arood-maqlobah

العروض المقلوبة !

أو العروض الذي له صفات الضرب دون تصريع.

في حوار لي مع أستاذي عبده فايز الزبيدي، على خلفية ما ورد في النافذة 1 من إضمار عروض أحذ الكامل دون تصريع ذكر أن هناك شواهد على ذلك منها ما تبناه وذكره أستاذنا عمر خلوف في كنابه القيم ( كن شاعرا) ومما قاله:

جاء في كتاب كن شاعرا هذا التمثيل على بحر اللاحق :

في رشفة من رحيق الشفاهْ ....... أنفاسها من لحون الأولْ

لثم وهل في فم العاشقينْ......... نامت لتنسى بقايا قبل

وعندما يتفق أستاذاي على رأي فإنه يصعب علي مخالفته. ولكن يشجعني على ذلك مظنة أن تكون مخالفتي لهما خطأ فيكون من شأن الحوار أن يوضح لي ذلك فأقوم بتعديله. وكثيرا ما أفدت من ذلك.

كان اعتراضي بدء على اعتبار ( اللاحق بحرا ) فليس من بحر عربي غير بحور الخليل. حتى المتدارك الذي قيل إن الأخفش استدركه إنما قصد به الخبب. ولحد الآن يندر أن تجد قصيدة على المتدارك التام. وإن وجدت فهي دون البحور إساغة. كما أنه يترتب على اعتبار اللاحق ( مستفعلن فاعلن مستعل ) بحرا مستقلا وهو توأم المخلع من مجزوء البسيط تبعات أهمها الإطاحة بأس منهجية الخليل وهو ساعة البحور، الأمر الذي يفرض على من يقول به تقديم ساعة بديلة. وهيهات.

حول هذا الموضوع تبرز عدة قضايا

1- عصر الاحتجاج: لعل الأشهر حول عصور الاحتجاح في اللغة هو ما جاء في الرابط:

http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=21209&p=133538&viewfull=1#post133538

ونصه " فالمشهور عند أهل العلم أن الاحتجاج ينتهي إلى منتصف القرن الثاني الهجري عند أهل الحضر، وقد يمتد إلى منتصف القرن الرابع عند أهل المدر"

ولا أعرف مدى انطباق ذلك على العروض. ولم أجد ما يخصصه. على أن من المنطقي لدى من يأخذ بمرجعية افتراض أن ذلك لا يتعدى عصر الخليل. وخصوصا بالنسبة للأعاريض والأضرب. آخذين بعين الاعتبار الاختلاف النادر بين الخليل وأوائل العروضيين.

وواضح أن هذا الشعر حديث.

2- القياس

لو أن أحدهم عرض علي بيتا نصه :

في رشفة من رحيق الشفاهِ ....... وأنفاسها من لحون الأولْ

لقرأت البيت على أنه من المتقارب المخزوم ولقرأت هاء شفاه بالكسر. باعتبار جواز (فعولُ في العروض). وهذا القياس للاحق على المتقارب بتحريك الهاء أقل مشقة على النفس من القبول بتسكين الهاء. مع أن كليهما مما يرفضه العروض باعتبار اللاحق من مجزوء البسيط.

كل من عروض اللاحق وضربه أصلهما مستفعلن قطعت مستفعل 2 2 2 ثم طويت مستعلْ 2 1 2 ولا صلاحية لي أو جرأة على القول بتحول مستعل ( فاعلن ) 2 3 إلى مستعيلْ ( فاعلانْ ) 2 3 ه في الضرب ناهيك عن العروض، أو مستعيلُ ( فاعلانُ ) 2 3 1 في العروض.

وقد برد على ذلك بالقول إن ضرب أول السريع حسب الكافي للتبريزي (فاعلانْ) فهذه في الحقيقة أصلها ( مفعلاتُ ) لحقها الطي والوقف. وهذه من مرجحات انتماء السريع لدائرة المشتبه. وهناك اعتبارات أخرى ترجح اعتباره من الرجز وفي هذه الحالة لا مجال لهذا الضرب.

وقادتني شجون الحوار إلى القول : ليس كل ضرب يصلح عروضا، ولكن كل عروض تصلح ضربا. وحتى لو وجد هذا القلب في الشعر القديم فإنه نادر بلا شك. والتقعيد إنما يكون على الأعم الأغلب سواء في النحو أو العروض، فإن اشترطنا عدم الشذوذ في كل مرويات العرب كأساس للتقعيد فلن تكون هناك قواعد على الإطلاق.

معرفتي بجواز القلب هذا تقتصر على ما جاء في صورتين بائدتين هما

الأولى على ثالث البسيط وتعتبر منقرضة ويمثلها الشاهد :

ما هيّج الشوق من أطلال ....أضحت قفارا كوحي الواحي

4 3 2 3 2 2 2 .....4 3 2 3 2 2 2

وتكرر ذلك في معلقة عبيد بن الأبرص

والثانية شاذة منقرضة أوردها على ما أظن د. محمد الطويل ويمثلها البيت:

وزوجك في النادي ... ويعلم ما في غد

3 1 3 2 2 .......3 1 3 2 3

http://majles.alukah.net/t149180/

من نافلة القول أن ذلك متاح في حال التصريع [ الأحادي] وهو كذلك متاح في حال التصريع المزدوج باعتبار أن القصيدة الواحدة من حيث البناء القافوي هي تمازج قصيدتين من مشطور ذات البحر. وكثر ذلك ومن ذلك قول نازك الملائكة ( مع التحير إزاء وزن صدر المطلع فهو على المتقارب) :

لنسرٍ كان أمس وماتْ ....منذ بضع مئات السنينْ

مسَحتْ ذكرَه السنواتْ ...وطوته مع الميتين

**

كما ورد على المتدارك بدون تصريع في المقطع الأول وبتصريع في المقطع الثاني في قول الشابي:

في فجاج الردى .... قد دفنت الالمْ

ونشرت الدموعْ ... لرياح العدم

واتخذت الحياةْ ... معزفا للنغم

**

أسكني يا جراحْ ....واسكني يا شجونْ

مات عهد النواحْ .... وزمان الجنونْ

وأطل الصباحْ ....من وراء القرونْ

وهنا قد يقول قائل إن الوزن مساغ. وليس الوزن وحده حديثنا بل والقافية وأحكام العروض والضرب.

وليس من علاقة بين مرجعية الخليل والمتدارك 0 فهو بحر مهمل - إلا ما وافق منهج الخليل وما وافق القياس على أحكام المتقارب المحذوف الضرب، حيث ينتهي كل من شطريهما ب 3 2 3 (فعو لن فعو) و ( علن فاعلن ).

هذا أقصى نا استطيع الذهاب إليه بترخيص أستشعره متسامحا من منهج الخليل.

ولكن ذلك لا يمنع التأمل والتفكير بصوت عال دون تقييد الخليل بنتائج ذلك، بل ودون المحاسبة عليه فهو نقل لتداعيات أشبه بالهواجس وهي أقرب إلى سرد الحلم دون تحمل مسؤولية.

***

مثلما نتعامل مع التمارين العروضية

لنتأمل بدون قيود العلاقة بين المتقارب والمتدارك.

لنتأمل هذا البيت من المتقارب والوظيفه الوزنية للمتحرك الأخير في الصدر وهو هنا التاء المربوطة في الحياة

إذا الشعب يوما أراد الحياةَ .... فلا بد أن يستجيب القدرْ

3 2 3 2 3 2 3 1 .....3 2 3 2 3 2 3

وكان للشاعر أن يقول :

إذا الشعب يوما أراد الحيا ...(م).... ةَ لا بد أن يستجيب القدرْ

3 2 3 2 3 2 3 .....21 2 3 2 3 2 3

فهذا المتحرك احتياطي لإتمام الوزن منفردا آخر الصدر أو مندمجا في حال التدوير ليكون جزءًا من الوتد أول العجز.

نقل البيت الثاني لمجزوء المتدارك سهل ويكون بحذف الوتد :

بالجراحة : شعب يوما أراد الحيا ...(م).... ةَ فلا بد أن يستجيب القدرْ

بالتجميل : شعبُ إن أنتَ رمتَ العُلا ... فاعلمن يستجيب القدرْ

ماذا عن البيت الأول ؟

إذا الشعب يوما أراد الحياةَ .... فلا بد أن يستجيب القدرْ

بعد حذف الوتد يصبح

شعبُ إن أنتَ رمتَ الحياةَ ....فاعلمن يستجيب القدر

طبعا لم يقل أحد بذلك من المتدارك ولنتصور أنه لا بد من هذا النص فأيهما أخف على السمع وأشبه بمجزوء المتدارك: النص بتحريك التاء أم بتسكينها ؟

لا شك أنه بتسكينها أقرب لطبيعة المتدارك.

لنأخذ بضعة أبيات من نفس القصيدة من طبيعة هذا البيت ونحاول نقلها إلى مجزوء المتدارك مع تسكين آخر الصدر:

اذا الشعــب يومــا أراد الحيــاة .....فلا بـــد أن يستجيب القــدر

ومن لم يعانقــه شــوق الحيــاةِ.... تبخــر فــي جوهــا واندثـــر

كـــذلك قالــت لــي الكائنــاتُ .... وحدثنـــي روحهــا المستتـــر

***

ودمدمت الريح بين الفجاج..... وفــوق الجبــال وتحــت الشجـــر:

ومن لا يحب صعود الجبــالِ... يعش ابــد الدهــر بيــن الحفــــر

فعجت بقلبي دماء الشبابِ.... وضجت بصــدري ريـــــاح أخـــــر

لو كانت الأبيات الثلاث الأول هي كل ما قيل لكان لنا تسكين التاء في آخر الصدور جميعا باعتبار التصريع المزدوج

ولصح نقلها إلى مجزوء المتدارك بالقول

شعبُ إن أنت رمتَ الحيــاةْ .....فاعلمن يستجيب القــدر

من يعانقه كرهُ الحيــاةِ.... زال فــي جوهــا واندثـــر

ذاك قالــته لــي الكائنــاتُ .... بثّه روحهــا المستتـــر

***

ماذا عن الثلاث أبيات في القطعة الثانية ؟

ضجت الريح بين الفجاجْ ....عاليًا بل وتحت الشجرْ

من يفارق صعود الجبالْ ...يبقَ ما عاش بين الحفرْ

في فؤادي دماء الشبابْ ....وبصدري رياحٌ أخرْ

أترى ذلك يجوز؟

وإذا نحن أضفنا سببا إلى أول كل شطر وغيرنا روي الراء إلى اللام – التركيز على الوزن فيرجى التجاوز عن ركاكة النظم - انتهينا إلى

كم ضجت الريح بين الفجاجْ ....في عصفها بل وفوق القُلَل

شعبٌ يعادي صعود الجبالْ ...يبقى إذا عاش رهن الخللْ

تسري بقلبي دماء الشبابْ ....يجتاح صدريَ رجع الوجلْ

في رشفة من رحيق الشفاهْ ....... أنفاسها من لحون الأولْ

لثم وهل في فم العاشقينْ......... نامت لتنسى بقايا قبل

وهكذا أنتهي بما بدأ به أستاذي من البيتين الذين ذكرهما أستاذنا عمر خلوف.

تعمدت التفصيل في هذه الجول لأنقل ما يخالجني من اعتبارات شتى تتراوح بين انطلاق التأمل وضوابط منهجية الخليل وتلمس الطريق بينهما. وهذا ما يميز ( علم العروض) عن التقرير دون تحليل في (العروض)

تبقى نقطة متعلقة بآخر حرف متحرك في نهاية صدر المتقارب وقابلية انزلاقه إلى أول العجز كما في البيتين :

إذا الشعب يوما أراد الحياةَ .... فلا بد أن يستجيب القدرْ

إذا الشعب يوما أراد الحيا ..(م).. ةَ لا بد أن يستجيب القدرْ

هل يمكن أن يتجمد في حالة متوسطة بينهما ؟

إذا كان الحرف متحركا = 1 فلا بد له من الاستقرار في أحد الشطرين. والتجمد يعني السكون. فإذ اجتمع السكون والحركة ذات الحرف نشأت حالة ذات علاقة بما تقدم.

كيف يمكن ذلك ؟

يجتمع السكون والحركة في الحرف إذا كان مشددا كحرف الطاء في كلمة (الطّاولة) = أطْ 2 – طا – ولهْ 3

وذلك ما جاء في بيت شارد نادر مختلف حوله وردت فيه كلمة ( التقاصّ)

ورمنا القصاص وكان التقاضـْ ..(م)..ــصُ فرضا وحتما على المسلمينا

ويمكن نقله للمتدارك المرفل الضرب بزيادة سبب في الوزن أول كل شكر مع ما يلزم من الحفاظ في الصياغة على كلمة التقاص بين الشطرين بالقول

نحن رمنا القصاص وكان التقاضـْ ..(م)..ــصُ اعلموا فرضَ حتمٍ على المسلمِينا

2 3 2 3 1 3 2 3 ه ......2 3 2 3 2 3 2 3 2

علق استاذي الزبيدي على الموضوع قائلا :

سؤال : في النحو سماعي وقياسي وفي اللغة وفي الصرف ، فأرى أن نجعل ما جاء مخالفا للخليل في مثل القلب أو إضمار عروض الكامل من هذا ؟

أي مما يكون في حكم مما سمع وستقول ولكن السماع انتهى بعصور الاستشهاد فأقول في النحو اليوم يقبل من الناس مما لم يأت على قياس ولا على سماع من قرون الأستشهاد وفي قرارات المجاميع اللغوية شواهد تخرج عن الحصر

فنقبل ما جاء به الشعراء ممن لهم معرفة بالشعر والعروض إذا حافظوا على عدم تتألي وتدين أصيلين

ما جاء به الشعراء نحكم عليه على مرحلتين

الأولى ضرورية غير كافية : بمعنى إن خالف منهج الخليل وخرج عن ساعة البحور لا ننظر فيه أبدا. عدم تجاور وتدين أصيلين شرط من عدة شروط.

الثانية إن وافق منهج الخليل وخرج عن صوره نظرنا فيه

وحسبك هذا الجدول وما فيه من زيادة عن صور الخليل ولكنها لا تخرج عن منهجه

https://sites.google.com/site/alarood/_/rsrc/1349693412267/r3/Home/jadwal-ul-bohoor/jadwal-bohoor.gif

هذه الاشتراطات أستاذي بدهية لمن فهم منهج الخليل.

كم المعلومات في غياب المنهج ظلمات

كلما زادت أدت إلى المزيد من الاضطراب

هذا منطق المنهجية الذي تجهله الأمة وخاصة نخبها الثقافية وآية ذلك ما تراه من اهتمامها بأمور وإهمال أمور أخرى أهم وأولى ولا يتسع مقام لذكرها.

أكتفي هنا بالقول إن المبدأ واحد ايام عمر بن عبد العزيز ومن قبله ومن بعده وكذلك كم المعلومات فلماذا اختلف الأداء ؟؟؟

لسبب بسيط واحد هو التزامه رضي الله عنه بالمنهجية وترتيب الأمور حسب أولوياتها.

هذه رسالة الخليل التي تـُكَرَّسُ طاقاتٌ لتجاهلها بل طمسها من بعده.

منظومة الخليل الفكرية (( المبدأ - المنهج - التطبيق ))

الخليل أروع مثال لتشرب العقل العربي برسالة محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام.

إن صح التفكير في مجال صح في كل مجال.

التفكير الصحيح الضابط للمنهجية كالكهرباء يأتي كليا أو يغيب كليا.