إشباع حركة الهاء

ضمير الهاء المتصل من حيث الإشباع وعدمه

قرأت مرة في أحد المنتديات عن إشباع ضمير الهاء المتصل في آخر الكلمة. وكلما حاولت تذكر التفاصيل نسيت ذلك. ثم قرأت كلام الأستاذ محمد ب. في مرجعية القرآن الكريم في كثير من أمور اللغة، وتذكرت الهاء وأنا أتلو سورة الكهف.

وإليكم بعض مواضع الضمير التي مررت بها مع خلاصة التعبير الرقمي الذي رأيته يجسد القاعدة.

الخطوات والخلاصة

1- قم بالتعبير عن وزن الهاء وما قبلها بدلالة الرقمين 1 و 2

2 – الهاء وما قبلها أما 1 2 أو 2 1 دائما بغض النظر عما يليها ( باستثناء أل التعريف )

2أ- إن كان ما قبل الهاء 1 أشبعت لتكون معه = 1 2

2ب- إن كان ما قبل الهاء 2 لم تشبع لتكون معه 2 1

مع تعميم عدم الإشباع إن تلت الهاء أل التعريف

هذا ما استخلصته والله أعلم. وفيه يظهر أن إشباع الهاء أو عدمه متوقف على ما يسبقها، وبعبارة أوجز إن سبقها حرف مد أو حرف ساكن لم تشبع، وإن سبقها متحرك تشبع. وما خالف ذاك في الشعر يعتبر خروجا عن الأصل في اللغة ولعله يدخل في باب الضرورة. وكل ذلك في الشعر لا يتعلق بالضرب. بل بالحشو وبالعروض في غير التصريع.

هذه خلاصة مبدئية وقد لا تمثل الظاهرة بشكل تام فالرجاء ممن يجد ما يخالفها أن يزودني به مشكورا.

وجدت للبحتري

مسيرٌ تلّقّى الأرضُ منْهُ (هـُ) ربيعَها .........ويبهج عنْهُ (هو) حَزْنُها وسهولها

هنا نرى الهاء في الصدر مطابقة للقاعدة، وليست مطابقة لها في العجز، ولا تبدو لي في العجز شاذة ولا أرى في إشباع حركتها ما يصاحب الضرورة من تكلف. فهل من رأي سديد في الأمر ؟

صحيح أن العجز لو كان نصه، ويبهج عنهُ (هـُ) الحزن ثم سهولها، لم تشبع ولوافقت القاعدة.

لننظر في وزن النصوص التالية:

ويبهج عنْهُ (هو) حَزْنُها وسهولها = 3 1 3 2 2 3 1 3 3

ويبهج عنهُ (هـُ) حزْنها وسهولها = 3 1 3 3 3 1 3 3

ويبهج عنهُ (هـُ) الحزن ثم سهولها = 3 1 3 2 2 3 1 3 3

مما سبق لي استقراؤه أن ورود (333) ثلاثِ ثلاثات يعتبر من الزحافات الثقيلة في البحور ثنائية التفاعيل (كالبسيط والطويل) ولعل الفطرة استساغت إشباع حركة الهاء خلافا للقاعدة (إن ثبتت صحتها) ودون شعور بالتكلف في ذلك شأن بقية الضرورات لما ينجم عن عدم إشباعها من ثقل في الوزن أكثر من أثر الإشباع خلافا للقاعدة. فكأن إشباعها أخف الضّررين.

ومن الأمثلة على ثقل 333 في الطويل صدر بيت كثير عزة:

أريد الثواء عندها وأظنها..........إذا ما أطلنا عندها المُكْثَ ملّتِ

3 2 3 3 3 1 3 3 ..............3 2 3 2 2 3 2 3 3

ومن أمثلته في البسيط ما نقله الدكتور إبراهيم أنيس من المفضليات:

باكرته قبل أن تُلغى عصافره...........مستخفيا صاحبي وغيره الخافي

4 3 2 3 4 3 ((4) ...............4 3 2 3 3 3 4

-----------------------

وددت أن أنقل النقاش هنا لما فيه من فائدة في مضمونه وأسلوبه واللون الأزرق كلام أستاذي محمدب.

لم أفهم بصراحة القاعدة وكيف في "كان عنه مسؤولاً" سبقت الهاء بالرقم 1 فما أراه أنها سبقت بسكون أو سبقت بسبب خفيف -حركة حركة سكون وهي ما يعبر عنه الأستاذ في حدود علمي بالرقم 3

أخي محمد قلتُ في ( عنهُ مسؤولا) ، هـُ الهاء المضمومة =1 وما قبلها عنْ 2، فهي مسبوقة بالرقم 2، ولم أقل هي مسبوقة بالرقم1

أما عن الرقم 3 فصحيح أنه 1 2 ولكني عالجت الموضوع هنا كما في القافية فكلمة جميلُ

جمي لو = 3 2 ولكن القافية منها هي ما بين القوسين : جَ 1 (مي 2 لو 2)

وكنت فيما مضى اقتصرت على القول إن هاء الضمير (يجوز) إشباعها.

أي للشاعر أن يشبعها أو لا يشبعها

نعم قلت ذلك وهنا محاولة لاستخراج قاعدة، لا أتوقع أن تنجح من المحاولة الأولى وربما نتوصل إليها بالحوار معا.

ولو أخذنا أبياتاً:

كدعواك كل يدعي صحة العقل..ومن ذا الذي يدري بما فيه من جهل

هنا (فيه) لم تشبع هاؤها

هنا فيهِ شأنها شأن عنهُ ( في عنه مسؤولا)

وخذ بيتا من اختراعي

أخذناه بما فيه عروضاً..تراقم بعد تفعيل طويل!

فأشبعت الهاء (بما فيه) يا مولانا

وهل للإشباع علاقة بما بعد الهاء؟

ننظر في الأمر لاحقاً إن شاء الله

نعم هنا لا تنطبق القاعدة، في كلتا الهائين (أم الهاءين؟)

لنأخذ قراءتين الأولى بالإشباع والثانية بدون إشباع

أخذْ نا هو بما في هي عروضا = 3 2 2 3 2 2 3 2

أخذ نا هُـ بما في هـِ عروضا = 3 2 1 – 3 2 1 – 3 2

واضح هنا أن النقص الذي ينجم عن عدم إشباع الفاء زحاف ثقيل، وتجنبه دعا إلى إشباعها وإذن هي تأثرت بالسياق العروضي وذلك يشمل ما بعدها.

ولعل الدليل على ذلك أنك لو كنت تقرأ نثراً لما استثقلتَ قولَك :( أخذناهُ بما فيهْ عروضا= 3 2 1 3 2 1 3 2)

كما أننا فيما يخص بيت البحتري:

مسيرٌ تلّقّى الأرضُ منْهُ (هـُ) ربيعَها .........ويبهج عنْهُ (هو) حَزْنُها وسهولها

لم نكن لنضطر للإشباع لو كنا نتكلم نثرا ونقول :" ويبهج عنهُ حزنها = 3 1 3 3 3 ) دون إشبا، بل لم نكن لنشبع في الشعر، لو قلنا

مسيركَ في ديار بني أبيها ....ليبهجُ عنهُ في ندمٍ يليها ( بغض النظر عن المعنى)

فهنا انطبقت القاعدة

وكذلك لو قلت:

رأيتُهُ في الأحلام يأتي ويذهبُ .......كأنّي به فيما يحاول ثعلبُ.

فهنا (رأيتُهُ ) الهاء بلا إشباع، ولو كنت ناثرا لقلت :" رأيتهُ (هو) في الأحلام) مما يدل على أن عدم إشباعها ( رأيتــه في الأحلام) جاء لضرورة الوزن.

ثم رجعت لبعض آي الذكر في سورة الكهف فوجدت في قوله تعالى ( على عبده الكتاب) بلا إشباع، و(تذروهُ الرياح) بلا إشباع.

وهنا يمكن أن نقول إن الهاء إذا تبعتها أل التعريف الشمسية أو القمريةلم تشبع بغض النظر عما قبلها

فإذا لم يكن بعدها أل التعريف انظبقت القاعدة.

وهنا إعادة لصياغة قد تكون أدق.

1- تتأثر الهاء بما بعدها إن كانت أل التعريف فلا تشبع الهاء في هذه الحالة

2 - في غير هذه الحالة يقرر ما قبل الهاء إشباعها من عدمه في النثر على النحو التالي:

قم بالتعبير عن وزن الهاء وما قبلها بدلالة الرقمين 1 و 2

الهاء وما قبلها أما 1 2 أو 2 1 دائما بغض النظر عما يليها

2أ- إن كان ما قبل الهاء 1 أشبعت لتكون معه = 1 2

2ب- إن كان ما قبل الهاء 2 لم تشبع لتكون معه 2 1

3 – في الشعر تتأثر الهاء بسياق الوزن فتسير على القاعدة ما لم ينتج عن القاعدة خروج على الوزن أو زحاف ثقيل.

وهذا يذكرنا بعجز بيت البحتري:

وتماسكت حين زعزعني الدهــ.............ــرُ التماساً منه لتعسي ونكسي

وللمتنبي :

تَعَثَّرتْ بهِ ( هِ) في الأفواهِ ألسنها ..... والبُرْدُ في الطُّرقِ و الأقلامُ في الكتب

أتمنى أن نستمر في التقدم في هذا الحوار حتى نتوصل إلى صيغة توافق القرآن الكريم. فإن وفقنا في ذلك فلعل الخروج عندها على قاعدة الهاء التي توافق القرآن الكريم لعل الخروج عليها في الشعر يعتبر للضرورة وكذلك مقياسا لثقل الزحاف أو استساغته.

قد نكون الآن أقرب.

-------------

بعد ما تقدم سألني أخي عبد الله الأقزم

لديَّ سؤال يتعلَّق بإشباع الضمير

هل يجب إشباع الضمير إذا كان قبله حرف متحرك كقولي

قطيفٌ كلها بستان حب ( ربيعهُ ) ما أتى يوماً قطيفا

أرجو أن تفيدونا بالحكم مع الأدلة و الشواهد إن كان الإشباع هنا واجباً أو جائزاً

وسؤاله يتداخل مع صلب الموضوع المتقدم.

أقرأ الآن كتاب (ضرائر الشعر لابن عصفور ووجدت في تقديمه ولعل القول لواضع حواشيه أو ناشره فهو بدون توقيع ما يلي:"...........فإن للشعر جوازات لا يحق لأحد استخدامها إلا الشعراء البارزين في فنهم وفي أسلوبهم ومن هنا جاءت الضرورات الشعرية التي كان لا بد منها لبعض القصائد."

وجاء بعد ذلك في تقديم آخر لم يذكر صاحبه :" أما بعد، فإن أئمة النحويين كانوا يستدلون على ما يجوز في الكلام بما يوجد في النظام، والاستدلال بذلك لا يصح إلا بعد معرفة الأحكام التي يختص بها الشعر، وتمييزها عن الأحكام التي يشركها فيه النثر"

ولئن كان هذا يتعلق بأئمة النحو في نحوهم فهو بمن هم دون ذلك هل العروض في عروضهم أولى، في أمر إشباع الهاء وسواها. ولعل ذلك يبين سلامة رجوعي إلى القرآن الكريم في أمر الهاء كما تقدم، ولم يأت مخالفا لهذا الرأي من أمر إشباع الهاء – في حد علمي- إلا قوله تعالى (الفرقان-69):" يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ (ي) مُهَانًا " ولعل مد الهاء هنا بإشباعها لا يخلو من حكمة محاكاة امتداد العذاب. ونجد في القرآن الكريم مقابل هذا قوله تعالى (يونس -103)": ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ" فحذف ياء ( ننجي) هنا دون جازم لعل حكمته تقصير اللفظ والتسريع به إشارة إلى سرعة إنجائه عز وجلّ للمؤمنين. صحيح أن الأمر هنا لا يتعلق بالهاء ولكن وجه الكلام واحد.

ثم يقول ابن عصفور في باب ( ذكر ما يحتمله الشعر:" إعلم أن الشعر لما كان كلاما موزونا يخرجه [ تخرجه؟ ] الزيادة فيه والنقص عن صحة الوزن، ويحيله عن طريق الشعر، أجازت العرب (فيه) ما لا يجوز في الكلام، اضطروا إلى ذلك أم لم يضطروا إليه، لأنه موضوع ألفت فيه الضرائر."

ومن هنا لا أجد في أمر الهاء وإشباعها غير ما تقدم ولا يصح ذلك إلا إن عددنا ما خالفه من ضرائر الشعر.

أنظر إلى بيت البحتري:

وتماسكت حين زعزعني الدهـ (م) ـر التماسا منه ( منهُ أم منهو) لتعسي ونكسي

فإن طواعية لفظ الهاء بإشباع ( لا بد منه كما يرى الأخ محمد ب) ودون إشباع كما قد يرى الدكتور أحمد مستجير يترتب عليه عليه قبول أو رفض وجود ( مســتفع لن ) أو جواز تداخلها مع ( مستفــعلن ) وما يترتب على ذلك في بحور دائرة المشتبه. وهو حديث يطول. وكما قلت قد يختلف الأمر في الهاء وسواها في الشعر تبعا للضرورة بحيث أرى أن اللجوء للقرآن الكريم في استخلاص الحكم في أمر إشباع الهاء أقوم وأسلم.

ألا ترى طريقة لفظ لفظ الجلالة في بيت الشعر :

يا راكب الشملّهْ ..........بالله ثمّ باللّهْ

باللاهِ مرة وبالله أخرى مرده إلى ضرورة الوزن في العجز، والأمر هنا متعلق بحذف الألف بعد اللام وقبل الهاء، ولكن اللفظة الثانية لا تصح قاعدة للكلام في غير ضرورة الشعر.

والله أعلم.

الصلة في التلاوة :

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/selah

لماذا الرقمي - alarood