gheyab-almanhaj

من آثار غياب المنهج

يقول د. أحمد رجائي في كتابه أوزان الأشعار ( ص – 236 ) تحت عنوان مقطوع البسيط : إذا حذفت الجملة الأولى من مجزوء البسيط تولد بحر رشيق وزنه

( لا بلى – لا لا بلى – لِمَلا ) ( فاعلن مستفعلن فعِلُن [= 2 3 – 4 3 – 2 3 ] )

وهو وزن لطيف. ومنهم من يعتبر هذا الوزن فرعا من المديد بزحزحة سبب من جملة إلى أخرى، أي:

( لا بلى لا – لا بلى – لمَلا) ، أو (فاعلاتن فاعلن فعِلُنْ [ = 2 3 2 – 2 3 – 4 3 )

وهذه مسألة اعتبارية، وما نثبته هنا يمثل رأينا. فلو كان أصل (فعِلن 1 3 ) فاعلاتن 2 3 2 مخبونة 1 3 2 محذوفة 1 3 لكان الحذف عارضا لا راسخا في شطري البيت. ودليلنا على ذلك قول عمر بن أبي ربيعة :

رخصةٌ – حمراءُ – ناعمةٌ ........ طفْلةٌ – كأنها – قمرُ

لو سقى الأموات ريـ - ـقتها ....... بعد كا – س الموت لانْـ - ـتشروا

[ معنى أن يكون عارضا أن يشترك في الضرب فعلن 1 3 و فاعلاتن 2 3 2 فالحديث عن الحذف، وهذا عجيب يفترض وجود ضربين أحدهما تام فاعلاتن والآخر محذوف فاعلا في القصيدة الواحدة. ولم يقل بذلك قائل في أي بحر، وتعليق حكم على حصول محال نقض للحكم . ويستحق الأمر توقفا مماثلا في العروض. خيل لي أنه أراد القول: " لو كان الخبن مع الحذف عارضا ......" وفي هذا منطق فهو ينسجم مع أحكام القافية ولم يقل أحد أنه عارض، ولكن اتخاذة دليلا على غير أحكام القافية من نحو ترجيح صورة معينة من التفاعيل على سواها أمر ذاتي ]

فلو كان البحر من المديد كان ابتداء الوزن في (طفلة كـَ ) على وزن فاعلاتُ ، وهذا لا يجوز في المديد، بينما يجوز الخبن في الجملة الثانية في مقطوع البسيط ومحلها هو الجملة الثانية في أصل البسيط . وكذلك يثبت رأينا قول عدي بن زيد : رب نا – رٍ بت أر- مقها .....تقضم الـ - هنديَ والـ - غارا وبها - ظبيٌ يؤجْـ - جِجها .....عاقدٌ – في الخصر زنْـ - ـنارا"

ويأتي بأمثلة كثيرة على ذلك. في الجدول التالي لكل تفعيلة لونها .

من البسيط ( السطر3): لا حت لنا طفلة [كـ]ــأنها قمرٌ......كَ = خبن مستفعلن الثانية ،

وإذن يرى د. رجائي أن هذا الزحاف جائز بما يوحي بأنه سائغ.

يقول د. إبراهيم أنيس عن حكم الكاف ( موسيقى الشعر – ص 73) :" أما المقياس مستفعلن 322 فيندر أن يتغير في الحشو إلى متفعلن 321." ويضيف في ( ص- 74) : ويضيف واصفا ورود متفعلن مكان مستفعلن الثانية "هذا التغيير الشاذ الغريب الذي تنفر منه الأذن ولا تكاد تستسيغه" ويشير إلى وروده في الشعر الجاهلي بقوله :" وأجد بالباحث المدقق أن يعيد النظر في هذه الأبيات" وقد وردت الإشارة إلى ذلك في موضوع الكم والهيئة كظاهرة عامة في بحور دائرة (ب – المختلف)

من المديد - أ ( السطر 5 ) : مستفعلن في المديد هي ذاتها في البسيط حسب رأي الدكتور ويحكم هذا الزحاف ما يحكمه في البسيط أي هو شاذ غريب .

من المديد – ب ( السطر 7 ) : كَ تأتي مكان ( تُ ) من فاعلاتُ ويصف الدكتور ذلك بـأنه "فاعلاتُ ، وهذا لا يجوز في المديد" وهكذا حكم حكما قاطعا بأنه لا يجوز بما يوحي بامتناعه مطلقا

بينما تصف كتب العروض ذلك في معرض ما يلحق المديد من الزحاف ( أهدى سبيل – ص 58 ) :" ...والكف (فاعلاتُ ) وهو صالح "

وإن لم يكن هذا التعبير يحمل حكما يجعل (كَ) في فاعلاتُ أكثر قبولا من (كَ) في مـــتفعلن فإنه يساويها بها على أقل تقدير.

فكيف أجاز أستاذنا (متفعلن ) ومنع ( فاعلاتُ ) ؟؟؟

إنه غياب المنهج الذي يولد خلطة من حدود التفاعيل أو صرف أحكام الأسباب وتحميلها ما ليس تحتمله والموقف الذاتي إضفاء موضوعية على ما ليس موضوعيا بالمرة بل ذاتي تماما. ومن يراجع موضوع ( السببان البحري والخببي ) يرى كيف وقع د. مصطفى حركات في نظير هذا الموقف:

إنها الكارثة التي ألحقتها بتفكير العروضيين العرب هذه الحدودُ بين التفاعيل حتى لدى أستاذ كبير كالدكتور أحمد رجائي الذي بقوله ( إن الحدود اعتبارية ) وفهمي للمصطلح أن ذلك عائد للاعتبار الشخصي، وهذا تقدم في نظري. ولكنه لا يلبث أن يضفي على اعتباره الشخصي ما يضفيه سواه على اعتباراتهم من ثبات حديدي فيخرج بالتفاعيل من كونها أدواتٍ لتصوير الإيقاع السمعي ومواعينَ للمصطلحات التجزيئية لتسهيل نقل الأحكام في غياب التجريد الفكري إلى كونها ذوات مبرمِجة للتفكير. أو في أحسن الأحوال أدوات تُسبَغ بل تُفرَضُ على طبيعتها الذاتية ( الاعتبارية) صفاتٌ يُدّعى لها الموضوعيةَ ثم تُستعمل بهذه الصيغة الجديدة ( الناتجة عن افتراض ذاتي ) لإثبات (الافتراض الذي قامت عليه) كأن يقول شخص إن كل من يحمل إسم سمير هو شخص عصبي ، ثم يجد شخصا عصبيا فيسأله ما اسمك ؟ فيقول (سعد) فيجيبه بل اسمك سمير لأنك عصبي ولا شك أنه وقع تصحيف لدى تسجيل اسمك الذي أراده أبوك )سمير) فانقلبت الميم عينا وسقطت الياء والراء ظنوها دالا. وهكذا يقرر أن اسم الشخص العصبي (سمير) ويلتفت إليك ليقول مؤيدا وجهة نظره ( وهذا شخص آخر اسمه سمير وهو عصبي يضاف إلى السجل). وذلك يذكر بحكاية ( إنت ياباااااااااااااااااني؟). وواقع الحال أن كل شخص يمكن أن يكون عصبيا أو غير عصبي سواء كان اسمه سعدا أو سميرا أو عبد الله، وكل تصنيف في هذا الصدد ذاتي وإن رآه صاحبه موضوعيا. هذا ما فعله د. أحمد رجائي . ولا يعني ذلك أن تقسيمه خطأ . فكل تقسيم يعبر عن الأسباب والأوتاد ممكن. وإنما الخطأ في إضفاء صفة موضوعية (غير اعتبارية – غير اصطلاحية ) على تقسيمه فحتى التقسيم الأصلي (اعتباري – اصطلاحي ) كما قال. لنأخذ تقسيمه/ تجزيئه لبيتي عدي بن زيد

: رب نا – رٍ بت أر- مقها .....تقضم الـ - هنديَ والـ - غارا

2 3 - 2 2 3 – 1 3 ......2 3 – 2 2 3 – 2 2

وبها - ظبيٌ يؤجْـ - جِجها .....عاقدٌ – في الخصر زنْـ - ـنارا

1 3 – 2 2 3 – 1 3 ........2 3 – 2 2 3 – 2 2

لماذا هذا التقسيم/ التجزيئ أوجه من التقسيم/ التجزيء التالي:

رب نا رٍ – بت أر- مقها .....تقضم الـهنْـ - ديَ والـ - غارا

2 3 2 – 2 3 – 1 3 ......2 3 2 -2 3 – 2 2

وبها ظبْـ - ـيٌ يؤجْـ - جِجها .....عاقدٌ في الـ – ـخصر زنْـ - ـنارا

1 3 2 – 2 3 – 1 3 .......2 3 2 – 2 3 – 2 2

لقائل أن يرد علي قائلا أليس تقطيعه:

وبها - ظبيٌ يؤجْـ - جِجها .....عاقدٌ – في الخصر زنْـ - ـنارا

1 3 – 2 2 3 – 1 3 ........2 3 – 2 2 3 – 2 2

أكثر منطقية ووجاهة حيث يناسب اعتباره وبها = 1 3 = فعِلن ، و عاقدٌ = 2 3 = فاعلن لتناسب السكوت على آخر اللفظين مع آخر التفعيلة. من اعتبار الوزن

وبها ظبْـ - ـيٌ يؤجْـ - جِجها .....عاقدٌ في الـ – ـخصر زنْـ - ـنارا

1 3 2 – 2 3 – 1 3 .......2 3 2 – 2 3 – 2 2

باعتبار وبها ظبْ = 1 3 2 = فعِلاتن و عاقد في الـ = 2 3 2 = فاعلاتن لعدم تناسب حدود التفعيلة لوقوعها في منتصف كلمة في كل من الحالتين حيث ينبغي استمرار الكلام.

قد لا تكون هذه قصد د. رجائي، ولكني لا أرى وجها سواها لاستشهاده بالأبيات. والرد على هذه الشبهة سواء كانت منه أو من غيره هو بالرجوع للبيت

رب نا رٍ – بت أر- مقها .....تقضم الـهنْـ - ديَ والـ - غارا

2 3 2 – 2 3 – 1 3 ......2 3 2 -2 3 – 2 2

أليست حدود فاعلاتن = 2 3 2 تتوافق مع حدود ربّ نارٍ = 2 3 2

وإذا كان توافق حدود التفاعيل مع أواخر الكلمات حجة ل فاعلن = 2 3 عند د. رجائي فإنه في هذه الحالة حجة للرأي الآخر أي لبدء الرمل ب فاعلاتن = 2 3 2.

لو كان من الموضوعية أن توافق حدود الكلمات مع حدود التفاعيل مرجح للتقطيع أو التقسيم لما تناقضت نتائجه في نفس البيت. بل إن الأمر لأكثر بداهة فلا يمكننا الحديث عن أي الجنِّيَّين أطول (أ) أم (ب) في حين أننا لا نرى الجن أصلا. إن قبولنا بمناقشة أي الجنيين أطول يعني بداهة التسليم بأننا نرى الجن. وهكذا الحديث عن توافق أو عدم توافق حدود التفاعيل فإن اتخاذه حجة يعني أننا نسلم بأن حدود التفاعيل هذه يتخطى دورها التمثيل الصوتي والتيسير الاصطلاحي وأنها ذات طبيعة حديدية تصوغ الفكر وتشكله على مقاسها، وهو أمر مرفوض أصلا.

واقع الحال أن لا حجةَ لأي من المنطقين ( سعد ) و (سمير) فإن التعبير الموضوعي عن الوزن في الحقيقة هو ما يحويه الجدول التالي، وموضع الزحاف لكاف ( كطفلة ) هو السبب المظلل بالأصفر وله نفس الحكم في البسيط والمديد:

وكل من رأيَي د. أحمد رجائي ومن يخالفه ( اعتباري إصطلاحي ) وليس موضوعيا.

لو افترض أستاذنا أن للخليل منهجا تمثله دوائره لعرف أن حكم المحور رقم ( 5) هو ذاته في سائر بحور هذه الدائرة كما يلي

1- البسيط : خبن مستفعلن الثانية

2- المديد : كف فاعلاتن الأولى

3- الطويل: قبض مفاعيلن الأولى

نظرة واحدة إلى المحور رقم 5 على الدائرة ( ب – المختلف ) مع استحضار معنى منهج الخليل تغني عن صفحات طويلة

https://sites.google.com/site/alarood/_/rsrc/1417604468909/shapes/badees-small.gif?height=320&width=314

وهنا تجدر الإشارة إلى ثلاث نقاط:

1- يقول الأستاذ محجوب موسى في كتابه (مشكلات عروضية وحلولها) ( ص- 79) وعدناكم بتلخيص نظريتنا – غير المسبوقة – وهي الفصل والوصل التفعيلي – وآن لنا أن نفي بوعدنا، بوزن الشعر بطريقة تسمى التقطيع ونسميها التقسيم فالتقسيم أدق حيث نقابل حرسكونيات الكلام المراد وزنه بحرسكونيات الوحدات الوزنية ( التفعيلات ) متحركا بمتحرك وساكنا بساكن ونضع رمزي الحركة والسكون تحت المتحرك والساكن ورمز الحركة مطلقا / ورمز السكون بأنواعه ه فمثلا

[ أي جديد في هذا أليس هذا درسا في الدورة الأولى من الرقمي ]

إنني - أفتدي ...موطني - بالدما = فاعلن أربع مرات

إ نْ نَ نِ ي - أ فْ تَ دِ ي

/ ه / / ه / ه / / ه

وهكذا ما أسميه التقسيم المنفصل حيث تكون الكلمة على قدر التفعيلة على حدة. أما التقسيم المتصل فمثل:

إن في القلب أشواقه الدائمة

إننفلْـ = / ه / / ه - قلْبأشـْ = / ه / / ه – واقهدْ = / ه / / ه - دائمة = / ه / / ه

أو فاعلن = / ه / / ه أربع مرات.

يمكن اختصار قول أستاذنا في عبارة واحدة ( قد تتوافق حدود كل من التفاعيل والكلمات أو تختلف ). فهل يستحق تقرير هذه الثنائية أن يسمى اكتشافا ؟ إنه أشبه بقول القائل ( إن الجنين قد يكون ذكرا أو أنثى ) فأي اكتشاف وأي سبق ؟

إنه تخبيل التفاعيل أو تخييلها وليست التفاعيل مسؤولة عن ذلك وإنما المسؤول هو إهمال منهج الخليل في التفكير لصالح منهج الحفظ الملازم لتفاعيله وهي إنما وجدت للعروض ولا تصلح لعلم العروض والأغلب أن الحفظ يتم على حساب التفكير.

وأشير هنا إلى رابط : (العروض العربي ليس علما !!)

https://sites.google.com/site/alarood/laysa-elman

للشاعر محمد شهاب الدين ت : 1274 هـ - 1857 م على الرمل مع تميز في الضرب.

جدها صديق روح القدْس

منتجاً إلا زهوق النفْس

كم بسهم قد رمت عن قوْس

هذه رحميّة بكريّة

وضعها من بعد حمل لم يكن

والمنا يا للبرايا في المنى

بببب

هذه - رحميّةٌ - بكرية = 2 3 – 2 2 3 – 2 2 3 منفصلة حسب فاعلن مستفعلن فاعلن

هذه رحـ - مية بكْ – رية = 2 3 2 – 2 3 2 – 2 3 متصلة حسب فاعلاتن فاعلاتن فاعلا

وليس أي منهما دليلا على ترجيح صيغة تفعيلية على أخرى فما صدر الرمل من ناحية موضوعية سوى :

وأيما بناء آخر فذاتي لا دليل عليه إلا دليل ( سمير – سعد )

2- ملاحظة أستاذنا حول حدود الكلام جيدة وموضوعية في ذاتها ولكن تفسيره لها ذاتي وربما لو اقترنت هذه الموضوعية بمنهج ما لكانت جديرة باكتشاف موضوعي آخر يترتب عليها. ولكن الذاتية تضيع جنْي ثمار الموضوعية.

لينظر أهل الرقمي إلى التمرين التالي:

http://arood.com/vb/showthread.php?t=2394

ليروا أن ما يحسبه أستاذنا سبقا ونظرية ليس كذلك وهو قريب من مفهوم تمرين في الرقمي حول حدود الكلمات والتراكيب إن كانت له دلالة فهي ليست ذات علاقة بحدود التفاعيل، وربما كانت له فائدة إذا تحرر من أية نظرة ذاتية.

3- يقول الأستاذ محجوب موسى مواصلا حول ذات الموضوع ( ص- 80):

" قرأت لدعبل

قالتْ سلامة ُ : دعْ هذي اللبون لنا ، لِصِبْيَة ٍ، مِثْلِ أَفْرَاخِ الْقطا، زُغُبا

قُلْتُ: احْبسِيَها، فَفِيهَا مُتعة ٌ لَهُمُ ….إنْ لَمْ يُنِخْ طارِقٌ يَبْغي القِرى سَغِبا

فأخذت أتسلى بتقسيمها ......

زُغبا = فعِلن [ 1 3]

إن لم ينخ = مستفعلن [ 2 2 3 ]

طارقٌ = فاعلن [ 2 3 ]

يبغي القرى = مستفعلن [ 2 2 3 ]

سغُبا = فَعِلُنْ [ 1 3 ]

هذه الكلمات كل على قدر تفعيلتها ولم تجئ واحدة منها أقل من التفعيلة أو أكثر...وفجأة هتفت :

الله أكبر سينما قبل ظهور السينما بألف سنة؟ كيف ؟.....ولما كان الصبية شغل أمهم الشاغل فقد أعطت لهم كادرا خاصا خلال تفعيلة مستقله متفعلن [ 3 3 ] وهي مستفعلن 2 2 3 المخبونة مما جعل الإيقاع أسرع فمستفعلن تنطق على ثلاثة مراحل مس تف علن [ 2 2 3] أما متفعلن [ 3 3 ] فعلى مرحلتين ......هنا تتآزر اللغة والعروض في تجلية حالة الأمو النفسية.

أما العجب العجاب ففي البيت الثاني فصدره متشابك التفعيلات

قلت احبسي – ها ففي – ها متعةُ – لهمو

فالزوج المتلاف ليس متلهفا كالأم المسكينة فله أن يتكلم على راحته .

في كلام الأستاذ من تأثير السرعة والحالة النفسية ما يذكر بموضوع م/ع

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/meemain

ولكن فقدان المنهج يؤدي إلى حكم على أساس أول ما يخطر بالنفس، وقد يكون ذلك صحيحا، ولكنه لا يخرج من إطار الذاتي إلى الموضوعي إلا بعد تمحيص واستقراء ومحاكمة إلى احتمالات شتى. وذلك ما يفقد المسار توجهه الموضوعي.

الموضوعي أن الكلمات توافقت مع وحدات التفاعيل

وأنّ متفعلن حلت محل مستفعلن

القول بأن لذلك ارتباطا بالسرعة أو الجو النفسي احتمال وجيه ولكنه يتطلب تمحيصا.

وتمحيصه يكون باستعراض عدة حالات

لنأخذ صدر البيت :

مكرًّ – مفرّ – مقبلٍ – مدبرٍ – معا

فعولن – فعولن – فاعلن – فاعلن – فعلْ

هنا سرعة وتوافق مع حدود لتفاعيل ما . هل هذه تفاعيل الطويل ؟... كلا

مكرّ – مفرٍّ مقْ – بلٍ مدْ – برٍ معا

فعولن – مفاعيلن – فعولن – مفاعلن

الكلمات متصلة عبر التفاعيل، فهل تباطأت السرعة ؟ ...كلا

**

حلول متفعلن محل مستفعلن في أول الشطر شائع في البسيط.

هل كل متفعلن أسرع من مستفعلن لفظا ؟

تباطأت = متفعلن = 3 3 ..... سرّعْتُكمْ = 2* 2* 3*

(تباطأت) مقطعان عروضيان ومع ذلك تدل على البطء مفهوما ومدا في اللفظ .

(سرّعتكم)ْ ثلاثة مقاطع وتدل على السرعة مفهوما وقصر وقت مقاطعها الساكنة.

يستطيع المنشد أن يمد وقت تباطأت بمد ألفها ، ولا يستطيع أن يمد لفظ سرّعتكمْ

وفي البيت التالي ما قد يدعم وجهة نظر الكاتب

مَا لاَ يَفٌوتُ، وَمَا قَدْ فَاتَ مَطْلَبُهُ.......فَلَنْ يَفُوتَني الرِّزْقٌ الَّذِي كُتِبا

ما لا يفو = 2 2 3 .................فلنْ يفوْ = 3* 3* ..............

بطء لفظي في أول الصدر مقترن بثلاثة مقاطع ممدودة ويناسب الحديث عن الماضي بشكل إخباري حيادي (مؤشر الصدر 2 2 3 1 3 2* 2 3* 1 3 ......م/ع = 2/ 6 = 0.33 )

( مؤشر العجز 3* 3* 1 3* 2* 2* 3 1 3 ......م/ع = 5/ 2 = 2.5)

سرعة لفظية في أول العجز مقترنة بمقطعين ساكني الآخر وتناسب الحديث عن الآتي بقدر من الثقة والتوكيد.

وكما ترى فقد سقت ماهو ضد توجه الكاتب كما سقت ما يؤيده. في معرض بيان ما تقتضيه الموضوعية من حيادية تحكم بموجب الدراسة والتحليل.