dr-ahmed-salem

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/r-10/dr-ahmed

https://sites.google.com/site/alarood/d-ahmed-salem-manhaj

https://sites.google.com/site/alarood/ahmad-salim-again

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/dr-ahmed-salem

يبدو لي مبدئيا من مقدمة كتاب أستاذي د. أحمد سالم أنه يستحق أن يوصف بالمنهج لشموله وتقديمه العروض بطريقة جديدة يلوح لي من وصفه لها أنها مطردة.

وهذا ما يبشر بجعل الحوار حوله مثريا.

استحقاق وصفه بالمنهج شيء وتقييم ذلك المنهج شيء آخر.

أي منهج يمكن تقييمه على مستويين حسب

أ- معطياته الذاتية وهذا يبين الاتساق والاطراد الذاتيين.

ب - سواه من المناهج. وهذا يبين ما فيه من صواب أوخطأ حسب المنهج الذي يتخذ مرجعا في تقييمه.

مثال ذلك:

أ - الشيوعية ذات منطق منسجم ذاتيا

ب- حسب مرجعية الإسلام يُحكم عليها ببطلان منهجها رغم انسجامه الذاتي.

وعدم الانسجام الذاتي في أي طرح ينزع عنه صفة المنهج كما ينزع ذلك عنه عدم شمول أحكامه للظاهرة التي يتناولها . وحتى في غير المناهج فإن عدم الانسجام الذاتي يبطل الدعوى.

ومثال ذلك من يأتي بشعر يراه على [بحر جديد] ثم يتفاوت الوزن بين بيت وآخر، دونما وجود ما يفسر ذلك التفاوت .

ويحسن في هذا الباب الاطلاع على موضوع المنهج واللامنهج

استعمل أستاذنا اللونين الأسود والأحمر وأنا سأستعمل اللون الأزرق في التعليق

سأورد ما يتبادر لذهني من تداعيات سواء كانت مع ما ذهب إليه أستاذنا أو نقدا له أو كشفا لتقاطع ذلك مع سواه من آراء العروضيين أو سوى ذلك.

***

فقه العروض

https://www.facebook.com/groups/1677764515879044/

قواعد البناء الموسيقي للشعر العربي

كما لم تُعرف من قبل

تأليف

أحمد سالم

[ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار ٍ]

مقدمة

لم نجد علما من العلوم نشأ كاملا وتم صياغة قواعده مرة واحدة على يد عالم واحد , فهل علم العروض الذي وضعه الخليل (1) هو الاستثناء بين العلوم كلها ؟

سواء كان استثناء أو لم يكن فإن علم العروض جاء مكتملا على يدي الخليل، مثله في ذلك مثل الجدول الدوري في استقصائه للعناصر ما اكتشف منها وما لم يكتشف

يجيب الخليل بكل تواضع عن هذا السؤال حيث يقول (2) :

إن العرب نطقت على سجيتها وطباعها , وعرفت مواقع كلامها , وقام في عقولها علله , وإن لم ينقل ذكر عنها , ومثلي مثل رجل حكيم دخلت دارا محكمة البناء عجيبة النظم والأقسام فتيقنت حكمة بانيها , وكلما وقفت على شيء منها قلت : إنما فُعل هذا هكذا لعلة كذا وكذا , واعتللت أنا بما عندي , فإن أصبت العلة فهو الذي التمست , وإن سنح لغيري علة هي أليق مما ذكرته فليأت بها .

يطلق الخليل الدعوة لغيره أن يأتي بما لديه من جديد , شريطة أن يكون أليق مما جاء هو به .

الحق واحد ولا يتكرر. وأيسر ما يكون إدراك ذلك عندما يمكن التعبير عنه رياضيا. الخط المستقيم بين نقطتين لا يتغير، ومحيط الدائرة ذات نصف القطر الثابت لا يتعدد. ومن درس منهج الخليل

كما يقدمه الرقمي يدرك أنه بهذه البساطة وهذه الدقة وهذا الشمول والاطراد.

هذه الدعوة التي أطلقها الخليل لسواه دعوة موضوعية تدل على تواضع الخليل، ولو كانت من سواه لاعتبرتها تحديا. وقد بلغ من ثقتي بفهمي لمنهج الخليل أن أقول: إن أي منهج جديد يفي بوصف

واقع الشعر العربي بشمول واطراد لن يعدو أن يكون صورة من منهج الخليل أخرجت بأسلوب مختلف. وإلا فإنها تقترب أو تبتعد عن الصواب بقدر قربها وابتعادها عن مضمون منهج الخليل.

وفي حال ثبت غير ذلك فإن فهمي لمنهج الخليل يكون ناقصا بمقدار ما يثبت من غير ذلك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي , رائد من رواد علوم العربية , ومؤسس علم العروض , وصاحب معجم العين أول معجم للغة العربية , توفي - على المشهور - في البصرة سنة 174 هـ 789م بخلافة هارون الرشيد.

(2) معجم ياقوت الحموي 6/74 بتصرف . فالخليل وإن كان يتحدث هنا عن العلة والمعلول إلا أن إجابته تمثل منهجا عاما في تصنيفه لعلوم العربية هو وغيره من العلماء.

فهل استجاب علماء العروض بعد الخليل لهذه الدعوة ؟

يصف لنا أبو الحسن العروضي - المتوفى سنة 342 هجرية - حال علماء العروض بعد الخليل - المتوفى سنة 174 هجرية - فيقول :

( فإني رأيت جماعة ممن ألف في هذا العلم كتبا , فكل أتى بما ليس فيه مقنع , بل زاد الشيء انغلاقا وصعوبة , ولم يشف غليلا , ولا أوضح سبيلا , ولا فرج كربة ولا غمة , وإنما فضل المتأخر على المتقدم , زيادة في شرح لفظ يستغلق , أو حل شك يلتبس , ففتحه بذهنه وكشفه , ورأيت بعضهم لم يزد في نقله على من تقدم شيئا البتة ,غير أنه نقل الشيء من أوله إلى آخره ثم نحله نفسه .)(1)

ولا أبالغ إن قلت : أن الحكم الذي أطلقه أبو الحسن العروضي يمتد ليشمل علماء العروض للألف عام التالية له .عن

أتفق معك أستاذي، ذلك لأنه يصدق على جل العروضيين قول الأستاذ ميشيل أديب حول كتب العروض في مجلة الموقف الادبي العدد 373 أيار 2002:" وأكثر ما يعيب كتب العروض القديمة والحديثة، أنها، على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف الخليل عن أسرارها، لم تحاول تحليل العملية الذهنية التي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه القمَّة الرياضية التي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ ."

وبتعبير الرقمي، إن غياب الوعي على منهج الخليل في ظل سيادة منهج الحفظ على حساب منهج التفكير هو المسؤول عن ذلك.

وعلى الرغم من اختلاف بعض علماء العروض مع الخليل في مسألة هنا وأخرى هناك , وفي بعض الجزئيات والفروع (2), سواء منهم القريب العهد به كالأخفش , ومن أتى بعده في العصور المختلفة كالجوهريوحازم القرطاجني وغيرهم , إلا أن أحدا منهم لم يمس القواعد الأساسية التي وضعها الخليل , فساروا جميعا على نهجه, واقتفى كل منهم أثره , ما جعل إسهامهم في التراكم المعرفي عبر تلك العصور يبدو متواضعا إذا ما قورن بعمل الخليل .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجامع في العروض والقوافي لأبي الحسن العروضي صـ 33 , تحقيق الدكتور : زهير غازي زاهد , والأستاذ : هلال ناجي .

(2) وأحيانا في مسائل يراها البعض هامة كما يقول د. محمد العلمي في مقدمة كتابه العروض والقافية دراسة في التأسيس والاستدراك صـ 7 (أما الجوهري والقرطاجني فإن دراسة عملهما ترجع لمخافتهما للخليل في أمور مهمة ) .

نظرة سريعة على عروض الخليل :

بداية يجب أن نعرف كيف وضع الخليل علم العروض , وكيف قام ببناء النموذج النظري له , ومدى اقتراب هذا النموذج من الواقع الشعري الذي درسه الخليل واعتمد عليه في التقعيد .

ومن المعلوم أن كتاب الخليل في علم العروض ضاع في الميدان كما يقال , وأن ما وصلنا من علمه قد تواتر إلينا في كتب العروض التي ينسب كل منها لأحد العلماء ؛

إن القبول بمقولة ضياع كتاب الخليل دون تأمل أو أدنى شك، طيلة قرون مظهر من مظاهر سيادة منهج الحفظ بشكل عام على الأمة على حساب منهج التفكير.

أليس من المنطقي أن نتساءل كيف كان العرب حريصين على نقل بيتين من الشعر لأعرابي ناء في الجاهلية ثم يضيع منهم كتاب الخليل الذي ألف في أزهى أيام وحواضر الحضارة الإسلامية ؟ على معرفة أهل زمانه ومن تلاهم بجلالة قدره.

هل من تفسير لذلك ؟

أجل لدي تفسير لا أملك دليلا تاريخيا عليه ولكن فيه من المنطق ما يجعله يرجح على الاحتمال الآخر أو يتشاوى معه، أعني الاحتمال الذي يسلم بضياع الكتاب دون تفسير.

التفكير واحد. ولا يمكن أن يكون الإنسان مفكرا في باب ومعطلا لفكره في باب آخر. والتفكير كاشف لكل تزييف وانحراف. وقد حاربه أهل أديان حرفوها.

لقد مرت الأمة بأوضاع كان من مصلحة ذوي المصالح تعطيل التفكير لأنه يتناقض مع تلك المصالح وما ألفته من آثار. وكان منهج الخليل بشموليته مثالا يمكن أن يحتذى في غير العروض. ولهذا كان من المنطقي طمس كتابه أو حرقه والاكتفاء بالأحكام الجزئية التي يمكن استغلالها في صياغة التفكير مجزءً وتمكين منهج الحفظ.

هل توقف الأمر في ذلك عند العروض ؟ وهل هو غائب في يومنا هذا عما هو أهم من العروض ؟

يمنعني من الاستطراد في هذا ما يمكن أن يكون تماديا مني في تصوير عبقرية الخليل. وكثيرا ما تساءلت : هل يمكن لعبقرية الخليل بما تأتلق به من شمولية رياضية مستنيرة أن تتوقف في نتاجها الفكري على المجال اللغوي دون سواه مما يهم الأمة ؟

ولأن ما يعنينا في المقام الأول هي الأفكار ذاتها , نتفق معها أو نختلف , وليس البحث في مدى صحة ما نسب للخليل أو لغيره , لذلك إن قلنا في كتابنا هذا يقول الخليل كذا , أو يرى الخليل كذا , أو فعل الخليل كذا , قصدنا ما نُسب إليه في تلك الكتب , سواء بلفظ صريح , أو كان رأيا ضمنيا , أو قاعدة ضمنية استخلصها صاحب الكتاب مما وصله عن الخليل , أو استخلصناها نحن من مجموع ما وصل إلينا متواترا وإن لم نجدها بنص صريح .

وإذا وجدنا رأيا منسوبا لغير الخليل ويتفق مع ما وصلنا إليه في بحثنا هذا نسبناه لصاحبه استئناسا به , وخاصة إذا كان من أعلام علم العروض , ويتمتع بالثقة والثقل عند علماء وطلاب هذا العلم .

وإن ذكرنا شيئا وصلنا إليه ولم ننسبه لأحد , واتفق أن ذكر في كتاب من قبل , قبلنا فيه أول رأي , ولم ننازع فيه أحدا , فما نقدمه في كتابنا هذا ليس بحثا في الجزئيات من أجل الجزئيات , لكنه إعادة بناء علم العروض من جديد بعد استخلاص واصطفاء ما نحتاجه من البناء القديم .

كيف وضع الخليل علم العروض :

يقول الأخفش : (أما وضع العروض , فإنهم جمعوا كل ما وصل إليهم من أبنية العرب , فعرفوا عدد حروفها ساكنها ومتحركها)(1).

---

اكتشف الخليل أن الإيقاع الموسيقي للشعر العربي ينشأ من التتابع المنتظم والمتكرر للح-ركات والسكون المصاحب للحروف , فجمع ما استطاع من الشعر العربي , وقام بفصل تلك التتابعات والتي سماها الأوزان , فحصل على أربعة وثلاثين وزنا متنوعا للشطر الأول , ويأتي الوزن في الشطر الثاني إما مماثلا للشطر الأول , أو تختلف نهايته قليلا , ليزيد العدد إلى ثلاثة وستين وزنا , فيكون لكل وزن في الشطر الأول واحدا أو أكثر من الأوزان في الشطر الثاني .

ثم جاءت مرحلة تجريد القواعد من السماع , ثم بناء النموذج النظري , فبعد أن عكف الخليل على دراسة وتحليل ما جمع من أوزان وجد أن مادتها الأولية التي تتكون منها جميعا هي الحركة والسكون(2), وتنتظم في عدة مقاطع إيقاعية (الكلمات الإيقاعية) , وضع لها رموزا كما وضع لها أسماء وهي :

هذا أمر العروض أما علم العروض فينطلق من رمزين هما السبب 2 والوتد 3 واضع بقية الرموز لتعريف من لم يدرس الرقمي بذلك.

حركة فسكون / O السبب الخفيف = 2

حركتان // السبب الثقيل = (2)

حركتان فسكون //O الوتد المجموع = 3

حركة فسكون فحركة /O/ الوتد المفروق = 2 1

ثلاث حركات فسكون ///O الفاصلة الصغرى = 1 3 = (2) 2

أربع حركات فسكون ////O الفاصلة الكبرى = 1 1 3

وأضيف إلى هذه الرموز ما يعرف في الرقمي بالمنطقة الوتدية أو التوأم الوتدي وهو الواقع على المحاور 9 - 8 - 5 من دائرة (د- المشتبه) = 2 1 2 أو ]2[ 3

حيث ]2[ = سبب غير قابل للزحاف.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كتاب العروض للأخفش تحقيق سيد البحراوي باب تفسير العروض صـ 45.

(2) ولأن الحركة و السكون لا تكون إلا مصاحبة للحروف فالعروضيين يستخدمون المتحرك والساكن بدلا من الحركة والسكون .

التفاعيل العشرة المستعملة والتفعيلة المهملة :

لاحظ الخليل أن الكلمات الإيقاعية الأربعة الأولى السابقة

(السبب الخفيف , السبب الثقيل , الوتد المجموع , الوتد المفروق) تنتظم معا لتكون عشرة أجزاء (الجمل الإيقاعية) مستعملة , وجزءا واحدا مهملا , كل منها يحتوي على وتد واحد مجموع أو مفروق ومعه سبب أو سببان , فوضع لكل جزء منها كلمة صوتية مجردة من المعنى , تحمل حروفها وزن الجملة الإيقاعية , سماها التفاعيل أو التفعيلات أو الأجزاء (وحدات الوزن) .

والتفعيلات تنتظم معا لتكون الأوزان (العبارات الإيقاعية) , سماها الخليل البحور و مجزوءاتها .

استخدم الخليل عشرة حروف لصياغة أسماء التفاعيل مجموعة في قولهم لمعت سيوفنا على مثال تفاعيل علم الصرف , لكن في مطلق الوزن بها بقطع النظر عن كون الحروف أصلية أم زائدة .

وإليك أسماء التفاعيل ورموزها العروضية :

فعولن فاعلن

//O/O /O//O

مفاعيلن فاعلاتن مستفعلن

//O/O/O /O//O/O /O/O//O

مفاعلتن فاعلاتك متفاعلن

//O///O /O//O// ///O//O

فاع لا تن مستفع لن مفعو لات

/O/ /O/O /O/O/ /O /O/ O/O/

التفاعيل الأصلية والتفاعيل الفرعية :

جعل الخليل التفاعيل الأربعة التي تبدأ بوتد (مجموع أو مفروق) جعلها أصولا , ويتفرع منها التفاعيل الأخرى بتقديم الأسباب على الأوتاد , مستخدما معرفته بالرياضيات والاحتمالات , ليخرج بأربعة تفاعيل أصلية مستعملة , وست تفاعيل فرعية مستعملة , وتفعيلة واحدة فرعية مهملة , وترتيبها كالتالي :

(1) فعولن أصل ويتفرع منها فاعلن بتقديم السبب على الوتد .

//O/O /O//O

(2) مفاعيلن أصل ويتفرع منها فاعلاتن بتقديم السبب

//O/O/O /O//O/O

الأخيرعلى الوتد .

مفاعيلن يتفرع منها أيضا مستفعلن بتقديم السببين على الوتد .

//O/O/O /O/O//O

(3) مفاعلتن ويتفرع منها فاعلاتك - وهي التفعيلة المهملة -

//O///O /O//O//

بتقديم السبب الأخير على الوتد .

مفاعلتن يتفرع منها أيضا متفاعلن بتقديم السببين

//O///O ///O//O

- الفاصلة الصغرى - على الوتد .

(4) فاع لا تن أصل ويتفرع منها مستفع لن بتقديم السبب

/O/ /O/O / O/O/ /O

الأخير على الوتد المفروق .

فاع لا تن يتفرع منها أيضا مفعو لات بتقديم السببين

/O/ /O/O /O/ O/O/

على الوتد المفروق .

تصنيف الأوزان إلى البحور ومجزوءاتها :

صنف الخليل الأوزان التي جمعها إلى خمسة عشر وزنا رئيسيا , سماها البحور التامة , اجتهد في استخلاصها مما جمعه ودرسه من الشعر في عصر الاحتجاج (1) , واضعا قاعدة عامة في نموذجه النظري وهي : أن أصل البحور التمام مع سلامة الأجزاء ؛

ثم يطرأ عليها التغيير في عدد حروف الأجزاء سماه الزحافات , ونقص في عدد الأجزاء (التفاعيل) سماه الجزء .

وفي محاولة منه لاستنباط الصيغ التامة لأوزان البحور التي لم يجدها مستعملة إلا مجزوءة , عمد الخليل إلى وضع الدوائر العروضية الخمسة , استخرج منها خمسة عشر بحرا تاما سالم الأجزاء , وسبعة بحور مهملة (لم ينظم عليها العرب شعرا) .

ثم ألحق كلا من الأوزان الثلاثة والستين - التي استخلصها من أشعار العرب - كأوزان تابعة للصيغ الأصلية المستخرجة من الدوائر.

ولتقريب النموذج النظري - الأوزان الأصلية المستخرجة من الدوائر - مع الواقع الشعري وضع الخليل قواعد للتغييرات التي تطرأ على التفاعيل (قسمت للزحافات والعلل) , كما وضع مفهوم الجزء ليصنف الأوزان المتشابهة معا تحت بحر واحد (2) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) عصر الاحتجاج يمتد لـحوالي ٣٠٠سنة (١٥٠عاما قبل الإسلام ومثلها بعده) , ويبدأ تقريبا في عصر امرئ القيس , وينتهي بعصر الشعراء الأمويين .

(2) وضع الخليل والعروضيون من بعده الكثير من المصطلحات لوصف التغييرات التي تحدث سواء في كامل الوزن أو على مستوى التفعيلة , بعضها له وجود في الواقع الشعري , وبعضها مجرد فروض نظرية تولدت بالقياس والتعميم , حتى أصبحت هذه المصطلحات عبئا ثقيلا على علم العروض , زادته تعقيدا حتى نفر منه ليس فقط طلاب العلم بل والكثير من الشعراء أنفسهم , كما يقر بذلك العروضيون .

نذكر باختصار بعض الزحافات والعلل :(1)

الزحاف : هو تغيير يلحق ثواني الأسباب , وهو غير لازم غالبا ؛ (والزحافات نوعان مفردة ومركبة ) .

العلة : هي تغيير يلحق الأوتاد والأسباب وهي لازمة غالبا .

الزحاف الجاري مجرى العلة : هو زحاف لازم يكون في العروض أو الضرب (التفعيلة الأخيرة في صدر البيت وعجزه على الترتيب)

العلة الجارية مجرى الزحاف : هي علة غير لازمة .

الزحافات المفردة : تدخل موضع واحد من التفعيلة وهي :

الخبن : حـذف الثـانـي السـاكـن

الطي : حـذف الـرابـع السـاكـن

القبض : حـذف الخامس السـاكـن

الكف : حـذف السـابع السـاكـن

الإضمار : تسكين الثـانـي المتحرك

الوقص : حـذف الثـانـي المتحرك

العصب : تسكين الخامس المتحرك

العقل : حـذف الخامس المتحرك

الزحافات المركبة : تدخل موضعين من التفعيلة :

الخبل : اجتماع الـخـبــن و الطي

الشكل : اجتماع الـخـبــن و الكف

الخزل : اجتماع الإضمار و الطي

النقص : اجتماع العـصب و الكف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نذكر منها ما نحتاجه في وصف وتقييم عروض الخليل , وفي التقريب بين عروض الخليل وبين ما نقدمه من جديد في كتابنا هذا , حتى يستأنس بها تلاميذ الخليل , على أن يكون الباب الثالث من كتابنا هذا مخصصا لها ومستوفيا دراستها وتحليلها وتبسيطها فنستغني عن بعضها , وندمج بعضها معا , ونستحدث ما نحتاجه من جديد في أضيق الحدود .

والعلل أيضا نوعان علل الزيادة وعلل النقصان :(1)

علل الزيادة :

التذييل : زيادة ساكن على ما آخره وتد مجموع

التسبيغ : زيادة ساكن على ما آخره سبب خفيف

الترفيل : زيادة سبب خفيف على ما آخره وتد مجموع

علل النقصان :

الحذف:حذف السبب الخفيف من آخر التفعيلة

القصر:حذف ساكن السبب الخفيف من آخر التفعيلة وتسكين ما قبله

الحذذ :حذف الوتد المجموع من آخر التفعيلة

القطع:حذف ساكن الوتد المجموع من آخر التفعيلة وتسكين ما قبله

الوقف: وهو تسكين متحرك الوتد المفروق من آخر التفعيلة

البتر : وهو اجتماع الحذف والقطع

القطف: وهو اجتماع العصب والحذف

الصلم : حذف الوتد المفروق من آخر التفعيلة

الكشف: حذف متحرك الوتد المفروق من آخر التفعيلة

العلل الجارية مجرى الزحاف :

التشعيث : حذف عين الوتد المجموع من فاعلاتن

الخرم : حذف المتحرك الأول من الوتد المجموع من الأوزان التي تبدأ بوتد مجموع .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وضع الخليل والعروضيون العديد من المصطلحات لاجتماع الزحافات والعلل في التفعيلة الواحد , تمتلئ بها كتب العروض وسنحسم فيها القول في الباب الثالث من هذا الكتاب .

وإليك صيغ البحور التامة السالمة كما صاغها الخليل :

(1) فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن (البحر الطويل)

//O/O //O/O/O //O/O //O/O/O

(2) مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن (البحر البسيط)

/O/O//O /O//O /O/O//O /O//O

(3) فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن (البحر المديد)

/O//O/O /O//O /O//O/O /O//O

(4) مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن (البحر الهزج)

//O/O/O //O/O/O //O/O/O

(5) فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن (البحر الرمل)

/O//O/O /O//O/O /O//O/O

(6) مستفعلن مستفعلن مستفعلن (البحر الرجز)

/O/O// O /O/O//O /O/O//O

(7) مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن (البحر الوافر)

//O///O //O///O //O// /O

(8) متفاعلن متفاعلن متفاعلن (البحر الكامل)

///O//O ///O//O ///O//O

(9) مستفعلن مستفعلن مفعو لات (البحر السريع)

/O/O// O /O/O//O /O/ O/O/

(10) فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن (البحر الخفيف)

/O//O/ O /O/O/ /O /O//O/O

(11) مستفع لن فاعلاتن فاعلاتن (البحر المجتث)

/O/O/ /O /O//O/ O/O//O/O

(12) مستفعلن مفعو لات مستفعلن (البحر المنسرح)

/O/O// O /O/ O/O/ /O/O// O

(13) مفعو لات مستفعلن مستفعلن (البحر المقتضب)

/O/ O/O/ /O/O// O /O/O// O

(14) مفاعيلن فاعلاتن مفاعيلن (البحر المضارع)

//O/O/O /O//O/O //O/O/ O

(15) فعولن فعولن فعولن فعولن (البحر المتقارب)

//O/O //O /O //O/O //O/O

ملاحظات على صيغ البحور في نموذج الخليل :

بنظرة سريعة إلى أوزان البحور الخمسة عشر كما صاغها الخليل نلاحظ ما يلي :

(1) خمسة بحور يقول عنها الخليل أنها لم تستعمل إلا مجزوءة , وهي ( المديد , الهزج , المقتضب , المضارع , و المجتث ) .

(2) بحران يقول عنهما الخليل لم يستعملا إلا تامين , وهما (الطويل , والمنسرح) (1) .

(3) وأما عن ( الوافر, السريع , والرمل ) فيقول الخليل :

الوافر لم يستخدم إلا مقطوفا , والسريع لم يأت إلا مكشوفا مطويا أو مكشوفا مخبولا , والرمل لم يأت إلا محذوفا ؛ وكل هذه المصطلحات تعني أن الجزء الأخير نقص منه سبب , فجاء على خمسة أحرف بدلا من سبعة .

(4) أما المتقارب فيقول الخليل عن مجزوءه أنه لم يأت إلا محذوفا , ويقول عن التام أن الجزء الأخير يجوز فيه الحذف , والواقع الشعري يقول الأكثر أن يأتي محذوفا , وإن جاء تاما يأت على فعولُ المقبوضة وتكون واوه حرف لين (2) .

(5) والبحر البسيط رغم أن الخليل ذكر أنه يأت تاما ومجزوءا, وذكر للمجزوء أربعة أعاريض , فلم يكتب البقاء إلا لوزن المخلع , وأما الأعاريض الثلاثة الأخرى فماتت مبتسرة قبل أن تخرج من العصر الجاهلي ولم تقم لها قائمة بعد (3) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) صنف أيضا تحت المنسرح وزنا منهوكا .

(2) نذكر التفاصيل مع الإحصاء في باب البحر المتقارب .

(3) بحث بعنوان ظهور واضمحلال مجزوء البسيط للـ د /سليمان أبو ستة .

(6) لم يبق من بحور الخليل إلا ثلاثة (الرجز, الكامل ,والخفيف) , وهي التي نظم الشعراء على أوزانها تامة سالمة الأجزاء , كما نظموا على مجزوءاتها .

مع ملاحظة أن عروض الطويل لا تأتي إلا مقبوضة , وعروض البسيط لا تأتي إلا مخبونة , وعروض المنسرح والمقتضب لا تأتي إلا مطوية , ويقول الأخفش أن أصل مستفع لن في الخفيف مفاعلن وأن أصل مفعولات في المنسرح والمقتضب فاعلات .

(7) ونضيف لما سبق البحور السبعة المهملة التي استخرجها الخليل من دوائره , والتي لم يكتب لأي منها أن يولد لا تاما ولا مجزوءا على مدى أكثر من ألف ومائتي عام بعد الخليل وإلى اليوم , إلا محاولات البعض لنظم عدة أبيات عليها .

ما ذكرناه من ملاحظات يعطي دلالات أولية على البون الشاسع بين نموذج الخليل النظري والواقع الشعري ؛

1 - الزحافات والعلل مثلا قد يوجد بعضها في بيت من القصيدة ولا يوجد في البعض الآخر، فما يبدو فارقا بين النموذج والواقع ليس فارقا في هذه الحالة ورؤية الجامع المشترك بين هذه الصور ميزة لا عيب.

2- البحور المجزوءة وجوبا : في منهج الخليل الذي تمثله ساعة البحور ما يرد على هذه النقطة. فالبحور الرئيسة هي تلك التي تغطي محيط الدائرة وهي اثنان في كل دائرة عدا دائرة

( جـ - المجتلب ) فثلاثة ، الرجز والرمل والهزج ، وما عداها فمجزوءات ومجتثات هذه البحور. كما يفصل ذلك موضوع تكثيف العروض

3- هرم الأوزان يقدم تفسيرا لقطف الوافر . أهل الرقمي يعرفون الوزن الهرمي

الرجز التام 4 3 4 3 4 3 رمزه الهرمي ... 4 + 6 = 6 - 2

الوافر النام = 3 4 3 4 3 4 رمزه الهرمي .... 6 = 6 = 6

وهذا ممتنع في الوزن الهرمي. وهو يفسر غياب وجود بحر ناتج عن تكرار مفعولاتُ ثلاث مرات.

مفعولاتُ مفعولاتُ مفعولاتُ = 6 1 6 1 6 1 وزنها الهرمي ..... 6 = 6 = 6 وهذا ما عبر عنه الجوهري" فنقص الجوهري منها جزء مفعولات، وأقام الدليل على أنه منقول من " مستفع لن " مفروق الوتد، أي: مقدم النون على اللام؛ لأنه زعم أنه لو كان جزءًا صحيحًا لتركب من مفرده بحر كما تركب من سائر الأجزاء. يريد أنه ليس في الأوزان وزن انفرد به مفعولات، ولا تكرر في قسم منه."

وأصاب الجوهري فيما وافق فيه الخليل من عدم تكرر مفعولات ثلاث مرات وأخطأ فيما تجاوز فيه الخليل عندما استنتج من ذلك انتفاء وجودها من الأساس. ويمكن الاطلاع على تفصيل محدودية رؤية االجوهري بالنسبة للخليل من موضوع عروض الورقة.

ولم يعطنا الخليل ولا العروضيون من بعده تفسيرات شافية لما ذكرناه من تلك الملاحظات – وغيرها الكثير لم نذكره - والتي كانت ولا زالت مواضع للخلاف بين العروضيين قديما وحديثا .

للخليل تركتان:

العروض وموضوعه الأحكام الجزئية من بحور وتفاعيل وإليها دون سواها انصرف الجهد العربي عبر القرون.

(علم العروض) وهو صنو منهج الخليل الذي يتناول القواعد الكلية الشاملة لأوزان الشعر العربي. وهو ما لم يتطرق إليه أحد كما يقول الأستاذ ميشيل أديب في مجلة الموقف الادبي العدد 373 أيار 2002:" وأكثر ما يعيب كتب العروض القديمة والحديثة، أنها، على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف الخليل عن أسرارها، لم تحاول تحليل العملية الذهنية التي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه القمَّة الرياضية التي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ ."

والرقمي هو أول محاولة لسد هذا الفراغ. ولهذا ندر من يفهمه حق فهمه. مع أن الخليل ترك لنا مفتاح منهجه المتمثل في دوائر البحور التي أخذت رونقها في ساعة البحور. ولو أن معشار ما بذل من جهد في تفاعيل الخليل خصص لفهم منهجه لكشف الكثير الكثير. ولا أرى الخليل يلام في عدم الاستفاضة في شرح منهجه. فها نحن بعده بقرون ولا يكاد يجد شرح منهجه من خلال الرقمي اهتماما. وأنصح هنا بالرجوع إلى موضوع الفرق بين العروض وعلم العروض

إن السير والتأمل في طريق منهج الخليل كفيل بوصل الباحث بآليات ذالك المنهج التي تجلو ما قد يعتبره البعض إشكالات فيه. ومن تلك الآليات التي أوصلتني لها رفقة الخليل :

معطيات وبدهيات وقواعد ومشتقات وكذلك نظرات في شمولية الرقمي أزعم أن الرقمي في سنوات قليلة قد أنجز من التواصل مع فكر الخليل ومنهجه ما لم يحصل مثله طوال القرون الماضية. ولعله - إن نال الاهتمام المناسب - يخطو خطوات أوسع وأعمق.

والسؤال الآن : هل يمكن الرجوع لأصل الأوزان كما استخدمها العرب في عصور الاحتجاج (1) , لنقوم ببناء نموذج آخر , يكون أليق مما جاء به الخليل ؟ وبذلك نكون قد قبلنا دعوته الضمنية في قوله : (وإن سنح لغيري علة أليق مما ذكرته فليأت بها ) .

هذا ما سنجيب عنه في هذا الكتاب .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وقد كفانا الخليل قديما والدكتور محمد العلمي حديثا الجانب الأكبر والأكثر مشقة والمتمثل في دراسة نتاج الشعراء عبر تلك الحقب الطويلة من جمع وتصنيف وإحصاء الأوزان والزحافات والعلل ونقوم نحن بمهمة تحليل البيانات ووضع القواعد الجديدة لعلم العروض ؛

ولأهمية الثقة والمصداقية فيما سنعتمد عليه وما نقدمه من نتائج الإحصاء الذي قام به د. محمد العلمي نقدم تعريفا مختصرا لكتابه عروض الشعر العربي قراءة نقدية توثيقية فهو بحث نال به صاحبه درجة الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها بميزة حسن جدا (بتقدير جيد جدا) في مارس 1999 م ,

ونذكر مقتطفات من الفقرة الثانية والثالثة من مقدمة الكتاب صـ 9 ,صـ 10 ولمن يريد التفاصيل عليه بالرجوع للمصدر فهو بحق كتاب لا غنى عنه لكل باحث في علم العروض :

(حدود البحث هي الدواوين , لا يتعداها إلى غيرها إلا لحاجة أملاها النظر فيها , وقد تحدد النظر في الشعر الذي جعله الخليل ميدانا لعروضه من خلال الدواوين لما يفترض في كونها تجمع كل ما قاله الشاعر , أو جله , أو جميع ما اهتدي إلى نسبته إليه .........)

( أما إطار البحث التاريخي فهو الجاهلية , وصدر الإسلام والأمويين تفصيلا , وهذا الإطار فرضه أن العروض كغيره من العلوم اللغوية لم يتعد المقياس المعتاد فيها فيمن يستشهد بكلامهم .........)

(وقد بلغ عدد الدواوين التي درستها واحد وتسعون ومئة 191 ديوان , تسعة وستون 69 منها للشعراء الجاهليين ومن ألحق بهم من المخضرمين , واثنان وعشرون ومئة 122 للشعراء الإسلاميين والأمويين ومن ألحق بهم من المخضرمين .........)

(اعتمد هذا البحث في منهجه على الإحصاء والوصف والمقارنة , فقد اعتمد الإحصاء لإحصاء البحور وأنواعها في كل ديوان على حدة , وفي مجموع دواوين القسم الأول ودواوين القسم الثاني وفي مجموع الدواوين المدروسة , كما اعتمد الإحصاء في تعداد الظواهر بقسميها الخليلي وغير الخليلي........) انتهى .

ما نقدمه في هذا الكتاب :

بعون الله وتوفيقه نقيم بناءا جديدا لعلم العروض , على قواعد أكثر شمولية وأقل استثناءا , تكون أجمع للعلم , وأيسر للفهم , يتم استنباطها جميعا من المستخدم الفعلي من الأوزان في عصور الاحتجاج , فالمستخدم الفعلي هو ما يمثل الانعكاس والتجلي الحقيقي للقواعد الفطرية لموسيقي الشعر العربي .

كما نغوص إلى أعماق العقل الجمعي للشعراء العرب , لنصل لكنه الذائقة العربية النقية , كاشفين أسرار بناءهم لذلك الهرم الموسيقي (عجيب النظم والأقسام والذي يدل على حكمة بانيه) كما يصفه الخليل ؛ ناظرين بعين البصيرة لتلك المنحة الإلهية التي اختص الله بها الشعراء العرب والتي نفاها عن نبيه صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى ( وما علمناه الشعر ) ؛

مستعينين بالتراكم المعرفي , الذي تعلمناه من الخليل وعلماء العروض من بعده وحتى اليوم , وهو ما يزيد على اثني عشر قرنا من المعرفة ؛

لكن بأيسر الطرق , وأقل الأدوات التي ورثناها من الخليل وتلاميذه , مع التدرج في بناء الأفكار , وتوليد الجديد من القديم , حتى لا نتصادم مع الراسخ في العقول من المعرفة القديمة , والتي يعدها دارسي العروض من المسلمات ؛

كما نقدم النموذج البديل لدوائر الخليل , جامعين ما فصلنا , بعد أن نرسخ لفكرنا , ونقيم له الحجج والبراهين التفصيلية .

ونبدأ بتحليل على الرغم من بساطته إلا أن غيابه قاد الخليل والعروضيين من بعده إلى (التيه العروضي) المسمى بالدوائر العروضية , فعاشوا في سرابها لما يزيد على ألف ومائتي عام .

هذه دعوى خطيرة أتمنى أن تثبتها. وانطباعي الأول عن هذا القول أنه لا يمكن أن يصدر عمن درس العروض الرقمي وعرف أن دوائر الخليل تمثل أساس منهجه الميسر الواضح.

الأسباب الخفيفة والتفاعيل الجذعية والتفاعيل الأساسية :

المادة الأولية التي يتكون منها الإيقاع الموسيقي للشعر العربي هي الحركة ورمزها الخط المائل / والسكون ورمزه الدائرةO , ومن الحركة والسكون تتكون وحدة البناء الأساسية السبب /O ,

ومن السببين المتجاورين يتشكل الوتد بحذف ساكن السبب الأول,

/O/O //O

وذلك على مستوي الوزن كله وليس على مستوى التفعيلة فقط ؛ فحيثما وجدنا حركتين بعدهما ساكن فهو وتد تشكل من سببين متجاورين بحذف ساكن الأول ؛(1)

وإذا اقترن السببان في تفعيلة واحدة تتكون الفاصلة المترددة بتحريك ساكن السبب الأول , ونرمز (للحركة المترددة) بـ Ø .

/O/O ← /Ø/O

ويسمى السبب الذي تحرك ساكنه بالسبب الثقيل .

الفاصلة المترددة هنا تناظر في الرقمي خببية السبب الأول في الفاصلة حيث 2 2 تكون 2 2 أو (2) 2

يقول الأخفش :( والسبب حرفان الآخر منهما ساكن , وهو كل موضع يجوز فيه الزحاف , وقد يقرن السببان فيكون فلْ فلْ وهو صدر مستفعلن /O/O//O [ وآخر مفاعيلن //O/O/O ] , وهما السببان المقرونان ؛ويكون السببان مفروقان , سبب في أول الجزء وسبب في أخره مثل فاعلاتن /O//O/O , ويكون السبب المقرون متحرك الثاني فلُ فلْ نحو صدر متفاعلن /Ø/O//O وآخر مفاعلتن ( //O/Ø/O ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فإذا وصل أحدهم لهذا التحليل البسيط ثم حصره على مستوى التفعيلة الخليلية فقط دون الوزن كله حتى أخرج لنا مفعولات كتفعيلة أساسية يستخدمها في وصف الأوزان عاد أسيرا لعروض الخليل وقوانينه بعد أن كاد يتحرر من أغلالها , وهذا ما فعله الدكتور أحمد مستجير في كتابه مدخل رياضي إلى عروض الشعر العربي , بل وأضاف تفعيلة خماسية شقيقة لمفعولات ُهي مفعول ُليزداد الأمر تعقيدا.

(2) كتاب عروض الأخفش تحقيق سيد البحراوي صـ 44 .

في العبارة الأخيرة يشير الأخفش بوضوح أن السببين المقرونين في التفعيلة الواحدة في (مستفعلن ومفاعيلن ) يتحرك ساكن السبب الأول ليشكل تفعيلتين هما ( متفاعلن ومفاعلتن) ,

مستفعلن /O/O//O ← /Ø/O//O متفاعلن

مفاعيلن //O/O/O ← //O/Ø/O مفاعلتن

والأخفش في هذا يخالف الخليل , الذي جعل السبب الثقيل وحدة صوتية مستقلة , حتى وإن كان السببان مفروقين , فشكل الخليل من السبب الثقيل مع السبب الخفيف تفعيلة غير مستعملة وهي فاعلاتك /O//O// , اشتقها من مفاعلتن //O///O بتقديم السبب الخفيف على الوتد ؛ بل وذكر من البحور المهملة بحرا يتكون منها سماه (المتوفر) فاعلاتك فاعلاتك فاعلاتك ؛

/O//O// /O//O// /O//O//

لكن كلا من الخليل والأخفش وجمهور العروضيين من بعدهما لم يذكروا لنا أصل الوتد (1) , بل جعلوه أصلا في التفعيلة , وجعلوا التفعيلة التي تبدأ بوتد هي الأصل , ويشتق منها التفاعيل الأخرى , وزادوا على ذلك أن جعلوا البحر الذي يبدأ بتفعيلة أولها وتد هو رب الدائرة , ومنه يشتق باقي بحور الدائرة (عدا دائرة المشتبه), كل ذلك برغم أن الوتد يتكون في كل لحظة من الزحافات التي تدخل التفاعيل , وأكثرها شيوعا خبن مستفعلن ,

/O/O//O ← //O//O

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) إلا ما أورده ابن رشيق في العمدة وذكره العلمي في كتابه العروض والقافية دراسة في التأسيس والاستدراك صـ 222 من أن ( بعض المتعقبين - أظنه الملقب بالحمـَّار- يسمي الفاصلتين وتدا ثلاثيا ورباعيا والسبب عنده نوعان منفصل نحو مَنْ ومتصل نحو لِمَنْ فاللام عنده وحده سبب متصل والميم والنون سبب هو منفصل ) وهو ما وصل إليه د.مستجير في كتاب مدخل رياضي إلى عروض الشعر العربي .

فإن قيل أن الوتد الناتج من خبن مستفعلن غير ثابت لأنه يظهر نتيجة الزحاف فلا يجوز الاحتجاج بتكوينه , قلنا أن الخليل وضع بنفسه آلية لتكوين وتد دائم ثابت لزوما من مفعولات في عروض البحر السريع وقد قبلها العروضيون :

مستفعلن مستفعلن مفعولات

/O/O//O /O/O//O /O/O /O/

حيث ذكر الخليل أن عروض السريع تأتي مكشوفة مطوية ,

مفعولات الكشف مفعولن الطي فاعلن

/O/O/O/ ← /O/O/O ← /O//O

والوتد في العروض فاعلن هنا ثابت لا يتغير .

وشبيه به ما حدث في وزن مشطور السريع والذي تتحول عروضه بالكشف إلى مفعولن ثم يدخلها الخبن لتصبح فعولن , وإن كان الخليل يعتبر خبن مفعولن هنا من قبيل إلتزام ما لا يلزم حتى لو جاءت في القصيدة كلها .

وإذا جمعنا ما حدث في مفعولات في عروض السريع التام مع ما حدث في عروض مشطور السريع

مفعولات الكشف مفعولن الطي فاعلن

/O/O/O/ ← /O/O/O ← /O//O

/O/O/O/ ← /O/O/O ← //O/O

مفعولات الكشف مفعولن بالخبن فعولن

يمكن استنتاج أن أصل كلا من فاعلن وفعولن هو مفعولن , وليس كما يذكر الخليل أن فعولن أصل ويتفرع منها فاعلن بتقديم السبب على الوتد ؛

ونسمي مفعولن تفعيلة جذعية - ثلاثية الأسباب - للتفعيلتين الخماسيتين , (بالخبن تعطي فاعلن وبالطي تعطي فعولن) , ويمكن تسمية العملية العكسية التي يتحول فيها الوتد إلى سببين بالشق(1)

فاعلن شق الوتد مفعولن

/O//O ← /O/O/O

فعولن شق الوتد مفعولن

//O/O ← /O/O/O

وبالقياس على ما ذكرنا في التفعيلتين الخماسيتين فاعلن وفعولن , يمكن القول أن هناك تفعيلة جذعية أخرى - رباعية الأسباب - مفعولاتن /O/O/O/O , هي أصل التفعيلات السباعية , بالخبن تعطي مفاعيلن , وبالطي تعطي فاعلاتن , وبحذف ساكن السبب الثالث تعطي مستفعلن ,

مفعولاتن خبن مفاعيلن

/O/O/O/ O ← //O/O/O

مفعولاتن طي فاعلاتن

/O/O/O/O ← /O//O/O

مفعولاتن حذف السادس الساكن مستفعلن

/O/O/O/O ← /O/O//O

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الشق : زيادة ساكن بين حركتي الوتد المجموع وهو علة جديدة نضيفها إلى (العلل الجارية مجرى الزحاف) .

لا شك أستاذي أنك تدرك أن ما تفضلت به هو إعادة صياغة لمنهج د. مستجير

وليتك تبنيته بطريقته في الشرح - فليس في ذلك ما يعيب - فقد كان في ذلك ما يجنبك صك مصطلح الشق كعلة تجري مجرى الزحاف وهو ما يوقعك في ما اتهمت الخليل به من فرق بين الواقع والنموذج كما أنه أعجزني فهمه. وليس الأمر كذلك لدى د. مستجير،

خذ مثلا قولك : "ونسمي مفعولن تفعيلة جذعية - ثلاثية الأسباب - للتفعيلتين الخماسيتين , (بالخبن تعطي فاعلن وبالطي تعطي فعولن) , ويمكن تسمية العملية العكسية التي يتحول فيها الوتد إلى سببين بالشق" تجري مجرى الزحاف تعني أنها تجوز أن تأتي أو لا تأتي فهل يجوز في فعولن في المتقارب أن تأتي مفعولن أو فاعلن في المتدارك أن تأتي مفعولن؟ أما شبهة ذلك في الخفيف فسأعرض لها.

وبالمناسبة فإن ما تسميه ( التفعيلة الجذعية ) يبدو قريبا مما يجري بحثه في الرقمي في سياق التخاب. والفرق أن الرقمي ينسجم مع الخليل في الانتقال من 2 2 2 في الضرب لا سواه إلى 2 3 = مفعلا في السريع أو مستعل كما في الرجز ومجزوء البسيط أو 3 2 = معولا في السريع أو متفعل في الرجز أزرقي اللون وليست 2 2 2 ناتجة من 2 3 أو 3 2

وبالمثل يمكن القول إن الخليل قد جانبه الصواب عندما اعتبر أن مفاعيلن أصل , ويشتق منها فاعلاتن بتقديم السبب الأخير على الوتد , كما يشتق منها مستفعلن بتقديم السببين على الوتد

تقول " بالمثل أخطأ الخليل " وكأنك تعطف خطأ على خطإ سابق ؟ لم أفهم الخطأ الذي تراه معطوفا عليه .

لم يمر بي للآن قول للخليل بأن مفاعيلن أصل يشتق منها سواها ، والشكل التالي وصف تتساوى فيه على مستوى التفعيلة كل التفاعيل .

فأرجو أن تتكرم بتوثيق هذا القول. حسب فهمي لواقع الأمور فالشكل أدناه يبين أن التفاعيل كلها متكافئة من حيث الأصل، وهو يتفق مع ما ذهب إليه د. مستجير دون مصطلح الشق. وفهمي له أن السبب المميز أي المتحرك 1 الذي يشكل أول الوتد 1 2 = 3 حصل نتيجة طفرة انتهت. وذهبت أنت إليه بعد إدخال مصطلح الشق وتعريفه بأنه علة تجري مجرى الزحاف وكأنه يجوز في واقع الشعر أن يحوي البيت فاعلن مرة ومرة يحوي مفعولن.

ونجمع إلى ما سبق رأي الأخفش في تكوين (الفاصلة المترددة) بتحريك ساكن السبب الأول من السببين المقرونين في التفعيلة الواحدة ليصبح حركة مترددة بين الحركة والسكون :

هل اختص الأخفش بهذا الرأي أم هو وصف لواقع لا خلاف عليه، يقول (بلغة التفاعيل) إن مسْتفعلن تناظر متْفاعلن مضمرة متَفاعلن ومفاعيلن تناظر مفاعلْتن معصوبة مفاعلَتن. هل ثمة من يقول غير ذلك ؟ إن تغيير المصطلح لا يغير المضمون وهو الأصل.

مستفعلن بالتحريك متفاعلن

/O/O//O ← /Ø/O//O

مفاعيلن بالتحريك مفاعلتن

//O/O/O ← //O/Ø/O

ونضيف الترفيل إلى مستفعلن لتعطينا مستفعلاتن

/O/O// O ← /O/O//O/O

نستخدمها كتفعيلة أساسية في بعض الأوزان وقد سبقنا إليها حازم القرطاجني ؛

كما نضيف معكوسا لـ مستفعلاتن هو فاعلاتن لن /O//O/O /O

كتفعيلة تنتج من ترفيل فاعلاتن نستخدمها في تحليل الأوزان وفي تفسير الزحافات نذكر ذلك في حينه .

لمن يختط منهجا أن يستعمل ما يشاء من المصطلحات والتراكيب، ولكن استعمال تفاعيل الخليل ومصطلحاته لمن يتجاوز الخليل - ناهيك عن أن يهدمه - لا تصح إجرائيا فتفاعيل الخليل ومصطلحاتها وخواصها وظلالها مجرد نتاجات لمنهجه، واستعمالها في منهج جديد سيربك المنهج الجديد بما يفرضه عليه من هيمنة مسبقة عبر هذه الألفاظ.

مستفعلاتن ليست تفعيلة فالتفعيلة مصطلح خليلي لا يحوي أكثر من الأسباب أكثر من اثنين.

ومعكوس مستفعلاتن = فاعلاتن تن معكوس لغير تفعيلة وهو غير تفعيلة. ثم وفاعلاتن لا ترفل فالترفيل إضافة سبب بعد وتد في آخر العجز لا غير. وإضافة سبب بعد سبب يسمى التسبيغ ولا يرد - على خلاف - إلا في ضرب مجزوء الرمل.

ولأستاذنا أن يقول إن المهم هو المضمون ولكن المضمون والتعبير يؤثر أحدهما في الآخر. وليت أستاذنا حرر نفسه من هذا العبء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نساير عروض الخليل في استخدام مستفعلن كجملة موسيقية أساسية مستقلة لكن في نهاية الكتاب وبعد دراسة الأوزان ربما نصل لنتيجة أخرى .

ويمكن تلخيص ما سبق في الشكل التالي , والذي يوضح كيف تتكون التفعيلات الوتدية من التفعيلتين الجزعيتين بحذف ساكن أحد الأسباب ,وتحريك ساكن السبب المقرون في التفعيلة الواحدة

, وترفيل كل من مستفعلن , وفاعلاتن

يقابل مصطلح التفعيلة الجذعية هنا تعبير التركيب الخببي في الرقمي

(مخطط تكوين التفاعيل التسعة الأساسية)

نحصل مما سبق على تسع تفعيلات وتدية , (فعولن – فاعلن – مفاعيلن – فاعلاتن – مستفعلن – مفاعلتن – متفاعلن – مستفعلاتن – فاعلاتن لن ) كل منها يحتوي على وتد مجموع , وهي فقط ما سنحتاجه في التقعيد وبناء النموذج النظري الجديد لعلم العروض, فلن نحتاج إلى مصطلح الوتد المفروق , ولا لأي من تفعيلاته الثلاث , ( فاع لاتن مستفع لن مفعولات )

/O/ /O/O /O/O/ /O /O/O /O/

نستغني عنها بأسمائها وزحافاتها وعللها ؛

وباستثناء التفاعيل الثلاث ذوات الوتد المفروق , فإن تفاعيل الخليل السبعة الأساسية ذوات الوتد المجموع - مع تفعيلة القرطاجني مستفعلاتن باعتبارها تفعيلة أساسية بالإضافة إلى تفعيلتنا التحليلية الأساسية فاعلاتن لن - هي الأدوات الأفضل والأمثل لتقسيم الأوزان إلى وحدات صوتية , يمكن قراءتها ككلمات وجمل وعبارات موسيقية صوتية , تحمل نفس الخصائص الموسيقية للوزن الذي تعبر عنه وتبين الأنماط الإيقاعية التي يتبعها كل وزن منها كما تعطينا التفسير المنطقي للزحافات التي تدخلها .

ما ذكرناه عن تكوين الوتد المجموع من حذف ساكن السبب الأول من السببين المتجاورين ليس للتنظير المجرد , فغياب هذا التحليل البسيط عن الخليل قاده إلى مفهوم الوتد المفروق ( /O/ ) وقد شكل منه مع الأسباب الخفيفة تفاعيل ثلاث , ثم أدخل الوتد المفروق في دائرة من دوائره (دائرةالمشتبه) وأخرج منها تسعة بحور ثلاث مهملة وستة مستعملة , فكانت أكثر الدوائر إثارة للجدل والخلاف بين العروضيين , وأكثرها مساهمة في تعقيد علم العروض .

دائرة الوتد المفروق أفسدت علم العروض :

نذكر صيغ البحور التسعة (الستة المستعملة ثم الثلاث المهملة) التي استخرجها الخليل من دائرة المشتبه , ونلقي الضوء على أهم ما ساهمت به تلك الدائرة في تعقيد علم العروض :

(1) مستفعلن مستفعلن مفعولات (السريع)

(2) مستفعلن مفعولات مستفعلن (المنسرح)

(3) مفعولات مستفعلن مستفعلن ( المقتضب )

(4) فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن (الخفيف)

(5) مستفع لن فاعلاتن فاعلاتن ( المجتث )

(6) مفاعيلن فاع لاتن مفاعيلن ( المضارع )

(7) مفاعيلن مفاعيلن فاع لاتن (المنسرد)

(8) فاع لاتن مفاعيلن مفاعيلن (المطرد)

(9) فاعلاتن فاعلاتن مستفع لن (المتئد)

من يراجع العلاقة بين دائرتي (جـ_المجتلب) و (د- المشتبه) يعرف أنهما متناظرتان والفارق الوحيد بينهما هو تحول الوتد المجموع في (جـ) إلى وت\ مفروق في (د). كما تبين ذلك ساعة البحور

دائرة المشتبه - والتي أساسها الوتد المفروق - ساهمت وحدها بثلاث بحور مهملة (المنسرد والمطرد والمتئد) , من أصل سبعة استخرجها الخليل من دوائره , كما ساهمت أيضا بثلاث بحور مستعملة من أصل خمسة يقول عنها الخليل أنها لم تستعمل إلا مجزوءة , وهي (المقتضب والمجتث والمضارع) ؛

لكن أكبر المشكلات التي ساهمت بها دائرة المشتبه هي ترسيخها لمفهوم البحور المركبة :

فإن كانت دائرة المختلف قد أسست لمفهوم البحور المركبة بين التفاعيل السباعية والخماسية , فإن دائرة المشتبه هي من رسخت لفكرة تركيب البحور بشكل مطلق , وذلك بتركيب البحور بين التفاعيل السباعية ؛ ففتحت الباب على مصراعيه أمام بعض العروضيين لتوليد ما يسمى بالبحور الجديدة , باستخدام كل احتمالات التركيب بين التفاعيل , حتى وصلت حد الهوس , فيدعي البعض أن عدد البحور يعد بالمئات وربما الآلاف , ولديهم منطق سليم في القياس على بحور الخليل المستعمل منها والمهمل(1) .

منهج الخليل محدد واضح لا مجال فيه لتوليد أي دائرة جديدة ولا أي بحر جديد. لا يفعل ذلك من فقه منهج الخليل ولا يتهمه به :

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/qabeelah

وإليك جانبا من طريقتهم في القياس المنطقي على بحور الخليل

يقولون إذا كان وزن الرجز هو : مستفعلن مستفعلن مستفعلن

والأوزان الأصلية المستخرجة من دائرة المشتبه للبحور الثلاث (المقتضب , والمنسرح , والسريع) هي :

(1) مفعولات مستفعلن مستفعلن ( المقتضب )

(2) مستفعلن مفعولات مستفعلن (المنسرح)

(3) مستفعلن مستفعلن مفعولات (السريع)

فيبدو بوضوح أن استبدال واحدة من تفعيلات البحر الرجز الثلاث بـ مفعولات يعطينا بحرا جديدا في كل مرة , فاستبدال التفعيلة الأولى يعطينا البحر المقتضب , واستبدال التفعيلة الثانية يعطينا البحر المنسرح , واستبدال التفعيلة الثالثة يعطينا البحر السريع , والبحور الثلاث مستعملة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هو قياس وإن كان صحيحا في منطقه , لكنه قياس على قواعد خاطئة ,

فيعطنا نتائج خاطئة , وسيظهر ذلك جليا عندما نكتشف القواعد الصحيحة الحاكمة لموسيقى الشعرالعربي.

ويقولون أيضا : إذا كان وزن البحر الرمل عند الخليل هو :

فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن

والأوزان الأصلية المستخرجة من دائرة المشتبه للبحور الثلاث (المجتث , الخفيف , والمتئد) هي :

(1) مستفع لن فـاعـلاتـن فـاعـلاتـن ( المجتث )

(2) فـاعـلاتـن مستفع لن فـاعـلاتـن (الخفيف)

(3) فـاعـلاتـن فـاعـلاتـن مستفع لن (المتئد)

يبدو بوضوح أن استبدال إحدى تفعيلات البحر الرمل الثلاث بـ مستفع لن يعطينا بحرا جديدا في كل مرة , فاستبدال التفعيلة الأولى يعطينا البحر المجتث , واستبدال التفعيلة الثانية يعطينا البحر الخفيف , واستبدال التفعيلة الثالثة يعطينا البحر المتئد , والبحران المجتث والخفيف مستعملان والمتئد عند الخليل بحر وإن وصفه بالمهمل .

وللمرة الثالثة إذا كان وزن البحر الهزج عند الخليل هو :

مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن

والأوزان الأصلية المستخرجة من دائرة المشتبه للبحور الثلاث (المطرد , المنسرد , والمضارع) عند الخليل هي :

(1) فاع لاتن مفاعيلن مفاعيلن (المطرد) بحر مهمل

(2) مفاعيلن فاع لاتن مفاعيلن ( المضارع )

(3) مفاعيلن مفاعيلن فاع لاتن (المنسرد) بحر مهمل

للمرة الثالثة يبدو بوضوح أن استبدال إحدي تفعيلات البحر الهزج بـ فاع لاتن يعطينا بحرا جديدا في كل مرة , فاستبدال الأولى يعطينا المطرد , واستبدال الثانية يعطينا المضارع , واستبدال الثالثة يعطينا المنسرد , والمضارع بحر مستعمل عند الخليل , والمطرد والمنسرد عند الخليل بحران لكنهما مهملان .

هذا المنطق البسيط في تحليل أوزان البحور السابقة دفعت عددا من العروضيين إلى الاعتقاد أنه بالإمكان توليد بحور جديدة من البحور القديمة باستبدال تفعيلة من أي بحر قديم بإحدى التفاعيل العشرة ؛ متمسكين بالقياس الصحيح على بحور الخليل ؛

بل وهناك من العروضيين من يعتقد أن بالإمكان تركيب البحور من كل احتمالات التباديل والتوافيق بين التفاعيل العشر , دون التقيد بتفعيلتين مختلفتين فقط , ودون التقيد أيضا بعدد ست تفعيلات في الوزن , فيزيدون العدد لثمان تفعيلات قياسا على البحور ثمانية التفاعيل سواء المركبة كالطويل والبسيط , أو البسيطة كالمتقارب والمتدارك , ولنا أن نتخيل عدد البحور التي تنتج من هذا القياس , وليس من الصعب على أي عروضي شاعر أن ينظم عدة أبيات على كل وزن يراه ممكنا , ليبرهن على صحة ما يزعم .

وانقسم علماء العروض في كل العصور إلى واحد من ثلاث :

أولهم : متعصب لبحور الخليل البسيطة منها والمركبة , لا يقبل

إلا ما جاء منها في دوائر الخليل سواء كانت مستعملة

أو مهملة , دون زيادة عليها أو نقصان منها ؛

وثانيهم : من يقبل على استحياء بعض الأوزان الجديدة ويسميها

المستدركات ؛

وثالثهم : متحرر من دوائر الخليل وبحوره لا يقبل قيدا أو شرطا

في توليد البحور الجديدة .

حتى أن عالما كبيرا مثل السكاكي يقول:

( علم العروض نوع إذا أنت رددته إلى الاختصار احتمله , وإذا

أنت حاولت الإطناب فيه امتد وكاد ألا يقف عند غاية , لقبوله

من التصريف فيه نقصانا وزيادة ما شاء الطبع المستقيم ) .

البحر الخفيف وأسرار علم العروض :

بالإضافة لما سبق من إسهامات دائرة المشتبه في تعقيد علم العروض , فقد أخفى الخليل في صياغته للبحر الخفيف - وهو أحد أهم بحور دائرة المشتبه - أخفى فيه أهم أسرار البناء الموسيقي للشعر العربي , وسنبدأ بهذا البحر لنكتشف القواعد الأساسية لعلم العروض في صياغته الجديدة .

استخرج الخليل وزن البحر الخفيف من الدائرة وصاغ أوزانه كما يلي :

فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن الخفيف التام

/O//O/O /O/O/ /O /O//O/O

فاعلاتن مستفع لن فعلا الخفيف التام

/O//O/O /O/O/ /O ///O المحذوف المخبون

فاعلاتن مستفع لن مجزوء الخفيف

/O//O/O /O/O/ /O

ويقول عن مستفع لن في الخفيف بأنها مفروقة الوتد وتتألف من سببين خفيفين يفصل بينهما وتد مفروق / O/O/ /O ؛ وأنها غير مستفعلن مجموعة الوتد , والتي تتألف من سببين خفيفين متتاليين بعدهما وتد مجموع /O/O//O ؛

ويقول : أن الزحاف يدخل مستفع لن في كل من سببيها , فيدخلها الخبن (حذف السين) , كما يدخلها الكف (حذف النون) ؛ لكن الواقع الشعري يقول شيئا آخر ويفرض نفسه على العروضيين سواء المعاصرين للخليل و من جاء بعده ؛

يقول الأخفش في البحر الخفيف :

( وما أرى أصل مستفع لن /O/O/ /O فيه إلا مفاعلن //O//O , والسين زيادة ) (1) ,

ويجمعها في حكمه مع مفعولات في كل من المنسرح والمقتضب فيقول :

(كما أن الواو في مفعولات زائدة عندي , وجازت الزيادة كما

جاز النقصان , ويدلك على ذلك أن تمامها يقبح ) (2) ,

وهو يقول عن مفعولات /O/O/O/ في موضع آخر:

(وفاعلات /O//O/ فيها حسنة وعليها بنوا الشعر) (3) .

يعتمد الأخفش في حكمه على أمرين هامين :

الأول : أن أكثر ما تأتي مستفع لن في الخفيف على مفاعلن , فجعل الأكثر هو الأصل , والأقل هو المتغير,

وكذلك مفعولات في المنسرح والمقتضب فإنها أكثر ما تأتي على فاعلات , وهو ما يقر به في قوله (وعليها بنوا الشعر )

والثاني : هو حسه وذائقته الموسيقية , حيث يرى أن الإيقاع الموسيقي للشعر يقل جماله إذا جاءت مستفع لن في الخفيف تامة , كما هو الحال نفسه إذا جاءت مفعولات تامة في المنسرح أو في المقتضب , وهو ما يقرره في قوله:

(ويدلك على ذلك أن تمامها يقبح).

ليت أستاذي يقرأ عن الجرعة الخببية التي يطيقها في دائرة ( د- المجتلب) البحران الطويلان الخفيف والمنسرح وإن كانا يتخففان منها غالبا ب ( جزا - المراقبة ) ولا تطيقها البحور القصيرة المضارع والمقتضب ومجزوء الخفيف فتتخلص منها وجوبا ( وزا - المراقبة). من يتأمل ذلك يرى شمولية وجمال وترابط منهج الخليل لدرجة تشجعه على قراءة رواية التخاب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) (2) كتاب العروض للأخفش تحقيق سيد البحراوي صـ 57

(2) المصدر السابق صـ 56

وماذا يقول الأخفش عن كف مستفعلن (حذف نونها) ؟

يقول :(ولم نجد ذهاب نون مستفعلن إلا في شعر لابن الرقيات , وزعموا أنه كان سبق اللحن , فمن جعله في الشعر إماما جوز حذف نونها , ومن لم يجعله إماما لم يجوز حذف ذلك ) (1)

ويقول : (ومن زعم أن السين زائدة لم يستقبح ذهاب نون فاعلاتن قبلها) (2) .

في العبارة الأخيرة يتحدث الأخفش عن فريق من العلماء يرى أن أصل السين في مستفعلن زيادة كما يراها الأخفش .

والآن لنكتب أوزان البحر الخفيف كما يراها الأخفش ومن معه ممن زعم أن السين زيادة :

الخفيف التام فاعلاتن مفاعلن فاعلاتن

/O//O/ O//O//O /O//O/O

والمحذوف المخبون فاعلاتن مفاعلن فعلا

/O//O/ O//O//O ///O

والخفيف المجزوء فاعلاتن مفاعلن

/O//O/ O//O//O

ولكي نجمع الأجزاء المتشابهة في علم العروض نذهب الآن للبحر المتقارب , وعلى الرغم من أن الخليل جعل المتقارب في دائرة وحده (دائرة المتفق) , إلا أنه افترض فيه التمام مع سلامة الأجزاء وجعل وزنه كما يلي :

المتقارب التام فعولن فعولن فعولن فعولن

//O/ O//O/ O//O/ O//O/O

و المجزوء فعولن فعولن فعولن

//O/ O//O/ O//O/ O

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) , (2) المصدر السابق صـ 57

لكن الواقع الشعري جعل الخليل يقول عن المجزوء أنه لم يستخدم إلا محذوفا

فعولن فعولن فعو

//O/ O//O/ O//O

ويقول الخليل عن التام : ويجوز في عروضه القبض والحذف في القصيدة الواحدة , والواقع الشعري يقول أن الغالب في المتقارب التام أن يأتي محذوفا , ويأتي في الغالب الأعم على صيغة معينة , حيث تنتهي بـ فعول //O/ المقبوضة , وتكون واوها حرف لين ممدود في الغالب , أو ساكن فيما ندر(1)؛

وسيرا على منهج الخليل في فك البحور من الدوائر , فك أحدهم (يشاع أنه الأخفش) بحرا من دائرة المتفق , وسماه البحر المتدارك وجعل وزنه كالتالي :

التام فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن

/O// O/O// O/O// O/O//O

والمجزوء فاعلن فاعلن فاعلن

/O// O/O//O /O//O

وعلى طريقة الخليل في اعتبار الأصل المستخرج من الدائرة يتغير عند الاستخدام , يقول : ولم يستعمل إلا مخبونا أو مقطوعا

المخبون فعلن فعلن فعلن فعلن

///O ///O ///O ///O

والمقطوع فع لن فع لن فع لن فع لن

/O/O /O/O /O/O /O/O

والواقع الشعري خليط بين فعلن و فع لن ويسمونه بالخبب .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نقدم شرح تفصيلي بالإحصاء في باب البحر المتقارب .

وإلى اليوم لا يزال الخلاف قائما بين العروضيين في أمر البحر المتدارك والخبب , فريق ينسب الخبب لبحور الخليل , ويزعم أنه المتدرارك المستخرج من دائرة المتفق وقد دخله الخبن والقطع ؛

وفريق يقول أن المقطوع المخبون ليس له علاقة بدوائر الخليل , ولا ينتمي إلى بحوره , ويقول أن الوزن الأصلي للمتدارك (فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن ) من البحور المهملة ولم تنظم عليه العرب.

فهل حقا أهملت العرب هذا البحر ولم ينظموا عليه ؟

للإجابة عن هذا السؤال سنتخذ منهج الأخفش في اعتبار أن المستعمل هو الأصل , فإذا كان مجزوء المتقارب لم يستخدم إلا محذوفا , فسنفترض نحن أن أصل مجزوء المتقارب أن يكون محذوفا , وسنبحث عن شقيقه في الدائرة ونتوقع أن يشبهه ,

فإذا كان مجزوء المتقارب فعولن فعولن فعو

//O/O //O/O //O

فنتوقع أن يكون مجزوء المتدارك فاعلن فاعلن علن

/O//O /O//O //O

ولو وجده الخليل مستخدما بهذه الصيغة لقال عنه : ولم يستخدم إلا مقطوعا مخبونا , وسيقول وأصل عروضه فاعلن دخلها القطع فصارت فع لن , ثم دخلها الخبن فصارت فعن , ثم نقلت إلى علن ,

فاعلن قطع فع لن خبن علن

/O// O ← /O/O ← //O

ولو أعدنا تقطيع وتسمية وزن مجزوء المتدارك كما توقعناه

فاعلن فاعلن علن

/O//O /O//O //O

/O//O/O //O //O

فاعلاتن مفاعلن

النتيجة واضحة تماما , فمجزوء المتدارك هو نفسه مجزوء الخفيف , أخفاه الخليل في صياغته للبحر الخفيف , وزاده خفاء بصياغة المتقارب باعتبار أن أصله التمام مع سلامة الأجزاء (1).

ولو أردنا وصف ما حدث لمجزوء المتقارب ومجزوء الخفيف نقول : في مجزوء المتقارب تكررت التفعيلة فعولن مرتين , ثم جاءت الثالثة وقد حذف سبب من آخرها (فعولن فعولن فعو

وفي مجزوء الخفيف حدث أمر مشابه , حيث تكررت التفعيلة فاعلن مرتين , ثم جاءت الثالثة وقد حذف سبب لكن من أولها , (فاعلن فاعلن علن)

فهل تكررهذا الأمر في بحور أخرى؟ نعم نجد الأمر قد تكرر في

(1) الوافر: مفاعلتن مفاعلتن مفاعي وتنقل إلى (فعولن)

//O///O //O///O //O/O

حيث تكررت مفاعلتن مرتين , والثالثة (حذف سبب من آخرها),

(2) السريع : مستفعلن مستفعلن تفعلن وتنقل إلى (فاعلن)

/O/O//O /O/O//O /O//O

أيضا تكررت مستفعلن مرتين , والثالثة (حذف سبب من أولها) ,

ولو سألنا الخليل ماذا حدث لـ مستفعلن ؟ سيجيب : دخلها القطع فصارت مفعولن ثم دخلها الطي فصارت فاعلن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)أخفى الخليل في وزن الخفيف التام سرا آخر من أسرار علم العروض نذكره تاليا.

(3) الرمل: فاعلاتن فاعلاتن فاعلا وتنقل إلى(فاعلن)

/O//O/O /O//O/O /O//O

وأيضا تكررت فاعلاتن مرتين , والثالثة (حذف سبب من أخرها)

لكن نلاحظ هنا أن التفعيلة فاعلاتن تبدأ بسبب وتنتهي بسبب , فنتوقع أن يكون لها صيغة أخرى , حيث تتكرر فيها فاعلاتن مرتين , والثالثة يحذف سبب من أولها , وتكون صيغته كالتالي :

(4) فاعلاتن فاعلاتن علاتن وتنقل إلى (فعولن)

/O//O/O /O//O/O //O/O

ولو سألنا الخليل ماذا حدث لـ فاعلاتن ؟ سيجيب دخلها التشعيث فصارت فالاتن , ثم دخلها الخبن فصارت فلاتن , ونقلت لـ فعولن,

فاعلاتن تشعيث فالاتن خبن فلاتن (فعولن)

/O//O/O ← /O/O/O ← //O/O

والخليل بالفعل وجد هذا الوزن , لكن كعادته أخفاه في صيغة أخرى , استخرجها من الدائرة الأولى (دائرة المختلف), واعتبره بحرا مستقلا, وصنفه على أنه من البحور المركبة , وسماه المديد , وافترض فيه التمام مع سلامة الأجزاء , شأنه شأن أخويه في الدائرة (الطويل والبسيط) , وصاغه كالتالي :

فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن

/O//O/O /O//O /O//O/O /O//O

لكن الواقع الشعري جعل الخليل يقول : أن العرب لم تستعمله إلا مجزوءا , وبإعادة تقطيع وتسمية الوزن المجزوء يبدو الأمر جليا

فاعلاتن فاعلن فاعلاتن

/O//O/O /O//O /O//O/O

/O//O/O /O//O/O //O/O

فاعلاتن فاعلاتن فعولن

لمزيد من التوضيح نجمع المتشابه معا لنؤصل لقاعدة التصنيف:

ذكرنا من قبل أن الخليل جمع أربعة وثلاثين وزنا للشطر الأول , وثلاثة وستين وزنا للشطر الثاني , لكنه عند التصنيف لم يجعل كل وزن منها بحرا على حده , وإنما جعل البحور خمسة عشر بحرا فقط , فجمع الأوزان المتشابهة معا تحت بحر واحد ؛

فقد صنف الخليل ثلاثة أوزان تحت مسمى البحر السريع هي :

مستفعلن مستفعلن فاعلن /O/O//O /O/O//O /O//O

مستفعلن مستفعلن فعلن /O/O//O /O/O//O ///O

مستفعلن مستفعلن فعولن /O/O//O /O/O//O //O/O

في كل منها تتكرر مستفعلن مرتين ثم يزيد بعدها مرة بـ فاعلن ومرة ثانية بـ فعلن وثالثة بـ فعولن في المشطور ؛

كما صنف وزنين تحت مسمى البحر الوافر , ( مجزوء الوافر , والوافر التام المقطوف) ,

مجزوء الوافر يتكرر فيه مفاعلتن مرتين , والوافر التام المقطوف يزيد عن المجزوء بـ فعولن في نهايته ,

مفاعلتن مفاعلتن //O///O //O///O

مفاعلتن مفاعلتن فعولن //O///O //O///O //O/O

فكان من المنطقي أن يصنف الخليل وزن (مجزوء المديد) تحت بحر الرمل ,

فمجزوء الرمل يتكرر فيه فاعلاتن مرتين , والرمل التام المشعث المخبون (مجزوءالمديد) يزيد عن المجزوء بـ فعولن في نهايته

فاعلاتن فاعلاتن /O//O/O /O//O/O

فاعلاتن فاعلاتن فعولن /O//O/O /O//O/O //O/O

وإن عدنا لبحر الرمل مرة أخرى , سنجد أن الخليل قد صنف وزنين تحت هذا البحر , (مجزوء الرمل , والرمل التام المحذوف) ,مجزوء الرمل تتكرر فيه فاعلاتن مرتين , والرمل التام المحذوف يزيد عن المجزوء بـ فاعلن في نهايته ,

فاعلاتن فاعلاتن /O//O/O /O//O/O

فاعلاتن فاعلاتن فاعلن /O//O/O /O//O/O /O//O

كما صنف وزنين تحت مسمى البحر الكامل , ( مجزوء الكامل والكامل التام الأحذ ) ,

مجزوء الكامل يتكرر فيه متفاعلن مرتين , والكامل التام الأحذ يزيد عن المجزوء بـ فعلن في نهايته ,

متفاعلن متفاعلن ///O//O ///O//O

متفاعلن متفاعلن فعلن ///O//O ///O//O ///O

وكذلك كان من المفترض أن يصنف الخليل أوزان السريع الثلاثة (المكشوف المطوي , والمكشوف المخبول , والمكشوف المخبون) تحت بحر الرجز ,

فمجزوء الرجز تتكرر فيه مستفعلن مرتين , والسريع يزيد عن المجزوء مرة بـ فاعلن مثل الرمل التام ومرة بـ فعلن مثل الكامل الأحذ ,وثالثة بـ فعولن مثل الوافر التام المقطوف .

مستفعلن مستفعلن /O/O//O /O/O//O

مستفعلن مستفعلن فاعلن /O/O//O /O/O//O /O//O

مستفعلن مستفعلن فعلن /O/O//O /O/O//O ///O

مستفعلن مستفعلن فعولن /O/O//O /O/O//O //O/O

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في مشطور السريع يدخل الشق كعلة جارية مجرى الزحاف على فعولن .

مما لا شك فيه أن الجزء الزائد بعد التفعيلة المكررة يحدث تنويعا في موسيقى الأوزان , لكنها جميعا تشترك في أصل الوزن , لذلك فإننا نصنفها تحت مسمى بحر واحد , وما يزيد على الوزن الأصلي للبحر يقابله زيادة في التسمية تدل عليه (1) .

من وزن مجزوء الخفيف - وكما عرفنا أنه هو نفسه مجزوء المتدارك - ومن وزن مجزوء المتقارب , ومن الأوزان المشابهة لهما والتي ذكرناها فيما سبق , نخرج بملاحظتين هامتين , تتكرر كظاهرة في تلك الأوزان ,

الملاحظة أو الظاهرة الأولى :

أن التفعيلة ( الجملة الإيقاعية ) تتكرر مرتين متواليتين في الوزن ( العبارة الإيقاعية ) , وهو ما سميته ظاهرة أو قاعدة ( التكرار الثنائي ) , والخط الفاصل بين الجملتين سميته ( محور التكرار ) .

الملاحظة أو الظاهرة الثانية :

أن ما يأتي بعد التكرار الثنائي يكون واحدا من أربعة :

(//O , ///O , /O//O , //O/O) , وقد سميتها :( الفواصل الموسيقية ) , واحدها ( فاصلة موسيقية ) , والظاهرة نفسها سميتها ( الفصل الموسيقي ) ,

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سنعيد تسمية الأوزان وسنجمع بين الاسم القديم والجديد كلما أمكن .

ولوعدنا لوزن الخفيف التام سنلاحظ الظاهرة الثالثة والتي سميتها (الانعكاس الموسيقي )

فـاعـلاتـن مـفـا عـلـن فـعـلاتـن

/O//O /O//O │ //O/ O//O/O

فاعلن فاعلن فعولن فعولن

حيث يظهر الخط الفاصل│ بين الوتدين المتجاورين كسطح مرآة عاكس (محور الانعكاس) , تنعكس فيه صورة النصف الأول من الوزن , ويقرأ الوزن من يسار محور الانعكاس لنهاية الوزن بنفس الترتيب الذي يقرأ به من يمين محور الانعكاس لبداية الوزن , ويقرأ من أول الوزن لآخره كما يقرأ من آخر الوزن لأوله .

وهي ظاهرة تتكرر في أوزان أخرى , ولكي نلاحظها يجب أن نذكر أن الحركة الوسطى الثابتة للفاصلة الثابتة ///O في نهاية وزن الكامل الأحذ هي في الأصل الحركة المترددة في (الفاصلة المترددة /Ø/ O) , وقد تم استبدالهما بالحركة الثابتة لتصبح الحركات الثلاث متساوية وتشكل معا فاصلة موسيقية في نهاية الوزن (الفاصلة الثابتة ///O ) ؛

والسريع المكشوف المخبول مثل الكامل فيما ذكرناه إلا أن أصل الحركة هو ساكن السبب الخفيف الأول المقرون , ويمكن كتابة الوزن مرتين , مرة بالفاصلة الثابتة ومرة بالسببين(1) , ليظهر التماثل بين نصفي الانعكاس في أصل الوزن ؛

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) السبب الثقيل ذو الحركة القلقة يماثل السبب الخفيف موسيقيا , ويحل كل منهما محل الآخر في حشو ثلاثة بحور هي : الكامل والرجز والخبب .

ونجد الانعكاس الموسيقي تكرر في الأوزان التالية :

محور الانعكاس

(1) متفاعلن متـ فاعلن فعلن

الكامل الأحذ /Ø/O//O/Ø │ /O//O///O

الكامل الأحذ /Ø/O//O/Ø │ /O//O/Ø/O

الكامل التام /Ø/O//O/Ø │ /O//O/Ø/O //O

(2) مستفعلن مسـ تفعلن فعلن

السريع /O/O//O/O │ /O//O///O

السريع /O/O//O/O │ /O//O/O/O

الرجز التام /O/O//O/O │ /O//O/O/O //O

مـسـتـفـعـلاتـن فـاعـلاتـن لن علن

نلاحظ أن وزن الكامل التام يزيد عن الأحذ بوتد //O في نهايته ؛ كما نلاحظ أن وزن الرجز التام يزيد عن السريع بوتد//O في نهايته ؛ ويعمل الوتد هنا كفاصلة موسيقية بعد الانعكاس الموسيقي.

وبالمثل يمكن قراءة وزن البحر الطويل بنفس الطريقة (1) , حيث يحدث الانعكاس الموسيقى , ثم يزيد الوتد نهاية الوزن , حيث يعمل كفاصلة موسيقية بعد الانعكاس الموسيقي (2)

فعولن فعولن فاعلن فاعلن

(3) //O/O //O/O │ /O// O/O//O

الطويل //O/O //O/O │ /O// O/O//O //O

فعولن فعولن فاعلن فاعلن علن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وكذلك يمكن قراءة مجزوء المديد المحذوف بنفس الطريقة

فـاعـلاتـن فـاعـلاتـن علن

المديد المحذوف /O//O/O │ /O//O/ O//O

(2) بالإضافة لوظائف أخرى نذكرها في حينها .

الآن يمكننا القول أن علم العروض له ثلاث قواعد (ظواهر) أساسية (1) يمكن البناء عليها :

(1) قاعدة : التكرار الثنائي

(2) قاعدة : الانعكاس الموسيقى

(3) قاعدة : الفصل الموسيقي (2)

و رغم وضوح وسهولة الأفكار التي نقدمها في هذا الكتاب , إلا أن المهمة كانت مزدوجة وشاقة , حيث نقوم بهدم البناء القديم , واستخدام الصالح من أنقاضه لإعادة البناء الجديد ؛ فالأمر كان أشبه باستخلاص الذهب من المناجم ؛ ففي كل طن من الصخور نجد بضع جرامات من الذهب الخالص .

ما ذكرناه في الصفحات السابقة هو مقدمة لكتابنا (فقه العروض) ؛ كان الهدف منها تسليط الضوء على بعض جوانب القصور في عروض الخليل , ومعرفة بعض عيوب الدوائر العروضية ؛ وحان الوقت لنقدم علم العروض في صياغته الجديدة ؛ ونبدأ بالأبواب التمهيدية الجديد منها والتقليدي :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) قلنا أن الظواهر الثلاثة تمثل القواعد (الأساسية) , لأن هناك قواعد أخرى سنكمل بها البناء الموسيقي للعروض , نذكرها في حينها , وذلك لدواعي التدرج في البناء المعرفي , وحتى لا نصطدم بالموروث من علم العروض الخليلي.

(2) أما الفصل اللفظي فيختص بدراسته (علم القافية) , لكن العلاقة بين الفصل الموسيقي والفصل اللفظي نذكرها في باب الأعاريض والأضرب.

(3) ما ذكرناه من الأوزان (التي تبدو فيها الظواهر الموسيقية الثلاث الأساسية) سيتسع ليشمل أوزانا أخرى غير التي ذكرناها , وستظهر منها أشكالا أخرى غير التي لاحظناها , كما سيظهر التداخل والتناغم والتكامل التام فيما بينها .

******************

ثمة تناول للموضوع على الرابطين :

http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=91649

http://arood.com/vb/showthread.php?p=85101#post85101

وأنقل منه :

تاريخ التسجيل: Nov 2005

المشاركات: 13,920

مشاهدة المشاركة

اقتباس

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د.أحمد سالم

خطوة متقدمة على الطريق الصحيح

وهي ملاحظة لو أحسنت استخدامها وتطويرها واختبرتها على باقي الأوزان لأجابتك عن كثير من الأسئلة , ولعرفت جيدا كيف تقطع الطريق على من يدعي توليد البحور الجديدة

فالتحدي الحقيقي أن يأتي أحدهم ببحر جديد يتبع قواعد الإيقاع الموسيقي الثلاث (التكرار الثنائي والانعكاس الموسيقي والفصل الموسيقي)

لكنها في نفس الوقت تبتعد بك عن الموروث العروضي الذي لم يكن إلا خطوة على طريق العلم تنتظر من يكمل الطريق لنهايته

وسأعيد هنا الرد على ما قولتني إياه من أنني أتراجع عن قولي أن المتدارك هو الخفيف (فأنا لم أقل ذلك ولن أقوله لأنه بكل بساطة يتنافى مع المنطق :

سيدي الكريم

دوائر الخليل وطريقته في اشتقاق البحور منها هي من أوقعت (الشخص الذي استدرك البحر المتدارك) في هذا الخطأ حين افترض أن المتدارك يجب أن يكون وزنه

فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن

ولو أدرك الخليل أن إيقاع الشعر العربي ليس مجرد تفاعيل متراصة جنبا إلى جنب وأن هناك قوانين عليا تحكم هذا الإيقاع وتسري في كل الأوزان لما وقع هو ولا هذا المستدرك في مثل هذا الخطأ

ولو تعامل الخليل مع واقع الشعر العربي وحاول استنباط قوانينه لما افترض أن الأصل في مجزوء المتقارب أن يكون سالما وأن الحذف هو أمر طارئ على الوزن

ووقتها كان سيدرك أن وزن مجزوء المتدارك يجب أن يتبع نفس قوانين العروض فيجب أن تتكرر التفعيلة فاعلن مرتين والتفعيلة الثالتة يجب أن يحذف منها سبب خفيف

وهو ما حدث في

مجزوء المتقارب

الرمل التام

الوافر التام

السريع

فإذا كانت كل هذه الأوزان تتبع نفس النمط الإيقاعي فلماذا يشذ عنها مجزوء المتدارك !؟

الخطأ إذا في عدم إدراك الخليل لهذا القانون العروضي وهو ما قاد العروضيين للخطأ القائل بأن وزن مجزوء المتدارك

فاعلن فاعلن فاعلن

وعندما أحاول أنا أن أسايرهم في زعمهم بأن الوزن بالتفاعيل السالمة سأعتبره أصلا مستخرجا من الدائرة لكنه في الواقع دخل عليه زحافات وعلل حولت التفعيلة الأخيرة من فاعلن إلى علن

فيجب على المنصف منهم أن يستوعب ما قلت وخاصة عندما أحدثه بقواعده وقوانينه هو

وإن لم يصدق ما قلت فليخبرني هو عن السبب الذي جعل العرب تهمل استخدام تفعيلة فاعلن ولا تنظم شعرا على بحر مركب منها

وليخبرني أيضا لماذا لم يشتخدم مجزوء المتقارب إلا محذوفا

ولماذا لم يستخدم الرمل التام إلا محذوفا

ولماذا لم يستخدم الوافر التام إلا مقطوفا

ولماذا لم يستخدم المديد إلا مجزوءا

ولماذا لم يستخدم السريع إلا مكشوفا مطويا أو مكشوفا مخبولا

وإذا لم يجد إجابة عن هذه الأسئلة فليأت لكتابي فقه العروض لأخبره عن إجابة واحدة تفسر له كل ما عجز عن تفسيره

أو ليذهب لكتب العروض ويخبرني من من السابقين أجاب عن أي سؤال منها

وسأجمع مائة سؤال في التعليق التالي وليخبرني من يدعي أن علم العروض نشأ كاملا عن إجابتها

وهو تحد قائم لكل من يدعي كمال عروض الخليل

.

هو تحد علمي لا علاقة له بالغرور الشخصي حتى لا يتحول النقاش لهجوم شخصي

دمتم بخير

أعجبني · رد · 48 دقيقة · تم تعديله

د.أحمد سالم

د.أحمد سالم من الأسئلة المائة

(1) في المتقارب لماذا لا تقبض فعولن قبل العروض والضرب

(2) في المتقارب لماذا يستحسن العروضيون الحذف في العروض ولماذا يكثر منه الشعراء

(3) في المتقارب لماذا يستخدم الشعراء الضرب المحذوف أكثر من الضرب السالم (224 مرة للضرب المحذوف مقابل 73 مرة للضرب السالم) في إحصاء العلمي

(4) في البحر الطويل لماذا لم تأت العروض إلا مقبوضة

(5) في البحر الطويل لماذا استثقل الشعراء قبض مفاعيلن في الحشو فجاء هذا الزحاف بنسبة قليلة في العصر الجاهلي ثم اختفى في العصور اللاحقة (والإجابة بأن الشعراء يستثقلون اجتماع ثلاثة أوتاد متتالية سيتبعها نفس السؤال لماذا)

(6) في البحر الطويل في الضرب المحذوف لماذا يلتزم الشعراء بالاعتماد (في مجملهم بعيدا عن امرؤ القيس)

(7) في البحر الطويل لماذا يستخدم الشعراء الضرب المقبوض أكثر من الضرب السالم (3023 مرة للمقبوض مقابل 570 مرة للمحذوف ) احصاء العلمي

(8) في البحر الطويل لماذا لم يستخدمه العرب مجزوءا

(9) في البحر البسيط لماذا لا تأتي العروض إلا مخبونة

(10) في البحر البسيط لماذا لا يدخل الخبن ولا الطي مستفعلن الثانية (وأيضا إن قيل يستثقل الشعراء اجتماع ثلاثة أوتاد متتالية قلنا لماذا)

(11) في البحر البسيط لماذا لم ماتت كل مجزوآته مبتسرة ولم ينج منها إلا المخلع

(12) في البحر الهزج لماذا لم يستخدم إلا مجزوءا

(13) في البحر الهزج لماذا لا يدخل القبض كزحاف على مفاعيلن

(14) في البحر المنسرح لماذا لا تأتي عروضه إلا مطوية

(15) في البحر المنسرح لماذا يكثر طي مفعولات حتى قال عنها الأخفش أن أصلها فاعلات ولماذا يستحسنها العروضيون

(16) في البحر المقتضب لماذا لم يستخدم إلا إلا مجزوءا

(17) في البحر المقتضب لماذا لا تأتي عروضه إلا مطوية

(18) في البحر المقتضب لماذا لا تأتي

(19) في البحر الوافر لماذا لا تأتي عروضه وضربه إلا مقطوفان

(20) في البحر الوافر لماذا لا يدخل زحاف القبض على عروضه

هذه عشرون سؤالا من المائة على أن نكمل لاحقا

دمتم في أمان الله

أخي وأستاذي الكريم د. أحمد سالم

تداخلت عدة قضايا من شأن عدم تمييزها تعقيد الأمور وعدم الوصول المشترك إلى أية نتيجة وهذه الأمور هي:

1- الحوار ، ويكون أخذا وردا استقبالا وإرسالا. وقد أعطيت الأولوية له في تناولي للمقدمة التي بدأت بها، ولم أتلق منك أي رد على أي منها. كما لم يظهر من مشاركاتك أنك اطلعت على أي من المواضيع التي أشرت عليك بها. وعليه فليس ثمة حوار في الواقع. وعليه أتوقف هنا عن الحوار.

وسأواصل تناول المقدمة قدر المستطاع لبيان رأيي فيما احتوته من الأسس التي بنيت عليها نظريتك. وسأقوم بذلك توضيحا لمنهجية الرقمي في تناول الآراء المختلفة.

وهذا في الأساس موجه لمن درسوا الرقمي، ويفهمون منهجية الخليل من خلاله.

2- التدريس، وهذا ما تقوم به حضرتك وحقيقة أعتقد أن انطلاقك من عروض الخليل واستعمال مصطلحاته لنقض نظريته – وإن كان مبررا لديك – إلا أنه يولد من التشويش في ذهن القارئ ما يصعب عليه الفهم. ويعود إليك اختيار الأسلوب المناسب لتدريس ما تراه.

وكنت أنوي أن أدرس منهجك بقدر المستطاع ولكن دراسة التفاصيل لا جدوى لها إن لم تكن بعد تقرير الأسس. ولا أراني متفقا معك حتى الآن فيما قرأته لديك من أسس خاصة ما تناولت به منهج الخليل من اتهامات وصدودك عن الإجابة تعلى أي رد من ردودي حول آرائك في منهج الخليل. وهذا ما ثبط عزيمتي في المضي قدما في الدراسة تحت ضغط ضيق الوقت.

كان يسعك في تقديم منهجك ما وسع د. أحمد مستجير في تقديم منهجه بأدواته الخاصة دون التعرض لمنهج الخليل.

أستاذي الكريم

خذني على قدر عقلي . عندما تقول :

" دوائر الخليل وطريقته في اشتقاق البحور منها هي من أوقعت (الشخص الذي استدرك البحر المتدارك) في هذا الخطأ حين افترض أن المتدارك يجب أن يكون وزنه

فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن

ولو أدرك الخليل أن إيقاع الشعر العربي ليس مجرد تفاعيل متراصة جنبا إلى جنب وأن هناك قوانين عليا تحكم هذا الإيقاع وتسري في كل الأوزان لما وقع هو ولا هذا المستدرك في مثل هذا الخطأ

ولو تعامل الخليل مع واقع الشعر العربي وحاول استنباط قوانينه لما افترض أن الأصل في مجزوء المتقارب أن يكون سالما وأن الحذف هو أمر طارئ على الوزن

ووقتها كان سيدرك أن وزن مجزوء المتدارك يجب أن يتبع نفس قوانين العروض فيجب أن تتكرر التفعيلة فاعلن مرتين والتفعيلة الثالتة يجب أن يحذف منها سبب خفيف "

وقد سبق في ذهني من تصور منهج الخليل ما يدحض كل ما تفضلت به ، وأن كل دارس للرقمي يعرف أنك تقول عكس ما فهمه من منهج الخليل. ولا تبالي بردودي التي تبين ذلك ، فكيف تتوقع مني أو ممن فهم الرقمي أن يهمل تفكيره وينصرف لدراسة بناء واهي الأسس كما تدل عليه مقدماتك.

سأرد هنا ا على النقطة الأخيرة لأريك كيف يكون الانطلاق من منهج الخليل في الرد على قولك

إن : فعولن فعولن فعو = 3 2 3 2 3 2 التي لحقتها علة الحذف يترتب عليها أن مجزوء المتدارك هو = فاعلن فاعلن علن = 2 3 2 3 3

لو أنك قرأت ردي عليك بخص التمييز بين 2 3 2 3 3 مجزوء الخفيف وتصورك وهو 2 3 2 3 3 في رأيك لكنت أخذت ذلك بعين الاعتتبار في جوابك تصحيحا له أو موافقة عليه. ولكن...

الصواب انطلاقا من منهج الخليل أن الانتقاص يكون من آخر الأصل وإذا كنت لا بد قائسا على مجزوء المتقارب الذي لحقه الحذف ( -2 ) فإن المنطق المنسجم مع منهج الخليل أن تقول إنه يتوقع في مجزوء المتدارك أن يلحقه حذف آخر مقطع منه وهو الوتد بما يشابه الحذذ في الكامل. بحيث تتولد الصورة التالية من مجزوء المتدارك : فاعلن فاعلن فا = 2 3 2 3 2

وهذا الوزن هو الوزن الذي جاء به أبو العتاهية وقال بسببه إنه أكبر من العروض :

عتب ما للخيال .... خبريني ومالي

ونسبة هذه الصورة لمجزوء المتدارك لم يقل بها الخليل ولكن منهجه يسعها. ويصح على أساسها القول :

عتب ما للخيالِ .... ما لذاك ومالي

2 3 2 3 2 ......2 3 1 3 2

كما يمكن اعتبار الوزن حسب منهج الخليل منتميا للخفيف = فاعلاتن متفعِ لْ = 2 3 2 3 2

وأنقل لك من الرابط:

http://www.arood.com/vb/showthread.php?t=665

يصح اعتبارها من بعض المتدارك المرفل لو أتت على النحو التالي مع ملاحظة تصريع المطلع:‏

عُتبُ ما لِلخَيالِ ..... خَبِّريني وَمالي

لا أَراهُ أتى ..... زائِراً مُذ لَيالِ

‏2 3 2 3 .....2 3 2 3 2 ‏

لَو رَآني أخٌ ..... رَقَّ لي أَو رَثى لي

****

المشكلة لديك هو اختلاط المقدمات بالتطبيق بمهاجمة الخليل مرة واحدة لا تساعدك أبدا على طرح منهجك.

إن اهتدائي إلى أفضل سبل تدريس الرقمي استغرقت سنين.

****

إن الأسئلة التي طرحتها " لماذا لم يرد كذا إلا كذا "

جوابها جميعا لأن العرب قالت على ذلك. ولا شك أنك تقصد : " لماذا قالت العرب على هذا النحو " وجواب كثير من هذه الأسئلة وارد في الرقمي.

ومع ذلك فإن طرحها يدل على حيوية فكرية أسأله تعالى أن يوفقك على أن تسلك بها الطريق المناسب وأن تطلع على ما أورده الرقمي من أجوبة حولها أو حول بعضها. حتى لو من قبيل اكتشاف أخطاء الرقمي وتصحيحها وتجنب الوقوع في مثلها.

المنتدى منتداك ، والصفحة في الفيس بك صفحتك، ولك أن تنشر فيهما ما تراه ، وهذا ما استطعت أن أشارك به ولعل سواي من أساتذة العروض عامة يكملون معك المشوار.

حفظك ربي ورعاك.