تصريع تصريعان

تصريع - وتصريع مزدوج

العروض : آخر الصدر

الضرب آخر العجز

جاء في كتاب ( العيون الغامزة على قضايا الرامزة – ص 140 ) [1]

"التصريع جعل العروض كالضرب وزنا ورويا مع إخراجها من حكمها إلى حكمه"

أي أن العروض المصرعة طرأ عليها استثناء من زيادة أو نقص أو تغيير لتوافق الضرب.

"التقفية موافقة العروض للضرب مع إبقائها على ما تستحقه في نفسها من الحكم الثابت "

والاختلاف الوحيد في ذلك عن الحكم الثابت - إضافة إلى اختلاف الوزن - هو جواز إشباع حركة آخر حرف في الصدر كأنه الروي، أو تسكينه حيث لا يجوز تسكينه في غير صدر البيت المقفى

أي أن العروض توافق الضرب وزنا وقافية ورويا دون تغيير في العروض لأن كلا من العروض والضرب متفقان في الوزن والقافية أصلا وإنما تتميز العروض في البيت المقفى عن سواه بأنها توافق الضرب في الروي وحركته

من أمثلة التصريع :

لِكُلِّ شَيءٍ إِذا ما تَمّ نُقـصانُ فَلا يُغَرَّ بِطيبِ العَيشِ إِنـسانُ

3 3 2 3 4 3 4 3 3 1 3 4 3 4

هِيَ الأُمُورُ كَما شاهَدتُها دُوَلٌ مَن سَرّهُ زَمَن ساءَتهُ أَزمانُ

3 3 1 3 4 3 ((4) 4 3 1 3 4 3 4

وَهَذِهِ الدارُ لا تُبقي عَلى أَحَدٍ وَلا يَدُومُ عَلى حالٍ لَها شانُ

فإن 2 2 = 4 لا تأتي في آخر الشطر إلا في العجز ولا تأتي في آخر الصدر إلا في حال التصريع ليوافق آخر العجز. إذ آخر الصدر في البسيط من غير تصريع لا يأتي إلا (2)2 = ((4)

فلو قال الشاعر في البيت الثاني :

هِيَ الأُمُورُ كَما شاهَدتُ تقـويض مَن سَرّهُ زَمَن ساءَتهُ أَزمانُ

لما صح ذلك، بل إن الأذن تمجّه.

3 3 1 3 4 3 4 4 3 1 3 4 3 4

ولكن لو قال الشاعر:

لِكُلِّ شَيءٍ إِذا ما تَمّ نُقـصانُ فَلا يُغَرَّ بِطيبِ العَيشِ إِنـسانُ

هِيَ الأُمُورُ كَما شاهَدتُ ألـوانُ مَن سَرّهُ زَمَن ساءَتهُ أَزمانُ

من هذه الدار يمضي الإنس والـجانُ وَلا يَدُومُ عَلى حالٍ لَها شانُ

لجاز ذلك لأن كل الأبيات مصرعة. وبعبارة أخرى لأن كل صدر حكمه حكم الضرب. ولما كانت كل الأشطر مصرعة فإننا نعتبر كل شطر بيتا مستقلا ولذا نكتب الأبيات على هذه الصورة :

لِكُلِّ شَيءٍ إِذا ما تَمّ نُقـصانُ

فَلا يُغَرَّ بِطيبِ العَيشِ إِنـسانُ

هِيَ الأُمُورُ كَما شاهَدتُ ألـوانُ

مَن سَرّهُ زَمَن ساءَتهُ أَزمانُ

من هذه الدار يمضي الإنس والJجانُ

وَلا يَدُومُ عَلى حالٍ لَها شانُ

جاء المتأخرون بنوع من التصريع المزدوج وعلى غراره القول

لِكُلِّ شَيءٍ إِذا ما تَمّ تقـويضُ فَلا يُغَرَّ بِطيبِ العَيشِ إِنـسانُ

كل الأُمُورُ كَما شاهَدتُ منـقوضُ مَن سَرّهُ زَمَن ساءَتهُ أَزمانُ

يمضي من الدار محبوب ومبـغوضُ وَلا يَدُومُ عَلى حالٍ لَها شانُ

إذا قرأت البيت الأول شعرت بالنفور من قافية الصدر، وما إن تقرأ البيت الثاني حتى يخف هذا النفور لتآلف قافية صدر البيت الأول مع قافية صدر البيت الثاني.ويسلس الأمر بعد البيت الثالث. وهذا ما أقترح أن يسمى بالتصريع المزدوج، وقد أكثر المحدثون من هذا النوع ومن ذلك،

قول إبراهيم ناجي :

يا فؤادي ما ترى هذا الـغروبْ ما ترى فيه انهيار الـعُمُرِ؟

ما ترى فيه غريقا ذا شحوبْ يتلاشى في خضمّ القَـدَرِ؟

ما تراها اتّأدتْ قبل الـمغيب ورمت من عرشها المنـحدِرِِ

لفتةَ الحسرةِ للشطّ الـقريبْ قبل أن تسقط خلف الـنّهَرِ

وقول العقاد :

لا تنم لا تنمْ إنهمْ ساهرون

سهروا في الظّلمْ أو غفَوا يحلمون

أنت فيهم حكَمْ وهمُ ينظرونْ

في غدٍ يلبسون في غد يمرحون

أما التقفية فكقول امرئ القيس

قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنـزِلِ بِسِقطِ اللِوى بَينَ الدَخولِ فَحَومَلِ

3 2 3 4 3 2 3 3 3 2 3 4 3 1 3 3

فَتوضِحَ فَالمِقراةِ لَم يَعفُ رَسمُها لِما نَسَجَتها مِن جَنوبٍ وَشَمأَلِ

كَأَنّي غَداةَ البَينِ يَومَ تَحَمَّلوا لَدى سَمُراتِ الحَيِّ ناقِفُ حَنظَلِ

فإن جميع الأشطر تنتهي بالرقم 3 وكل الذي أدخله الشاعر على لصدر إشباع حركة اللام في منزل ولو قال :

قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمعْـلَمِ (ي) بِسِقطِ اللِوى بَينَ الدَخولِ فَحَومَلِ

بإشباع حركة الميم ( ومعلم - ي ) بلفظها ياء لم يصح ذلك لأن البيت غير مقفى وإذن لا يسمح فيه بإشباع حركة النون.

ولو قال:

قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمـعلمٍ بِسِقطِ اللِوى بَينَ الدَخولِ فَحَومَلِ

بتنوين الميم في ( معلمٍ ) جاز ذلك.

هل ثمة تقفية مزدوجة كالزحاف المزدوج ؟ لعلها أقل ورودا ويمكن تصور شيء منها في هذه الأبيات :

فـي كــل يــوم أسـائـلْ هل في بريدي رسالـة ْ

4 3 2 3 2 4 3 2 3 2

والدمع في الخد ســـائلْ ولا أطـيــق احتـمـالـهْ

جربـت كــل الوسـائـلْ والصبر في كـل حالـهْ

ومما جاء فيه الصدر منتهيا 222 ومزدوج التصريع ما أورده د. عمر خلوف على الرابط:

http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=53625

محمد المحمودي ::

يا رعى الرحمنُ ذاكَ الوادي=حولهُ الأنهارُ والسواقي

ماؤها يروي غليلَ الصادي=وصَفاهُ مثلُ "ما" الأحداقِ

2 3 2 2 3 2 2 2 .....1 3 2 2 3 2 2 2

ورعى الجامعَ رَحْبَ النادي=كم بهِ منْ غُصْنِ عِلْمٍ راقِ

* * *

دامَ لِيْ البَسْطُ بها بالبِشْرِ=معْ أُصَيحابي سراةِ المَجْدِ

مَنْ عُلاهمْ فوقَ هامِ النسْرِ=فضلُهمْ ليس له مِن حَدِّ

قلّدوا الشامَ بعقدِ الفخْرِ=زاهِياً، أحسِنْ به مِن عقْدِ

إبراهيم طوقان :

فتيةَ المَغربِ هَيّا للجِهادْ نَحنُ أَولى الناسِ بِالأَندَلُسِ

نَحنُ أَبطال فَتاها ابنِ زِيادْ وَلَها نُرخِصُ غالي الأَنفُسِ

ومما جاء مثالا على التقفية لا لجهة وزن الصدر بل لجهة إشباع حركة الروي في الصدر على نفس الرابط:

الشيخ عبد الغني النابلسي:

حبّذا المرجَةُ ذاتُ الشّـرَفَيْنِ=صادَتِ الناسَ بصدْر البازِ

2 3 2 1 3 2 1 3 2 .... 2 3 2 1 3 2 2 2

حيثُ فيها النهرُ زاهي الطّرَفَيْنِ=وهْوَ يجري بسواها هازي

ناظرانـا ليـس بالمنصـرفَيْنِ=عن رباهـا بهجةِ المجتازِ

وكل من التصريع والتقفية يزينان القصيدة بهاء.

بل إن هناك ما يمكننا تسميته بالتصريع الثلاثي أو المتعدد من نحو قول الشاعر أحمد عيان سي من السنغال في قصيدته اللامية المنسوجة على منوال ميمية الشيخ اليدالي‎ :‎

ما لي غزالي ... لحظ الغــزال ... أخـو الدلـال ... برح الخيــال

رد السلامامـا ... لنــا وقامــا ... يبدي ابتسـاما ... مثل الهــلال

من يدن مـــنـه... لم يسـل عـــنــه ...إذ فيه كـــنه ... أسنـى الخــلال

أصحاب طــــه ...بهـــم يباهــــى ... لهم تناهـــى ... كل الكمــــال

أنصح بأن يقرأ مع هذا الموضوع :

استئثار مجزوء الوافر وصنوه الهزج بانتهاء الصدر بسببين خفيفين دون سائر البحور

الدرس الخامس ( حركة آخر الصدر ) من الدورة السابعة : https://sites.google.com/site/alarood/d6/d7

الفاصلة وآخر الصدر - alarood

التصريع والتقفية : http://arood.com/vb/showthread.php?p=14178#post14178

الذائقة والعروض والتصريع والنبطي: http://www.arood.com/vb/showthread.php?p=9777#post9777

العروض رقميا

[1] لمن يحب التوسع – هذا هو النص

قال الصفاقسي: التصريع تبعية العروض للضرب قافيةً ووزناً وإعلالاً. وسمي البيت الذي له قافيتان مصرعاً تشبيها له بمصراعي باب البيت المسكون. وحكى أبو الحكم أن بعضهم قال: اشتقاقه من الّصرعين وهما نصفا النهار، فمن غدوةٍ إلى انصاف النهار صرعٌ، ومنه إلى سقوط الشمس صرع والأول أقرب. وحكى الزّجاج إجماع العروضيين على أنه إنما وقع ليدلّ على ابتداء قصيدةٍ أو قصة: قال الأخفش: شبهوه في إعلامهم به أخذهم في بناء الشعر قبل تمام البيت يجعلهم الشك في أول الكلام في نحو قولهم: ((رأيت إما زيداً وإما عْمراً)) لئلا يظن المخاطب أن أحدهما أولى. ويجوز استعماله في مواضع من القصيدة الواحدة لإرادة الخروج من قصة إلى أخرى، ومن وصف شيءٍ إلى وصف غيره، ليؤذن بالانتقال من حال إلى آخرى، وهو مستحسن متى قل، فإنْ كثر كان مستهجناً. ويكون إما بزيادة في العروض حتى تصير كالضرب مثل ما صنع امرؤ القيس، وإما بنقص منها حتى تعود كالضرب كما في البيت الثاني، فإن قلت فما تصنع في مثل قول الحارث بن حلزة:

آذنتنا ببينها أسماء ربّ ثاوٍ يملّ منه الثّواء

(1/111)

فصرع ولم يتبع العروض الضرب، بل جعلها مفعولن [222] وهو فاعلاتن [232] ؟ قلت: اعتذر منه أبو الحكم بأن الشاعر همّ بتشعيث الضرب إلحاقاً لها به اعتماداً على أنه شعثه فنسى. قال الصفاقسي: فكأنه يشير إلى أن هذا من الإشارة إلى التصريع كما قاله الشيخ أبو بكر القللوسي. قلت: وهذا الاعتذار إنما احتيج إليه لتفسيرهم التصريع بما تقدم وهو تبعية العروض للضرب في القافية والوزن والإعلال. ولو قيل: التصريع هو جعل العروض كالضرب وزناً ورويا مع إخراجها عن حكمها إلى حكمه لم يحتج إلى شيءٍ من هذا، وذلك لأن العروض اواقعة في بيت الحارث قد جعلت كالضرب رويا وهو واضح، وقد أُخرجت عن حكمها وهو السلامة من التشعيث إلى حكم الضرب بأن جعلت مثله في عروض التشعيث لها، ولا يضرّ كون الضرب لم يشعث فإن تشعيثه جائز لا لازم، فجعلت العروض بمثابته حكماً فدخلها التشعيث بالفعل ولم يدخل الضرب فعلاً مع جواز دخوله فيه، فإلحاق العروض بالضرب في الحكم متحقق وإن تخالفا لفظاً، فتأمله. وعلى هذا فالفرق بين التصريع والتقفية ثابت، فإنها اتفاق العروض والضرب في الوزن والروي مع إبقائها على ما تستحقه في نفسها من الحكم الثابت، كقول امرىء القيس:

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل

بسقط اللّوى بين الدّخول فحومل

فإن قلت قد جاءت العروض مع عدم التصريع تامةٍ كقوله:

ونحن جلينا الخيل يوم نهاوندٍ

وقد أحجمتْ منّا الخيول الصوارم

ومحذوفةً كقوله:

تراها على طول البلاء جديداً

وعهد المغاني بالحلوم قديمُ

قلت: هو عندهم من الشذوذ ولا يقاس عليه، وهو عيب يسمى عندهم بالتجميع.