخافلة لتفاعيل الخليل دون وعي على المنهج باعتبار المقتضب مثلا: فاعلن مفاعلَتن بجمع وتدين أصيلين

اعتبار الخبب من المتدارك وإدخال القطع في الحشو ثم اتهام الخليل بالهرب مخافة أن ينقض ذلك عروضه. ظلمات بعضها فوق بعض.

المس بالوتد مفروقا أو مجموعا خارج التخاب في الضرب. كمن قال بتفعيلة مفعولتُ من مفعولاتُ. أراد تعريب الدوبيت فعجّم العروض.

إتهام الخليل بالجهل وفقر الأهلية لتقعيد العروض العربي

اعتبار النبر أو الكم وحده دون الهيئة معيارا للعروض العربي

ويطول الحديث ومن كان مهتما فسيجد في المواضيع التالية الكثير الكثير :

الرقمي قبس من نور الخليل

ظلم الخليل

بحور جديدة

البحور الجديدة

الوتد وفلسطين

حول الدوبيت

مجزوء التفعيلة الخببية!

ومما يجري الحديث حوله أخيرا رأيت أن أذكر ما يقول به بعضهم من دوائر جديدة يحتوي بعضها أكثر من وتد مفروق كأن يكرر تفعلية مفروقة الوتد عدة مرات. كأن يكرر مفعولاتُ أسوة ب مفاعيلن أو مستفع لن . هنا أجدني مضطرا إلى التشبيه. مستفعلن أو مفاعيلن تتكرر كل منهما مرات لأنها هكذا في الشعر وهكذا على الساعة

مفعولاتُ أو تن مستف عِ ( 2 2 2 1 ) لا توجد إلا في بحور معينة ومثلها الخليل على دائرة محددة ومقاطع محددة. تكرار ذلك خارج سياقه يذكرني بطرفتين

أ - عندما يتم شرح تحضير كعكة من تسجيل على أسطوانة ثم تكرر الأسطوانة " إكسري بيضة " صحيح هذا التسجيل موجود في سياق وتكراره لوحده خارج سياقه ناجم عن خلل.

ب - ما ذكره أحدهم من أن سائق تكسي أقل سيدة فاستدعت له الشرطة لأنه ظل يعيد التسجيل في سيارته على مقطع معين من مادة مسجلة. النص في السياق عادي لكن تكرار ذلك النص دون سياقه جعله ذا دلالة تستدعي الشكوى.

هل كان مثل هذا الموضوع سيرد لو أن هناك بعض إلمام بوجود منهج للخليل. أو قل لو لم توصد الأبواب الذهنية وتحصن ضد إدراك ذلك المنهج؟

10- الموضوعي والذاتي أو الحق والهوى.

الموضوعية ذات مجالين. الأول منها مجاله في نفس نتاج الشخص . والثاني في نظرته للآخرين بما يخدم طريقته. الأول يحتاج دراسة طريقة الشخص وقد يتطلب دراسة ويحتمل

حوارا، وقد أعرض لشيء منه لاحقا أما الثاني فواضح جدا لأنه الحكم عليه حدي ب (صواب ) أو ( خطأ) ولا منطقة رمادية بينهما. وهذه أمثلة منه:

1- يقول أستاذي غالب الغول

" ي أن الأستاذ خشان يجيز للتفعيلة فاعلن أن تصير ( فعِلن ) وأن تصير فعْلن , وهذا صحيح ,إن كانت هذه التفعيلة في بيت شعري واحد , بشرط عدم قبول ( فعـْلن 22 في حشو البيت الشعري) لكن الأستاذ خشان لا يفرق بين ( الأحذ في الكامل ( ب ب ~ ) وبين ضرب السريع العصري( ب ب ــ ) وبين الخبب ( ب ب ~ ) فكله برأيه تعطي الأرقام نفسها وهي:

( 1 1 2 ) وهذا مخالف لعمل الخليل , بل هذا هدم لمبدأ العروض , لأن الخليل فرق بين التفاعيل السابقة بالألقاب التالية فقال :

فاعلن : سالمة من الزحاف وهي تتبع الوزن الثلاثي ( خماسية الحروف )

فعِلن : وهي تفعيلة مخبونة , من أصل فاعلن .

فعِلن : وهي أحذ لا توجد إلا في الكامل ووزنها رباعي , وأصلها التفعيلة ( متفاعلن )

وهذا هو أكبر خلاف بيني وبين الأستاذ خشان , وسيبقى الخلاف قائماً إلى أن يقتنع أحدنا من فكرة الآخر , لنسير علي الاتجاه الصحيح

فيما يلي رسم احدث لساعة البحور لا يختلف من حيث المضمون مع سواه من عديد الرسوم التي تحافظ على المضمون وتختلف باختيار مطلع رسمي لبعض البحور حيث تتعدد إمكانات المطلع :

يتقاطع هذا الموضوع مع موضوع تفكير عروضي وأنقل منه :

وـ - القول بضياع كتاب الخليل في العروض

ثمة إجماع تقريبا على ضياع كتاب الخليل في العروض.

ولد الخليل بالبصرة عام 100هـ وقيل انتقل إليها صغيرا من عُمان، وتوفي على روايتين سنة 170هـ أو 175 هـ

تولى الرشيد الحكم عام 170 هـ

أي أن الخليل عاش في فترة من فترات ازدهار الحضارة العربية الإسلامية.

حفظ العرب شعرهم في الجاهلية ، ومن ذلك ما كان من أبيات قالها أعرابي هنا وآخر هناك في الصحراء قبل انتشار الكتابة.

أمة يبلغ حرصها على شعرها هذا الحد منذ أميتها وجاهليتها ويستمر حرصها وطيدا عليه في عصورها المتتالية، هل يعقل أن يضيع كتاب الخليل حول نظام هذا الشعر ووزانه في زاهي عصورها وفي حاضرة ثقافية وفكرية كالبصرة ؟

الحد الأدنى أن يطرح هذا السؤال. لعله لم يسبق طرحه.

سأجتهد في الإجابة وما سأقدمه هو مجرد احتمال قد يكون له نصيب من الصحة. ولا أملك علىيه دليلا إلا مرافقتي للخليل من خلال أعوام طويلة قضيتها معه في العروض الرقمي متلمسا سبل تفكيره وما تطرحه شمولية نظرته ودقتها من رؤية لا يمكن معها للمفكر أن يحول بينها وبين التطلع إلى آفاق الحياة والدين والسياسة والاقتصاد ومحاولة تقييم ما يمارس فيها. أجد ذلك في نفسي فهما أفضل ورؤية أوضح تأطر التفاصيل أطرا في سياق الكل، وترفض الحكم على الجزئية إلا من خلال الكل الذي ينتظمها، فلا تقبل تعبير " خمارة التقوى "، وليس الاستنكار للتقوى ولكنه لإضافة الخمارة إليها. وما قضية الشبر المقدس من ذلك ببعيد. هذه النظرة الشمولية تبين التموضع بين الحق والباطل والاستقامة على المنهج واستغلاله كما يبين اللعب بالألفاظ وحرف دلالاتها. طبعا أغلق فمي لأني لا أستطيع في هذا المجال إلا إغلاقة. لكن كل من يتفاعل مع تفكير الخليل في العروض سيجد تفكيره يمتد إلى تلك الآفاق، فمستوى التفكير كالماء في الأواني المستطرقة. لا يعلو في جهة ويهبط في أخرى إلا بتدخل يفسد اتصال الأنابيب.

هل يعقل أن يكون هذا أثر فكر الخليل علي وأنا أتلمس مساره بعد قرون – حتى لو انحصر تعبيره في العروض – ولا يكون له أثر على الخليل ذاته، أو على من عاصروه ودرسوا كتابه ؟ يصعب نفي ذلك.

فإذا ربطنا ما تقدم بانحراف الأمة فيما هو أهم كثيرا من العروض وهو ما لا يخفى على القارئ، وما يسببه فكر الخليل من كشف للحقائق يؤدي إلى الإضرار بالمستفيدين من ذلك الانحراف ، أفلا يكون من الممكن أن الكتاب قد أحرق أو أعدم لهذا السبب سواء لعينه أو ضمن تيار تعميم ثقافة الحفظ وتعطيل التفكير، لا سيما وأن ما هو أهم من كتاب العروض

قد حرف، والحمد لله الذي حفظ نص كتابه، ورغم ذلك يساء تفسيره لمصلحة هذا أو ذاك.

الله أعلم.

قد يقول قائل ولكن للخليل كتبا أخرى وصلتنا. أنقل من وكيبيديا :"