د.بديار-المتدارك-الخبب الجزء الأول ويليه الجزء الثاني

أرجو أن يعذر القارئ بعض التكرار في تعليقي لأنني أتناول هذا الموضوع بالتعليق على فترات متباعدة، كما أن الموضوع تتكرر فيه بعض النقاط. كما أن طبيعة تماسك الرقمي تدفع في هذا الاتجاه أحيانا. سأجعل تعليقي بهذا اللون ونص د. بديار بلونه الأصلي الأسود

حكاية البحر المتدارك

الأستاذ بديار البشير

قسم اللغة العربية وآداﺑﻬا

جامعة الأغواط

هذا أوسع بحث اطلعت عليه حول المتدارك والخبب، وهو يلامس أحد أهم أسس الرقمي. من درس الرقمي يحيط بهذا الموضوع كأساس من أسسه. وهو هنا موجه أساسا لمن لا يعرفون الرقمي، وما سأوجهه لمن يعرفون الرقمي سيكون في الهامش ، ولعله هذا الموضوع يمهد سبيل بعض قرّائه إلى الرقمي. آملا أن يدركوا التباين بين رؤيته البسيطة الواضحة في هذا المجال – الخبب والمتدارك – وبين الدوامة التي تاه فيها علماء العروض قديما وحديثا.

أقدم شكري هنا لأساتذتي الذين ساعدتني مقارباتهم على بلورة شمولية جوهر الرقمي في موضوع التخاب بشكل عام، وفضلهم في هذا لا ينكر حتى لو لم ير بعضهم فيه فضلا.

سيكون الشرح كافيا بدون الرجوع للروابط التي سأذكرها لمن يبتغي الاستزاده، وعلى عادتي في المواضيع الطويلة سأنشر ما يتيسر ثم أضيف ما يسمح به الوقت.

يلامس أستاذنا بيدار – كما سنرى – كثيرا من جوانب الرقمي، ولا ينقصه إلا بلورة الرؤيا بعدسة الرقمي بعد اطراح النظر للخبب بعدسة البحور. ما كتب بالأسود فهو نص الأستاذ بيدار وما كتب ملونا فهو مني وكذلك ما كتب بين [القوسين] فهو مني بأي لون كان.

استعمال شكل الأرقام في هذا الموضوع يساعد كثيرا في عرض الجوهر. نرمز لكل مقطع بعدد حروفه كما يوضح الجدول التالي .

مكون من حرفين (متحرك=1) و (ساكن أوممدود=ه) وبالتالي فرمزه = 1ه=2

وسنتسعمل له اللون الأزرق وكل سبب أزرق اللون حتى إذا لحقه الزحاف.

مكون من متحركين 11 و نرمز له بالرمز 11=(2)

وهو مكون من متحركين فساكن 11ه ونرمز له بالرقم 3 الأحمر

السبب الخفيف

السبب الثقيل

الوتد

فاعلن= فا 2 – عِلُنْ 3 = 2 3

مستفعلن = مسْ 2 – تف 2 – علن 3 = 2 2 3

متَفاعلن = مُتَ (2) – فا 2 – عِلُنْ 3 = (2) 2 3

هذا تقريبا كل ما يلزمنا من مفردات في موضوعنا وسنرى دورها في جلاء الأمر.

الخلاصة مقدما

سألخص بدءً نظرة الرقمي المتمثلة في وجود إيقاعين متمايزين. ومن ثم سننتقل إلى استقراء العلاقة بينهما من خلال استعراض موضوع أستاذنا بشير حول العلاقة بين المتدارك والخبب باستعمال الشكل الرقمي وصولا للجوهر.

الأول :الإيقاع البحري ويمثله المتقارب ( والمتدارك) ويشمل – بطريقة ما – بحور الخليل المعروفة،

الثاني : إيقاع الخبب.

ويتداخل الإيقاعان في كل أجزاء الوافر والكامل وفي منطقة الضرب في معظم البحور حسب ضوابط بعنوان (التخاب). وفيما يلي جدول يبين خصائص كل إيقاع ( في الرقمي يقتصر الزحاف على حذف ساكن الوتد أما العصب والإضمار فيعتبران تكافؤا خببيا) .:

إن هذه الخلاصة المحدودة توفر توصيفا بسيطا مطردا يغني عن كثير من التعقيد والتيه الناجمين عن حشر الخبب في زمرة البحور ووتناوله بأدواتها من خلال نسبته للمتدارك قسرا

وثمة نتيجة لهذه الخلاصة يعرفها أهل الرقمي، وأذكرها هنا ليحملها العروضيون في أذهانهم أثناء ارتيادهم هذا الموضوع وسواه.

في النحو (كان وإن) وأخواتهما يمتد تأثيرهما عادة فيما بعدهما، ولكن في العروض هناك عاملان على نحو مختلف:

الأول : الوتد 3 وأثره فيما (قبله-مباشرة) حيث لا يقبل قبله-مباشرة سببا ثقيلا ، فإن 1 1 3 = (2) 3 لا وجود لها مطلقا، وما يرد من 1 1 3 أصله 2 2 3 زوحف كل من السببين.

الثاني : التركيبان سبب وتد = 2 3 في أول البيت و وتد سبب وتد = 3 2 3 في أي جزء من البيت نافيان لوجود السبب الثقيل في الحشو

ومع هذين العاملين يرد السؤال: ماذا لو لم يرد 3 2 3 في البيت ؟ أو 2 3 في أوله، والجواب: يدخل السبب الثقيل (2) في الحشو ولكن يكون بينه وبين الوتد 3 سبب خفيف 2 فيما يعرف بالفاصلة = (2) 2 أو بشكل أدق 2 2 وذلك لا يكون إلا في الكامل والوافر فهما البحران الوحيدان اللذان يدخل حشوهما السبب الخببي الثقيل (2) في الفاصلة.

شاع عند أغلب الدارسين للعروض أن البحر المتدارك من وضع الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة، وقد استدركه على الخليل، ويجزم البعض أنّ الأخفش كان يله ويشير البعض الآخر أنّ الخليل كان يعرفه، بينما يذهب بعضهم إلى أنّه بدعة للعروضيين، ويؤكد آخرون أنّه قديم، ثم اختلفوا في أعاريضه فجعلوا بعضها قديما وبعضها محدثا.واختلفوا في تحديد أجزائه وفي تعليل أشكالها، بينما حرص البعض على إلغاء السالم منه،والاعتراف فقط بالمخبون والمشعث، ووصلت في الأخير إلى أن المتدارك يجمع بين بحرين مختلفين، لفق العروضيون العلل والزحافات لإدماج أحدهما في الآخر.

أنظروا إلى أنّ أوّل ما يواجهنا في البحر المتدارك هو تحديد تاريخ ظهوره، والخوض في هذه

المسألة ليس بالأمر الهيّن، والنتيجة لن تكون قاطعة لسبب بسيط هو أنّ الباحث في علم العروض تواجهه مشكلتان :

أولاهما : غزارة المادّة الشعرية والتي يصعب مسحها، ولا تكفي دواوين الشعراء للوقوف على البحور التي استعملها القدماء بل يتّسع فضاء البحث إلى كتب الأدب، واللغة، والتراجم لأنّ الكثير من الأشعار،والمقطعات، والنتف لا توجد في دواوين أصحاﺑﻬا أو أنّ أصحاﺑﻬا ضاعت دواوينهم، أو أشعارهم.

وثانيهما : ضياع كتب العروض التي أّلفت في القرن الثاني والثالث ومما يؤسف له أنّ بعضها كتب في التعقيب على عمل الخليل، ومخالفته لا نعرف منها إلا العنوان أو اسم مؤّلفها ومن هؤلاء :

178

أبو محمد برزخ بن محمد الكوفي العروضي، وهو معاصر للخليل قال عنه ياقوت الحموي أنه ”هو الذي صنف كتابا في العروض نقض فيه العروض في زعمه على الخليل، وأبطل الدوائر، والألقاب، والعلل التيوضعها، ونسبها إلى قبائل العرب،وكان كذابا“ ( 1) والغريب أنّ هذا العروضي له أربعة تآليف في علم العروض وهي : ”كتاب العروض، وكتاب معاني العروض على حروف المعجم، وكتاب النقض على الخليلوكتاب الأوسط في العروض“ ( 2)، ولم يصلنا منها أيّ تأليف ولا أظنّ أن . عروضيا آخر يفوقه في هذا العدد سوى الأمين المحّليّ ت 673 أبو العبّاس الناشئ الأنباري 293 هـ : قال المسعودي ”قد زاد جماعة من الشعراء على الخليل بن أحمد في العروض... وقد صنف عبد الله بن محمد الناشئ

الكاتب الأنباري في ذلك كتابا ذكر فيه أنواعا من هذا المعنى...وللناشئ أشعار كثيرة حسان... ومصنفات واسعة في أنواع من العلوم“ ( 3) وقد نقل أبو الحسن العروضي منه كلاما وعّلق عليه.

أبو الحسن علي بن هارون بن علي بن يحيى بن أبي منصور المنجّم 277 هـ 352 هـ له كتاب "الردّ على الخليل في العروض" و"كتاب القوافي "( 4) وقد ذكر له أبو الحسن العروضي عدّة مقطوعات ردّ بعضهاإلى بحور الخليل، وتعسف في رد بعضها كما في مقطوعة :

ترَى الحاجَاتِ حَيْرَى إَذا اعْتَلَّ الوَزِيرُ........ وَيُظَْلمُ كُلُّ صَقْعٍ وَتَعْتَلُّ الأُمُورُ

وَيَبْقى النَّاسُ كالرَّكْبِ ضَلُّوْا وَسْط قفْرٍ..........وََليْسَ بِهِ دَلِيلٌ فيَهْدِي مَنْ يَجُورُ

وهي على وزن :

مفاعَلَتُن = مفا 3 – علَ (2) - تن 2 = 3 (2) 2 فعولن = فعو- لن = 3 2

مفاعلتن فعولن مفاعلتن فعولن ....... مفاعلتن فعولن مفاعلتن فعولن

3 (2) 2 3 2 3 (2) 2 3 2 ....... 3 (2) 2 3 2 3 (2) 2 3 2

فقال أبو الحسن العروضي هذه الأبيات أصلها الوافر، وأنّه عمد إلى مفاعلتن فجعل إلى جنبها فعولن،

والصحيح أﻧﻬا من بحر جديد، وليست من الوافر وعلاقتها بالوافر مثل علاقة المديد بالرمل.

مما يخالف به هذا الوزن مبادئ العروض العربي مخالفة لأصل من أصوله يعرفها كل دارس للرقمي وهي أنه لا يجتمع سبب ثقيل (2) في حشو أي بحر مع ورود التركيب وتد سبب وتد = 3 2 3 في أي موقع من البيت، أو ابتداء البيت بـ سبب وتد = 2 3 .

ويتم تحاشي هذه المخالفة بتحاشي اجتماع 3 2 3 مع (2) بطرق منها الطرق الثلاث التالية :

أولا : نقل السبب الثقيل (2) إلى سبب خفيف 2 أي عصب مفاعلَتن 3 (2) 2 بمعنى تحويلها إلى مفاعلْتن 3 2 2 = 3 4 = مفاعيلن (22=4 يجوز جمع الأرقام الزوجية ) وبذا يتحول الوزن إلى :

مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن = 3 2 2 3 2 3 2 2 3 2 = 3 4 3 2 3 4 3 2

وهذا هو البحر المهمل في دوائر الخليل المسمى ( المستطيل)[i] . وهكذا فإن ما جاء يه أبو الحسن علي بن هارون بن علي بن يحيى بن أبي منصور المنجّم في هذين البيتين لا يعدو أن يكون هذاالبحر المهمل من دائرة الخليل مع تحويل 2 2 إلى (2) 2 . ونعيده بحرا مهملا من بحور دائرة الخليل بالتعديل التالي :

ترَى الحاجَاتِ حَيْرَى إَذا اعْتَلّ الوزيرُ وَيذوي كُلُّ غصنٍ وَتَعْتَلّ الأُمُورُ

ثانيا : التخلص من 3 2 3 بحذف 2 3 فلننظر ماذا يبقى من الشطر ( سنستعمل هذا التظليل ولون

الخط كذلك من الآن فصاعدا ليعني الحذف ) : 3 (2) 2 3 2 3 (2) 2 3

تحسن قراءة الأبيات على النحو التالي فهي تجنبنا ورود العلة في الحشو ( حشر الضرب في الحشو ) :

ترَى الحاجَاتِ حَيْرَى ............إَذا اعْتَلَّ الوَزِيرُ

وَيُظَْلمُ كُلُّ صَقْعٍ.............. وَتَعْتَلُّ الأُمُورُ

[ وَيَبْقى النَّاسُ فوضى ......... تخطّفهم أمور ]

وََليْسَ لهم دَلِيلٌ..........فيَهْدِي مَنْ يَجُورُ

يبقى بعد الحذف 3 (2) 2 3 (2) 2 3 = مفا (علَ) تن – مفا (علَ) تن فعو لن وهو شطر الوافر ناقصا سببا في آخره. وقد رويت أبيات للأحنف العكبري ( ديوانه تحقيق الأستاذ سلطان محمد السلطان) عجزها على هذا الوزن، ومنها :

إذا ملك الفتى هنّاً ودنًّا ..... ومقردةً ومفلسةً وصنْ

إذا (ملَ) كل فتى هنْ ننْ ودنْ نَنْ ومق (ردَ) تن ومف (لسَ)تن وصنْ

3 (2) 2 3 2 2 3 2 3 (2) 2 3 (2) 2 3

مفا (علَ) تن مفا علْ تن فعو لن مفا (علَ) تن – مفا (علَ) تن فعو لن

(وجبّرةً) وغربالا إذا ما ..... رآه عدوّه يوما يـجنْ

وكارجة من البـُرْق اليماني ..... قُطَيْنِيَةً وكان له مسنْ

ولاح على ذراعيه سطورٌ وسبعا غابةٍ والكركدنْ

وينظر هنا في قول أبي الحسن العروضي بأن أصل الأبيات من الوافر.

ثالثا : حذف السبب الثقيل وما يكون مكانه من السبب الخفيف من الوزن

لنتأمل الصدر يبقى لدينا :

لو حذفنا ما ظلل لكان ما تبقى = 3 2 3 2 3 2 = فعولن فعولن فعولن .

وهو بعد حذف المظلل مجزوء المتقارب.

طال استطرادنا هذا، وإحدى نتائجه استعمال الرمز 2 في الجدول أعلاه، ومعنى هذا الرمز أنه يجوز في هذا السبب أن يكون خفيفا 1ه=2 أو ثقيلا 11=(2) ولا يكون ذلك في حشو البحور أبدا إلا في الكامل والوافر.

في الكامل متَـ ـفاعلن = (2) 2 3 متْـ ـفاعلن = 2 2 3 ولنشمل الإثنين نستعمل 2 2 3

في الوافر مفاعلَـ ـتن = 3 (2) 2 مفاعلْـ ـتن = 3 2 2 ولنشمل الإثنين نستعمل 3 2 2

2 2 هذه تسمى فاصلة أول سببيها تحته خط ( نسميه سببا خببيا ) ونعني بذلك أنه يجوز أن يكون ثقيلا أوخفيفا وهذا في الرقمي لا يدخل في باب الزحاف فالسب الخببي ذو شخصيتين متكافئتين. بينما يقتصر الزحاف على حذف ساكن السبب الخفيف.

هذا ما يذكر عن بعض العروضيين الرواد الذين لم يحفظ لنا التاريخ تآليفهم. والأهمّ من هذا كّله أنّ ما تركه الخليل في علم العروض وهو مؤسّسه لم يصلنا منه أيّ تأليف في العروض له، فقد ذكر المترجمون أنّ لهكتابا سمّاه "العروض" ،وانفرد الزبيديّ

179

بذكر كتابين آخرين للخليل عرضا، وذلك عند الترجمة لعبّاس بن فرناس حيث ذكر أنّه ”جلب بعض التجّار كتاب المثال من العروض للخليل فصار إلى الأمير عبد الرحمن . أخبرني أبو الفرج الفتى وكان من خيارفتياﻧﻬم قال كان ذلك الكتاب يتلاهى به في القصر، حتى أنّ بعض الجواري كان يقول لبعض: صيّر الله عقلك كعقل الذي ملأ كتابه ( مِمَا، مِمَّا(، فبلغ الخبر ابن فرناس فرفع إلى الأمير يسأله إخراج الكتاب إليه، ففعلفأدرك منه علم العروض، وقال هذا كتاب قبله ما يفسّره فوجّه به إلى أمير

المشرق في ذلك فأتى بكتاب الفرش فوصله الأمير بثلثمائة دينار وكساه“ 5 هل كتاب الفرش، وكتاب المثال الّلذان ذكرهما الزبيديّ تأليفان مختلفان عن كتاب العروض للخليل أم هما مجرّد جزءين لكتاب العروض؟.

أنّ ما نجزم به هو أنّه لم يشر أحد إلى أنّ كتاب العروض يقع في جزأين، وإن ذكر بعضهم أنه ضخم فلم ينقل لنا أحد عبارة (مما، ممَّا) التي ملأ ﺑﻬا الخليل كتاب المثال وهي على وزن مفاعيلن حيث تدل على أنّ الخليلاستعمل كذلك التقطيع المقطعيّ الموسيقيّ المشابه ل ( تَ وتَنْ ( أو( تَ وتَكْ( عند الموسيقيين، أو ما يسميه الفارابي بالمقطع القصير، والمقطع الطويل( 6) والخليل كما هو معلوم له "كتاب الإيقاع" و"كتاب في النغم".

تَ =1 تنْ = 2 تَتَنْ = 3 عِ =1 لُنْ = 2 عِلُنْ =3

وهكذا يتشابه التدوينان الموسيقي والعروضي من خلال تجريد الأرقام في تمثيلها لكل منهما. وأغلب الظن أن يتشابه ما كتبه الخليل في هذا المجال أو ما سيكتبه سواه مع ما ورد عن ذلك في كتاب أوزان الألحان للدكتور أحمد رجائي وقد نقلت بعضه بتعبير رقمي على الرابط:

http://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/alhaan

لقد اعترف إسحاق الموصلي بفضله حين أّلف كتابا مماثلا في النغم؛ فقد ذكر أبو بكر الزبيديّ أنّه :”لما صنع إسحاق بن إبراهيم كتابه في النغم والّلحون عرضه على إبراهيم بن المهدي فقال أحسنت يا أبا محمّد وكثيراما تحسن فقال أسحاق : بل أحسن الخليل، لأنّه جعل السّبيل إلى الإحسان“ 7

وهذا الخبر يؤ كد أنّ كتاب النغم للخليل كان في الموسيقى وليس في النغم النحوي المقابل ل (prosodie) أو التنغيم (intonation) كما أوّلها البعض( 8)، وأنّ إسحاق ،الموصليّ استفاد منه، وإذا علمنا كما ذكرياقوت الحموي أنَّ الخليل ”كانت معرفته بالإيقاع [ هي التي ( 9) أحدثت ] له علم العروض“( 10 )، فلا يستبعد أن يكون قد حاول استعمال الإيقاع الموسيقي لتحديد أوزان الشعر في بادئ الأمر ثم استعمل

التفعيلات، وعّلة ذلك ”أنّهما متقاربان في المأخذ“( 11 ) على حدّ قول ابن خلكان.وإذا ما رجعنا إلى إشارة الزبيديّ فإﻧﻬا لا تكفي لأخذ فكرة واضحة وتامة عن كيفيّة تناول الخليل في كتابي "الفرش" و"المثال" وعنمحاولة تقطيعه للشعر بطريقة غير التي

180

عرفناها عنه، وقد حاولت التفتيش فيما هو منثور في بعض كتب العروض وبعض كتب التراجم، فلم يسعفني البحث لالتقاط أي إشارة أخرى عن هذين التأليفين. وما وجدته عند "ابن عبد ربّه" في العقد الفريد في (كتابالجوهرة الثانية في أعاريض الشعر وعلل القوافي) حيث قسّمه إلى جزئين جزء للفرش وجزء للمثالوفعل مثل ذلك في أرجوزته قائلا :

) ”هَذا اخْتِصَارُ الَفرْشِ مِنْ مََقالِي......وبَعْدَهُأقُول فِي المِثَالِ“ ( 12

فلا علاقة لهذا التقسيم بكتابي الخليل، وقطعا لم ينقل منهما لأنّه استعمل تفعيلات العروض المعروفة لا غير؛ ويضعنا ابن عبد ربه أمام احتمالين الاحتمال الأول لا يستبعد أن يكون اطلع عليه، نظرا لصعوبته كما ذكرواولأجل شيوع كتاب العروض للخليل وسهولة مأخذه، لم ينقل منه سوى العنوانين والاحتمال الثاني أن يكون سمع به ولم يره فاستعار العنوانين فقط، وذلك لوجود الكتابين ( الفرش والمثال) في المكتبة الخاصّة لأمراء بني أمية في الأندلس والزبيدي نفسه لم يره لعسر الوصول إليه.وممّا يدل على نقل ابن عبد ربّه من كتاب العروض للخليل فقط اقتباسه البيت الأخير .(من كل مقطعة على ما يذكر ”من الأبيات التي استشهد ﺑﻬا الخليلفي عروضه“ ( 13

أنّ من يريد أن يبحث عمّا تركه الخليل في علم العروض لن يجد تلميذا مباشرا واحدا وصلنا تأليفا له بالنقل عنه مباشرة. وأقدم كتاب وصلنا في العروض هو كتاب "العروض" مع كتاب "القوافي" للأخفش

الأوسط سعيد بن مسعدة ت 215 ه ويجزم العلماء أنه لم يتتلمذ على الخليل، ولا توجد في كتاب العروض للأخفش رواية صريحة يقول فيها "قال لي الخليل" بينما يروي عن تلاميذ الخليل دون أن يذكر أسماءهم كأنيقول14: ( وزعموا أن الخليل) ، (وأخبرني من أثق به هذا البيت عن الخليل) ، ( وكان الخليل زعموا لا يجيزه). ولهذا احتار الأخفش في مسألة من المسائل فقال: ”وقد ذكر الخليل في الجملة ثلاثين

قافية ولم يذكر في التفسير إلا تسعا وعشرين فلا أدري أيّهما كان منه الغلط إلا أﻧﻬم رووْا هذا هكذا وقد ذكروا ما أخبرتك به“( 15 )، ففي هذا النصّ ما يد ل على أنّ الأخفش ينقل أقوال الخليل من تلاميذه الذين رووْاعلمه، وليس مباشرة عنه ممّا يؤيّد جزم القدماء بأنّ أبا الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش لم يتتلمذ الخليل فقد ذكر ابن جني قال: ”وقاللي أبو علي رحمه الله يكاد يعرف صدق أبي الحسن ضرورة، وذلك أنه

181

كان مع الخليل في بلد واحد فلم يحك عنه حرفا واحدا“( 16 )، ويضاف إلى هذا روايته لكتاب سيبويه، وكان بإمكانه أن ينسبه لنفسه، ولم يفعل، ولم يدخل اسمه فيه، ولا رأيه 17 ، فشهادة أبي علي الفارسي السابقةصحيحة تبطل ما ذهب إليه د.عزة حسن( 18 ) من إصراره على تلمذة الأخفش على الخليل بغير حجة، أو نصّ واضح للأخفش، أو لمعاصريه، أو تلاميذه يثبت ادّعاءه هذا الذي جزم فيه العلماء الثقات بالنفي. وإذا ماتصّفحنا كتاب الأخفش، وجدنا فيه خمسة عشر بحرا فقط، ولا توجد أدنى إشارة إلى بحر المتدارك الذي نقتفي أثره. ولا توجد أيّة معلومة في كتب العروضيين المتوّّفرة تفيد أنّ بحر المتدارك من اختراع الأخفش قبلالقرن السابع، ولعل ابن خلكان في وفيات الأعيان يكون أوّل من نسب له اختراع بحر الخبب عند التعرّض لترجمته حيث قال: ”وهذا الأخفش هو الذي زاد في العروض بحر الخبب“ ( 19 ) ولم يذكر من أين نقلها.ومعخلوّ كتب العروض من القرن الثالث إلى القرن السادس من أيّ إشارة تفيد أنّ الأخفش اخترعه نفى بعض العروضيين المعاصرين وهم محّقون أن يكون الأخفش تداركه على الخليل

نسبة هذا القول الذي نجم عنه خلط كبير لاحقا إلى مؤرخ لا يفترض أن يكون ضليعا في علم العروض فيها راحة للنفس من جهة ، ذلك أنها تبرئ الأخفش من تهمة الاستدراك على الخليل بما توحي به من جهل بدوائر الخليل من جهة وتثير كذلك الحزن نظرا لتردد هذه المقولة قرونا دون نقد تجسيدا لمنهج النقل دون إعمال العقل الذي ساد طويلا.

.وإذا ما تجاوزنا الأخفش إلى القرن الرابع نجد عبارة لأبي حيان التوحيدي على لسان

أحد المتمّلقين يمدح الصاحب بن عباد قائلا :”قد استدرك مولانا على الخليل في العروض“ ( 20 ) وإذا كان ممكنا أن يستفاد من هذا القول أنّه أضاف البحر المتدارك فأنّ السياق يد ل على مبالغة المادح في الإطراءالساخر حيث يعمّ استدراكه جميع العلوم، والفنون، ويشمل كل أساتيذها كأبي عمرو بن العلاء، وأبي يوسف، والإسكافي، وابن نوبخت، وابن مجاهد، والطبري، وأرسططاليس، والكندي،...والجاحظ، ويوحنا … فليسإذا هذا الإطراء سوى ديباجة مزجاة من صنع أبي حيان التوحيدي يستهزئ فيها

بالصاحب فهي ذمّ في صورة مدح، ولا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن يفهم من هذا النصّ أنّه استدرك البحر المتدارك أو أيّ شيء على الخليل وكتابه المطبوع خال من الإشارة لهذا البحر.ولعدم وجود أيّ شاهد خارجكتب العروض اتّهم أستاذنا الدكتور "مصطفى حركات" جمهور العروضيين باختلاق المتدارك السالم وقسم المتدارك إلى نوعين :مجلة الآداب واللغات – العدد الخامس – جوان 2006

182

1 متدارك العروضيين :”وتفعيلتاه المستعملتان هما فاعلن السالمة من الزحاف وفعلن المخبونة وهذا البحر مفقود في الشعر لا نجد له أمثلة إلا في كتب العروض (21)“ وتعليل الأستاذ في وجوب إهمال هذا الوزنيعود إلى سببين:

السبب الأول : هو كون المتدارك السالم ”لا يختلف عن المتقارب إلا في حرف أو حرفين ببداية البيت فلو جعلنا في البيت السابق على حدة المقطع "زا" لحصّلنا على ما يلي:

زَا/ رَنِي زَوْرًَة طيُْفهَا فِي ال............ كرَىفاعْتَرَانِي لِمَنْ زَارَنِي مَا اعْتَرَى

لن/فعولن فعولن فعولن فعو لن..................فعولن فعولن فعولن فعو

والشعراء ليسوا بحاجة إلى بحر لا يختلف عن المتقارب إ لا بمقدار ذرّة لا يدركها .( السّامع في غالب الأحيان“ ( 22

إنّنا لو درجنا على سمت الأستاذ مصطفى حركات فيما فعله ببيت السكاكيّ، وفعلنا مثله مع كل بحر يبتدئ بسبب، أو ذرّة كما يقول لألغينا بحورا أخرى كبحر الرمل أو الرجز مثل: فا/ علاتن فاعلاتن فاعلن فا /علاتنفاعلاتن فاعلن............ /مفاعيلن مفاعيلن فعولن /مفاعيلن مفاعيلن فعولن

فنحصل بذلك على بحر الهزج التام ذي العروض والضرب المحذوفين، وكذلك مع بحر الرجز نحصل على الرمل فلهذا لا يمكن أن نجاري الأستاذ ونعتبر السبب ذرّة فهو وحدة مقطعيّة لها قيمتها، والسامع الذي لايدركها لا يمكن أن يدرك أيّ ضرب من أيّ بحر إذا علمنا أنّ الحرف الساكن، أو المتحرك ﺑﻬما تختلف الضروب في البحور فكيف باجتماعهما.

أنا مع الأستاذ بديار في رأيه هذا، ونظرة إلى دوائر الخليل تبين أن اختلاف بحر عن آخر في ذات الدائرة بسبب في البداية أمر شائع.

ولمزيد حول ساعة البحور يرجع للرابط:

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/r8-1/f2

السبب الثاني : يرجع حسب الأستاذ مصطفى حركات إلى أنّ ”هذا البحر .( مفقود في الشعر لا نجد له

السبب الثاني : يرجع حسب الأستاذ مصطفى حركات إلى أنّ ”هذا البحر .( مفقود في الشعر لا نجد له أمثلة إلا في كتب العروض “( 23إن إلغاءه للبحر المتدارك السالم ليس بدعا حيث سبقه إلى هذا الزمخشري( 24 )،وصفي الدين الحلي الذي عرف المتدارك في أرجوزته قائلا:

حَرَ كاتُ اُلمحْدَثِ تَنْتَقِل..................فعِلنْ فعِلنْ فعِلنْ فعِلنْ

183

وإذا ما تصّفحنا كتب العروض في القرن الثالث، والرابع نجد أنّ العروضيين باستثناء أبي الحسن العروضي والجوهري أضربوا صفحا عن ذكر أمثلة للبحر المتدارك. فهل الخليل حقيقة لم يصادف هذا البحر؟

لقد أرجع الصبّان سكوت الخليل عنه إلى احتمالين فقال:”لم يذكره الخليل رحمه الله إما لأنه لم يبلغه، أو لأنه مخالف لأصوله بدخول التشعيث في حشوه وهو مختص بالأعاريض والضروب مع أن استعمال العرب لهقليل“25

أنّ دائرة المتقارب تنبئ أنّ الخليل عرف هذا البحر نظريّا على أقل تقدير وأنّ العروضيين متّفقون على أنّه أهمله [ شأن بقية البحور المهملة ] ، بل ما حاجة الخليل لأن يجعل دائرة خامسة، لا ينفك منها إ لا بحرها.وبما أنّ أيّ بحر استنبطه الخليل اطردت الشواهد عليه فأنّ البحر المتدارك لم يذكروا له شاهدا واحدا منسوبا لقائله، فهذا أبو الحسن العروضي لما تعرّض لدائرة المتفق لم يجد شاهدا على المتدارك الغريب عنده أخذهذا البيت، وهو من المتقارب:

لحا فِي هَوَاهُ فَأرْبَى عَذُول............... فمَا زَادَ بِالعَذْلِ إِلاَّ غرَامَا

فحذف الوتد لحا وجعله متأخرا ﺑﻬذه الصورة :

فِي هَوَاهُ فَأرْبَى عَذُولٌ فمَا............ زَادَ بِالعَذْلِ إِلاَّ غرَامَا لحَا

ففي استشهاده ببيت المتقارب المحوّر، ما يد ل ضمنا أنّه عازه الشاهد.

ويبدو لي أنّ الجوهري ت 393 ه بعد أن مهّد له أبو الحسن العروضي، وعبّد له طريق دخول هذا البحر إلى كتب العروض تدارك هذه المشكلة بادعائه أنّ المتدارك :

”هو مثمّن قديم، مسدّس محدث أجزاؤه فاعلن ثماني مرات“ وأظنه حاول أن يجد شاهدا

وبعد أنّ أعياه التفتيش، وأمسى جهده في بدد نظم بيتا وجعله مثالا له وهو:

.( ”َلم يَْدَعْ مَنْ مَضَى لِلذِي قدْ غبَرْ......... فضْل عِلْمٍ سِوَى أخْذِهِ بِالأََثرْ “ ) 26

2 3 2 3 2 3 2 3 ............2 3 2 3 2 3 2 3

ليدل بوزنه على وجود هذا البحر، وبمعناه على أنّه ما ترك الأول للآخر شيئا. وأما قوله (مثمّن قديم) ففيه غموض حيث لم يوضح أنه يقصد به الذي أجزاؤه على وزن فاعلن أو الذي على وزن فِعْلُنْ وأظنّه تعمّد ذلك،ليسهل تقبّله، وﺑﻬذا البيت الذي أورده وأغلب الظنّ أنه هو ناظمه يكون الجوهريّ، قد فتح بابا للعروضيين كي ينظموْا :( بأنفسهم على المتدارك السالم مثلما نظم التبريزيّ ( 27

جَاءنَا عَامِرٌ سَالِمًا صَالِحًا......... بَعْدَ مَا كَان مَا كَان مِنْ عَامِرِ

184

: والزمخشري 28

حَارَبُوْاقوْمَهُمْ ُثمَّ لم يَْرْعَوُوْا...... لِلصّلاحِ الذِي خَيْرُهُ رَاهِنُ

والسكاكيّ29

زَارَنِي زَوْرًَة طيُْفهَا فِي الكرَى............فَاعْتَرَانِي لِمَنْ زَارَنِي مَا اعْتَرَى

وقد توالت أبيات العروضيين بعد ذلك، واعتمد المتدارك رسميا في كتب العروض.

ولا بد من توضيح أن ما ذكره الدكتور مصطفى حركات من خلو شعر الشعراء تماما من الجزء فاعلن السالم على الإطلاق ليس صحيحا،

هنا مرجعيتان مختلفتان من الشعر ينصرف حكم كل من د. مصطفى حركات و د. بديار البشير إلى واحدة منهما. لا يعقل أن د. حركات يجهل أنه قد ورد في العصر الحديث الكثير من المتدارك ( فاعلن = 2 3 ) وأغلبه مجزوء. وأعتقد أن قصد د. حركات متوجه إلى خلو شعر الشعراء في العصور السابقة التي شهدت تأليف كتب العروض التي حوت شواهد لللمتدارك معدة خصيصا لتلك الكتب دون أن تستقي شيئا منها من شعر معاصر لها أو سابق. في حين أن د. بديار يشير إلى شعراء العصر الحديث.

بل وإن كانت الأمثلة القديمة لهذا البحر في كتب العروض فقط فلم يمنع هذا من وجود قصائد، أو أنشودات كثيرة على هذا البحر تامه ومجزوئه، ومشطوره نظمها الشعراء في العصر الحديث كالشابي، وميخائيل نعيمة، وغيرهم، وهذه بعض الأمثلة:

قال أحمد عروة في لازمة نشيد اتحاد العمال30 :

اِعْمَُلوْا نَاضُِلوْا يَا جُنُودَ العَمَلْ......... وَحِّدُوْا جَدِّدُوْا يَا وُُفودَ الأَمَلْ

وقال محمد المرزوقي 31:

مِنْ خِلال الغُيُومْ ....... ْلمَعَتْ فِي الَفضَا

وقالعبد الحميد بن باديس 32 :

اِشْهَدِي يَا سَمَاءْ............ وَا ْ كتُبَنْ يَا وُجُودْ

وقول مفدي زكريا :

َاعْصِفِي يَا رِيَاحْ...... وَاْقصِفِي يَا رُعُودْ

وقول محمد صالح رمضان 33:

َقدْ حَ لا لِي السَّمَرْ............ تَحْتَ ضَوْءِ الَقمَرْ

وقالمحمود أبو الوفاء : 34

يَا شَهِيدَ الوَ طنْ............ يَا مَِثا ل الوََفا

وقال أخر 35:

اِرَْفعُوْا صَوْتَكمْ............ وَاهْتُِفوْا لِلْعََلمْ

وقال آخر في لازمة أنشودة :

رَغْمَ أنْفِ العِدَى......نَحْنُ قَوْمٌ عَرَبْ

185

َ لا نُبَالِي الرّدَى............فِي سَبِيلِ النَّسَبْ

وقالعبد الوهاب البياتي 36:

يَاملاكِي الصَّغِيرةْ............ لا عَرَفْتَ الأََلمْ

وقال آخر في نشيد:

ْأنْشِدُوْا أنْشِدُوا يَا شَبابْ...... أنْشِدُوْا ُ كلَّلحْنٍ حَسَنْ

وقال أبو القاسم الشابِّيّ:

أسْكنِي يَا جِرَاحْ...... وَاسْكتِي يَا شُجُون

قال ميخائيل نعيمة:

سَقْفُ بَيْتِي حَدِيدْ............رُكْنُ بَيْتِي حَجَرْ

وقال أبو شادي: 37

يَاأمَلِْ...............يَاأمَلْ

يَا هَوَى............... فِي حَُللْ

يَا حلىً............ لِلْبطلْ

يَا قِوَى............ فِي جََللْ

2 المتدارك الشعراء :

هكذا سمّى الأستاذ مصطفى حركات البحر المتدارك المشعّث المخبون مبني على التفعيلتين( َفعَُِلنْ)، و(فعُْلنْ) ، وسبب التسمية يرجع حسب الأستاذ إلى كونه ”لم يتكلم . عنه العروضيون إلا بعد قصيدة الحصري يا ليلالصب متى غده…“ 38

فالحصري هو الذي ابتدعه لأنه ليس بعروضيّ بل شاعر نسج على هذا الوزن، وهذا خطأ فادح حيث أن وجود هذا الوزن كان أسبق من وجود السالم في كتب العروض.وما يدك ادّعاء الأستاذ مصطفى حركات هو أنَّالخليل كان على علم ﺑﻬذا البحر مخبونه، ومشعّثه

مخبونه : يمكن أن ينظر فيها

مشعّثه : من وجهة نظر الرقمي لا يمكن استعمالها في مجال الخبب فالتشعيث محله الوتد في الضرب (ولا وتد في خبب) سواء في ذلك الحشو والضرب

ما أورده أبو الطيب اللغوي ت 351 ه حيث يروي عن ثقات ”أنّ للخليل قصيدة على فعَلُنْ فعَلُنْ ثلاث متحركات وساكن وأخرى على فعُْلنْ فعُْلنْ بمتحرك وساكن فالتي على ثلاث متحركات قصيدته التي فيها :

سُئِلُوْ افَأبَوْاْ فَلَقدْ بَخَلُوْا...... فَلبِئْسَ لعَمْرُكَ مَا فعلوا

186

َأبَكيْتَ عََلى طَللٍ طرَبًا............ فَشَجَاكَ وَأحْزَنَكَ الطََّللُ

والتي على فعُْلنْ ساكن العين قوله :

هَذا عَمْرٌو يَسْتَعْفِي مِنْ............ زَيْدٍ عِنْدَ الَفضْلِ الَقاضِي

َفانْهُوْا عَمْرًا إِنِّي أخْشَى............صَوْ ل اللَّيْثِ العَادِي [الماضي]

َليْسَ اَلمرْءُ ا لحامِي أنْفًا.........مِثْل اَلمرْءِ الضَّيْمَ الرَّاضِي

فاستخرج المحدثون من هذين الوزنين وزنا سموه ( المخلع) وخلطوا فيه بين أجزاء . هذا وأجزاء هذا.“ 39 وقد جعل المحقق كلمة ) المخّلع ( بين حاصرتين لعدم وضوحها في الكتابة وهذا تقدير خاطئ، ولا يمكنأن يكون أبو الطيّب كان يقصد به مخلع البسيط كما ذهب المحقق محمد أبو الفضل إبراهيم( 40 ) لأن مخّلع البسيط وزن قديم( 41 )، ونصّ أبي الطيب اللغوي واضح إذ يشير إلى الخلط بين الجزءين (فَعِلُنْ) و ( فَعْلُنْ ) وليس بين مستفعلن، وفاعلن، وفعولن، ويقينا سمّوه المخترع لا المخّلع لاشتراك المصطلحين في ثلاثة حروف فهذا النص إذا يثبت قطعا أنّ المحدّثين من الشعراء على الأقل منذ الخليل، وحتىّ النصف الأوّل منالقرن الرابع نظموا في المتدارك المشعّث المخبون.وإذا علمنا أنّ الخليل هو أوّل من خرج عن أوزان العروض بعد وضعه لهذا العلم حيث ذكر أبو الطيب اللغوي أنّه ”أحدث الخليل أنواعا من الشعر ليست في أوزان العرب“ ( 42 ) فلا يستبعد أن يكون البيتان من نظمه.والغريب أنّ تلميذ الخليل، مع تلميذ تلميذه اتّبعاه في هذا التجديد بخروجهم على البحور الخمسة عشر المعروفة فأمّا تلميذه عبد الله بن هارون بن السميدع فذكرواأنه ”من أهل البصرة أخذ العروض عن الخليل بن أحمد فكان مقدّما فيه، وانقطع إلى آل سليمان بن علي وأدب أولادهم وكان يمدحهم كثيرا فأكثر شعره فيهم وهو مقل جدا وكان يقول أوزانا في العروض غريبة فيشعره “( 43 )، وللأسف لم يتوّفر بين يدي

الأصفهاني صاحب كتاب "الأغاني " أيّ مثال على خروجه عن العروض لانقطاع أخباره كما يقول فلم يقف على أخبار وأشعار هذا العروضي ولأجل اهتمام الناس بالأشعار المغناة وصله بيتان فقط من مجزوء الكاملتغنى له هي :

يَاأيُّهَا الرَّجُل الذِي............ قدْ زَان مَنْطَِقهُ البَيَان

187

َ لا تَعْتَبَنَّ عََلى الزَّمَانِ -م-فَليْسَ يُعْتِبُكَ الزَّمَان

وإذا تتبعنا أخبار عبد الله بن هارون وجدنا أيضا له تلميذا اسمه رزين العروضي 44 ”أخذ ذلك عنه ونحا نحوه … فأتى ببدائع جمة وجعل أكثر شعره من هذا الجنس“ : ( 45 ) ورووْا له قصيدة في مدح الحسن بنسهل نقل منها ياقوت ثلاثة عشر بيتا ومنها( 46 )

َقرَّبُوْا جِمَاَلهُمُ لِلْرَّحِيلِ...... غُدْوَةًأحِبَّتَكَ الأَْقرَبُوكْ

خَلَّفُوكَ ُثمَّ مَضَوْْا مُدْلِجِينَ... مُنَْفرِدًا بِهَمِّكَ مَا وَدَّعُوكْ

مَنْ مُبَلِّغٌ لَِأخِي] ( 47 ) اَلمكْرُمَاتِ...... مِدْحَةً مُحَبَّرَةً فِيأُلوكْ

وهي على وزن

: مَفْعُ لاتُ مُفْتَعِلُنْ مَفعُولاتُ............ مَفْعُ لاتُ مُفْتَعِلُنْ مَ ْ فعُ لا ْ ن

وهو وزن محدث لا علاقة له بالمنسرح.

هل هذا الوزن أحد بدائعه، وهل هو بديع حقا ؟

َقرَّبُوْا جِمَاَلهُمُ لِلْرَّحِيلِ غُدْوَةًأحِبَّتَكَ الأَْقرَبُوكْ

2 3 3 1 3 2 3 2 2 3 3 1 3 2 3 ه

2 3 1 – 2 1 3 – 2 3 1 = فاعلاتُ مفتعلن فاعلاتُ

فلنقارن أول هذه الأبيات مع النص المعدل التالي:

َقرَّبُوْها جِمَاَلهُممْ لِلْرَّحِيلِ غُدْوَةً همْ أولاكَ أهل السبيلِ

2 3 2 3 3 2 3 2 2 3 2 3 3 2 3 2

2 3 2 – 3 3 – 2 3 2 = فاعلاتن متفعلن فاعلاتن

إذن إذا بدأ بالخفيف وألحقنا الكف بتفعيلة فاعلاتن 2 3 2 جعلناها فاعلاتُ 2 3 1 ( وهو زحاف ثقيل ) ثم أجرينا طي مستفعلن أو مستفع لن وهو ممتنع فإننا نحصل على هذا الوزن.

هل هذا بديع من البدائع الجمة أم هو وزن مشتق من الخفيف [i] عبر إلزامه بزحاف ثقيل ( كف فاعلاتن ) مرتين وزحاف ممتنع ( طي مستفع لن ) مرة ؟

يلاحظ هنا اختلاف عجز البيت الثاني : منفردا بهمّك ما ودعوكْ = 2 1 3 3 1 3 2 3 ه

ويمكننا النظر لهذا الوزن على أنه كما يلي

2 3 3 1 3 - 2 3 1 = مفعلاتُ مستعلن - فاعلاتُ = المقتضب + فاعلاتُ

وانظر إلى المقتضب في أوائل الأشطر.

َقرَّبُوْا جِمَاَلهُمُ لِلْرَّحِيلِ غُدْوَةً أحِبَّتَكاالأَْقرَبُوكْ

تاريخ ظهور المشعث المخبون :

يرى الأستاذ مصطفى حركات أن الوزن المكوّن من فعِلن وفعْلن ظهر مع قصيدة الحصري التي مطلعها :

. ويقرّر جازما أنه :”لم يتكلم عنه العروضيون قبل هذه القصيدة“49

بينما يرى ميشال أديب أن مخترعه هو التبريزي (ت 502 ه) بحجة أنّه لم يذكره قبله أيّ عروضي 50. والغريب أنّ التبريزيّ نفسه يقرّ ضمنا أنّه مسبوق قال: ”ومن أصل الخليل أنّ هذه الدائرة لم ينفك فيها منالمتقارب غيره فأفرده في الدائرة، ومن أصل غيره أنه لما انفك منه المحدث...“( 51 ) ثم قال: ”فأجازوا فيه الخبن...ثم سكنوا العين...فسمَّوه الغريب...“( 52 ) فالغير والذين أجازوا، والذين سموه الغريب هم طبعا سابقون على التبريزيّ. وأمّا زعم الأستاذ مصطفى حركات أنّ مبتدع الخبب هو أبو الحسن عليّ بن عبد الغنيّ الفهريّ الحصريّ فغير صحيح، ومن الثابت أن هذه القصيدة نظمها في مدح الأمير الأندلسي عبد الرحمن بنمحمد بن الطاهر عند اتصاله به 53 في الفترة ما بين سنة 469هـ وبين سنة 471 هـ.

يَاليْلُ الصَّبُّ مَتَى غدُهُ............ أقِيَامُ السَّاعَةِ مَوْعِدُهُ48

188

وإن لم تصلنا أيّة قصيدة كاملة على الخبب غير أنّه توجد أيضا قصيدة لأبي حامد الغزالي ت 505 هـ

الشدَُّة أوْدَتْ بِالمُهَجِ...... يَا رَبِّ فعَجِّلْ بِالَفرَجِ

وقد تتلمذ عليه حسب البعض أبو الفضل النحوي صاحب "المنفرجة" وكأنّه عارض الغزالي إذ يقول في مطلعها :

أ- اشْتَدِّي َأزْمَةُ تَنَْفرٍجِي......قد آذن َليْلُكِ بِالبََلجِ

ولا ندري أنظم الغزالي أسبق أم الحصريّ ؟ فكلا الأمرين جائز، ويمكن بالتالي أن ينازع الغزاليُّ الحصريَّ في أسبقية نظم قصيدته هذا من جهة، ومن جهة أخرى ليس الحصريّ، ولا الغزالي رائدين في نظمهما علىالخبب أو متدارك الشعراء على حدّ قول الأستاذ مصطفى حركات بل هما مسبوقان.

تاريخ ظهور الخبب :

ينبغي الرجوع إلى كتب القرن الرابع الهجري حيث أنّ في النصف الأوّل منه ثلاثة كتب أشار فيها مؤلفوها إلى هذا البحر صراحة وهم :

1 المسعودي ت 346 ه: ذكر عند تعرّضه لبيتي أبي العتاهية وهما على وزن فِعُْلنْ أربع مرات أنه :”قد قال قوم : إن العرب لم تقل على وزن هذا شعرا ولا ذكره الخليل ولا غيره من العروضيين“ ( 54 )ولكنه لميعلق على هذه القالة،فيفهم من هذا أنه أقرهم عليها، وإيراده كلمة قوم تعني أنه تعرض له قبله آخرون، وأما نفي أن يكون ذكره العروضيون بعد الخليل، فهذا غير صحيح كما سيأتي.

2 أبو الحسن العروضي الذي هو صديق للمسعودي في حديثه عن الدائرة الخامسة أورد الحوار التالي:”فإن قال قائل فما اسم هذا الباب من هذه الدائرة ؟ قيل له لم ير الخليل ذكر هذا الباب البتة، ونحن نسميه "الغريب" فإن قال فهل وجدت منه شيئا مرويا قيل له: أكثر من أن يحصى في شعر المحدثين خاصة فأما القديم فترر قليل فمما قيل أنه قديم قوله :

َأشَجَاك تَشَتُّتُ شِعْبِ الحَيْـ......(م)... ـيِ فَانْتَ لهُ أرِقُ وَصِبُ

فهذه القصيدة مشهورة ولولا الإطالة لذكرناها وقوله...:

زُمَّتْ إبِلٌ للبَيْنِ ضُحًى......... فِي غوْرِ تِهَامََةقدْ سََلكوا

189

وليست في شهرة الأولى.فأما المحدثون فقد أكثروا من هذا الوزن، من ذلك قوله [ قول الشاعر ] :

منْ أجْل مُطوََّقة هَتََفتْ......أسْبَلْتَ دُمُوعَكَ تَنْهَملُ

وقوله :

يَا دارُ كسَتْكِ يَدُ اُلمزُنِ.........بُرُدًا بِمَُفوََّفةِِ اليَمَنِ

وقوله :

رَحََلتْ بِسُمَيَّتِكَ الإبِلُ ُ...............فَثوَيْتَ وَعَقُلكَ مُخْتَبِل

وقوله :

سَارَتْ بِمَدَائِحِكَ النُّجُبُ...... وَجزَوْكَ الخيْرَ بِمَا احْتََقبُوْا

وهذا كثير وفي ما ذكرناه كفاية“55

إنَّ ما ورد في هذا النصّ من أمثلة يدل على أنّ الوزن قديم حيث ذكر بيتين أحدهما من قصيدة لعمرو الجني، وأظنّه شاعرا مخضرما، وما يفهم من عبارة ”وأما المحدثون فقد أكثروا من هذا الوزن“ يجزم أن شعراءآخرين سبقوا بقرن ونصف على أقل تقدير الحصريّ، فلا الحصري ولا التبريزي إذا كانا سابقين لهذا البحر.وأما إغفال الخليل لهذا الوزن فيعّلله أبو الحسن العروضي قائلا : ”فأما ترك الخليل

ذكر هذا وإخراجه عن أشعار العرب فلأشياء نحن نذكرها مشروحة مبيّنة إن شاء الله، فمنها : أن هذا النوع من الشعرلمّا قل ولم يروَ منه عن العرب إلا الترر القليل ؛ ولعله أيضا مع قلته لم يقع إليه،أضرب عن ذكرهولم يلحقه بأوزاﻧﻬم ؛ وأيضا فأنّ هذا الوزن قد لحقه فساد في نفس بنائه أوجب ردّه، وذلك أنه يجيء في حشو أبياته فعْلن ساكن العين، ومثل هذا لا يقع إلا في الضرب خاصّة، أو في العروض إذا كانت مصرّعة، فأمافي حشو البيت فغير جائز، وما علم في شيء من أشعار العرب. وذلك أنّ الزحاف إنّما يكون في الأسباب، والقطع في الأوتاد، ولا يكون القطع إ لا في ضرب، ولا يكون إلا في وتد. فلمّا جاء هذا النوعمخالفا لسائر أنواع الشعر ترك وطرح“ ( 56 )، ويمكن إزاحة السبب الأول والثاني حيث ثبت نظم الخليل عليه وإبقاء السبب الأخير فقط.

الخبب ليس بحرا، وليست أجزاؤه تفاعيل بل هي أسباب لا أكثر ولا أقل وهو بهذه الصفة إيقاع قائم بذاته يتميز عن كافة البحور والمتدارك خاصة، بأنه لا وتد ولا زحاف فيه وإدخاله في إطار المتدارك تولد عنه تحايل لتربيع المدور أو تثليث المستطيل.

هنا تيه وضياع قديم جديد، والأمر في هذا كمن يؤمن بأن الزواج من الجن واقع ثم يؤمن بإمكان التناسل نتيجة لهذا الزواج، ثم يقول إن النسل الناتج عن ذلك أربعة أجناس أو خمسة أو أكثر. وأن منها الذكر والأنثى والخنثى وأصناف بين بين ، كما تختلف بين هذه الأصناف نِسَبُ الخصائص الجنسية والإنسية ثم ينصرف بعد ذلك إلى تفريع أحكام التوارث بين هذه الأصناف، ويدلي كل بدلوه ويحتدم الخلاف حول هذه النسب دون أن يكلف أحد نفسه طيلة قرون بإعادة النظر في أصل المشكلة. وأصل المشكلة ناجم من الأخذ بإمكان التزاوج ثم التناسل بين صنفين من عالمين مختلفين. ولم تبدأ إعادة النظر في أساس المشكلة إلا في العصر الحديث. وممن اطلعت على آراء لهم في هذا الاتجاه من العروضيين د.أحمد مستجير، د. عمر خلوف، د. أحمد رجائي، الأستاذ سليمان أبوستة، ويجيء بحث الأستاذ بديار البشير معلما جليا في هذا السياق. على تفاوت بينهم في تصور مداه وشموله.

هل التمايز بين المتدارك والخبب مقتصر على وزنيهما، أم أن له آثارا أخرى على النظرة إلى العروض العربي كله ؟ وهل تطرق أحد إلى هذا الموضوع؟

هذا ما ستتم الإجابة عليه لاحقا.

كيف وصل المتدارك إلى كتب العروض ؟

190

يبدو أنّ محاولة إدخاله في كتب العروض قديمة فقد ذكر أبو الحسن العروضي أنّ قبله حاول البعض جعل وزن فعْلن فعْلن = فعْ لُنْ فعْ لُنْ = 2 2 2 2

على مفعولاتن = مفْ عو لا تُنْ = 2 2 2 2

الجوهر واحد وهو أربعة أسباب خفيفية والفارق في اختيار المظهر اللفظي لذلك الجوهر

كما أثار الزمخشري في مقدمّة كتابه في العروض مشكلة قبول هذاالبحر عند العروضيين، وذكر ”أن بناء الشعر العربي على وزن المخترع الخارج عن بحور شعر العرب لا يقدح في كونه شعرا عند بعضهم، وبعضهم أبى ذلك وزعم أنّه لا يكون شعرا حتى يحامى فيه وزن من أوزاﻧﻬم“ ( 57 )، وهذا الرأي الأخير نسب في تعليق على حاشية المخطوط إلى "أبي إسحاق الزجاج" ت 311 ه مما يثبت أنّ هذا البحر كان محلنزاع بين العروضيين في أواخر القرن الثالث، والعقد الأول من القرن الرابع الهجريين على أقل تقدير.ولكنّ الفضل الحقيقي في دخول هذا البحر إلى كتب العروض رسميّا يعود للجوهريّ ) ت 393 هـ) في كتابه "عروض الورقة" فهو أوّل عروضيّ تعرّض لتنظير هذا البحر يقول عن المتدارك : ”هو مثمن قديم، مسدس محدث أجزاؤه فاعلن ثماني مرات وبيته الذي لا زحاف فيه :

لم يَْدَعْ مَنْ مَضَى لِلذِي قدْ غبَرْ...... فضْل عِلْمٍ سِوَىأخْذِهِ بِالأََثرْ “58

والحقيقة أنّ الجوهريّ كانت تجاﺑﻬه مشكلتان هما عدم اعتراف العروضيّين ﺑﻬذا البحر،وقّلة الأمثلة بل انعدام الشواهد في السالم منه، لذلك نظم هذا البيت وادّعى أنّ مثمّنه قديم، ولم يوضح إن كان مثمّنه سالما أم لاوهذا تحايل منه. ولما تعرّض إلى المخبون المشعّث ذكر أنّ شعر عمرو الجنّيّ منه وأورد له بيتا هو :

َأشَجَاكَ تَشَتُّتُ شِعْبِ الحييْـ... (م)... ـيِ فَأنْتَ لهُ أرِقٌ وَصِبُ

ونقل صاحب العمدة عنه، وأيّده قائلا: ”وشعر عمرو الجنّيّ منه وهو الذي يسميه الناس الخبب“59 وكلاهما استفاد من أبي الحسن العروضي. وأمّا الحصري فربّما يكون قد تعرّف عليه عن طريق كتاب ابن رشيق ت451 هـ أو عن طريق كتاب الورقة للجوهري،أو أبي الحسن العروضي أو أبي الطيب اللغوي أوغيرهم ممن نقلوا أبياتا على هذا الوزن أومن قصائد لمحدثين قبله، وقد أ كد أبو الحسن

العروضي أن الشعر في هذا البحر كثير.وفوق كل هذا توجد مقطعات أقدم من الحصريّ والغزّالي وقد مرّت الإشارة إلى الشاعر أبي العتاهية وهو ممن عاصروا الخليل بن أحمد إذ يوجد بيتان في ديوانه مرّ ذكرهما على هذا الوزن.

191

وأما عن المشعّث المخبون فقد أورد أبو الحسن العروضيّ بيتين هما :

إنَّ الدُّنْيَاقدْ غرَّتْنَا... وَاسْتَهْوَتْنَا وَاسْتَْلهَتْنَا

َلسْنَا نَدْرِي مَاقدَّمْنَا...... إِلاَّ لوْ أنََّا قدْ مِتْنَا

وروى التبريزي مقطعتين متشاﺑﻬتين ونسب الثانية إلى علي كرم الله وجهه وهما :

يَا ابْنَ الدُّنْيَاقدْ غرَّتْنَا.........وَاسْتَْلهَتْنَا وَاسْتَهْوَتْنَا

يَا ابْنَ الدُّنْيَا مَهْلا مَهْلا...... زن مَا يَْأتِي وَزْنًا وَزْنَا

مَا مِنْ يَوْمٍ يَمْضِي عَنَّا.........إِلاَّ أوْهَى مِنَّا رُكنَا

وذكر أنّ سيدنا علي كرم الله وجهه عندما ”سمع الناقوس فقال لمن معه من أصحابه: أتدري ما يقول هذا الناقوس فقال ألله ورسوله أعلم ….فقال:… هذا الناقوس يقول :

حَقًّا حَقًّا حَقًّا حَقَّا......صِدْقًا صِدْقًا صِدْقًا صِدَْقا

يَا ابْنَ الدُّنْيَا جَمْعًا جَمْعًا...... إِنَّ الدُّنْيَاقدْ غرَّتْنَا

يَا ابْنَ الدُّنْيَا مَهْلاً مَهْلاً... لسْنَا نَدْرِي مَافرَّ ْ طنَا

مَا مِنْ يَوْمٍ يَمْضِي...... عَنَّا إِلاَّأوْهَى مِنَّا رُكنَا

مَا مِنْ يَوْمٍ يَمْضِي عَنَّا إِلاَّأمْضَى مِنَّاقرْنَا “60

وفي البيت الأوّل من هذه المقطوعة عيب الإجازة وهو اختلاف مخرج القاف والنون ويصعب الجزم بنسبتها كما يصعب نفيها عن سيدنا عليّ كرم الله وجهه إذا علمنا أن ﻧﻬج البلاغة كذلك جمع في عصر التبريزي.وقدأورد الزمخشري أيضا في القسطاس بيتا كأنّه مسلوخ من هذه الأبيات، وهو:

َأهْلُ الدُّنْيَا كُلٌّ......... نَقلاً نَقلاً دَْفنًا

(61)

وقد نسب الباحث التونسي نور الدين صمود بيتا لامرئ القيس وهو :

الشَّحْطُ خَلِيطُكَ إِذْ بَكرُوْا...... وَنََأوْا فمَضَى بِهِمُ السََّفرُ

. ولم أجد هذا البيت في طبعتين مختلفتين لديوانه، فلا أدري من أين نقله 62

اختلاف تسمية هذا البحر :

192

بقية الموضوع على الرابط:

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/dr-bidyar-mutadrak-hkabab/bidyar-mutadarak-khabab-2

__________________________________________

[i] نعرف في الرقمي أن الوتد لا يتغير حين يتغير وهو وتد . ويشرح التخاب أن الوتد بعد الأوثق يقع في سياق خببي يخرجه من وتديته فيسري على السياق الذي يحتويه الت

كافؤ الخببي. وهذا منطق نقتصر فهمه على أهل الرقمي ولا يمكن أن يفهمه من لم يتدرج في دورات الرقمي وصولا إليه

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/jalt-4

[ii] يرى د. مصطفى حركات أن هذا الزحاف غير وارد في واقع الشعر وكل ما ورد عليه أبيات معدة كشواهد. والرقمي يرى أن هذا الزحاف ينتج عنه في الخفيف 2 2 3 2 2 1 3 3 2 = 4 3 4 1 3 3 2 حيث 314 وزن خببي خالص. ولا يرد في حشو البحور العربية لأنه يفوق الجرعة المسموحة في التخاب

، ولكنه يرد في أول الدوبيت لأنه وزن فارسي. في مثل البيت :

إن كنت أسأت في هواكم أدبي ........فالعصمة لا تكون إلا لنبي

2 2 1 3 3 3 2 1 3 ..............4 1 3 3 3 2 1 3

وللمزيد يراجع سطر الدوبيت :

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/dubait-satar

[iii] مفعولاتُ والوتد المفروق

http://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/mafrooq

[i] نعبر في الرقمي عن العلاقة بين هذا الوزن وبحر الخفيف بمقارنتهما في الجدول التالي حيث

زحاف لا يصح ألزم الخفيف به

زحاف ثقيل ألزم الخفيف به

وحيث:

2 سبب يجوز زحافه

[2] سبب يستحب زحافه

[[2]] سبب يجب زحافه

]2[ سبب يكره زحافه

]]2[[ سبب يمتنع زحافه

[ii] نعرف في الرقمي أن الوتد لا يتغير حين يتغير وهو وتد . ويشرح التخاب أن الوتد بعد الأوثق يقع في سياق خببي يخرجه من وتديته فيسري على السياق الذي يحتويه التكافؤ الخببي. وهذا منطق نقتصر فهمه على أهل الرقمي ولا يمكن أن يفهمه من لم يتدرج في دورات الرقمي وصولا إليه

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/jalt-4

[iii] يرى د. مصطفى حركات أن هذا الزحاف غير وارد في واقع الشعر وكل ما ورد عليه أبيات معدة كشواهد. والرقمي يرى أن هذا الزحاف ينتج عنه في الخفيف 2 2 3 2 2 1 3 3 2 = 4 3 4 1 3 3 2 حيث 314 وزن خببي خالص. ولا يرد في حشو البحور العربية لأنه يفوق الجرعة المسموحة في التخاب

، ولكنه يرد في أول الدوبيت لأنه وزن فارسي. في مثل البيت :

إن كنت أسأت في هواكم أدبي ........فالعصمة لا تكون إلا لنبي

2 2 1 3 3 3 2 1 3 ..............4 1 3 3 3 2 1 3

وللمزيد يراجع سطر الدوبيت :

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/dubait-satar

[iv] مفعولاتُ والوتد المفروق

http://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/mafrooq

سأوالي استكمال وتحديث الموضوع بإذن الله حسب ما يتوفر من وقت .

يمكن استعراض ( العروض الرقمي ) من خلال الرابط:

http://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/lematha

[i]

ترَى الحاجَاتِ حَيْرَى إَذا اعْتَلَّ الوَزِيرُ .......وَيُظَْلمُ كُلُّ صَقْعٍ وَتَعْتَلُّ الأُمُورُ

3 2 2 3 2 3 2 2 3 2 ......3 1 3 3 2 3 2 2 3 2

الحديث هنا لمن تخرج من دورات الرقمي وألم بقواعده وشموليته.

يخالف هذا البيت أسس العروض العربي في عدة مواضع :

أولا – إخلال بهرم الأوزان

1 2 2 2 1 2 2 1 2 2 2 1 2 2

6 – 4 +6 -4 إخلال بمنطق الهرم

ثانيا – إخلال باستئثار الطويل بالأوتاد الأربعة

ثالثا : إخلال بمبدأ عدم جمع 3 2 3 مع ((الفاصلة) في حشو أي بحر

3 1 3 3 2 3 2 2 3 2 = 3 ((4) 3 2 3 4 3 2

لو تلافينا هذه التحفظات يحصل ما يلي

1 - الانضباط بهرم الأوزان يحول

6 – 4 +6 -4 إلى 6 – 4 = 4 = 4

1 2 2 2 1 2 2 1 2 2 1 2 2 = 3 4 3 2 3 2 3 2

2 - الانضباط بوجود 3 أوتاد فقط يترك لدينا الوزن 3 4 3 2 3 2

3 - الانضباط باستثار المتدارك والمتقارب بتكرر 2 3 2 3 في آخر الشطر يترك لدينا

3 4 3 2 3 2

4 - الانضباط بأن ما لم يذكره الخليل أو لم ورد عن العرب هو الموزون للشعر نتوقع أن يكون هذا الوزن من سلس الموزون

بالجراحة

ترَى الحاجَاتِ حَيْرَى إَذا اعْتَلْ لَ الوزير .......وَيذوي كُلُّ غصنٍ وَتَعْتَلْ ل الأُمُورُ

3 2 2 3 2 3 2 2 3 2 ......3 2 2 3 2 3 2 2 3 2

بالتجميل

ترَى الحاجَاتِ حَيْرَى إَذا اعْتلْ.......وَيبكي كُلُّ جفن ويخضل

3 2 2 3 2 3 2......3 2 2 3 2 3 2

وَيَبَْقى النَّاسُ صفا طويلا ..... بتعقيد شديد وما حل

الرقم 2 أدناه نقدر أنه محذوف

3 2 2 3 2 2 3 2 ................3 2 2 3 2 2 3 2

لا بأس بالوزن لكنه نوع من تخليع الوافر . الوافر أسلس

نعيد الرقم 2 أو نضيفه

ترَى الحاجَاتِ في فوضى إَذا اعْتلْ.......وَيبكي كُلُّ محزونٍ ويخضل

3 2 2 3 2 2 3 2......3 2 2 3 2 2 3 2

وَيَبَْقى النَّاسُ في صف طويل ..... بتعقيد شديد ما له حل

3 2 2 3 2 2 3 2 ................3 2 2 3 2 2 3 2

بهذا نحْمل الوافر ونعود للنص الأصلي

ترَى الحاجَاتِ حَيْرَى إَذا اعْتَلَّ الوَزِيرُ .......وَيُظَْلمُ كُلُّ صَقْعٍ وَتَعْتَلُّ الأُمُورُ

3 2 2 3 2 3 2 2 3 2 ......3 1 3 3 2 3 2 2 3 2

وَيَبَْقى النَّاسُ َ كالرَّكْبِ ضَلُّوْا وَسْ َ ..........ط َقفْرٍ وََليْسَ بِهِ دَلِيلٌ َفيَهْدِي مَنْ يَجُورُ

لنحذف ما لون بالأخضر لننتهي بالوافر

ترى هذا إذا اعتل الوزير .... بمظلمةٍ وتعتل الأمور

وتبقى الناس ضلوا وسط قفرٍ ........وليس يه دليل إذْ تجور

إقحام الأخضر أفسد الوزن

الجزء الثاني على الرابط:

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/dr-bidyar-mutadrak-hkabab/bidyar-mutadarak-khabab-2