1108-9-attafeelah

تناول مقارن لطريقتي العروض تفعيليا ورقميا

هناك ثلاث تصنيفات للتعبير عن الوزن

يمكننا التعبير عن وزن الرمل – على سبيل المثال – بثلاثة أشكال:

المتحركات والسواكن هي ذات الوزن وهي غير قابلة للتعدد بالنسبة للنص الواحد

أما التفاعيل سواء عبرنا عنها بالأحرف أم بالأرقام مع فصل هذه الأرقام فهي للوزن كالكُنى بالنسبة للإنسان قابلة للتعدد كما يظهر في الجدول أعلاه. حيث عبرنا عن الوزن نفسه بثلاث طرق مختلفة

أما المقاطع وهي الأسباب والأوتاد فهي واحدة بالنسبة للنص الواحد، فهي للوزن بمثابة الإسم

المقاطع والأرقام التي تمثلها هي مادة البحور جميعا، ومن أتقن خصائصها وشروط تجاورها وتناوبها والضوابط التي تحكم ما يطرأ عليها من تغيير يتقن العروض كله دفعة واحدة.

أما من أخذ بالتفاعيل فإنه بحاجة إلى أن يكرر دراسة الظاهرة ذاتها في كل بحر تحت اسم مختلف. وهذا ما أدى إلى تضخم مصطلحات العروض وتعقد منهج دراسته إلى الدرجة التي حملت الدكتور أحمد عبد المجيد محمد خليفة في مقدمة كتابه (في الموسيقى الشعرية ) على القول " : ...حتى أننا لا نعرف علما من العلوم العربية والإنسانية، قد اكتظ بغريب المصطلحات وجفافها، كما اكتظ بها عروض الشعر العربي وقافيته، .... كل ذلك دفع الكثيرين إلى الإعراض عن تعلم العروض والتنفير منه وإظهاره في صورة بغيضة وثقيلة، لا تتمشى معه طبيعة الشعر وما فيه من جماليات."

هذه مقدمة القصد منها بيان الفارق الأهم بين وسيلتي التفعيلي بجزئيته والرقمي بشموليته في دراسة العروض بهدفين

1- نصح من لم يتقن الرقمي بأن لا يدرس هذا الموضوع حتى يتقن الرقمي لاختلاف التوجه بينهما مما يبعث على اضطراب التحصيل

2- نصح من أتقنوا الرقمي أن يستحضروا شمولية الرقمي دوما في قراءتهم لكل جزئية.

التعبير بالأرقام في كل ما سيلي إضافة مني، وسأميز ما أضيفه بجعله بهذا اللون.

الهدف من هذه المشاركة تقريب مفهوم الطريقة التفعيلية لدارسي الرقمي، بهدف جعلهم يلمسون معنى الشمولية وأن أسهل عليهم دراسة كتب العروض التفعيلي ، ولكن فائدتها لمن يتقن التفاعيل ستكون مقتصرة على الناحية الشكلية في التعبير عن التفاعيل والمقاطع بالأرقام بدل الأحرف، وأما تلمس معنى الشمولية فسيبقى مستعصيا على من لم يدرس الرقمي بشكل منهجي من البدابة. ومن طبيعة هذا الموضوع أن يستدرج من الاستفسارات ما يضيق به المجال. وحسبي هنا أن أحقق ما تقدم ذكره، وأن أفتح الطريق لمن يريد أن يستقصي في المقارنة أو الدراسة في أي اتجاه. وشخصيا أستعفي مقدما من الإجابة على التساؤلات في هذا المجال لقلة الفائدة منها ولضيق المجال عنها، ومن أراد أن يتحاور مع سواه فيها فلا بأس.

أصل الموضوع من ( موسوعة العروض والقافية – للدكتور سعد بن عبد الله الواصل ) عن الرابط:

http://saaid.net/book/open.php?cat=90&book=2148

التفعيلة

تعريفها :

لدى تحليل الوزن الشعري موسيقيا (صوتيا) يتضح لنا أنه يتكون من مجموعات كل مجموعة تتركب من عدد من الحركات والسكنات ، وقد اصطُلِحَ على تسمية هذه المجموعات (تفاعيل ) ؛ لأنهم اشتقوا لها من كلمة (فَعَلَ).

و هذه التفاعيل تتركب من عشرة أحرف تسمى أحرف التقطيع تجمعها عبارة ( سيوفنا لمعت ) وسميت بذلك ؛ لأنهم إذا أرادوا تقطيع بيت قطعوه بواسطة تلك الأحرف .

عدد التفاعيل :

التفاعيل العَروضية عشر: اثنتان خماسيتان هما : فَعُوْلُنْ = 3 2 ، وفَاْعِلُنْ = 2 3 ، وثمان سباعية وهي : مَفَاْعِيْلُنْ = 3 2 2 ، مُفَاْعَلَتُنْ = 3 1 3 ، فَاْعِ لاتُنْ = 2 1 2 2 ، مُسْتَفْعِلُنْ = 2 2 3 ، فَاْعِلاتُنْ 2 3 2 ، مُتَفَاْعِلُنْ = 1 3 3 ، مُسْتَفْعِ لُنْ = 2 2 1 2 ، مَفْعُوْلاتُ .= 2 2 2 1.

أنواعها :

تنقسم التفاعيل إلى قسمين : أصول وفروع ، فالأصول أربع ، وهي كل تفعيلة بدئت بوتد مجموعا ( الوتد المجموع=11ه= 1 2 = 3 )كان أومفروقا ( الوتد المفروق = 1ه1=2 1 = 3) ، وهي :فَعُوْلُنْ = 3 2، مَفَاْعِيْلُنْ = 3 2 2، مُفَاْعَلتُنْ = 3 1 3 ، فَاْعِ لاتُنْ = 2 1 2 2.= 3 22

والفروع ست ، وهي كل تفعيلة بدئت بسبب خفيفا كان أوثقيلا ، وهي :فَاْعِلُنْ =2 3 ، مُسْتَفْعِلُنْ =2 2 3 ، فَاْعِلاتُنْ = 2 3 2 ، مُتَفَاْعِلُنْ (2)2 3 ، مَفْعُوْلاتُ = 2 2 2 1 =22 3 ، مُسْتَفْعِ لُنْ = 2 2 1 2 = 2 3 2

والفرق بين ( فَاْعِلاتُنْ = 2 3 2 ) و (فَاْعِ لاتُنْ = 2 1 2 2 = 3 22) أن الأولى تتألف من سببين خفيفين (فَاْ+ تُنْ = 2 2 ) بينهما وتدمجموع (عِلا = 3) ، في حين أن الثانية تتألف من وتد مفروق (فَاْعِ =12=3) فسببين خفيفين ( لا + تُنْ =22) .

والفرق بين ( مُسْتَفْعِ لُنْ =2122 =232)و( مُسْتَفْعِلُنْ=322 ) أن الأولى تتألف من سببين خفيفين (مُسْ + لُُنْ =2+2) بينهما وتد مفروق (تَفْعِ=12 = 3) ، وأن الثانية تتألف من سببين خفيفين (مُسْ + تَفْ=22) بعدهما وتد مجموع ( عِلُنْ =3) . وهذا الفرق يستتبع فرقا آخر ، فالفاء التي هي الحرف الرابع في (مُسْتَفْعِلُنْ ) مثلا تعد ثاني سبب ولذلك جاز أن يدخلها الطَّيّ ( حذف الفاء الساكنة) كما سيأتي، فتصبح (مُسْتَعِلُنْ = 312 ) ، لكنها تعتبر تعد وسطَ وتد مفروق في (مُسْتَفْعِ لُنْ =2122) لاثاني سبب ، ولذلك لايجوز طيُّها ( حذفها ) ؛ لأن الطي زحاف ، والزحاف خاص بالأسباب ولايدخل الأوتاد كما سيأتي بيانه إن شاء الله .

أجزاؤها :

هذه التفعيلات العشر تتألف من أسباب وأوتاد وفواصل كما يلي :

( 1 ) السبب مقطع صوتي يتألف من حرفين ، وهو نوعان :

‌أ- سبب خفيف =1ه=2 : ويتألف من حرفين : متحرك فساكن ، ويرمز له بالرمز (/ه) ، نحو: هَلْ ، مَنْ ، مَا ، و(مُسْ ، تَفْ ) من (مُسْتَفْعِلُنْ ) مثلا .

‌ب- سبب ثقيل =11=(2) : ويتألف من حرفين متحركين ، ويرمزله بالرمز (//) نحو : لَكَ ، بِكَ ، و(مُتَ ) من (مُتَفَاْعِلُنْ ) مثلا.

( 2 ) والوتد مقطع صوتي يتألف من ثلاثة أحرف ، وهونوعان :

‌أ- وتد مجموع =11ه =3 :وهو اجتماع متحركين فساكن ويرمز له بالرمز (//5) ،نحو : نَعَمْ ، عَلَى ، و(عِلُنْ) من (مُتَفَاْعِلُنْ ) مثلا .

‌ب- وتد مفروق =1ه1= 12 = 3: وهو اجتماع متحركين بينهما ساكن ، ويرمزله بالرمز (/5/) ، نحو : لَيْتَ ، حَيْثُ ، قَاْمَ و(فَاْعِ) من (فَاْعِ لاتُنْ ) مثلا .

( 3 ) والفاصلة مقطع صوتي يتألف من أربعة أحرف أوخمسة ، وهي نوعان :

‌أ- فاصلة صغرى : وهي اجتماع ثلاثة متحركات فساكن 111ه =1 3 =(2)2 =2 2، ويرمز لها بالرمز(///5)، نحو : جَبَلٌ ، ضَرَبَا ، ونحو (مُتَفَاْ) من (مُتَفَاْعِلُنْ ) ، ونحو ( عَلَتُنْ ) من (مُفَاْعَلتُنْ ) مثلا .

‌ب- فاصلة كبرى : وهي اجتماع أربعة متحركات فساكن = 1111ه = 11 3 ( أصلها 22 3)، ويرمز لها بالرمز (////5) ، نحو : عَمَلُكُمْ ، سمكةٌ ، ونحو ( مُتَعِلُنْ ) من (مُسْتَفْعِلُنْ ) وقد جُمِعَتْ هذه المصطلحات في هذه العبارة : ( لَمْ أَرَ عَلَى ظَهْرِ جَبَلٍ سَمَكَةً ) .

لَمْ أَرَ عَلَى ظَهْرِ جَبَلٍ سَمَكَةً

/5 // //5 /5/ ///5 ////5

سبب خفيف 2 سبب ثقيل (2) وتد مجموع 3 وتد مفروق 12 =(3) فاصلة صغرى = (2)2 فاصلة كبرى ( يسميها د. خلوف فاضلة) = 311 = 1/2 + 1/2 + 3

1/2 تعني الرقم 1 الناتج من زحاف السبب 2 = 1 ه بحذف الساكن 1ه يصير 1ه

أنواع الزحاف

الزحاف نوعان :

(1) مفرد (بسيط) ، وذلك عندما لايصيب التفعيلة سوى تغيير واحد فقط .وهو ثمانية أنواع يوضحها الجدول الآتي :

الزحاف في الرقمي مقتصر على حذف ساكن السبب الخفيف لا غير .

ولو استبعدنا أمر تسكين المتحرك مؤقتا فإن الاختلاف في التعبير عن الزحاف بين الرقمي بتسميته الوحيدة وهي تحول 2=1ه إلى 1 بحذف الساكن والتفعيلي بتنوع أسماء الزحاف راجع إلى اعتماد السبب مرجعا في زحاف الرقمي واعتماد التفاعيل كمرجعيات تفصلها الحدود وموقع السببِ المحذوفِ ساكنُه من هذه الحدود.

فلا فرق في الرقمي بين تحول السبب الأزرق 2 في البسيط إلى 1، وتحول السبب الأزرق 2 في الطويل إلى 1 ذلك أن السبب هو مرجعية ذاته ومرجعية زحافه.

لماذا توحدت التسمية في الرقمي واختلفت في التفعيلي

لأن تعريف الزحاف في الرقمي توقف عند حذف الثاني الساكن بدءً بالعد من أول السبب.

ومع أن تعريف الزحاف هو ذاته من حيث حذف ثاني السبب في التفعيلي، إلا أنه التزم في تسميته بتعريف آخر يعتمد على ترتيب المحذوف من أول التفعيلة، وهي وحدة مركبة من مقاطع.

ففي الرقمي في البسيط ليس من ترتيب للمتحركات والسواكن إلا الأول والثاني وموقع الحذف هو الثاني دوما لأن العد يبدأ من أول السبب بغض النظر عن موقع السبب بالنسبة للمقاطع الأخرى

ولكن في التفعيلي يكون ترتيب المتحركات والسواكن بدءً من أول التفعيلة، ففي المثال السابق في حال التفعيلي:

ولو أخذنا 3 2 2 فإن ترتيب المحدوف في التفعيلي عند تحول الوزن إلى 3 2 1 هو السابع 11ه1ه1ه فيسمى كفا.

معذرة للإطناب ولكن المقصود بهذا هم من اقتصرت معرفتهم في العروض على شكله الرقمي.

كان ذلك كله في حال السبب الخفيف = 1 ه = 2

أما في حال السبب الثقيل 11 = (2) ، فالسبب الثقيل لا يوجد إلا في الخبب، ولا زحاف في خبب سواء اتخذ السبب شكل الخفيف أو الثقيل. ولكنه عندما يتداخل مع الإيقاع البحري كما في فاصلة الكامل والوافر وهو السبب الأول فيها، يكون خببيا إن جاء ثقيلا (2) 2 3 وعندما يتحول بالتكافؤ الخببي إلى سبب خفيف 2=1ه يكون هذا السبب مزدوج الشخصية بحريا وخببيا في آن واحد، فيزاحف باعتباره بحريا ليصبح 1، ولكن ونظرا لأن جزءا من طبيعته خببي يجيء هذا الزحاف ثقيلا. وكما ورد في التخاب حول الوتد :" لا يتغير الوتد حين يتغير وهو وتد بل يكون قد دخل في سياق خببي " كذلك هنا يقال :" لا يزاحف السبب الخببي حين يزاحف وهو خببي ، بل هو في تداخله الإيقاع البحري في الكامل والوافر يكون خببيا إن كان ثقيلا، فإن كان سببا خفيفا فهو مزدوج الشخصية خببي وبحري، فيزاحف بنصف شخصيته البحرية، ولهذا يجيء زحافه ثقيلا.

وبهذا الفهم هنا إعادة مقارنة على مرحلتين للجدول المتقدم

(2) مزدوج (مركب) ، وذلك عندما يصيب التفعيلة زحافان اثنان أي تغييران .وهو أربعة أنواع يوضحها الجدول الآتي :

ملاحظة حول الوتد المفروق

الرقم 6 لا يوجد في الحشو إلا في دائرة ( د – المشتبه ) وهو مرتبط بالوتد المفروق، والوتد المفروق وإن لم يكن له وجود في الرقمي إلا أن الرقمي لا يهمل هذا التفرد في دائرة المشتبه وإن تناوله وفق نظرته الكلية. حيث أن أقصى ما يكون في الحشو هو الرقم 6=222 مع تخاب في سببه الأول لا يجمده إلا الاستئثار، أنظر الرابط :

http://www.arood.com/vb/showthread.php?s=&threadid=636

أما الرقم 8 = 2222 فخببي قطعا

ولنأخذ الخفيف كمثال لمعالجة هذه النقطة

وزن الخفيف التفعيلي هو = فاعلاتن 232 – مستفع لن 2 12 2 - فاعلاتن

وبشكل رقمي = 2 3 2 2 2 1 2 2 3 2

ويجوز فيه تفعيليا أن يرد على الوزن = 2 3 2 2 2 1 1 2 3 2

وهذا الزحاف يعطينا الوزن الرقمي

2 3 2 2 2 1 3 3 2 = 2 3 2 2 2 (2) 2 3 2 = 2 3 عشرة 3 2 وهذا مرفوض رقميا، كما يرفضه منطق الدكتور أحمد مستجير، وعليه الشاهد الذي يذكرونه في كتب العروض:

صرمتك أسماءُ بعد وصالــِ ..........ـها فأصبحتَ مكتئباً حزينا

تفعيليا =1 3 1 – 2 2 3 -1 3 1 .........2 3 2 3 11 2 3 2

ويجوز أن يأتي العجز : .... ـها فألفيناكَ أخاً حزينا= 2 3 2 2 (2) 2 3 2

ثم جاء الدكتور أحمد مستجير واعتبر أن مستفع لن هي مستفعلن = 2 2 3

وعليه يكون وزن الخفيف تفعيليا = فاعلاتن232- مستفعلن 22 3 – فاعلاتن 232

وبشكل رقمي = 2 3 2 2 2 3 2 3 2

ويجوز فيه تفعليا حسب مستجير أن يأتي على 2 3 2 2 1 3 2 3 2

= 2 3 2 2 (2) 2 2 3 2 = 2 3 عشرة 3 2

والرقم عشرة هنا خببي محض وبالتالي فهو مرفوض رقميا كما أن عروض الخليل يرفض هذا الزحاف.

وشاهد هذا الزحاف قراءة قول البحتري دون إشباع ضمة الهاء في ( منهُ ) في العجز (وحسب عروض الخليل تشبع أي تلفظ واوا - منهو)

وتماسكت حين زعزعني الدْ ... (م).....دَهْرُ التماساً منهُ لتعسي ونكسي

دَهْرُ التماساً منهُ لتعسي ونكسي = 2 3 2 2 1 3 2 3 2

فنعد صياغة العجز ليوافق زحاف الخليل

وتماسكت حين زعزعني الدْ ... (م).....دَهْرُ التماساً منهُ (و) لهوان نفسي

العجز = 2 3 2 2 2 11 2 3 2 = 2 3 2 2 2 1 3 3 2

النصان التاليان مخالفان لشمولية الرقمي:

.......دَهْرُ التماساً منهُ ( منْ هـُ ) لتعسي ونكسي ( يجيزه مستجير ويرفضه الخليل)

....... دَهْرُ التماساً منهُ (و) لهوان نفسي ( يجيزه الخليل ويرفضه منطق مستجير )

وأنا أجد النص الأول أقل ثقلا من الثاني. ولهل ذلك لأن السبب الثقيل تقدم خانة لليمين فكان بذلك أخف من الأول شأنه في ذلك شأن فَعِلُن (2) 2 أخف من فاعِلُ 2 (2)

كل ما تقدم ينطبق على الرقم 6 في بحور دائرة المشتبه ( المضارع، المقتضب، المنسرح ، الخفيف )

وللمزيد والتفاصيل تراجع الروابط:

الجوهري وآفة الحدود

تداعيات حول الخفيف

الخفيف

وهم الحدود بين أجزاء الوزن

وبهذا الصدد وجدت هذا التعليق الي نشر من مدة طويلة في منتدى رشف المعاني وأبقيه بلونه الأصلي

" أخي مخلص

أتابع ما يدور في منتدى الرشف من حوارات وقد لفت انتباهي ما يدور بينك وبين الأستاذة سماء. وقد لزمني التفكير الليلة نتيجة لما رأيت لديك من اتجاهات أراها تنقض فكرة الأرقام من أساسها وبالأرقام.

إن العروض الرقمي كما قالت طالبتكم الأستاذة – فأدهشني قولها - ((نمط تفكير)) قبل أن يكون أداة تعبيرية عن وزن. ويتمثل هذا النمط من التفكير بتناول الكليات في علم العروض التي تصلح لكل البحور وكل الأوزان. ولا ينفي هذا إمكان تناول كل بحر على حدة. بل إن ذلك أمر جيد كتطبيق.

ولكن الذي أهمّني ومنعني النوم ساعات وأنا أعيد كتابة هذه الرسالة مستلقيا بين اليقظة والمنام مرات هو ما رأيته من اتجاهات لديك تنسف فكرة العروض الرقمي بالأرقام ذاتها. ويتمثل ذلك في نقطتين:

1- الفصل بين الأرقام التي تمثل التفاعيل كقولك

2 2 3 – 2 2 2 1 – 2 2 3

2- العودة لمفهوم الوتد المفروق، وهو في نظري آفة لزمت العروض وعقدته لا بسبب ذكر الخليل له، فالخليل خطا به خطوة كبيرة نحو خصائص الإيقاع ( البحري – أو الوتدي ). وهو مصطلح يضم كافة البحور لاحتوائها على الوتد في مقابل الإيقاع ( الخببي – أو اللاوتدي) لاقتصاره على الأسباب 2 و(2). والقول بوجود الرقم 1 أصيلا نقض للعروض الرقمي الذي يرفض الوجود المستقل لهذا الرقم.

وأتصور أن الخليل ربما نظر إلى الإيقاع الوتدي على أنه لا يحوي أكثر من سببين متتاليين. ونظر في دائرة المشتبه فوجدها تحوي الخفيف مستقرا مع وجود ثلاثة أسباب، وكذلك المنسرح مؤصلا، فكيف يتخلص من المأزق؟

الوتد أحمر ، السبب أزرق

الخفيف = 2 3 ((2 -2 2 ))3 -2 3 2

قال نعتبرها = 2 3 2 – 2 2 1 2 - 2 3 2

وبهذا ترك سببين فقط متجاورين .

وهو تخلص وإن دل على براعة. وكان قمينا أن يثير التأمل، إلا أن تفاعيل الخليل وككثير من الوسائل تحولت لدى البعض إلى غايات. فوقف الأمر عند ذاك.

ومن مشاكل هذه النظرة أنها تقدم النظري على العملي. فإنه بالنسبة للسمع لا فرق بين ما يلي مما يحاط بقوسين في السطرين التاليين:

فاعلا(تن) مسـ(ـتفـ)ـعلن (فا)علاتن= 2 3 (2 ) 2 (2) 3 (2) 3 2

فا(علا)تن مستفـ(ـعلن) فا(علا)تن = 2 (3) 2 2 2 (3) 2 (3) 2

نميز هنا بين ما تؤول إليه مستفع لن = 2 2 1 2 التي يجوز فيه مستفع لُ = 2 2 1 1 ولا يجوز مستعلن = 312 وبين مستفعلن التي ينعكس الحال فيها فتجوز مستعلن= 312 ولا تجوز مستفعلُ=1122

طبعا كل هذه تعابير بلغة العروض الخليلي.

يقول مصطفى حركات في كتابه (اللسانات الرياضية والعروض – ص 52 ) : وقد عاب كثير من العروضيين العرب والأجانب على الخليل أنه عقّد نظريته، وأنّه فرّق بصفة اصطناعية بين مستفعلن ومستفع لن

وبين فاعلاتن وفاع لاتن

حتى أن ابن عبد ربه مثلا لا يهتم بهذا التفريق ويزعم في العقد الفريد أن التفاعيل عددها ثمانية وهي فعولن، فاعلن، مفاعلتن، مفاعيلن، متفاعلن، مستفعلن، فاعلاتن، مفعولاتُ.

ويضيف:" للتفريق بين مستفعلن ومستفع لن من جهة وفاعلاتن وفاع لتن من جهة ثانية دافعان. الدافع الأول هو التغيرات التي تطرأ على كل من التفعيلات والتي تختلف من تجزيء إلى تجزيء وذلك حسب المبدأ الخليلي الذي يقول إن الأوتاد لا تتغير أوزانها [ سوى ما في الضرب منها ] بينما الأسباب تتغير، ولكن نظرة على الواقع الشعري تظهر لنا أن التغييرات التي تطرأ على التفعيلات لا تتناقض مع أفكار الخليل ولكنها لا تؤيدها فمثلا في الخفيف حذف الحرف السابع (أي الكف) لا يدخل على التفعيلة "مستفع لن " إلا في أذهان العروضيين ولو وقع ذلك فعلا وكنا نملك شواهد كافية وموثوقا بها لتحتم علينا أن نقبل نظرية الخليل لأن هذا الحرف السابع سيكون وجوبا ثاني سبب وليس ثاني [ثالث] وتد. ولكن (والذين يمارسون الشعر يعرفون ويشعرون بهذا لا الرابع ولا السابع من هذه التفعيلة يتغير في الخفيف ويبقى تقسيم الخليل لهذه التفعيلة مقبولا وليس حتميا."

كان حماسي لموقف الخليل في هذه الجزئية مطلقا ولكنه تضاءل تحت تأثير ما يلي

1- أن هناك الشاهد التالي من شعر البحتري :

وتماسكت عند زعزعني الدهــ......ـرُ التماسا منه لتعسي ونكسي

انظر العجز = رلْ تما سن ((من هُـ لتع ))سي ونك سي

=2 3 2 – (2 1 3= مستعلن) – 2 3 2

إن ورود مستعلن هنا ضد نظرية الخليل.

2- فاع لاتن مبرر وجودها هو أن يصح منها الوزن فاع لا تن = 2 1 2 2

وهي ترد في المضارع على مفاعيلُ فاعلاتن - ومفاعلن فاعلاتن

وهذان الوزنان فيهما دليلان متناقضان

فعدم مجيئها على فعِلاتن فيه تأييدٌ لنظرية الخليل من أن الفاء أول وتد فلا تحذف

فا ع لاتن = 2 1 2 2

وفي عدم مجيئها (باتفاق كل العروضيين الذين قرأت لهم) على فاع لَتن 2 1 3 دليل على أن الألف جزء من الوتد ولا تحذف

فاعلاتن = 2 3 2 وهذا ضد نظرية الخليل.

ثم جاء أحمد مستجير وهو من أروع من تحسس العروض تحسسا لا مجرد فهم على ما لي على بعض آرائه من تحفظ فأنكر الوتد المفروق جملة وتفصيلا.

ولي في المقارنة بين هذه المواقف صفحات طوال في الطبعة الثانية من الكتاب.

أرأيت إلى التعقيد الذي تأخذك إليه صيرورة التفاعيل غايات بدل أن تكون وسائل ؟

الكلام في الفقرة أعلاه قديم وفيه نظر

الأغلب أن هذا الكلام سيبدو عويصا لمن لا يتقن كلا من الرقمي والتفعيلي.

ولهذا فلا أنصح من ليس متمكنا من كليهما من قراءته

ولكن هذا هو مقتضى الموضوعية في الإجابة على طلب المقارنة بين الرقمي والتفعيلي، وإجابة سؤال من يتقن التفعيلي دون الرقمي للمقارنة بينهما طبقا للإطار الذي يضعه السائل حسب تصوره للتفعيلي من شأنها أن تجعل الرقمي شكلا رقميا للتفعيلي دون تميز في المضمون.