نثر وشعره

في مقارنة الشعر بالنثر في هذا الموضوع ظلم للناثر.

يقول الدكتور شوقي ضيف في كتابه ( الفن ومذاهبه في الشعر العربي ) إن الشعر له ثلاثة مذاهب:

1- الصنعة في العصر الجاهلي غالبا

2- التصنيع ومن أعلامه أبو تمام

3- التصنّع وهو مذموم

والذي يهم في الثلاثة منها أن الشاعر يقصد إلى الإجادة على نحو أو آخر من جهة، ويفترض أننا نتكلم عن شاعر له قد من الموهبة، وله رصيد كما سبق وقلت في الذخيرة الشعرية العربية، ويساعده استدعاء التراكيب الشعرية للتعابير الراقية من ناحية أخرى . بينما الناثر صنفان ناثر فني يعمد إلى الارتقاء بلغته وتعابيره ومضمونه وسبكه ودعامته في هذا قدرته الذاتية ورصيد من مخزون النثر وتداعياته أقل كثيرا من رصيد الشاعر. أما الصنف الثاني فشخص يريد أن ينقل فكرة ما بشكل مباشر، وغني عن القول أن المقصود هنا من له مستوى لغوي ثقافي معين.

من ملامح الكتابة نرى أن صاحب النص يتوزع بين الأصناف الثلاث فهو كما يبدو :

1- يريد في الأصل التعبير عن فكرة

2- ذو تعبير لغوي سليم يبدو أنه يقصده.

3- فيه مسحة من الشاعرية

ولكن هذا كله تفاصيل تفيدنا في المقارنة بين صنفين مستقلين نثر وشعر. فإلى النصين

حبي لكِ حب في صمت و بلا أمل ، إلا أن يقدر الله شيئا ،و يجري القضاء بمقتضاه .

أحبكِ في صمت ولست بطامعِ ......... سوى أن يشاء الله خيرا لطالعي

يبدو التعبير النثري هنا مركزا على المضمون، ولا يخلو وضوحه وتوجهه نحو الهدف بشكل مباشر.

بينما بيت الشعر فيه صنعة واضحة أقلها بعد الوزن تعمد التصريع، والنص النثري أدق في التعبير من النص الشعري الذي بطبيعته يجنح إلى درجة أعلى من الرومانسية والعاطفية.

حبي لك في صمت - أحبكِ في صمت حبي وجملته الإسمية دلالة على استمرارية وهدوء، أحبك فعل يبدو مركزا على الآنية والشدة

وبلا أمل - ولست بطامع ، في النثر نفي الأمل وهو ما يناسب قدرا من الهدوء النفسي، في الشعر تعبير عن نفي ما يفترض أن يخامر الشاعر من طمع يناسب الانفعال والتحفز بخلاف مجرد الأمل.

2* 2 1 3 2* 2* 1 3 1 3* 2* 2 2* 3* 3 * 2 3* 2* 3 * 2* 1 1 1 3* 3 ه ......م/ع= 14/6= 2.3

3* 1 3 2* 2* 3* 1 3 3..... 3 2* 3 2* 2 3* 2* 3 3 .....م/ع = 8/8= 1.0

كيف نقارن بين قيمتي م/ع في ظل ما يفترض من أن تحفز الشاعر يقتضي زيادة مؤشر م/ع للشعر (1.0) على مؤشر م/ع للنثر (2.3)

هنا تبدو جدوى فكرة م/ع – بغض النظر عن صوابها وخطئها – في تحفيز التفكير والخيال والوجدان لإيجاد تفسي منطقي – بغض النظر عن صوابه وخطئه – وهذا التحفظ لا يعني أن الفكرة محكومة بالخطأ بل يوجه الاهتمام إلى جدواها في المقام الأول ومن ثم محاكمتها لاكتشاف موقعها في المسافة بين الخطأ والصواب.

سأكتب ما يخطر لي كتفكير بصوت عال:

هل لانتهاء شطري البيت بالقافية ( طا م عي = 2 1 2 ، طا لِ عي = 2 1 2 ) أثر على انخفاض مؤشر البيت ؟

ماذا لو تخلصنا من حرفي المد في ( طا = 2 ) ( طلْ =2* و مطْ =2*) بأن نجعل البيت :

أحبكِ في صمت بدون تطلّع ......... سوى أن يشاء الله خيرا لمطلعي

م/ع لهذا النص = 3* 1 3 2* 2* 3 1 3* 3 .....3 2* 3 2* 2 3* 2* 3* 3 .....م/ع=9/7 =1.3

إن مسؤولية القافية إذن محدودة ويجب علينا أن نبحث في المضمون النفسي في الحالتين.

ويحضرني تفسيران

أولهما أن الناثر كان أصدق عاطفة من الشاعر.

ثانيهما أن الشاعر في هذا البيت رغم بعض دلالة الصخب في ألفاظه كان واقعا تحت تأثير جو ظنه انكسارا نفسيا في أصل النص. فكان أكثر انكسارا نفسيا من الناثر.

وسأوالي بإذن الله تناول بقية النص حسب ما يسمح به الوقت.

ليت المشاركين الكرام يدلون بدلوهم .

وهذا الإحساس رغم الصمت هو مصدر سعادة عارمة وفرحةتهتز لها أركان قلبي بشرا ، و تنطق بها حروفي جمالا و روعة .

فمصدر إحساسي ونشـوة خافـقي......... تجـرد حبي عن بلوغ المطامـع

، و تنطق بها حروفي جمالا و روعة . إنك تجمعين الخيركله :قلبا مرهفا صبورا قانعا

وأنطـَقَ حرفي روعةً ً في انطلاقه ......... مزاياكِ من قلبٍ صبور وقانعِ

، و روحا شفيفة لطفلةٍ لم تختلط مداركها بمتاهات الخداع والكبر و الزيف.

فيا طفلـةً لم تختلط في شعورها ......... متاهات كبرٍ أو تزلـّفُ خــادعِ

، و تنطق بها حروفي جمالا و روعة . إنك تجمعين الخيركله :قلبا مرهفا صبورا قانعا

وكم من صفات فيك فيّ لها صدىً......... وما لك في قلبي بها من منازع

. كثير من الناس يولدون و يكبرونو يتزوجون ويموتون ، و ما وجدوا ضالتهم ، و ما وجدوا توأم روحهم ،..... ، و أنا من المحظوظين الذين قُدّر لهم أن يجدوا توأمهم ،

فكم عاش قوم عمرهم دون مطلب ......... لتوأم روح، ذاك أروع رائع

أنت توأم روحي فحمدا لله .

حباني إلهي ( أنتِ ) حـمدا لخالقي ......... وأدعوه دفعا عنك كـل الفجائع

لقد صرتِ في نفسي التي صالحتُ معها من قريب ، مذ عرفتك .

تصالحت معْ نفسي وكنت مخاصما ......... لأنكِ فيها صرت أغلى الودائع

فلا تطفئي فتيل حياتها بالحديث عن البعاد و الفراق تحت أي مبرركان،فارتباطي بك شريان حياتي .

فلا تجعلي للخوف في النفس منفذا ......... فإن ابتعادي عنك قبلك قاطعي

أنت مزروعة في القلب والروح وستبقين.

زرعتك في روحي زرعتك في دمي ......... زرعتك ما بين الحشا والأضالع