تاريخ الرقمي

البيروني وعروض الهند

أود قبل تقديم هذا الموضوع أن أشير إلى رحلتي مع العروض الرقمي مع ما تيسر لي من معرفة بمن تطرق إليه في العصر الحديث.

1- بدأت هذا الموضوع قبل أن أطلع على أي موضوع سابق فيه حوالي سنة 1993 م

2- نشرت الطبعة الأولى من الكتاب سنة 1997م

3- اطلعت قبيل نشر الكتاب على كتاب الشيخ جلال الحنفي (العروض تهذيبه وإعادة تدوينه) وأثبت ذلك في الصفحة 237 من الطبعة الأولى. وهنا أبين أن الشيخ استعمل الرقمين 1و 2 للدلالة على التفاعيل وزحافاتها فحسب ، واستعمل الرقم 3 للدلاله على السبب المتلو بسكون

فمثلا بابْ = 3 لديه،

بينما بابْ = 2 ه في الرقمي

، فعْلان لديه = 2 3 ، فعلان في الرقمي = 2 2 ه

ولديه فاعلاتن = 2 1 2 2

يقول الشيخ جلال الحنفي في كتابه (ص - 24):" وكنت تنبهت إلى هذه الأرقام وما في استعمالها من جدوى وفائدة قبل أن أطلع على ( بدائع العروض) للأستاذ ميخائيل الله ويردي الذي قد يكون هو مبتدع هذه الطريقة من تلقاء نفسه، فإني لم أعثر عليها من المصادر العروضية الكثيرة، "

ثم توصلت إلى رموز الأستاذ ميخائيل ويردي:

http://arood.com/vb/showpost.php?p=73639&postcount=33

4- كان همي في الطبعة الأولى منصبا على إثبات صلاحية الأرقام في تناول أمور العروض

أشرت في الطبعة الأولى (ص -206) إلى كتاب البيروني بالقول :" ينقل د.سليمان ياقوت (5-ص197) عن أبي الريحان البيروني قوله في كتابه (تحقيق ما للهند من مقولة معقولة في القلب أو مرذولة، ص106،107-طبعة الهند 1952):"وهم يصورون في تعديد الحروف شبه ما صوره الخليل بن أحمد والعروضيون منا للساكن والمتحرك، وهما هاتان الصورتان (> ، 1 ) فالأول وهو الذي عن اليسار[1] من أجل أن كتابتهم كذلك يسمى (لكـ) وهو الخفيف، والثاني الذي عن اليمين [>] (كر) وهو الثقيل، ووزانه أنه ضعف الأول لا يسد مكانه إلا اثنان من الخفيف."ويضيف د.ياقوت:"وهذا القول فيه كثير من الغموض ذلك أم هاتين العلامتين اللتين أوردهما البيروني :>،1 ليستا للساكن والمتحرك، بل هما للسبب الخفيف ثم للمتحرك، وذلك بدليل قوله عندما قارن بين تقطيع.0 العروضيين العرب وبين العروضيين الهنود إننا نعبر عن قوالب الخفيف السالم بأبنية التفاعيل في كل واحد من عروضه ونقول:

فواضح كل الوضوح أن علامة > تعبر عن متحرك ساكن أو متحرك ثم مد وهذا هو المقطع الطويل، وعلامة 1 تعبر عن متحرك ليس غير وهذا هو المقطع القصير."

ها هنا جزم بأن الهنود استعملوا الرقمين 1،2 في أوزانهم بنفس دلالتهما المستعملة في هذا الكتاب، يؤكد ذلك :

أ-قول البيروني إن أحدهما ضعف الأول وهو صحيح بمعنى اشتمال الثاني على حرفين والأول على حرف.

ب-قول البيروني:"وعلاماته بأرقام الهند "

5- تبلور لدي فيما بعد نظرة أكثر شمولية وتطبيقات

وعندي أن التفاعيل ليست إلا إحدى التسميات الممكنة للإيقاع الذي يمثله الوزن الرقمي. في حين أن الأرقام هي ذات الوزن فلا تتغير في حين تقبل التفاعيل أكثر من تعبير. وتبين لي فيما بعد كيف أن التفاعيل بتحولها من وسيلة إلى غاية قد حملت العروض عبئا من المصطلحات في تثبيت حدود وهمية بينها ثم عبئا آخر في مصطلحات للربط بين حدودها كما يقتضي واقع الحال. وأعتبر أن التفاعيل فصلت بحدود كانت مصطلحية في الأصل ثم رسخ في الوجدان أنها حدود حقيقية وكان هذا الانطباع مسؤولا عن الوقوف عند أشكال تعبير الخليل دون الوصول إلى فكره . وتشاء الصدف أن أطلع هذه الليلة على مجلة الموقف الادبي العدد 373 أيار 2002 وفيه يقول ميشيل أديب :" وأكثر ما يعيب كتب العروض القديمة والحديثة، أنها، على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف الخليل عن أسرارها، لم تحاول تحليل العملية الذهنية لتي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه القمَّة الرياضية التي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ. " أعتقد أنني إن لم أكن قد توصلت بهذه الأرقام إلى عملية الخليل الذهنية فإنني اقتربت منها.

6- العروض الرقمي وكتاب البيروني عن عروض الهند

كنت في الطبعة الأولى قد تعرضت باقتضاب لهذا الموضوع ثم عثرت في موقع الوراق على الشبكة على كتاب أبي الريحان عن عروض الهند، وهنا سأستعرضه ما جاء فيه عن عروضهم مبينا أن ما استعملوه هو الأرقام بذات الدلالة التي وردت هنا عن الرقمين (1،2). وهذا الموضوع في الصفحات (58- 63) من الكتاب.

يقول :" .......ويتلوه جند وهو وزان الشعر المقابل لعلم العروض."

(ص59)" وهم يصورون في تعديد الحروف شبه ما صوره الخليل بن أحمد والعروضيون منا للساكن والمتحرك، وهنا سأتصرف في ترتيب المعلومات وجدولتها وإعادة التعبير عن المقاطع من اليمين إلى اليسار حيث ذكر البروني انها واردة بكتابتهم من اليسار لليمين وسأعتبر(>=2) و (ا=1) وسأستعمل الرقمين (1،2) عوضا عن الإشارتين الأصليتن.

1= الخفيف ويدعى لكك وورد لك

2= الثقيل ويدعى كر وهو الثقيل ووزانه في التقدير أنه ضعف الأول ولا يسد مكانه إلا اثنان من الخفيف [11= سبب ثقيل]

2=وفي حروفهم ما يسمى طويلة ووزانها وزان الثقيلة واظنها التي تعتل سواكنها، لكن الأغلب على الظن أن الأول ليس بساكن والثاني ليس بمتحرك. [ سبب خفيفى]

ثم يقول ما يؤكد أن الثقيل والطويل ما هما إلا السبب :" ....لأن شرط الثقيل أن يتقدم ساكنه لا أن يتأخر " فورد الثقيل عنده مرتين الأولى متحركان والثانية متحرك فساكن."

ثم استعرض كيفية بناء أوزانهم في جدول بطريقة حاولت فهمها فتعسر فأقلعت عن ذلك لصعوبته ولقوله "..... فأما التركيب فهو منتظم، وأما ما أورد من من الحساب لمعرفة رتب الصفوف غير مطردعليه....................ولكن ذلك لا يصح في اكثر الصفوف وكأنه وقع في النسخة فساد."

على أنه قد أورد هذه الأوزان لحسن الحظ.

وأسوق هنا بعض ما ذكره وما بين مزدوجين فمن عندي :"إن كل ذي أربع أرجل (تفاعيل) يتشابه أرقامهما (أرقامها) بالتقدير والتعديد على التحاذي (القياس) حتى إذا عرفت رجل واحدة عرفت سائرها بسبب أنها أمثالها، فإنه يسمى "برت" وعندهم أنه لا يجوز أن تكون حروف الرجل أقل من أربعة (فعْلن لدينا) إذ ليس في "بيذ" رجل ( تفعيلة ) إلا كذلك، وعلى هذا يكون أقل عدد حروفه (لعله الشطر) أربعة وأكثرة ستة وعشرون (الطويل لدينا أربعة وعشرون)

وفيما يلي جدول بهذه الأوزان

يقول البيروني مقدما للمعلومات التي ضمنتها هذا الجدول:" وقد قدمت العذر وكررته أنه لم يحصل لي من هذا الفن ما يصلح للنعريف، إلا أني مع ذلك أبذل فيه جهد المقل وأقول إن كل ذي أرعة أرجل يتشابه أرقامها بالتقدير والتحديد على التحاذي حتى إذا عرفت رجل واحدة عرفت سائرها بسبب أنها أمثالها فإنه يسمى (برت) وعندهم أنه لا يجوز أن تكون حروف الرجل أقل من أربعة إذ ليس في (بيذ) رجل إلا كذلك وعلى هذا يكون أقل عدد حروفه أربعة وأكثره ستة وعشرون، وعدد ( برت ) ثلاثة وعشرون

وواصل البيروني عرض الأوزان بهذه الصيغة حتى الثالث والعشرين.

وأكتفي بما تقدم آملا أن يكون مفتاحا لمن أراد الاستقصاء.

إن كان لي من فضل فهو جمع المتحرك 1 + السبب 2 وإعطاء الوتد الرمز 3 ، ومن ثم محاولة استكشاف تفكير الخليل الرياضي ( أبو الرقمي ) من خلال الربط بين منطقيته والرياضيات.

يقول الأستاذ أحمد بن يحيى :

http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=80331&p=610237&viewfull=1#post610237

"أقترح هنا أن يكون التقطيع على منهج الخليل التفعيلي المعروف؛ لأنه ليس كل أهل الفصيح يجيدون التقطيع الرقمي، وبعضهم لا يعترف به أصلا؛ لأسباب جوهرية متعلقة بخصوصية العروض العربي .ولأنه ـ أي العروض الرقمي ـ طارئ؛ والطارئ لا يتقدم بين يدي الأصيل في فطرة العربي ووجدانه."

وقوله هذا له وعليه:

المنهج الفكري وهو أصيل في حضارتنا قد زال منذ قرون والخليل إمامه بلا منازع، وتوسع منهج الحفظ ليحل محله، حتى ليخيل أنه هو الأصيل وكل ما يؤدي إلى التفكير أو يمت له بصلة طارئ.

وبهذه المناسبة أنقل قول الأستاذ ميشيل أديب في مجلة الموقف الأدبي العدد 373 أيار 2002 :" وأكثر ما يعيب كتب العروض القديمة والحديثة، أنها، على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف الخليل عن أسرارها، لم تحاول تحليل العملية الذهنية التي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه القمَّةالرياضية التي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ ."

وهكذا فالرقمي في ارتياد هذه المساحة من استطلاع تفكير الخليل التي أهملت قرونا طارئ مبتدع كما تفضل. اسأله تعالى ان يبعد عنا ضلال البدع.

وقد قيل مع الرقمي وضده الكثير وبعضه على الرابط:

http://arood.com/vb/showthread.php?t=1450

لا أدري إن كان أحد ما قد سبق وتناول ما خطه البيروني بطريقة يفهمها القارئ العربي قبل تناولي هذا .وما كان ليتيسر لي ذلك لولا رسوخ قاعدة العروض الرقمي.

***

نشرت لاحقا ما له علاقة بهذا الموضوع على الرابط:

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/lematha

أعرف من أسماء من قرن الأرقام والعروض على نحو أو آخر:

1- أبو الريحان البيروني

2- الأب ميخائيل وردي الله

3- الشيخ جلال الدين الحنفي

4- ثريا محيي الدين شيخ العرب

5- د. أحمد مستجير

6- المهندس طارق الكاتب

7- د. محمد غانم

8- د. محمد تقي جون علي

9- د. حسام أيوب.

10- الشاعر المعاصر فوزي محمود ( أعلمني أستاذي السيد إبراهيم )

11- بروفيسر عبد الستار العبروقي.

ويجمع أغلبَ هذه الأبواب من حيث النهج في ظل استعمال الأرقام ما يجمع كتب

الشعر والأحياء والاقتصاد في ظل استعمال الأحرف العربية ذاتها في كل منها.

فكما أن الأحرف تعبر عن مضامين شتى فكذلك الأرقام. أقول ( أغلب هذه الأبواب)

والأصل أن أقول كلها ولكن أحتاط لبعض التشابه الشكلي حينا والتقاطع المحتمل فيما

بينها عرَضا ونادرا حينا آخر.

إن الأخذ بما تقدم شرط أساس لفتح الباب أمام موضوعية الفهم

واختم بما دونته أخيرا حول الخليل كمفكر يتجاوز بفكره ومنهجيته العروض واللغة إلى الأسمى والأشمل من الآفاق.

الرابط التالي يبين أهمية منظومته الفكرية ( الفكر - المنهج - التفاصيل )

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/alkhalilo-akbaro-min

صفحات عروضية