المقتضب

المقتضب

http://thopaiti.8m.net/b-11.htm

قال الخليل : سمى بذلك لأنه اقتضب من الشعر ، أى اقتطع منه . وقيل لأنه اقتضب من المنسرح.

وأصل بنائه على الدائرة على ستة أجزاء :

مفعولاتُ-مستفعلن-مستفعلن ... فى كل شطر .

ولم يذكر له العروضيون سوى عروض واحدة مطوية مجزوءة وضرب واحد مطوى مجزوء مثلها . ومثاله:

أقبلت فلاح لها عارضان كالبرد

وتقطيعه :

أقبلت فـ-لاح لها-عارضان-كلبردى

/ه//ه/-/ه///ه-/ه//ه/-/ه///ه

فاعلاتُ-مفتعلن-فاعلاتُ-مفتعلن

هذا ما عليه العروضيون ، لكن حازماً قد غيَّر فى تجزئة هذا البحر تغييراً تاماً ، حيث جعله على : فاعلن-مفاعلتن-فاعلن-مفاعلتن ... فى كل شطر ، لكنه يرى أن هذا ثقيل ، "لكثرة الأوتاد والأسباب الثقيلة وتكرر الفاصلة ووقوعها فى النهايات ... فلهذا لم يستعملوه إلا منصوفاً ، أى محذوف النصف فى كل شطر.

وحازم -كعادته- يريد أن يفرض هذه التجزئة الجديدة للمقتضب عن طريق الأدلة النابعة من التذوق البلاغي : "فهذا -الاشتقاق- هو الصحيح الذى يشهد به السماع والقياس والقوانين البلاغية"، ويدلل حازم على ذلك بالأدلة الآتية :

1. الدليل الأول : يقوم على "أنهم لم يوقعوا الوتد المفروق ولا السبب الثقيل فى نهاية جزء ... لأن قانونهم ألا يضعوا الثقيل فى النهايات ولا سيما فى أواخر الأجزاء التى هى مظان اعتمادات وتوقرات (لعلها توترات) وتقاطع أنفاس بوقفات خفية أو بينة".

ولعل أغلب التغييرات التى أحدثها حازم فى اشتقاق بعض البحور تقوم على رفضه وقوع الوتد المفروق أو السبب الثقيل فى نهايات الأجزاء ، فضلاً عن نهايات الأشطر ، وهذا رأى سديد من حازم فنهايات الأجزاء هى موضع وقفات وأماكن اعتماد لا يمكن أن تكون متحركة ، لأن فى ذلك صعوبة فى النطق والانشاء ، وحازم بهذه التجزئة الجديدة للمقتضب تخلص من هذه النقطة .

2. أن اشتقاق العروضيين لهذا البحر يجعل الزحاف لازما فى حشوه ، والواقع والعقل هنا يساندان حازما ، فالواقع هو ما عليه حازم فى اشتقاقه الجديد ، فليس من العقل العدول عنه إلى اشتقاق العروضيين الذى يقوم على التزام بعض الزحافات والتى يقول عنها العروضيون أنها لا تلزم إلا فى الأعاريض أو الضروب بغرض تنويعها .

3. أن هذا الاشتقاق الذى عليه العروضيون لا يراعى قوانين التناسب والتضارع الذى وضعها حازم طبقاً للقوانين البلاغية والتى خصصنا لها فصلاً خاصاً -بعدُ إن شاء الله- يقول :"إن قانون المراقبة الذى وضعوه فى المقتضب بين فاء "مفعولات" وواوها يلزمهم أن يقابلوا بـ"فعولات""فاعلات" على أنها من وضع التماثل … وقد وضح فى صناعة الموسيقى أن "فعولات" مضاد لـ "فاعلات" كما أن "فعولن" مضاد لـ"فاعلن" , ويتساءل حازم مستنكراً "فكيف يوضع المتضادان وضع المتماثلين فى ترتيب يقصد به تناسب المسموع".

وحاول الأستاذ محمد العلمي الرد على حازم فى هذه النقطة ، فقال : ”فهو -أى حازم- إذن يرفض الجمع فى بيت واحد من المقتضب بين "فعولات" المخبونة فى شطر و"فاعلات" المطوية فى آخر . وقد كان بإمكانه أن يرفض الجمع بين ذلك دون أن يغير التجزئة ، فيمنع مثلاً مجامعة "فعولات" لـ"فاعلات" فى بيت واحد ، أو فى القصيدة كلها، لكنه فضل تغيير التجزئة ليصل إلى هذا الهدف.

وهنا يريد الأستاذ محمد العلمي من حازم أن يضع قيوداً على الشاعر لتسلم له تجزئة العروضيين للمقتضب ، هو إذن لم يفهم مقصد حازم هنا ، إن حازماً لا يضيره الجمع بين "فاعلات" و"فعولات" بقدر ما يهمه تغيير التجزئة إلى هذا الوضع الجديد الذى يتماشى وقواعد الموسيقى وقوانين التناسب التى وضعها . ثم إنه ليس بإمكان الشاعر أن يتجنب وقوع "فاعلات" و"فعولات" فى كل بيت فضلاً عن القصيدة كلها .

وفى النهاية فإننا نرى أن هذا الاشتقاق الجديد لهذا البحر يعتبر -بحق- خلق جديد له ودعوة للشعراء إلى النظم عليه وإعطائه الحق الذى سلبه منه القدماء إلى درجة إنكارهم له ، فالأخفش أنكر أن يكون المضارع والمقتضب من شعر العرب وزعم أنه لم يسمع منهم شيئا من ذلك.

أما العروضيون المحدثون فإنهم لا ينظرون إلى المقتضب هذه النظرة ، بل أعجبوا بنغمته وحاولوا البحث له عن صور جديدة وصلت إلى أربع صور:

الأولى : فاعلن مفاعلتن فاعلن مفاعلتن

الثانية : فاعلن مفاعلتن فاعلن مفاعلْتن

الثالثة : فاعلن فعو فاعلن فعو

الرابعة : فاعلن فعو فاعلن فعولْ

ومثلوا لكل صورة بأمثلة من الشعر القديم والحديث وصلت إلى حد كبير من الجمال والروعة ، منها قول أبى نواس:

حامل الهوى تعب يستـخـفه الطرب

إن بـكـى يحق له لـيس ما به لعب

تضـحكين لاهـية والمحـب ينـتحب

تعجبين من سـقمى صحتى هى العجب

كلما انقضى سبب منك عـاد لى سبب

وتقطيع البيت الأخير :

كللمن-قضى سببن منك عا-دلىسببو

/ه//ه-//ه///ه /ه//ه-//ه///ه

فاعلن-مفاعلتن فاعلن-مفاعلتن

ومن الأمثلة قول خليل مطران :

ألـسـنا تَبَسُّمُه وهو ضاحك جزل

السرور فى فـمه والـعذاب والأجل

عينك التى نظرت منه جـاءهـا الميل

فالمسيئ غــيرهما مـا إلـيه متصـل

عـله لمـا فعلا لو تعـاقب الـعلل

وكذلك قول شوقى:

يا نديمُ خف بها لا كبابك الطرب

لا تقل عواقبها فالعواقب الأدب

تنجلى ولى خلق ينجلى وينسكب

يرقب الرفاق له كلما سرى شربوا

شاعر العزيز،وما بالقـليل ذا اللقب

وبالنظر إلى هذه النماذج –وغيرها- فإنها "كفيلة بإقناعنا بصحة نغمته ، وإحساسنا بمدى الخسارة التى يمكن أن يخسرها الشعر لو ألغى هذا البحر كما ينادى بعض الباحثين" مثل الدكتور إبراهيم أنيس الذى يقول : "فليس يكفى ورود بيت أو بيتين حتى يعد الوزن مما تستسيغه الآذان وترتاح إليه كنسج للشعر . ولا بد من شيوع الوزن وكثرة تداوله وتردده على الأسماع حتى يمكن أن يعد وزناً شعرياً معترفاً به.

ولعل هذه النماذج التى أوردناها وغيرها خير دليل للرد على الدكتور أنيس وغيره من المنكرين لهذا البحر والداعين إلى طرحه . وأخيراً فإنه إذا كانت أذن العربي القديم لم تستسغ هذا البحر فإن أذن العربي الحديث تستسيغه ، بل تستعذبه ، والدليل على ذلك الأمثلة السابقة التى صاغها المحدثون.

-------------

يعرض الدكتور الثبيتي هنا خلافا بين وجهتي نظر حول بحر المقتضب

الأولى تمثل رأي الخليل بأن وزن المقتضب هو : فاعلاتُ مفتعلن

والثانية تمثل رأي حازم القرطاجني بأن وزنه هو : فاعلن مفاعلتن

وقبل الاسترسال بودي أن أفصل قليلا قول الخليل وما يترتب عليه

وزن المقتضب 2عند الخليل = 2 2 2 3 1 3 = مفعولاتُ مستعلن

وعليه يجوز أن يأتي على صورتين متجانستين

1 2 2 3 1 3 = 3 2 3 1 3 = مفعولاتُ مستعلن = معولاتُ مستعلن

2 1 2 3 1 3 = 2 3 3 1 3 = مفعولاتُ مستعلن = مفعلاتُ مستعلن

والشاهد عليه ما عده بعضهم تأليفا من الخليل في قوله

وهنا ألون على افتراض السبب والوتد الصوتيين في الأصل مفعولاتُ مستعلن = 6 3 1 3

أتانا مبشرنا ........بالعذاب والنّذر

= 3 2 3 1 3 .......2 3 3 1 3

فقالوا بل الصواب أن يكون النص

جاءنا مبشرنا ........بالعذاب والنّذر

2 3 3 1 3 ........2 3 3 1 3

وقد رأيت أن أتناول هذا الموضوع بالعروض الرقمي، بنوع من الاستطراد الهدف منه استقصاء المساحات التي يمتد إليها العروض الرقمي، فلعل هذه المناولة تبين بعضا من النتائج التالية له.

1. الوزن الرقمي جوهر لا يتعدد، بينما تمثل التفاعيل أوصافا للشيء الواحد قابلة للتعدد

2. كونه يختصر طريق التعبير

3. يفتح آفاقا جديدة في النظر إلى مواضيع العروض.

4. بيان الخطأ بعض الصيغ التفعيلية، والحكم في تقرير الصيغة التفعيلية الأقرب للصحة في حال وجود تفاوت في صحة الصيغ.

5. تحفيزه للتفكير

6. شمولية نظرته

-------------

وإلى تبيان ذلك

1- الصيغة - ولا دخل للرقمي في هذا - فعولاتُ مفتعلن ، تطرح تساؤلا حول أصل فعولاتُ والذي أرى تسهيلا لتذكر الأصل الخليلي أن يقال معولاتُ مفتعلن حيث أن الأصل مفعولاتُ التي أصبحت بعد حذف الفاء معولاتُ.

ويصبح الحال أكثر إلحاحا عندما يتناول الحديث : " فاعلات المطوية " فلربما أشكل الأمر على المبتدئ في العروض فقد ينصرف ذهنه إلى فاعلاتن التي تخبن أو تكف أو حتى ( فاع لاتن) التي لا أدري لم أوردها العروضيون ومنعوا أن تزاحف على (فاع لتن) في المضارع.

والأولى كما أرى أن نقول : مفعولاتُ التي تصبح بعد حذف الواو (الطي) مفعلاتُ

2-لننظر الآن إلى وجود صيغة رقمية واحدة مع وجود صيغتين تفعيليتين

أرأيت كيف أن التعبير الرقمي ( السماعي) هو ذاته سواء أخذنا بوجهة النظر هذه أو تلك.

والآن إلى خطوة أخرى

لنلون حتى نرى الفارق بين التعبيرين كما يظهره اللون حيث نعتبر السبب أزرق والوتد أحمر، وما نتج عن جمع اللونين ( حسب رأي الخليل) نضعه بالأخضر، مع تذكر أن الرمادي يرمز للمحذوف

وهنا سنأخذ في الاعتبار الوتد المفروق (لاتُ =12حسب عروض الخليل) مفعولاتُ على رأي الخليل مرة، ثم نأخذ الوتد المجموع (تُمُسْ = 3 في مفعولاتُ مستفعلن ) حسب رأي الدكتور أحمد مستجير مرة أخرى.

1- الخليل: مفعولاتُ مستفعلن = 2 1 2 1 2 1 3 = 2 3 3 1 3

2 – حازم : فاعلن مفاعلتن = 2 3 3 1 3 = 2 3 3 ((4)

3- مستجير: مفعولاتُ مستـفعلن = 2 1 2 3 1 3= 2 3 3 1 3

4- الرقمي = 2 3 3 1 3 = 2 3 3 ((4) وهو نفس رأي مستجير مع أخذ التكافؤ الخببي في آخر البيت بعين الاعتبار. حيث يصبح الوزن

وإليك هذه الأوزان على شكل جدول لتسهل المقارنة

ويبدو الفارق في هذه الحالة بالذات بين مستجير والخليل نظريا. بخلاف ما هو في بحر الخفيف، وذلك موضوع آخر. تطرقت إليه تجده هنا

ولكن دعنا نركز على رأي حازم الذي يعتبر وزن المضارع

فاعلن مفاعلتن = 2 3 3 ((4)

فرغم أنه بصيغته الحالية يمثل الصيغة الأشهر من بحر المقتضب إلأ أنه عند تفحصه يعاني من أمرين: أولهما وجود وتدين متجاورين، وهذا أمر غير موجود في الشعر العربي عامة، كما تنفيه دوائر الخليل نفيا مطلقا. ولقائل أن يقول :" ولماذا لا تكون صحة تمثيل هذا الوزن لبحر المقتضب مع مخالفته لدوائر الخليل استدراكا وتصحيحا لبعض ما قد يعتري منطق الخليل من نقص أو فارق بين النظرية المتمثلة في الدوائر والواقع المتمثل في الشعر." وهذا قول جيد في ذاته، لو أن اجتماع الوتدين هذا كان بلا آثار جانبية تظهرها الفقرة التالية ( ثانيهما)، وهذا يذكرني بالنقاش الذي دار حول ما عرضه الأستاذ سامر سكيك بعنوان (بحر جديد).

وثانيهما : إن افتراض اجتماع وتدين أصيلين له أثر جانبي ملازم له دائما ولا ينفك عنه في حال من الأحوال وهو ينقض صحة الافتراض من أساسه، إن ألزمنا أنفسنا بما يترتب علىمصطلحات التفاعيل من خصائص.ثبات الوتد 3 وقابلية السبب 2 للزحاف ( التحول إلى 1)

فأول ما يترتب على افتراض وزنه فاعلن مفاعلتن أن تصح الوزن بصيغة فعِلن مفاعلتن=1 3 3 1 3

فهل ورد على هذا البحر بيت شعر واحد في قديم الشعر وحديثه على هذا الوزن ؟

، وهذا الوزن 1 3 3 1 3لو أخذناه على حاله دون أفكار مسبقة لجاز لنا أن نعتبره حسب قواعد العروض الرقمي (ق331)

((4) 3 1 3 وهي عبارة عن ((4) 3 ((4) 3 وهو مجزوء الكامل وقد لحقه الحذذ.

ولنتصرف بأبيات أبي نواس السالفة ونقارن

تأمل في هذه النصوص فكلا النصين في العمودين أ، ب لا غبار على صحتهما ولا انتمائهما، ويترتب على افتراض صحة رأي حازم أن يكون الوزن 331 1 3 من المقتضب، كما هو من مجزوءات الكامل.

ماذا عن النص في العمود جـ

هل هذان البيتان صحيحان؟

1- حامل الهوى تعب ............ فلتدْنُ يا طربُ

2 3 3 1 3 ............4 3 1 3

هذا حسب رأي حازم خطأ، وهو خطأ حسب رأي الخليل

إن بكى يحقّ له.......... أوَذلكم لَعِبُ ؟

2 3 3 1 3 ..........1 3 3 1 3

وهذا حسب رأيه صحيح؟ وهو خطأ حسب رأي الخليل.

فهل ورد في الشعر العربي كله بيت كهذا ؟

وهل تجده أو نجده مستساغا؟

الإجابة على السؤال الأول تحمل القدر الأكبر من الحكم.

وحتى لو وجد هذا البيت منفردا – وأشك في ذلك، فما بالك من أمر وجوده في قصيدة– وحتى لو وجدنا فيه استساغة محدودة فإن بالإمكان صرفها بحيث نتجنب المستحيل العروضي وهو تجاور وتدين أصليين 33

وذلك بتفسير ذلك القدر المحدود من الاستساغة على وجه حمل الوزن على أنه

الصدر= 2 3 3 1 3 = 2 3 1 2 1 3

العجز = 1 3 3 1 3 = 1 3 1 2 1 3

وإذ ذاك يجوز أن نتصور إمكانية مجيء البيتين بالنص التالي:

مُثْقَلٌ مُضْنىً تعبُ .......يستخفّه الطربُ

2 3 4 ((4) ..........2 3 3 ((4)

إن بكى يحق له ........ما به في ذا لَعِبُ

2 3 1 2 1 3 ..........2 3 2 2 1 3

2 3 1 2 (2) 2 ..........2 3 2 2 (2) 2

2 3 3 ((4) ..........2 3 4 ((4)

بل لنا – حينئذ فقط – أن نتصور البيت

كَلِفٌ مُضْنىً تَعِبُ ......يستخفه الطرب

1 3 4 ((4)......... 2 3 3 ((4)

ولو أخذنا الصدر لوحده لكان

كَلِفٌ مُضْنىً تَعِبُ = 1 3 2 2 1 3 وهذا يمكننا اعتباره خببا محضا

1 3 2 2 1 3 = 11 2 2 2 11 2 = (2) 2 2 2 (2) 2

وهنا يصبح البيت التالي صحيحا مائة بالمائة على أنه خبب محض

كلفٌ مضنىً تعبُ ........... وبِه لعبَ الطّربُ

عيناه إذا بكتا ............ما كالجدّ اللعبُ

فكل شطر هنا من ستة أسباب خفيفة وثقيلة

إن افتراض التفعيلة الأخيرة ( مفاعلتن 3 1 3 ) عملي وإنما جاء الخلل من افتراض أن سابقتها 2 3 = فاعلن.

ولو افترض أن سابقتها = مفعولاتُ= مفعُلا = 2 3 ( حسب مستجير ) مفعولاتُ= مفعُلا = 2 3 ( حسب الخليل) بحيث يكون الوزن (مفعلا مفاعلتن ) لما كان هناك ضير،ولكن هذا كان سيؤدي به إلى جواز مجيء الوزن على ( معولا مفاعلتن ) بل إني لا أرى بأسا من التعبير أحيانا عن البسيط والمنسرح بالوزنين

مستفعلن فاعلن مستف مفاعلتن = 4 3 - 2 3 - 4 – 3 ((4)

مستفعلن مفعولا مفاعلتن = 4 3 – 2 2 2؟ – 3 ((4)

والآن إلى مناقشة النقاط التي نقلها الأستاذ الثبيتي عن موقف حازم

ولعل هذه النقاط فيها وجاهة لوحدها ولكن للمنطق المضاد أيضا وجاهته، وهنا عرض لهذه النقاط ورد عليها:

فاعلاتُ (مفعُولاتُ) –مفتعلن - فاعلاتُ (مفعُولاتُ)-مفتعلن

هذا ما عليه العروضيون ، لكن حازماً قد غيَّر فى تجزئة هذا البحر تغييراً تاماً ، حيث جعله على :

فاعلن-مفاعلتن - فاعلن-مفاعلتن

فى كل شطر ، لكنه يرى أن هذا ثقيل ، "لكثرة الأوتاد والأسباب الثقيلة وتكرر الفاصلة ووقوعها فى النهايات ... فلهذا لم يستعملوه إلا منصوفاً ، أى محذوف النصف فى كل شطر.

وحازم -كعادته- يريد أن يفرض هذه التجزئة الجديدة للمقتضب عن طريق الأدلة النابعة من التذوق البلاغي : "فهذا -الاشتقاق- هو الصحيح الذى يشهد به السماع والقياس والقوانين البلاغية"، ويدلل حازم على ذلك بالأدلة الآتية :

1. الدليل الأول : يقوم على "أنهم لم يوقعوا الوتد المفروق ولا السبب الثقيل فى نهاية جزء ... لأن قانونهم ألا يضعوا الثقيل فى النهايات ولا سيما فى أواخر الأجزاء التى هى مظان اعتمادات وتوقرات (لعلها توترات) وتقاطع أنفاس بوقفات خفية أو بينة".

ولعل أغلب التغييرات التى أحدثها حازم فى اشتقاق بعض البحور تقوم على رفضه وقوع الوتد المفروق أو السبب الثقيل فى نهايات الأجزاء ، فضلاً عن نهايات الأشطر ، وهذا رأى سديد من حازم فنهايات الأجزاء هى موضع وقفات وأماكن اعتماد لا يمكن أن تكون متحركة ، لأن فى ذلك صعوبة فى النطق والانشاء ، وحازم بهذه التجزئة الجديدة للمقتضب تخلص من هذه النقطة .

هذا الكلام مثال نموذجي لتحول التفاعيل من وسيلة إلى غاية، ومن أداة تعبير اصطلاحية يجوز أن تتم بغير شكل إلى أشكال جامدة متميزة بحدود مصطنعة شبه مقدسة لا حظ لها من الحقيقة إلا بمقدار ما تستعد الأذهان لخلع ثوب الحقيقة على هذا الوهم. وكم عانى العروض والفكر العربي من ذلك. وقد تطرقت لذلك في موقع آخر لبحور أخرى، وهنا أتناوله فيما يخص المقتضب. إن قوله (فى نهايات الأجزاء ، فضلاً عن نهايات الأشطر) يدل قطعا أنه يعتبر التفاعيل أجزاء مستقلة في حشو البيت.

وقد يُدفع هنا عن حازم أنه يعتبر أن فاعلن = 2 1 2 = فاع لن ، اي وتد مفروق لا يزاحف فلا يأتي فَع لن = (1 1.... 2 )

وهنا نتوقف عند هذه ال ( فاع لن ) فهي تنسف دوائر الخليل نسفا، ولحازم الحق في ذلك على أن يبين موقعها ضمن منظومة جديدة بديلة. أما أن ترد في المقتضب وحده دون سواه فأمر يتطلب كثيرا من تعطيل التفكير لقبوله.

ثم إن وجود فاع لن يقتضي أن تجيء مزاحفة على فاع لُ = 2 1 1

وهكذا ينبغي أنت يجوز في المقتضب حسب وجهة نظره : فاع لُ مفاعلتن = 2 1 1 3 1 3

ولم يقل حازم ولا سواه بذلك.

رحم الله الخليل . كيف طغت ثقافة تفاعيله القائمة على الحفظ . على عبقرية فكره المتمثل في نهجه.

ثانية أذكر بالفرق بين العروض وعلم العروض.

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/alfrq-byn-alrwd-wlm-alrwd

أولا لنعرض الوزن الرقمي للمقتضب في صيغته الأشهر

2 3 3 1 3 ولا معنى لأي حدود هنا فهذا هو الوزن وكفى، ولو كان لهذه الحدود المصطنعة بين التفاعيل واقع موضوعي وباستثناء ما يترتب على التفاعيل أو سواها من التراكيب المقترحة من زحافات فإنها جميعا سواء في تمثيلها للوزن، فمثلا:

2 3 1 – 2 1 3 = مفعلاتُ مستعلن

2 3 3 – 1 3 = فاعلاتنا فعِلن

2 3 – 3 1 3 = فاعلن مفاعلتن

2 – 3 3 – 1 3 = فا مفاعلن فعلن

2 3 – 3 1 – 3 = فاعلن فعولُ فَعلْ

وبدهي أن حدود التفاعيل لا تتطابق وحدود الكلام في أي بيت، فعن أي أجزاء نتحدث ؟

لنتأمل بضعة أشطر ونرى ما هي التفاعيل التي تطابق حدودها حدود الكلمات في كل منها

حامل الهوى تعب = حا ملل هوى – تعبُ = 2 3 3 – 1 3 = فاعلاتنا - فعلن

يستـخـفه الطرب = يست تخف فهطْ ط ربو = 2 3 3 1 3 كل الشطر تركيب واحد بلا حدود

إن بـكـى يحق له = إن – بكى – يحق قُ – لهو = 2 – 3 – 3 1 – 3 = فا- علن – فعولُ - فعو

لـيس ما به لعب = ليْ سَ – ما – بهي – لَ عبو = 2 1 – 2 – 3 – 1 3 = فاعِ – لن – مفا - علتن

تضحكين لاهيةً = تض حكي نَ – لا هيةً = 2 3 1 – 2 1 3 = مفعلاتُ مستعلن

هنا حدود الأجزاء في الكلمات موافقة لحدود الخليل في التفاعيل

صحتي هي العجبُ = صحْ حتي – هيلْ عَ جبو = 2 3 – 3 1 3 = فاعلن مفاعلتن

هنا حدود الأجزاء في الكلمات موافقة لحدود حازم في التفاعيل

2. أن اشتقاق العروضيين لهذا البحر يجعل الزحاف لازما فى حشوه ، والواقع والعقل هنا يساندان حازما ، فالواقع هو ما عليه حازم فى اشتقاقه الجديد ، فليس من العقل العدول عنه إلى اشتقاق العروضيين الذى يقوم على التزام بعض الزحافات والتى يقول عنها العروضيون أنها لا تلزم إلا فى الأعاريض أو الضروب بغرض تنويعها

إن تعبير الزحاف هنا ولزومه في الحشو إن هو إلا نتاج لاتخاذ الحدود الوهمية للتفاعيل التي ما هي بذاتها في الأصل إلا تعابير اصطلاحية لنقل مفهوم فكري لدى الخليل،إن اتخاذَ هذا المصطلحِ الوسيلةِ وحدودِه الوهمية أساساً ومنطلقا لوصف الواقع الشعري لا ضير فيه في حد ذاته، ولكن الضير هو الجمود على ذلك، والطلب من الواقع أن يتكيف معه عند اختلافهما، أو الإصرار أن صيغة بعينها هي الصواب وسواها خطأ. ( والأمر هذا في واقع الحياة أشد ضررا )

فمثلا مع تسليمنا بصحة تعبير الصيغة الاصطلاحية = مستفعلن فاعلن مستفعلن فعِلن للتعبير عن البسيط، ما الذي يمنع في السياق المصطلحي ذاته من اعتبار وزن البسيط = مستفعلاتن فعلْ مستفعلاتُ فعلْ في محاولة لتقريب العلاقة بينه وبين المنسرح الذي يمكن أن نعبر عنه بصيغة مصطلحية مناسبة للمقارنة على أنه مستفعلاتن مستفعلاتُ فعل، ولذلك دوره في النظر للمخلع على أن له مصدرين أحدهما البسيط والآخر المنسرح.

كم أبدو الآن منساقاً مع المنطق المصطلحي الذي يغنينا عنه المنطق الرياضي التجريدي بذكر الحقائق في صيغة رقمية واحدة غير متعدده كما ترى في الجدول التالي:

ثم لننظر أهذا الذي يراه حازم زحافا لازما في الحشو، أهو مختص بالمقتضب أم عام في سواه؟

لنأخذ ما أقترح تسميته بظاهرة الاجتثاث في البحور كما تعبر عنها أزواج البحور التالية

جدول الخفيف والمجتث

في هذا الجدول يتضح أن معنى الاجتثاث هو الاجتزاء من أول البحر

جدول بسيط الواقع الشعري والمديد – أ

جدول البسيط النظري والمديد - ب

نعم هناك بسيطان أحدهما جميل سلس والآخر أصل نظري لضرورة تصنيف البحور لا تستسيغ الأذن وزنه في الواقع، وقد أدرك العرب ذلك ولا مشكلة حوله ولكن اعتماد التفاعيل وحدودها الوهمية غاية لا وسيلة حال دون تبين وجود مديدين لا مديد واحد، أحدهما مستساغ كالبسيط العملي والآخر ثقيل كالبسيط النظري. فبعضهم قال بسلاسة المديد وبعضهم قال بثقله ولم يتبين كلا الطرفين أنهما يتكلمان عن مديدين، وكان يمكن أن يظهر ذلك جليا لو لم تصبح التفاعيل الوسيلة وحدودها الوهمية ثوابت في الأذهان تغطي على ما سواها،وكان يمكن أن يكون الأمر أيسر لو اتحنا التعبير عن المديد بصورة أخرى لتفسير ذلك بالقول إن أحد صور وزن المديد: فاعلن مستفعلن فعلن

وهنا أيضا أنساقُ مع المصطلح الذي يغني عنه التعبير الرياضي الذي يحمل السمات ذاتها في البسيط والمديد، والذي استخلصت منه ومن سواه نمطا رياضيا للتعبير الذائقة العربية باسم هرم الأوزان وهو مكتمل إلى حد كبير وقد أرسلته إلى عدد ممن يعرفون العروض الرقمي.

والآن لنمثل لما تقدم عن البسيطين والمديدين:

أما البسيط الواقعي وجماله فيملأ الأسماع وحسبنا لاستحضار جماله أن نسترجع البيت

ما لي ولليل يرعاني ويرعاه .......أمسى كلانا يعاف الغُمضَ جفناه

وعلى هذا النحو من السلاسة يجيء المديد أ وردد معي هذه الأبيات للأحنف بن قيس

يا غَرِيبَ الدّار عن وطَنهْ ......... مُفرداً يَبكي على iiشَجَنِهْ

شفَّهُ مَا شفّني iiفبكَى...........كلُّنا يَبكي على iiسَكَنِهْ

ولقَد زادَ الفُؤادَ iiشجاً...........طائرٌ يَبكي على iiفَنَنِهْ

كلّما جَدّ البكاءُ iiبِهِ.............دَبّتِ الأسْقامُ في iiبدَنِهْ

أما البسيط النظري فمن (العروض - تهذيبه وإعادة تدوينه ) للشيخ جلال الحنفي (هامش ص206، ص232)

"ذهب العروضيون إلى أن أصل وزنه وعد ذلك في المعيار من شواهد البسيط

يا ربّ ذي سؤددٍ قلنا له مرّةً ..........إن المساعي لمن يبغي بناء العلى

4 3 2 3 4 3 2 3 .....................4 3 2 3 4 3 2 3

ومما اطرحه العروضيون من نماذج البسيط ما قال فيه الدماميني أنه شاذ ولا يستحق أن يلتفت إليه ومثّل له بالبيت التالي:

وبلدةٍ مجهلٍ تجري الرياح بها ..........لواغبا وهي ناءٍ عرضها خاويهْ"

ولو قلنا

مجهلٌ تجري الرياح به ...........وهو ناءٍ أرضهُ خاوية

2 3 4 3 1 3 ..............2 3 4 3 2 3

لكان هذا المديد ولشابه العجز الثقيل فيه عجز البسيط المتقدم الذي وصفه الدماميني بالشذوذ

ولعل هذا المديد – ب الذي نقل الدكتور محمد الطويل في كتابه ( في عروض الشعر العربي – قضايا ومناقشات –ص 111 ) عن الدكتور أمين السيد قوله:" وقد قلّ استعمال هذا البحر قديما وحديثا، وعلل العروضيون هذا بأن فيه ثقلا" وانظر الفارق بين الأبيات السلسة المتقدمة وهذا البيت من المصدر السابق (ص 111)

إعلموا أني لكم حافظٌ.......شاهدا ما كنت أو غائبا

2 3 4 3 2 3 .......2 3 4 3 2 3

بل انظر كيف يتغير وزن البيت فيسلس لو جعلناه

إعلموا قلبي لكم عَشِقا ........حاضرا إن كان أو أَبِقا

2 3 4 3 1 3 ...........2 3 4 3 1 3

وللمزيد من هذه التداعيات الشمولية يقرأ فصل عن المديد

بل انظر في الرابط المتقدم كيف يقع الوزن التالي للبسيط بين الصنفين الثقيل والمستساغ

والبيتان محرفان عن البسيط:

كلا وباري جميل البدر في الأمسياتِ .........ما قل حبّيك مع روعة الأمنيَات

4 3 2 3 4 3 2 3 2 ...............4 3 2 3 4 3 2 3 2 ( مصرعا)

وما تنسمت من ورد الرياض الشذى.........إلا وجدتُ الصّدى يأتي كما الأغنياتِ

شأنه شأن البيتين التاليين من المديد ( في عروض الشعر العربي – ص 109)

إن شيب الرأس بعد الشبابِ ............لَنُهىً عن جامحات التصابي

إنما الشيب سهامُ المنايا................ولذي الصبوة أدنى العتابِ

كان ذلك استطرادا طويلا قادتني إليه رغبتي في استعراض معنى شمولية التفكير والتناول للعروض وأنا في طريقي للرد على القول المتقدم :" أن اشتقاق العروضيين لهذا البحر يجعل الزحاف لازما فى حشوه ، والواقع والعقل هنا يساندان حازما " واقتضى ذلك أن أشرح فكرة الاجتثاث وصولا للاجتثاث (الاقتضاب) التالي

والقول هنا إن وزن المقتضب فاعلن مفاعلتن، يقتضي القول أن وزن المنسرح مستفعلن فاعلن مفاعلتن

وبينما تبدو مفاعلتن مستقرة ومعبرة فإن فاعلن تقتضي هنا كذلك جواز مجيئها على فعِلن في البحرين

وإذ ذاك يصبح المنسرح = 4 3 1 3 3 ((4) وهذا مصداق ما ذهبت إليه في بداية الموضوع من أن المقتضب يغدو بهذا الزحاف المغلوط (لتجاهله تجاور الوتدين) من الكامل.

3. أن هذا الاشتقاق الذى عليه العروضيون لا يراعى قوانين التناسب والتضارع الذى وضعها حازم طبقاً للقوانين البلاغية والتى خصصنا لها فصلاً خاصاً -بعدُ إن شاء الله- يقول :"إن قانون المراقبة الذى وضعوه فى المقتضب بين فاء "مفعولات" وواوها يلزمهم أن يقابلوا بـ"فعولات""فاعلات" على أنها من وضع التماثل … وقد وضح فى صناعة الموسيقى أن "فعولات" مضاد لـ "فاعلات" كما أن "فعولن" مضاد لـ"فاعلن" , ويتساءل حازم مستنكراً "فكيف يوضع المتضادان وضع المتماثلين فى ترتيب يقصد به تناسب المسموع".

لا أرى الأمر محصورا في المقتضب بل يتعداه إلى البحور التالية من ( التي تحوي الرقم 6 أو 4 2 1 في دائرة المشتبه. كما في الجدول التالي

ولتعميق الإحساس بذلك وطرح بعض التساؤلات المتعلقة به أعيد تقديم الجدول على النحو التالي

1- أرأيت كيف أن حدود التفاعيل وحدودها مصطلحات لا غير

2- لماذا لا ينطبق التراقب في ( مفعولاتُ ) الخفيف في حين ينطبق في ( مفعولاتُ المضارع والمقتضب) ؟

3- تأمل في التكافؤ الخببي بين (تعِ لن تك تعْلن ) في آخر المنسرح والتشعيث في ( فعِ لا تن تكْ فعْ لا تن) في آخر الخفيف، حيث تك = التكافؤ الخببيي بين (2) و 2

إن المنطقة المظللة هذه مشتركة بين هذه البحور وتطبيق شيء ما بخصوصها على المقتضب يقتضي بالضرورة تطبيقه على كل البحور وهو باب يطول الكلام فيه وعلى من يقول بالجواز أو عدمه في أي موقف بهذا الصدد أن يدرس أثر ذلك على كل البحور. وهو أمر لو استفضت فيه لطال جدا.

ولكن بعضه مطروح على الرابط هذا.

يغري الاستطراد باقتراح صيغة تفعيلية جديدة بحيث أن كل وزن يبدأ بسبب فتفاعيله أو تراكيبه (في الحشو) ينتهي كل منها بوتد والصيغة الوحيدة الجديدة هي 222 3 = مستفعيلتن وعليه تصبح أوزان دائرة المشتبه:

فتكون أوزان دائرة المشتبه

وما هذا وسواه إلا تعبير عن ساعة البحور ( دوائر الخليل ) التي تشكل أجلى تجسيد للطبيعة الرقمية لعروض الخليل.

ولْأبالغ في هذا المنهج فأفترض أن حازما أو سواه يصر على أن تكون فاعلن = 2 3 بداية الوزن 2 3 3 1 3

لنتتبع الخطوات المنطقية التي يقود إليها الالتزام بالقواعد الكلية لتفكير الخليل كما جلّاها العروض الرقمي

1 – الإصرار على أن 2 3 3 3 1 3 = 2 3 3 1 3 ( أولها فاعلن)

2- هذا يقتضي أن يتبع 3 الحمراء 3 زرقاء ( من أصل زوجي) لعدم جواز اجتماع وتدين أصيلين فيكون الوزن 2 3 3 1 3

3- هذا الرقم 3 كونه أزرق ( زوجي) يعني أنه متحول من الرقم 4،

والرقم 4 هنا بداية تفعيلة كون 3 نهاية فاعلن=2 3 سبقته وإن فالوزن أصله 2 3 3 1 3

4- الرقم 4 ليس بداية إلا لتفعيلتين هما مفعولاتُ = 4 2 1 ، مستفعلن = 4 3، وكون حازم يفر أصلا من مفعولاتُ فالأغلب أن ما ينسجم مع ما ذهب إليه هو مستفعلن= 4 3 فالوزن إذن أصله 2 3 4 3

5- ولكن بالمقارنة بين 2 3 4 3 و 2 3 3 1 3

لا بد من وجود علاقة ما بين الأرقام المظللة، ولما كنا نعرف أن 3 أصلها 4 بقيى أن نوجد علاقة ما بين المظللين 2 3 4 3 و 2 3 3 1 3

6- مستفعلن = 2 2 1 1 ه = 4 1 1 ه وإذن 4 1 لا تكون جزءا من 4 1 1 وهذه في الحقيقة مستفعلن أو مستفع لن بعد حذف النون الساكنة = 2 2 1 1 ه

وإذن 4 1 3 = 4 1 1 ه 2 = 4 1 1 2

وبهذا يكون هذا الوزن 2 3 3 1 3 عبارة عن فاعلن مستفعلُ فا أو فاعلن مستفعلتن

وهذا يجعلنا نتصور إمكان أن يجيء شطر على وزن

فاعلن متفعلتن = 2 3 3 1 3 وشطر آخر على فاعلن مستفعلتن = 2 3 4 1 3

فلنجرب آخذين بعين الاعتبار أنه في حال إصرار حازم على فاعلن في أول الوزن 2 3 3 1 3 ، فإن أخف الضرر هو افتراض أن الوزن=فاعلن متفعلُ فا = فاعلن متفعلتن = 2 3 3 1 3

حامل الهوى تعب = 2 3 3 1 3

..........ما له فيهِ (ي) أربُ = 2 3 4 1 3

إن بـكـى فلْيُبْكَ لهُ = 2 3 4 1 3

..........لـيس ما به لعب = 2 3 3 1 3

حزَنا فلْيُبْكَ لهُ = 1 3 4 1 3

..........لـيس ما به لعب = 2 3 3 1 3

ولو أخذنا الشطر حزَنا فلْيُبْكَ لهُ = 1 3 4 1 3 منفردا لجازت لنا كتابة وزنه = (2) 2 2 2 (2) 2، وهذا خبب

ولصح من الخبب حينها أن نقول:

حزَنا فلْيُبْكَ لهُ ........ما في هذا لعبُ

(2) 2 2 2 (2) 2 .................2 2 2 2 (2) 2

والسؤال: هل قال أحد بجواز تحول مستفعلن ( أو مستفع لن) إلى مستفعلُ في غير الخفيف.

والجواب لم يقل بذلك أحد من العروضيين، ولكن العرب أقرت هذا في شعر طارئ بعد الخليل عرف باسم

الدوبيت وهو موضوع حديث ممتع لا مجال له هنا، وحسبنا أن نمثل لمجزوءه بقصيدة البهاء زهير ومطلعها ومنها:

يا من لعبت به شمولُ ما ألطف هذه الشمائلْ

2 2 11 5 2 3 3 2 2 2 1 1 ه 2 3 3 2

مستفعلن فاعلن فعولن مستفعلُ فاعلن فعولن

( وهذا هو الخبيب الجزئي للمخلع = مستفعلن فاعلن فعولن = 4 3 2 3 3 2)

ولو جعلنا القول = يا من به تلعب الشمولُ ....ما ألطفـنْ هذه الشمائلْ

لكان الوزن هو مخلع البسيط بعينه.

وإلى مزيد من الاستطراد في هذا الموضوع:

المقتضب = 2 2 2 3 1 3 رأينا إمكانية تحول كل من أول 2 2 إلى 1 والسؤال: وماذا عن الرقم الثالث 2

ألا يتحول إلى 1 والجواب هنا من منطلقين بل ثلاثة

1 – منطلق الخليل : لا يجوز ذلك لأن مفعولاتُ عند الخليل = 2 2 2 1 و (12 = وتد مفروق = 1ه1) ولكن له خصائص الوتد المجموع =11ه من حيث عدم جواز حذف الساكن )

وهكذا مستفعلن = 2 2 21، بينما مستفع لن = 2 12 2

2- منطلق الدكتور أحمد مستجير، وسأعبر عنه بخليط من رأيه مع أسلوبي.

مفعولاتُ = 2 2 2 1، وهذا الـ(1) لا بد له من (2) تتبعه من تفعيلة أخرى، وهو بهذا المعنى متعد يتحد مع أول سبب يليه ليكونا معا الرقم 3، ولا أعرف رأيه من جواز مجيء هذا البحر على وزن

مفعولـاتُ مستعلن = 2 2 1 3 1 3 ............مفعلاتُ مستعلن=2 3 3 1 3

وعليه النص

مُضنىً وبه تَعَبُ ..............يستخفّه الطرب

وأتوقع أن يسمح منطقه بذلك، إذا أن (لا ) في مفعولاتُ ( عنده) سبب لا أرى كيف يمتنع حذف ساكنه

مع تسجيل أن الصدر خببي تماما.

3- العروض الرقمي

مفعولاتُ مستعلن = 2 2 2 3 1 3

أكثر عدد يجوز من الأسباب في الرقمي هو 3 أسباب، سواء في الحشو أو الضرب {عدا 431 المفترض أنها يمكن أن تعتبر (2)222 فهي مستقرة في أوزان البحور } وهنا لو سمحنا بحذف ألف فمعولاتُ لصار الوزن

= 2 2 1 3 1 3 = 2 2 (2) 2 (2) 2 أي لتتابعت سبعة أسباب وهذا وزن خببي يخرج بالشعر عن المقتضب.

ولعل ذلك يكون أوضح في المنسرح :

مستفعلن مفعولــاتُ مستعلن = 4 3 2 2 (2) 2 (2) 2 حيث تلت آخر وتد سبعة أسباب وهذا لا يصح.

ولسائل أن يسأل ماذا لو أبقينا الصيغة مفعولاتُ مستفعلن = 2 2 2 3 2 3 أيكون هذا من المقتضب أم سواه؟

والجواب أن الرقم 6 لا يكون في الحشو إلا في بحور دائرة المشتبه، ومظنة هذا الوزن هو المقتضب لا سواه، وآخر شطر المقتضب لا يكون إلا 313 وليس 323 فهو ليس المقتضب.

يقول الشيخ جلال الحنفي

يقول الشيخ جلال (العروض تهذيبه......-ص156): "والحقيقة أن ما بقي من المنسرح وهو:

مفعولاتُ مستفعلن=1222/322 [3236]=مفعولاتُ مستفعلن

لا يتقوم منه المقتضب بمذاقه المعروف وإيقاعه المتسق، وذاك ما نلاحظه في الأبيات التالية:

ما من جاد من قِلَّةٍ مثل الجائد المكثر

ما في القوم من عالم تستفتيه في مسألهْ "

= 2 2 ..2 3 ..2 3 فعْلن فاعلن فاعلن

فإن مذاق المقتضب وجرسه الخاص مفقودان في هذا اللون من الأوزان الشعرية وإنما هو المتدارك البحت."

ويضيف في الهامش :" إن تقطيعه =2 2 ...2 1 2 ... 2 1 2 = فعْلن فاعلن فاعلن"

2 2 2 3 2 3 وكما رأينا فإن فعلن مختصة بالخبب ولا ترد في حشو المتدارك وهنا أيضا 6 3 2 3 والرقم6 لا يرد في حشو غير بحور دائرة المشتبه. وإذن فهذا ليس من المتدارك. وسبق أنه ليس من المقتضب. وإذن فهو ليس من الشعر بحال.

وماذا عن مفعولاتُ مستعلن = 3 2 3 1 3

نعم هذا من المقتضب

فماذا عن فعولنْ فعولُ فعو؟ والمتقارب

هنا وجهان

الأول = 3 2 3 1 3

والآخر بالتكافؤ الخببي لما بعد آخر وتد ثابت البحرية ( وتد قبله سبب 2 3) = 3 2 3 1 3

هنا يتطابق هذا الوزن من مجزوء المتقارب مع المقتضب ويصح في عجزه

= 3 2 3 1 3 = 3 2 3 ((4) تك 3 2 3 4

وهذا جائز في عجزي البحرين مجزوء المتقارب والمقتضب

فمن أهدى سبيل لمحمود شاكر من مجزوء المتقارب

تعفّف ولا تبتئس............فما يُقْضَ يأتيكا

3 2 3 2 3 ..........3 2 3 2 2

والسؤال الذي يطرح نفسه، هل يأتي العروض في هذا الوزن 3 2 3 1 3 ؟

كالقول:

تعفّف ولا تَهَبِ...........فما يُقْضَ يأتيكا

3 2 3 1 3 .................3 2 3 2 2

لم أطلع على شعر كهذا.

ومن نفس المصدر على المقتضب:

أتانا مبشرنا ..............بالبيان والنّذر

3 2 3 1 3 ..............2 3 3 1 3

وأرى أنه يجوز القول:

أتانا مبشرنا ..............فأهلا بمقدَمِه

3 2 3 1 3 ...........3 2 3 1 3

كما يجوز

أتانا مبشرنا ..............فأهلا بملفاهُ

3 2 3 1 3 ..............3 2 3 2 2

وهنا فالبيت من المقتضب كما هو من مجزوء المتقارب -إن صح فيه أن يأتي آخر الصدر فيه 31- فكثيرا ما يرفض العروضيون تغييرا لا يُخرج من الشعر بل يُخرج من بحر إلى بحر.

فهم يرفضون في البسيط

مستفعلن فعلن متفعلُ فاعلن = 2 2 3 1 3 3 1 3 3

لأن( متفعلُ ) تخرج بالوزن من البسيط للكامل.

ونحو قول حازم – في أحد جوانبه - قولنا إن إحدى صيغ الخفيف

فاعلاتن متفعلن فاعلاتن = 2 3 2 – 3 3 – 2 3 2

هي : فاعلن فاعلن فعولن فعولن = 2 3 – 2 3 – 3 2 – 3 2

هذا صحيح لفظا ووزنا ولكن من حيث الخصائص هو خطأ، كيف ؟

أنظر هنا إلى تجاور الوتدين في الصيغة فا(علن فعو) لن = 2 3 3 2

أرأيت ؟ إنهما يتفقان فقط وزنا، فإن متف = 3 يمكن أن تأتي مستفْ =22 في الخفيف ولكن علنْ =3 تجمد على هذا الوضع، فهوة وضع لفظي جامد لا ينبني عليه تأصيل ولا زحاف ينقله إلى صورة أخرى.

ولس الأمر كذلك من حيث الجمود لو نقلنا الوزن إلى صيغة تفعيلية أخرى تراعي اللون ( أي خصائص السبب والوتد) كما يلي:

هنا عبرنا عن الخفيف بصيغة أخرى مع مراعاة الألوان أي خصائص الأسباب والأوتاد.

فلننظر الآن إلى الصيغة مفعلاتُ مستفعلن، لدينا مثل هذه الصيغة في المنسرح

= 4 3 2 3 3 1 3

ولكنها هكذا ثقيلة فلا تأتي مستفعلن إلا على صيغة مستعلن = 2 1 3

كما في قول الشاعر

يا أملي كيف أنت من ألمك وكيف ما تشتكيه من سَقَمِكْ

هذا يوما لي أعدّهما مذ لمْ تلحْ لي بروق مبتسمكْ

ولو حرفناه لنجعل الوزن مستفعلن مفعلاتُ مستفعلن لكان ثقيلا على النحو

يا أملي ما الذي دها صحّتك وأين ما خلته غَذا جَوْعَتَكْ

هذا يومان لم أزِدْ فيهما إلا اشتياقاً لرؤيتي بسمتَكْ

فماذا لو قلدنا الصيغة التي استحدثناها في تفاعيل الخفيف : فاعلن مفعلاتُ مستفعلن فا

والتي سمحت بمجيء مستفعلن بعد مفعلاتُ ؟ (أي وضع مستفعلن فا = مستفعلاتن = 4 3 2 بعد مفعلاتُ)

أي ماذا لو حاولنا استداث وزن من المنسرح يكون :

مستفعلن مفعلاتُ مستفعلن فا =4 3 2 3 3 2 3 2 وعلى هذا الوزن

يا أملي كيف أنت ذا اليومَ صرتا وأين ما خلته غدا منك مقتا

من طولِ يومينِ قد رأيت البلايا دعني ألاقيك جمعةً أو فسبتا

هذا وزن أقل ثقلا من سابقه.

هذا قياس المنسرح على الخفيف، فماذا لو قسنا الخفيف على المنسرح

وقارنا أيهما أكثر سلاسة

فاعلاتن متفعلن فاعلا = 2 3 2 3 3 2 3 = فاعلن مفعلاتُ مستفعلن

أم

فاعلاتن متفعلن فعِلا = 2 3 2 3 3 1 3 = فاعلن مفعلاتُ مستعلن

معظم ما اطلعت عليه من الشعر في الخفيف ينتهي شطره ب 2 3 2 وعثرت على أبيات في كتاب عروض الشعر العربي للكتور محمد عبد المجيد الطويل للدكتور مختار الوكيل منها البيتان

حدّثوني عن حسنها العجب وأفاضوا في القول والخطبِ

أمّة الهند مثلنا نهضت والزمان العجوز بعد صبي

وهما كما ترى على الوزن: فاعلاتن متفعلن فعِلا = 2 3 2 3 3 1 3 = فاعلن مفعلاتُ مستعلن

وأتوقع أنها هكذا أسلس منها لو انتهت بالمقطع 2 3 ليكون وزنها

فاعلاتن متفعلن فاعلا = 2 3 2 3 3 2 3 = فاعلن مفعلاتُ مستفعلن

على النحو:

حدّثوني عن حسنها المعجب وأفاضوا في القول للمغرب

أمّة الهند مثلنا قد غدت والزمان العجوز مثل الصبي

يقودنا الاستطراد باستكشاف ما يؤول إليه وزن البسيط قياسا على ما يلي

لو اعتبرنا وزن المنسرح = 4 3 2 3 3 1 3 = مستفعلن مفعلا مفاعلتن

ووزن الخفيف = 2 3 2 3 3 1 3 = فاعلن مفعلا مفاعلتن

ووزن البسيط = 4 3 2 3 4 3 1 3 = مستفعلن فاعلن مستف مفاعلتن

فإننا نرى أن 313 في آخر كل من المنسرح والخفيف تعطينا وزنا مقبولا لو حولناها إلى 3 2 3 2

فلنجرب ذلك في البسيط، نجده يردنا إلى ما تقدم من النص المحرف

كلا وباري جميل البدر في الأمسياتِ .........ما قل حبّيك مع روعة الأمنيَات

4 3 2 3 4 3 2 3 2 ...............4 3 2 3 4 3 2 3 2 ( مصرعا)

وما تنسمت من ورد الرياض الشذى.........إلا وجدتُ الصّدى يأتي كما الأغنياتِ

وما تنسمت من ورد الرياض نسيما........إلا وجدتُ الصّدى يأتي كما الأغنياتِ

والجميل أن كل هذه النتائج تأتي منسجمة مع الصيغ الرقمية للذائقة العربية التي استنتجتها من عروض الخليل.فتأمل.

ولمزيد من إيضاح فكرة مصطلحية التفاعيل وبالتالي تبصير القارئ بعدم الإصرار على أهمية ثبات حدودها.

وهذه ليست دعوة لإلغاء تفاعيل الخليل أو إبدالها بسواها في سياق العروض التفعيلي، فإنها في ذلك السياق هي الأجمل،ولكنها دعوة للتبصر في مدلولها واعتبارها وسيلة يجوز استعمال سواها أحيانا ( في سياق العروض التفعيلي ) لخدمة غرض ما، ولعلي بالمزاوجة بين الأرقام والتفاعيل وتلوين مقاطع التفاعيل أكون أوضحت الصلة بين العروض الرقمي والتفاعيل.

ولأضربْ لذلك مثلين

أولهما الرمل: كأننا عندما نكتب تفاعيله ملونة المقاطع هكذا

فا علا تن فا علاتن فا علا

إنما نقول حقيقة أن وزنه = سبب وتد سبب سبب وتد سبب سبب وتد

وتلك صلة الوصل بين تفكير الخليل والرقمي

فإن هذه الصياغة رقمية ولو كتبت بالأحرف، ومن تيقّن هذا لم ير فارقا بين أن نعبر عن الرمل بهذه الصيغة التفعيلية أو بصيغة فاعلن مستفعلن مستفعلن = فا علن مس تف علن مس تفعلن

وهذا معنى قولي التفاعيل كُنى ( جمع كنية) قد تتعدد للوزن كما تتعدد الكنية لذات الشخص كقولنا أبو الطيّب وابن الحسين، ولكن الوزن الرقمي له شكل واحد فكأنه اسم أو ذات للكلام. كما نقول (هذا أحمد).

وثانيهما الوافر : مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن

ويمكننا لغاية تقليل المصطلحات أو مقارنة تغييراته بتغييرات الكامل أن نعتبر وزنه:

فعو متفاعلن متفاعلن لن.

إننا بهذه الصيغة نستعمل مصطلحات الكامل وحدها له وللوافر سواء، فينوب الإضمار عن العصب، والخزل عن النقص، والوقص عن العقل، ويظهر بأجلى شكل معنى مصطلحية التفعيلة وأمر حدودها، بل ويظهر أكثر من كل شيء وحدة التعبير الرقمي عن الوزن، وثبوت تعبيراته عنه وعن تغيراته مهما كان مصطلح التفعيلة وزحافاتها وحدودها.

وهنا مقارنة بين كل من الوافر بهذه الصيغ وما يلحقه من تغيير

( في الجدول التالي الألوان لتوضيح حدود التفعيلة)

ومن هذا القبيل ما قال به الدكتور كمال أبو ديب.

هدفت من هذه الإطالة بما فيها من تداع وتداخل إلى نقل تفكير القارئ من محدودية الجمود على أشكال مصطلحات التفاعيل وتقديس حدودها وما تفرع عن ذلك من ركام المصطلحات والتصورات إلى شمولية فكر الخليل وطلاقته. ووسيلتي في ذلك العروض الرقمي.

http://sites.google.com/site/alarood/