"وما علمناه الشعر"

"وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين"

صدق الله العظيم.

اللغـة العربية لغة جميلة، وقد كتب الكثير عن مواطن الجمال فيها قديما وحديثا، ومن مظاهر جمالها الموسيقى التي تتخلل نثرها ولا أعني في ذلك نثرها الفني أو المسجوع أو المعد إعدادا يراعى فيه تناسب الفواصل، وإنما يتغلغل في الكلام الذي يساق لا لإنكار هذه الخاصية للّغة في نثرها بل لهدمها في شعرها. ومثال هذا ما جاء في الملحق السابع في تحليل عروضي لمقالة يدعو كاتبها إلى قصيدة النثر المتحررة من التفاعيل، ويأخذ على السياب ونازك الملائكة خروجهما الناقص عن عمود الشعر باحتفاظهما بالتفاعيل في (شعرهما الحر).ويظهر تحليل هذه المقالة أنها حافلة لا بالتفاعيل فحسب بل بأشطر لعدة بحور:

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/alkhayto-wannaseej

ولا غرابة في هذا لأن أغلب الكلام على وزن تفعيلة أو أخرى، وتجاور بضع تفاعيل يوافق وزن شطر بحرٍ ما احتمال كبير دون أن يكون مقصودا لذاته، وورود قدر معقول من النثر دون أن يكون فيه ما يوافق شيئا من أشطر البحور هو الأقل احتمالا، بل ما يتطلب

تكلفا وجهدا .ولا تُنقِص عفوية هذا التوافق من جمال وقعه مع تفاوت في هذا الجمال. ويفسر تتالي الأوزان الشعرية وتداخلها بعضا مما يحسه المستمع أو القارئ من تأثر بنص ما.والقرآن الكريم نزل بلغة العرب، ويجسد خصائصها أفضل تجسيد، وفي الفقرات القليلة التالية أبين بعض ما ساعدني التقطيع الرقمي في استجلائه مما أظنه تفسيرا لبعض جوانب الجمال في الكتاب الكريم.آملا إن كان ما

ذهبت إليه صحيحا أن يكون بداية في هذا السبيل، يكون لي فيه شيءٌ من أجره إن شاء الله تعالى. إن استعمال كلمة عروض في مقام كتاب الله الكريم يكسب مفهومها المحدود بأوزان الشعر سعة تجعله أداةً لكشف الخصائص الجمالية للأداء اللفظي لِلِّغَةِ ولِلُغَةٍ بعامة في أسمى تعبير لها في القرآن الكريم، كما يبين أشكالا من الجمال الإيقاعي، لابد أن يكون سبق بها كل كلام غيره ،وللقرآن إيقاعه الخاص به والذي يميزه عن إيقاع الشعر. يقول ع.إبراهيم أنيس //ع. علامة مقترحة بدل د. دكتور //بصدد قوله تعالى:"وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين." تحت عنوان (النسج القرآني وأوزان الشعر- وذكر طرفا من آراء الباقلاني صاحب كتاب إعجاز القرآن في نفي الشعر عن القرآن، ثم يقول "أما نفي الشعر عن القرآن فليس المراد منه إلا نفي معانيه وأخيلته تلك التي قد تصور الأمور على غير حقيقتها " إلى أن يقول :"هنا ننـزه النبي صلعم عن أن يكون من شعرائهم الماجنين الذين يهيمون في كل واد، والذين يخدعون الألباب ويضللون العقول."ومع صحة نفي الباطل كله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شكلا وموضوعا، إلا أن وضع هذا الكلام في هذا السياق جعلني –لاقتصاره نفي تهمة الشعر عن رسول الله من حيث بطلان مضمونه فحسب –أخشى أن يوشك أن ينسبه إليه في شكله مادحا له لتضمينه إياه مضامين إسلامية.وما ذاك إلا للتوفيق بين الإيمان بنفي الشعر عن القرآن من جهة والتطابق الوزني بين كثير من الآيات وأوزان أشطر أو حتى بيت واحد من الشعر من جهة أخرى. ثم يقول:"أما من ناحية الموسيقى وتردد القوافي، فلا ضير ولا غضاضة من أن نصف القرآن بها ،فقد نزل القرآن بلسان عربي مبين، لسان موسيقي تستمتع الأسماع بلفظ كلماته وتخضع مقاطعه في تواليها لنظام خاص يراعيه الناظم مراعاة دقيقة ،ويعمد إليه عمدا ولا يحيد عنه في شعره، وتتردد في كلماته مقاطع بعينها فتستريح إلى ترددها الآذان، وتلك هي التي تسمى بالقوافي، وكل هذا يكسب الكلام جمالا وكمالا. فالنثر حين يرسل إرسالا ولا ينظر إلى حسن موسيقاه ، يبعد في توالي مقاطعه ونظامها عن ذلك الذي نعهده في الشعر ونتقيد به في النظم. فإذا عني المرؤ بموسيقاه مالت مقاطعه في تواليها إلى الشعر وكثرت فيه المقاطع التي تتردد بعينها والتي قد تسمى قوافي. فليس يعيب القرآن أن نحكم على أن في ألفاظه موسيقى كموسيقى الشعر، وقوافي كقوافي الشعر أو السجع، بل تلك ناحية من نواحي الجمال فيه"

ومما قاله ع. أنيس بتصرف :"العنصر الثالث من عناصر الموسيقى في الشعر العربي ونظام توالي المقاطع المسمى العروض وطبيعة الأصوات التي يتألف منها الشطر ثم الإيقاع الشعري………فالنظام الخاص لتوالي المقاطع الذي تحدث عنه أهل العروض قد نجده في كثير منن نصوص النثر. ولم يصادف العروضيون أي مشقة للعثور عليه في بعض آيات القرآن الكريم ..ومع هذا فنحن حين نرتل هذه الآيات الترتيل المعروف لا نكاد نشعر في ترتيلنا ذلك الإيقاع الذي لا نلحظه إلا في إنشاد الشعر، أي في ترتيلنا المألوف للآيات يفتقد ذلك العنصر الأساسي الذي نسميه الإيقاع" ثم يعلق ع. كشك على ذلك بالقول: "ونحن نخالف الدكتور أنيس رائد علم اللغة حين يجعل إيقاعه مميزاً للشعر عن النثر بناء على المقارنة التي تمثل فيها آيات القرآن نماذج للنثر، فتلك مقارنة غير صائبة لأن للقرآن إيقاعه الذي يختلف عما للنثر من إيقاع .فواجب إذن أن نبحث عن إيقاع القرآن ؛لنقارن بينه وبين إيقاع الشعر .لا أن نكتفي بمعرفة الوقع الشعري ونقول أن لغة الشعر تختلف عن لغة النثر .ولو وضعنا القرآن بعيداً عن هذا الدرس لأمكن أن نتبين أن ذلك الإيقاع

الشعري لو طُبق على نثر لتحول إلى شعر .وحين يرى أنيس فيما أورده من آيات أنها لا تحوي إيقاعاً شعرياً ينسى أن السبب راجع لكونها تحمل إيقاعاً خاصاً بها فكيف نحمل الإيقاع إيقاعاً !"

من كلام ع.أنيس وكلام ع .كشك نخرج بكلمتين مفتاحين

الأولى : "النسج القرآني" وما أجمل هذا التعبير حيث أنه يقدم صورة معبرة، ولله وكتابه الكريم المثل الأعلى، فإن كل الخيوط التي في النسيج حزء منه، وأي خيط يسل من النسيج لا يعود منه، وأي خيط من خارج النسيج يشبه خيطا من خيوط النسيج لا يقارن بالنسيج أساسا . ولا تعدو الأحرف والمفردات، وأوزان الشعر، وما قد يتم تنميطه من أساليب النثر أن تكون مثيلاتها خيوطا من خيوط نسيج القرآن الكريم، والتشابه بين خيط خارج النسيج والنسيج أمر لا معنى له، كما أن عزف آلة منفردة لا يمكن أن تقارن بسمفونية تشترك فيها تلك الآلة.

الثانية: "الإيقاع القرآني" بصفته نظاما لتوالي المقاطع يكشفه العروض، كما يتضح من توافق العلامتين على ذلك، وواجب البحث عنه كما يقول ع.كشك. ولي هنا ملاحظة تتعلق بكلمتي قافية وإيقاع لارتباطهما بالشعر إلا أن يبين أن لهما مصطلحا آخر في مجال الذكر الحكيم، وبالنسبة لكلمة إيقاع فهي تتضمن تكرارا ما، وانسيابية التلاوة القرآن في القرآن الكريم متصلة متجددة كنهر

يتبدل مجراه من نقطة لأخرى مع بقاء انسيابية الماء الجاري فيه، بخلاف الشعر الذي هو تكرار لوزن وتفاعيل بعينها ومقدارها في كل بيت بل وكل شطر. وأقترح كلمة (نمط) في هذا الصدد للإشارة إلى الخصائص السمعية للقرآن الكريم. ويهذا الصدد يقول الشيخ جلال الحنفي في كتابه (العروض تهذيبه وإعادة تدوينه): (ص806)" إن التفاعيل العروضية لا يعني وجودها وجود الشعر أبدا، فهي كالحروف لا يعني وجودها وجود الكلام والعبارات ذات المعاني المفهومة وإنما يقع ذلك إذا تم رصف هذه الحروف على الهيئة التييتحقق بها لمعنى الكامل للكلام. وكذلك التفاعيل العروضية، فإنها ما لم تتألف على هيئة مرسومة لدى الشعراء ، فإنها لا يتأتى منها الشعر المعروف لدى أصحاب صناعته…………وعلى هذا لا يعد من الشعر ما ورد في القرآن الكريم وأقوال النبي صلى الله عليه وسلم مما تتتناوله التفاعيل بالمحاكاة والمطابقة ……..إن للشعر حدودا وأوصافا تتحقق بها شخصيته ويتبين بها شكله وموضوعه، فهو قواف منظومة على هيئة أبيات مؤلف كل بيت منها

على مصراعين متكافئين في المقادير الإيقاعية التي يطمئن إليها السمع ، ولا يتعثر بها الذهن، ويقال للمجموع تلك الأبيات قصيدة ………وإذا كان هناك من أمر غريب فهو أن يقول الباحثون في هذه المطالب إن ما ورد في المنثور القرآني من الجمل التي لها مثل شكل الأشطر الشعرية، بحيث يقتبسها الشعراء في قصائدهم، إنما يقع من ذلك ما يقع على وجه العفو واللاقصد، فهذا كلام لا يصح قوله لأن وقوع شيء من الناس على وجه العفو أمر معهود منهم، وليس ما يقع من الله بالذي تنطبق عليه هذه المقولة.".

من كل ما تقدم نرى أن لا شبهة لوصف القرآن بالشعر، ولكن هذا لا يعني أنه لا توجد أنماط تفعيلية سلسة في القرآن الكريم تتطابق مع تفاعيل الشعر وأوزان شطر وربما شطرين منه، ولكن ذلك لا يجعلها شعرا على الإطلاق، وإليك من الأمثلة هذه الاقتباسات من نظم الشهاب كما وردت في ميزان الذهب للسيد أحمد الهاشمي :

وزن البسيط:

إذا بسطت يدي أدعو على فئةٍ -- لاموا عليّ عسى تخلو أماكنهم

مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن -- فأصبحو لا ترى إلا مساكنم

وزن الطويل:

أطال عذولي فيه كفرانه الهوى -- وآمنت يا ذا الظبي فانس ولا تنفر

فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن -- فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر

هذا من حيث مطابقة الوزن لحدود الكلمات ، ولكن التحليل الرقمي يكشف عن تداخل الأوزان والكلمات بشكل انسيابي تجده الأذن جميلا دون اقتضاء تكرار أجزائه، وإليك أمثلة من هذه الأجزاء أولا ثم من تداخلها. فلو أخذنا قوله تعالى :" وكان عند الله وجيها " فإننا نجد الأذن تستريح لوقع

الآية ثم إذا كررنا :

"وكان عند الله وجيـ " وجدنا لها بتكرارها إيقاعا سائغا (3 3 2 2 1 3 ) وهذا على علمي ليس على وزن أي بحر من بحور الشعر. ويمكننا وصفه على ضوء التخاب بعد أوثق الموزون بأنه هكذا

إنا اعتصمنا بالصمد = 4 3 2 2 (2) 2

إذا اعتصمنا بالأحدِ -- بكل قطر أو بلدِ

نمشي على درب هُدىً -- ضعوا أياديكم بيدي

وإن تولّوا هم هُبلاً -- إنا استعذنا بالصّمدِ

ولعل هذا هو وقع السمسمية المشهورة في الغناء الشعبي المصري فهل القرآن غناء أم أن الغناء جاء بعد قرون مطابقا لهذا الوقع وبتكراره انتقل من وقع إلى إيقاع. كالنسيج تأخذ منه خيطا ثم تأتي بخيوط بطوله ولونه وتصفها إلى جانب بعضها فتعطيك تماثلا يسر العين ولكن أين هذه الخيوط من النسيج. وقد قمت بتحليل مقاطع الآيات الخمس والعشرين الأولى من سورة الإسراء على الحاسوب ولدى البحث عن هذا التراتب المقطعي وجدته في الآيات العاشرة والثالثة والعشرين والخامسة والعشرين ، وإليك مقاطع الآيات الكريمة و المقاطع الحمراء فيها تمثل الترتب المقطعي المذكور.

------------

الآية العاشرة

2 3 1 2 2 2 3 1 2 2 3 3 1 2 3 2 2 2 3

وتمثلها الألفاظ بين القوسين الكبيرين "ويدع الإنسن بالشر(دعاءَهُ بالشر وكا)

ن الإنسان عجولا"

فهل هناك عاقل يقول إن (دعاءه بالشر وكا ) تمثل شعرا أو حتى جملة مفيدة؟

------------------

الآية الرابعة والعشرون

2 3 2 3 2 3 3 2 2 2 3 1 1 2 3 1 2 2 3 3 1 2 2

وتمثلها الألفاظ بين القوسين الكبيرين "واخفض لـَ(هُما جناح الذلّ من الرْ) رحمةِ وقل ربّ ارحمهما كما ربياني صغيرا" فهل هناك عاقل يقول إن (هما جناح الذل من الرْ ) تمثل شعرا أو حتى جملة مفيدة؟

ولمزيد من التوضيح ولفك الارتباط في الذهن بين إيقاع الشعر وما في القرآن الكريم من عناصر الوقع المختلفة التي هي بمثابة الخيوط في النسيج القرآني اخترت وزن شطر المجتث، وهذا الوزن ربما لقصره له مجال احتمالي للورود أكثر من الأوزان الطويلة، فوجدت منه ما يلي : ( أوردت المقاطع فقط الداخلة في الوزن دون سائر اللفظ لأبين الشبه بين علاقة الوزن بالقرآن الكريم والخيط بالنسج،

فهما تكررت الخيوط فهي لا تنتج نسيجا إلا بنساج ماهر، أرأيت الخيوط الاخلة في نسيج الكعبة هل من مجال للقول أنها قبل النسج مهما زهت ألوانها يمكن أن يقال عنها نسيج . أين الحبك والتخطيط وتناسق الألوان وبنية النسيج من مجموعات الخيوط الداخلة فيه.

خذ قوله تعالى في الآية الخامسة: "بعثـ(ـنا عليكم عبادا لنا أولي) بأس شديد " كرر ما بين القوسين (2 3 2 3 2 3 3 ) وهذا ليس وزن أي بحر من بحور الشعر، فلنركب عليه كلاما:

ربنا واحد والدنا مَمَرْ -- خاب من تحتويه غداً سقرْ

ليس للمرء غيرُ اكتسابه -- والتّقى خيرةٌ والضلالُ شرْ

فإن قيل هذا شعر قلنا هذا ليس قرآنا، وهو مجرد ترديد لا غير لوقع أو نمط واحد لم يتكرر، ولكن بتكراره وإلزامه القافية أعطياه الشكل الشعري، وعلى حد علمي فهذا ليس المتدارك. فلا بأس إذن ولا حرج من الانطلاق إلى الآيات الكريمة لدراستها من كل جوانبها بما فيها نمطها السمعي ، آملين بأننا سنجد من الإعجاز في هذا المجال ما وجدناه في جوانب القرآن المتعددة من إعجاز في التشريع والعلوم والبلاغة وسائر المجالات. ولأبين الإطار الذي انطلقت منه أورد هذه الفقرات:

إعتاد المسلمون في تآليفهم في شتى نواحي العلم الشرعي والمادي والإنساني والأدبي إلى أن يلفتوا الأنظار إلى ما في كلٍّ من تلك العلوم من آيات تدل على عظمة الخالق عز وجل وتنبه القلب إلى أنه هو المبدئ والمعيد والمبدع لكل ما تتضمنه تلك العلوم من حقائق، وإلى سنن الخلق التي تتناول كافة المجالات والآفاق، وترى في كل كشف آيةً من آياته عز وجل تحقق قوله تعالى (فصلت-53):"سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق من ربك أولم يكف بربك أنه على كل شيءٍ شهيد."وليس علم العروض بدعا من العلوم، بل لعل أداة التعبير الرقمي عن ظواهره تؤهله أكثر من غيره من علوم العربية في هذا الصدد.

قال تعالى (يس-36):"سبحن الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون0."

وقال تعالى (الذاريات-49):"ومن كل شيءٍ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون."

من هذه الأزواج في كل خلق الله تتكون سائر الأنواع، ففي البشر من الذكر والأنثى تتكون الأسر والشعوب والقبائل والأمم، ومثلها في عالم النبات والحيوان، وهذا معلوم للجميع، ولكن ألا يحق لنا أن نعتبر المبدأ الذي يقوم عليه الحاسوب من استعمال ثنائية الواحد والصفر تجسيدا لهذه الزوجية، وبالتالي ألا يصح أن نعتبر زوجي الساكن والمتحرك الذين تتركب منهما سائر المقاطع والتفاعيل والبحور والأوزان من هذا القبيل؟، وكذاك انقسام المقاطع إلى سبب ووتد، والسبب إلى سبب خفيف وآخر ثقيل، والوتد إلى مجموع ومفروق، وكلام البشر إلى شعر ونثر.

يستعمل الناس الأرقام في قياس كافة ظواهر الحياة المادية وسننها، ويشير انتظام هذه الظواهر كما تعبر عنه وتتنبأ به الأرقام إلى إحكام الخالق عز وجل، وهي بانطباقها في عالم الشهادة تشير إلى وجود عالم الغيب، فإذا ما ظن الإنسان أن أرقامه في علم الرياضيات تصلح للمنطقة التي تقترب من انبثاق المادة من عالم الغيب رأينا هذه الأرقام تقف عاجزة عن التعبير عن هذه المنطقة، ناهيك عن تجاوزها إلى ما وراءها. نرى ذلك في الأبحاث التي تتحدث عن المراحل الأولى لخلق الكون من نقطة أسموها الوحدانية SINGULARITY وتمتد حساباتهم إلى أجزاء ضئيلة من الثانية الأولى للخلق تقترب من الوقت الصفر وتشير إليه، ولكنها لا تستوعبه ناهيك عن استيعاب ما قبله. ونفس الشيء يقال عن الثقوب السوداء، وعن تفسير تصرفات المادة أو ملابسات المادة في الدقائق الصغيرة وفي السرعات التي تقترب من سرعة الضوء، ولا تتصور إمكان وجود سرعة تتجاوز هذه السرعة، وثمة حديث عن وجود ستة عشر بعدا لهذا الكون نعلم منها أربعة فحسب والباقي كله من عالم الغيب الذي تشير الأرقام إلى وجوده، دون أن تكون صالحة لتناوله، حتى لقد راح العلماء يتحدثون عن نظم أخرى للأرقام يستعملونها في هذه المجالات، أرقام غير ذات طبيعة مادية ويصعب على العقل أن يتصور لها مدلولا، وأسموها الأرقام الخيالية ووحدتها الجذر التربيعي للعدد واحد السالب وقسمة رقم ما على صفر التي تعني اللانهاية، كل هذا لبحث المناطق التي تقع على تخوم عالم الشهادة، وكل ما قدموه إنما يقوم دليلا على وجود عالم الغيب ولكنه لا يصلح له، فالله سبحانه وتعالى آتى الإنسان الوسائل اللازمة للنظر في آفاق عالم الشهادة التي تثبت وجود عالم الغيب الذي تقتصر وسائلنا لمعرفة شيء عنه على الوحي الذي قامت الدلائل المادية مصدقة له ، وأخبرنا عما يريد لنا أن نعلمه منه. والقرآن الكريم صلة ما بين زوجي عالم الغيب والشهادة أنزله الله تعالى من عالم الغيب بالوحي وهو غيب على رسوله عليه السلام في عالم الشهادة ليعالج أمور هذا العالم. وهو معجز في مضمونه، معجز في بلاغته، معجز في إنشائه خير أمة أخرجت للناس، معجز في الحقائق العلمية التي يكشف عنها، وباختصار فهو من معجز في كل باب. وأملي أن تكون الصفحات التالية التي تتناول وصف بعض المظاهر البالغة الجلاء المتعلقة بنسقه بداية لدراسات أعمق أتوقع أن تكشف من إعجاز هذا الكتاب في هذا الباب ما يقوم دليلا بين العديد من الأدلة التي تترى على أنه من عند الله سبحانه، وكما يفسر القرآن بالقرآن مضمونا؛ فلعل أحد أبواب البحث يكون مقارنة الاتفاق والاختلاف بين الأوزان الرقمية لمواضع شتى من القرآن الكريم وما قد يستنتج منه. وفيما يلي طائفة من التطبيقات التي يقدم العروض فيها خدمة في الكشف عن بعض مواقع الجمال القرآني: ولعل هذا يكون أفقا ينطبق عليه قوله تعالى: "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيءٍ شهيد" بلى، صدق الله العظيم

5-.قال تعالى:"لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا"(الفرقان-14) على ما في هذه الآية من هول في مضمونها، لا يستطيع المستمع أن يتجاهل جمال وقعها، وفي ما يلي تحليل لمقاطعها لعل فيه تفسيرا لجانب من جوانب هذا الجمال:

هذه المجموعة من الإيقاعات المتداخلة والمتناغمة نمط قرآني غير قابل للتجزيء كقرآن، ولكن من شأن فصل إيقاع واحد وتكريره أن ينتج وزنا شعريا،ومَثَلُ الشعر بالنسبة للقرآن كمثل الأحرف التي في أوائل السور، وألفاظ العربية. فالقرآن مكون منها جميعا، وأي منها منفردا ليس قرآنا. فالأوزان بعض من مكونات النسيج المعجز للقرآن شأنها في ذلك شأن الألفاظ والأحرف، ليس أي منها بعينه قرآنا. ونفي الشعر عن القرآن هو نفي التقيد بهذا الاجتزاء يؤيد هذا ما روي عن الرسول عليه الصلاة والسلام من كسر لوزن الشعر عند نطقه له، وفي هذا رفض لدعوى أن تنـزيه القرآن عن الشعر إنما هي خاصة بالمضمون بل الأساس فيها مخالفة التقيد بمحدودية الشكل ولو اتفق المضمون. وهذه الآية دليل على أن نفي شكل الشعر عن القرآن إنما هو نفي لقصْر القرآن على مكون واحد من مكونات نمطه، في حين أن الشعر مقصور على ذلك. إذن: فالقرآن منـزه عن الشعر من حيث أن اجتزاء وتكرار أحد مكونات النمط القرآني يخرج به من النمط القرآني إلى الوزن الشعري. كالخيط إن سُلَّ من النسيج لم يعد نسيجا. ثمّ إن القرآن في عقيدتنا سابق للشعر. ولعل الأمثلة المحدودة التي قدمتها دليل على ذلك بالنسبة للعربي غير المسلم.

أعترف ابتداءا بمحدودية الجهد ومجال الدراسة ، ,وأعتبر نفسي موفقا إن نجحت في إثارة الاهتمام بهذا النهج من الدراسة التحليلية والإحصائية للذكر الحكيم، التي تحتمل توكيد أو نفي ما ذهبت إليه ، وأتطلع إلى أنها ستكشف المزيد من إعجاز القرآن الكريم لا في مجال الدراسات اللغوية فحسب بل فيما هو أخطر من ذلك فيما قد لا يخطر على بالنا الآن مما أتوقعه تحديا للعصر وأهله في مجال تفوقهم القائم على الإحصاء والأرقام.

وفيما يخص الدراسات اللغوية أتوقع أن يتمخض التيقن من انبثاث الأوزان الشعرية في ثنايا أي كلام عربي إلى عدم قصر نشأة الشعر على احتمال تطوره من كلام منثور إلى سجع فرجز فطفرات تطورت إلى بحور أخرى ، وطرح احتمالات أخرى. وأتوقع أن يقوم الوزن الرقمي بتسهيل المحاكاة الإيقاعية بما يشبع رغبة من يريدون التجديد بالنسج على غرار أي إيقاع مجتزَئٍ من القرآن الكريم يعجبهم دون غضاضة فلا شعر في القرآن، وإنما يجتزئ النظمُ من النمط القرآني ما ينسج على منواله مما قد لا يتفق مع أوزان الشعر التي لا تخرج بدورها عن أن تكون داخلة في النسيج القرآني لا بصفتها إيقاعا يتكرر بل كمكوِّن من مكوناتٍ عدة أو خيط من خيوط عدة اكتسب القرآن الكريم بنسجها المتفرد معا طابعه المتميز والمعجز لغيره أن ينسج على منواله بذات الخيوط مثل نسيجه. وأين الخيط من النسيج أو القماش. مع التوقع بأن تكون السليقة العربية في بواكيرها قد استأثرت بالأعذب والأجمل من هذه المكونات المنفردة –الخيوط-متمثلة في بحور الشعر، ولكن يبقى احتمال اكتشاف نمط منفرد ما داخل النسيج القرآني لـمّا تكتشفه هذه السليقة ، إن لم يكن بمستوى البحور -وكلها مما حوى أشطرها النسيج القرآني- فقد يكون قريبا منها، ومن أمثلة النسج على غرار نمط قرآني مع ملاحظة أن ذلك خاص بالشكل الإيقاعي:

1- أبطالـنا لـربوع القدس بحـقٍّ يلـجونْ

إسراؤهم لديار ما عـرفت طعـم سكونْ

هـذا الشـهيد لـه مجـد وله علِّيّـونْ

أصحابه كشعاع الشمس وهـم محتسبونْ

(سبحان ربـك رب العزة عما يصـفونْ)

2 2 3 1 3 2 2 1 3 2 1 3 ه

2 2 3 (2) 2 2 2 (2) 2 2 (2) 2 ه ( التخاب بعد الأوثق )

2- "تبت يدا ابي لهبٍ وتبْ"= 4 3 3 1 3 3 =مستفعلن متفعلُ فاعلن

قولوا لمن لأرضكمو غصبْ

لا تفرحوا إذا سكت العربْ

لا بـدّ أنّ بـأسهم اقتربْ

2 2 3 3 1 3 3

3- كن رحيـما ولا تبخل بـما أفْضل اللهُ خيرُ الرازقين

واجـتهد في وجوه الخـير ما رازقٌ غير رب العالمين

واتلُ إن شئتَ من آي الهدى (إنّـه لا يحب المسرفين)

2 3 2 3 2 2 3 2 3 2 3 2 2 3 ه

فاعلاتن متفعلْ فاعلا=فاعلن فاعلن مستفعلن

الشيخ جلال الحنفي اعتبر 2 3 2/ 3 2 من الخفيف وأسماه الخفيف العاشر.

4-ومحاكاة لنمط ما بين القوسين الكبيرين وتحته خط (الإسراء -5):"فإذا (جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم ) عبادا لنا أولي بأس شديد..." ووزنه 332 332 232

=مفعلاتُ مستفعلن معولاتُ مستفْ

كلُّ ما تقولـونه قديم جديد والذي على بعده بـكينا بعيد

سادتي عليكمْ سلام حيفا ويافا موطني دموعٌ سلاحُنا هل تفيد

لا أريدكم تسمعونني إذ أغـني لا يفلّ قيد الحديـدَ إلا العبيد

5-ومن الآية -7 من سورة الإسراء قوله تعالى :

"إنْ أحسنتم أحسنتم لأنفسكم" ووزنها مهموزة =2222222 313

ووزنها بالوصل بدل الهمز من كلمتي أحسنتم على رواية ورش=23 223 313

وتلقي هذه الآية بقراءتيها ضوءا علي الزحاف في العربية بعامة والشعر بخاصة .وإحدى احتمالات تقسيم التفاعيل حسب القراءة الثانية تدوير للوافر =مُفاعَلْ مفاعلْتن مفاعلَتن

أو فعولن مفاعيلن فعولُ مفا، وهو وزن الطويل محذوف التفعيلة الأخيرة (فعولن)، أو محذوف سببيها (مفاعيلن).ويمكن اعتبار الوزن= 123/1222/312=معولاتُ مفعولاتُ مستعلن، ويراجع هنا طويل ع. مستجير

ويمكن اعتبار وزن القراءة الأولى المهموزة =موفاعلْ/موفاعلْتنْ / مفاعلَتن

أو فاعولن/ مافاعيلن/ مفاعلَتن.

وصدور القراءة بالوصل عن القراءة بالهمز بكتاب الأدلة الرقمية لبحور الشعر العربي للدكتور أحمد مستجير.، وما ينشطنا لافتراض أن وزن كل من البسيط والطويل مشتق من الأصل الواحد لكل منهما المكون من أربعة عشر سببا قبل الزحاف وهو :

للبسيط = مستفعيلن فاعيلن مستفعيلن فاعيلن = 2222 / 222 / 2222 / 222

وللطويل = فاعولن مافاعيلن فاعولن مافاعيلن = 222 / 2222 / 222 / 2222 وهذا يفسر لنا ما ورد في في النقطة الثالثة من التداعيات العروضية (ص )حول الشطر :

خذ هذه الدنيا عفوا كم تاتي

2 2 3 2 2 2 2 3 2 2

من حيث قابلية انضوائه في أسرة واحدة مع كل من البسيط والطويل، غير أن نقطة تبقى مشكلة وهي أن عدد أسباب الشطر في الوزن الموحد للبحرين قبل زحافهما هو 14 سببا وهو ما يعادل عدد الأسباب في كل من البحرين في الحالة القياسية لكل منهما حيث وزن شطر البسيط مثلا =34/32/34/32=وفيه 14 سببا باعتبار أن كل وتد =3 ناتج من زحاف سببين=22، والبعض يعتبر عروض البسيط وضربه=فعْلن=22 أي بثلاثة عشر سببا، بينما عدد الأسباب في الشطر (خذ هذه الدنيا عفوا كما تأتي).هو 12.

وقد ذكر بعض العلماء أن بداية البحور كانت بالرجز (6-ص50) على التوالي أي أن بحرا يتطور من الرجز ثم يتطور بدوره إلى بحر آخر وهكذا. ويقول د.أنيس :"ومثل الطفل في هذا مثل الأمم البدائية في موسيقاها البسيطة ذات اللون الواحد، ولا تلبث تلك الموسيقى أن تتعدد نغماتها وتتنوع كلما ارتقت المدارك في هذه الأمة."وإذا أخذنا هذا الكلام بعين الاعتبار كان الخبب أولى بالافتراض الظني بداية للبحور لأن مقاطعه أقصر وموسيقاه أبسط من الرجز ، ويصلح للافتراض الظني بداية للصدور الآني لكافة البحور على التوازي بمعني تطور كل بحر بزحافه الخاص منه وهو مالا ينفي احتمال تطور بحر من آخر غير الخبب أحيانا1 ،.وقد أوردت كلمة الافتراض الظني لأن ذلك أقصى ما يسمح به المنطق العلمي. الذي لا يقر حقيقة إلا ببرهان قطعي كما علمنا القرآن الكريم، ويذكرني هذا المنحى من الكلام بما يدور من حوار حول فكرة التطور الداروينية من نقاش.

وعلى نمط هذه الآية مع وصل الهمزتين النظم التالي:

6-ومن الآية-15من سورة المائدة قوله تعالى:"وأقرضتم الله قرضا حسنا"=31232323

وعلى نمطها النظم: ألا نرتقي للعلى سلَّمها بهذا الكتاب الذي علّمها

وما في سوى قوله من حكَمٍ تعالى الإله الذي أحكمها

ولعله الوزن= معولاتُ مستفعلن مستعلن.

7-ومن الآية -15 من المائدة قوله تعالى :

"ويخرجهم من الظلمات إلى النورِ = "313 313 231 2 وعلى نمطها:

على أملٍ وفي جزعٍ نظرت نحوهْ لعلّ كلامها سيثير بهم نخوهْ

بزفـرته تبـخر جـلُّ أمانيها عزائم من أتوا لمساعدةٍ رخوهْ

ويمكن النظر للوزن على أنه =مفاعِيَلُنْ مفاعِيَلُنْ مَفَعيلن +2 = مفاعَلَتُن مفاعلَتُن فعِلُن فعْلن

8- ومن الآية -14 من الأنعام قوله تعالى :

"قل أغير الله أتخذ وليا" =2 3 2 2 3 1 1 1 3 2

قل أغـير الـله أتخذ وليّا ليس غير الله يملك لِيَ شيّا

إنني وجهت وجهِيَ لإلهي راجيا ربي عسى يغفر لِيّا

وأنت تلاحظ أن عجز البيت الثاني وكذلك صدره لو نطقنا الياء في كلمة وجهي بالمد هما من الرمل وأن البيت الأول هو الرمل وقد جاءت فاعلاتن =232 الثانية فيه فاعلاتُكَ=1132 بزحاف السبب الأخير فيها خببيا(2تك11).

وهذا يجعل وزن الأبيات فاعلاتُن فاعلاتُكَ فعلاتن، ويعطي بعدا جديدا في أصل اللغة لما ورد في باب حوار (ص ) عن التكافؤ بين 31و22 ولنظرية د. مستجير (ص )

9-ومن الآية -14 من الأنعام قوله تعالى:

"قل إني أخاف إن عصيتُ……" =2 2 2 3 3 3 2

=16/132/4= مفعولاتُ مفعُلاتُ مستفْعلن وعلى هذا النمط:

قل إني اُمرت أن أكونا في صف الذين يتقونا

إن الأمـر كلـه إليه يا ليت الأنام يعلمونا

10-ومن الآية-25 من الأنعام قوله تعالى:

"يا ليتنا نرد ولا نكذب" =2 2 3 3 1 3 3 2 والوزن على أساس تسكين الباء استنسابا

=322/113/232=مستفعلن متفعلُ فاعلاتن

سمتٌ على تواضعه دقيقُ من لهفةٍ ينام ويستفيقُ

ما زال في صبابته يعاني لكنه على جزَعٍ أنيق

(ما زال في صبابته الأسى ) بما يعني تصريع البيت الأول وترفيل الثاني.

11-ومن الآية-27 من الأنعام قوله تعالى:

"ولو ترى إذْ وُقفوا على النار"=3 3 2 1 3 3 2 2

ولو ترى إذْ وُقفوا على النار لهم حساب بذنوبهم جاري

وما لهم من نَعَراتهم مـددٌ يقيهمو مُنصرَفا إلى النار

233/2331/2=مُستَفعلاتن مُسَتَفْعلاتن مسْ =(شبيه المنسرح)

12- ومن الآية 43 من سورة الأنعام :

"وزين (لهم الشيطان ما كانوا) يعملون "= 1 3 2 2 3 2 2

عجبا يـا أمّةً تُقْعـي لأذلّ الخلـق في النّقْعِ

صرخ الأقصى من الألم فسددْتِ الأذْنَ بالشّمْعِ

13-ومن الآية 45 من سورة الأنعام :"وكتبنا عليهم فيها" =1 3 2 3 2 2 2

ملأ الهاربون الساحا وبدوا ويحهم أشباحا2223231-2223231

بعضهم لم يجد ذويه إنهم أسلموا الأرواحا=233232-2223232

أو: بعضهم لم يجد والديه أسلما للردى الأرواحا=2323232-2223232

14-ومن الآية -45 من المائدة:

"والسن بالسن والجروح قصاصُ"=2 2 3 2 3 3 1 3 2

أ=322/32/113/22=مستفعلن فاعلن متفعِلُ مستفْ =….. البسيط

ب=322/132/312/2=المنسرح المرفل

يا من على باطلٍ عتَوْا وتواصُوا السن بالسن والجروح قصاص

أ-قتّلتمونا بدارنا دون حدٍّ ألدَّور حتْمٌ وليس ثَـمَّ مناصُ

ب-(قتّلتمونا بدارنا وهَناً ألدَّورُ حتْمٌ وليس ثَـمَّ مناصُ

وهو يعادل المنسرح +2 أو المنسرح المرفل ولعل كل وزن ينتهي بوتد فيه قابلية للترفيل.

ومن الطريف مقارنة الوزن (لهمْ إنتقاص-بالهمز =2323) والوزن (لهمُ انتقاص -بالوصل=2331). وفيه ما يذكر بعلاقة (التخبيب) بين 23و31

وهذا النظم ليس بقرآن، وهو ليس بشعر فليس على وزن البحور.

غاية ما في الأمر أنه موزون على نمط خيط من خيوط النسيج القرآني.

1 يلاحظ في هذا الصدد التشابه الإيقاعي لأسماء الكتب السماوية التوراة والإنجيل والقرآن ووزن كل منها مضموما مشبعا= 2222 وكلها مقاطع خببية وعندما تتلى معطوفة تكون ذات إيقاع متناسق، وكذلك الإيقاع الخببي لأسماء كثير من الأنبياء عليهم السلام مثل موسى وعيسى، وعلى وجه من الوجوه إبراهيم وإسمعيل وإسحق ويعقوب وإدريس، ومن الطريف أن كلا من آدمَ ويوسفَ (بحركة قصيرة بلا تنوين لأنهما ممنوعان من الصرف) علىوزن فاعِلُ ، ويلاحظ هنا أن الأذن العربية تميل إلى تغليب المقاطع الخببية لدى نطق أسماء بعض الأعلام الأعجمية مثل سقراط وأفلاطون، كما ترد بالمناسبة ملاحظة أن الأذن العربية تلتقط الأسماء اليابانية على أنها مكونة من مقاطع خببية. كما يلاحظ أن معظم الأغاني الإيقاعية يكيف فيها نطق الكلمات لتصبح ذات وزن خببي لدى أدائها ببطء أو سرعة.