hatha-assabab

هذا السبب 2

إنطلاقا من رصد الرقمي للظواهر المختلفة وتجميعها في مجموعات تجمع بين أفراد كل منها قواسم مشتركة تجعل التقعيد لها ممكنا، فقد لاحظت هذا السبب 2 في شطري كل من بحري الوافر والسريع وصدر الرمل، واحترت في تسميته إذ تتناوشه عدة تسميات منها النادر والغريب والشاذ والمحيّر. وقد أضفت المديد ومجزوء البسيط لاشتراكهما معها لو جعلناها في دائرة افتراضية واحدة والانطلاق بوزن البحر يكون من اسمه مع الاتجاه عكس عقارب الساعة.

في هذا مدعاة للتأمل في العلاقة بين هذه البحور من حيث وحدة مقاطعها وندرة أو شذوذ أو غرابة استعمال هذا السبب فيها.

في حال إضافة هذا السبب ل

وفيما يلي شواهد على ورود هذا السبب في الشعر خلافا لتحديد الخليل.

1- الرمل كنت أظن أن أول قصيدة على هذا الوزن المستحدث هي قصيدة المتنبي:

إنّما بَدْرُ بنُ عَمّارٍ سَحَابُ هَطِلٌ فيهِ ثَوَابٌ وعِقابُ

إنّما بَدْرٌ رَزَايا وعَطايَا ومَنايا وطِعانٌ وضِرابُ

ما يُجيلُ الطِّرْفَ إلاّ حَمِدَتْهُ جُهدَها الأيدي وذَمّتهُ الرّقابُ

ما بهِ قَتْلُ أعاديهِ ولكِنْ يَتّقي إخلافَ ما ترْجو الذّئابُ

ولكني اطلعت على قول لأستاذي د. عمر خلوف جاء فيه :

http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=40876&p=298408&viewfull=1#post298408

قالب غير خليلي، ذكره أبو الحسن العروضي في معرض حديثه عمّا أغفله الخليل، وذكره الجوهري بقوله "مسدس قديم"، وابن القطاع، والسكاكي، وأورده الشنتريني والدماميني في شواذّ الرمل.

وقد وجدت له بعض الأمثلة القديمة، سوى قصيدة المتنبي التي أوردها أستاذنا (أبو سهيل) مشكوراً.

يقول محمد بن إياس الليثي في عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

إنَّ ليلي طالَ والليلُ قصيرُ طالَ حتّى كادَ صبْحٌ لا يُنيرُ

ذكْرُ أيّامٍ عَرَتْنا منكَراتٍ حدَثَتْ فيها أمورٌ وأمورُ

والذي يأمُرُ بالغَيِّ مُطاعٌ والذي يأمُرُ بالحِلْمِ دَحيرُ

لَقِحَتْ حرْبُ عديٍّ عن حِيالٍ فرحى حربِهمُ اليومَ تدورُ

ووجدت لابن المعتز على هذا القالب قصيدة طويلة، منها قوله:

منزلٌ أقوى بسلمى وربوعُ تُعذَرُ الأنفاسُ فيهِ والدموعُ

ولقد كنتُ أراها آهِلاتٍ وكذاكَ الدهرُ يعصي ويُطيعُ

كذَبّ الدهرُ فما فيه سرورٌ يُقلَبُ الحالُ وينفضُّ الجميعُ

إبْطِ ما شئتَ وسِرْ سَيْراً رُوَيْداً إنّ سيرَ الدهرِ بالمرْءِ سريعُ

ذاكَ أفنانا ، ومَنْ يبقى سِوانا يهلكُ الصابرُ منّا والجَزوعُ

ولأبي الفتح البستي:

ربَّ ليلٍ أغمد الأنوارَ إلاّ نورُ ثغْرٍ ونَدامٍ ومُدامِ

قد نعِمْنا بدَياجيهِ إلى أنْ سُلَّ سيفُ الصبْحِ من غمدِ الظلامِ

وزاد استخدامه لدى المعاصرين.

2- الوافر كثر من قالوا عليه حديثا ومنهم الشاعرة ريمة الخاني :

دموعُ العين لاتكفي لخشيته وقلب تاه محزوناً بكربتهِ

دروب الود لاتكفي لإعمار تشتت جل أوقاتي بطلعتهِ

رفيف العمر يسبقني وأسبقه فمازادت ترانيمي بسرعتهِ

فعطر ضاع بالهفوات قاطبة وبات الطُعُم يدنيه لضيعتهِ

وسبق إلى الهزج التام البحتري بقصيدته

أبا العباس برزت على قومــ ـك آداباً، وأخلاقاً، وتبريزا

فلو صورت من شيء سوى الناس إذا كنت من العقيان إبريزا

ولم يعلك إلا كرم النفس، بلى، فازددت بالمعتز تعزيزا

فأنت الغيث إذ يسجم، والليث إذا يقدم، والصارم مهزوزاً

3- السريع د. عبد الله الفيفي

أطوي عناويني بأمسي لأمشي ‏ في خطوتي شوقُ الندى للورود

ينتابني دربي ويمضي ببابي ‏ في طلْعة الشيخ الضرير الكنودِ

كيف الوصول هل وصولي قفولي ‏ أنفقتُ وقتي في ابتداء المعيد

‏تدور ساعاتي بعكس المساعي ‏ كم والدٍ أودى بدعوى الوليدِ

الوزن بهذا السبب هو وزن المسحوب في الشعر النبطي.

ينتهي عجز السريع ب 2 2 2 ويمكن تصور تحول هذه 2 1 2 ه = مفعلاتْ بالحبن و ( بما يعرف بمصطلح الوقف باعتبار أصلها 2 2 2 1 )

ولا يمكن تصور تحولها إلى 2 1 2 2 فإن هذا التركيب لا يمكن النظر إليه في ضوء عروض الخليل إلا على أساس كونه 2 3 2 وهذا لا يكون أبدا لأنه يعني تحول السبب إلى وتد.

فكيف نفسير إساغتنا لهذا الوزن ؟

أرى أن ذلك عائد لقياس 2 3 في سمعنا على 2 3 ومن ثم إساغة الترفيل بعده. وربما لو كان لأذننا في هذا الزمن ما كان لها من حساسية إذن العرب الأوائل ما أساغت ذلك.

وما من سبيل إلا لاعتبار هذا الوزن من جميل الموزون.