manhaj-thanaa

منهج الخليل في مجهر الرقمي

الأستاذة ثناء صالح

الأستاذة ثناء صالح في المقدمة من الذين فهموا الرقمي حق فهمه. وهي إلى جانب ذلك تتخذ خطا ناقدا ممحصا له. كما أنها تتمتع بخلفية وتفكير علميين .

كل ذلك يجعل من تناولها للرقمي تناولا مميزا ومفيدا، وكم أفدت من ذلك في حالي الاتفاق والاختلاف معها.

تقوم بتقديم موضوع بعنوان :" منهج الخليل في مجهر الرقمي " في كل من الصفحات والمنتديات التالية :

العروض رقميا

الفصيح

الواحة

ولأهمية ما ألمسه من بداياته رأيت أن أحفظه في موقعي، والإشارة إلى تلك المنتديات لما قد تحتويه من حوارات حول الموضوع. ثم إن جمع مشاركاتها حول الموضوع في صفحة واحدة ييسر نشره في المنتديات الأخرى وإضافة ما يخدم الموضوع من اشكال أو جداول.

***********

1.- مقدمة

حين يبدأ مبدع العروض الرقمي ألأستاذ خشان بتدريس دورات الرقمي يبدأ بتنبيه المتدرب إلى أن " البدهية مقدمة على سواها في كل مجال ،وبدهيات العروض التي لم ينص عليها الخليل أهم من كل ماعداها وهي لمن ينطلق من جوهر نهج الخليل ممثلا في دوائره التي تجمعها ساعة البحور ، في غاية الوضوح " . ثم يستعرض بعجالة مجموعة قواعد ومبادئ أساسية يسميها (البدهيات) وهي ما يتوقع الأستاذ خشان أنها معروفة وظاهرة للعيان ومسلم بها من قبل أي دارس لمنهج الخليل في العروض .

على أن من يتابع معظم مواضيع الحوارات الساخنة للأستاذ خشان مع العروضيين الكبار ومع المهتمين بالعروض ومع الشعراء سيجد أن معظم الاختلاف في وجهات نظر المتحاورين إنما ينبثق من جدلية الاعتراف بتلك الأسس والمبادئ والتسليم بها أو تجاوزها وتجاهلها وعدم التسليم بها .

ويبدو لي أن ملاحظة تلك الأسس والمبادئ في كانت تتراءى واضحة وجلية للأستاذ خشان وهو منكب على التفرس في الدوائر إلى الدرجة التي جعلته يفترض ويقبل بدون برهان أنها واضحة وجلية للجميع . وليس أدل على جزمه بوضوحها من تسميته لها ( البدهيات ).

لكن البدهية لا تكون بدهية إلا بشرطين الأول أنها ظاهرة خاضعة لملاحظة الجميع دون استثناء . والثاني أنها مسلم بها من قبل الجميع بحيث لا يجب أن يختلف على وجودها وحكمها شخصان اثنان . . ومثال ذلك أن أقول : الإبصار بالعينين يستلزم وجود الضوء ، أو أقول : 1 + 1 = 2 . فمن ذا الذي يرغب في مجادلتي في قولي هذين حتى مجرد رغبة ؟ بالتأكيد لا أحد . فما قلته لا يتعدى أمرا بدهيا لا اعتراض عليه ولا يحتاج للمنافشة . إذن فما معنى أن تدور المجابهات في معظم حوارات الأستاذ خشان مع العروضيين حول تلك الأسس ؟ ثم لماذا يتمترس الأستاذ خشان في موقفه من أي طرح عروضي سواء أكان فيه مدعيا أو مدافعا خلف هذه الأسس لولا أن هذه الأسس تمثل بعض نتائج بحثه وتحليله عبر سنوات طويلة . . ؟

ثم يأتي من يتساءل : أين نتائج العروض الرقمي في تحليل منهج الخليل بعد هذه السنوات ؟ ألم تكن تلك مهمته في الأصل ؟فأي هي النتائج ؟

أو يأتي من يتهم العروض الرقمي بعدم تقديم رؤية موضوعية واضحة في تحليله طويل المدى لمنهج الخليل . . !

مشكلة الإخراج :

بمختصر القول : لقد اختلطت النتائج بالمقدمة وبطرائق البحث في العروض الرقمي بسبب التداخل الذي ألحقه الإخراج غير المنسق لمشروع العروض الرقمي ككل في مواقعه على النت . فأين حصل التداخل ؟

أولا : في تقديم بعض النتائج كبدهيات ضمن سياق المقدمات :

هذا الإخراج يوحي للمتابع بأن ليس هناك من كشف جديد يستحق الاحتفاء به وهذا هو الظلم بعينه . . ، فالمتدرب الجديد الذي جاء يدرس العروض الرقمي وهو لا يفقه شيئا في العروض التقليدي يقابله الأستاذ خشان ليقول له في بدء الدورات : هذه (بدهيات ) . . يعني ماذا ؟ يعني ليس هناك من حدث جديد . . البدهيات مسلمات مفروغ منها لا أحد يحتاج إلى ذكرها وليس ثمة من يختلف عليها . .والبدهيات في العروض معلومات أولية ويجب أن تكون قديمة لأن العروض قديم .والحديث عن فحوى البدهيات يدور حول محصلة الحاصل . . فما الفائدة من وجود العروض الرقمي إذن وما الجديد الذي قدمه بتكرار ذكر ما هو قديم ومعروف للجميع ( بدهيات العروض ) ؟

أما العروضي المخضرم الذي لم يستخدم مجهر الرقمي لينظر في دوائر الخليل فهو يدرك أن ما يسميه الأستاذ خشان بدهيات مبادئ كاملة المصداقية إلا أنه يتعامل معها بشكل إفرادي منعزل عن منظومة الدوائر المتكاملة كما هي في ساحة مجهر الرقمي وبالتالي فهو يجيز لنفسه تغييرها كونه لن ينظر ليرى ما يخلفه تغييرها من تقويض أو إخلال بنظام الدوائر المتكامل الذي يتبدى في ساعة البحور الرقمية .

ثانيا : تقديم بعض النتائج الآخر كمشروع رواية ( نحو رواية التخاب ) تدمج ما هو نظري فيما هو تطبيقي مجرد وتدمج الأدب بالعلم .فتؤدي بطريقة ما إلى تمييع ما طرحته من نتائج علمية فريدة وملفتة وجادة . إن مجرد طرح النتائج ضمن سياق (رواية ) يسيء إلى مصداقية النتائج العلمية بسبب ما تستلزمه الرواية من خيال المؤلف وتبعات ذلك في ذهن القارئ الباحث عن القانون العلمي . .

ثالثا : تقديم بعض النتائج تحت عنوان ( مبادئ وأسس ) مثل مبدأ التناوب بين الزوجي والفردي ، دون لفت الانتباه إلى أن هذه المبادئ والأسس هي نتائج متحصل عليها من تحليل منهج الخليل في العروض الرقمي فعدم التنويه والتذكير بهذا يشط بانتباه المتلقي إلى مضمون الأفكار دون تقدير مصدر نشوء الفكرة . وأرى الأمر هنا شبيها بما يحدث عندما يهب الله الإنسان نعمة ما ليشكره عليها فينصرف إلإنسان إلى التلذذ بهذه النعمة دون أن يفكر بمصدر النعمة وواهبها فيفوته تقدير حق الله وشكره ولله المثل الأعلى .

خلاصة القول : في أي بحث علمي لا يمكنك أن تقدم نتائج بحثك في مقدمة أطروحتك أو ضمن طرائق البحث . .لكن هذا ما حصل فعلا في العروض الرقمي وعبر مواقعه في النت .

ومن هنا يمكن تبرير ذلك اللاتقدير الذي قد يلحق بجهد الأستاذ خشان في أطروحته العلمية العروضية في الرقمي . .

لقد قدم الأستاذ خشان سبقا علميا تاريخيا مميزا وجديرا بالاهتمام والتقدير العلمي ممثلا بكشف ثم تحديد ثم تأطير القوانين الناظمة للعروض العربي كما تبدت في دوائر الخليل التي تم التعامل معها كمادة بحث وقد حفلت نتائج البحث بتفاصيل علمية موضوعية أقل ما يقال عنها إنها استوفت تحليل منهج الخليل ثم أسست فيه لفتوحات علمية منتظرة سنأتي على التنويه بأهميتها في هذا الموضوع أن شاء الله يتبع . . .بإذن الله

2 - البينة على المدعي :

هل كان يحتاج منهج الخليل في دوائره إلى تحليل ما ليصبح أكثر وضوحا ؟

وهل كان يحتاج إلى مجهر الرقمي بالذات كي تتضح تفاصيل رؤيته ؟

سؤالان يفرضهما علينا واقع الحال ونحن نصغي إلى رجل لديه ما يقوله ويلح علينا بالإنصات إليه ، فإن يك مدعيا فهذه بينته بين أيدينا فما علينا إن قلبناها على أطرافها ومحصناها لننظر في ادعائه ومصداقيته .

هل العروض علم أم هو تراث شعبي ؟

لقد درجنا في كافة العلوم التطبيقية على مراقبة الآليات التي تتبلور فيها النظريات عبر استعراض ما يسمى بتاريخ العلوم . فغالبا ما تبدأ المناهج الدراسية الأكاديمية أو حتى المدرسية بهذا الاستعراض التاريخي لنشوء النظرية وتطورها وتبلورها حتى وصولها لشكلها النهائي . ذلك لأن استعراض مراحل تبلور النظريات العلمية يضمن للدارس تأسيسا علميا يعينه على متابعة النمو المعرفي التراكمي المتدرج الصحيح الذي تلح عليه النظريات السلوكية التعليمية التربوية .

‏ لكن في علم العروض لو أردنا استعراض الآلية التي تطورت فيها النظرية العروضية عند الخليل بحيث نحدد القوانين المرجعية التي استند إليها الخليل في عمله التقعيدي لتعذر علينا ذلك بسبب خلو المراجع العروضية التاريخية من هذا البحث ولأن الخليل نفسه لم يحدد لمن سيأتي بعده قواعده التي اعتمدها في استنباط القواعد العروضية واكتفى من ذلك برسوم الدوائر وشرح آلية فك البحور بعضها من بعض . فهناك إذن ثغرة معرفية كفيلة بإرباك الباحث في آلية تبلور النظرية الخليلية

والسؤال عن أهمية تحليل منهج الخليل بغرض تحديد منطلقاته ومبادئه عند استنباطه للقواعد للتقعيد سؤال تفرضه الحاجة الموضوعية لمعرفة آلية تبلور نظرية الخليل عند التعامل مع علم العروض كعلم تطبيقي منهجي قابل للضبط والمحاكمة وليس )كتراث شعبي .

فهل امتلك الرقمي أدوات تحليل بنية منهج الخليل في مختبراته ؟

نعم .

لننظر إلى منهج الخليل في دوائره بوصفه منظومة بنيوية . فالقاعدة أن الانتقال في رؤية البنية وفحصها من مستوى معين إلى مستوى أدق وأوضح لتفاصيلها يستلزم الانتقال في استخدام واحدت القياس من الواحدات الكبرى إلى الواحدات الصغرى وهذا معروف في دراسة مستويات البنية لأي تشكيل بنيوي حيوي أو غير ذلك . ومثاله الانتقال من استخدام الميكرومتر إلى الأنغستروم أو النانومتر بهدف دراسة البنية الجزيئية لتراكيب الخلية .

فالرقمي انتقل من دراسة البنية العامة لإيقاعات البحور والتي تتخذ من التفعيلة واحدة بناء وقياس للشطر الشعري في منهج الخليل إلى دراسة البنية الجزيئية لإيقاعات البحور باتخاذ الأسباب والأوتاد واحدات قياس ممثلة بالأرقام . صحيح أن الأسباب والأوتاد ليست من إبداع الرقمي وقد استخدمت أصلا في التفعيلي إلا أنها استخدمت فيه كواحدات بناء وقياس للتفعيلة وليس للشطر وما كان لها أن تكون واحدات قياس للشطر إلا بإزالة الحدود بين التفاعيل وهذا ما أصر عليه الرقمي وحققه دون التفعيلي . ثم ما كان للرقمي أيضا أن يزيل الحدود بين التفاعيل إلا بتفعيل الوظيفة الرياضية للأرقام التي استخدمها رموزا .فهي ليست رموزا جامدة وحيادية الدلالة كسواها من الرموز التي يمكن لأي كان اقتراحها . بل هي رموز متفاعلة ومتكيفة رياضيا مع خصائص مواقعها من الإيقاع وهي تحمل قيمة العدد الذي تمثله وقد تقبل الطرح و الجمع والتوزيع كخصائص رياضية كما سنجد في إجراءات التخاب مثلا .

والمهم في أمر الرقمي أن رؤيته لتفاصيل البنية الجزيئية على مستوى الأسباب والأوتاد ونوعية تفاعلها بعضها مع بعض ضمن إيقاع الشطر الشعري جعلته يتعامل مع الشطر الشعري كاملا كوحدة إيقاعية غير مجزأة في وزن البحر وبهذا فقد بدأ برؤية تركيب البنية العامة ) البحر ( من مستوى أكثر عمقا في الرؤية فكان لا بد له من التعبير عما رآه من المستوى الأعمق بقوانين عامة أساسية أكثر عمقا وشمولية .

وبهذا فإن ادعاءنا بأن الرقمي قد زاد من إيضاح التفعيلي يجب أن يكون مقبولا إذا وقفنا على شرط الانتقال من استخدام واحدات القياس الأكبر إلى واحدات القياس الأصغر .

إن مؤشر النجاح الذي حققه الرقمي في استخدامه للأرقام بديلا للتفاعيل يتمثل بتكثيف القوانين العلمية وتوحيدها تدريجيا في قوانين أكثر عمومية وشمولية مما سبقها في العروض التفعيلي . فنرجو من حضراتكم أن تتابعوا معنا عملية التكثيف المطردة التي تلازم كل نتائج البحث التي توصل إليها الرقمي . هذه النتائج التي سنعمد إلى تحديدها ومحاكمتها في هذا الموضوع.

تجميع نتائج الرقمي ومناقشتها :

1 - تشكيل ساعة البحور

2 - البدهيات

3 - القواعد العامة

4 - المشتقات

5 - تفعيل الوظيفة الرياضية للأرقام في :

أ- التخاب ب-التأصيل ج-التفعيلة

6 - توحيد الزحافات

7 - إلغاء الحدود بين التفاعيل وحل مشكلة الوتد المفروق .

يتبع بإذن الله . . .

.‏

****