fawasel-qafeyah

الفواصل في القرآن الكريم وفيها الردف والروي وسواهما من مصطلحات القافية.

اخترت هذا العنوان لأثير انتباه من يفتعلون معركة وهمية يفترضون فيها أن كل من خالف أهواءهم يشبه القرآن بالشعر.

نفي الشعر عن القرآن الكريم أمر مفروغ منه مسلم به من المسلم والكافر ولا يساوي بين القرآن والشعر من غير المسلمين عاقل.

هؤلاء الذين يفتعلون هذه المعركة كمن يحاربون طواحين الهواء، وهم في ذلك محكومون بتصورهم الخاص وهوى نفوسهم وضحالة معرفتهم. وكثير منهم يخلطون الحق في التصدي للحداثة الهدامة بإلصاق تهمتها بالعروض الرقمي. وهو في الحقيقة أول تأصيل يتم من خلاله التعامل مع فكر الخليل وإثبات منهجيته والرد علميا وبالدليل الرياضي المجرد على كل من تجاوزه أو هاجمه أو جهله.

سنرى ما يكون رأيهم خاصة وأن علماء المسلمين قديما وحديثا يتحدثون عن الفاصلة القرآنية بدلالة مصطلحات القافية - وهي ثاني ركني الشعر - من روي وردف وإطلاق وغير ذلك كما سنرى، وهم في حديثهم هذا يستقصون جماليات القرآن الكريم.

وقبل ذلك أنقل من موقع دار القرآن هذه الفقرة المطابقة لما نردده دوما في العروض الرقمي وخاصة في الحديث عن النسيج القرآني المعجز والمكون من خيوط العربية التي يتكون منها سائر كلام العرب ( متحركات وسواكن أسباب وأوتاد)

http://www.arabsdreams.com/islam/dar_alquran/details.asp@id=374.htm

أن الكلام العربي ـ مطلقاً ـ على ثلاثة أنواع:

قرآن، نثر، شعر، فليس القرآن نثراً وإن استعمل جميع أساليب النثر عند العرب، وليس القرآن شعراً وإن اشتمل على جميع بحور الشعر العربي حتى ما تداركه الأخفش على الخليل فسمي متداركاً وهو الخبب، بل هو قرآن وكفى ﴿إِنَّهُ لَقُرآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ﴾.

وإذا تم هذا فهو كلام الله تعالى وحده، وأن يقاس كلام البشر بكلام الله، هو إذن مميز حتى في التسمية عن كلام العرب تشريفاً له، واعتداداً به، وإن وافق صور الكلام العربي، وجرى على سننه في جملة من الأبعاد، كما يقال عند البعض، أو كما يتوهم، بأن ختام فواصله المتوافقة هي من السجع، فالتحقيق يقتضي الفصل بين الأمرين، لأن مجيء كثير من الآيات على صورة السجع لا توجب كونه هو، أو أنها منه "لأنه قد يكون الكلام على مقال السجع وإن لم يكن سجعاً،

مجلة البحوث الإسلامية

*****

آفاق التفسير

سورة النساء وفواصل سورة الإسراء وسورة الكهف ومريم وطه والفرقان حي بنيت على الألف نحو كبيرا وعليما ونحو أبدا وأمدا ونحو زكريا وخفيا ونحو يخشى ونحو بعض فواصل والضحى ونحو والفجر والبلد والإخلاص وأما ما يقاس بما قبل الآخر فنحو عظيم وكريم وقريش والصيف ويؤمنون ويعلمون لان حرف المد الزائد(1) قبل الحرف المتحرك الذي هو آخر الكلمة هي(2) الفاصلة في اصطلاح أهل هذا الفن(3) فإن لم يكن مشاكلًا لما قبله ولما بعده من رؤوس الآي المثبتة ولا مشبهًا لذلك ولا مساويًا في الزنة والبِيْنَة لم يكن راس آية في سورة رؤوس آيها مبنية على ما ذكر إلا ما ورد به نص كما لا يكون مثله راس قافية في قصيدة مردّفَةٍ(4) مبنية على ياء أو واو قبل حرف الروي(5) الذي هو آخر حرف من البيت لأن رؤوس الآي والفواصل مشبهات برؤوس القوافي من حيث اجتمعن في الانقطاع والانفصال واشتركن في إلحاق التغير بالزيادة والنقصان ولذلك انعقد إجماع العادين على ترك عد قوله تعالى {وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} في سورة النساء لعدم مشاكلته لطرفيه لأن ما قبله {وكيلا} وما بعده {جميعا} وهما مبنيان على الألف وهو مبني على الواو،

***

جمهرة العلوم

قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (فصل: في ضابط الفواصل:

الثاني القياسي: وهو ما ألحق من المحتمل غير المنصوص بالمنصوص لمناسب ولا محذور في ذلك لأنه لا زيادة فيه ولا نقصان وإنما غايته أنه محل فصل أو وصل والوقف على كل كلمة جائز ووصل القرآن كله جائز فاحتاج القياسي إلى طريق تعرفه فأقول فاصلة الآية كقرينة السجعة في النثر وقافية البيت في النظم وما يذكر من عيوب القافية من اختلاف الحذو والإشباع والتوجيه فليس بعيب في الفاصلة وجاز الانتقال في الفاصلة والقرينة وقافية الأرجوزة من نوع إلى آخر بخلاف قافية القصيد.

ومن ثم ترى: {يَرْجِعُونَ} مع: {عليم} و: {الْمِيعَادَ} مع: {الثَّوَابِ} و: {الطَّارِقُ} مع: {الثَّاقِبُ}

*

والأصل في الفاصلة والقرينة المتجردة في الآية والسجعة: المساواة ومن ثم أجمع العادون على ترك عد {ويأت بآخرين} {ولا الملائكة المقربون} في النساء {وكذب بها الأولون} بسبحان و{لتبشر به المتقين} بمريم و{لعلهم يتقون} بطه و{من الظلمات إلى النور} و{أن الله على كل شيء قدير} بالطلاق حيث لم يشاكل طرفيه

*

- قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَلِيّ مُوسَى (ت: 1429هـ): ( (1) قوله: (الحد والإشباع والتوجيه) من ألقاب القافية في الشعر وقد ذكرها الشارح لان الفواصل مشبهات برؤوس القوافي من حيث اجتمعن في الانقطاع والانفصال واشتركن في لحاق الزيادة والنقصان كما سيصرح به الشارح فيما بعد؛ فذكر الحد والإشباع والتوجيه لبيان أن ما يوجد منها في فواصل القرآن الكريم لا يعتبر عيبًا فيها، إن اعتُبر عيبًا في قوافي الشعر.

والمراد بالحد: اللقب، وحدود القافية ألقابها وهي ساكنا القافية كالياء والباء من قولك: قرِيْبْ. وقد يكون بينهما متحرك أو متحركان لو ثلاثة أو أربعة.

والمراد بالإشباع: هو حركة الدخيل بأي حركة وهو من حركات القافية كما في (جداول)

والمراد بالتوجيه: هو حركة ما قبل الروي المقيد أن الساكن كالفتحة على السين من قولك اتَّسعْ. وكقولك: لم يقُلْ، وهو من حركة القافية. [انظر ميزان الذهب في صناعة شعر العرب للسيد الهاشمي ص118].

*************

وللأستاذ محمد الحسناوي

من المعلوم أن لكل من القرآن الكريم والشعر والنثر مصطلحاته الفنية الخاصة به ، فنظام التقفية يطلق عليه في القرآن (الفاصلة ) وفي الشعر ( القافية ) وفي النثر ( السجع ) ، ومن أوائل من ثبت هذه المصطلحات الجاحظ بقوله : ( سمّى الله تعالى كتابه مخالفاً لما سمّى العرب كلامهم على الجملة والتفصيل ، سمّى جملته قرآناً ، كما سمّوا ديواناً ، وبعضه سورة كقصيدة ، وبعضه آية كالبيت ، وآخرها فاصلة كقافية ) (1) . وهذا لم يمنع الدارسين من إجراء المقارنات بين هذه المصطلحات ، أو نقل جزئيات منها إلى الأخرى ، أو التماس التقاطعات بينها ، وهو ما سنعمد إليه في هذه الدراسة .

*

متى يكون الألف حرفَ رويّّ في التقفية :

يرى العروضيون أن (الألف) تصلح للرويّ والوصل إذا كانت أصلية ، أي من بنية الكلمة ، وكان ما قبلها حرفاً مفتوحاً ، إذا أورد الشاعر ، في قافيته ، مثل ( هُدَى – مُنى – ضَنَى – عفا ) ، ولم يلتزم الحرف الذي قبلها ، فإنه يكون قد عدَّ الألف رويّاً ، وتسمى القصيدة عندئذ مقصورة . أما إذا التزم الشاعر الحرف الذي قبل الألف ، سواء كانت الألف أصلية أم للإطلاق ، فإن الألف ، حينئذ تعدّ ألف وصل ، والحرف الملتزم به قبلها هو الرويّ (2) .

أما فواصل القرآن الكريم فقد سوّت بين الألف الأصلية وغير الأصلية حين جاء الحرف الذي قبلها حرفاً مفتوحاً ، ولم يلتزم الحرف الذي قبلها ، فسورة (الكهف ) ، لم ترد في فواصلها الألف المقصورة إلا مرة واحدة ( نحن نقصُّ عليكَ نبأهم بالحقِّ . إنهم فتيةٌ آمنوا بربِّهم ، وزِدناهم هُدى ) ( الكهف :الآية 13) وبقية الفواصل جاءت ألفاً ممدودة . أما سورة ( طه) ، فقد جمعت بين فواصل الألف المقصورة ( 85 خمساً وثمانين فاصلة ) ، وبين الألف الممدودة ( 28 ثماني وعشرين فاصلة ) على صعيد واحد .

*

كما ويقول الزركشي (58/1)

" قال وأظن أن الذى دعاهم إلى تسمية كل ما فى القرآن فواصل ولم يسموا ما تماثلت حروفه سجعا رغبتهم فى تنزيه القرآن عن الوصف اللاحق بغيره من الكلام المروى عن الكهنة وغيرهم وهذا غرض فى التسمية قريب والحقيقة ما قلناه

ثم قال والتحرير أن الأسجاع حروف متماثلة فى مقاطع الفواصل

فإن قيل إذا كان عندكم أن السجع محمود فهلا ورد القرآن كله مسجوعا وما الوجه فى ورود بعضه مسجوعا وبعضه غير مسجوع قلنا إن القرآن نزل بلغة العرب وعلى عرفهم وعادتهم وكان الفصيح منهم لا يكون كلامه كله مسجوعا لما فيه من أمارات التكلف والاستكراه والتصنع لا سيما فيما يطول من الكلام فلم يرد كله مسجوعا جريا منه على عرفهم فى اللطيفة العالية من كلامهم ولم يخل من السجع لأنه يحسن فى بعض الكلام على الصفة السابقة وعليها ورد فى فصيح كلامهم فلم يجز أن يكون عاليا فى الفصاحة وقد أدخل فيه بشرط من شروطها فهذا هو السبب فى ورود بعضه كذلك وبعضه بخلافه

وخصت فواصل الشعر باسم القوافى لأن الشاعر يقفوها أى يتبعها فى شعره لا يخرج عنها وهى فى الحقيقة فاصلة لأنها تفصل آخر الكلام فالقافية أخص فى الاصطلاح إذ كل قافية فاصلة ولا عكس

ويمتنع استعمال القافية فى كلام الله تعالى لأن الشرع لما سلب عنه اسم الشعر وجب سلب القافية أيضا"

****

جاء في الإتقان لجلال الدين السيوطي (318/1)

" وكل رأس آية فاصلة وليس كل فاصلة رأس آية. قال: ولأجل كون معنى الفاصلة هذا ذكر سيبويه في تمثيل القوافي: يوم يأت، وما كنا نبغي،وليسا رأس آية بإجماع مع: إذ يسر، وهورأس آية باتفاق. وقال الجعبري: لمعرفة الفواصل طريقان: توقيفي، وقياسي. أما التوقيفي فما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم وقف عليه دائما تحققن أنه فاصلة، وما وصله دائما تحققن أنه ليس بفاصلة، وما وقف عليه مرة ووصله مرة أخرى احتمل الوقف أن يكون لتعريف الفاصلة أولتعريف الوقف التام أوللاستراحة،

*****

إذن ثمة إجماع على صحة ما يلي :

1- استعمال تعبير الفاصلة في القرآن الكريم تنزيها لكتاب الله عن الشعر،

ويستعملون في الشعر تعبير القافية

2- بينهما أمور مشتركة

3- استعمال ذات المصطلحات في وصف كل من الفاصلة والقافية من روي وردف ...... إلخ

الشيخ أيمن سويد في موضوع ( المقامات الموسيقية والقرآن الكريم ) في الدقيقة 30:32 من تسجيله يبين أن مبحثي طبقات الصوت وأزمنة التطويل " مشتركان بين الموسيقى والتجويد " ولا يترتب على ذلك أن يتهم بالقول إنه يساوي بين القرآن والموسيقى.

لماذا فقط وبعد التأكيد القاطع لبدهية أن القرآن الكريم ليس بشعر تثور ثائرة بعضهم عندما يتم تناول بعض جماليات القرآن وشرح بعض أحكام التجويد بالإفادة من آليات العروض الرقمي يُدعى بالثبور وعظائم الأمور أي انفصام هذا !

" ما لكم كيف تحكمون "

******

أما وثمة إجماع على المصطلحات الموحدة بين الفاصلة والقافية كما والمقارنة بينهما وتبيان وجوه اتفاقهما واختلافهما، ففيما يلي تمثيل بياني لقوافي بعض الآيات الكريمة مرددا مع كل نقطة وحرف ولون ما يقر به حتى غير المسلمين من أنّ (القرآن الكريم ليس شعرا )

ويلاحظ في الشكل أن الفاصلة تبدأ بالرقم 2 كما في القافية.