shamil-baseet

طرح شامل بسيط:

يقول الأستاذ ميشيل أديب في مجلة الموقف الادبي العدد 373 أيار 2002:" وأكثر ما يعيب كتب العروض القديمة والحديثة، أنها، على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف الخليل عن أسرارها، لم تحاول تحليل العملية الذهنية التي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه القمَّة الرياضية التي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ ."

منذ الخليل والعرب يتناولون (العروض) . والعروض لدى الخليل هو القواعد الجزئية التجسيدية التطبيقية لـ(ـعلم العروض) ذي المنهج والقواعد التجريدية الشاملة. العروض الرقمي هو أول محاولة للتواصل مع فكر الخليل واستشراف منهجه.

لا أملُّ من هذا الطرح البسيط الشامل، فساعة البحور هي العتبة التي يقع دونها (العروض) ويقع فوقها (علم العروض). وهي بهذا الطرح جديدة كل الجدة. لم يَعْبُرْ ولن يعْبرَ من (العروض) إلى (علم العروض) من جهلها ماضيا أو يجهلها حاضرا ومستقبلا.

الذائقة العربية كما صورتها عبقرية الخليل في نسيج بحور الشعر العربي محبوكة على نحو هندسي رياضي لا شذوذ فيه. دوائر الخليل تحمل هذا التصور وتعبر عنه، ومعذور من لا يرى هذا الرأي، ذلك أن منهج الحفظ التجزيئي في (العروض) لم يعرف للدوائر ما تستحقه من أهمية.

قد تكون أهمية الدوائر في تمثيلها لمنهج الخليل لدى بعضهم غير قاطعة لما ينسبونه لها من انتقادات.

تنتظم هذه الدوائر في ساعة البحور بشكل محدد لا يتكرر مضمونه ويعبر تعبيرا مضطردا وشاملا عن العلاقات بين هذه الدوائر وخواص المحاور فيها بشكل تنتفي عنه الصدفة تماما، ويكفي للرد على كل مواضيع العروض، بما في ذلك الانتقادات الموجهة للدوائر. إن ساعة البحور بهذا الانتظام تعتبر تعبيرا رائعا جميلا عن عبقريتي العربية والخليل بشكل مطلق.

الفهم الصحيح لمنهج الخليل في علم العروض كما يقدمه الرقمي لا يمكن فهمه بدون فهم ساعة البحور. وربما لا يجد فيها من يتقنون العروض معلومات جديدة وإن وجدوا جديدا فهو يسير. إنما الجديد هو هذا البنيان البديع من هذه الأجزاء المعلومة بشكل يشمل كل العروض العربي مقاطع وبحورا ودوائر وزحافات وعلل، مع الإحاطة بالقواعد الخاصة بكل ذلك. موضوع الزحافات والعلل يتطلب بعض المطالعة الإضافية.

الوعي على ساعة البحور يعني الوعي على الخصائص الهندسية الرياضية الفذة للعربية في مجال وزن الشعر وإن شئت فقل في مجال إيقاع شعرها وقوانينه

أ - الدائرة أ من تناوب الوتد والسبب، فالمتقارب = فعو لن فعو لن فعو لن فعو لن = 3 2 3 2 3 2 3 2 ويقاس عليه المتدارك.

جـ - الدائرة جـ من تناوب الوتد والسببين، فالهـزج = مفا عيلن مفا عيلن = 3 22 3 22 = 3 4 3 4 ويقاس عليه الرجز.

ب - الدائرة ب من ازدواج تناوبي ( أ ) و ( جـ )، الطويل = فعو لن مفا عيلن فعو لن مفا عيلن = 3 2 3 4 3 2 3 4 ويقاس عليه البسيط

العلاقة بين الدوائر الثلاث (أ ، ب ، جـ ) يجسدها الشكل أدناه.

د- الدائرة د ناتجة عن (جـ ) بعد تحول وتدها المجموع 3 =21 على المحور 8/ 9 إلى وتد مفروق 12

الرمــل = فا علا تن فا علا تن فاعلا تن = 2 3 2 2 21 2 2 3 2

الخفيف = فا علا تن فا لاع تن فاعلا تن = 2 3 2 2 12 2 2 3 2 ( فا لاع تن = مس تفع لن )

--

الرجــــز = مس تف علن مس تف علن مس تف علن = 2 2 3 2 2 21 2 2 3

المنسرح = مس تف علن مس تف لنعُ مس تف علن = 2 2 3 2 2 12 2 2 3 ( مس تف لنعُ = مف عو لاتُ )

هـ - الدائرة هـ ناتجه عن تحول السبب الأول في كل الأزواج السببية من الدائرة (جـ) إلى سبب خببي يكون خفيفا أو ثقيلا.

اي تحول مس تف علن = 2 2 3 في الرجز إلى مس تف علن = 2 2 3 في الكامل حيث مسْ = 2 تعني سببا خببيا يكون خفيفا أو ثقيلا ( متـفاعلن ) بفتح التاء وتسكينها وعلى ذلك تقاس العلاقة بين مفاعيلن في الهزج ومفاعلتن في الوافر.

والعلاقة بين الأشكل (جـ ، د، هـ ) يجسدها الشكل أدناه:

ويجتمع الشكلان على النحو التالي في ساعة البحور :

لبعض البحور عدة مطالع أي محاور ينفك منها البحر (المتقارب 4، الكامل 3، البسيط 2، الخفيف 1 ) هذه الصورة المختارة من الاحتمالات هي التي تصورالأواصر البينية للدوائر والبحور بأفضل شكل.

وهذا شكل آخر للمزيد من التوضيح والمضمون واحد

وكما ترى فالأرقام وسيلة لا غاية.

وغني عن الذكر أن استعمالي للتفاعيل يمكن الاستغناء عنه، فلا أهمية لحدودها في الأشكال أعلاه، والمعول هو على المقاطع وخواصها حسب مواقعها من خطوط الساعة الدائرية والمحورية. وإنما ذكرتها لتكون صلة وصل مع من لم يدرس الرقمي. والشكل التالي مفيد في هذا المجال:

هذه البساطة وهذه الشمولية تقول لكل من يأتي ببحور جديدة أو دوائر جديدة أو يتجاوز الخليل أنت عروضي فالزم حدك. ولست مؤهلا لتجاوز الخليل. ومن فهمها وانطلق منها إلى فهم منهج الخليل سيجد نفسه يتبع الخليل على بصيرة. ذلك أنه لا يوجد وزن عربي بعد تأصيل ما يطرأ على ضربه من علل إلا ويقع على هذه الساعة وبالتحديد على دائرة واحدة منها.. وما لا سبيل إلى تمثيل مساره إلا على دائرتين أو أكثر فهو مخالف للسليقة العربية والبرنامج الرياضي الهندسي البسيط الشامل الواضح الذي ينتظمها.

***

هذه الساعة متوحدة بمنهج الخليل. وهي تمثل مصداقية انسجامه واطراده وشموليته. وتنفي من وجهة نظر الخليل وجود أي بحر عربي خارج سياقها. ويترتب عليها إلزامان:

الأول : إلزام لمن يقول بصحة منهج الخليل، وينتج عنه خروج أي [بحر جديد] عن هذه إحدى دوائر هذه الساعة. فإن جاء أحدهم بـ [بحر جديد ] فعلى من يتبع منهج الخليل أن يثبت خروجه عن هذه الساعة، أو يثبت أن البحر يدخل في إحدى دوائر هذه الساعة، وبالتالي فهو ليس بجديد.

الثاني : إلزام لمن يقول إن لديه بحرا عربيا جديدا أو بحورا عربية جديدة خارج بحور الخليل أن يقدم بحره أو بحوره ضمن دائرة جديدة، وإن يقدم كل دوائره الجديدة بكافة بحورها ضمن ساعة بحور واحدة جديدة تمثل منهجه الجديد.

هكذا تقتضي المنهجية.

لا وجود لمنهج ذي دوائر لا تجتمع في ساعة واحدة.

هذا الإطار الجامع للبحور لكل مقطع فيه سواء كان سببا أو وتدا إحداثيان محيطي ومحوري يحددان مكانه والكثير من خواصه. شأنه في ذلك شأن الكرة الأرضية بخطوط الطول والعرض فيها وما يفيدانه من خواص أي مكان يحددانه.

من يجيء بما يراه بحرا عربيا جديدا ( باستثناء ما يشتق من ساعة البحور من بعض مقصرات البحور ) ربما يرد في شعر لغة أخرى، كمن يجي بمكان جديد خارج عن خطوط الطول والعرض في الكرة. لا يكون إلا في كوكب آخر أة تحت سطح الأرض أو في الهواء. ناهيك عمن يأتي بدوائر عربية جديدة.

في المنهج العلمي الحق واحد لا يتعدد.

ومع قول جوان مالينج هذا لا ينبغي أن ينسى فضل ميشيل أديب في قوله في مجلة الموقف الادبي العدد 373 أيار 2002:

" وأكثر ما يعيب كتب العروض القديمة والحديثة أنها على الرغم من مظاهر العبقرية التي لم يكشف الخليل عن أسرارها،

لم تحاول تحليل العملية الذهنية التي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه القمَّة الرياضية التي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ ."

***

يواجهنا صنفان من المنظّرين في هذا المجال.

1- الأول من يأتي ببحور جديدة خارج بحور الخليل، كما فعل د. كرباسي و كثر سواه ومعهم من يتنقصون الخليل

2- من ينطلق من بعض بحور الخليل ليشتق منها دوائر جديدة. ومع ذلك نجد أن اجتهاد بعض العروضيين المنطلقين من بعض صور بحور الخليل أو مجزوءاتها يؤدي إلى أوزان تخرج عن دوائر الخليل فكيف ذلك ؟.

نأخذ مثالين : ( الأزرق سببي الأصل والأحمر وتد أصيل. 3 3 متفعلن أصلها 4 3 مستفعلن )

السريع = 2 2 3 2 2 3 2 3

الألوان هنا في غاية الأهمية فإن 2 3 في آخر السريع بلونها الأزرق تعني أن أصلها 2 2 2 وهذه بدورها عندما تأتي في آخر العجز فإنها تمثل الجد المشترك بين كل من :

الرجــز = 2 2 3 2 2 3 2 2 21

والسريع = 2 2 3 2 2 3 2 2 12

وكلاهما أصيل في ساعة البحور.

تماسك هذا المنطق يطيح به أي خروج عليه، ومن ذلك اعتبار بعضهم أن السريع = مستفعلن مستفعلن فاعلن ( فاعلن المكونة من سبب ووتد حقيقي 2 3 )

نظرة واحدة إلى التعبيرين التاليين تبين خروجه عن منهج الخليل إلى منهج لا وجود له حتى يضع دوائره كلها في ساعة واحدة ( لا منهج بلا ساعة)

وبالتالي فإن كل ما يترتب عليه لا يتفق إلا بالصدفة مع صور الخليل.

سريع منهج الخليل = 4 3 4 3 2 3 = مستفعلن مستفعلن (فاعلن/مفعلا)

سريــــع آخــــــر = 4 3 4 3 2 3 = مسنفعلن مستفعلن (فاعلن/أصالة)

**

اللاحق

حسب منهج الخليل = مستفعلن فاعلن (فاعلن/مستعلْ) = 4 3 2 3 2 3

حسب تعبير بعضهم = مستفعلن فاعلن فاعلن/أصيلة = 4 3 4 3 2 3

الرجز 4 3 4 3 3 2 .....السريع 4 3 4 3 2 3

من مجزوء البسط المقطوع = 4 3 2 3 2 2 2 ينحدر التوأمان

اللاحق = 4 3 2 3 2 3 المخلع = 4 3 2 3 3 2

ونفس المغالطة تكمن في اعتبار أن فاعلن أصلية= 2 3 في اللاحق فهي مستعل = 2 3 واعتبار فعولن أصلية = 3 2 في المخلع فهي في الحقيقة متفعل = 3 2

من فهم ساعة البحور يدرك من الشكل أعلاه أن وجود فاعلن = 2 3 بعد تكرار مستفعلن مرتين محال.

بالنسبة للسريع الآخر 2 2 3 2 2 3 2 3 = 4 3 4 3 2 3 فإن مستفعلن لا تتكرر إلا في دائرة جـ 4 3 4 3 ولا يوجد فيها التركيب 3 2 3 ولذا فمن يريد أن يأتي بالخاتمة 2 3 لا بد أن يقفز إلى الدائرة (ب) ، فيصبح البحر الجديد بين دائرتين وهذا لا يصح. الخط الأزرق المزدوج الذي يبدأ بالسهم الأزرق يمثل التفعيلتين في الدائرة الأم ، والخط الأزرق المنقط يمثل القفزة بين الدائرتين، أما الأزرق المنفرد فيمثل التفعيلة المضافة.

ويدرك كذلك أن وجود فاعلن 2 3 بعد مستفعلن فاعلن 4 3 2 3 محال في نفس الدائرة

بالنسبة للاحق الآخر 4 3 2 3 2 3 فإن 4 3 2 3 في الدائرة (ب) وبناء على تناوب رافديها لا يمكن بعدها أن يأتي 2 3 بل 4 3 ولذا فمن يريد أن يأتي بعدها بالخاتمة 3 2 لا بد أن يقفز إلى الدائرة (أ) فيصبح البحر الجديد بين دائرتين وهذا لا يصح. الخط االبرتقالي المزدوج الذي يبدأ بالسهم البرتقالي يمثل التفعيلتين في الدائرة الأم ، والخط البرتقالي المنقط يمثل القفزة بين الدائرتين، أما البرتقالي المنفرد فيمثل التفعيلة المضافة.

والشكل التالي يبين تأثير الوشائج المحورية والدائرية على أحكام الزحاف:

كما تبين الساعة موضوعا لا مجال فيه للصدفة وهو ما يتعلق بالمحور 3

لا عروض عربيا سوى عروض الخليل. التفاعيل توضح الأحكام التفصيلية التجسيدية التطبيقية، والرقمي يهدف إلى تقديم الصورة الشاملة التجريدية.

شرعية التقاعيل مستمدة من التزامها بمنهج الخليل. وتفقد شرعيتها إن انفلتت منه. من يجهل منهج الخليل يتصور أن بإمكانه أن يأتي ببحور أو حتى

دوائر جديدة، أو أن الخليل لم يلم ببعض إمكانات الإيقاع العربي أو أنه قد أخطأ هنا أو هناك. أو ينسب له أحكاما وآراء لم يقل بها. وإلى بعض هذا

أو سواه ذهب عروضيون وما كانوا ليذهبوا هذا المذهب لو أنهم عرفوا أن للخليل منهجا ناهيك عن فهم ذلك المنهج.

التفاعيل ليست مسؤولة عن غياب المنهج، سيادة منهج الحفظ هي المسؤولة عن عدم السعي لربط التفاعيل بالمنهج.

ربط التفاعيل بشمولية المنهج موضوع موضوع البند السادس ( 6 - بين التفاعيل والمنهج ) من الرابط :

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/taasees-wastedrak

أي علم هو العروض العربي ؟

كتيب العروض الرقمي