taasees-wastedrak

9أيما مهتم بعلم العروض ولا قرأ هذا الكتاب فقد فاته الكثير.

سبق لي وقرأت هذا الكتاب وأفدت منه

لكني قررت قراءته ثانية ، وبدأت بقراءته فرأيت أن أتناول بعض نقاطه على ضوء الرقمي.

وأذكر أنني راسلت مؤلفه د. محمد العلمي فرد حول نقطة عروضية فرد ردا جميلا.

وبحثت عن عنوانه اليوم لأعيد مراسلته فوجدتفوجدت نعيه يوم 31 /10/ 2015

حزنت وترحمت عليه. حقا إن من الفكر لآصرة تقرب بين الناس.

رحمه الله رحمة واسعة.

سأمضي فيما عزمت عليه بالتدريج وحسب ما يسمح الوقت.

1- بحور جديدة ؟

1- جاء في ( ص – 21 ) :" كما أثبت أن ما أثبته الخليل وما أهمله من صورها أساسه التقيد باطراد المسموع وطرح الشاذ. وخلصت أن الخليل حين وضع البحور لم يغلق الباب على تطور إيقاع الشعر بذلك، فهو أجاز النظم على ما لم تقل عليه العرب."

هذا كلام يستدعي وقفة.

يقول أستاذي سليمان أبو ستة :

http://www.warraq.cc/Core/dg/dg_topic?ID=3018&sort=u.publish_time&order=desc

" ...... ذكرت هذه المقدمة لأبين أن للخليل، رحمه الله ، رأيين متناقضين في مسألة ( بناء الشعر العربي على الوزن المخترع، الخارج عن بحور شعر العرب). فأما الرأي الأول ، فقد نقله الأخفش، ووافقه عليه كل من الزجاج وتلميذه أبو الحسن العروضي، وهو ينص على أن " ما وافق هذا البناء الذي سمته العرب شعرا في عدد حروفه ساكنة ومتحركة ، فهو شعر، وما خالفه وإن أشبهه في بعض الأشياء فليس اسمه شعراً" . وأما الرأي الثاني فهو الذي وجده ابن عبد ربه في نسخته من كتاب الخليل، واستنكره أبلغ الاستنكار، قائلاً في أبيات من أرجوزته في العروض:

هذا الذي جربه المجرب *** من كل ما قالت عليه العرب

فكل شيء لم تقل عليه *** فإننا لم نلتفت إليه

ولا نقول غير ما قد قالوا *** لأنه من قولنا محال

وأنه لو جاز في الأبيات *** خلافه لجاز في اللغات

وقد أجاز ذلك الخليل *** ولا أقول فيه ما يقول

لأنه ناقض في معناه *** والسيف قد ينبو وفيه ماه

ولم يكن لرأي الخليل هذا أن يذيع لولا أبيات الهجاء هذه التي لم يلبث أن التقط فحواها الزمخشري وزعم بناء عليها القول بوجود مذهبين متنازعين في قضية القول على الوزن المخترع ، الخارج عن بحور شعر العرب، وقد انتصر هو للمذهب الثاني بقوله: " فالحاصل أن الشعر العربي ، من حيث هو عربي ، يفتقر قائله إلى أن يطأ أعقاب العرب فيه، فيما يصير به عربياً وهو اللفظ فقط، لأنهم هم المختصون به، فوجب تلقيه من قبلهم. فأما أخواته البواقي ( يقصد المعنى والوزن والقافية) فلا اختصاص لهم بها ألبتة، لتشارك العرب والعجم فيها".

وتسلم الراية منه الزنجاني فقال في كتابه "معيار النظار" : المختار أن الشعر العربي على الوزن المخترع الخارج عن بحور شعر العرب شعرٌ، لأن حد الشعر: قول موزون مقفى... وأما الثلاثة الأخر، وهي المعنى والوزن والقافية ، فالأمر فيها على التساوي بين الأمم قاطبة". وهو كما ترى نقل حرفي عن القسطاس للزمخشري .

فمن نصدق إذن في أن المذهبين المختلفين يرجعان إلى مصدر واحد هو الخليل، صيّر الله عقلنا كعقله الذي وصفه ابن المقفع بقوله : رأيت رجلاً عقله أكثر من علمه، وكان الخليل قد وصف ابن المقفع بقوله : رأيت رجلا علمه أكثر من عقله. ذلك العقل الذي لم يستوعب علم العروض ، الأمر الذي حدا بالخليل أن يحاول صرفه عن المضي في تلقيه عنه، كما جاء في تلك الرواية المشهورة .

وأخيراً، فما تنصر، أنت ، من هذين المذهبين؟ "

الحديث ذو شجون. هل يمكن أن يكون الخليل قد قال بالقولين كلاهما ؟

الخليل كما سواه لا يمكن أن يكون له رأيان متناقضان في نفس الوقت حول نفس الموضوع. ويترتب على هذا أحد الاحتمالات :

أ – عدم صحة نسبة القولين للخليل

وهذا أول ما يتبادر للذهن. وإن فهما على سبيل التناقض فإن المنطق يقف مع ترجيح حصر الشعر ببحور الخليل وما توالد منها من مقصورات. فلا يعقل أن يستغرق الرجل عمره في إثبات خصائص الشعر العربي الأصيل لحمايته من الأذواق الدخيلة ثم يقول كل ما فعلته لا يحدد الشعر. مثل ذلك في النحو أن يقول :" النحو الذي وضعته لا يحدد أحكام العربية، ولا أنكر استحداث الجديد عليه " علما بأنه في النحو قد تم استبعاد بعض الوجوه المروية النادرة للتمكن من صياغة أحكام تقوم على الأعم الأغلب. فكيف يقبل الاستحداث في العروض وهو يرفض المروي الشاذ عن الأعم الأغلب في النحو ؟

ب – صحة نسبة القولين له ولكن في وقتين مختلفين، بمعنى أن يكون له موقف ثم عاد عنه. ولكن كل ما ورد عن الخليل جاء حزمة متكاملة بمعنى أن المرحلة التأسيسية التي تكثر فيها محاولات الاستكشاف والخطأ ثم التصويب لا تظهر أبدا في عروض الخليل. فكأنه لم يبدأ بالتدوين إلا بعد إحكامه.

جـ - رأي ذكره د. ضياء الدين الجماس جاء فيه :

http://arood.com/vb/showpost.php?p=85990&postcount=6

" أنا أعتقد إن صح القولان عن الخليل فأحدهما لثقته من ترسيخ قواعد الشعر العربي والثاني للتحدي بإمكانية خرقها والله أعلم.

كمن يقول لقد وضعت لكم أسساً راسخة للشعر العربي ، ثم يتابع متحدياً فمن استطاع أن يأت بمثلها أو يعدلها فليفعل."

د- وجه محتمل.

ولا أنكر أن هذا الرأي يغلب عليه توجهي الذاتي، ودليله الذاتي لدي هو ما آنسه في نفسي من طول صحبتي للخليل من التواصل مع توجهه وفكره وما يقال عن استحداثه بحري المقتضب والمضارع ورفضه إدخال المتقارب. وما أجده في ذلك من تناغم مع استكناه الرقمي لفكر الخليل ومنهجه.

وبناء على ذلك احتمال وجود رأيين للخليل مضموناهما كالتالي :

الأول : لا يمكن وجود بحور شعر عربية جديدة خارج الدوائر.

الثاني : يمكن تطور الشعر العربي في حدود هذه الدوائر وبحورها باستحداث أبعاض تلك البحور أو مُقَصّراتها – تعبير د. خلوف - وعليه يكون تعريف البحر بأنه ما يغطي كل مقاطع دائرته. وسوى ذلك مما يغطي بعض محاور الدائرة و ( يقصر) عن بعضها الآخر فإنما هو من مقصرات البحور أو أبعاض البحور مما انتابه الاجتثاث أو الجزء أو كليهما.

والبدايات المحتملة للبحور حسب مقاطعها : سببان 4 ، سبب 2 ، وتد 3

وكل ما يلي تفكير بصوت عال لا أزعم انسجامه التام، ولكنه لا يخلو مما يبعث على التأمل ، شأن كثير من مواضيع الرقمي.

إن ما تقدم ينسجم مع ما ورد في موضَوعي :

تفكير عروضي : https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/tafkeer-aroody

تكثيف العروض : https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/taktheef

*****************

2- نعم لا

يقول د. محمد العلمي في كتابه ( دراسة في التأسيس والاستدراك) وذلك في ( ص – 39)

" أرى أن الأوزان كلها يمكن أن تتركب من ( نعم) و (لا) بإحداث تغيير بسيط في بنية (نعم) أو بنية (لا) "

هذا التنعيم الذي سبق الخليل هو أساس الوزن الذي اهتدى إليه العرب بفطرتهم السليمة فكانوا بذلك السابقين للجميع.

ثم ذكر أوزان البحور كلها في ثلاث صفحات مستعملا هاتين الكلمتين.

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/shapes1/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D9%8A1.gif

ترى أن ما ابتدأ به العرب قبل الخليل وما لا زالوا عليهه في بواديهم وقراهم ووصفه أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري، هو نهاية مطاف عروضيين كبار عرب وأجانب، وكان عند العرب ولا زال بدهيا تلقائيا وهو عند العروضيين نهاية مخاض شاق. كما لا يسلم التعبير عنه عند بعضهم من التواء وتعقيد.

الرقمي تواصل مباشر مع ذلك الأصل وانطلاق منه بتجريده المطلق وتعبير عن قوانين البرنامج الرياضي الذي يحكم الذائقة العربية والذي اودعه الخالق للوجدان العربي وصورته عبقرية الخليل في منهجه الذي أهمله العرب للدرجة التي يقول فيها الأستاذ ميشيل أديب في مجلة الموقف الادبي العدد 373 أيار 2002:" وأكثر ما يعيب كتب العروض القديمة والحديثة، أنها، على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف الخليل عن أسرارها، لم تحاول تحليل العملية الذهنية التي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه القمَّة الرياضية التي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ

ومن يهتم بعلم العروض سيجد في الروابط التالية ما يفيد في هذا المضمار.

جوان مالينج :

https://sites.google.com/site/alarood/joan-maling-theory

كمال أبو ديب :

https://sites.google.com/site/alarood/dr-kamal-abu-deeeb

https://sites.google.com/site/alarood/kamal-abodeeb

د. سعد الصويان :

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/qawalib

ابن عقيل الظاهري :

https://sites.google.com/site/alarood/nabati-lahajat

3- المقاطع الصوتية والمقاطع لعروضية ( بين اللسانيات والعروض )

( ص – 60)

" على أن الفرق بين التنعيم والعروض شاسع، ذلك أن الأول لا يتعدى تحليل البيت إلى كلمات بسيطة هي (نعم) و (لا) فهو بذلك يظل بسيطا لا يتعدى بساطة تلك الكلمتين اللتين يتكون منهما. أما العروض فإنه نظام متكامل .وتشكل بساطة الأول مظهرا من مظاهر ما قبل العلم، أما نظام الثاني وتسلسله وتكامله وتشعب قضاياه، فتلك مظاهر العلم. "

تلامس هذه الفقرة موضوع الفرق بين ( العروض) و (علم العروض)

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/alfrq-byn-alrwd-wlm-alrwd

يتحدث هنا عن التنعيم و (علم العروض) وارى العروض بينهما وهو إلى التنعيم أقرب منه إلى (علم العروض)

( ص- 66 )

" ... أي أن المحدثين لم يعتبروا الحركة صفة للحرف بل جعلوها صوتا مستقلا، بينما جعل الخليل – كغيره من اللغويين والنحاة الحركة صفة ملازمة للحرف، ولم يميز في الحرف بين الصامت والصائت. ولعل هذا ما دفع بالدكتور تمام حسان إلى أن يقول: ( إن علم اللغة الحديث لا يجعل أيا من الصحيح ( الصامت ) والحركة ( الصائت ) ملك يمين للآخر، وبما أنهما وحدتان مستقلتان متتابعتان، لا ترد إحداهما وصفا للأخرى.......ورغم أن الخليل كغيره من القدماء جعل الصائت صفة للصامت فسمى الصامت حين يتبعه الصائت متحركا إلا أنه كان يدرك طبيعة كل منهما، والفروق الدقيقة بينهما"

المقصود بالصامت الحرف الصحيح ويرمزون له بالأجنبية C وبالعربية ص

أما الصائت فهو الحركة كالفتحة ( صائت قصير ) ورمزه v وبالعربية ع أو ح وصائت طويل ورمزه v v أو V ويشمل حروف المد ورمزه وبالعربية ع ع أو ح ح

والوحدة العضوية بين الحرف وحركته في العروض العربي كالوحدة العضوية بين الوردة ورائحتها.

جهل جل إن لم يكن كل العروضيين العرب بمنهج الخليل أوقعهم في هزيمة نفسية في موقفهم تجاه اللسانيات المعاصرة التي لا تُنكَر أهميتها في التعبير عن الأصوات البشرية. ولكن ذلك شيء والتقعيد لعلم العروض العربي بدلالة ركنيه السبب والوتد شيء آخر.

وبرئت من ذلك عالمة أدركت جانبا من منهج الخليل وهي جوان مالنج.

دراسة ميكانيكية الحركة تتناول الأعضاء والقوى ولا يلغي ذلك تحليل الدم ولكنه لا علاقة مباشرة له بقواعد الحركة.

وفي الفقرة القادمة مزيد حول ذلك إن شاء الله.

قول د. شكري عياد أعلاه ومن نحا نحوه من العروضيين العرب في تفضيلهم تناول العروض العربي بالمقطعين الصوتيين 1 و 2 دون أخذ الوتد بعين الاعتبار ناجم عن جهلهم بمنهج الخليل المنسجم مع طبيعة العربية والعرب في إحساسهم بالوزن. جهلهم بمنهجية الخليل هزمهم نفسيا أمام النمهجية الوحيدة التي عرفوها وهي منهجية الغربيين.

اللسانيات بمقطعيها الصوتيين 1 و 2 حسب ترميز الرقمي تفي بوصف الوزن في الأشعار الغربية والشعر العربي.

في الأعاريض الغربية هناك قاعدة واحدة رئيسة هي ترديد ذات المقطع العروضي ( بالمفهوم العربي) في كل بحر.

فكأن الوصف اللساني إذ ذاك يفي بحاجة التقعيد كذلك.

الأمر في العروض العربي مختلف. فالمقطعان الصوتيان 1 و2 صالحان للتعبير عن وصف الوزن. ولكنهما – لتجاهلهما الوتد - وهو بمضمون صفاته ركن التقعيد الأهم للعروض العربي. سواء كان ذلك بصفاته الذاتية أو بما يحدده من صفات الأسباب حسب موقعها من الهيئة التي ينشئها الوتد.– لا يصلحان للتقعيد في العروض العربي وغن صلحا لمجرد وصف الوزن. ذلك أن مقطعيه العروضيين الأساسيين هما 2 و 3

الوحدات العروضية التي تشكل نهاية المطاف في أعاريض الأشعار الغربية هي اللبنات الابتدائية في نظام العروض والشعر العربيين ونظام الخليل ومنهجه يقوم بضبط تداخل وتناوب وتكرار وكم وهيئة ما ينشأ عن اجتماع تلك المقاطع وما يستحسن ويكره ويمتنع فيها ، وهيهات للسانيات أن تصف ما لا يعرفه مؤسسوها من حال العروض العربي.

وقد أدركت هذا العالمة جوان مالينج القائلة :

كما أوضح ذلك الأستاذ د. إدوار سعيد :

"لقد كان أحد الضوابط المقيدة التي أثرت على المفكرين المسيحيين الذي حاولوا فهم الإسلام ينبع من عملية قياسية: مادام المسيح هو أساس العقيدة المسيحية، فقد افترض -بطريقة خاطئة تماماً- أن محمداً كان للإسلام ما كانه المسيح للمسيحية ومن ثم إطلاق التسمية التماحكية "المحمدية" على الإسلام هذا المبدأ ينطبق بتمامه على عروض الشعر العربي الذي بدأت عملية تحديثه على أيدي المستشرقين في عشرينيات القرن التاسع عشر تقريباً"

وقد دحض ذلك بعض العروضيين العرب كما تفضل الأستاذ محمد العلمي أعلاه ولكن عباراته كانت دون ما ينبغي . فالأوتاد والأسباب هي أدوات المنهج القادرة والسليمة دون سواها للتقعيد للعروض العربي.

وكذلك قال أستاذي د. خلوف :

http://www.alqaseda.net/vb/showthread.php?t=19133

"ولا بأسَ عندنا من استخدام المقاطع اللغوية أحياناً لتفسير بعض الظواهر اللغوية في الشعر، إلاّ أن كفّةَ المقاطع العروضية ترجح عندنا في دراسة الإيقاع في الشعر. "

وينطبق على عبارته ما ينطبق على قول د. العلمي من كونها أقل مما ينبغي.

ولو عرف أستاذاي الفاضلان منهجية الخليل كما يقدمها الرقمي لقالا ما قالته جوان مالنج ولربما تجاوزاها في القول إن دوائر الخليل بأسبابها وأوتادها هي دون سواها الأساس الوحيد الصالح للتقعيد للعروض العربي.

*****

4- الأسباب والأوتاد والنثر والشعر

فيما يخص حديثه عن :" إليه – امتد – استقام " يقول :" فنحن نعلم أن الخليل لم يزعم أن الأسباب والأوتاد تصلح لتحليل الأصوات اللغوية عموما ، وكل ما فعل أنه جعلها وحدات صوتية في إيقاع الشعر لا في النثر، وذلك بلغة العصر يعني أنها وحدات وظيفية في مستوى كلامي معين هو الشعر..... ولأؤكد كلامي سأدخل هذه الكلمات..... في بيت من الشعر"

يذكرني قوله هذا بموضوع النثر العربي كله أسباب وأوتاد . وأنا أقول بذلك، وأنقل منه

ثم إن استعمال د. العلمي لهذه الألفاظ في بيت من الشعر يعني أنها أسباب وأوتاد قبل إدخالها في البيت الشعري وبعده.

ولو عرف أستاذاي الفاضلان [د. محمد العلمي و د. عمر خلوف] منهجية الخليل كما يقدمها الرقمي لقالا ما قالته جوان مالنج ولربما تجاوزاها في القول إن دوائر الخليل بأسبابها وأوتادها هي دون سواها الأساس الوحيد الصالح للتقعيد للعروض العربي.

5- بين العروض واللسانيات:

" وقد مال الدكتور عبد الله الطيب إلى عدم صلاحية المقاطع لتوضيح الشعر واعتبر في الأوتاد والأسباب بيانا نغميا لا تبرزه المقاطع واعتبر طريقة القدماء من ثم أقدر من طريقة الذين يعتمدون المقاطع [ أي الصوتية 1 و2 ] لأن في الإيقاع ضربات لها أبعاد زمانية لا تصفها المقاطع إلا وصفا تقريبيا"

إن الرقمي بما هو تواصل مع تفكير الخليل يلقي نورا على المفاهيم يوضحها ويزيل ما قد يكتنفها من ظلال. هذه الظلال التي ترى أثرها في أقوال العروضيين الثلاثة وكلها حق ولكنها تستحق صياغة أقوى وأوضح وأشد وثوقا.

الوحدات التي يتم الحديث عنها هي :

6- بين التفاعيل والمنهج

التقعيد بالنسبة للعروض العربي مستويان،

أ‌- تقعيد منهجي شامل تجريدي يقوم على نظرة كلية للعروض العربي عامة من خلال دراسة خواص مقطعي الرقمي السبب والوتد تناوبا وتجاورا وقفزات نوعية أي كما وهيئة من دائرة لأخرى. وهذا ما قام به الرقمي بل لعله أول من قام به .

ب‌- وتقعيد تطبيقي تفصيلي قوامه تفاعيل الخليل، ومن أخذ تفاعيل الخليل على بصيرة من التقعيد الشامل فإنها مع اهتمامها المبدئي بالتفاصيل التطبيقية ترتبط لديه بالمنهج وتؤدي ما يؤديه بل ويمكن لذي اللب أن ينفذ منها إلى المنهج، بل يمكن أن تمثيل المنهج الشامل كذلك. ولكن وللأسف الشديد فالواقع أن التعامل مع تفاعيل الخليل يتم باعتبارها وحدات تجتمع في مجموعات وتعتبر كل مجموعة مستقلة عن الأخرى وهذه المجموعات هي البحور وعلى درجة أشمل الدوائر. وهذا كاف لضبط الوزن، ولكن الأسوأ يتم عندما يأخذ شعراء وعروضيون برصف هذه التفاعيل الواحدة مع الأخرى على غير هدى وخارج إطار المجموعات من بحور أو دوائر.

تأتي ساعة البحور التي تشمل كافة الدوائر في بنيان لا يأتلف إلا على نمط لتكون الوحدة الواحدة الشاملة لكل أوزان الشعر العربي. فما خرج عنها بعد تأصيله فليس بوزن عربي. وعندما يؤخذ بمبدأ الاجتثاث – الحذف من أول الشطر - مناظرا ومكافئا للاجتزاء – الحذف من آخره، ينتهي واحد من أكبر المآخذ التي تردد ضد ساعة البحور- وهكذا يصبح المجتث مجتث الخفيف، والمقتضب مجتث أو مقتضب المنسرح.

ساعة البحور تقوم على المقطعين العروضيين السبب 2 والوتد 3 ، وإذ بقي الوعي على أهميتها محصورا في من أتقن الرقمي ودرس دوراته. وإذْ لم تقنع بعض العروضيين في عدم صحة ما ينسجونه مما يسمونه بحور جديدة وأحيانا دوائر جديدة تخرج عن دوائر الخليل وخصائصها فهذه محاولة للتعبير عن مضمون ساعة البحور بطريقة التفاعيل فلعلها تجد استجابة. وأكرر أنه ما من جديد فيها سوى إبراز ما يربطها ببنية واحدة منبثقة عن منهج واحد لا مجال فيه لإضافة الجديد.

والخلاصة أن المقطعين العروضيين الوتد 3 والسبب 2 وساعة البحور المبنية عليهما هي الطريق السليم للتقعيد للعروض العربي، ويمكن للتفاعيل أن تقوم بذلك إذا وعى من يستعملها علاقتها بمنهج الخليل كما يبينه الجدول.

ولي عودة بإذن الله.