mudari-suleiman

أخي وأستاذي الكريم أبا إيهاب.

مسيرتي في الرقمي وتثبيت شموليته حافلة بالأخطاء وتصحيحها أولا بأول ثم بتصحيح ما ينبني عليها والتقدم إلى الأمام على هذه الوتيرة. وأكثر ما أكون مهتما بخطئي عندما يكون ذلك الخطأ متصلا بأساس من أسس الرقمي. ومقياسي في الحكم على الصواب والخطإ هو اتفاق النتائج مع عروض الخليل، وبصورة أدق عدم خروج النتائج عن مساحة عروض الخليل، بمعنى أنها إن كانت أضيق من نتائج عروض الخليل فلا يخيفني ذلك. أما إن وقعت خارج حدود الخليل فهذا ما يستدعي قلقي الشديد، الذي أحتاط له بالقول إن ناتج أي تداعيات تطبيقية تخرج عن عروض الخليل هو من الموزون لا من الشعر.

وفي استفاضة شرحي توجه لأهل الرقمي لربط الجزئي بالكلي ، ولولا ذلك لأمكنني تقديم رأيي بأقل مما ذكرت.

هنا أجد بيني وبينك تداخلا واختلافا، فأرجو أن تسمح لي بالتفكير أمامك بصوت عال كمن يشرح حال جسمه لطبيبه ليساعده على التشخيص، فقد يكون من أسباب اختلافنا خطأ مني في الفهم أو التعبير، واكتشافك له سيفيدني، خاصة وأن الوتد المفروق شأنه كالوتد المجموع ركن أساس في العروض العربي.

أعرض رأيي وفي ذهني رأيان لك ورأي لي نتفق على ثلاثتها وأظنها تصلح مرجعا لحوارنا هذا.

1- رأيك القائل:" إن القاعدة هي التي تنحاز إلى الشاهد لا العكس."

http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=53800&p=406488&viewfull=1#post406488

وبالمناسبة فهل ثمة شاهد ولو واحد في الشعر العربي على ما تفضلت به ؟

2- رأيك في التفريق بين العروضي والشاعر في قولك :" والخلاصة، أنني كنت آمل من الأخ غالب أن يقتصر في إبداعه الشعري على النظم وحده دون التنظير لهذا النظم ، وأن يترك هذه المهمة لعروضي غيره، فهو إن جمع بين المهمتين معا اتهم بما كان يتهم به الخليل بأنه يصنع الشواهد ليدلل على صدق نظريته ."

http://arood.com/vb/showpost.php?p=10189&postcount=1

3- رأيي في أن ما نتج عن أي تنظير كان وجيها أو غير ذلك وخرج عن عروض الخليل فهو من الموزون لا من الشعر.

ربما تستغرب تذكري لهذه الحوارات. ولكن لأني أحرص على اتساق الرقمي أجدني حريصا على الاحتفاظ بما يمس أسسه.

تأخرت مشاركتي هذه لوضوح الموضوع في ذهني وكثرة ملابساته في آن. والآن إلى صلب الموضوع:

القاعدة في الأسباب الثلاثة المتوالية هي ثبات السببين الأول والثالث وامتناعهما عن الزحاف، مع إمكانية زحاف الثاني أو لزوم زحافه في البحور القصيرة كالمضارع.

أجدنا هنا متفقين تماما

أما المقطع (لا) في (فاع لا تن ) فهو ليس سببا عندي وإنما جزء من وتد مجموع،

هنا نحن متفقان مع بعض التوضيح.

قولك بأن (لا ) في (فاع لاتن )جزء من وتد مجموع صحيح وأتفق معك فيه. وقولك في الفقرة السابقة المتفق مع قولي بأنها سبب ثالث ثابت في ثلاثية المضارع السببية ....مفا ( عي لن فا ) ع لاتن.... صحيح كذلك. ولا تناقض بين قوليك من حيث المضمون الذي قوامه أن (تن ) لا تزاحف.

وفي رأيي أن هذا الوتد يمكن أن يتعرض للقطع (نظريا) بحيث يصبح الضرب:

مفاعيلُ فاعلاتن ** مفاعيلُ مفعولن

3 2 [2] 2 3 2 ** 3 2 [2] 2 [3] 2

دعاني إلى سعادٍ ** دواعي هوى الغيدِ

إن كان قولك ( نظريا ) يعني أنه خارج على ما عرف من شعر العرب وأنه بالتالي لا يعتبر شعرا بل يقع في خانة الموزون فلا كبير خلاف بيننا، فالموزون يتسع لكل شيء. ولكن يبقى لي استيضاح عن تبرير التأسيس النظري للقول بالقطع في سياق الموزن طبعا بحيث يصبح الضرب: مفاعيلُ مفعولن

في التبرير النظري ( في العروض الرقمي ) لورود عجز المقتضب على 2 3 3 2 2 كما في الرابط:

http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=53800&p=406488&viewfull=1#post406488

أن عجز المقتضب = ( 2 3 3 1 3 مفعلا تمس ت علن ) ينتي ب ( تمس ت علن = 3 1 3 ) وحكمها حكم ( مفا ع لتن = 3 1 3 ) في ضرب مجزوء الوافر التني تعصب على / تتكافأ عروضيا مع ( مفا علْ تن = 3 2 2) التي تقاس عليها خاتمة المقتضب ( تمس تعْ لن = 3 2 2 )

ومقتضى هذا أن يجوز في المقتضب :

بالبيان مكتملاً ... أتتنا التباشير

2 3 3 1 3 ......3 2 3 2 2

فيحصل لدينا من هذا ومن قولك :

من المقتضب : دعاني إلى أمَلٍ** دواعي هوى الغيدِ

من المضارع : دعاني إلى سعادٍ ** دواعي هوى الغيدِ

تشابه البحور وتقاطعها معروف ولا مأخذ من هذه الناحية على هذا التقاطع ولكن ومن وجهة نظر الرقمي فإن ذلك يعني

المساواة في العجز بين أصل كل من العجزين 3 2 3 2 2 فلنقارن بينهما في الجدول التالي

المنطقة المظللة لا تغيير فيها أبدا .

منطقة الحصول على 3 2 2 في نهاية المقتضب تبينها المنطقة المحاطة بإطار سميك وأساسها وجوب زحاف [تف]

حيث يحصل لدينا

تمس ت علن = 3 1 3 التي بعد الأوثق ينظر إليها على أنها 3 1 3 تؤول بالتخاب إلى 3 2 2

الآن سأحاول الحصول على 3 2 2 من المضارع بمنطق الرقمي

الحصول عليها من المضارع يقتضي التغييرات التي في السطر السفلي :

أي الحصول على ( فعلاتن 1 3 2) من .....فاع لاتن ....أو .....]فا[علاتن .....ومن ثم تؤول بالتخاب إلى 2 2 2 المسبوقة بالمتحرك ف 1 لتصبح 1 2 2 2 = 3 2 2 ونقطة الضعف القاتلة هنا هي زحاف ]فا[ وهي بداية السبب الثقيل كما تفضلت.

وهنا مجال لقولين :

1- يفشل الرقمي في تخريج انتهاء المضارع ب 3 2 2 وفق منهجه.

2- لا يجوز حسب منهج الرقمي إنتهاء المضارع ب 3 2 2

لو كان حديث لك دون سواك لكفى في تبيان وجهة نظري أن أقول إنك بتجويزك في عجز المضارع أن يأتي على

( مفاعيلُ فعْلاتن = 3 2 3 2 2 ) قد ساويت بين فاع لاتن و فاعلاتن أو بين الوتد المفروق والمجموع. ولكن حديثي التفصيلي موجه لأهل الرقمي لربط تفاصيل الجزئيات بأصل المنهج.

في ظل ما تقدم أتوقع أحد أمرين

الأول : أن تكون قد وجدت كلامي مقنعا

الثاني : أن يكون فيه خطأ فتبينه. ومن ثم تبين منطلق قولك : وفي رأيي أن هذا الوتد يمكن أن يتعرض للقطع (نظريا)

فهذا قول خارج عن منهج الخليل والأخذ به بمعزل عن منهج متكامل يفسر العروض ويتفق في نتائجه مع الخليل وارد من سواك. أما منك فلا أرضى إلا أن يكون جزءًا من كل. فهل ثمة كلٌّ جديد لديك يأتي هذا التفصيل في سياقه ؟

والله يرعاك.