مقدمة في الإنجاز - محمد علي رباوي

حظيت بالتواصل مع الأستاذ الشاعر الأديب العروضي محمد علي الرّبّاوي وقد أكرمني بإرسال ملف كتابه :

العَرُوضُ : دِرَاسَةٌ فِي الإنْجَاز

وقد سارعت بقراءة ما تيسر منه فوجدت فيه ما يثري ويفيد ويتقاطع كثيرا مع ما نتداوله في الرقمي.

سوف أقوم بتقديم نبذ من الكتاب حسب ما يتيسر من وقت والتعليق عليها. وأملي أن يشارك من الأساتذة في ذلك من له وجهة نظر. عدد صفحات الكتاب 635 صفحة ، سأخص إضافتي بهذا اللون، وما أنقله من الكتاب باللون الأسود إلا ما أريد تحديده للعودة بالتعليق عليه فسأجعله بالأحمر

1- أقتبس من المقدمة ( ص – 10) هذه الفقرة :

أما الباب الثاني، فخصصته لدراسة القصيدة، وهو ينقسم إلى فصلين كبيرين. الفصل الأول، عالجت فيه الأوزان العربية من خلال أربعة مباحث. تحدثت في المبحث الأول عن نشأة الأوزان، وفي المبحث الثاني، درستُ البحور والأوزان، مُقَدِّما عددها، وصورها. مبرزا البحورَ، والأوزان الأكثرَ استعمالا. وأَجَّلْتُ تفسير اهتمام الشعراء ببعض الأوزان دون غيرها إلى المبحث الثالث، حيث قدمتُ أولا رأي القدماء، ثم رأيَ المعاصرين، وبينتُ تَهافتَ أكثر هذه الآراء، ثم ذيلت المبحث برأيي الخاص. أما المبحث الرابع، فدرست فيه علاقة الوزن بالتجربة النفسية وبالغرض، مبتدئا أولا بعرض آراء الدارسين، مبرزا قصورَها، ومقدما ما تطمح هذه الأطروحة إلى أن يكون جوابا عن هذا الموضوع. الفصل الثاني، موضوعه الانزياح العَروضي. والمقصود بالانزياح في هذا المبحث الخروجُ عن القانون .ولتحقيق وصفٍ لهذه الظاهرة، جعلت الفصل ثلاثة مباحث. درست في المبحث الأول البيتَ، مفهومَه، ثم وقفت عند الأبيات المدمجة إدماجا لا يُقِرُّه القانون، محاولا تعليلَ هذا الإدماج. المبحث الثاني، موضوعه الزحاف، حيث وقفت أولا على معناه اللغوي، ثم عرضت رأي الدارسين في الزحاف، لأقف عند الخرمِ، والقبضِ حَشْوَ الطويل، والخبنِ حشوَ البسيط، مع محاولاةٍ لتعليل حضورِ هذه الزحافات التي يرفض العروضيونَ حضورَها في البحور المشارِ إليها. المبحث الثالث، خصصته للقصائد المتمردة؛ فوقفت على ظاهرة الخروج عن الوزن، مقدما رأي النقاذ في ميميةِ الْمُرَقِّش، وبائيةِ عَبيد، وقصائد أخرى، ثم حاولت بعد ذلك وصف هذه القصائد؛ للكشف عما بِها من قوانين، لاحظتُ حضورها في نصوص مُماثلة. ثم بعد ذلك، درست ظاهرةَ توليدِ الأوزان، فتعددِ الأوزان داخلَ القصيدة الواحدة.

يشير الأستاذ بقوله : "لأقف عند الخرمِ، والقبضِ حَشْوَ الطويل، والخبنِ حشوَ البسيط" إلى ما نرمز له في الرقمي

حيث ]2[ = سبب مستثقل الزحاف على كل من المحورين 5 و 4 من دائرة ( المختلف – ب)

2- I.1.أ‌ ما أنماط النظم ؟ ( ص – 15)

أ-(1)- اِتفق أكثرُ دارسي العروض على أن ثَمَّة ثلاثةَ أَنْماط من النظم، وهي: النظمُ المقطعي، والنظمُ الكمِّي، والنظم النبري. على أساس أن لكل نمط خصوصيةً تميزه عن غيره. لكنَّ من الباحثين، وهُمْ قلة، مَنْ جعل هذا التقسيمَ ثنائيا، رغبةً في الاختصار. يقول الأب خليل إِدّة اليسوعي: «اِعلم أن لقياس المقاطع طريقتين: فإمّا أن تعتبرهما متساويةً، وإما غيرَ متساوية. فإن كانت المقاطعُ متساوية، رجع قياسُ مقاطعها إلى عَدِّهَا ليس إلا. فَتَسَاوَى جُمْلتان زمنيا إذا تساوى عَدَدُ مقاطعها. والنظمُ في هذه الطريقة يُدعى مَقْطَعِيًّا Versification syllabique. أمّا المقاطعُ غيرُ المتساوية، فلا يُلْتَفَتُ فيها إلى العدد بل إلى القياس. ويُدعى النظم الْمَبْنِيّ عليها قِياسِيا Versification métrique"([1]).

هذا يعني أن كلَّ نَظْمٍ إِنَّما يقوم على قياس المقاطع. وعلى هذا فَثَمّةَ نَمطان من النظم. النمط الأول يقوم على عد المقاطع، وهذا معناه أن يشتملَ البيتُ على عدد محدد مــن المقاطع، و العددُ نفسُه يتكرر في البيت الموالي، أو الأبياتِ الموالية. أما النمط الثاني، فإن العدَّ فيه ليس أساسيا، وإِنّما الأساسيُّ هو النظرُ إلى قوةِ المقاطع، أو ضَعفِها.

وقد عَبَّرَ الدكتور كمال أبو ديب عن هذا تعبيرا "شَيِّقاً"، إذ يقول: «لعل التفريقَ المطروحَ هنا بين هذين النوعين من الأنظمة ما يقوم على مزدوجةٍ أساسيةٍ وما لا يقوم على مزودجة، أن يكونَ أسلَمَ، وأصدقَ، وأعمقَ إيجابيةً من التفريق التقليدي الشائع في الدراسات العالمية بين الأنظمة التي تقوم على الْكَمِّ Quantity، والأنظمة التي تقوم على النَّبْر Dynamic stress. ومن الشيق أنّ الرأيَ الشائع يصف ما يقوم على النبر بأنه قائم على خاصة كيفية Quality. وهكذا يقابل نوعين من الأنظمة: كمي وكيفي Quantitative – Qualitative لكن هذا الكاتب([2]) يود أن يُشكِّك في شرعية هذه المقابلة، ويؤمنُ بأن أساسها أساس وهمي لا مُسَوِّغ له. ذلك أن الاستغراق الزمني (الذي يشكِّل عماد الأنظمة الكمية) هو في الواقع خصيصة كيفية، وليس هناك من مبرر دقيق لتسمية النبر خاصةً كيفية، ووصفِ الاستغراق الزمني بأنه خاصة غير كيفية مناقضة للأولى. الاستغراق الزمني هو خاصَّةٌ كيفيةٌ تماما كالنبر (...) إننا في وضع جديد يسمح لنا بإلغاء التفريق الزائف، والمقابلة الخاطئة. ولقد أظهرت هذه الدراسةُ أن النظامَ اليوناني ( الذي يُفترض أنه كَمِّي )، والنظامَ الإنجليزي ( الذي يقوم على النبر)، لهما الأسسُ الإيقاعية ذاتُها، ويشتركان في أصولٍ أكثرَ جذرية من أن تُهمل. وفي هذا دليل على أن المقابلة بين الكَمِّ والكَيْفِ خاطئةٌ. ولذلك نقترح هنا المقابلةَ الجديدة بين ما يعتمد من الأنظمة على مزدوجة أساسية، وبين ما لا يعتمد على مزدوجة"([3]).

هنا نقطتان

الأولى تتعلق بالعلاقة بين الإيقاعين الخببي والبحري

فإيقاع الخبب كمّ وهو يشترك مع الموسيقى من حيث أن كل زمن طويل - = 2 = سبب خفيف يساوي زمنين قصيرين 11 = u u= (2) = سبب ثقيل ، وهو ما يبحثه الأستاذ أحمد رجائي في كتابه ( أوزان الألحان ) باسم الموصل والمفصل.

http://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/alhaan

أما الإيقاع البحري فكم ونوع أو كم وهيئة

في كمه بعض المرونة ( الزحاف )

ولا مرونة في هيئته المتمثلة بتناوب الأسباب والأوتاد، والانضباط بقوانين التخاب

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/jalt-4

أما النقطة الثانية فتتعلق بالنبر

ثمة تناظر لا تماثل بين العروض العربي ( في كمه وهيئته ) والنبر

كالتناظر الذي بين قوانين الماء والكهرباء على اختلاف طبيعة الأمرين

English is a stress-timed language, French is syllable-timed. Poets in both languages made efforts to import the quantitative metres from classical Greek and Latin. In French these attempts failed in a very short time, and became mere historical curiosities. French poetry remained with the syllabic versification system, which is congenial to a syllable-timed language. English Renaissance poets thought they succeeded in the adaptation of the quantitative metre. But they were doing something that was very different from what they thought they were doing: working in a stress timed language, they based their metre on the more or less regular alternation of stressed and unstressed syllables, and not as they thought, on the regular alternation of longer and shorter syllables. They used the same names and graphic notation for the various metres, but the system was utterly different, and well- suited to the nature of a stress-timed language

from:

https://www2.bc.edu/~richarad/lcb/fea/tsurin/compmetrics.htm

ترجمة ما تقدم

الإنجليزية لغة نبرية، والفرنسية لغة مقطعية، وقد بذل شعراء اللغتين جهدهم لاستيراد الميزان الكمي من اللغتين اليونانية الكلاسيكية واللاتينية.

ولم يمض طويل وقت حتى اتضح فشل هذه المحاولات في الفرنسية، ولم يبق منها إلا طرفتها التاريخية. وبقي الشعر الفرنسي قائما على نظام مقطعي متجانس مع تلك اللغة ذات التوقيت المقطعي.

أما الشعراء الإنجليز في عصر النهضة فقد ظنوا أنهم نجحوا في تكييف الميزان الكمي، ولكن ما كانوا يقومون به كان مختلفا عما ظنوا أنهم يقومون به، ونظرا لأنهم كانوا يتناولون لغة نبرية فقد قعّدوا ميزانهم على التبادل المنتظم – بشكل أو آخر – للمقاطع المنبورة وغير المنبورة، وليس كما وهموه تبادلا بين المقطع القصيرة 1 والطويلة 2

لقد استعملوا نفس الأسماء والرموز لكافة الأوزان ولكن النظام العروضي كان مختلفا كليا، فقد كان نبريا مناسبا للغة قائمة على النبر. [ وليس نبريا [

______

يحضرني الآن ما تقدم من جهود كل من العروضيين فايل وغالب الغول، حيث تناولا العروض العربي نبريا. أما فايل فاعتبر الوتد موضعا للنبر، واعتبر الأستاذ الغول السبب السابق للوتد موضعا له. ويبدو وجه الشبه بين محاولات العروضين الإنجليز في عصر النهضة ومحاولات من يقيمون الميزان العربي على اساس نبري جليا وإن كان معكوسا الاتجاه.

وخطر لي أن خير توصيف لذلك هو إعادة صياغة الفقرة المتقدمة على النحو التالي:

العربية لغة كمية أساسا، والإنجليزية لغة نبرية، وقد بذل بعض العروضيين جهدهم لاستيراد الميزان النبري من اللغة الإنجليزية للعربية. فأقام فايل النبر على الوتد وأقام الأستاذ الغول النبر على السبب السابق للوتد.

وهكذا ظنوا أنهم نجحوا في تكييف الميزان النبري، ولكن ما كانوا يقومون به كان مختلفا عما ظنوا أنهم يقومون به، ونظرا لأنهم كانوا يتناولون لغة كمية فقد قعّدوا ميزانهم على التبادل المنتظم – بشكل أو آخر – للأسباب والأوتاد أو المقاطع القصيرة [1] والطويلة [2] وليس كما وهموه تبادلا بين المنبور وغير المنبور.

ودليل ذلك اقتران النبر لدى كل منهم بوتد أو سبب بعينه لا يعدوه.

لقد استعملوا نفس الأسماء والرموز لكافة الأوزان ولكن النظام العروضي كان مختلفا كليا، فقد كان كميا مناسبا للغة قائمة على الكم. وليس نبريا