dr.kamal.abu.deeeb

مع د. كمال أبو ديب

لم يسبق لي أن اطلعت على كتاب د. كمال أبو ديب واسمه في ثلاثة سطور كالتالي :

في البنية الإيقاعية للشعر العربي

نحو بديل جذري لعروض الخليل

مقدمة في علم الإيقاع المقارن

وإنما اطلعت على بعض ما كتب عنه، وها هو الآن بين يدي من الرابط :

http://uqu.edu.sa/files2/tiny_mce/plugins/filemanager/files/4290561/100/aaa209.pdf

ومنه اقتبست وإلى أرقام صفحاته أشرت.

أثار اندهاشي التشابه الكبير جدا بين مضمون بدايته والعروض الرقمي من جهة والتناقض الكامل بين توجهه وتوجه العروض الرقمي، ومن ثمّ اختلاف مآليهما من جهة أخرى حيث نص السطر الثاني من عنوانه ( نحو بديل جذري لعروض الخليل). في حين يفترض ان المقدمات المتشابهة تؤدي إلى نتائج متشابه، فلم تناقضت نتيجتا المقدمة ذاتها تقريبا؟

وهذه فقرات من البداية ، ويظهر التوافق الكبير بين معطياتها والرقمي

(ص-44) :" كان العقل الذي اهتدى أولا الى ادراك التشكيلات الايقاعية وأنماطها في القرن الثاني للهجرة، عقلا مكتـنها مثقبا، يعود الى الجذور وامتاز هذا العقل بسمتين قد تكونان ألصق السجايا بالعقل المبدع الكاشف، القدرة الفائقة على الملاحظة الدقيقة والاستقصاءالمتيقن الحذر والقدرة المماثلة على حدس وجود النماذج والأنماط المتكررة الحدوث بين الركام الهائل من الوحدات المحللة ثم التمكن من صياغة نظام نظري قادر على وصف هذه الأنماط واحتوائها.

وسواء كان الخليل بن أحمد العقل البارع الفذ قد وصل إلى اكتشاف نماذج الإيقاع عبر الإلهام او الحس الموسيقي المرهف فإنه لم يكتف بما يأتي عن طريق هاتين الظاهرتين من حدس وإدراك عام وإنما قدّم تحليلا عميقا أعطاه صفة شمولة وابعادا ذات انتظام رياضي واضح.

وأود هنا أن اسند أهمية كبيرة لهذه الحقيقة – حقيقة كون عمل الخليل تعميما ذا قواعد نظرية وابعاد رياضية ارتكز على استقراء نسبة معينة – لا شك أنها كانت عالية – من الانتاج الشعري الذي عرفه.

يتضمن هذا التقرير نقطتين ينبغي أن تؤكدا :.

أولا : أن الخليل قام بمحاولة توصيف نماذج الإيقاع ووحداته المكونة كما بدت له ، ولم يقدم تقعيدا علميا لما يجب أن يكون عليه الإيقاع في الشعر العربي

ثانيا: أنه افترض وجود مركبات أساسية خلق باعتمادها بناء نظريا منتظما شموليا لم يشترط في معطياته الحتمية أن تكون دائما صورة وصفية للمعطيات الحقيقية التي أنتجتها الفاعلية الشعرية في نشاطهاالخلاق.

(ص-45) :" من الصعب الحدس بما كان يكون عليه العقل العربي الآن – والثقافة العربية والحياة العربية – لو أن المناهج التي استهدفت الكشف والعودة إلى الجذور والوصف الموضوعي المتعاطف لم تجمد في قوالب فارغة إلا من مصطلحات ضئيلة الجدوى. لكنما قد لا يكون من الصعوبة بمكان عظيم ان ندرك أن تحجر معالم الوحدات الإيقاعية التي ابتدعها الخليل في أطر شكلية جاهزة قد أدّى إلى وضع مزْرٍ فقد فيه العقل العربي الاهتمام بتحليل الإيقاع الشعري نفسه.

هذه الفقرة في غاية الأهمية. لكأـنه يتكلم عن اقتصار الناس على العروض بمصطلحاتية التجزيئية دون ربطها بمنهج الخليل الذي لم يُلتفت إليه كما ينبغي. ثم هو يربط ذلك بالعقل العربي في حيويته وخموله فكأنه يشير إلى أن العروض وتناوله مقياس ومؤشر إلى حال العقل العربي، مع أن الصياغة تحتمل أن العقل العربي كان سيرتقي بالعروض لو تناوله بشكل منهجي شامل. وأن تناول العروض بالقوالب الفارغة أدّى بالعقل العربي عموما إلى وضع مزر.

(ص- 48) : "في لحظات من التعب الجسدي والاستكانة العقلية ابتدأ بفجائية لا تعلل إيقاع عذب ينسرب في البال، اتخذ شكلا تهويميا تحول إلى رصانة موسيقية دُدُنْ دُنْ دُدُنْ دُنْ ، فجأة ايضا انقطع النغم ليسرب من جديد بتسارع دُنْ دُدُنْ دُنْ دُدُنْ وتتابع هكذا..............

لو ترجمنا ما تقدم للغة الرقمي باعتبار ( دُنْ = 1 ه = 2 ) و ( دُدُنْ = 1 1 ه = 3 ) :

في لحظات من التعب الجسدي والاستكانة العقلية ابتدأ بفجائية لا تعلل إيقاع عذب ينسرب في البال، اتخذ شكلا تهويميا تحول إلى رصانة موسيقية 3 2 3 2 ، فجأة ايضا انقطع النغم ليسرب من جديد بتسارع 2 3 2 3 وتتابع هكذا..............

(ص – 48 ) : ببساطة مسعدةٍ يمكننا أن نرى أن الوحدتين المذكورتين ذاتهما

تتحللان إلى نواتين اعمق جذرية هما ( علن/ فا ) وأن تشكل الوحدتين يعتمد على علاقة (فا) ب (علن) من حيث التتابع الأفقي . فعولن هي إذن ( علن + فا ) بينما فاعلن هي ( فا + علن )، سوف تظهر الدراسة أن أنماط الإيقاع في الشعر العربي تنبع من علاقة هاتين النواتين التتابعية."

أليس هذا حديث الرقمي عن مفردتي العروض الرقمي 2، 3، وانظر كيف يبدو منقولا إلى الرقمي وإن كان الأمر في الرقمي أقل رومانسية :

أن الوحدتين المذكورتين ذاتهما تتحللان إلى نواتين اعمق جذرية هما ( 3/ 2 ) وأن تشكل الوحدتين يعتمد على علاقة (2) ب (3) من حيث التتابع الأفقي . فعولن هي إذن ( 3 2 ) بينما فاعلن هي ( 2 3 )، سوف تظهر الدراسة أن أنماط الإيقاع في الشعر العربي تنبع من علاقة هاتين النواتين التتابعية."

إلى هذا الحد يبلغ التقارب الشديد بين مقدمات الرقمي ومقدمات هذا الكتاب، فلماذا تناقض التوجه بينهما بحيث يؤكد الرقمي شمولية وصحة منهج الخليل فيما يرى د. كمال ما جاء به بديلا لعروض الخليل ؟

قلت في معرض تبيان مزايا الرقمي أن الرمز فيه مطابق المضمون للمرموز له، فرمز بابْ = 1 ه ه = 2 ه بينما رمز باب عند الشيخ جلال الحنفي هو 3 والرقم 3 في الرقمي هو رمز الوتد = 3 = 11ه، فتكون دلالة الرمز في الرقمي دلالة اصطلاحية وذاتية في آن، وذاتيتها أن من لم يعرف المصطلح يعرف مطابقتها للموصوف، ولكن الرمز ل بابْ بالرمز 3 ذو دلالة اصطلاحية غير ذاتية، لا بد من تعريفها لتفهم دلالتها.

الرمز ذو الدلالة الذاتية يمكنك استعماله في التمثيل البياني وما يتفرع عنه مثلا كما يمكنك توصيف شمولية علم العروض بدلالة ما تحمله الأرقام المستعملة من خواص التجاور والتناوب وإن احتجت إلى تفصيل لتفهيم ذلك شرحته مرة واحدة في معرض خصائص الإيقاع العربي دون حاجة لتكرار ذلك في كل صورة جزئية. فيما يبقى الرمز ذو الدلالة الاصطلاحية معبرا عن الصورة الشكلية للوزن دون إمكان تحميله خصائص إلا بتعريف كل خاصية في كل صورة جزئية بتعريف دلالي اصطلاحي وما مصطلحات التفاعيل وما يطرأ عليها ببعيد. والشكل التالي يمثل الناحية الاصطلاحية الشكلية لكل من العروضين الرقمي وما يمكننا تسميته بالبيطري في وصف مجزوء المتقارب

وإلى هنا ينتهي التشابه، لأنك في كل جزئية من جزئيات البحور تحتاح أن تفسر ما يحصل للحمل والجمل في أعجاز الأبيات وكأنك تتعامل بالتفاعيل بل هو أصعب من التفاعيل. بينما وصف خصائص الإيقاع العربي من خلال وصف خصائص الأرقام ذاتية الدلالة يغطي كافة صور البحور مرة واحدة. أطلت في هذه الناحية لأن د. كمال ابو ديب استعمل قيما رياضية اصطلاحية للرمز للهوية الوزنية شانه في ذلك شأن رمز الشيخ جلال ل بابْ بالرمز 3 وشأن عروض التفاعيل والعروض البيطري. والجدول التالي يبين رموزه مقارنة برمو الرقمي ( هو استعمل – للمتحرك و ه للساكن أو المدود وأنا سأستعمل الرمز الدارج ( / للمتحرك ) و ( ه للساكن أو المدود ).

من مدى معرفتي بقيمة الدلالة الذاتية للرمز في تلمس المضمون وليس مجرد فهمه من خلال تعريف المصطلح أزعم أن د. كمال أبو ديب لو استعمل رموز الرقمي لتأثرت نتائج بحثه بحيث اقتربت من الرقمي. لكني ألاحظ أن رموزه هو ذات الرموز الموسيقية التي استعملتها الأستاذة يسرى الأيوبي :

http://arood.com/vb/showthread.php?p=65484#post65484

**

لو عرف الرقمي :

يقول ( ص – 30 ) : " لقد حدد أبعاد تحليل الخليل لواقع الشعري مفهوم ذهني مسبق التصور هو أن القصيدة العربية حركة متكررة لتشكيل وزني مثالي قد يحدث في بيت من أبياتها وقد لا يحدث إطلاقا .......... دون أن يخطر بباله أن يغير المفهوم الذهني نفسه ليقول إن الأبيات تنتسب إلى تشكيلات مختلفة وأن القصيدة العربية بالتالي ليست حركة تكرر لتشكيل مثالي بل انتقال من تشكل إلى تشكل وتحقق لحرية فكرية مدهشة."

هل يتكلم الشاعر عن الحرية الفكرية للشاعر أم العروضي أم عالم العروض ؟ الحرية الفكرية في مجال الوزن لا علاقة لها بالنسبة للشاعر والعروضي، وطرحها وارد بالنسبة لتفكير عالم العروض فقط.

يبدو لي الفرق بين ( تشكيل وزني مثالي ذي صور متعددة ) و ( أو انتقال من تشكل إلى تشكل ) فرقا في شكل التعبير غير ذي علاقة بالمضمون. ومن يعرف موضوع ( الكم والهيئة ) يلمس ذلك. ثم إن تفحص ما يقوله في الفقرة التالية يرجح من حيث الشكل اعتبار الخليل لأبيات القصيدة على أنها صور متعددة لجوهر واحد.

يقول ( ص-31) :" حين وجد الخليل مثلا البيتين التاليين في قصيدة عنترة [ وأضيف البيت الثالث] :

أ.- إني امرؤ من خير عبس منصبي شطري وأحمي سائري بالمنصل

ب. – وإذا الكتيبة أحجمت وتلاحمت ألفيتُ خيرا من معمٍّ مُخْولِ

جـ - والخيل تعلم والفوارس أنني فرقت جمعهم بطعنة فيصل

أخضع البيتين لتحليل يبلور مفهومه الذهني الأصيل عن كون القصيدة تحققا في كل بيت لتشكل وزني وحيد فنسب (ب) للكامل، ثم حلّل (أ) ورغم أنه وجده ينتسب إلى بحر آخر من حيث تركيبه الفعلي، فقد رفض تقبل ذلك، واعتبر الثاني أيضا من الكامل، ثم برر عمله بصياغة مبدإ نظري شمولي الانطباق هو أن الكامل يمكن أن يكتسب عبر الزحاف الصورة (2 2 3 مستفعلن × 6)، ورغم أن هذا يحول عمليا إلى استحالة التمييز بين الرجز وصور من صور الكامل، فقد قبل الخليل مبدأه النظري مفضلا ذلك على التخلي عن مفهومه الذهني."

فلنضع وزن البيتين بالصيغة الرقمية

1.- قد يفهم من كلام الكاتب أن هناك وحدتين للتشكل على مستوى الشطر إحداهما (2) 2 3 مكررة ثلاث مرات والأخرى 2 2 3 مكررة 3 مرات، ولكن البيت الثالث ينفي التشكيل على مستوى الشطر ويبقيه على مستوى السبب الأول من الفاصلة فمرة يأتي (2) وأخرى يأتي 2، هما في الواقع وجها السبب الخببي 2 كما في الصورة ( د ) من الجدول أعلاه.

2.- أليس هذا الفهم النظري مطابقا لواقع أن الرجز ( بغير زحاف وبدون خاتمة الضرب 3 3 2 ) هو فعلا صورة من صور الكامل ؟ ولا أفهم الحديث عن النبر في هذا الباب. هب أن قصيدة من مائة بيت ، تتكرر فيها كلها 2 2 3 فاعتبرت من الرجز ثم اكتشف مخطوط يحوي بيتا جديدا وردت فيه (2) 2 3 مرة واحدة، فإن القصيدة تتغير هويتها من الرجز إلى الكامل، فهل تغير النبر في القصيدة باكتشاف البيت الجديد.

لعل الكاتب لو اطلع على هذا في سياق الرقمي لعدل من موقفه.

نرى تقاطعا مع الرقمي لا يخلو بعضه من توافق في الإضمار والخبب والقطع كما يلي ( ص- 106):

أ.- يرفض الكاتب أن يعتبر الإضمار زحافا ويقول بصدد البيت :

أهل الخورنق والسدير وبارق والبيت ذي الكعبات من سنداد

ويرى أن العروض التقليدي يعتبر أن متْفاعلن 2 2 3 آتية من متَفاعلن (2) 2 3 ويضيف " ثم لا يكتفي بل يعطي الحادث الموهوم إسما فيقول إنه الإضمار" وهنا اتفاق من نوع ما مع الرقمي الذي يرى أن سبب الفاصلة الأول 2 سبب خببي ذو وجهين أصيلين خفيف 2 وثقيل (2) وليس أي منهما متحولا عن الآخر.

ب.- يرفض تسمية 2 2 2 في آخر ضرب الكامل بالتفعيلة قائلا :" والخليل يخبرنا أن التفعيلة لا تخلو من وتد " وفي هذا رفض لتعبير تفعيلة الخبب وبالتالي لاعتبار الخبب بحرا، وكما نعلم فهو إيقاع مستقل.

جـ.- يرفض القول بتحول 2 2 3 إلى 2 2 2 عبر ما يسمى بالقطع الذي ينقل تعريف العروضيين له بأنه "أذهب آخر السواكن من 2 2 3 = 2 2 11ه ثم أسكن آخر المتحركات" ويعلق قائلا " وهذا لم يعد العقل العربي - على الأقل عقل كاتب هذه السطور- قادرا على تصديقه." ثم يمضي إلى القول:" ولو أن العقل العربي كان قد اضاع جزءا من براعته التي اظهرها في البحث عن الأشياء التي اختفت بقدرة قادر، عن طريق الزحافات والعلل، على استكناه طبيعة النُّوى في عناصر الطبيعة لما كان مستبعدا أن يكون وصل إلى نتائج مهمة في الفيزياء النووية، قبل أن يسبقه إليها الآخرون، والكاتب هنا جاد كل الجد، وليس فيما يقال محاولة للهزء على الإطلاق. "

ماذا سيقول الكاتب لو اطلع على رواية التخاب والحديث عن تحول 2 2 3 إلى 2 2 2 عبر توصيفه كنظير للتغير الكيماوي في مقابل تناظر تعريف القطع مع التغير الفيزيائي. لا أشك أن ثمة اختلافا سيكون بين رأيه في حال نظره إلى هذا الرأي منفردا، ورأيه لو نظر إليه في السياق العام للرقمي.

**

حول السريع - يقول د. كمال أبو ديب في مقتطفات تصرفت فيها بأدنى حد ممكن :

( ص ص – 119- 124) : وأصَرّ أكثر من باحث على أن السريع له الشكل التالي فقط : مستفعلن مستفعلن + ( فاعلن أو فاعلانْ )= 4 3 4 3 + ( 2 3 أو 2 3 ه) وأن الصورة التي أعطاه إياها الخليل وهمية مستفعلن مستفعلن مفعولاتُ = 4 3 4 3 4 2 1 . لكن من الواضح في الوقت نفسه أن هؤلاء الدارسين ليسوا على حق في إنكار وجود التشكيل 4 3 4 3 6 1 في الشعر العربي ولا يحل اللبس هنا إلا بالتمييز بين البحرين، ويقترح هذا الكاتب إعطاء اسم

السريع المثقل للتشكيل المثقل : مستقعلن مستفعلن مفعولات = 4 3 4 3 4 2 2 2 ه

وإعطاء اسم السريع للتشكيل : مستفعلن مستفعلن مفْعُلا = 4 3 4 3 2 1 2

ويضيف:" يرجح أن الخليل شعر حين قراءته هذه الأبيات أن إيقاعها يختلف عن إيقاع الرجز، وأنه متوحد بإيقاع السريع مع أنها من الزاوية الكمية متحدة الهوية بتركيب شطر من مشطور الرجز ولا بد أن طبيعة الإيقاع تعود إلى النبر الذي يتوفر في الأبيات موضع المناقشة

ويحي قتيلا ما له من عقل

بشادن يهتز مثل النصل

مكحل ما مسه من كحل

لا تعذلاني إنني في شغل

يا صاحبي رحلي أقلا عذلي

لا شك أن كثيرين من الدارسين قد يجدون حلا بسيطا للمشكلة ويقولون " الخليل فعل ذلك اعتباطا وعلينا أن ننسب الأبيات للرجز والخليل أخطأ وكل إنسان يخطئ "

لكن هذه الطريقة ليست أكثر من تهرب في مواجهة القضايا الأساسية الجذرية في إيقاع الشعر العربي وفي نظام الخليل. كما أنها تنبع من ميل إلى اتهام عمل الخليل بالاعتباطية والتسرع لا يستند إلى أي أساس علمي. والخليل عالم ذو منهج رائع وعقل فذ واتهامه بهذه المجانية والسهولة شيء ينبغي أن يتخوف عقل الباحث المعاصر منه، لا إجلالا لقدسية، ولا خضوعا أمام التراث لمجرد أنه تراث، وإنما لسبب بسيط جدا، هو أن كل شيء في منهج الخليل يدل على منهجية محكمة، ويجلو عبقرية فريدة، ولأن لعمله أبعادا عميقة مدهشة قد لا نفهمها الآن، ولكن ذلك قد لا يعود إلى اعتباطيتها بقدر ما يعود إلى قصور ملكات الاستكناه والبحث المتعمق الجاد عندنا، وقصور مناهج البحث التي نتبعها، وفي كلتا الحالتين يظل الانتظار والتنقيب المتعمق لا الاتهام المتسرع أفضل ما يمكن أن نقوم به إزاء مثل هذا العقل المتفرد "

إنتهى التقل

سبحان الله كيف يجيء هذا الوصف المنصف من رجل يفيد عنون بحثه بأنه " نحو بديل لعروض الخليل " ثم نجده صلبا في إنصاف الخليل وتقدير عبقريته ومنهجه وسبقه الأزمان فيهما. وإن أقواله منحتني من الثقة في الرقمي الكثير الكثير الذي لا يقل عما أعطتنيه عبارة الأستاذ ميشيل أديب :" " وأكثر ما يعيب كتب العروض القديمة والحديثة، أنها، على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف الخليل عن أسرارها، لم تحاول تحليل العملية الذهنية لتي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه القمَّةالرياضية التي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ ."وهو ما سأتناوله بإذن الله في ما يتبع.

**

عبثية نظام الخليل ؟؟

يقول الكاتب ( ص- 68) :" وتبدو عبثية نظام الخليل حين يضطر إلى التفريق بين الوحدات الحركية المتحدة الهوية، والتفريق بين الزحافات الممكنة فيها. المثل الأعلى على هذا هو القول بأن التتابع الحركي 1ه1ه11ه قد يكون مؤلفا من

1ه- 1ه1-1ه = 2 – 2 1 – 2 أو من 1ه – 1ه – 11ه = 2-2 – 21 . يبلغ الأمر ذروة الاستحالة حين يمضي العروضيون ليقولوا إن ما يجوز في واحد من التشكيلين ، في كل حالة، غير ما يجوز في الآخر. هذا العبث المطلق يشعر بأن العروضيين ينسون أن ما يحللونه هو كلمة أو تعبير عربي له شكل واحد وواحد فقط. والأمثلة على ذلك كثيرة.

للوصول إلى نتيجة علمية يقتضي وجود حقائق عليمة والربط بينها بطريقة علمية. من الأحاجي الرياضية استعمال بعض المعادلات المنطقية لإثبات أن الرقم 1= 2 ويتم ذلك عن طريق مغالطة تخفى بين سطور المعادلات. وهذا ما وقع أستاذنا فيه من عبث مطلق في مسألة حسب أن العروضيين هم من وقع في مثله.

اتفق معه في أن كلمة ( أصحابه ) لها نفس الخصائص في أي بحر وردت. فلنتأمل الأبيات التالية :

1.- عبد الرحمن السويدي :

فما له ذهبت أصحابه وعَفَت آثاره وخَوَت منه أعاليهِ

2.-الحسين الزهراء

وأصحابه منهم كلام بصومه كما ينبغى في غير مقت ولا هجر

3.- بطرس كرامة :

سهلٌ على أصحابه لينٌ صعب على أعدائه لا يلين

4.- أبو العتاهية :

فَما يَحرِمُ العَجزُ أَصحابَهُ وَلا يُرزَقُ المالَ مَن يَجهَدُ

أتفق معه أن كلمة أصحابه = أص حا بهو= 1ه – 1ه - = 2 2 3 في الأبيات جميعا لها نفس الخصائص الذاتية من كل وجه. ولكن

لنحاول أن نضع مكانها كلمة صِحابه ونرى النتيجة:

في العمود ( أ ) كلمة أصحابه هي محور الحديث وهي واحدة بكل مزاها الذاتية رغم اختلاف وزنها التفعلي، في العمود (ب) نرى أنه يجوز أحيانا أن تحل كلمة ( صحابه 3 3 ) مكان ( أصحابه 4 3 ) وأحيانا لا يجوز ذلك. العمود ( ب ) موضوعه المزايا السياقية (التفعيلية) لكلمة أصحابه. المغالطة التي وقع فيها أستاذنا هي توظيف صحة العمود ( أ ) لتقرير صحة العمود ( ب ). الحديث في العمود ( أ ) كان عن ذات كلمة ( أصحابه )، أماالحديث في ( ب ) فهو عن الوزن ( التفعيلي )

فلنأت إلى عين ما ذكره حول مستفعلن = 2 2 21 و مستفع لن = 2 12 2

من السريع لحسن عبد الباقي الموصلي :

أهيم في أقطارها ناشرا ما كانت الآراء بي طاويه

من الخفيف للوزير الأصرم:

طلعت منك نفحة فاسرت إِذ سرت في أقطارها جوّابهْ

أقطارها في البيتين لها ذات الخصائص الذاتية، وأما الخصائص السياقية ( التفعيلية ) فمختلفة. فيصح في البيت الأول أن تحل ( أقطرها = مستعلن = 1ه 1 11ه = 2 1 3 ) محل أقطارها = 1ه 1ه 11ه = 2 2 3 = مس تف علن

ولا يصح في البيت الثاني أن تحل ( أقطرها مستع لن 1ه -11- 1ه ) محل ( أقطارها = مستفع لن= 1ه - 1ه1 -1ه ). والواقع الشعري يثبت هذا ، وأما الأمثلة الكثيرة التي ذكرها فهي أمثلة على مغالطاته الكثيره.

**

نواصل الرحلة مع التباين المحير في كلامه.

**

آخذا بعين الاعتبار هذا التباين في دفاع د. كمال عن منهج الخليل وتقديمه كتابه في سياق بديل جذري لعروض الخليل سأحاول استكناه موقفه وتفكيره وتداعياتهما في ضوء معطيات العروض الرقمي. وهي مقاربة استقرائية تبين وجهة نظري بما قد يكون فيها من احتمالات الصواب والخطأ.

لا يمكن أن ينصرف كلام د. كمال في الفقرتين التاليتين إلى ذات الموضوع :

أ.- كل شيء في منهج الخليل يدل على منهجية محكمة

ب - تحجر معالم الوحدات الإيقاعية التي ابتدعها الخليل في أطر شكلية جاهزة قد أدّى إلى وضع مزْرٍ فقد فيه العقل العربي الاهتمام بتحليل الإيقاع الشعري نفسه.

وإذن فهو مع المنهج وضد الوحدات الإيقاعية التي تحجرت، وهذا يتطابق مع موقف الرقمي تماما قبل الاهتداء فيه إلى التمييز بين العروض وعلم العروض حيث كتبت " جناية التفاعيل على عروض الخليل ". وبعد وضوح الفارق عندي بين (العروض) و(علم العروض) بت أرى أن التفاعيل تناسب العروض ولكنها تؤدي إلى الضياع إذا استعملت في مجال (علم العروض).

ثم نرى الاتفاق التام في اعتماد الرقمين 2 و3 منطلقا. وهذه الخطوات التي أحدس أنه قد مر بها في إثبات صحة انتماء السريع لدائرة ( د- المشتبه):

أ.- يعتقد الرجل بصحة موقف الخليل ثقة منه بعبقرية الخليل ومنهجيته، كما تواجهه منطقية نسبة الوزن 4 3 4 3 4 2 إلى الرجز، فكيف يتصرف ؟

ب.- لا بد إذن من مقياس جديد غير مجرد الرمز التفعيلي، ولا يجد أمامه من جديد يعينه إلا النبر

جـ.- يعلم أن النبر من سمات العروض الإنجليزي وهو لا يناسب العروض العربي، ولذا لا بد قبل الاستعانة بالنبر من تبديد هذا المفهوم، فيقول : http://www.nizwa.com/articles.php?id=873

"ثمة مرحلة في تطور الشعر العربي، سبقت عصر الخليل... كان الشعر فيها قائما على النبر.. ثم استمر الشعر بعد دخوله مرحلة الايقاع النووي، ابتداء من الشنفرى وامريء القيس يستقي انتظامه من المكونات الوتد - سببية بالدرجة الأولى, خمسة عشر قرنا على الأقل. ورغم بروز حركة تجديد واعية قاصدة في العصر العباسي، لم تتغير مفاهيم الفواعل الايقاعية في الشعر. ورغم انفجار حركة ثورة فعلية في العقود الثلاثة الأخيرة, فإن ماطرا من تغيير, على هذا الصعيد لا يزال طفيفا لا تناول البنية الايقاعية بشكل جذري، هل ينبغي إذن آن نعيد كتابة تاريخ الشعر العربي على ضوء ما يقال هنا، باحثين عن النماذج التي قد تكون سلمت من "تصحيح " الرواة ؟ آو لم يصدق أبو عمر بن العلاء حين قال إن أكثر ما قالته العرب من الشعر ضاع؟"

على صعيد أخر... أليس من الطبيعي, والممكن أن نعيد للشعر العربي بعضا من حيويته الأساسية وحيويته الجوهرية بأن نعيد خلق إيقاعه النابع من النبر ونفكه من اسار صيغ التركيب الصوتي والتتابعات الوتد _ سببته الصارمة في تطلبها للتعادل الحركي؟ سؤال جذري ثالث لباحثين يأتون, لكنما هو، بالدرجة الأولى سؤال لشعراء يأتون "

سبحان الله، كيف يقرر الكاتب بقوة وثقة أن الشعر العربي قام في مرحلة ما على النبر ؟ ليسوغ العودة إلى جذور من الوهم.

أين الأسلوب العلمي الذي تحلى به ؟ وإذا قلت أنا " إن الشعر العربي لم يقم في يوم على النبر " فما الحكم بيني وبينه ؟ أترى هل دعته الحاجة إلى وسيلة أية وسيلة لينفذ إلى منهج الخليل متحررا من صيغ وقوالب العروض فلم يجد وسيلة إلا النبر وكان لا بد له من اعتساف هذه المقولة بشكل لا أراه يليق بقدره.

وأترك القارئ مع هذه الفقرة المترجمة عن الرابط أدناه ليحكم بينها وبين دعوى د. كمال.

https://www2.bc.edu/~richarad/lcb/fea/tsurin/compmetrics.html

وخطر لي أن خير توصيف لذلك ترجمة لمقتطف من الرابط أعلاه

الإنجليزية لغة نبرية، والفرنسية لغة مقطعية، وقد بذل شعراء اللغتين جهدهم لاستيراد الميزان الكمي من اللغتين اليونانية الكلاسيكية واللاتينية.

ولم يمض طويل وقت حتى اتضح فشل هذه المحاولات في الفرنسية، ولم يبق منها إلا طرفتها التاريخية. وبقي الشعر الفرنسي قائما على نظام مقطعي متجانس مع تلك اللغة ذات التوقيت المقطعي.

أما الشعراء الإنجليز في عصر النهضة فقد ظنوا أنهم نجحوا في تكييف الميزان الكمي، ولكن ما كانوا يقومون به كان مختلفا عما ظنوا أنهم يقومون به، ونظرا لأنهم كانوا يتناولون لغة نبرية فقد قعّدوا ميزانهم على التبادل المنتظم – بشكل أو آخر – للمقاطع المنبورة وغير المنبورة، وليس كما وهموه تبادلا بين المقطع القصيرة [1] والطويلة [2] . لقد استعملوا نفس الأسماء والرموز لكافة الأوزان ولكن النظام العروضي كان مختلفا كليا، فقد كان نبريا مناسبا للغة قائمة على النبر. [ وليس كميا ]

*

يحضرني الآن ما تقدم من جهود كل من العروضيين فايل وغالب الغول، حيث تناولا العروض العربي نبريا. أما فايل فاعتبر الوتد موضعا للنبر، واعتبر الأستاذ الغول السبب السابق للوتد موضعا له. ويبدو وجه الشبه بين محاولات العروضين الإنجليز في عصر النهضة ومحاولات من يقيمون الميزان العربي على اساس نبري جليا وإن كان معكوسا الاتجاه. هو إعادة صياغة الفقرة المتقدمة على النحو التالي:

العربية لغة كمية أساسا، والإنجليزية لغة نبرية، وقد بذل بعض العروضيين جهدهم لاستيراد الميزان النبري من اللغة الإنجليزية للعربية. فأقام فايل النبر على الوتد وأقام الأستاذ الغول النبر على السبب السابق للوتد.

وهكذا ظنوا أنهم نجحوا في تكييف الميزان النبري، ولكن ما كانوا يقومون به كان مختلفا عما ظنوا أنهم يقومون به، ونظرا لأنهم كانوا يتناولون لغة كمية فقد قعّدوا ميزانهم على التبادل المنتظم – بشكل أو آخر – للأسباب والأوتاد أو المقاطع القصيرة [1] والطويلة [2] وليس كما وهموه تبادلا بين المنبور وغير المنبور.

لقد استعملوا نفس الأسماء والرموز لكافة الأوزان ولكن النظام العروضي كان مختلفا كليا، فقد كان كميا مناسبا للغة قائمة على الكم. [ وليس نبريا]

ودليل ذلك اقتران النبر لدى كل منهم بوتد أو سبب بعينه لا يعدوه. واختلاف عالمين على موقع النبر يدل على أن صلته بالوزن في العربية صلة ذاتية وليست موضوعية. فلا يختلف اثنان على موضع الحركة والسكون مثلا لأن الأمر موضوعي، وإن اختلفا فثمة موضوعية تحكم بينهما. وليس الأمر كذلك في حالة علاقة النبر بالوزن. وهب أن أحد الرأيين صحيح والآخر خطأ فإن ربط النبر بمقطع محدد يعني أنه متأثر بالعروض لا مؤثر فيه فهو كالظل للشيء لا يؤثر في الشيء بل يتأثر به.

**

ولا يلبث هذا المنحى الذرائعي أن يجرف كاتبنا في تياره حيث يقول:

«لعل التفريقَ المطروحَ هنا بين هذين النوعين من الأنظمة ما يقوم على مزدوجةٍ أساسيةٍ وما لا يقوم على مزودجة، أن يكونَ أسلَمَ، وأصدقَ، وأعمقَ إيجابيةً من التفريق التقليدي الشائع في الدراسات العالمية بين الأنظمة التي تقوم على الْكَمِّ Quantity، والأنظمة التي تقوم على النَّبْر Dynamic stress. ومن الشيق أنّ الرأيَ الشائع يصف ما يقوم على النبر بأنه قائم على خاصة كيفية Quality. وهكذا يقابل نوعين من الأنظمة: كمي وكيفي Quantitative – Qualitative لكن هذا الكاتب يود أن يُشكِّك في شرعية هذه المقابلة، ويؤمنُ بأن أساسها أساس وهمي لا مُسَوِّغ له. ذلك أن الاستغراق الزمني (الذي يشكِّل عماد الأنظمة الكمية) هو في الواقع خصيصة كيفية، وليس هناك من مبرر دقيق لتسمية النبر خاصةً كيفية، ووصفِ الاستغراق الزمني بأنه خاصة غير كيفية مناقضة للأولى. الاستغراق الزمني هو خاصَّةٌ كيفيةٌ تماما كالنبر (...) إننا في وضع جديد يسمح لنا بإلغاء التفريق الزائف، والمقابلة الخاطئة. ولقد أظهرت هذه الدراسةُ أن النظامَ اليوناني ( الذي يُفترض أنه كَمِّي )، والنظامَ الإنجليزي ( الذي يقوم على النبر)، لهما الأسسُ الإيقاعية ذاتُها، ويشتركان في أصولٍ أكثرَ جذرية من أن تُهمل. وفي هذا دليل على أن المقابلة بين الكَمِّ والكَيْفِ خاطئةٌ. ولذلك نقترح هنا المقابلةَ الجديدة بين ما يعتمد من الأنظمة على مزدوجة أساسية، وبين ما لا يعتمد على مزدوجة"

هنا نقطتان

الأولى تتعلق بالعلاقة بين الإيقاعين الخببي والبحري

فإيقاع الخبب كمّ وبعض هيئة على الهيئة وهو يشترك مع الموسيقى من حيث أن كل زمن طويل - = 2 = سبب خفيف يساوي زمنين قصيرين 11 = u u= (2) = سبب ثقيل ، وهو ما يبحثه الأستاذ أحمد رجائي في كتابه (أوزان الألحان ) باسم الموصل والمفصل.

tp://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/alhaanht

أما الإيقاع البحري فكم يهيمن على الهيئة

في كمه بعض المرونة ( الزحاف )

ولا مرونة في هيئته المتمثلة بتناوب الأسباب والأوتاد، والانضباط بقوانين التخاب

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/jalt-4

https://www.youtube.com/watch?v=kZHvWTQx5cE

https://sites.google.com/site/alarood/kam-wa-hayaah

أما النقطة الثانية فتتعلق بالنبر

ثمة تناظر لا تماثل بين العروضين اليوناني ( في كمه) والنجليزي ( في نبره )

كالتناظر الذي بين قوانين الماء والكهرباء على اختلاف طبيعة الأمرين

أما العروض العربي فإنه وإن اتفق مع العروض اليوناني في الكم إلا أنه يتميز عنه بالهيئة وهي فيه تهيمن على الكم.

**

هل يتوقف إنجراف الأستاذ عند هذا الحد ؟ كلا . فهو يتواصل إلى أن يصل إلى الحد الذي يسوّق فيه لتطعيم الفصحى بالدارجة من نحو استعمال ( حاتمْ ) ساكنة في الحشو. وساحاول الحصول على الكتاب فليس البحث سهلا في ملف بي دي إف.، وأنوي تعديل بعض ما في هذا الموضوع بعد حصولي عليه بإذن الله.

********************

الخلاصة

استاذنا مفكر عرف قدر تفكير الخليل ومنهجيته وعبقريته وأراد الدخول إليها أي أراد العبور من (العروض) ذي القوالب التجزيئية الشاملة إلى ( علم العروض ) بطلاقته وشموليته فلم تسعفه التفاعيل بل وقفت بحدودها وجمودها عائقا أمامه.

ومما دعاه إلى ذلك وقوفه أمام ما ندعوه في الرقمي موضوعي الخبب والتخاب.

فالتمس ما يعينه فلم يجد أمامه إلا النبر، فلما لجأ له – والنبر موجود في العربية ولكن لا علاقة له بالوزن - استدرجه النبر بمفهومه دوره في الشعر الانجليزي إلى مقولات خارجة عن طبيعة العربية وهذا ما أدّى به إلى تبني آراء شارك فيها سواه ممن قاربوا العربية بأدوات لا تصلح لها، فانتهى إلى غير ما بدا به.

وأجزم أن استاذنا لو ألم بالرقمي قبل كتابه لتأثر به ولاتخذ كتابه منحى آخر.

وهنا ينبعي أن لا يعيب عن الذهن أن ما في الرقمي من صواب فمرجعه للخليل. وما قد يكون فيه من خطأ فلسوء فهم مني لمنهج الخليل. الرقمي ليس أكثر من وسيلة لإيضاح منهج الخليل الذي أهملته الأمة.

الهدف

أهدف من هذا الموضوع إلى

1.- وضع بحث أستاذنا تحت مجهر الفكر والنقد لما فيه صالح العربية. ففي الإشارات العديدة التي قرأتها عنه لم اجد أحدا انتقده أو حاوره ، والواقع أن هذا اتجاه يغلب على العروضيين . وكما لا يخفى فبحث استاذنا في (علم العروض) وليس في (العروض)

2.- لعل أحدا ما – وأهل الرقمي مؤهلون لذلك – يتشجع فيتناول في مؤلَّف أحد موضوعين

أ – تناول نقد الكتاب في ضوء الرقمي

ب – تقمص شخصية المؤلف وإعادة كتابة الكتاب من جديد بعقلية مؤلفه بعد هضم الرقمي .

3.- لعل أستاذنا يطلع على هذا الموضوع – وقد كتبت له عنه – فيثريه تقويما وتقييما. ويمحص الرقمي فيكون بذلك قد فتح فصلا جديدا منيرا في العروض الرقمي

************

غني عن الذكر أن ما نشرته هنا ككل مواضيع الرقمي اجتهاد وتفكير بصوت عال، لا يخلو من الصواب والخطأ ويرتقي بالنقد والحوار.

الموضوع نشر على الروابط التالية ويفترض أن يتم الحوار حوله فيها :

http://arood.com/vb/showthread.php?goto=newpost&t=5469

http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=78914

http://www.rabitat-alwaha.net/moltaqa/showthread.php?t=67874

صفحة استاذنا على الفيس بك :

https://www.facebook.com/kabudeeb1?fref=ts