motanabbee-reemah

هذه باية تناول لمواضيع تربط بين اللغة والنظم والشعر والشاعرية والعروض والقافية وأبنية الكلام العربي. وستكون البداية في مقارنة أدبية عروضية بين قصيدتين واحدة للمتنبي والأخرى للأستاذة. وأنوي أن أضيف عليه مواضيع في هذا الشأن بإذن الله.

وقد رأيت تكريما للأستاذة متمنيا لها مزيد التقدم.أن أعنون الموضوع كله بعنوان هذا الجزء الأول منه

1 - ( المتنبي وريمة الخاني والرمل )

من عادتي أن أتابع من يكون الرقمي مدخلهم للشعر. والأستاذة ريمة الخاني واحدة ممن اتخذوا هذا المدخل في بداياتهم. وأذكر أن بداياتها كانت صعبة بعض الشيء وكان أول ما أجادت النظم عليه مجزوء الرمل. وكان عنصر النظم – كما في أغلب البدايات – طاغيا على عنصر الشعر. ثم لاحظت تقدما في شعرها مع تركيز على الرمل التام.

على الوزن 2 3 4 3 4 3 2 ( فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن ) في كل من الصدر والعجز. والمشهور في التراث قصيدة واحدة للمتنبي على هذا الوزن إذ أن الأغلبية الساحقة لقصائد الرمل يكون صدرها 2 3 4 3 4 3

حتى ليغري ذلك باعتبار وزن الرمل ( ولا بأس من استعمال التفاعيل أداة للشرح لمن لا يعروفون الرقمي)

2 3 – 4 3 – 4 3 = فاعلن مستفعلن مستفعلن في الصدر والعجز

وإذا جاء العجز 2 3 – 4 3 – 4 3 – 2 أعتبر العجز مرفلا.

هذان العاملان بدء الأستاذة بمجزوء الرمل ومجيء شعرها بعد ذلك ( وبعد دراستها التفاعيل ) على الرمل على غرار قصيدة المتنبي دفعني للمقارنة بين القصيدتين

فلنبدأ بقصيدة الأستاذة ووزنها

2 3 2 2 3 2 2 3 2 ... 2 3 2 2 3 2 2 3 ه

فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن ...فاعلاتن فاعلاتن فاعلانْ

ولولا بضع كلمات في القافية لم تنته أواخرها (نون الروي ) بحركة الكسر لجاز لنا إشباع حركة الروي ليكون الوزن:

2 3 2 2 3 2 2 3 2 ... 2 3 2 2 3 2 2 3 2

فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن ...فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن

وسواء كان آخر البيت ( فاعلانْ – فاعلاتْ ) أو ( فاعلاتن ) فالكلمات ذاتها الأمر الذي لا يؤثر على الصياغة وهي لب الموضوع.

أثناء قراءتي لقصيدة الأستاذة خامرني إحساس ما بأن أواخر الأشطر ( 2 3 2 – فاعلاتن )

جاءت وكأن الأستاذة لا زالت مسكونة بمجزوء الرمل ثم ألحقت به إلحاقا ما يتممه ونمّى ذلك الإحساس لدي انتهاء تركيب النص الذي قبلها بانتهاء أواخر كلمات مجزوء الرمل. وهذه الظاهرة تبدو في الأبيات التي تحوي (الأجزاء الملونة) في أواخر الأشطر وهي التي تمثل التفعيلة الأخيرة 2 3 2 في كلمات أو عبارات توافق بداياتها بداية التفعيلة الأخيرة

للشاعرة الأستاذة ريمة الخاني

http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?p=154765#post154765

لست ُ أدري كيف مرت ( بي السنين ) والحنين ُ المرُّ!مرفوع َ الجبين

والسراج ُ الحلو ُ في قلبي تجلى في حروف ِ الود ِّ مزروع َالحنين

جئتَ؟تاه الركب عني ( فانتظرني) كي أساوي بين حبي (والأنين )

عندها صرت ُ المواني ( في شتات ٍ) كي أكون َ الوجد َ ملتاع َ السنين

كيف ألغي النار َ عني ( ياصديقي ) أو أجاري في حضوري (كالرنين)

لست ُ ألغي الظلم عني ( في ثبات ٍ ) أو ضرام ٍ كان من ماض ٍ حزين

أو سوار ٍ أرتديه اليوم صبحاً كي أداري حزن َ وجهي ( كالجنين )

لاتلم أبعاد َ عمر ٍ (فيه أُنسي) قسّموا أوصال َ سعدي ( ساجدين )

لست ُ أدري أنني جرح ٌ تراءى لست ُ أهوى القيد َ مشروع َالسجين

قد ألفت ُ الحزن َدوماً (في اطراد ٍ) والسَراح ُ الحلو ُ في قيد ٍ أمين

لاتلم دمعي كَحرٍ (قد تعالى) أو كنار ٍ تلُهب الخد َّالحزين

ابتعد عني أنادي ( من بعيد ٍ) قد نسينا إذ نستنا (ذي السنين)

عدد العبارات الملونة = 14 عدد الأشطر 22 النسبة = 14÷22 = 0,64

فلنأخذ قصيدة المتنبي ولندرس هذه الظاهرة فيها :

إِنَّما بَدرُ بنُ عَمّارٍ سَحابُ هَطِلٌ فيهِ ثَوابٌ ( وَعِقابُ )

إِنَّما بَدرٌ رَزايا (وَعَطايا) وَمَنايا وَطِعانٌ ( وَضِرابُ )

ما يُجيلُ الطَرفَ إِلّا (حَمِدَتهُ ) جُهدَها الأَيدي وَذَمَّتهُ الرِقابُ

ما بِهِ قَتلُ أَعاديهِ وَلَكِن يَتَّقي إِخلافَ ما تَرجو الذِئابُ

فَلَهُ هَيبَةُ مَن لا (يُتَرَجّى) وَلَهُ جودُ مُرَجّىً (لا يُهابُ)

طاعِنُ الفُرسانِ في الأَحداقِ شَزراً وَعَجاجُ الحَربِ لِلشَمسِ نِقابُ

باعِثُ النَفسِ عَلى الهَولِ الَّذي لَي سَ لِنَفسٍ وَقَعَت فيهِ إِيابُ

بِأَبي ريحُكَ لا نَرجِسُنا ذا وَأَحاديثُكَ لا هَذا الشَرابُ

لَيسَ بِالمُنكَرِ إِن بَرَّزتَ سَبقاً غَيرُ مَدفوعٍ عَنِ السَبقِ العِرابُ

عدد العبارات الملونة 6 ... عدد الأشطر 18 ... النسبة 6/18 = 0,33

وهي لدى شاعرتنا حوالي ضعف هذه النسبة.

هذا من حيث الكم، ولكن موافقة حدود أواخر الكلمات لحدود التفعيلة الأخيرة ليس بالضرورة دليل ضعف في نسج الشعر. كما أن امتداد الكلمة عبر حدود التفاعيل ليس دليلا لوحده على قوة النسج.

فلننتقل الآن إلى نوعية الرابط في الحالين بين هذه العبارات ونسيج عبارات الشطر التي تقدمتها ولنشر إلى العبارات المتواشجة بقوة بتلوينها.

ولنبدأ بقصيدة المتنبي

والآن إلى قصيدة الشاعرة والعبارات أو الكلمات الأخيرة التي بالأحمر لمقارنتها من حيث درجة ترابطها بما قبلها ودرجة قوة استدعاء ما قبلها لها. وكمثال على القصد

عندما نعرف أن الروي الباء المردوفة بالألف في قصيدة المتنبي

ويرد قوله : هَطِلٌ فيهِ ثَوابٌ ...............فإن أي متفاعل مع الحس الأدبي واللغوي يتوقع أن يكون التالي ( وَعِقابُ ).

هل نلمس مثل عندما نقرأ قول الشاعرة :

كي أداري حزن َ وجهي ............في توقع ( كالجنين ) نهاية للعجز ؟

لو أخفيت عني كلمة الجنين وطلب مني أن أكمل البيت لخطرت لي عدة كلمات عبارات منها ( ذا الحزين ) – ( في أنينْ ) – ( كل حين ) .

تقول الأستاذة :

لست ُ أدري كيف مرت ( بي السنين )

جئتَ؟تاه الركب عني ( فانتظرني)

كي أساوي بين حبي (والأنين )

عندها صرت ُ المواني ( في شتات ٍ)

كيف ألغي النار َ عني ( ياصديقي)

أو أجاري في حضوري (كالرنين)

لست ُ ألغي الظلم عني ( في ثبات ٍ )

كي أداري حزن َ وجهي ( كالجنين )

لاتلم أبعاد َ عمر ٍ (فيه أُنسي)

قسّموا أوصال َ سعدي ( ساجدين )

قد ألفت ُ الحزن َدوماً (في اطراد ٍ)

لاتلم دمعي كَحرٍ (قد تعالى)

تهمني مقاربة الصواب فيما أعرض من مواضيع ولكن احتمال الخطأ وارد. والأهم هو النهج بذاته.

http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?p=320623#post320623

وختاما أسجل الملاحظة التالية ( قد نسينا إذ نستنا ذي السنين)

هنا إما أن يكون قصدك ( نَسِيَتْنا ) أو ( أنْستنا ) ولا أدري إن كان يجوز للضرورة الشعرية أن تقولي في أي من الحالين ( نَسَتْنا ) وهو اللفظ الذي يستقيم به الوزن.