hewar.dr.khalloof

تلوين النص طبقا لما يلي :

الأحمر : د. خلوف - الأسود : خشان - الأزرق: الآخرون

3.- د. عمر خلوف [1]

أخي وأستاذي الكريم محمد السحار

آه ثم آه ثم آه لعدم إدراكك لأهمية المنهج. وهي آه تمتد طويلا وتشمل كثيرا.

تقول : أليس وزن‎( مستفعلن فاعلاتن مستفعلن‎ ) هونفسه‎ وزن‎ (مستفعِ لن فاعلاتن مستفعِ لن‎ )

فكيف نقول أنّ الأولى صحيحة‎ ‎‏ والثانية لا تصح لوجود وتدين مفروقين في شطر واحد

يا أخي كلاهما خطأ وللتوضيح :‏

‏ (مستفعلن فاعلاتن مستفعلن ) خطأ من عيار ما ، ‏(مستفع لن فاعلاتن مستفع لن ) خطأ من عيار أثقل

لوكان وزن البحر المقترح هو مستفعلن فاعلاتن مستفعلن مستفعلن ذو الوتد المجموع، لم أستطع إكمال الدائرة العروضية وتوقّفت عند هذا الحد[ ألم تقل أعلاه إن الوزن هو ذاته– طبعا هو ليس ذاته] بل تستطيع أن تكمل اللخبوطة بالوتد المجموع وأنا أكملها لك ، مقاطع الوزن : مستفعلن فاعلاتن مستفعلن ‏‏= أ- مس... ب- تف... جـ- علن... د- فا ...هـ -علا...و- تن...ز- مس ...حـ -تف .. ط- علن

ويتولد منها 9 لخابيط ‏،

اللخبوط جـ مثلا = علن فا علا تن مس تف علن مس تف = 3 2 3 2 4 3 4 = فعولن فعولن مستفعلن مستف‏، الوزن الذي نتفق على أنه سائغ هو اللخبوط ( ز) ‏

فرق بين أن نقول إننا نستسيغ هذا الوزن لأن تحويل ( مفعلانْ –فاعلانْ - 2 3 ه ) في آخر السريع إلى فاعلاتن2 3 2 (اتباعا لبعض ‏البحور لا أصالة فيه) وبين أن نقول إنه بحر جديد من دائرة جديدة.‏ دائرة جديدة تعني خلق ذائقة جديدة لأمة جديدة .‏

كم اشعر بالمرارة لفشلي في توصيل أهمية معرفة وجود منهج مرتبط بذائقة.‏

دوائر الخليل تمثل الذائقة العربية، وفيها بعض البحور المهملة. ثمة اعتبارات وقياسات قد تفسر بعض اطرادات استساغة بعضنا ‏لأوزان تزيد عن بحور الخليل قليلا أو تنقص قليلا من آخر الشطر فنسمي ذلك موزونا سائغا، لا شعرا، ولا يترتب عليه إنشاء دوائر ‏جديدة . وهذه الاعتبارات فيما يخص الرقمي منها التخاب وهرم الأوزان .‏

دوائر الخليل فيها كثير مستعمل وقليل مهمل، أما أن نعمد إلى اي وزن نسيغه فنجعله أساسا لدائرة فأمر مختلف.‏يعني الخليل كان مفتّحا يرى المدينة سلفا ويحدد الشوارع النافذة والمسدودة. وهنا أبصرت زقاقا شبه نافذ فبنيت مدينة عليه.‏

" أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ : (الملك - 22) ‏ ... صدق الله العظيم.

آه كم آلمتـني سلبية أستاذي د. خلوف تجاه أعظم مقولة قيلت في علم العروض طوال تاريخه، وهي مقولة الأستاذ ميشيل أديب :" ‏‎‎وأكثر ما ‏يعيب‎ ‎كتب العروض القديمة‎ ‎والحديثة، أنها، على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف الخليل عن أسرارها،‎ ‎لم تحاول تحليل ‏العملية الذهنية لتي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه القمَّةالرياضية‎ ‎التي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ‎ ."‎

لأنها وعلى لسان د. خلوف وهو شيخ لي ولسواي من العروضيين تعني أن بقية العروضيين العرب لا يدركون من عروض الخليل إلا تفاعيلة ‏وهم وقد عرفوا دوائره ولكنهم لم يدركوا ارتباطها بمنهج لديه بل هم لا يدركون وجود منهاج لديه.‏ وبالتالي فلا منهج لديهم وقد أثبت ذلك في مواضيع عدة. وفي هذا السياق أسعدني منطقك هنا . إن القول بأن ( مستفعلن مستفعلن فاعلاتن ) شعر وأنه السريع يتبعه أن كل بحر جزء من ‏دائرة وفي الدائرة التي تحوي هذا السريع هناك تسعة بحور(لخابيط).‏وقولك :

كُنْ في تُقَى وَلا تُرَاهنْ لِدُنْيَا تَزولُ كَالنَجْمِ الصَديقِ الحَميمِ‎

أَوْصِيكِ يا نَفْسِي ورَبِّي شَهيدٌ ... أَنَّي بَراءٌ منْ فؤَادٍ سَقيمِ‎

وعندما سألتُ أخي وأستاذي العزيز الدكتور عمر خلوف ( في رسالة خاصة في أحد المنتديات الأدبية ) إلى أيّ بحر يمكن أن اردّ ‏القصيدة ؟ فكان جوابه‎ ‎إلى بحر السريع

أوجه كلامي هنا إلى أستاذي د. خلوف لأقول له أرأيت كارثة غياب الوعي على المنهج وتحديده إلى أين تقود، فاستحسان جزئية لديك ‏وهي (مستفعلن مستفعلن فاعلاتن ) في الشطرين ونسبة الوزن للسريع دون أطر ذلك في منهج ما فتح الباب لأستاذنا السحار ‏للقياس والقول طالما أن هذا بحر فهذه دائرته وهذه بحورها، وهو يجري في ذلك على ما هو معلوم من عروض الخليل بالضرورة ، ‏والخطأ في ذلك أنه أخذ بحرا خلوفيا ووضعه في سياق خليلي. ‏

عندما اجتهد د. مستجير في منهج جديد حال دون خلط منهجه مع منهج الخليل فظهر الفرق دون آثار جانبية. فهو عطل دوائر ‏الخليل في منهجه

أنت أعتبرت هذا الوزن من السريع ولك الحق في أن تصنفه كما تشاء ولكن ضمن منهج محدد يمنع الخلط بينه وبين منهج الخليل ‏الأمر الذي اتبعه أستاذنا السحار. ولتوضيح أهمية المنهج أيا كان حتى لو اختلف عن الخليل ، أوجه لك هذه النقاط وكلي أمل أن أنجح في ‏إبراز أهمية المنهج فإن نجحت في ذلك معك فسيكون هذا مدعاة لسروري وسيعطيه زخما عند أستاذي السحار وسواه العروضيين والشعراء من أصحاب ‏البحور الجديدة التي لا أراك تسيغها ولكن قد يكون في تجاوزك ( الجميل ) لكن غير الممنهج منفذا لأصحابها، ولو بينت نهجا محددا ‏لتجاوزك لم يكن لهم منه منفذ للقبيح من أوزانهم.

‏1-‏ هل هذا السريع يخص دائرة ما ؟

‏2-‏ إن قلت لا فهذا يستتبع تحديد نظرية جديدة للبحور الخارجة عن الدوائر‏ وهذه ستكون لها آفاق وتبعات.

‏3-‏ وإن قلت نعم فما رأيك بدائرة أستاذنا السحار ؟ ‏

ينظر هنا إلى [بحور جديدة]: https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/jadeedah

د.عمر خَلّوف; كثيراً ما يُحاول أستاذنا الحبيب (أبو صالح) استثارة كسلي للكتابة والحوار بناءً على ملاحظاتٍ لي سريعة كتبتُها ردّاً أو جواباً على سؤال أو مداخلة هنا أو هناك..

وكم أخبرتُ حبيبنا أبا صالح أنني عاجز عن فهم لغة الأرقام التي يحدثني بها[/COLOR]، وذلك على الرغم من قدرتي على فكِّ أسرار نظريتي د.أحمد مستجير، ود.مصطفى حركات الرقميتين، وحاورتُ د.الثمالي، كما حاورت القرطاجني من قبل. وكم نبهته أنّ ذلك هو سبب السلبية وعدم الاستجابة لما يُحاول إقناعنا به. وها هو يريد أن يفرض علينا رؤيةً لا نؤمن بها أصلا. أستاذُنا يعتبر الدوائر العروضية ممثلةٌ لمنهج الخليل (الشمولي)، وهي مقدّمةٌ لم يُقرّها الخليلُ نفسه، ومع ذلك فهو يُرتّبُ عليها نتيجةً لا نُقرّها، حيثُ يجعلُها ممثّلةً للذائقة العربية وكلّ ما وراءها خروجٌ على هذه الذائقة!!

ونحن نعتبر دوائر الخليل مُرَقّعانيّة جمعت (المتعوس) على (خائب الرجا)، وهو مثلٌ (حموي) واضح التمثيل لمن يفهمه.

فنحن لا نرى علاقة بين الخفيف والسريع، ولا بين المضارع والمنسرح، ولا بين (المجتث) وأخوته (غير الشرعيين) في الدائرة. سوى الاشتراك فيما بينها بشيءٍ من مواصفات أنساقها، أو وقوع نسق ضمن مكونات سواه. فإذا رفضنا هذه (التوليفة العجيبة) التي سمّيت بالدوائر، فإننا واثقون كلّ الثقة أنّ (بحورَ الخليل الخمسة عشر) هي التي تمثّل الجزءَ الأكبر من الذائقة العربية[/COLOR].. وإن لم تكن ممثلةً لكلّ هذه الذائقة. مع يقيننا أن الذائقة قابلة للتطور. فما توقفت عنده ذائقة امرؤ القيس وعبيد بن الأبرص لن يقنعني بعقم الذائقة العربية، وعدم قدرتها على توليد إيقاعات أخرى أو بحورٍ إضافية.. وقد فعلت.

فلقد كان ميلاد بحر الخبب إيذاناً بالعجز الذي فرضته الدوائر على الذائقة المتطورة. بل لم تتورع هذه الذائقة عن قبول إيقاع بحرٍ ثانٍ ولد في بدايات القرن الرابع الهجري، وهو الدوبيت، الذي تداعت على قبوله ذائقة الشعراء العرب من أرض العراق إلى أرض الأندلس، ومن القرن الرابع إلى القرن الخامس عشر، حتى فاقَ ما كُتبَ عليه –كمّاً- ما كُتب على بحر المضارع والمقتضب والمجتث معاً.

وقل مثل ذلك في بحر السلسلة، والبحر اللاحق، والبحر المخلّع.

ولا يمتنع عندنا أن يدخل على خط التجديد والتطور بحر سابع وثامن، اليوم أو غداً، أو بعد قرن من الزمان..

وكيفَ تمثّل دوائر الخليل الذائقةَ العربية، وأكثر من ثلث بحورها مهمَل لم تستسغه ذائقة عربي قط.. لا قبل اختراع الدوائر ولا بعدها.. بل إنّ أصولَ الكثير من (البحور المستعملة) مهملٌ ترفضه هذه الذائقة: فأصول المديد والوافر والهزج والمضارع والمقتضب والمجتث مهملة، ناهيك عن (البحور المهملة السبعة) التي أفرزتها تلك الدوائر، ورفضتها الذائقة العربية بالكليّة إلى اليوم.

دوائر الخليل عندي -كما هي عند القرطاجني- (مُلْحَةٌ) عَروضية، يَتفكَّهُ بها شُداة العَروض، ولا علاقة لها بالمنهج العلمي الذي اتبعه الخليل في تقعيده لبحوره..

فإنْ رأى أحدهم أن هنالك منهجاً مرتبطاً بذائقة الأمة في عصر من العصور، فلا بدّ أن يَنظُرَ إليه على أنه مرتبطٌ بذائقة ذلك العصر، وهو لا ينطبق على غيره إلاّ بالمقدار الذي يقبله ذلك العصر من ذلك المنهج.. إنّ ما يمثل الذائقةَ العربية هي البحور المستعملة في واقعها الشعري لا الدوائري، وهي كما أثبتَ الواقعُ قابلةٌ للتجديد والتطور، داخل سياقاتها الإيقاعية من جهة (وهذا كمٌّ كبير)، وخارج منظوماتها الإيقاعية من جهة أخرى. وما جاءَ على ألسنة الشعراء المتقدّمين منهم والمتأخرين، زيادةً أو نقصاناً عن الأنساق الشعرية المعروفة، واستساغَتْه ذائقة هؤلاء الشعراء، كما استساغته ذائقتنا، هو شعرٌ عربيٌّ موزونٌ، ولا يجوز لأحدٍ أن يُخرجه من (الشعر العربي) كائناً من كان. وقد أثبتت استمرارية هذه الأنساقَ المحرَّفة -وقد بلغتْ أضعافَ أضعافِ الأنساق الخليلية المعروفة- أنها شعر عربي مقبول وسائغ..

ولن ينفعَ أحداً مهما بالغ في جموده وتحجره أن يُخرِجَها من سائغ الشعر، بدعوى أنها من (الموزون) المقبول، وليست من الشعر. التجديد في الشعر ماضٍ رغماً عن أنوفنا نحن العروضيين، وما علينا إلاّ الركض خلف كل جديد (مقبول) لإدراجه في مكانه الصحيح من سلّم البحور العربية، ولا يهمك بعدها، هل يندرج ذلك الجديد ضمن دائرة ما، أم لا يندرج.. لأن اندراجه ضمن أي دائرة قديمة أو جديدة لا يعني لنا أكثر من اندراجه ضمن (ملحةٍ عروضية جديدة) المهمّ في الأمر عندنا: هل الوزن المخترع مستساغ، تَواطأَ جمْعٌ من الشعراء الذي لا يُتّهمون بانحراف الذائقة، على قبوله واستساغته على اختلافِ أزمنتهم وأمكنتهم. ولذلك أكرر القولَ بأنّ قبولَ الجديد عندي لا يعتمد على ذائقتي، ولا ذائقة أيّ مدّعٍ.

إن نظرية الخليل كان يجب أن تقف عند حدود تأصيلها (الواقعي) للبحور، وأن لا تنجرَّ للدخول في لعبة الدوائر هذه. يكفي الخليل أنه:

- حصَرَ جُلَّ إيقاعات الشعر العربي حتى عصره في خمسة عشر لوناً متميزاً.

- جرّدَ هذه الإيقاعات إلى مكوناتها الأولية من المتحركات والسواكن.

- بيّن أن أساس الإيقاع في الشعر العربي هو نوعٌ من الانتظام الخاص لهذه المكونات وفق سياقات محددة.

- لاحظَ أن المقاطع التي تنتهي بساكن لا تتعدَّى في الشعر ثلاثة مقاطع أصلية، ولكنها في النثر أكثر من ذلك بكثير.

- وبناءً على ما تكرر من مزاوجات هذه المقاطع ضبط (الوحدات الوزنية/التفاعيل)، التي تتركب منها (الأنساق الكبرى/البحور) المختلفة.. وقد نجح في ذلك أيما نجاح، وما زالت هذه الأسس الخليلية حتى اليومَ المرجع الذي يقتبس منه كل من أراد الكتابة في علم العروض

وإذ يُطالبني أخي الحبيب دائماً ببيان المنهج الذي تُضبَطُ به هذه الذائقة المستجدّة، أذكِّرُّهُ أنّني لم أدّعِ يوماً في كلّ ما كتبت بأنني وضعتُ إيقاعاً من لدُنّي وقلتُ للناسِ عليكم القبول به، ولا وضعتُ منهجاً خاصّاً بي دون غيري، ولكنني أدور في فلك الخليل ومنهجه الذي سار عليه إلى ما قبل أن تستهويه لعبة الدوائر، فحاولتُ أن (أحَدّدَ) ما جاءَ عن العرب من أوزان، وأن (أجَرِّدَها) من بعض ما شابَها من عوارٍ أو خللٍ أراه، وأن أقترحَ (تأصيلاً) جديداً لِما تَواطأَ المتأخّرون على قبوله والرضَى به، ولذلك سميتُ عملي: (العروض العربي: تحديد وتجريد وتجديد) ولم يُطالب أحدٌ -حتى الأستاذ- الخليلَ بتحديد منهجه الذي سارَ عليه، ولم يُحاول أحد قبل أستاذنا أن يستخلص من عمله منهجاً شمولياً غيرَ موجودٍ أصلاً.

فأما مقولة (ميشيل أديب): فحقٌّ، قاله (مُبْطِلٌ) لم يُقدِّم للعروض العربي -بناءً على مقولته تلك- إلاّ نسخةً مشوّهة عن كتابنا: (فن التقطيع الشعري). ومقولته التي فتنت الأستاذ ليست أكثر من (تأليف صوتي) لم يَقدرْ ذلك المدّعي أن يصفَ لنا بعدَها (مظاهرَ العبقرية) التي مات الخليلُ –رحمه الله تعالى- ولم يكشف لنا عن أسرارها!!. وأستاذنا الحبيب لا يفتأ يُردّد هذه المقول، مؤمناً بها كل الإيمان، ومتّهماً كلَّ العروضيين العرب من عهد الأخفش إلى عصرنا الحالي بأنّهم لم يُدركوا منهجَ الخليل الشمولي، بل لا يُدرِكون وجودَ ذلك المنهج لديه أصلاً، وبالتالي فهم جميعاً -باستثناء ميشيل أديب!- يسيرون على غير هدى، بلا منهج ولا هم يحزنون

أما ادّعاءُ اختراعِ دائرة جديدة، أو بحر جديد فليسَ نهاية الأمة العربية، ولا نهاية ذائقتها، ولا خلقاً لذائقة أمة جديدة كما يُصوره لنا أستاذنا الغيور.فلو أثبتَ البحر الجديد -أو الدائرة الجديدة- قدرةً على القبول والاستمرار فمرحباً به وبها، وإن كان غير ذلك مات أو ماتت في مهده أو مهدها.

وكم نبهتُ أخي وأستاذي أنّ ما يراه من مثل هذه الدعاوى -وقد كثُرتْ جدّاً- لا ولن يُشكِّلَ كارثةً -كما يظن- إلاّ على مدّعيها.وإنّ اعتراضنا على ذلم لن يوقفَ مثل هذه الدّعاوى أبداً، فكلُّ يدَّعي وصْلاً بليلى، وليلى لا تُقِرُّ لهم بذاكا. المهم أن تَثبُتَ مثل هذه الادّعاءات، وأن تلقى القبول. ولا يمتنع عندى أبداً أن تُثبِتَ إحداها جدارَتَها بالقبول، كالذي حصلَ مع الخبب واللاحق والدوبيت والسلسلة والمخلّع.

وأخيراً فأنا أشكر أخي الحبيب على تذكيره لي بشيءٍ لم أقله قطّ، وأعنى: (إلقاءَ تهمة التحجّر على من يُطالب بوضوح المنهج وتحديده) كما قال! لأن ما قلته وما أزال أردده: (المتحجّرين الذين يَخشون أيَّ تجديد، فيخوّفوننا بفساد قواعد اللغة فيما لو فتحنا باب التجديد في موسيقى الشعر)!.

وباب التجديد مفتوحٌ أصلاً، لم يُغلقه أحد سوى هؤلاء المتحجرين، حيثُ دأبَ الشعراء على البحث والكتابة على ما رأوه تجديداً في موسيقى الشعر. لكن لا شكّ عندي أنّ من يعتقد صحّةَ منهجه، وأن منهجَ سواه هو (اللامنهج) فهو من أكثر الناس تحجراً. والله هو الموفّق إلى سواء السبيل.

إذن فخلاصة الأمر هو اعتبار دوائر الخليل غير ذات شأن في العروض العربي بل أسوأ من ذلك فهي كما تقول " مرقعانية ‏جمعت المتعوس على خائب الرجا " وللعلم فهذا مثل دارج في كثير من البلاد العربية. من سمع المثل في مدينته أو بلده فنسبه إليها فهو جزئي في توصيفه أخذه كما بدا له دون أن يتعب نفسه باستكشاف مدى انتشار هذا ‏المثل أو صحة أصله ومدى انتشاره.‏

من وصف الجزئية التي أمامه كالقول "سمعته في حماة فهو إذن مثل حموي حسب تقييمي المباشر"، فهو صاحب وصف جزئي ‏سليم في ذاته بمعيار صاحبه وحسب رؤيته التوصيفية المباشرة لا مجال للخطإ فيه. فهو مرجع ذاته، والأمر لا يتطلب جهدا للربط أو التكامل. والاكتفاء بذلك في سائر الأمر هو منهج اللامنهج. من قال إن هذا المثل شامي أو عربي فإن إثبات ذلك يتطلب بحثا وجهدا، وفيه مقاربة ربما يخطئ صاحبها فيها ويصيب وقوله قابل ‏للتصويب. ومن كان هذا شأنه في الأمر كله فهو صاحب منهج كلي.‏ وكما ترى فإن مقاربة كل منا لنسبة هذا المثل ليست بعيدة عن موضوع حوارنا.‏

قولك بأن دوائر الخليل " مرقعانية جمعت المتعوس على خائب الرجا "‏يستدعي إحداث توازن بين المقولتين وذلك بالقول :" إن إنكار وجود منهج لدى الخليل تمثله دوائره يمثل تفلتا من أي مقياس ‏علمي منطقي تقعيدي لوصف ما وجده الخليل من شعر العرب أو تقعيد حتى ما تقبله الآذان سواء أذن هذا المنكر أو آذان سواه ‏ممن يتجاوزون الخليل "‏.وهما إذن وجهتا نظر متناقضتان. ‏ ولا أنوي هنا تكرار ما تقدم ففيه الكفاية، ومن شاء المزيد فليبحث عن هذه المواضيع:‏ المنهج واللامنهج – الحوار الجذري - دائرة وبحر جديدان – التفاعيل ومنهج الخليل – الفرق بين العروض وعلم العروض – ‏الخليل وماندلييف - بحور جديدة

الأستاذ سليمان أبو ستة: شيخنا الدكتور عمر خلوف في نقده أو نقضه لنظرية الدوائر الخليلية لا ينظر إليها نظرتنا إلى كونها لا تعدو مجرد أرفف وضعت فوق بعض البعض وفقا لاعتبارات هندسية بحتة لا تحمل في اختيارها أية افضلية تتعدى المساحة والمكان الملائمين ، كما لا تحمل في ترتيبها أي دلالات أخلاقية كما لا يعني هذا الترتيب وجود صلة جينية بين بحر وآخر تجمع بين متعوس وخايب الرجا .. هي كما قلنا ليست أكثر من أرفف أودعها الخليل بحوره المستعملة والمهملة فيها . وإذا كان ثمة من ميزة لهذه الأرفف فهي أن البحر الذي لن يجد له رفا منها يستوعبه، لا يعد بحرا خليليا (ولكن ربما كان بحرا سحاريا).

وأما بحر الدبيت الذي لا يمكن له أن يندرج في واحد من هذه الأرفف، ومعه كل البحور التي تمزج تفعيلة خليلية بأسباب ثقيلة قبلها أو بعدها، فهي من نظام عروضي آخرغير نظام الخليل، لا مكان فيه لفكرة الدوائر.

بدا لي في الأسطر التالية أن أترجم مبحثا صغيرا من كتاب The Theory of Classical Arabic Metrics للباحثة J. M. Maling أكثر ما أثار نظري فيه هو توارد الخواطر العجيب بين باتيسون والقرطاجني، ولا سيما وأن هذا الأخير هو من القلة الذين تندروا على دوائر الخليل:

لقد قبل العروضيون في البلاد الإسلامية عموما التحليل الوزني الخليلي بغير تردد ، ومن ناحية أخرى، مال العروضيون الغربيون إلى رفض ذلك التحليل لكونه معقدا ومرهقا وغير كاف عادة لصالح وصف وزني للشعر اليوناني واللاتيني الكلاسيكي الكمي . وحتى معظم الباحثين المعاصرين فإنهم قد فشلوا في إدراك الحافز وراء تحليل الدائرة، حيث يلاحظ باتيسون أنه "ليس من الصعب أن نعتقد أن نحويا عربيا كان يمكن له أن يرتب أفكاره في دائرة ، فقط لمجرد أنه ملحة صوفية mystical fun ، بغض النظر عن مدى بطلان تلك الدائرة". ويلاحظ فون جرونباوم أنه "على الرغم من عدم دقتها الواضحة كوصف للعروض العربي، وعلى الرغم من كثرة الانتقادات الموجهة لها خلال القرن التاسع الميلادي فإن نظرية الدوائر أضحت رسمية معتمدة". ومن ثم يمضي إلى القول بأننا : "عندما نحلل العروض العربي من وجهة نظرنا، أي بالبدء من عناصره الحقيقية وهي الحرف المتحرك نحو (بِ) والمتحرك فالساكن نحو (بَل)، فإن البساطة الأساسية لنظامه تغدو بينة لنا وواضحة" . وفي حين نتفق على أن مفهوم المقطع، وهو المفهوم الذي يبدو أن النحويين العرب لم يدركوه ، يعتبر أساسيا في أي وصف للشعر الكمي، فإن جرونباوم يفشل في إدراك أن استخدام المقطع لا يعد، بأي حال من الأحوال، متعارضا مع نظرية الدائرة. وعلاوة على ذلك ، فإن العروض العربي لا يمكن وصفه على نحو كاف فقط من حيث المقطع، وإنما يجب أن يشير إلى مستوى أكثر تجريدا. إنه بالضبط ذلك المستوى التجريدي للتمثيل الوزني الذي تنتوي نظرية الدائرة التعبير عنه [في صورة أسباب وأوتاد] . إن غايتنا من هذا الطرح هو أن نبين أن نظام الدوائر عند الخليل لا يعد فقط من قبيل التحليل البسيط والأنيق والثاقب النظر في الأوزان، ولكنه يقدم لنا الأساس الوحيد لوصف وزني كاف للشعر العربي

فرقٌ كبيرٌ عندي بين الاتهام بإنكار وجود منهج للخليل في عروضه العظيم وبين اعتبار الدوائر ممثّلةً للذائقة العربية جمعاء، الدوائر هي جزء من منهج الخليل، ومنهج الخليل واضح لكل ذي عينين، بحيث لم يحتج معه أحد من العروضيين عبر تاريخ العروض المتطاول أن يسأل الخليلَ عن حدود منهجه..ومن منهج الخليل في دوائره أن يجمع في الدائرة الواحدة السياقات الإيقاعية المتضادة، بل والمتنافرة، بناءً على اشتراكها الجزئي في التسلسل الحركي لمكوناتها.

وكم أعجبني التوصيف الذي أتى به شيخنا سليمان أبو ستة حفظه الله، والذي خيّل لنا الدوائر كخزانة للكتب، تتألف من خمسة رفوف، مجرد رفوف، وضعت فوق بعضها بعضاً، دون أن يكون في ترتيبها أية دلالات أخلاقية، جاء بها الخليل ، فوضع في رفها الأول بحر الطويل والبسيط والمديد وبحراً رابعاً مهملاً، وفي الثاني الوافر والكامل وبحراً ثالثاُ مهملاً.. وهكذا... بناء على اشتراكها بشيء من التسلسل الحركي كما قلت.

وكأني بالخليل رحمه الله قد ضاقت عليه هذه الرفوف، وبدلاً من حذف المهملات من البحور راح يضمّرها بتمزيق الفصول الأخيرة لبعضها كحذفه الفصل الرابع من المديد والثالث من الهزج والمضارع والمجثث...

أرجو أن تتأمل قوليك :

1.- فرقٌ كبيرٌ عندي بين‎ ‎الاتهام بإنكار وجود منهج للخليل في عروضه العظيم، وبين اعتبار الدوائر‎ ‎ممثّلةً للذائقة العربية جمعاء‎. الدوائر هي جزء من منهج الخليل،ومنهج الخليل واضح لكل ذي عينين، بحيث لم يحتج معه أحد من العروضيين عبر تاريخ ‏العروض المتطاول أن يسأل الخليلَ عن حدود منهجه‎..‎

2- ونحن نعتبر دوائر الخليل(مُرَقّعانيّة) جمعت (المتعوس) على (خائب الرجا)‏

بصدد قولك :"ومنهج الخليل واضح لكل ذي عينين، بحيث لم يحتج معه أحد من العروضيين عبر تاريخ ‏العروض المتطاول أن يسأل الخليلَ عن حدود منهجه‎..‎"أكتفي بالإشارة إلى موضوع (الرقمي قبس من نور الخليل) : https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/-qabas

د. خلوف : هي كذلك فالدوائر هي الجزء الأخير من نظرية الخليل العظيمة ولكن هذا الجزء عندي يشبه (المرقعانية) كما قلت، والذي أفرز مسائل عروضية كثيرة، ليستبذات أهمية للعروض ولا لأهله، وزادت من تعقيده.فما كل ما في النظرية صالح عندي، وإن كان جلّ ما في النظرية صالح..تبقى النظرية قائمة ما بقي العروض، ولكن يجب أن لا يعني ذلك الأخذ بكل ما فيها على أنه من المسلمات. أنا لا أسلم للخليل بأصل السريع مثلاً، ولكن في نظرية الخليل يجب أن يبقى السريع في (الرف) الذي وضعه عليه الخليل، ولو لم يفعل الخليل ذلك لانهدمت نظريته. وقل مثل ذلك في المجتث والمضارع والمقتضب والمديد. هكذا جاءت النظرية، وهكذا فتنت من قرأها، وهكذا يجب أن تستمر. وقد تعلمنا العروض بدراسة هذه النظرية الفاتنة الباهرة، ولكن هل ننتقص من قدر الخليل إذا أشرنا إلى ما فيها من عوار؟ من أراد معرفة نهج الخليل في عروضه فعليه بنظريته، وهي مكررة في مئات الكتب، ولا يروقني أبداً أن أجترّ وألوك ما جاء في هذه الكتب.. فأحدها يسد مسدّ مئاتها.ومحاولات الخلخلة التي ابتدأها الجوهري رحمه الله، وعبرت قنطرة ابن الفرخان والقرطاجني، ولم تنتهِ عند د.مستجير هي إضاءات زادت من فهمنا لمسالك الإيقاع الشعري، وفتحت لنا الكثير من أسراره..

قلت ما تراه وإليك ما أراه

هي كذلك..فالدوائر هي الجزء الأخير من نظرية الخليل العظيمة ولكن هذا الجزء عندي يشبه (المرقعانية) كما قلت، والذي أفرز مسائل عروضية كثيرة، ليست بذات أهمية للعروض ولا لأهله، وزادت من تعقيده. فما كل ما في النظرية صالح عندي، وإن كان جلّ ما في النظرية صالح. تبقى النظرية قائمة ما بقي العروض، ولكن يجب أن لا يعني ذلك الأخذ بكل ما فيها على أنه من المسلمات.

عندي أن دوائر الخليل هي العمود الفقري لمنهجه ونخاع ذلك المنهج. وتطبيقات الخليل التي ترى أنه اتبع فيها أسلوبك هي مجرد تطبيقات جزئية للمنهج الذي تمثلهدوائره. فإن انبتت علاقتها مع الدوائر والمنهج وهما صنوان كانت مجرد وصفية تمثل بالنسبة لمن لا يعرف المنهج أو يعترف به على اصوله منهج اللامنهج.

تفاعيل الخليل تمثل تطبيقات الخليل في العروض، ومصدرها منهجه في (علم العروض)

يعرف ذلك من عرف منهج الخليل وساعة بحورة والفرق بين العروض وعلم العروض. وعلى الأقل علاقات الدوائر و 222 و التوأم الوتدي 212

استاذي لو تجاهلنا دوائر الخليل فما ذا يبقى من منهجه.؟

المنهج يعني التقعيد وربط أجزاء الظواهر، وأخذ كل ظاهرة على حدة هو ( منهج اللامنهج ) والإصرار على أن لا نظام أو تقعيد شاملين لا يمكن أن يكون أكثر من نظرة ذاتية يتشبث بها صاحبها ويصفها بالمنهج. https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/mohmalah

من عرف المنهج ملك التفاعيل، من جهل المنهج ملكته التفاعيل

أنا لا أسلم للخليل بأصل السريع مثلاً، ولكن في نظرية الخليل يجب أن يبقى السريع في (الرف) الذي وضعه عليه الخليل، ولو لم يفعل الخليل ذلك لانهدمت نظريته. وقل مثل ذلك في المجتث والمضارع والمقتضب والمديد...

أنت أيضا لا تسلم للخليل بمخلع البسيط ولا بلاحق خلوف .

منهج الخليل يقوم على حصر كافة الاحتمالات المهملة والمستعملة كما حصر الجذور المحتملة في العربية قبل شروعه بمعجم العين 12305412 ونفس الشيء فعله في إمكانات العروض فوضع كل الإمكانات المستعمل منها والمهمل كليا أو الساقط جزئيا.

هكذا جاءت النظرية، وهكذا فتنت من قرأها، وهكذا يجب أن تستمر..

لا يشاركك هذا الرأي من لا يعرفون العروض إلا من خلال شمولية النظرية والذين غدا بعضهم منارات في علم العروض. وقد تعلمنا العروض بدراسة هذه النظرية الفاتنة الباهرة، أية نظرة وأية باهرة دون دوائر الخليل التي تراها " " مرقعانية ‏جمعت المتعوس على خائب الرجا "

ما بقي خارج دوائر الخليل مقطوعا عنها يكفي حاجة الشاعر والعروضي وقطعها عن شمولية فكر الخليل ينفي عتها صفة المنهج

ولكن هل ننتقص من قدر الخليل إذا أشرنا إلى ما فيها من عوار؟

الخليل هو ملك المنهج في علم العروض. جاء بعده أولو مناهج جزئية أو كلية وكلهم كشفوا عوارهم وبينت ذلك، أما من لا منهج لديهم فقد كشفوا عوراتهم ومثال ذلك أصحاب البحور الجديدة التي غيرت وبدلت في حشو البحور – والحمد لله أنك لم تغير في الحشو شيئا – وبين هؤلاء وهؤلاء طيوف .

من أراد معرفة نهج الخليل في عروضه فعليه بنظريته، وهي مكررة في مئات الكتب، ولا يروقني أبداً أن أجترّ وألوك ما جاء في هذه الكتب.. فأحدها يسد مسدّ مئاتها..

لم يتناول أحد منهج الخليل بمفهوم الشمولية قبل الرقمي، الكل تناول عروض الخليل بتفاعيله وبحوره. والقول بأن لا علاقة لها بمنهجه تمهيد لمنهج التلصيق كما في البحور الجديدة. لا يلزم العروضيّ أن يعرف منهج الخليل، ويكفيه أن يلتزم بحرفية فتاوى الخليل الجزئية. ما وراء ذلك يدخل في علم العروض وكل من قاربه بدون منهج الخليل وقع في تناقضات ذاتية تقل أو تكثر.

ومحاولات الخلخلة التي ابتدأها الجوهري رحمه الله، وعبرت قنطرة ابن الفرخان والقرطاجني، ولم تنتهِ عند د.مستجير هي إضاءات زادت من فهمنا لمسالك الإيقاع الشعري، وفتحت لنا الكثير من أسراره..

ما خلخل أؤلئك إلا أنفسهم وثغراتهم تشهد على ذلك.

كل من تفضلت بذكرهم قدموا مناهج جزئية أو كلية لا تخلو من تناقض وبعض النقص وقد قرأت لك في هذا نقدا لبعضهم. وكل ذوي المناهج المخالفة للخليل ممن اطلعت على مناهجهم وقعوا في نقص أشد مما تخيلوه في منهاجه. أما غير ذوي المناهج فحدث ولا حرج مع أن كلا منهم يرى ما قدمه منهجا بل إن بعضهم اعتبره "هندسة للعروض" واذكر من هؤلاء هنا الأساتذة والعروضيين والشعراء الأفاضل : أحمد الأقطش، أحمد مستجير، الجوهري، حازم القرطاجني، د. رياض بن يوسف، د. محمد عبد الحفيظ شهاب الدين، ذياب شاهين، سامر سكيك، سنان حقي، الشيخ جلال الحنفي، غالب الغول، د. محمد الكرباسي، محمد السحار، محمد العياشي، محمود مرعي ، معين حاطوم، نازك الملائكة، وهاب شريف

لا أقول هذا جزافا وقد سبق وعرضت بعض ما وقع فيه كل منهم.

أما بالنسبة لك أستاذي الكريم، فإن ما وهبك الله من ذائقة سليمة واطلاع واسع وتشبع بالشعر العربي قد أنتجا لديك ذائقة تشبه ذائقة العربي قبل الخليل الذي قال الشعرالسائغ دونما معرفة بالعروض أو منهجه. وظني أنك لو لم تدرس العروض ولم تطلع عليه لما تأثر قرارك بقبول ورفض وزن أو رفض آخر، ولكن – واعذر تعبيري – ليس لك ولا للشاعر العربي الأصيل منهج في العروض.

المنهج يعني تقعيدا كليا واعيا .

وكما كان من مقتضى نتاج الشاعر العربي سليم الفطرة أن يكون هناك منهج متكامل يصفه. فإن من مقتضيات سلاسة معظم ما تراه تجديدا لديك أن يكون هناك منهج متكامل لتوصيفه. وفيما يلي بعض معالم منهجك وتفسير ما نجده من سلاسة في ما ذهبت إليه. لا يتضمن هذا الدوبيت ولا السلسلة فهما بحران غير عربيي الأصل. كلي أمل أن أنجح من خلال هذا التوصيف في نقل مفهومي للمنهج،

1- ثمة صور من صور بحور الخليل جعلتها بحورا قائمة بذاتها. المخلع و( لاحق خلوف) ولهذا بعدان:

أ*- في العروض والسمع لا فرق

ب – في علم العروض وتطبيقات منهجه ثمة فروق وتساؤلات، لا أنت تتبعت الأولى ولا أجبت على الثانية ولا سواك فعل ذلك. وفي حواراتي العديدة إثارة لبعض لك

2- وصفك الخبب بأنه بحر جديد تسمية لا تقدم ولا تؤخر بالنسبة لعروض الخليل، وكما تعلم فثمة أبيات على الخبب منسوبة للخليل

3- أنت حافظت على الوزن الهرمي وذلك من خلال عدم مس الحشو واقتصار التغيير لديك على أمرين كلاهما في نهاية الشطر:

أ*- التقصير : فيما تدعوه المقصرات، ويعرف أهل الرقمي أن الوزن الهرمي لا يتغير بانتقاص البيت من أوله أو آخره فيما يعرف في الرقمي بالاجتثاث والاجتزاء

ب - اعتبار 2 1 2 على أنها 2 3 في نهاية الشطر ثم زيادة سبب في العجز خاصة يبقى ضمن الوزن الهرمي ويقاس شكلا على بعض البحور ويعطي وزنا سلسا. وتبدأ الإشكالات والتساؤلات عند استطراد القياس فمثلا 4 3 2 3 4 أنت تراه هكذا مستقلاعن مجزوء البسيط المقطوع 4 3 2 3 2 2 2، علما بأن من تداعيات الوزن كما تراه ترفيله على

4 3 2 3 2 3 2 فإذا شعّث حسب قياسك على 4 3 2 3 2 2 2، جاز، فكيف تجوز بعروضك ما ينتهي بما تنكره من عروض الخليل -اعتبار2 1 2 = 2 3 ، 2 3 في نهاية الشطر ثم زيادة سبب في العجز خاصة يبقى ضمن الوزن الهرمي ويقاس شكلا على بعض البحور ويعطي وزنا سلسا. وتبدأ الإشكالات والتساؤلات عند استطراد القياس فمثلا

4 3 2 3 2 3 أنت تراه هكذا مستقلاعن مجزوء البسيط المقطوع 4 3 2 3 2 2 2 ، علما بأن من تداعيات الوزن كما تراه ترفيله على 4 3 2 3 2 3 2 فإذا شعّث حسب قياسك على 4 3 2 3 2 2 2 جاز، فكيف تجوّز بعروضك ما ينتهي بما تنكره من عروض الخليل

وهكذا يا استاذي فإن أغلب ما تستسلسه الأذن من آرائك التي هي نتاج ما تراه ( منهجك الوصفي ) وثيق الصلة بتطبيقات منهج الخليل حينا بل وذات تلك التطبيقات حينا آخر بعد إلباسها - دون وعي أو قصد على الأرجح - زيا آخر. وإذن فنحن إزاء إعادة إنتاج تطبيقات منهج الخليل ذاتها أو بإضافة سبب بعد القول إن منهج الخليل الكلي لا علاقة له بها ثم البناء عليها واتخاذ ذلك حجة لسلامة المنهج الوصفي. ومن هنا أفهم الانسجام مع هذا السياق لقولك إن هذا هو منهج الخليل في الأصل قبل أن تنتابه دوائره الـ " " مرقعانية ‏جمعت المتعوس على خائب الرجا "وهو عندي عكس للواقع تماما نجمت عنه مغالطة كبيرة مفادها أن الدوائر تالية لوصف الخليل للبحور كالقول بأن معجم العين سبق إحصاء الخليل للجذور المحتملة للغة وتحديدها ب 12305412 وأما السلس مما تجاوزت به الخليل في حدود، فهو عندي سلس كذلك ولكن ولمعرفتي بمنهج الخليل أدعوه موزونا لا شعرا. فإن تداعياته حسب رؤيتك قد تؤدي إلى ما يخالف منهج الخليل ويخرج عليه.

إن القول بأن الخليل قد صدر في توصيفه لأوزان الشعر العربي بتناول كل وزن على حدة وأنهى توصيفه ( الفراطة - بتعبيري ) أو ( منهجه الوصفي بتعبيرك) هذا ثمجاء بمرقعانية الدوائر التي ضمت المتعوس على خايب الرجا، والتي ليست أكثر من طرفة والسياق يقترح للطرفة وصفا أمسك عنده يستشعره القارئ. إن هذا القول ينزع عن عنق الخليل أبهى وشاح ويحرم العروض بل العربية من أجمل وأرقى ما فيه وفيها. هذا الرقي الذي كشف عنه الرقمي فأثبت أن ما يظن ( فراطة ) تجزيء وتجسيد في العروض القائم على الحفظ هو مجرد تطبيق لمنهج رياضي متكامل متقن يقوم على الشمولية والتجريد ويتطلب الفهم ويحفز التفكير في علم العروض يمثل ذائقة عربية متكاملة متقنة أودعها الخالق للوجدان العربي وكشف عنها بشكل متكامل متقن الخليل يرحمه الله.صروح من الإتقان والجمال يطيح بها إنكار وجود منهج للخليل قوامه دوائره. وليس خارج دوائرة إلا ما يظن خطأ بانه فراطة.

ما غالب الخليلَ في منهجه أحدٌ إنكاراً أو انتقاصا إلا غلبه الخليل.

ثناء صالح : يقول الدكتور عمر خلوف " ومن منهج الخليل في دوائره أن يجمع في الدائرة الواحدة السياقات الإيقاعية المتضادة، بل والمتنافرة، بناءً على اشتراكها الجزئي في التسلسل الحركي لمكوناتها."

‏ أرى في هذا القول اقترابا من نقطة تصلح لتكون مبدأ مشتركا متفقا عليه بين وجهة نظر الدكتور عمر ووجهة نظر الأستاذ خشان في الحوار الدائر حول منهجية الخليل . فما يعيبه الدكتور عمر من الاعتماد على التسلسل الحركي المشترك - وإن جزئيا - بين مكونات البحور في الدائرة للجمع بين إيقاعات متضادة أو متنافرة هو عين ما نمتدحه في منهجية الخليل كأساس للجمع بين هذه الإيقاعات .وهو ما يستحق تسميته بالتكامل في الجمع بين البحور ذات المكونات الإيقاعية المشتركة في التسلسل . فعملية التدوير التي تمسح التسلسل المقطعي في كل بحر مع تغيير نقطة الانطلاق بشكل تقدمي منتظم ليكون البدء من المقطع الأول في البحر الأول ثم يكون الانطلاق من المقطع الثاني في البحر الثاني ثم من المقطع الثالث في البحر الثالث وهكذا . . فهذه في الحقيقة عملية مسح وجرد محكمة وشاملة يتم فيها التدوير داخل الدائرة للانتقال من بحر إلى آخر . .ومن درس العروض الرقمي سيتوقف طويلا ليتأمل تدريبات اشتقاق إيقاع بحر من آخر من بحور الدائرة الواحدة أو ما قاربه من إيقاعات دائرة أخرى . والمقصود من هذا الشرح لفت النظر إلى الصلات الإيقاعية العميقة التي تربط بين بحور الدائرة الواحدة بحيث أن أحدها قابل للاشتقاق من الآخر فكيف يصفها الدكتور عمر خلوف بالمتضادة والمتنافرة ؟

هذا الوصف غير الموضوعي يدل على تقييم غير موضوعي يتعامل مع البحور في كل دائرة من دوائر الخليل بوصفها مجموعة من البحور موضوعة معا في ( كيس أو حقيبة ) ليس إلا . . ولعل فكرة الرف التي ذكرها الأستاذ سليمان توهم بالاعتناء بمبدأ الترتيب في موقع الرف أو الدائرة من قبل الدكتور عمر إلا أن الاستغناء عن أهمية هذا الموقع يبدو واضحا في عدم الاهتمام بتأثير موقع الدائرة في ترتيب محتوياتها وبالتالي فهو قادر على وصف بحورها بالبحور المتضادة أو المتنافرة . وهذا ما يفسر وصفه للدوائر عموما بالمرقعانية . أنا أستغرب بحق هذه النظرة الموضعية المجتزأة المحدودة التي لم تلاحظ وشائج الاتصال البنيوي بين الدوائر من جهة وبين البحور في كل دائرة من جهة ثانية . دوائر الخليل عمل منهجي شامل متكامل .وليس من الإنصاف بمكان أن يتم فصم عرى الدوائر بعضها عن بعض ثم تقييم ما أنجزته كل دائرة من تنسيق مطرد متكامل لبحورها وهي منفصلة ودون النظر إلى التأثير العميق لنظام تناوب المحاور في بنية إيقاعاتها المتكاملة . إن هذا الفصل بين الدوائر ناجم عن إلغاء أهمية الأعمدة أو المحاور التي يقوم عليها هيكل البنيان الكامل وإلغاء أهمية المحاور الإثناعشر بترتيبها التناوبي يعني طمس الروابط الأساسية التي تجعل تنظيم دائرة ما قاعدة لتنظيم التي تليها على الأقل عبر الدوائر الأربعة الأولى. فلدي الآن ثلاثة أسئلة أبحث فيها في ظلال أعمدة الدوائر التي لم يعرها الدكتور عمر أية أهمية :

السؤال الأول : هل يتسم منهج الخليل وفقا لدوائره بالتكامل أم بالترقيعية ؟

السؤال الثاني : هل دوائر الخليل تأصيل للذائقة العربية أم لا ؟

السؤال الثالث : هل تجارب التجديد الناجحة في وزن الشعر تمثل خروجا عن الذائقة العربية ؟

د. عمر خلوف : خلافاً لما عليه الأمر بالنسبة لجذور اللغة العربية، وما فعله الخليلُ -أو سواه- في معجم العين، فيستحيل عقلاً أن تكون الدوائرُ العروضية سابقةً لوصفِ الخليل للبحور، ولا يمكنني أن أتخيّل ذلك إلاّ من باب المُماحكة. فحروف اللغة وأصول الكلِم العربي كانت جاهزة واضحة أمام عين الخليل، ولم يكن أمامه لحصر جذورها إلا عملية التقليب الإحصائية المعروفة، في حين لم يكن أمام الخليل من مكونات الإيقاع الشعري إلا (الشعر ذاته)، وكان عليه أن يبدأ رحلة البحث عن جذور الإيقاع ومكوناته الأولية، حيث عمل أولاً على تجريد الحروف والكلمات إلى مكوناتها الأولية من المتحركات والسواكن، ومن ثمّ إعادة تركيبها موسيقياً إلى مكوناتها المقطعية، فاكتشاف التفاعيل التي تتألف منها الأنساق. وكانت الدوائر هي المرحلة النهائية التي توج بها نظريته المعروفة، حيث أقامها بناءً على ما لاحظه في بحوره من التشابه التركيبي في مقاطعها، لكنه في عمليته تلك، جمع على سبيل المثال بين الوافر والكامل، وجمع بين الهزج والرجز، على الرغم من كون الأول منهما هو عكسالثاني في مساره التركيبي، فمثل المتعوس وخايب الرجا الذي أثار حفيظة أستاذنا الحبيب –وأعاد علينا تكراره عدة مرات- ليس وصفاً للبحر كما هو واضح، وإلا كان الوافر (متعوساً) والكامل (خايب الرجا)، وهذا ما لا نرضاه صفة لأي بحر، حتى لو كان هذا البحر هو: (المضارع)! ولكنه مثلٌ ضربته لجمع الدائرة بين المتضادين، والمتعاكسين..

-. قد يبدو في رأيي مماحكة بمقياس أخذه بإطلاق ولكن حمله على التوجه في الملامح العامة للمنهج يبعد عنه احتمال المماحكة.‏ كيف ؟ لو قلنا إن هناك تشابها منهجيا بين تصنيف آحاد الأصناف في مجموعات كبيرة في علوم كل من الكيمياء والأحياء والمعجم ‏والعروض. فإن نظرتنا إلى تقييم هذه المقولة يمكن أن تكون إحدى نظرتينمتناقضتين

أ -‏ نظرة مماحكة : إذا حملنا ذلك على التماثل المطلق

‏ب -‏ نظرة موضوعية : إذا حملنا ذلك على الملامح العامة للمنهج

ولعل ثمة تناظرا بين مجموعتين في هذه العلاقة المجموعة الأولى : الكيمياء والأحياء ، والمجموعة الثانية المعجم والعروض.

قولك : فحروف اللغة وأصول الكلِم العربي كانت جاهزة واضحة أمام عين الخليل، ولم يكن أمامه لحصر جذورها إلا ‏عملية التقليب الإحصائية المعروفة في حين لم يكن أمام الخليل من مكونات الإيقاع الشعري إلا (الشعر ذاته)، وكان عليه ‏أن يبدأ رحلة البحث عن جذور الإيقاع ومكوناته الأولية......‏ يصح لو جعلناه بعد مراعاة بعض الاعتبارات الموضوعية :‏

فالأعداد الذرية والأوزان الذرية واحتمالاتها كانت جاهزة واضحة أمام عين ماندلييف ، ولم يكن أمامه لحصر احتمالات ‏العناصر غير المكتشفه إلا عملية التقليب الإحصائية المعروفة على ضوء ما استقر لديه من قواعد، في حين لم يكن ‏أمام علماء الأحياء إلا الأحياء ذاتها ، وكان عليهم أن يبدؤوا رحلة البحث عن أصناف الأحياء.. أنت أعرف مني أستاذي بطبيعة التجاذب بين جمع المعلومات الفردية ثم التقعيد لها في المجال العلمي ثم التحقق من ‏صحة ما تم التوصل إليه بتطبيقه على معلومات فردية جديدة وتعديل القواعد لتستوعب هذا الجديد وإعادة اختباره على ‏جديد ومواصلة هذه العملية بين التقعيد والاختبار على الجديد وتصويب التقعيد ثم الاختبار من جديد وهكذا في عملية ‏مستمرة.‏ ولا شك أن درجة وضوح وتحديد عناصر موضوع ما تؤثر في طبيعة التقعيد الكلي بداية وتصويبا ومراجعة. فوجود ‏الحروف المعروفة في المعجم والأرقام المحدودة في الكيمياء فيما يخص الوزن الذري والعدد الذري يجعل الدخول ‏للتقعيد العام سهلا ومباشرا نسبيا. ‏في حين أن تصنيف الأحياء ودوائر العروض والتقعيد للخصائص المشتركة لمجموعات كل منهما يتطلب أولا الإحاطة ‏بعدد معقول من أعيان كل منهما لاستخلاص صورة أولية للتصنيف والتقعيد ثم تصويبها مع كل جديد وقد تكشف هذه ‏العملية في أثناء الصياغة عن اصناف جديدة يثبتها الاكتشاف لاحقا.‏ ولكن السمات العامة للمنهج في كل هذه العلوم كما سواها تبقى واحدة دون أن يعني ذلك التطابق المطلق .‏

فأرجو التكرم بأخذ تقدم بعين الاعتبار فيما قصدته حول منهجي الخليل في العروض والمعجم، ومحاولة استبعاد تهمة ‏قصد المماحكة .

2-. لا أفهم عبارة " جمع الدائرة بين المتضادين، والمتعاكسين" فأرجو أن تمثل لي حول ذلك فلعل فهمي لقصدك سيعينني على تكوين نظرة ما حول الموضوع.

*****************************************

د. خلوف : لكأني بالأستاذ الذي وصف حواره (بالجذري) أراد أن يجعل منه حواراً بدهي المقدمات، بدهي النتائج، فيوهم قارئه بأنّ كل شيءٍ فيه مُنْتهٍ ومستقر بينالمتحاورين!!ولو كان الأمر كذلك لَما كان هنالك حاجة للحوار أصلاً.

إنّ الثقة مسألة مهمة للمُحاور، ولكنها يجب أن لا تصل إلى مستوىالحسمقبل الحوار!

خشان : إنني ببساطة عبرت عما في نفسي بصدق، دون قصد توهيم . وعماد الحوار في رأيي هو التعبير عما لدى المحاو من رأي هو في نظر صاحبه صواب. وربما ميزني في هذا الجانب أن تجربة الرقمي ومسيرته الفكرية بما اكتنفها من أخطاء وتصويبها علمتني أنه مهما بلغ اعتدادي برأيي في مرحلة ما فإن ثمة احتمال بأنه قد يكون خطأ أو أقله قابلا للتعديل إلى الأفضل .

وحديثي هنا حديث وامق حزين ويائس من أغلب العروضيين. ذلك أني أرى أحبة يمضون في اتجاهات هم بأعلى وأفضل منها ‏أجدر، ولو كلف أحدهم نفسه بعض الوقت لفهم مبدإ الرقمي لمضى فيه ولوفر على نفسه الكثير ولأستنار وأنار. ويزيد الحزن أن ‏حديثي لا يجد استجابة. فتجد أن ما رأي أحدهم عن الرقمي لا يتعلق بالرقمي الذي أعرفه بل بصورة لديه عن الرقمي تصنعها له ‏مقاربته للرقمي. أما اليأس فراجع إلى أن العروضيين الذين حاورتهم عن الرقمي لم يكلف أحد منهم نفسه فهمه. باستثناء بعض ‏التفهم لدى أساذتتي سليمان أبو ستة و د. محمد تقي جون علي وإلى حد ما د. محمد جمال صقر.‏

د. خلوف : يؤسفني غاية الأسف أن أكون واحداً ممّن أيأسَك وأحزنَكَ من العروضيين، وأنت تراه يمضي في اتجاهٍ لا يتوافق مع ما تأمله منه، من التضلّع من منهجٍ تحسبه -وهذا حقك- الأجدر أن يُتّبَع.

وليس ذلك عن قِلًى أو كراهيةٍ،فأنت بالمودة المتبادلة عليم، والله بها أعلم، ولكنني -أولاً- أحسبُ -وهذا حقّي- أنني أسير على منهجٍ يُوافِقُ ما أُحبّ أن أرى علمَ العروض عليه. كما أنني –ثانياً- لا يستهويني التعامل بالأرقام البتّة، لِعَيبٍ –ربما- في تربيتي العلمية، أو لتأثير ما ألِفْتُهُ من مفاتن العروض الخليلي، أو لِشيخوخةٍ بدأت تغشى أخاك، أو ربّما لجِماعِ ذلك كله. فإذا ظهر لك السبب، وجب العذر.

أنا واثق أخي أنك تحب لي الخير وقد تعلمت من كتابك الرائع ( فن التقطيع الشعري ) قاعدة التناوب العامة وهي من أسس العروض الرقمي، بل إنني أرى في قواعد التأصيل التي تعلمتها من كتابك ما يبدد ما تظنه من استثناء في قواعدك المذكورة. أفرأيت إن أحببت لك ما تحبه لي من خير. أعتقد – ويغلب على ظني أني مصيب دون استبعاد احتمال الخطأ – أن الرقمي كمضمون لو استطعت أن أوصله لك فسيكون في ذلك خير لي وللعربية بشكل عام لما أوتيتَه من مزايا أفتقر إلى مثلها. وحتى لو كان في هذا الشعور الملح تجاوز فإني واثق أن سعة صدرك وحلمك على أخيك أكبر من أكيد إعذاره لك في أيما موقف تراه.

إن وصفي الخبب بأنه موزون أو بحر ينسف العروض الرقمي نسفا. ‏فبعض الكلمات تنسف المنهج إن استعملت خطأ . أما استعمالها خطأ في اللامنهج فتأثيره محدود في موضعه، وتفكك اللامنهج يحصنه ضد النسف الكلي.

فقولي إنه موزون يخرجه من مجال الشعر كافة ويلغي دوره في العروض بشكل تام.‏

وقولي إنه بحر يلغي التخاب ولعله أهم ركن من أركان الرقمي.‏ أقول هو أحد إيقاعي الشعر العربي.

وللعلم فالخبب إيقاع قائم بذاته في الشعر العربي وهو كذلك في بعض أشعار العالم. بل إن بعض أشعار العالم خببي ‏بالكلية كما شرح ذلك د. إبراهيم أنيس و د. أحمد رجائي.‏

د. خلوف : أعود لأؤكّد لك أنني في منهجي أعتبر كلَّ موزونٍ بحراً، وكلَّ بحرٍ موزوناً، دون أن تنسفَ هذه الحقيقة عندي أيَّ جانبٍ من جوانب العروض.

ولستُ أدري لم تحملكَ الصرامةُ على حشوِ الكلمات بمعانٍ تنسفُ المنهجَ عندك نسفاًإن استُعمِلت خطأ كما تقول.

فما الذي سيتغير لو استعملتَ مصطلحي (بحر وتدي) و (بحر خببي)؟؟

إن الخبب كما أراه: (بحرٌ) سببي، و(إيقاعٌ) سببي، (موزونٌ) بالأسباب دون الأوتاد،قائمٌ بذاته.

ونتيجة هذه الأوصاف عندي واحدة، حيث يبقى (الخبب) بحراً موزوناً على إيقاع السبب، شاذاً عن بقية بحور الشعر (الموزونة) على إيقاع الأسباب والأوتاد معاً.

وما تفضلتَ به من معنى التفريق بين الإيقاعين،وهو ما أتبنّاه كما تعلم، يجب أن لا يقف عثرة في طريق قبولك للجديد أو المستجد، سُمّي ذلك بحراً أم موزونا.

سرني هذا الوضوح وهو يكشف أمرين :

1- اتفاق في المضمون واختلاف في المصطلح في التفريق بين الخبب وسائر البحور ولا بأس بذلك

2- إختلاف في المضمون واتفاق في التسمية فيما يخص تعبير الموزون، فأنت تراه بمعناه اللغوي أي صحيح الوزن وأنا أعني به ما كان على هيئة الشعر وليس بشعر مما يدعو أصحابه بحورا جديدة كالبحر الذي وزنه : مفاعيلن مستفعلن وقد اشرت إلى العديد من هذه ال ( بحور) في موضوع (بحور جديدة) وورد بعضها في موضوع ( المنهج واللامنهج)

د. خلوف: ولكن يبقى أن قبول الذائقة العربية لإيقاع الخبب قنبلة نسف محاولات الإبقاء على الهيكلية النظرية التي أرادها الخليل للبحور.

خشان 2: لا أرى رأيك أستاذي فعندي أن دوائر الخليل تناولت ( البحور الوتدية – الإيقاع البحري) والخبب كـ ( بحر خببي – إيقاع خببي) غير مشمول في هذه البحور بل أذهب أكثر من ذلك إلى القول إن وعي الخليل على الخبب وعدم ضمه إلى دوائره يثبت بشكل رائع هيكليته النظرية إذ يستثني الخبب منها. يمثل هذا الوعي لدى الخليل أو لدى طائفة تراه عند الخليل ما ينسب إلى الخليل من نظم عليه :

هذا عمرو يَستعفي مِن ..... زيدٍ عند الفَضْل القاضي

فَانْهَوْا عَمْراً إني أخشى ..... صَول اللَيث العادي الماضي

و

سُئلوا فَأبَوا فلقد بَخلوا .....فَلَبئسَ لَعَمْركَ ما فعلوا

أبكيتَ على طَلَلٍ طَرَباً .....فَشَجاكَ وأحزنك الطللُ

أنت ادرى مني بصحة نسبة الأبيات للخليل . وحتى لو لم تكن صحيحة فهي تدل على أن ثمة من يوافقني الرأي بأن الخليل يعرف الخبب ولا يضمه إلى دوائره فهو خارج هذه الدوائر بالمعنى المطلق والوزني كما تبين هذه الساعة :بل إن مفهوم د. مستجير يصور الخبب محيطا بهذه الدائرة فيكون امتداد كل وتد خارجها سببين خفيفين فيالمحيط الخببي.

خشان 1 : هل لديك استاذي تعريف واضح المعالم لمنهج الخليل خارج عروضه يحدد المساحة بين عروض الخليل ومنهجه ؟

د. خلوف : وأما سؤالكَ عن "تعريفٍ واضح المعالم لمنهج الخليل خارجَ عروضه، يُحدّد المساحة بين عروض الخليل ومنهجه" فهوسؤال عائمٌ غائم،

خشان 2 : أتخيل أن أقوم أنا بتعريف نهج الخليل فيكونن رأيك فيه أنه غائم عائم.

ولكن الأمر – وأنت به أدرى – كان في هذا السياق :

أ – أنت قلت :" ولا أستطيع أن أحجر على أولئك المتوقفين عند حدود ما وصل إليه علم الخليل، ولكنني لن أغمط حقّ الشعراء العرب بعد الخليل، ممن تجاوزوا التوصيفَ الخليلي، دون أن يخرجوا عن نهجه. وأعتبر ذلك تطويراً للذائقة العربية، لا انحرافاً عنها، لأنها لم تخرج في مخرجاتها عن أسس الشعر العربي ونهجه."

وأنا سألتك عن تعريفك لمصطلحاتك والمسافة بين كل مصطلح والآخر؟ وترد بأن سؤالي غائم . فماذا عساي أقول ومن ترى أنه ينبغي أن أسأل وكيف أفصح ؟

د. خلوف : شأن الكثير من الأسئلة التي يطرحها (الرقمي)،كالسؤال عن أسرار العبقرية الخليلية، والسؤال عن تحليل العملية الذهنية ...الخ

الرقمي أستاذي يحاول الإجابة على الأسئلة المطروحة وبكشف جوانب كثيرة منها. حسبك تركيزه على منهجية الخليل وتفكيره الرياضي بإحصاء الجذور المحتملة التي أحصاها الخليل قبل بدئه بتأليف معجم العين فكانت :

خشان 1 - أعتقد أن الرقمي هو الوحيد الذي يحاول تحديد هذه المساحة.، ذلك انه المنهج الوحيد الذي يتناول تفكير الخليل كما قال الأستاذ ميشيل أديب في مجلة الموقف الادبي العدد 373 أيار 2002:" وأكثر ما يعيب كتب العروض القديمة والحديثة، أنها، على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف الخليل عن أسرارها، لم تحاول تحليل العملية الذهنية لتي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه القمَّة الرياضية التي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ ."

د. خلوف : إن العروض عندي علم (وصفي) ،لا يمكن حصره في قواعد رياضية (رقمية) شاملة. وكل محاولات حصره ضمن قواعد صارمة ستبوء بالإخفاق.

رغم معارضتي الكلية لما تفضلت به هنا فإني جد سعيد لسماعه منك لأنه جاء تصديقا ساطعا كنور الشمس لفصل ( الفرق بين العروض وعلم العروض ) والحمد لله أن كتابي قد تأخر للتشرف بالاستشهاد بهذا القول منسوبا لك في ذلك الفصل، تمييزا بين نظرتين.

أخبرك بفهمي لتعبير ( علم وصفي ) راجيا أن تتكرم بتعديله ليوافق رأيك : " العلم الوصفي هو الطريقة التي تصف كل ظاهرة على حدة دون مرجعية عامة هذا في المجال العام وأما في علم العروض فهو تلك الطريقة التي تدرس كل صورة من صور البحور ( أم تراها كل بحر) على حدة دون ربط بين الصور ( أم تراها البحور) وبالتالي فإن من تحصيل الحاصل عدم افتراض وجود قواعد كليه جامعة.

وهو على الرغم من ارتباطه بشيء من قواعد الموسيقى شيئاً قليلاً، لكنه يتمتع بمرونة عجيبة تقدمها له اللغة العربية، بما تحمله حروفها، وكلماتها، وجملها، من شحنات وظلال موسيقية.

سحر نعمة الله: أتابع هذا الحوار بدقة ،وتركيز لكل ما يطرح ..

-كلامك أستاذي عمر عن الرقمي ،أخرجني من حاجز المتابعة والصمت لعرض تجربة تعمقت فيها ،واكتشفت من خلالها أسسًا كنت أغفلها،تجربة دراستي للعروض الرقمي.:

-حبّي للغة العربية وإيماني بقيمة هذه اللغة جعلني أبحث عن دراسة علومها ،وللأسف لم أفهم العروض في الجامعة بحكم التخصص ودراستنا له في قسم اللغة العربية ،لم يأخذ من الاهتمام كما يهتم بالعلوم الأخرى ،وظلت عقدة فهم العروض باقية تشعرني بالنقص ،فلا أعرف بحور الشعر ولا أعرف أقطع بيتًا ،وحاولت أن أتعلم العروض لم أفلح ،حتى دعوت من شهور قليلة لمنتدى العروض الرقمي من باب الصدفة ،وحلمي أن أعرف أقطع بيت الشعر ,وأعرف بحره فكان هذا أقصى الأماني

-ولم يلفت نظري الاسم (العروض الرقمي) كنت أظنه كما سمعت من قبل من مسميات تتردد أو مرت علي سأدرس التفاعيل التي كنت أسمع عنها ، فوجدتني أرى أرقامًا ،قلت أرقامًا أرقامًا الأهم تقطيع البيت الشعري الذي حاولت فيه مرارًا وتكرارًا لأفهم تقطيعه.

وبعد معرفة تقطيع البيت الشعري ،وجدت الأمر ليس هذا فقط،الموضوع ليس كما كنت أظنّ ،تدرج المنهج يشدّ العقل للمتابعة يشبه بصعود الجبل ،وكلما حُلّ تمرين يستدرجك التمرين التالي ،وإذا اشتد الأمر تجد نفسك في منتصف الجبل أمام أمرين المواصلة والتحمل أوالتوقف والتنازل وإعلان الاستسلام .

-والله لا أبالغ في هذا الوصف ،هذا طريق ممتع حيوي للفكر والإدرك والربط في كل نواحي الحياة ،كلما تسير فيه تدرك قيمة ما تتعلم ،فمنهج الرقمي إعمال الفكر ،وهذا ما مر بي كنت أجلس بالساعات لأفهم الوزن وأنظم عليه بيتًا من الشعر ,فلا أستطيع أترك الأمر ،فطالما العقل يفكر ويفهم إذن لن يترك سيظل يكمل حتى يجد ما يشبع شغفه الثائر لكي تكتمل الأفكار ويكون منهجًا وطريقًا واضحًا.

ولكني اكتشفت الصراع الذي يعيش فيه متقن التفاعيل عندما يدرس الرقمي ،فعدم معرفتي للتفاعيل ساعدتني على فهم الرقمي فلا صراع معه بل إدراك قيمة الرقمي قبس من نور الخليل ،ويظل الصراع يحتدم كلما تعمق دارس التفاعيل في علم العروض الرقمي ،فيجد عقله أمام خيارين ،أما تسيطر التفاعيل على الرقمي وتحتله ويعيش الرقمي تحت سطوة التفاعيل كلما يريد أن يتحرر تقمعه بأنهما متسقان مع بعض وما هو إلا تابع لها كترميز للوزن ،فلا دخول في حوار والابتعاد عن أي منطقة تثير تحرر الرقمي ،فكلما تثار نقطة تسطو التفاعيل ،فهذا لم يدرك معنى علم العروض الرقمي ويظل في عقله عروض رقمي آخر إذا طغت التفاعيل أكثر أعلن العقل تمرده على الرقمي بل يصل لمهاجمته .

والخيار الآخر :إعلان حالة الاستنفار وتشغيل الفكر ويظهر الصراع بشكل واضح تجد فعلا معركة بين التفاعيل والرقمي ويظل العقل يحاول أن يجد تبريرًا مقنعًا لظواهر وعلل في التفاعيل أين هي في الرقمي ؟!

لماذا لا يسير الرقمي وفق التفاعيل طالما هو منهج الخليل في النهاية ؟

ويظل الصراع يشتد يتقارب مرة ويتباعد مرات ،فإن أدرك العقل يتوصل في النهاية لمفهوم العروض وعلم العروض ،إذا لم يدرك الفرق بينهما سيظل الصراع قائمًا إلى أن ينتصر أحدهما أو يتجنب الصدام ويظل الفكر والفهم مشوهًا ،كمن وقف في منتصف الطريق لا يعرف الرجوع ولا التقدم فيظل في مكانه.

ليس المقصود من هذا هدم التفاعيل أو الهجوم عليها ،لكن لابد من التفريق بين العروض وعلم العروض فهي أداة تفصيلية جيدة ولكنها لا تناسب دراسة الخصائص العامة في علم العروض العربي الذي يشمل القواعد الكلية ومن خلال تجربتي في دراسة علم العروض الرقمي، وضحت نقاط تظل نظرة العروضي لها قاصرة ،لم تدرك لأنه أخذ طريق الترديد دون إعمال فكره ،وأستغرب عندما أجد الرقمي فسر نقاط الإشكال ووضح المنهج الشامل المتسق بالدليل والإثبات من نهج الخليل نفسه،وأحتار من الإصرار والتعنت وأظل أبحث عن إجابة لسؤال يراودني هل علم العروض أصبح آراء وأهواء ،كلّ يجتهد لكن يحتفظ برأيه حتى لو ثبت أنه مخالف لنهج الخليل؟!

-يقال أن الرقمي نظرة قاصرة ضيقة!

فكيف يكون هكذا وهو يتسم بالشمولية والتوسع في الرؤية ،فلا ينظر للوزن بنظرة توصيفية محددة بل يدرك من خلال دائرته ثم يتوسع الأمر بالنظرة الشاملة للدوائر كلها المتمثلة في ساعة البحور.ولم يكتف الأمر على هذا بل توسع وشمل الربط بين العلوم الأخرى مثل العمارة والأثار والموسيقى وغيرها..

وقدم موضوعات هادفة رائعة مثل هرم الأوزان والكم والهيئة وغيرها ...،كل موضوع يصلح أن يكون بحثًا علميًا له شأنه في علم العروض. - أجد من الظلم أن يحكم على الرقمي دون دراسة وافية متعمقة له، واهمٌ وغافل من يظن أن الرقمي أرقام وترميز فقط ،ويظل الرقمي مغلفًا ومحاطًا بغلاف الوهم والظلم إلى أن يُقتحم هذا الغلاف ويقابل بعقل مجرد من الشوائب والأحكام المسبقة عنه

سليمان أبو ستة : أنا مع رأي الدكتور عمر خلوف الذي يرى أنه في منهجه يعتبر " كلَّ موزونٍ بحراً، وكلَّ بحرٍ موزوناً، دون أن تنسفَ هذه الحقيقة عنده أيَّ جانبٍ من جوانب العروض."

ولكن الذي دعى الأستاذ خشان إلى اختصاص أوزان الخليل بتسمية البحور وغيرها بمصطلح الموزون (مع أنها كلها موزونه) هو للفصل بين ما أنجزه الخليل في دوائره وبين ما استحدث من أوزان بعده كالدوبيت وغيره مما لا يندرج في دوائر الخليل.

غير أنا في النهاية يجب أن نتوصل إلى نوع من التفرقة بين الأوزان أو البحور، فطالما قبلنا أن يكون لكل وزن اسمه الذي يعرف به، علينا أن نرده إلى أصله الذي جاء منه. فهناك مثلا البحور الخليلية الخمسة عشر ، وهناك المستدرك على الخليل من البحور في نظامه الدائري ، وسواها من البحور التي تخرج عن نظام الدائرة.

يحدث في العالم الغربي أن يتبنى الزوجان عددا متنافرا من الأطفال، وقد يكون لهما ذرية من صلبهما ومع ذلك يعتبرونهما جميعا أخوة وأخوات، وهذا على خلاف الشرع الإسلامي الذي يمنع ذلك.

سحر نعمة الله: بارك الله فيك أستاذي سليمان ،تقريبًا فهمت كلامك ،لكن اسمح لي أطرح بعض الأسئلة ،وصحح لي ما فهمته، هل تصلح الأذن مقياسًا للحكم ؟ وإذا وافقنا جدلا على ذلك ألا ينبغي أن نحدد أذن من ؟ فمثلا أذن الكرباسي تستسيغ بحره المقضَّب،:

قضِّب من تفاعيل بحرٍ أوزانه محكمٌ ... مفعولاتُ مستفعلنْ مفعولاتُ مستفعلنْ

مَن منكُمْ يرى فضله في تأسيسه قائماً ... فلينظِمْ كما يرتئي المولى حظّه في المِحَنْ

وأذن وهاب شريف تستسيغ بحره الحبيب : :

على ماتبقّـى تضمحـلّ الأمنيـاتُ.... وفي القعر تنهش وجنتيها العاطفاتُ

إلى يوم فاض الوجه تنأى الذكرياتُ.... وتأسى لأنّ ضحاك يسقيه الممـاتُ

وإياك خلف سحائب يغفو السبـاتُ.... وأدري إذا أمطرن تندلـع الحيـاتُ

ولكنّ أقفال السحائـب معضـلاتُ.... ولا تستطيع البوح صـمّ عاريـاتُ

ألا ترى أستاذي أن منهجية الأذن لتكون دقيقة ينبغي أن تقول ( أذن الأستاذ سليمان )، مثلا وعندها سأوافق وأظن أن أهل الرقمي كلهم سيوافقون .إن للرقمي منهجية واضحة في التصنيف تفسر قبول الأذن بشكل مرتبط بعروض الخليل.

ثم الأستاذ رياض يوسف وجد آذانا عديدة تستسيغ بحره http://www.alfaseeh.com/vb/showthrea...847#post116847

دعي قلبي.. يهدي الصدى

لـمـن ألــقـى..فـيـه الـنــدى

دعـــي قــلــبـي..إمّـا شـدا

يــضـــمُّ الــنــجــم الأبعدا

دعي نـبْـضــي.. إمـا عدا

يــرجُّ الــروح الــمـُخـْمَدا

دعــي وجـعـي.. إما غـدا

بُـراقا .. يـفـْـتـضُّ الـمـدى

دعــيـنـي.. أجـتـاز الردى

هل تتفق أذنك مع أذن دكتور رياض وطلابه ؟وإذا اختلفتما فأي أذن نعتمد؟

د. عمر خلوف :قلت: أوزان الشعر العربي وإيقاعاته فطرة فطر الله العربَ عليها. تَمَثـَّلها الشاعر فشعر، وتمثلها السامع فطرب، ومثل هذه الأوزان لها خصائصها التي جعلتها سائغة للشاعر والسامع، وقليل من العروضيين من أشار إلى بعض هذه الخصائص كحازم والفرخان والزمخشري وأستاذينا سليمان وخشان

وفي كتابي المخطوط: (دراسات عروضية رائدة) بحث لم ينشر حول هذه الخصائص التي مثلتها بحور الشعر العربي

وكانت البحور المهملة التي أفرزتها الدوائر العروضية مثالاً واضحاً لأسباب رفضها، أعني: مخالفتها لخصائص الأوزان العربية تلك. ومع ذلك، فلقد قبلت الذائقة العربية أوزاناً مستجدة خالفت هذه القواعد، كان أهمها بحرالخبب، والدوبيت والسلسلة.

كما وُجدت بُحور لم تستعملها العرب (كالمتدارك) و(اللاحق)، وذلك على الرغم من موافقتها لخصائص البحور العربية.

ونظراً لكون إيقاعات الشعر العربي فطرة، استساغتها الأذن العربية دون حاجة منها إلى معرفة خصائصها

فإن أي وزنٍ بعدها تواطأ على استساغته جمعٌ غفير من الشعراء، اختلفت أزمنتهم، كما اختلفت أماكنهم

فلا بدّ للعروض عندها من دراسة خصائصه، ومدى قربها أو بعدها عن خصائص الأوزان العربية، وكيف ولمَ قبلتها هذه الذائقة، ومن ثمّ قبوله وتأصيله، كالذي حصل في أوزان الخبب والدوبيت، فاللاحق، فالمتدارك. ولذلك فلا يكفي أن يقول أي إنسان: إنني استسغتُ هذا الإيقاع، واستساغه معي بعض مستمعيّ. والباب على ذلك مفتوح لكل تجديد إن أثبت نفسه، وقام بحراً بنفسه

يشتق الرقمي من تفاعيل الخليل قواعد شاملة تميز بين ثلاث مناطق:

1 – الشعر ، 2- مستساغ الموزون، 3 - الموزون مهما كان

تجاور أربعة أسباب قبل الأوثق خارج على أسس الشعر العربي وهذا يؤكد فارسية الدوبيت، التخاب يقول بجواز وقوع الإيقاع الخببي بعد الأوثق على مستويين ‏:

الأول : فيما لا يتجاوز منطقة الضرب في الشعر ‏، الثاني بدون حدود فيما يسميه مستساغ الموزون . ‏

أنقل لك من الرابط:‏ https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/wama-allamnaho

إذا اعتصمنا بالأحدِ ..... بكل قطر أو بلدِ

نمشي على درب هُدىً ..... ضعوا أياديكم بيدي

وإن تولّوا هم هُبلاً ..... إنا استعذنا بالصّمدِ

‏2 2 3 2 2 1 3 ..... 4 3 2 2 (2) 2‏

وكذلك :‏ ‏

أبطالـنا لـربوع القدس بحـقٍّ يلـجونْ

إسراؤهم لديار ما عـرفت طعـم سكونْ

هـذا الشـهيد لـه مجـد وله علِّيّـونْ

أصحابه كشعاع الشمس وهـم محتسبونْ

‏(سبحان ربـك رب العزة عما يصـفونْ)‏

‏2 2 3 1 3 2 2 1 3 2 1 3 ه

‏2 2 3 (2) 2 2 2 (2) 2 2 (2) 2 ه ( التخاب بعد الأوثق )‏

ولا حد للأوزان فمثلا أنقل لك من نفس الرابط:‏‏

كن رحيـما ولا تبخل بـما ..... أفْضل اللهُ خيرُ الرازقين

واجـتهد في وجوه الخـير ما ..... رازقٌ غير رب العالمين

واتلُ إن شئتَ من آي الهدى ..... (إنّـه لا يحب المسرفين)‏

‏2 3 2 3 2 2 3 ..... 2 3 2 3 2 2 3 ه

وكذلك :‏

كلُّ ما تقولـونه قديم جديد ..... والذي على بعده بـكينا ‏بعيد

سادتي عليكمْ سلام حيفا ويافا ..... موطني دموعٌ سلاحُنا هل تفيد

لا أريدكم تسمعونني إذ أغـني ..... لا يفلّ قيد الحديـدَ إلا العبيد

ولو شئت أن آتيك بعشرات آلاف الأوزان وبعضها قد تستسيغه الأذن لفعلت.‏

التوصيفية – الأذن – منهجية اللامنهج ‏، في مقابل التقعيد والمنهج والشمولية ‏

في غياب المنهج يكثر ترديد الأذن الأذن الأذن وكأن الخليل كان أصم أو كأن أحدا ينكر دور الأذن.‏

أو كأن ما يضبطه تقعيد منهج مخالف للأذن.

حسب المنهجية دليلا على صحتها أن الخليل في شرحه لها تطبيقيا وتجزيئيا لم تجد تناقضا بين مئات ‏القواعد والمصطلحات التي شملها ذلك التفصيل.‏بينما تجد التوصيفيين يناقض أحدهم نفسه مرات في الظاهرة الواحدة وربما في الصفحة الواحدة. علما ‏بأن المنهجية تقتضي وتتسع لتصنيف كل ما يجيء به التوصيفيون.‏ وزن الشعر كالعمارة كل جميل فيهما تدركه الأذن أو العين مرتبط بنظام ذي قواعد.‏ التوصيفية في وزن الشعر كالتوصيفية في تقييم العمارة. القول بالأذن واستبعاد المنهجية في الوزن كالقول بالعين واستبعاد قوانين الهندسة المعمارية.‏ لا يستحق المنهج اسمه حتى يكون ذي قاعدة شاملة تتسع امتداداتها لبيان الحكم في كل التفاصيل ما وافق المنهج منها وما خالفه، وهذا عام في العروض وسواه مما هو أهم من العروض.كأني بالتباين بين (التوصيفية والمنهجية) في تناظر مع التباين بين (العلمانية وغيرها من المبادئ الكلية ).

التوصيفية عندي هرب من الإقرار بالعجز عن استيعاب المنهج والاختباء خلف الأذن أو العين. اتساق المنهج واصفا يعني اتساق الذائقة موصوفا ، وتلفيقية التوصيف تعني تلفيقية الذائقة. أو عدم إدراك اتساقها. ما جد ويجد من أوزان تقبلها الذائقة العربية المعاصرة أو الأذن العربية لا تعدو الذائقة الجديدة أو الأذن فيه - في حال اتفاقها عليه - أن تكون فيه موافقة للذائقة التي قعد الخليل على أساسها أو مخالفة لها . المنهج قادر على تبيان نقاط الاتفاق ونقاط الاختلاف بشكل يفسر استقبال الأذن. بل وقادر بآلياته في حال حصول تغيير على هذه الذائقة وصف هذاالتغيير وصفا منهجيا واكتشاف قواعده سواء كانت موافقة أم مخالفة للمنهج. وليتك تنظر إلى هذه الفقرة بمنظار كتابك ( نظرية في العروض العربي ). كل من خالف منهجية الخليل - والرقمي محاولة لاستقصائها - وقع في مآزق تخبط بقدر ابتعاده عن تلك المنهجية . وفي موضوعَي :

المنهج واللامنهج : https://sites.google.com/site/alaroo...ome/almanhaj-1

الرقمي قبس من نور الخليل :https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/-qabas

دليل على ذلك .حسب العروضي أمانا من الخطل أن يتتبع فتاوى الخليل. وأما عالم العروض فلا بد له قبل أن يفتي بأن يفهم منهج الخليل. التوصيفيه تعيب على الخليل منهجيته.

ونظراً لكون إيقاعات الشعر العربي فطرة، استساغتها الأذن العربية دون حاجة منها إلى معرفة خصائصها

فإن أي وزنٍ بعدها تواطأ على استساغته جمعٌ غفير من الشعراء، اختلفت أزمنتهم، كما اختلفت أماكنهم

فلا بدّ للعروض عندها من دراسة خصائصه، ومدى قربها أو بعدها عن خصائص الأوزان العربية، وكيف ولمَ قبلتها هذه الذائقة، ومن ثمّ قبوله وتأصيله

كالذي حصل في أوزان الخبب والدوبيت، فاللاحق، فالمتدارك..

ولذلك فلا يكفي أن يقول أي إنسان: إنني استسغتُ هذا الإيقاع، واستساغه معي بعض مستمعيّ.

والباب على ذلك مفتوح لكل تجديد إن أثبت نفسه، وقام بحراً بنفسه

أبو رويم: شكر جميع إخوتي على أطروحاتهم ولكن ربما فقدت نقطة مهمة في النقاش تحتاج إلى طرح وهي أن الوصف ليس منهجًا بل الواصف مجرد واصف والسلام وقيمة وصفه تكمن في قيمة إحساسه هو بالموصوف، ولذا أرى من الخطإ أن يقال: المنهج الوصفي، إذ الوصف مجرداً ليس منهجًا، فإن هو وصف مرتكنًا إلى منهج، فهو عروضي وليس عالماً بالعروض فحسب كأخوي الكريمين أبي عاصم وأبي إهاب، أما إذا وصف من خلال منهج له أصوله التي لا تنتقد إلا بأصول تحل محلها، وله أيضًا فروعه التي يسوغ فيها الاجتهاد، فهو المقصود بمصطلح العالم بالعروض، ثم أسوق رأيي المتواضع وهو أن الموزون عند جمهرة علماء العروض ليس بحرًا، فإن أسماه بعضهم بحرًا، فهو مصطلحه هو، وليس مصطلحًا لعلماء العروض، ولا مشاحة في الاصطلاح ما دامت هناك فروق جوهرية قاطعة!

د. خلوف علم العروض هو ظاهرة كلية واحدة، يتضمن ظواهر فرعية عديدة، مرجعيتها علم العروض الخليلي المعروف. والمنهج الوصفي في علم العروض هو الطريقة التي تنظر في هذا العلم نظرة كلية (شاملة)، فتصفها، ثم تنظر وتصف كل دقيقة من دقائقها، بدءاً بالساكن والمتحرك، فالمقطع العروضي، فالوحدة الإيقاعية (التفعيلة)، فالنسق أو السياق الإيقاعي (البحر)، فتقارنها بواقعها وبما أقرتها عليه النظرية.. ومدى دقة معياريتها، أو مدى ابتعادها عن ذلك الواقع..وتقتضي هذه الطريقة إعادة النظر في كل ما أقرته النظرية (الخليلية)، وبالتالي إقرار ما تقره من قواعدها، وهذا كمٌّ كبير، أو نقد بعض مفرزاتها، وإن كان قليلا فإذا استطاع الباحثُ الحصيف، أن يعيد صياغة النظرية، أو يعدّل في إجراءاتها، كان ذلك فضل من اللهوإن لم يستطع، فله شرف البحث، وإثارة الأسئلة، وتحريك الراكد ولذلك فمن الخطأ القول: إن من تحصيل الحاصل عدم افتراض وجود قواعد كلية جامعة كليه جامعة

إن الكثير الي أقررته هو في عروض الخليل أي في تفصيلاته وتفاعيله الوصفية التي تتفق ومنهجك قبل أن ينحرف وتستهويه لعبة النظرية المتكاملة من وجهة نظك طبعا. وإن القليل جدا من حيث الكم الذي عبته ولم تنتقده فقط هو الأساس في علم العروض وهو دوائر الخليل. كسائق الحافلة الذي ذهب يرعى كل الركاب بدون استثناء ولم يهمل إلا المقود.

أستاذي إن الوصف المجرد دون ربط - اي النقل المباشر لمدركات الحواس ، دون تدخل الفكر - لا يمكن أن تنتج عنه أخطاء إلا ما يكون من خطإ الحواس وربما جاز لنا أن نسميه ( منهج اللامنهج )

ولكن الوصف المقترن ببعض التقعيد أو التنظير لن يخلو من تناقضات أو ما يبدو لسواه تناقضات بدون منهج يضبط القدر الذي فيه من التقعيد أو الاستقراء أو الاستنباط وكلها مرتبط بالتفكير ، فتكون ضرورة المنهاج بقدر ما فيه من التقعيد. ومن مارس هذا في موضوع محدد سرى إلى آرائه في سواه. وستجد بإن الله في الموضوع الذي أواصل إعداده مثالا لتناقضات لديك في بعض أحكامك وآرائك في الوزن وسواه.

حسبي هنا أن أشير إلى قوليك :

أ‌- ........."من الخطأ القول: إن من تحصيل الحاصل عدم افتراض وجود قواعد كليه جامعة"

ب‌- ‎" ‎إننا نتّخذ من (الوصفية) لواقع الأوزان منهجاً نعتقد أن الخليل رحمه الله قد اتّبعه بدايةً قبل أن تستهويه لعبة ‏النظرية المتكاملة، ليقعَ توصيفُه الرائع للأوزان المختلفة في دوامتها المصطنعة‎."‎

أليست دوائر الخليل هي اساس قواعده الكلية الجامعة ؟ لا يبدو لي القولان منسجمين ؟ أتراهما كذلك ؟

ضرورة المنهجية للتقعيد لا تتجلى في تقليل وقوع تناقض فيه، بل كذلك وفي كشفه إن وقع، الأمر الذي يؤدي بالمقعـّد إلى تصويب تناقضه أو البحث في صحة منهجه. والجمع بين ممارسة بعض التقعيد والتمتع بمزايا التقعيد الوصفي البحت الذي لا مجال للخطإ فيه يحرم صاحبه من خط رجعة إلى منهج . أقول هذا من واقع ما وجدته من نعمة خط الرجعة من عديد أخطائي إلى منهج أفترضه متكاملا فأنسب خطئي إلى نفسي وأواصل البحث عن تكامل ذلك المنهج.

ولما كان العروض الرقمي يحاول كشف أبعاد شمولية فكر الخليل وكان المنهاج التقعيدي فيه هو الأساس فإن الجهد فيه منصرف إلى تحقيق الانسجام وإيجاد تفسير منطقي لما يبدو من تناقض. فإن أخفق الباحث كان ذلك علامة نقص يعتبرها قصورا في استكناهه فكر الخليل وظل يواصل البحث عن حل لإشكالها. بل إن الرقمي في بنيته العامة ضوابط ذاتية لكشف تناقضات ونقائص وأخطاء التقعيد فيه. وكم وقعت في ذلك وأدى كل خطإ اكتشفته إلى تصويب في فهمي لكافة المنهج فالجزء فيه مرتبط بالكل. وكم أسر عندما تكتشف لدي أخطاء وأعتقد أن بعضها لا زال موجودا وسيبقى مجال التصويب والارتقاء بالرقمي مفتوحا إلى ما شاء الله.

ثناء الحاج صالح : أعتقد أن أهم فرق بين الشمولية والتجزيئية يتمثل في اتجاه حقل الرؤية لكل منهما . التجزيئية لاتحجب الحقائق الجزئية بل تدققها وتزيدها وضوحا لكنها تتجه من المحيط نحو المركز باتجاه الداخل فتصف القديم الواقعي في العلم في ساحة الرؤية الدائرية .والشمولية تحتاج للحقائق الجزئية لتعمل عليها لكنها تتجه من المركز نحو الخارج متجاوزة خط المحيط فتتصور وتصف ما هو واقعي قديم وما هو قابل للتنبؤ به ولما يصبح واقعيا بعد في مجال رؤية مفتوح الأبعاد نحو اللانهاية .

أرى التقاطع بين المنهجين في علم العروض تقاطع بين مسارين متعاكسين في الاتجاه . يتم بالتلاقي على مبدأ (توصيف الجزئيات) الذي يمثل جزئيات العروض .لذلك فإن جزئيات العروض جزء أساسي في كلا المنهجين ومن الخطأ النظر إليها على أنها خارج المنهج ( اللامنهج ) فعلم العروض يتضمن فيما يتضمنه جزئيات العروض كمنتج للنشاط التحليلي .وبما أن مساري المنهجين متعاكسان فأرى أن تعبير (منهج اللامنهج ) المستخدم من قبل أستاذ الشمولية خشان لوصف منهج التجزيئية ينفي المنهجية عن الاتجاه التحليلي بغير حق لأن مهمة التجزيئية رؤية وتوصيف الأجزاء وليس الرؤية الكلية . فلو تم استبداله من جهة نظر الشمولية بتعبير ( المنهج المضاد) لكان أنسب في حفظ حق المنهجية للمنهج التجزيئي وأنسب في تحديد اتجاهه المعاكس للاتجاه الكلي .

المهم أن يُدرَك الاتجاهان وتُدْرَك العلاقة بينهما. منهج اللامنهج أعني به الاقتصار على الجزئي ونفي وجود الكلي. وفي غير العروض يتركز هذا في إدراك الكلي واعتباره خطرا وتضخيم الجزئي عن قصد وعمد لإخفاء الكلي.

http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=78821

  1. المنهج والوافر والسريع

البيع بالتقسيط بسعر أعلى من السعر النقدي في وقت البيع وارد في الإسلام وفي النظام الرأسمالي.الربوي، ولكنه في كل منهما جزئية من شمولية لمنهج فكأنهما شارعان يتقاطعان في هذه النقطة.

هل من فرق عملي بينهما ؟

كون التطبيق الجزئي تابع لمنهج شامل يحتم وجود فارق بينهما رغم التقائهما في هذه النقطة. فلو أن اثنين اشتريا نفس البضاعة وقيمتها 100 وحدة ليسدداها خلال سنتين بالتقسيط بقيمة 110 وحدات. ثم عجزا كليهما عن السداد واستمر تسديدهما للبضاعة إلى أربع سنوات فإن الذي اشترى بالتقسيط حسب حكم الشرع لا يزيد عليه المبلغ بل يبقى 110 أما الذي اشترى حسب النظام الرأسمالي فإنه سيسدد قيمة 120 بدل ال 110 التي كانت لسنتين.

ثم مثال أسهل، وهو جزئية تقبيل الحجر الأسود.

المسلمون يقبلونه وفق منهاجهم تنفيذا لسنة الرسول عليه السلام وهم يعلمون أنه حجر لا يضر ولا ينفع كما قال عمر رضي الله عنه، وبذلك صار تقبيله رمزا للتوحيد، والمشركون يجلّون الحجارة وربما يقبلونها شركا بالله.

وهكذا يشكل المنهج ضابطا ومقياسا وإطارا للأحكام الفرعية ومرجعا لصاحبه يقومه إن شذّ أو أخطا، بينما من لا منهج له يحفظ المعلومات ويراكمها ولا يرى داعيا لوجود معيار موضوعي علمي محدد لتجانسها. وهذا ما قد يؤدي إلى التناقض.

هل لهذا علاقة بموضوعنا ؟

نعم ، فإن منهج الخليل لم يحظ بالاهتمام به لذاته، وتركزت الدراسات العروضية على الجانب التجزيئي التطبيقي كما قال الأستاذ ميشيل أديب "في مجلة الموقف الادبي العدد 373 أيار 2002: "وأكثر ما يعيبكتب العروض القديمةوالحديثة، أنها، على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف الخليل عن أسرارها،لم تحاول تحليل العملية الذهنية لتي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه القمَّةالرياضيةالتي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ."

الوافر التام على دائرة (هـ- المؤتلف) = 3 4 3 4 3 2 ( 2 ) = مفاعلتن مفاعلتن مفاعلْـــ(ــــتن)

الســـــــــــــــــــريع على دائرة ( د – المشتبه) = 4 3 4 3 4 2 ( 1 ) = مستفعلن مستفعلن مفعولا(تُ)

في الواقع الشعري فإن الملون بين القوسين محذوف في كل من الوافر ومصطلحه ( القطف ) والسريع ومصطلحه ( الكشف ).

لم ينكر أحد انتماء الوافر في الواقع الشعري بسبب حذف السبب الأخير فيما يعرف بالقطف إلى دائرة ( هـ - المؤتلف )

ثمة من ينكر انتماء السريع في الواقع الشعري بسبب حذف المتحرك الأخير فيما يعرف بالكسف/الكشف إلى دائرة (د-المشتبه).

لماذا هذا الإنكار تارة وعدم الإنكار أخرى وكلا الأمرين ناجم عن الفرق بين المثال والتطبيق ؟

السبب هو الكيل بمكيالين في غياب منهج الخليل أو رفضه.

لتسهيل فهم الموضوع سأتصور حوار بين بين شخصين

ت : شخص يأخذ بالــتــــفاعيل دون ربطها بمنهج الخليل

ر : شخص يأخذ بالــــرقمي انطلاقا من منهج الخليل

ت : ولكن هناك من نظم على الوافر التام بإضافة السبب الذي حذف بالقطف، وقد بدا مستساغا إلى حد كبير ومن ذلك ما نقله أستاذي د. خلوف من قول إحسان البني:

سألْتُ اللهَ أن يُبقيكِ في صدري ** كنَزْفِ الجرْحِ في آهاتِ ذِكْرانا

فطَعْمُ الجرْحِ في ذِكْراكِ أعشَقُهُ ** وقد أضحتْ جراحي فيكِ إدْمان

فهل هناك من نظم على السريع التام بإضافة المتحرك الذي حذف بالكشف.

ر: إن أثبت لك ذلك هل توافقني على انتماء السريع لدائرة ( د- المشتبه )

ت: نعم

ر: حسنا أولا ينبغي أخذ الفارق بين الرقم 2 الأخير في الوافر والمتحرك 1 في آخر السريع، فالعجز لا ينتهي في العربية بمتحرك. وإذن لا بد من استبعاد المتحرك الأخير بإحدى طريقتين

الأولى : حذفه ليكون السريع = 4 3 4 3 2 2 2 = مستفعلن مستفعلن مفعولا

وهو ما ترفض أو تشكك في انتمائه لدائرة ( د - المشتبه)

والثانية : إضافة ساكن بعده ليكون موزون السريع = 4 3 4 3 2 2 2 1 ه = 4 3 4 3 2 2 2 2

= مستفعلن مستفعلن مفعولاتن. ، ولنلاحظ الألوان من الان فصاعدا فكل أزرق سبب أو من أصل سببي وكل أحمر وتد.

ولكن هذا يخرج عن بدهيات العروض العربي بتجاوزه الجرعة الخببية القصوى 222 أي ثلاثة أسباب ليشمل أربعة اسباب هي مفعولاتن 2 2 2 2، فيخرج بذلك من دائرة الشعر إلى الموزون، ومن ذلك :

أطوي عناويني بأمسِ الترديدِ........ في خطوتي شوقُ الندى للمورود

4 3 4 3 2 2 2 2 4 3 4 3 2 2 2 2

ينتابني دربي ويمضي ببابي........ في طلْعة الشيخ الضرير الـمـكنودِ

4 3 4 3 2 1 2 2 4 3 4 3 2 2 2 2

تدور ساعاتي بعكس المساعي....... كم والدٍ أودى بدعوى المولودِ

ت : ولكن الوزن هذا وخاصة شطرا صدره وأعجازه ثقيل على السمع

ر: صدقت وذلك لأنه تجاوز جرعة الثلاثة أسباب إلى أربعة أسباب . وأنت أدركت ذلك عندما خصصت صدر البيت الأول بثقل زائد عن ثقل صدر البيتين الثاني والثالث. حيث تم التخلص من الجرعة الخببية الزائدة بزحاف 2222 = مفعولاتن إلى 2 1 2 2 = 2 3 2 =مفعلاتن وهي من حيث الكم تماثل فاعلاتن 2 212 = 2 3 2، وهذا الوزن في الحالين ليس بشعر لأنه تجاوز منهج الخليل ودوائره بل هو من الموزون على درجات مختلفة من الاستساغة والاستثقال.

فلو اننا زاحفنا 2 2 2 2 في الصدر والعجز إلى 2 1 2 2 لكان الوزن بدا مستساغا أكثر كقول د. عبد الله الفيفي:

4 3 4 3 2 1 2 2 4 3 4 3 2 1 2 2

أطوي عناويني بأمسي لأمشي............ في خطوتي شوقُ الندى للورود

ينتابني دربي ويمضي ببابي.......... في طلْعة الشيخ الضرير الكنودِ

كيف الوصول هل وصولي قفولي.......... أنفقتُ وقتي في ابتداء المعيد

.تدور ساعاتي بعكس المساعي............ كم والدٍ أودى بدعوى الوليدِ

ت: هل تعني بأن هذا الوزن ليس من السريع ؟

أجل، ليس من السريع ، هو من موزون السريع. وانظر كيف يزداد قربا من سريع الخليل بجعله مع ملاحظة تصريع البيت الأول :

أطوي عناويني برغم القيودِ..........في خطوتي شوقُ الندى للورود

ينتابني دربي ويمضي معي.......... في طلْعة الشيخ الضرير الكنودِ

4 3 4 3 2 1 2 4 3 4 3 2 1 2 2

كيف الوصول هل وصولي دنا...........أنفقتُ وقتي في ابتداء المعيد

تدور ساعاتي بعكس المُنى........ كم والدٍ أودى بدعوى الوليدِ

ت: هل من فرق بين 4 3 4 3 2 3 2 و 4 3 4 3 2 3 2

ر: لا فرق بينهما في السمع، وهنا يلتقي العروض وعلم العروض. ولكن ثمة فرق كبير في النتائج التي تدخل في علم العروض وتخضع لمنهجه وليست من مجال العروض الذي لا منهج فيه بل يفترض فيه اتباع تعليمات الخليل النابعة من منهجه، فمن تجاوز هذه التعليمات فقد انتقل من العروض إلى علم العروض بلا منهج فجانبه الصواب فيما وراء مجرد الأثر السمعي.

ت: وكيف ذلك ؟

ر: من نظر إلى الوزن 4 3 4 3 2 3 2 بالمقاطع الزرقاء 2 3 2 اعتبره من الموزون السائغ وليس من الشعر فإن 2 3 2 = 2 1 2 2= مفعلاتن وهذه لا تأتي من مفعولاتُ أبدا 2 2 2 1. ولذا فهي صورة منفردة تشبه نهايتها بعض صور البحور ولا مجال لها في دوائر الخليل.

ومن نظر إليه باعتاره 4 3 4 3 2 3 2 ففريقان:

الأول اعتبره 4 3 4 3 2 3 ثم زيد عليه (2 الترفيل ) كما يرى أستاذنا د. خلوف فهو يجد نفسه أمام السؤالين التاليين:

أ‌- إلى أية دائرة ينتمي ؟ ولأن أستاذنا يعلم بوجوب الانسجام في الرأي كخاصية من خواص المنهج فإنه قلل من شأن الدوائر ولم يعتبرها أصلا. وهو إزاء اعتباره بعد الترفيل = 4 3 4 3 2 3 2 = مستفعلن مستفعلن فاعلاتن أمام السؤال : هل يجوز فيه التشعيث ؟ فإن قال (نعم) فقد أقر بجواز مجيئه على مستفعلن مستفعلن مفعولن

وهذا معناه أن أنه يعتبر أصل مفعولن = 2 2 2 هو فاعلاتن 2 3 2 وليس مفعولاتُ 2 2 2 1 فيجيز لنفسه ما منعه على الخليل. مع أن الميزان لصالح الخليل لوجود الوزن على دائرة وعدم وجوده على دائرة عند أستاذنا. كما أنه في حال قوله (نعم) سيجد نفسه أمام سؤال آخر هل في العروض العربي كله فيما ورد عن الخليل وزن مرفل دخل سبب الترفيل فيه في إطار التشعيث ؟

وإن قال لا يجوز التشعيث فالسؤال لماذا ؟

الثاني اعتبره الوزن 4 3 4 3 2 3 2 أصليا بدون ترفيل وهو أخذ عن الخليل أن كل بحر لا بد أن يكون جزءا من دائرة، وهذا ما تبناه الأستاذ محمد السحار فقال بوجوب وجود دائرة جديدة تضاف إلى دوائر الخليل ووجدها مكونة من تسعة بحور من بينها هذا المدعو سريعا.

http://www.rabitat-alwaha.net/moltaqa/showthread.php?t=66761

وهنا أعيدك إلى المقدمة حول تقطع جزئيتين من منهجين مختلفين وآثار ذلك في كل من التجاهين فيما وراء نقطة التقاطع.

ت : أنت تقول إن السريع أصله مستفعلن مستفعلن مفعولاتُ = 4 3 4 3 2 2 2 1 أليس آخر 2 1 وتد مفروق

وبالتالي فإن لا من مفعولاتُ جزء من وتد فهي حمراء = 2

فكيف صار السبب الأخير لديك سببا لونه أزرق ؟ وصار الوزن مستفعلن مستفعلن مفعولا = 4 3 4 3 2 2 2

ر: أحسنت السؤال

من حيث التطبيق في آخر السريع لا فرق عمليا يترتب على الرقم 2 مهما كان لونه فهو آخر مقطع ولا يزاحف على كل حال. ولكن أهمية الموضوع تبرز في حال الحشو من بحور دائرة المشتبه كالخفيف مثلا = 2 3 2 2 2 1 2 2 3 2 فاعلاتن مس تف ع لن فاعلاتن = فإن كل ما بالأحمر لا يزاحف وهذا ما نعتبره التوأم الوتدي فإن تف عِ =12 = وتد مفروق وكذلك فإن ع لن = 1 2 = 3 وتد مجموع وهذا ما نسميه التوأم الوتدي واي مس بأي من مقاطعه يذهب بالوتدية وينقل الوزن إلى الأسباب خفيفة كانت أم ثقيلة.

كل ما تقدم إثبات لأهمية المنهج بعامة ولتميز وروعة وانسجام وتكامل منهج الخليل بخاصة.

كما أنه إثبات الانتماء الأول للسريع إلى الدائة ( د- المشتبه) ، إذ الانتماء للسريع هو للأصل الرجزي.

****

ت: ذكرت أن 2 2 1 2 = 2 3 2 في نهاية ما أسميته موزون السريع آتية من زحاف 2 2 2 2 إلى 2 2 1 2 فهل يمكن زحافه 2 2 2 2 إلى 1 2 2 2 بحيث يصبح موزون السريع 4 3 4 3 3 4 وعليه النظم المشتق:

4 3 4 3 3 4 4 3 4 3 3 4

مستفعلن مستفعلن معولاتن ........... مستفعلن فاعلن معولاتن

أطوي عناويني على معاناتي............ في خطوتي شوقُ الندى لما ياتي

ينتابني دربي ولا يراعيني.......... في طلْعة الكنود في المواساةِ

ر: تذكر أن كل حديثنا خارج الشعر، وفي مساحة الموزون، ولكل فيها أن يدلي بدلوه أما لو سألتني أيهما أستسيغ أكثر

4 3 4 3 2 3 2 أم 4 3 4 3 3 4 لقلت لك إني أستسيغ الأول وتتضاءل استساغتي.

لماذا ؟

هذا ما تستشعره أذني ولعل السبب فيه أن الأول يضاهي 4 3 4 3 2 3 2 في السمع وهذه الصورة تتفق مع قانون التناوب العام، بينما الثاني يضاهي 4 3 4 3 3 4وفي هذا المُضاهـَى اجتماع وتدين 3 3 خلافا لقاعدة التناوب العامة. ويذكرنا هذا بنظرية د. مستجير وهي أن أصل مفاعيلن 1 2 2 2 هو مافاعيلن 2222، واصل مفعولاتُ 1222 هو مفعولاتن 2222 ونظريته تعني أن أي اشتقاق من 2 2 2 2 بزحاف أحد اسبابها يعود إلى مرحلة مبكرة من تطور البحور عن الخبب وأن أيما 1 2 في ناتج زحافها = 3 اي وتد أصيل وبالتالي فإن اشتقاق 2 3 2 من 2222 ما هي إلا 2 1 2 2 = 2 3 2 وكذلك فإن 1 2 2 2 = 3 2 2 = 3 4 ، وعليه فإن الوزن الذي يدور حوارنا حوله هو 4 3 4 3 2 3 2 ويذكر هنا أن د. رياض يوسف والاستاذين سامر سكيك ومحمود مرعي قالا ب [ البحر الجديد] : مستفعلن مفاعيلن 4 3 3 4 وهو ما لا يصح بحال.

وبهذا الصدد فإن مستجير ينحاز في هذه القضية لرأيك ويرى أن وزن السريع مستفعلن مستفعلن فاعلاتن = 4 3 4 3 2 3 2

والفارق بينكما أن رأيه يأتي في سياق منهج كامل مستقل بالكلية عن دوائر الخليل. وهذا منطقي فلا يمكن الخروج على مذهب في جزئية منه، واستقلال منهج مستجير في مقابل منهج الخليل يسهل المقارنة بين منهجين، وأنت أدرى مني بتفوق منهج الخليل، وما تطلبه منهج مستجير – على عظيم فائدته لعالم العروض – من قسر لبعض صور الأوزان، كما أنه ضلله في تقييمه لرأي نازك في مستفعلاتن مستفعلاتن . ومثل مستجير في وجود منهج شامل لديه مستقل بالكامل عن منهج الخليل، الأستاذ محمد العياشي في منهجه وقد أوضحت ما تطلبه منه منهجه من افتراضات سقيمة في غير مكان. مع تفرد العياشي في النيل من منهج الخليل.

وأرى هذا تأكيدا لما ذهبت إليه من أن أي منهج – منهج بحق - كل متماسك ومخالفته في جزئية تعني مخالفته في عمومه، إذ أن أية جزئية فيه تتصل بكلياته وتصدر عنها وتمثله، فكأنها كعينة الدم تسحب من طرف إصبع لتمثل الدم في سائر الجسم، فإن ثبت فيه نقص من مادة معينة كان ذلك النقص عاما في الجسم.

لقائل أن يقول لي :" إنك اعترضت على تجاوز الخليل بتفاعيل الخليل، وكلاهما مستجير والعياشي خالفاه مستعمليْن تفاعيله " وهذا صحيح في ظاهره، ولكنهما استعملا تفاعيله صورة بعد أن فرضا عليها طبيعة مخالفة لما يماثلها مظهرا عند الخليل، ولم يتوان مستجير من استعمال تفاعيل مغايرة في بحر الطويل مثلا، بل وقاده تنظيره إلى بحر جديد أسماه بحر شوقي، وقرأت رأيك حوله الذي تنطلق فيه من عروض الخليل، وفرض العياشي على تفاعيله ثبات الوقت عند لفظها مزاحفة أو غير مزاحفة وقد تطرقت لعوار ذلك في غير موقع.

الخلاصة أن المنهج يُخالَف بمنهج في العروض كما في الاقتصاد كما في العقائد ، ولا يصلح الأخذ بجزئية من هنا وجزئية من هناك. وهذا ما تمنيت أن أجده لديك بغض النظر عن تقييمي له، والذي أراه أنك تتجاوز على الخليل في مواضيع محدودة، مع استعمالك لتفاعيله بذات مواصفاتها لديه وتتفق معه في الأعم الأكثر، وهذا ما لا أستطيع وصفه بالمنهج.

هل أعجبك هذا الموضوع ؟ إن أعجبك فأنت مدعو إلى موضوع ( المنهج واللامنهج)

:https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/almanhaj-1

*

لم يَرِدْ (السريع) في واقعه الشعري إلا على عروض واحدة هي(فاعلن)، والتي انسجمت مع ثلاثة ضروب موافقة لها هي: (فاعلن، فاعلانْ، فعْلن)

والسريع في واقعه الشعري هذا لا يندرج تحتَ أية دائرة من دوائر الخليل الخمسة. لأنّ سياقه هذا لا يُوافق أياً من هذه الدوائر، كما لا يمكن اجتزاؤه من سياقٍ أكبر منه كما هو الحال في سياق (المديد) والبحور المجزوءة وجوباً.

وتفادياً لإحداث دائرة سادسة تجمع السريع وعدداً من البحور الأخرى التي تشاركه سياقه الحركي، افترضَ الخليل أن أصل عروض السريع وضروبه هو (مفعولاتُ)، فأوقع عليها عللاً افتراضية، لكي تتحول من (مفعولاتُ) إلى (فاعلن)!

ولقد قوّى هذا الافتراض لدى الخليل مجيء الكثير من شعر العرب على الضربين: (مفعولانْ)، و(مفعولن)..

وكان ذلك - من الناحية النظرية - حلاًّ ذكياً دون شك.

إلاّ أن الخليل في هذا الافتراض، كان كمن قام من (الهبّ) فوقع في (الجبّ) كما يقول المثل الحموي مرة أخرى! حيث اضطره ذلك إلى اعتبار ما هو من (الرجز) سريعاً، واعتبار ما هو من الرجز منسرحاً، وهو رجز صُراح.

من ذلك قول رؤبة (الراجز):

يا حَكَمُ بْنَ المُنْذِرِ بْنِ الجارُودْ

أَنْتَ الجَوادُ بْنُ الجَوادِ المَحْمُودْ

سُرادِقُ المَجْدِ عَلَيْكَ مَمْدُودْ

وقول أبي النجم العجلي (الراجز):

أوصَيْتُ مِنْ "بَرّةَ" قلباً حُرّا

بالكلْبِ خَيْراً وبالحَماةِ شَرّا

لا تسأمي ضرْباً لها وجَرّا

حتى ترى حُلْوَ الحياةِ مُرّا

بدليل ملافقتهما للعروض (مستفعلن) في الرجز التام. ومن ذلك قول النظار بن هاشم:

ما هاجَ شوقاً مولَعاً بالأحزانْ ** ودمع عينٍ ذاتِ غَرْبٍ تهتانْ

إلاّ بقايا نَبَهٍ من دمنةٍ ** ونَبَهٍ من طلَلٍ وأعطانْ

مستفعلن مستفعلن مستفعلن ** مستفعلن مستفعلن مفعولانْ

وقول مهيار:

ماطِلَةٌ ؛ غريمُها لا يقتضي ** ديونَهُ ، ودَيْنُها لا يُنْسي

في بلَدٍ يَحْرُمُ صَيْدُ وحْشِهِ ** وهْيَ بهِ تُحِلُّ صَيْدَ الإنْسِ

ترى دمَ العشّاقِ في بَنانِها ** علامـةً قد مُوِّهَتْ بالورْسِ

مستفعلن مستفعلن مستفعلن**مستفعلن مستفعلن مفعولن

وأمثلتها في مجزوءات الرجز كثيرة كذلك:

يقول ابن سناء الملك:

أَنَا أَميرُ العُشَّاقْ ** قَلْبي لِوائي الخفَّاقِ

وَإِنَّه كِنَانةٌ ** فيها سهام الأَحْدَاقْ

خيَّم فيه مَلِكٌ ** له الجُسُومُ رُسْتَاقْ

مُثْرٍ من الحسن فما ** يُخْشَى عليه الإِمْلاَقْ

مستفعلن مستفعلن ** مستفعلن مفعولانْ

ويقول مهيار:

قُلْ للزمان صُلْحا ** قد عاد ليلي صُبحا

جادَ فزار قمرٌ ** كان لَوَى وَشحّا

يلبَس جِنحا من دجى ال** ليل وينضو جِنحا

كأنّ فأرَ تاجرٍ ** أنحَى عليها ذبحا

مستفعلن مستفعلن ** مستفعلن مفعولنْ

ولم يختلف عربي قبل الخليل على أن جميع ما قيل في هذا الباب هو رجز لا غير، حتى جاء الخليل فاخترع للسريع عروضاً ليست منه، أجبرته عليها الصنعة التي تمثلت في دوائره، فأدخل فيه ضروباً هي الرجز بعينه.

وأكثر من ذلك، ففي كل هذه الضروب المشطورة أو المنهوكة أو المجزوءة أو التامة جاءت (مفعولن ومفعولانْ) على: (فعولن وفعولانْ) بسقوط الفاء زحافاً غير لازم.

بينما لم تلافق العَروض (فاعلن) السريعية، أياً من هذه الضروب الرجزية، ولا أيّ شكلٍ من أشكال زحافها.

وكان الأخفش (-215هـ) قد قال:

"وكان الخليلُ يقول: لم يجزْ الزحاف في (فاعلانْ) لأنّ أصله: (مفعولاتُ)..... وهذا ادّعاء؛ لأنه لم يُعلَمْ أنّ أصل هذا كانَ (مفعولاتُ)..".

ولذلك قلنا: إن الضروب (مفعولن ومفعولانْ) هي ضروب رجزية، قد تجتمع مع (فعولن وفعولانْ) زحافاً غير لازم، في قصيدة واحدة، والضروب: (فاعلن وفاعلانْ وفاعلاتن) هي ضروب (سريعية) تميل إلى الثبات بلا مزاحفة. علماً بأن (فاعلاتن) وردت على قلة في الشعر العربي، كما وردت بكثرة لافتة في الشعر النبطي (بحر المسحوب).

ولا يمتنع عندنا القول بأن أصل (مفعولن) في الرجز هو (مستفعلن)، لأن ذلك يندرج تحت باب التصنيف المنطقي المقبول، والذي يدعمه ملافقة (مفعولن) لِـ(مستفعلن) في الكثير من الشعر العربي كما رأينا في قول مهيار.

ثم انظر كيف يرمي بنا (المنهج النظري) الصارم في لجة عمياء، وذلك عندما ينظر إلى واقعٍ شعري مستقر، فيذهب بنا إلى التفريق بين الضرب (فاعلاتن) ذي (الوتد الأزرق)، والضرب (فاعلاتن) ذي (الوتد الأحمر)!! لينسب الأول منهما إلى الأصل: (مفعولاتُن) بعد أن صارت إلى (مفعُلاتُن) بسقوط الواو، وينسب الآخر منهما إلى (فاعلاتن)!!

وأستاذنا الحبيب يستسيغُ (فاعلاتن الزرقاء) لأنها كما يقول: تُضاهي أختها (الحمراء) باتفاقها مع (قانون التناوب)، بينما تقلّ إساغته للضرب (مَعولاتن) لاجتماع وتدين فيه خلافاً لقاعدة التناوب تلك كما قال.

وينسى أستاذنا أن العرب قد استساغوا الضرب (فعولانْ زحافاً لمفعولانْ) من الرجز، وكتبوا عليهما شعراً لا يُحصى، بينما لم يكتبوا على الضرب (فاعلاتن) من السريع شيئاً يذكر. و(مفعولانْ) عندنا صنو لـِ(مفعولاتن).

وعندي، فإن المنهج الذي لا يوافق الواقع الذي يؤصل له هو منهج مختل، يدفع على الحيرة والتشويش.

وما سألني عنه أستاذنا الحبيب، إلى أيّ دائرة ينتمي هذا الشكل السريعيّ، أجاب عنه بنفسه عندما ردّد رأينا في الدوائر، بأنها ليستْ أصلاً، ولكنها عندنا (مُلْحة عروضية) كما قال القرطاجني، و(فضْلةٌ زائدة) قد تبرز لنا بعض خصائص الأوزان التي تنتمي إليها.

وأما سؤاله عن جواز التشعيث فيه من عدمه فلا معنى له عندنا. فإنْ جاءَ في واقع الشعر تشعيث قبِلْنا به، وأصّلْنا له، كما هو الحال في الخفيف، وإنْ لم يجِئْ قلنا بعدم جوازه. ولا أرى التشعيثَ جائزاً فيه هنا، لأنه لم يجئ.

ولذلك فما استنتجه شيخنا من افتراضه باطلٌ عندنا جملة وتفصيلاً.

الأستاذ سليمان أبو ستة :

الذي يريد أن يأخذ بنظرية الخليل في الدوائر، عليه أن لا يقف عند الأنساق الخمسة التي وضعها، ويترك ما هو جزء لا يتجزأ من بنائها (حسب التصميم الخليلي لهذا البناء)، وهو ما يتحدد فيما يلي:

1- الزحافات أو العلل اللازمة في نهاية النسيق (العروض والضرب).

2- الجزء والنهك والشطر.

إذا أخذنا بذلك جميعه ، فإننا سنصل إلى استخراج كافة بحور الشعر العربي من هذه الدوائر ، ولم تعد تلك ملحة عروضية، لأن بناء بحر السريع مثلا تطلب لتصميمه اعتبار تلك الزحافات في الحسبان. ألا يمكننا أيضا أن نزعم أن القبض في حشو الطويل ملحة! ومع ذلك يمكننا ذلك حين نقيم نظاما لا مكان فيه لتلك الزحافات والعلل، حيث لا فرق بين مجيء المقطع الأول في (مستفعلن) قصيرا أو طويلا.

من الواضح أن الخليل لم يجد نسقا دائريا يضم بحر السريع في عروضه الأولى في أي من الدوائر الأربعة الأولى. ومن غير المنطقي أيضا أن يكون بنى دائرة المشتبه على حقيقة أن ثمة بحرا له النسق:

مستفعلن مستفعلن مفعولاتُ

لأنه لو كان هناك مثل هذا النسق لما كان ثمة مجال للاعتراض عليه ولقلنا إن دوائره تنتج بحورها بلا تكلف كما تنتج دائرة المتفق المتقارب والمتدارك. إذن، من أين جاء الخليل بتلك الدائرة؟

شأنه في وضع هذه الدائرة كشأنه في دائرة المختلف التي بناها على الطويل أو البسيط، ، فهو يختار بيتا من الطويل، كالتالي:

ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد ××× فقد زادني مسراك وجدا على وجد

ويبدأ في تقطيعه على طريقته من الرمز للمتحرك والساكن، وبعد ذلك يدور النسق بالطريقة المعروفة لتخرج له البحور واحدا بعد الآخر فيعرضها على محفوظه من الشواهد، ليجد بحرا يطابق تقريبا هذا النسق ويقيم ما بينهما من الاختلاف،( وهو يؤكد ظننا أنه بنى دائرة المشتبه أصلا على المنسرح أو الخفيف) فإن كان مجرد زحاف قليل كالخبن في عروض البسيط، أقره جزءا أساسيا من بناء هذا البحر، بحيث أنك لا تستطيع أن تزعم أن الشكل الدائري مختلف عن شكله المستعمل، وإلا فأين ذهب ذلك الرصيد الضخم من الزحافات والعلل الذي يستوعب معظم كتاب العروض للخليل، وهو الرصيد الذي هيأ الإجماع بين العلماء قاطبة إلى أن يعد الخليل وحده صاحب هذا العلم. نعم ، إنه وحده صاحبه .. لأنه لم يسمع من عالم قبل الخليل اخترع زحافا واحد، ذلك أن العروضيين القدامى، ومنهم الشعراء، لم يرصدوا أي زحاف واحد . بل لو قلت لأحد هؤلاء الشعراء: لماذا وضعت (رأيت) في موضع (رأينا) لأجابك بأنه لا فرق بين الكلمتين في البحر الذي ينظم عليه (وقد أدركت ذلك بنفسي حين وضعت كتابي في نظرية العروض العربي، وليس الخليلي، ولم أجد ما يستحق ذكرا لمصطلح الزحاف والعلة).

وعلى هذا السبيل، سبيل الخليل، سار الجوهري حين وقع على الشاهد التالي:

يا من يلوم فتى عاشقا ××× لمت فلومك لي أعشق

فقد أجرى على مجزوء البسيط في عروضه وضربه القطع ثم الطي، وهذا الكوكتيل من الزحاف والعلة لم يكن معروفا عند الخليل، ولا نعلم إن كان سيرضاه الخليل أو سيرفضه كما رفض علة القطع في عروض المتدارك، وهي الرخصة التي استخدمها الجوهري في اشتقاق الخبب من المتدارك.

إن العروض الخليلي لا يمكن محاكمته من خلال منهجه نفسه، لأنه متقن كل الإتقان، وهو مسلح بالتبريرات المناسبة (والتي يجب أن تقتنع بها أولا حتى تأخذ بها). وعلى العموم هو ليس إلا نظرية ، تلتها نظريات .. ونظريات لا نرى أن سيلها أبدا طالما يستطيع أصحابها أن يؤلفوا علوما من خلال لعبة التعقيد المحببة لديهم، لا نرى أن ذلك سيتوقف حتى يقتنع أصحاب تلك النظريات أن العروض العربي ليس علما .. وإنما هو مجموعة من الإرشادات البسيطة يمكن تلقينها للصبي (إن لم تكن له ملكة الإيقاع العروضي).

والخلاصة، إنه لو لم يعقد الخليل من هذا الفن الذي يؤدي إلى تمييز صحيح الشعر من فاسده، وأن يحصنه بالعديد من القواعد (كالمراقبة والمعاقبة والمكانفة)، ويمده بمزيد من مصطلحات الزحاف والعلة وغيرها، لما استطاع أن يبهر علماء عصره وعلماءنا حتى اليوم، بأن هذا هو العلم الصحيح الذي يجب أن تبنى لتعليمه قاعات الجامعات، حيث يلهث الطالب بين فاعلن وفعولن، وينفق الليالي سهرا وهو يحاول أن يميز الفرع من الأصل. ثم حتى يبلغ مرحلة الماجستير ويريد أن يحقق ديوانا ، طلب العون من عروضي مميز ليكفيه من هذه المهمة.

وليس هذا هو العلم الحقيقي

**

السلام على أخي وأستاذي الحبيب

شكرا لردك الكريم، وهو مفيد في حالي الاتفاق والاختلاف وكلاهما لا يخلوان من فائدة لي وللقارئ الكريم

عندما يقول الخليل إن السريع مستفعلن مستفعلن مفعولاتُ ويأتي الوزن في دائرة المشتبه مستفعلن مستفعلن مفعولا ‏

ونجد ابياتا مشطورة تنتهي ب سبب سبب سبب = 2 2 2 أو سبب سبب سبب ساكن = 2 2 2 ه، ثم تنكر علاقتها بهذه ‏الصورة بحجة أنها من الرجز لا غير وانها لا تنتمي لسواه رافضا بذلك ما بين الرجز والسريع من الأواصر التي تجعل ‏احتمال اتفاقهما في بعض الصور أكبر من احتمال اتفاق سواهما وهو كما تعلم كثير، وعندما أرد على غياب 222 ثلاثة ‏أسباب في منطقة العروض من السريع ، ولا تقتنع بردي ، فإن فرصة اقتناعك بسائر الرد تبدو ضئيلة. على أني سأدلي بما لدي ‏فلا يخلو الحوار من فائدة لي أو لك أو للقارئ الكريم.‏

المشاركة الأصلية كتبها د.عمر خَلّوف

لم يَرِدْ (السريع) في واقعه الشعري إلا على عروض واحدة هي: (فاعلن)، والتي انسجمت مع ثلاثة ضروب موافقة لها هي: (فاعلن، فاعلانْ، فعْلن)

والسريع في واقعه الشعري هذا لا يندرج تحتَ أية دائرة من دوائر الخليل الخمسة. لأنّ سياقه هذا لا يُوافق أياً من هذه الدوائر، كما لا يمكن اجتزاؤه من سياقٍ أكبر منه كما هو الحال في سياق (المديد) والبحور المجزوءة وجوباً.

وتفادياً لإحداث دائرة سادسة تجمع السريع وعدداً من البحور الأخرى التي تشاركه سياقه الحركي، افترضَ الخليل أن أصل عروض السريع وضروبه هو (مفعولاتُ)، فأوقع عليها عللاً افتراضية، لكي تتحول من (مفعولاتُ) إلى (فاعلن)!

ولقد قوّى هذا الافتراض لدى الخليل مجيء الكثير من شعر العرب على الضربين: (مفعولانْ)، و(مفعولن)..

وكان ذلك - من الناحية النظرية - حلاًّ ذكياً دون شك.

تذكر اختلافنا استاذي عندما قلت إن أعاريض البحور جميعا – باستثناء الهزج ومجزوء الوافر- لا تنتهي ب 2 2 أي لا ‏تنتهي بسببين خفيفين، ولهذا لاينتهي العروض ب سبب سبب سبب = 2 2 2 ‏

https://sites.google.com/site/alaroo...me/22-sadr-end

والحالة الوحيدة التي تشذ عن ذلك وأظنها انقرضت لمخالفتها منهجه البيت الذي يبدو لي يتيما :‏

ما هيج الشوق من أطلال ...... أضحت قفارا كوحي الواحي

ولا بد لهذه الخاتمة 2 2 2 أن تنزلق إلى ‏

‏1 2 2 = 3 2 ( فعولن ) في الرجز ومجزوء البسيط المقطوع ،

أو إلى 2 1 2 = 2 3 ( فاعلن ) في السريع واللاحق.

وأنت ‏تنكر اطراد هذه الخاصية فيتوقع أن تنكرها في السريع كذلك. ‏

ومعارضتك نابعة من موقفك الرافض لاطراد منهج الخليل انطلاقا من شمولية دوائره.‏

منهج الخليل يعني دوائره وسائر أحكامه – وأضيف ولا ألزمك به – ما بلوره الرقمي من ذلك.

ولله در أستاذي سليمان ابو ستة ‏إذ يقول :‏

http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=78821

الذي يريد أن يأخذ بنظرية الخليل في الدوائر، عليه أن لا يقف عند الأنساق الخمسة التي وضعها، ويترك ما هو جزء لا يتجزأ ‏من بنائها (حسب التصميم الخليلي لهذا البناء)، وهو ما يتحدد فيما يلي‎:‎

‏1-‏‎ ‎الزحافات أو العلل اللازمة في نهاية النسيق (العروض والضرب‎).

‏2- الجزء والنهك والشطر‎.

إذا أخذنا بذلك جميعه ، فإننا سنصل إلى استخراج كافة بحور الشعر العربي من هذه الدوائر

كما يقول الأستاذ كمال أبو ديب - اقتطف وبأقل قدر من التصرف:‏

http://uqu.edu.sa/files2/tiny_mce/pl...100/aaa209.pdf

(ص – 119: 124) : وأصر أكثر من باحث على أن السريع له الشكل التالي فقط : مستفعلن مستفعلن + ( فاعلن أو فاعلانْ) ‏= 4 3 4 3 + ( 2 3 أو 2 3 ه) وأن الصورة التي أعطاه إياها الخليل وهمية مستفعلن مستفعلن مفعولاتُ = 4 3 4 3 4 ‏‏2 1 . لكن من الواضح في الوقت نفسه أن هؤلاء الدارسين ليسوا على حق في إنكار وجود التشكيل 4 3 4 3 6 1 في الشعر ‏العربي ولا يحل اللبس هنا إلا بالتمييز بين البحرين، ويقترح هذا الكاتب إعطاء اسم ‏

السريع المثقل للتشكيل المثقل : مستقعلن مستفعلن مفعولات = 4 3 4 3 4 2 2 2 ه ‏

وإعطاء اسم السريع للتشكيل : مستفعلن مستفعلن مفْعُلا = 4 3 4 3 2 1 2 ‏

ويضيف :" يرجح أن الخليل شعر حين قراءته هذه الأبيات أن إيقاعها يختلف عن إيقاع الرجز، وأنه متوحد ‏بإيقاع السريع مع أنها من الزاوية الكمية متحدة الهوية بتركيب شطر من مشطور الرجز ولا بد أن طبيعة الإيقاع تعود إلى النبر ‏الذي يتوفر في الأبيات موضع المناقشة ‏

ويحي قتيلا ما له من عقل

بشادن يهتز مثل النصل

مكحل ما مسه من كحل

لا تعذلاني إنني في شغل

يا صاحبي رحلي أقلا عذلي

لا شك أن كثيرين من الدارسين قد يجدوت حلا بسيطا للمشكلة ويقولون " الخليل فعل ذلك اعتباطا وعلينا أن ننسب الأبيات ‏للرجز والخليل أخطأ وكل إنسان يخطئ "‏

لكن هذه الطريقة ليست أكثر من تهرب في مواجهة القضايا الأساسية الجذرية في إيقاع الشعر العربي وفي نظام الخليل. كما أنها تنبع من ميل إلى ‏اتهام عمل الخليل بالاعتباطية والتسرع لا يستند إلى أي أساس علمي. والخليل عالم ذو منهج رائع وعقل فذ واتهامه بهذه المجانية ‏والسهولة شيء ينبغي أن يتخوف عقل الباحث المعاصر منه، لا إجلالا لقدسية، ولا خضوعا أمام التراث لمجرد أنه تراث، وإنما ‏لسبب بسيط جدا، هو أن كل شيء في منهج الخليل يدل على منهجية محكمة، ويجلو عبقرية فريدة، ولأن لعمله أبعادا عميقة ‏مدهشة قد لا نفهمها الآن، ولكن ذلك قد لا يعود إلى اعتباطيتها بقدر ما يعود إلى قصور ملكات الاستكناه والبحث المتعمق ‏الجاد عندنا، وقصور مناهج البحث التي نتبعها، وفي كلتا الحالتين يظل الانتظار والتنقيب المتعمق لا الاتهام المتسرع أفضل ما ‏يمكن أن نقوم به إزاء مثل هذا العقل المتفرد ."‏

إنتهى النقل

أخي واستاذي الكريم د. عمر خلوف، لو لم يكن لك علي من فضل سوى تحفيزي على الاطلاع على هذا النص لكفاك ذلك ‏جميلا ومعروفا في عنقي. كم رددت "الله أكبر " وأنا أقرأ هذه الفقرات من رجل يفيد عنوان بحثه بأنه " نحو بديل لعروض ‏الخليل " ثم نجده صلبا في إنصاف الخليل وتقدير عبقريته ومنهجه وسبقه الأزمان فيهما. وإن أقواله ما اتفقت معه فيها وما ‏اختلفت أعطتني من الثقة في الرقمي الكثير الكثير الذي لا يقل عما أعطتنيه عبارة الأستاذ ميشيل أديب :" ‏‎" ‎وأكثر ما ‏يعيب‎ ‎كتب العروض القديمة‎ ‎والحديثة، أنها، على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف الخليل عن أسرارها،‎ ‎لم تحاول ‏تحليل العملية الذهنية لتي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه القمَّةالرياضية‎ ‎التي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ‎ ."‎وسأعود إلى أبعاد كلام د. كمال أبو ديب وتداعياته بإذن الله ‏في ما يتبع ‏،

وللرد بقية بإذن الله.‏

**

كأني بأستاذنا الحبيب لم يقرأ ما كتبت هناك:

فسأعيده عليه مرة أخرى

((ليسَ لمنصفٍ أن يُنكِر أنّ للخليل (منهجه) الفاتن في بناء نظريته العروضية، والذي أحاطه بأسوار خمسة، مثّلتْها دوائره العروضية.

وهو منهج واضح للعيان، لم يحتج أحدٌ من العلماء منذ أكثر من ألف ومائتي عام إلى بيانه للناس، إلى أن تفاصح علينا ميشيل أديب بمقولةٍ فتن بها أستاذ الرقمي، ادعى بها " أن أكثر ما يعيب كتب العروض القديمة والحديثة أنها...لم تحاول تحليل العملية الذهنية التي مكنت الخليل من بلوغ هذه القمة الرياضية التي لا تتأتى إلا للأفذاذ!!"

وكم أشرنا إلى أن هذا البناء امتلك من إحكام الصنعة ما بهَر العروضيين من بعده، فصُرِفوا عن مجاراته، واقتصروا على التأمّل في غرفه وردهاته وشرفاته.

ولا ننكر أن لأوزان الشعر العربي المختلفة خصائصَ تتماشى وتتماهَى مع ذائقة العربيّ وفطرته، كما لا ننكر أن النظرَ في هذه الخصائص واستقراءَها، وصولاً إلى استنباطِها وتحديدها، عملٌ مهمّ يُجيبُ عن أسئلة أهمّها معرفة لماذا قبلت الذائقة سياقات إيقاعية معينة، و(أهملت) سياقاتٍ أخرى أسكنَ الخليلُ عدداً منها في ردهاتِ بنائه النظري العامر.

إننا لا نؤمن البتة بأن نظرية الخليل، التي خنقها بدوائره، هي ما يمثل الذائقة العربية، وأن أيّ انحرافٍ عما جاءَ فيها هو انحرافٌ في تلك الذائقة، وخروجٌ عن الصراط المستقيم، حتى وإنْ كانَ ذلك الانحراف إضافة مهمة في جسد إيقاع الشعر العربي.

ولكننا نؤمن كل الإيمان أن دراسة خصائص الأوزان العربية، التي أصّل لها الخليل في نظريته سيفتح لنا باباً مهماً في معرفة ما قد تقبله الذائقة العربية مما قد يجيءُ خارجاً عن البحور الخليلية، كالذي حصَل فعلاً في (الخبب) و(المتدارك) و(الدوبيت) و(اللاحق)، وما قد يفتح الله به على شعراء هذه الأمة الولود إن شاء الله)).

ألا يتماهى قولي هذا مع ما أشار إليه أستاذنا الحبيب أبو ستة؟؟

((الذي يريد أن يأخذ بنظرية الخليل في الدوائر، عليه أن لا يقف عند الأنساق الخمسة التي وضعها، ويترك ما هو جزء لا يتجزأ ‏من بنائها (حسب التصميم الخليلي لهذا البناء)، وهو ما يتحدد فيما يلي‎:‎

‏1-‏‎ ‎الزحافات أو العلل اللازمة في نهاية النسيق (العروض والضرب‎).

‏2- الجزء والنهك والشطر‎.

إذا أخذنا بذلك جميعه ، فإننا سنصل إلى استخراج كافة بحور الشعر العربي من هذه الدوائر))

إن نظرية الخليل هي نظرية الخليل، وستبقى منسوبة إليه، وممثلة لفكره التنظيمي العظيم إلى أن يرث الله الأرض. ومن أراد أن يأخذ برأيه في الدوائر فعليه أن يأخذ نظريته برمتها، ومن رأى في دوائره خللاً أخذ من النظرية ما يوافق منهجه، وأهمل ما لم يرَ فيه ما يُفيد.

**

أخي وأستاذي الكريم أبا عاصم

ما أرانا نقول في هذا الأمر إلا ما سبق لنا قوله فأنت لا تعترف بأن مستفعل في آخر الشطر تأتي متفعل تارة ومستعل أخرى. ولا تعترف بأن مفعولا تأتي في العجز تأتي مفعُلا تارة ومعولا أخرى . وهذا منذ حوارنا عن ( أزواج في أفياء د. خلوف ) منذ تسع سنوات.

http://arood.com/vb/showthread.php?p=2450#post2450

ولا أرانا سنتوصل فيه إلا جديد. فالأمر وصف لواقع من وجهة نظر كل منا.

ولكن يستفاد منه شيء واحد وهو الرد على سؤالك :

ولكننا نؤمن كل الإيمان أن دراسة خصائص الأوزان العربية، التي أصّل لها الخليل في نظريته سيفتح لنا باباً مهماً في معرفة ما قد تقبله الذائقة العربية مما قد يجيءُ خارجاً عن البحور الخليلية، كالذي حصَل فعلاً في (الخبب) و(المتدارك) و(الدوبيت) و(اللاحق)، وما قد يفتح الله به على شعراء هذه الأمة الولود إن شاء الله)).

ألا يتماهى قولي هذا مع ما أشار إليه أستاذنا الحبيب أبو ستة؟؟

((الذي يريد أن يأخذ بنظرية الخليل في الدوائر، عليه أن لا يقف عند الأنساق الخمسة التي وضعها، ويترك ما هو جزء لا يتجزأ ‏من بنائها (حسب التصميم الخليلي لهذا البناء)، وهو ما يتحدد فيما يلي‎:‎

‏1-‏‎ ‎الزحافات أو العلل اللازمة في نهاية النسيق (العروض والضرب)

‏2- الجزء والنهك والشطر‎.

إذا أخذنا بذلك جميعه ، فإننا سنصل إلى استخراج كافة بحور الشعر العربي من هذه الدوائر))

والجواب هو أن قولك لا يتماهى مع قوله في قضيتي :

اللاحق : ( مستفعلن فاعلن فاعلن/مستعل )

والسريع : (مستفعلن مستفعلن فاعلن/مفعلا ) .

فهو يرى صحة ذلك حسب منهج الخليل الذي تجسده دوائره والتصميم الداخلي الذي فصله.

وأنت ترى خطأ ذلك من وجهة نظرك ويقودك ذلك إلى رفض شمولية نظرية الخليل التي خنقتها دوائره .

فهل هذا اتفاق ؟

عبارتك :

ولم يختلف عربي قبل الخليل على أن جميع ما قيل في هذا الباب هو رجز لا غير، حتى جاء الخليل فاخترع للسريع عروضاً ليست منه، أجبرته عليها الصنعة التي تمثلت في دوائره، فأدخل فيه ضروباً هي الرجز بعينه.

تدعو إلى التأمل ولا أود أن أفتح بابا جديدا للحوار حولها وحول الفرق بين ما قبل الخليل وما بعد الخليل.

لكني أكتفي بهذا الاقتباس :

http://www.al-islam.com/Page.aspx?pa...bjectID=31582

‎12461 حدثنا‎ ‎يحيى‎ ‎عن‎ ‎حميد‎ ‎ويزيد‎ ‎أخبرنا‎ ‎حميد‎ ‎عن‎ ‎أنس‎ ‎قال‎ ‎ ‎ ‎قال رسول الله يقدم عليكم أقوام أرق منكم أفئدة ‏فقدم‎ ‎الأشعريون فيهم‎ ‎أبو موسى‎ ‎فجعلوا لما قدموا‎المدينة‎ ‎يرتجزون:

غدا نلقى الأحبه ...... محمدا وحزبه

حفظك ربي ورعاك.

**

الاتفاق يا سيدي أبا صالح واضح جداً جداً

وهو اتفاق مع بعض رأيك كذلك

وقد أبنته في ذات المداخلة التي تنقل عنها

فأنا أيضاً أرى صحة ذلك حسب منهج الخليل التي تجسده دوائره..

وللمرة الألف أقول: هو صحيح حسب منهج الخليل التي تجسده دوائره

لكنك أصبحت تعلم رأيي في دوائر الخليل

فأنا لا أومن بصحة كل ما جاء فيها، ولا بكل ذلك المنهج

(يادي المنهج الفاتن)

**

واضح جدا أخي الحبيب وأستاذي الفاضل.

وألخص رأيك لأتذكره وبالتالي ألخص رأيي ثم أعلق مختتما :‏

‏ 1- أنت لا تؤمن بصحة وشمولية منهج الخليل الذي تجسده دوائره رغم كفاية ذلك المنهج ودوائره - لمن شاء أن يؤمن بذلك. ‏‏( أقله في موضوع السريع )‏

‏2- عدم إيمانك بصحة وشمولية منهج الخليل الذي تجسده دوائره ليس راجعا لقصور ذلك المنهج أو تلك الدوائر.‏

‏3- ( يا دي المنهج الفاتن ) جملة في قمة روعة التلخيص والتعبير . ولنا إن شاء الله حديث حولها عندما نلتقي، فمجال أهمية ‏المنهج عندي أوسع وأخطر من أن يحصر في العروض، فهو يتعداه إلى ما لا مجال هنا لتناوله.‏

وحسبي لتوضيح رأيي فيه أن المنهج الشامل الصحيح - في كل مجال - دليل ذاتي على صحته، وعلى إعجاز الممنهِجْ سبحانه ‏وتعالى و (أمانة ناقل المنهج العام عبده ورسوله محمد عليه السلام) و (عبقرية مكتشفه في العروض الخليل بن أحمد )‏. إنما تستمد التفاعيل - وهي من اختراع الخليل - أهميتها وشرعيتها بل وصحتها، من صدورها عن منهج الخليل، وتفقد كل ذلك إن انفصمت عن ذلك المنهج. نظريا يمكن أن يكون هناك منهج غير منهج الخليل ذي أدوات غير تفاعيل الخليل، إني لأعجب ممن يتجاوز منهج الخليل بتفاعيل الخليل، فيدخل في مزالق لعل أوضحها مأزق الكرباسي في بحوره المائتين ونيف ومأزق حازم القرطاجني عندما رفض مفعولاتُ في المقتضب.

ثم تجد سنة الله هذه تتجلى في سائر العلوم في وجود قوانين شاملة لكل علم يكتشف منها البشر ما اذن الله سبحانه وتعالى به على ‏قدر اجتهادهم. إن التسليم المسبق بوجود قواعد شاملة لكل علم لدى البشر مؤمنهم وكافرهم هو أساس العلوم كلها. ومنهم من ‏يسعى لاكتشاف قاعدة واحدة تشمل الكون كله. ‏

يقول د. علي النشار:‏

http://mail.algomhoriah.net/atach.php?id=3113

‏" إن العقل الإنساني لا يستطيع أن يفكر وأن يستدل بدون أن يكون له منهج متعين ‏يقول [يقوم] عليه فكره وحركته" ‏ ‏

، وحسبك في هذا المجال ما يسعى له علماء الفيزياء من التوصل لنظرية افترضوا من استقراء سنن الكون ضرورة وجودها ‏وأسموها: نظرية التوحيد الكبير ‏The Grand Unified Field Theory‏ . وأنقل من ويكيبيديا :" استند اينشتين في بحثه عن ‏نظرية التوحيد إلى إطار دينى وفلسفى أن الخالق واحد للكون وبالتالى يوجد نظرية أو هيكل رياضى - معادلة واحدة فقط تصف ‏الكون. وهذا يتصف مع فكرة العلم لديمقريطس. فعندما كان جالسا على شاطئ بحر إيجه تساءل عن تعدد الألهة. هل للشمس إله ‏والقمر إله وكل شيء له إله؟ ثم ماذا سيحدث إذا نشبت معركة بين تلك الألهة ؟" ألا تجد أن العلماء في هذا يسيرون على خطى ‏إبراهيم عليه السلام ؟.شرف للخليل بن أحمد في مجاله أن يتسم تفكيره بالشمولية أسوة بالخليل إبراهيم عليه السلام، وشرف ‏للرقمي أن يكتشف ذلك ويبرهن عليه وينطلق منه لما يليق بعبقرية الخليل من آفاق.‏

إن اطراد المنهج في العروض يحفز على تتبع اطراده في أمر العربية عامة وإن ثبت ذلك فإنه يعني أن للأمر أبعادا لا تخفى عليك، وشرف للخليل أن يفتح هذا الباب بمنهجه.

أبعد هذا ترى مجالا للقول ( يا دي المنهج )‏

ومن فائدة حوارنا هذا أن يعلم أي متحاورين أن الحوار ينبغي أن يبدأ بالأصول ثم يمتد للفروع، وبدايته بالفروع ستؤدي – ‏ولكن بعد لأي وطويل وقت إن توفرت الموضوعية للمتحاورَين، ستؤدي للأصول ، وقد لا تؤدي إن قلت الموضوعية. ومن حسن حظي أنك محاوري الذي أقبس عنه العلم وحسن الخلق والتهذيب وموضوعية الحوار.‏

شكرا لسعة صدرك وحفظك الله ورعاك.‏

***

أخي واستاذي الكريم د. عمر خلوف،

خطر لي ما يلي وأراه مفيدا:

وبهذا الصدد فإن مستجيرًاينحاز في هذه القضية لرأيك ويرى أن وزن السريع مستفعلن مستفعلن فاعلاتن = 4 3 4 3 4 2 ‏

والفارق بينكما أن رأيه يأتي في سياق منهج كامل مستقل بالكلية عن منهج الخليل. وهذا منطقي فلا يمكن الخروج على ‏مذهب في جزئية منه، واستقلال منهج مستجير في مقابل منهج الخليل يسهل المقارنة بين منهجين، وأنت أدرى مني بتفوق ‏منهج الخليل، وما تطلبه منهج مستجير – على عظيم فائدته لعالم العروض – من قسر لبعض صور الأوزان، كما أنه ضلله ‏في تقييمه لرأي نازك في مستفعلاتن مستفعلاتن . ومثل مستجير في وجود منهج شامل لديه مستقل بالكامل عن منهج ‏الخليل، الأستاذ محمد العياشي في منهجه وقد أوضحت ما تطلبه منه منهجه من افتراضات سقيمة في غير مكان. مع تفرد ‏العياشي في النيل من منهج الخليل.‏

وأرى هذا تأكيدا لما ذهبت إليه من أن أي منهج – منهج بحق - كل متماسك ومخالفته في جزئية تعني مخالفته في عمومه، ‏إذ أن أية جزئية فيه تتصل بكلياته وتصدر عنها وتمثله، فكأنها كعينة الدم تسحب من طرف إصبع لتمثل الدم في سائر ‏الجسم، فإن ثبت فيه نقص من مادة معينة كان ذلك النقص عاما في الجسم.‏

لقائل أن يقول لي :" إنك اعترضت على تجاوز الخليل بتفاعيل الخليل، وكلاهما مستجير والعياشي خالفاه مستعمليْن تفاعيله ‏‏" وهذا صحيح في ظاهره، ولكنهما استعملا تفاعيله صورة بعد أن فرضا عليها طبيعة مخالفة لما يماثلها مظهرا عند الخليل، ‏ولم يتوان مستجير من استعمال تفاعيل مغايرة في بحر الطويل مثلا، بل وقاده تنظيره إلى بحر جديد أسماه بحر شوقي، ‏وقرأت رأيك حوله الذي تنطلق فيه من عروض الخليل، وفرض العياشي على تفاعيله ثبات المدة الزمنية عند لفظها مزاحفة أو ‏غير مزاحفة وقد تطرقت لعوار ذلك في غير موقع.‏

الخلاصة:

لا يصلح الأخذ بجزئية من منهج هنا وأخرى من منهج أو لا منهج هناك.

أن المنهج يُخالـَف أو يتم تجاوزه بمنهج آخر له شموليته في العروض كما في الاقتصاد والسياسة كما في العقائد وسوى ذلك، وهذا ما لم أجده لديك في بعض تجاوزك للخليل بغض النظر عن تقييمي له، فأنت تتجاوز الخليل في مواضيع ‏محدودة ،مع استعمالك لتفاعيله بذات مواصفاتها لديه وتتفق معه في الأعم الأغلب، وهذا ما لا أستطيع وصفه بالمنهج.‏

وعند المقارنة بين منهجين فقط يستطيع الإنسان أن يقرر أيهما أصوب، أما المقارنة بين جزئية هنا وأخرى هناك فلا تستقيم منطقا لا في العروض ولا في سواه.

مذكرا بأن حديثا بهذا العمق حول المنهجية هو في مجال ( علم العروض ) وليس في مجال ( العروض ) وهو بالتالي لا يهم الشاعر ولا من يقتصر همه على حفظ التطبيقات الجزئية لمنهج ما.

يحفظك ربي ويرعاك.

**

من حق أستاذي علي أن أفكر أمامه بصوت عال.‏

لم أجد فيما استحسنتـَه من جديد الأوزان ما ينبو عن الذوق. وطالما سألت نفسي عن سر تميزك في ذلك عن كثير ممن ‏يتجاوزون الخليل.‏

ثم استرجعت ما تراه أنت من زاوية معينة شذوذا في قواعد التأصيل لديك، ثم ما أسفرت عنه قاعدة التأصيل العامة في ‏الرقمي – وحسب فهمي ومن زاويته – من عدم وجود شذوذ عندما نشترط التبادل بين الزوجي والفردي باتجاهي اليمين واليسار. ‏وقلت لعل أستاذي يرى من زاويته أنه تجاوز الخليل، وربما لو أمعنتُ النظر من زاويتي لتبين لي أنه لم يتجاوز الخليل.‏

تأملت فوجدت أن اختلاف الرأي بيننا في الدوبيت أو المتدارك أو الخبب يقتصر على الشكل، وأن لا خلاف بيننا في الجوهر، ‏وحتى في الشكل فهو ليس اختلافا كبيرا، فأنا أتفق معك بأن الدبيت غير خليلي، وأن الخبب يخلو من الوتد.‏

ثم نظرت فوجدت أننا متفقين تماما في اتباع الخليل في عدم المس بالحشو . ووجدت معظم اختلافنا فيما يخص المقاطع النهائية ‏في العجز.‏

ثم دققت النظر فوجدت موضوع الخلاف يكاد يقتصر على حالة واحدة لها غير صورة.‏

وتلك الحالة من - وجهة نظري - هي انتهاء العجز بثلاثة أسباب صوتية 2 2 2 مستفعل أو مفعولا وما يترتب عليها من ‏زحافات في البحور التي لا تحوي في حشوها سببا ثقيلا (وهكذا يخرج الكامل ) أو الرقم 2 2 2 ( وهكذا يخرج الخفيف )‏

ولا يبقى في الحقيقة إلا مجزوء البسيط المقطوع = مستفعلن فاعلن مستفعل = 4 3 2 3 2 2 2 ‏

والوزن 4 3 4 3 2 2 2 الذي يمكن اعتباره بالتفاعيل مستفعلن مستفعلن مستفعل، أو مستفعلن مستفعلن مفعولا.‏

ووجدتنا فيه :‏

‏1-‏ على درجة كبيرة من الاتفاق بجواز خبن 2 2 2 لتأتي على 1 2 2 = 3 2 = متفعلْ وليست 3 2

‏2-‏ على درجة لا تخفى من الاختلاف ‏

فأنا وطبقا لاطراد قواعد زحافات الخليل أرى جواز الطي فيها لتتحول من 2 2 2 إلى 2 1 2 = 2 3 في حالي السريع واللاحق ‏‏( لاحق خلوف باعتبار الحشو فيه فاعلن

2 3 تمييزا له عن لاحق حازم و 2 3 في حشوه قد تأتي 222 ( فسر بود أو سر بكرهٍ )‏ بل يجوز نظريا ان تأتي في حشوه 1 2 2 = 3 2

‏ هل ثم من فارق في المظهر الصوتي وهو المعول عليه في التطبيق في العروض بين الحالتين. كلا بالتأكيد.‏

وهكذا ترى أنك لم تخرج في هذا على عروض الخليل التطبيقي.‏

هل ثمّ من فرق يترتب على ذلك في التأثير على الفهم الشمولي لمنهج الخليل في مجال علم العروض ؟ نعم ‏

أنت تتفق مع قول استاذي سليمان أبو ستة بأن في منهج الخليل ودوائره وأحكامه ما يشمل كل حالات العروض، لمن يؤمن ‏بذلك. وإذن فإن عدم الإيمان بذلك غير ناجم عن نقص في النظرية بل هو اختيار مسبق بلا مبرر نقص فيها.‏

يبقى الاختلاف الجوهري في مجال علم العروض بين ما أراك تعتبره فاعلن = 2 3 وما يأتي على منهج الخلبيل مستعل =2 1 2 = ‏مفعُلا 2 1 2 = 2 3 ذو تأثير في الآفاق االمتعلقة بعلم العروض والتي يتطلب البحث فيها منهجا متكاملا.‏

وأنتهي إلى القول :‏

‏1-‏ يصح إلى درجة كبيرة القول بأن ليس ثمة اختلاف حقيقي في التطبيق العروض بينك وبين الخليل.‏

‏2-‏ أنت ترى أن منهج الخليل يغطي العروض العربي، لمن يؤمن به.‏

‏3-‏ وإذن فإنك عمليا لم تتجاوز الخليل لنقص في منهجه. اختلافك مع الخليل في قضية 2 2 2 لا يكاد يؤثر في العروض ‏التطبيقي وهو – كما قدمت – يبدو لي تجاوزا ذاتيا غير موضوعي.

‏4- أنت اخترت القول بأنك تجاوزت الخليل أو خيل إليك ذلك والحقيقة أن القول إنك لم تتجاوز الخليل أقرب إلى الصحة من القول إنك تجاوزته

وهنا اتوقف. فإن ما تبيحه لتلميذلك من النقد والحوار يتوقف عند الموضوعي ولا يتعداه إلى الذاتي الذي يحيرني تبنيك له.

وكل ما أملكه دعاء إلى المولى سبحانه بأن يزيح من نفسك وهم تجاوزك للخليل وما يبعدك عن الرقمي ويحقق ما أرجوه للرقمي ‏على يديك من إثراء وتقدم.‏

شكرا لك استاذي فكم أمتعني الحوار معك وكم أفادني .

يحفظك ربي ويرعاك

تعديل / حذف المشاركة