dr.kishik-siyaghah-jadeedah

سألني من أثق بعلمه وفطنته عن التباس لديه في فقرات للدكتور أحمد كشك.

فكان هذا الموضوع .

يقول د. أحمد كشك في كتابه القيم ( الزحاف والعلة – رؤية في التجريد والأصوت والإيقاع ) رقم الإيداع 33 . 8 / 1995 في هامش صفحة 102 ما يلي:

( التنسيق والترقيم والأرقام مني أنا مع بعض التصرف كذلك)

إنه من خلال الاعتماد على قيمة الوتد المجموع والكمية التي تحتويها التفعيلة يمكننا تصور بحور الشعر العربي تصورا شبه جديد. هذا التصور يقسم بحور الشعر العربي إلى، بحور متماثة التركيب ، وبحور خفية التركيب وبحور واضحة التراكيب

أ‌- بحور متماثلة التراكيب

وهي البحور صاحبة التفعيلة الواحدة المكررة مثل فاعلاتن فاعلاتن = 2 3 2 - 2 3 2

أو مفاعيلن مفاعيلن = 3 2 2 3 2 2 ويأتي التماثل على أساس اتفاق التفعيلات في كم واحد مع اتفاق مكان الوتد أولا أو ثانيا أو وسطا في تكرار هذه التفعيلة ومن ثم فالكامل والوافر والهزج والمتقارب والمتدارك والرجز من البحور المتماثلة، وقد استطعنا في هذا الإطار أن نجعل المديد والسريع من البحور المتماثلة وأن نتصورهما في إطار بحري الرمل والرجز باعتبار المديد فاعلاتن فاعلاتن علاتن واعتبار السريع مستفعلن مستفعلن تَفْعـِلن

ب‌- وبحور خفية التراكيب [ لعله يقصد واضحة التراكيب ]

وهي البحور التي يتحد فيها مكان الوتد المجموع ويختلف الكم وذلك مثل الطويل والبسيط فالكم في الطويل من فعولن = 3 2 و مفاعيلن = 3 2 2 مختلف لكن مكان الوتد في تفعيلاته واحد. ومن ثم لنا أن نتصور ا على هذا الأساس:

لطويل = مفاعي مفاعيلن مفاعي مفاعيلن = 3 2 – 3 2 2 – 3 2 – 3 2 2

وكذلك البسيط = مستفعلن تفعلن مستفعلن تفعلن = 2 2 3 – 2 3 – 2 2 3- 2 3

فليست مفاعي = 3 2 إلا قطعة من مفاعيلن 3 2 2 وليست تفعلن إلا قطعة من مستفعلن 2 2 3

جـ - وأما البحور التي يخفى تركيبها فهي البحور التي يتحد كمها ويختلف وتدها ففاعلاتن 2 3 2 ومستفعلن 2 2 3 تتحدان كما لكن الأولى الوتد فيها وسط والثانية أخير ومن ثم فالتركيب من الناحية الإيقاعية واضح وعلى هذا فبحور مثل الخفيف والمضارع والمجتث بحور واضحة التراكيب.

التعليق

لا شك أن هناك خطأ مطبعا يثير الكثير من الاضطراب والتشويش ولا يخلو من فائدة:

1- الخطأ المطبعي : يتحث في القسم ب عن البحور خفية التراكيب وفي القسم (جـ) عن البحور خفية التراكيب التي تركيبها الإيقاعي واضح !!!! ولا شك أن هناك خطأ مطبعيا، ومن عجب أن النسخة التي لدي سنة 1995 وعلمت ممن سألني أن النص ذاته في نسخلة 2005. فما دلالة ذلك ؟ ألم يقرأ هذه الفقرة أحد؟ ألم يلاحظ هذا الاضطراب أحد سوى سائلي الكريم ؟ إذا كانت (جـ ) واضحة التراكيب ،فإن ( ب ) خفية التراكيب ثم ماذا عن التناقض الذاتي في ( جـ )

2- فائدة الخطا المطبعي

ثم ماذا عن التفريق الموضوعي بينهما بين المخفي والواضح ؟ ما وجه الخفاء وما وجه الوضوح، إن قابلية مضمون أي موضوع للتسمية ونقيضها في آن واحد تدل على خطإ في المضمون. فالأصل أن يميز القارئ الخفي من الواضح عند قراءة الفقرتين حتى لو حذف عنواناهما. يعني هب أنك أمام فقرتين ضاع عنواناهما ، إحداهما تصف العنب والأخرى تصف المانجا وطلب منك أن تبين أيهما تتناول العنب وايهما تتناول المانجا، لا شك أنك ستستطيع التمييز بينهما من خلال المضمون.

وهنا في (ب) و (جـ) موضوعان أحدهما يصف تراكيب واضحة والآخر يصف تراكيب مخفية، ولنحيد العنوانين على افتراض حصول خطإ مطبعي أو أخطاء مطبعية. ثم وبعد فهم المضمون نسأل أنفسنا أي التراكيب واضح وأيها خفي ؟ حقيقة ربما أرجح أن ما يخص الخفيف هو المخفي ليس لأن النص يعني ذلك أو يرجحه، بل لسابق معرفتي بما يقترن بالرقم 222 والوتد المفروق في حشوه.

أثق بعلم من سالني عن الغموض في الصياغة وبعد أن قرأتها عدة مرات اكتشفت أن للغموض سببين

الأخطاء المطبعية أولا وقد تقدم توضيحها ، وثانيا الغاية الوصفية الذاتية للموضوع ، وكون الوصف ذاتي يعني أنه لا يترتب عليه أثر في الأحكام العروضية. ويلازم ذلك شرح تأثير قيام التفاعيل في الأذهان كشخصيات حقيقية ذات حدود حديدية بحيث تستحق أن تشخص كل تفعيلة وتدرس على هذا الأساس وأن يكون البحث منطلقا من منهج يحترم استقلالية هذه الشخصيات وحدودها ولا يرى غير ذلك منهجا مرافقا أو بديلا، الأمر الذي يجعل التفاعيل وحدودها مجالا لمواضيع قد لا تقدم جديدا سوى العوائق في الذهن التي تحد من انطلاق العروضيين الكبار عبر العصور إلى الآفاق الرحبة لعلم العروض.

ورد في سياق ما ذكره د. كشك حديث عن النبر لدى فايل الذي يعتبره على الوتد المجموع، وكان الأستاذ غالب الغول قد اعتبره على السبب السابق للوتد المجموع. وبعيدا عن صواب أحدهما أو خطئه فإن مجرد جعل النبر ظلا لمقطع عروضي محدد يعني أنه متأثر بالعروض لا مؤثر فيه. وإذن لا ينبني عليه حكم عروضي، ولو كان ينبني عليه حكم عروضي لما أمكن أن يكون الاختلاف عليه غير ذي أثر على العروض وأحكامه. وهنا حانت صياغة ما يلي :

كل توصيف جديد لطرح ما تنطبق عليه النقاط التالية أو بعضها :

1- أن يكون التوصيف الجديد تابعا لتوصيف سابق يتأثر به ولا يؤثر فيه

2- أن يوجد تباين فيه بين نظرية ذات وجه واحد وتطبيق فيه غير وجه

3- أن لا يكون لهذا النظام ضوابط واضحة تبين مداه.

4- أن لا يترتب على التوصيف نظام تقعيدي جديد

فهو توصيف ذاتي وليس موضوعيا - وإن كان صحيحا – أقول ذلك لتوضيح استبعاد بعض التوصيفات التي يكتنفها الخطأ في منطلقها ونتائجها من مجال هذا الموضوع.

فلنستعرض بهذا المقياس ما ذكره د. كشك. يقول " إنه من خلال الاعتماد على قيمة الوتد المجموع والكمية التي تحتويها التفعيلة يمكننا تصور بحور الشعر العربي تصورا شبه جديد. هذا التصور يقسم بحور الشعر العربي إلى، بحور متماثة التركيب ، وبحور خفية التركيب وبحور واضحة التراكيب ...... ، وقد استطعنا في هذا الإطار أن نجعل المديد والسريع من البحور المتماثلة وأن نتصورهما في إطار بحري الرمل والرجز"

يمثل الجدول ادناه وزن المديد معبرا عنه بعدة صور

هل ترتب على أي من التوصيفات 3، 4 ، 5 تقعيد يضيف جديدا لتوصيف الأسباب والأوتاد وقابلية السبب للزحاف وثبات الوتد ؟ أترك هذا لتأمل القارئ وأعود لأستعرض ما تفضل به د. كشك على ضوء النقاط الأربعة للتمييز بين التوصيف الذاتي والموضوعي.

1- هل هذا التوصيف تابع لتوصيف سابق يتأثر به ولا يؤثر فيه

الحقيقة أن كل التوصيفات تتناول ترتيب المقاطع على دوائر الخليل.

2 هل يوجد تباين فيه بين نظرية ذات وجه واحد وتطبيق فيه غير وجه ( أكثر من وجه ) ؟

هنا يقول د. كشك بأنه استطاع أن ينسب المديد للرمل - ولي عودة إلى كلمة استطاع – فهل هذه هي النسبة الوحيدة المترتبة على الصياغة الجديدة للبحر ؟

كلا. فأنا أستطيع بذات المبدأ نسبته للخفيف. الرمادي فيما يلي محذوف

الخفيف = فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن = 2 3 2 2 2 3 2 3 2

المديد = فاعلاتن مسـتفعلن فاعلاتن = 2 3 2 2 2 3 2 3 2

بل إن نسبته إلى البسيط أولى

البسيط = مستفعلن تفعلن مستفعلن فعلن = 2 2 3 2 3 2 2 3 1 3 ( تفعلن بدل فاعلن حسب ما ذهب إليه الدكتور كشك )

المديد = مستفعلن تفعلن مستفعلن فعلن = 2 2 3 2 3 2 2 3 1 3

3-هل لهذا النظام ضوابط واضحة ؟

هل هو مقتصر على حذف السبب ؟ أم يشمل حذف الوتد أو يشمل حذف السببين أم أكثر من ذلك؟

لست أدري. ولا أعرف جوابه على نسبة المنسرح للبسيط

البسيط = مستفعلن تفعلن مستفعلن فعلن = 4 3 2 3 4 3 1 3

المنسرح = مستفعلن تفعلن مستفعلن فعلن = 4 3 2 3 4 3 1 3

‏4-‏ هل يترتب على التوصيف نظام تقعيدي جديد ‏؟

لا يترتب عليه ولا على سواه أي نظام تقعيدي جديد أقول هذا واثقا فكل تجميع للمقاطع في وحدات كائنة ما كانت لن يزيد أو ينقص على ما ورد في التفاعيل شيئا. ما دام وجود ثمة وجود لوحدات مجزأة يقتضي التعامل فيما بينها من خلال احترام حدودها وما يترتب على ذلك .

*******

ألا يقتضي العدل هنا أن نحاكم الرقمي إلى هذه المبادئ ذاتها التي حاكمنا إليها صياغة د. كشك ؟

بلى

1- هل الرقمي تابع لتوصيف سابق يتأثر به ولا يؤثر فيه

نعم ولا

نعم، الرقمي تابع لتوصيف سابق هو دوائر البحور وصيغتها المدمجة في ساعة البحور، وهو يتأثر بها ولا يؤثر فيها. ولكنه يمتاز بأنه يخرجها إلى دائرة الضوء ويجعلها مدخلا للتواصل مع فكر الخليل وانطلاقا منه

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/r8-1/f2

ونعم ولا معا، إذا كان المقصود عروض التفاعيل ، فهو قد سبق الرقمي ومنه ومن جزئيات أحكامه كان المنطلق نحو شمولية الرقمي عبر مخاض استمر سنين، ولكن الرقمي، ولكن بعد تبلور الرقمي أضحى مهيمنا على عروض التفاعيل مع بقاء أحكام عروض التفاعيل الموثوقة روايته عن الخليل بالإجماع حكما على صحة على نتائج الرقمي.

2- هل يوجد تباين فيه بين نظرية ذات وجه واحد وتطبيق فيه غير وجه ( أكثر من وجه ) ؟

كلا لا يوجد أي تباين في هذا المجال، فالرقمي يقوم على أساس وجود قوانين شاملة لكلية العروض العروض العربي شاملة لتفاعيله وبحوره ودوائره نظريا وتطبيقيا. ومعظم تطبيقاته شواهد على هذا.

3-هل لهذا النظام ضوابط واضحة ؟

ضوابطه جد واضحة تقوم على طلاقة الاجتهاد في الدراسة والبحث والافتراض وتجريب الخطا والصواب مع اتخاذ الانضباط المطلق في نتائجه بنتائج عروض التفاعيل مقياسا للصواب.

‏4-‏ هل يترتب على التوصيف نظام تقعيدي جديد ‏؟

نعم وبكل تأكيد.وكل الرقمي قائم على ذلك، ولإعطاء مثال على ذلك في جزئيتين هما القول بأن المديد يصنف من الرمل باعتبارة " فاعلاتن فاعلاتن علاتن " وعدم ترتب أي تقعيد على هذا القول

والقول في الرقمي إن كلا من البحور التالية وبغض النظر عن التفاعيل وحدودها

ينتهي صدره ب 3 1 3 = 3 ((4)

الأمر الذي يعني أن نهاية الصدر = وتد + سبب ثقيل + سبب خفيف = وتد + فاصلة سببها الأول ثقيل دوما

وينتهي عجزه ب 3 2 2= 3 4

والذي يعني أن نهاية العجز = وتد + سبب خببي + سبب خفيف = وتد + فاصلة سببها الخببي يأتي ثقيلا في بعض القصائد وخفيفا في بعضها الآخر حفاظا على وحدة القافية

البحور وترقيمها حسب رقم الجدول في يسار الصفحة :

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/adhrob

8- خامس المديد

10- أول البسيط

17- ثاني الوافر

22- رابع الكامل

44- رابع السريع ( مع خصوصية تستدعي التأمل)

47- المنسرح أ

56- المقتضب أ

وهذا توصيف جديد لموجود قديم يترتب عليه تقعيد مفاده أن الأشكال التالية – المسماة حسب عروض التفاعيل - في نهاية أشطر كل من البحور السابقة لها ذات الجوهر وذات الحكم.

علن فعلا في خامس المديد

علن فعلن في أول البسيط

مفاعلتن في ثاني الوافر الوافر

علن متَفا في رابع الكامل

علن مَعُلا في رابع السريع

ت مسـتَعلن في المنسرح

تُ مسـتعلن في المقضب

يقول د. كشك :" وقد استطعنا في هذا الإطار أن نجعل المديد والسريع من البحور المتماثلة وأن نتصورهما في إطار بحري الرمل والرجز باعتبار المديد فاعلاتن فاعلاتن علاتن واعتبار السريع مستفعلن مستفعلن فاعلن "

وترجمة ذلك رقميا

الرمل = 2 3 2 2 3 2 2 3 2

المديد = 2 3 2 2 3 2 2 3 2 حيث الرمادي محذوف

وفي هذه الدائرة الذاتية المغلقة بين الافتراض والاستنتاج تأتي كلمة "استطعنا " كتعبير يشي بحصاد نتيجة جهد بذل.

الذين شاركوا في تطبيقات الرقمي ورياضاته العروضية يعرفون العديد من الأمثلة في هذا السياق التي وإن لن تتقيد بحدود التفاعيل إلا أن أغلبها لا يعدو كونه رياضة عروضية لا يترتب عليها تقعيد. وكثيرا ما خطر لي في مجال الرياضة العروضية أفكار من هذا النحو ومنها أن أعتبر تركيبا ما وحدة أساسية في كل البحور فلنأخذ ثلاثة منها ونطبقها على ثلاثة بحور، لنأخذ التراكيب 2 3 ، 2 3 2 ، 4 3 4 ولنطبقها على البسيط والخفيف والرجز

ما تقدم توصيفات لا يترتب عليها تقعيد وتبقى رياضة عروضية ذاتية مغلقة لا أكثر، فإن – وربما يمكن ذلك – ترتب على تعميم أي منها أو سواها من التراكيب على البحور أو مجموعة منها وأمكن بالبحث استخلاص قواعد عامة مفيدة مطردة مبنية على ذلك التوصيف فعندها فقط يخرج الأمر من إطار الذاتية .