Dr.Ahmed-Fahmy-Eysa

.....ولعل اللامبالاة تجاه الرقمي هي السائدة بين أغلب الأكاديميين العرب. وكم يسرني من يولي منهم العروض الرقمي اهتماما سواء في قبوله أو رفضه. وقد كان لأستاذي د. عمر خلوف فضل في هذا المجال من خلال نقده للعروض الرقمي الأمر الذي أدى إلى إثرائه من خلال الحوار.

واليوم تتهيأ فرصة أخرى مع أستاذي بروفيسور أحمد فهمي عيسى. وهو قامة علمية سامقة من شأن مواصلة اهتمامه بالرقمي تقييما وتقويما إثراء للرقمي واستشرافه – أي الرقمي- لمنهج الخليل . يبرر تفاؤلي أن نقده للرقمي نابع من تصوره أنه دخيل على الخليل مغاير له.

ومن شأن إظهار ما في هذا الانطباع من اختلاف عن حقيقة الرقمي فقد حرصت على التفصيل في ردي عليه آملا أن أتمكن من تغيير قناعته أو بعضها الأمر الذي سيترتب عليه تغيير لمسار موقفه إلى وجهة أخرى، خاصة أنننا متفقان حول مرجعية الخليل.

حرصت على نشر موقفه وردي عليه مخاطبا من خلاله شريحة عريضة من الأكاديميين العرب.

كنت شاركت أستاذي موضوع ( دليل أهل التفاعيل ) على صفحته فكان رده مشكورا :

شكري وتقديري أستاذنا الكريم علي هذه اللفتة الكريمة التي تبني في الغالب علي استبدال المقاطع العرضية بأرقام وهذا ربما يساعد في بعض التيسير ولكن العروض العربي بأوزانه المتعددة والحالات المتعددة لكل وزن وكذلك التغييرات التي تحدث في موسيقا الحشو كل ذلك ساعد القصيدة العربية أن تتحرك في عدد كبير من الإيقاعات التي سعادتها في أن تعيش وتقاوم ليومنا هذا بحيث أصبحت جزءا من الهوية العربية ولهذا فالتغيير لن يفيد كثيرا، لأن العبرة بقاعدة النطق التي بني عليها الخليل عروضه والتي تتفق مع المقاطع الصوتية في العصر الحديث وهذا ما جعل البعض يطرحون ما يسمي بالعروض المقطعي ولكن كله لم يخرج عن أوزان الخليل. ولهذا فالمسألة سيدي أصبحت مسألة هوية يجب المحافظة عليها، كما أننا نعلم أن الشاعر المبدع ليس في حاجة إلي معرفة علم العروض ولكنه يستطيع أن يكتب بعيدا عن هذه التعقيدات ولهذا يجب أن نحافظ على العروض العربي في صورته الخليلية والتي بقيت تتحدى إلي يومنا هذا، كما أن وحدة الإيقاع المتمثلة في وحدة الوزن والقافية أصبحت ترتبط بعقيدة التوحيد التي ظهرت أيضا في الفنون التشكيلية .

هذه وجهة نظر سيدي تؤخذ وترد وتبقي غيرتك وعلمك وأدبك أدام الله لنا ودكم وحفظكم من كل مكروه وسوء

فيما يلي ردي عليه.

أسعدني جدا اهتمامك أستاذي الكريم. وكان في الإطار المتوقع. فكل من لم يدرس العروض الرقمي منهجيا يصدر حكمه على صورة لديه يكونها بسرعة لدى إدراكه بعض شكله. وهذه الصورة تبتعد قليلا أو كثيرا عن العروض الرقمي الذي لدي ولدى كل دارس من أهل الرقمي. الحكم على الشيء فرع من تصوره. أتمنى أن تختلف الصورة لديك بعد قراءة ردي. الذي يكتسب أهميته من أنه موجه من خلالك إلى طائفة كبيرة جدا من الأكاديمين العرب.

سأتناول ما تفضلت به نقطة نقطة :

أولا :

قولك : "ولكن العروض العربي بأوزانه المتعددة والحالات المتعددة لكل وزن وكذلك التغييرات التي تحدث في موسيقا الحشو كل ذلك ساعد القصيدة العربية أن تتحرك في عدد كبير من الإيقاعات التي سعادتها في أن تعيش وتقاوم ليومنا هذا بحيث أصبحت جزءا من الهوية العربية ولهذا فالتغيير لن يفيد كثيرا"

ليس من تغيير في المضمون بل إن الرقمي هو المحافظ على المضمون بتوعيته للعروضيين والشعراء بأن التفاعيل لا تلتقي إلا وفق مواصفاتها في منهج الخليل. وللأسف فإن كثيرا من – إن لم يكن كل العروضيين – يجهلون منهج الخليل ناهيك عن الشعراء. قد تظنني أبالغ لكني أرجوك أن تطلع على المواقع التالية التي تبين الخلط الشديد الذي وقع فيه عروضيون وشعراء بعضهم كبير وافر العلم، فهم بعضهم أن للتفاعيل كينونة مستقلة لا علاقة لها بمنهج. ومنهم من راح يعيب على الخليل بعض آرائه وأحيانا كلها. إن التمسك بالشكل على حساب المضمون كارثة في العروض وسواه. إذ كثيرا ما يلبث الشكل أن يترسخ ليمحو المضمون أو يحطمه. كلام من حق القارئ أن يعتبره مبالغة شديدة ومن حقي عليه أن أرد وأطلب منه الاطلاع.

1 – ظُلِم الخليل

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/tholm-alkhalil

2 – الرقمي قبس من نور الخليل

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/-qabas

3- بحور ودوائر جديدة

http://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/jadeedah

http://arood.com/vb/forumdisplay.php?f=83

4- الكرباسي و 210 بحرا

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/zahrah-arood

ثانيا :

قولك :" ولكن العروض العربي بأوزانه المتعددة والحالات المتعددة لكل وزن وكذلك التغييرات التي تحدث في موسيقا الحشو كل ذلك ساعد القصيدة العربية"

يوحي بأن العروض الرقمي يلغي شيئا أو يجمد شيئا من الوزن.

أرجو أن تطلع على موضوع الكم والهيئة لتعرف انتفاء هذا الظن :

https://sites.google.com/site/alarood/kam-wa-hayaah

https://www.youtube.com/watch?v=kZHvWTQx5cE

ثالثا :

قولك :" لأن العبرة بقاعدة النطق التي بني عليها الخليل عروضه والتي تتفق مع المقاطع الصوتية في العصر الحديث"

أتفق معك في أوله حول قاعدة النطق واختلف معك في قولك إنه يتفق مع المقاطع الصوتية في العصر الحديث. فالمقاطع الصوتية في العصر الحديث تصف الأوزان كافة في الأعاريض كافة بما فيها العربي. ولكنها قاصرة عن التقعيد للعروض العربية لكونه هيكميا ( ذو هيئة تهيمن على الكم ) ومصدر ذلك وجود الوتد كشخصية متميزة لا توجد بمواصفاته العربية في غير العروض العربي. وهذا ما تؤيد جوان مالنج

https://sites.google.com/site/alarood/joan-maling-theory

بقولها :" لا يقتصر نظام الدوائر لدى الخليل على بساطته وأناقته وعمق تحليله ولكنه يقدم الأساس الوحيد لتوصيف عروضي كامل [ تقعيد] للشعر العربي.

وحول قصور اللسانيات واللغويات الحديثة عن مستوى الخليل في التقعيد للعروض العربي أرجو أن تطلع على :

http://arood.com/vb/showthread.php?p=77706

ومستهله نقل د. مروة عطا الله حول اللسانيات الحديثة : " إلا أنها وقفت موقفا سلبيا إزاء أدوات الخليل التحليلية من سبب ووتد ، ولغته الداخلية التي لا تصلح في رأيها للبحث اللغوي الحديث ولا ترقى إلى مصاف العالمية "

وفي الرابط المذكور اعتراض على بعض آراء اللسانيين الذين جهلوا منهج الخليل.

واسمع ما يقوله في هذا الصدد د. إدوار سعيد :

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/moqtatafat-tamayyoz

"لقد كان أحد الضوابط المقيدة التي أثرت على المفكرين المسيحيين الذي حاولوا فهم الإسلام ينبع من عملية قياسية: مادام المسيح هو أساس العقيدة المسيحية، فقد افترض -بطريقة خاطئة تماماً- أن محمداً كان للإسلام ما كانه المسيح للمسيحية ومن ثم إطلاق التسمية التماحكية "المحمدية" على الإسلام هذا المبدأ ينطبق بتمامه على عروض الشعر العربي الذي بدأت عملية تحديثه على أيدي المستشرقين في عشرينيات القرن التاسع عشر تقريباً"

رابعا :

قولك :" ولهذا فالمسألة سيدي أصبحت مسألة هوية يجب المحافظة عليها "

إن اعتبار الهوية في العروض مرتبطة بالتفاعيل بعيدا عن منهج الخليل أمر كارثي يمثل ما آلت إليه قناعات الأمة في تمسكها بالشكل دون الجوهر حتى فيما هو أهم بكثير من العروض وذلك نتيجة سيادة منهج الحفظ على حساب التفكير.

ومن هذا الباب أقول إن الرقمي رسالة فكرية تتعدى العروض.

الجزء الثاني من الرد

خامسا :

قولك : " كما أننا نعلم أن الشاعر المبدع ليس في حاجة إلي معرفة علم العروض ولكنه يستطيع أن يكتب بعيدا عن هذه التعقيدات"

لا يعيب الشاعرَ جهلُه بالعروض بل لعل ذلك تزكية لسلامة فطرته. يعيب الشعراءَ والعروضيين تجاوزهم تفاعيل الخليل وخصائصها متجاوزين بذلك منهج الخليل. ليخترعوا

ما يدعونه [ بحورا جديدة ]

رهافة وحساسية الذائقة العربية تجعلها بمثابة لوحة فنان مبدع كأنما شروط زحافها وعلتها ريشة ذلك الفنان. وكأن من يقحم التفاعيل اعتباطا على بعضها يستعمل ساطورا في تلك اللوحة.

كما أنقل لك من http://arood.com/vb/showthread.php?p=70717#post70717

" على العروضي أن يتبع الخليل اتباعا أعمى، وليس له أن يجتهد. فما يعرفه جزئي تجسيدي لا يؤهله للاجتهاد. ويكاد اجتهاد من اجتهد من العروضيين في علم العروض لا يخلو من خطإ يسير أو خطير. عالم العروض الملم بشمولية منهج الخليل سيجد نفسه يتبع الخليل على بصيرة"

سادسا :

قولك :" ولهذا يجب أن نحافظ على العروض العربي في صورته الخليلية"

أنا معك وليتك قلت ( في صورته ومضمونه الخليليين ) والرقمي بصدق هو أول تواصل فكري مع الخليل بعد أن حجبت فكره حواجز التجسيد والتجزيء ومنهج الحفظ واسمع ما يقول الأستاذ ميشيل أديب في مجلة الموقف الادبي العدد 373 أيار 2002:" وأكثر ما يعيب كتب العروض القديمة والحديثة، أنها، على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف الخليل عن أسرارها، لم تحاول تحليل العملية الذهنية التي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه القمَّة الرياضية التي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ ."

[[[[[ عيب لم يحاول علاجه قبل الرقمي أحد ]]]]

سابعا :

قولك : " كما أن وحدة الإيقاع المتمثلة في وحدة الوزن والقافية أصبحت ترتبط بعقيدة التوحيد"

لا شك أن اللغة العربية مستهدفة بصفتها وعاء كتاب الله الكريم. سبق لأستاذي سالم الشاعر أن اتهم الأرقام بأنها مؤامرة يهودية .

ليتك تطلع على ما تبادلناه على الرابط:

http://www.kanadeelfkr.com/vb/showthread.php?t=7388

وختاما أرجو أن تطلع على كتابي :

https://drive.google.com/file/d/0B-PhXIr9PxMtcHdxekhxOEZuSjQ/view

حفظك ربي ورعاك أستاذي الكريم.