د. كمال أبو ديب

كنت قد قرأت عن نهج كمال أبو ديب في مراجع شتى ثم اطلعت على تلخيص له في نسخة مخطوط كتاب الدكتور عبد الكريم أسعد قحطان (عروض الشعــــر العـــربي وقافيته - البنية والأثر ) التي تكرم مشكورا بتزويدي بها، ورأيتها مناسبة لتقديم هذا الملخص بحرفيته ولكن بعد نقل المقاطع والرموزن بالأرقام فمثلا رمزت ل ( فا ) بالرمز 2 ول (علن ) بالرمز 3 كما هي مستعملة في الرقمي لتقريبها لأهل الرقمي، ولييروا أن قسما كبيرا من الموضوع يدور حول تحديد مكان الحدود بين المقاطع ، بحيث لو عبرنا عن الوزن بالأرقام تنتفي الحاجة لاستعمال كثير من التقسيمات والمصطلحات بحيث يبدو الكلام كأنه تكرار لذاته في غيابها.

العروض العدديّ بمفهوم النّوى والوحدات

ضمن كتاب(في البنية الإيقاعيّة للشّعر العربيّ) لكمال أبو ديب

=====================================

يتضمّن مؤلّف كمال أبي ديب الموسوم بـ(في البنية الإيقاعيّة للشّعر العربيّ) مشروعين مميّزين: الأوّل منهما يعتمد على فرضيّة النّوى والوحدات الإيقاعيّة دون أن يتدخّل النّبر فيه. في حين يجمع المشروع الآخر بين فرضيّة النّوى وفرضيّة النّبر المؤسسّة على علاقات النّوى .

في كلا المشروعين يرفض أبو ديب مفاهيم العروض الكمّيّ الزّمنيّ وآليّاته الممثّلة بالمقاطع الكمّيّة مفترضا،في إطار المشروع الأوّل،أنّ التّعادل الإيقاعيّ في مستوى الشّعر العربيّ يعتمد على توافر أساسين هما: ((توحّد القيم العدديّة للإيقاعات المتعادلة ثمّ الموقع المتناظر للنّواة الجوهريّة (علن) فيها))(1) ذلك لأنّ إيقاع الشّعر العربيّ يتشكّل((من التّتابعات الحركيّة ذات القرار النّغميّ في العربيّة الّتي تمثّل النّوى الإيقاعيّة 3 – 2 – 1 3 وفي حسّ الشّاعر العربيّ المرهف، كان لهذه النّوى…قيم رياضيّة محدّدة ومتميّزة تميّزا واضحا.وبنظرة بسيطة يمكن أن نرى أنّ هذه القيم تمثّل عدد المتحرّكات في كلّ نواة،دون إعطاء السّاكن أيّ قيمة أو بإعطائه قيمة هي الصّفر))(2) أمّا تحديد نظام البنية الإيقاعيّة فيعتمد على ثلاثة مفاهيم هي :

1-النّوى،فكلّ تشكّل لابدّ أن تتوزّع حركاته في صور النّوى الآتية: (علن = 3، بمتحرّكين وساكن).( فا= 1 ه = 2 ،بمتحرّك وساكن ).(علتن = 1 1 1 ه = 1 3 ،بثلاثة متحرّكات وساكن) .

2- الوحدات الإيقاعيّة،وهي الّتي تتركّب من هذه النّوى .

3-التّشكّل الإيقاعيّ،وهو التّأليف النّاتج من تكرار هذه الوحدات أو من تركيبها.

ويختلف التّشكّل الإيقاعيّ عن البحر العروضيّ في اعتماد التّشكّل على ما تقرّه الوقائع الشّعريّة دون اعتداد بما يضيفه البحر أو ما يقدّره من علل.

يميّز أبو ديب بين نمطين من التّشكّلات الوزنيّة هما :

الأوّل:ما يبدأ بالنّواة (3) ويضمّ المتقارب،وهو التّشكّل الأساس لهذا النّمط ،ثمّ الطّويل والهزج والمضارع والوافر .

الثّاني:ما يبدأ من (2)،ويضمّ المتدارك،وهو التّشكّل الأساس فيه،ثمّ الرّجز والرّمل والسّريع والمديد والخفيف والمنسرح والمجتثّ والمقتضب .

وعلى أساس من هذا التّمايز تتمايز الوحدات الإيقاعيّة الّتي يتضمّنها كلّ نمط ؛ذلك لأنّ تحديد الوحدات يتمّ ((بالاعتماد على التّتابعات الحركيّة وموضع النّواة 1 3 وهذه النّواة تمثّل النّواة الجذريّة وهي علامة الوتد المجموع الخليليّ،وقد تكون متضمّنة للحرف المتحرّك الأخير من الوتد المفروق مع حرفي السّبب الخفيف اللاحق للوتد المفروق.كما في أوزان دائرة المشتبه العروضيّة.

ففي التّشكّل الّذي يبدأ من النّواة (علن)،كما في المتقارب،أو الطّويل أو المضارع أو الهزج أو الوافر ((تبدأ الوحدة الإيقاعيّة من (علن) ونأخذ معها كلّ (فا) تتلوها حتّى علن الثّانية ))(4)

فالمتقارب،مثلا،يتمّ توزيعه بشكل الوحدات كالآتي:

3 2 – 3 2 – 3 2 – 3 2

ويتمّ توزيع وحدات الطّويل بالشّكل الآتي:

3 2 – 3 2 2 – 3 2 – 3 2 2

ولا يختلف عن توزيع الخليل بمستوى أوزان هذا النّمط سوى في المضارع؛ حيث

يتوزّع شطره، لدى أبي ديب، بالصّورة الآتية: ........... 3 2 2 2 – 3 2

في حين يوزّعه الخليل بالصّورة الآتية:.......... 3 2 2 – 2 3 2

فأبو ديب يحرص على جعل النّواة 3 بداية للوحدات المقترحة لتشكّل المضارع. في حين كان الخليل يحرص على التّوزيع المتساوي لحروف البنية .

أمّا التّشكّل الّذي يبدأ بالنّواة 2، كما في المتدارك،أو بالنّواة 1 3 كما في الكامل،فتؤخذ وحداته بدءا من 2 أو من1 3 وحتّى 3 .فالمتدارك،مثلا،يتمّ توزيع وحداته بالصّورة الآتية:

2 3 – 2 3 – 2 3 – 2 3

وتتوزّع بنية الكامل في الوحدات الآتية:

1 3 3 - 1 3 3 - 1 3 3

فإذا ابتدأ التّشكّل من 2 وكان مختوما بالنّواة 2 أيضاً،كما في الرّمل ،ألحقت 2 الأخيرة بالوحدة الأخيرة منه كالآتي: 2 3 – 2 2 3 – 2 2 3 2

ويختلف توزيع أبي ديب عن توزيع الخليل بمستوى أوزان هذا النّمط لاختلاف الأسس في الحالين. وبالذّات في أوزان المديد والرّمل والخفيف والمنسرح والمقتضب. وإذا كانت التّفعيلة الخليليّة تقدّر بعدد أصواتها المتحرّكة والسّاكنة فإنّ وحدات أبي ديب تقدّر بعدد الأحرف المتحرّكة دون إعطاء السّاكن أيّ قيمة .فالنّواة (فا) - ه =1 ) والنّواة (علن - -0 = 2 ) والنّواة(علتن - - - ه = 3)،وهذه النّوى تتجمّع قيمها في صور الوحدات الإيقاعيّة وتصير لكلّ تشكّل قيمة رياضيّة هي مجموع قيم وحداته .وتتمثّل في النّماذج الآتية:

الأرقام في المربع أدناه تعني التفاعيل بعدد متحركاتها أو خاناتها باعتبار الخانة = 1 أو 2 دون استعمال الرقم 3، وحيث في كل خانة متحرك.

فمثلا فاعلن = 2 1 2 = 3 لأن عدد الخانات 3 وكذلك فعولن = 1 2 2 = 3

مفاعيلن = 1 2 2 2 = 4، مستفعلن = 2 2 1 2 = 4

المضارع حسب رؤيته = 3 2 2 2 – 3 2 = 1 2 2 2 2 – 1 2 2 = 5 – 3

المضارع بطريقته حسب الخليل = 3 2 2 – 2 3 2 = 1 2 2 2 – 2 1 2 2 = 4 - 4

ما يبدأ بالنّواة (علن):

المتقارب : 3 3/ 3 3

الطّويل : 4 3 / 4 3

الهـزج : 4 4

المضـارع : 5 3

2- ما يبدأ بالنّواة (فا) :

المتـدارك : 3 3 / 3 3

البسيـط : 4 3 / 4 3

المجتثّ : 4 4

المقتضب : 5 3

المديـد : 3 4 4

الرّمل : 3 4 5

الخفيف : 3 5 4

السّريع : 4 4 3

الرّجز : 4 4 4

المنسرح : 4 5 3

الوافـر : 5 5 3

الكامل : 5 5 5 (5)

على هذا يرى أبو ديب ((أنّ المبدأ الّذي يحكم نظريّة التّحولات في تشكيل وحدات البحور هو مبدأ رياضيّ ..يلغي نظريّة الزّحافات كلّها،ويحيل تحليل بيت شعريّ إلى مكوّناته الإيقاعيّة عملاً إلى درجة كبيرة من البساطة .حين نحلّل بيتاً ما يجب أن نعرف شيئاً واحدا هو القيمة الرّياضيّة لكلّ من وحداته ،بعد التّحليل إلى مكونات نوويّة لا نأبه لما قد يكون زحافاً وما لا يكون: الشّيء الأساسيّ هو أن تنتج لدينا القيم العدديّة للوحدات كما نعرفها في كلّ بحر ))(6)

في ضوء هذا الفهم يمكن أن نعتبر إيقاع الشّعر العربيّ إيقاعا عدديّا ،ولا فرق ،من حيث القيمة الرّياضيّة العدديّة، بين عدد الحركات دون السّواكن وعدد المقاطع؛ لأنّ عدد المقاطع يساوي دائما عدد المتحرّكات والعكس صحيح أيضاً .

وتتكرّر،هنا ،فكرة التّساوي العدديّ للأقوال الموزونة الّتي طرحها فلاسفة العرب والمسلمين . وهي فكرة محقّقة سوى في إيقاعات الكامل والوافر والخبب ؛لأنّها تتعادل بقيم عدديّة غير متساوية بسبب من توافر النّواة 1 1 1 ه = 1 3 بثلاثة متحرّكات وساكن ،الّتي تتحقّق أحيانا بمتحرّكين وساكنين (1 ه 1 ه = 2 2 )، أي بصورة نواتين 2 . ممّا يعني أنّ إيقاعات الشّعر العربيّ تتوزّع في نمطين ،أحدهما فقط يلتزم بفرضيّة التّساوي العدديّ ،في حين يلتزم النّمط الآخر لشروط إيقاعيّة أخرى .وأبو ديب لا يجد تفسيرا لها ،ويكتفي باستخدام لغة الخليل للتّوضيح فقط ، بمثل قوله: ((إنّ قيم وحدات الكامل كلّها وقيمة ( 1 1 ه 1 1 1 ه = 3 1 3 ) في الوافر ، يمكن أن تصبح عن طريق الزّحاف (4 ) بدلا من أن تبقى (5)))(7). وفي مستوى الخبب يذكر:

((أنّ ثمّة تشكّلا إيقاعيّا في الشّعر العربيّ قد تتألّف الوحدة الإيقاعيّة من نواتين2 ،وقد تكون جميع وحداته من هذا الشّكل(1 1 1 ه )،بهذه الطّريقة نميّز بين هذا الشّكل عن المتدارك))(8)

وتبرز مشكلة الكامل والوافر والخبب،أيضا،مع فرضيّة النّموّ الإيقاعيّ،إذ يفترض أبو ديب(( أنّ النّموّ الطّبيعيّ للوحدة الإيقاعيّة (2 – 3 ) أدّى إلى التّشكّل الإيقاعيّ (2 3 2 3 2 3 2 3 ) النّابع من تكرار الوحدة أربع مرّات. وأنّ النّموّ الطّبيعيّ للوحدة (3 – 2 )أدّى إلى التّشكّل (3 2 3 2 3 2 3 2) النّابع من تكرار الوحدة أربع مرّات أيضاً… ويمكن تحقيق تشكلات إيقاعيّة بإضافة نوى إيقاعيّة إلى الوحدة المؤسّسة،وتكشف الدّراسة المتأنيّة أنّ النّواة المضافة هي دائما 2 وأنّ 3 لا تضاف إطلاقا يمكن التّقرير،إذن،أنّ (3هي النّواة الجذريّة الثّابتة ضمن الوحدة المؤسّسة،2 هي المتغّير الّذي يعمد إليه في تطوير التّشكيلات الإيقاعيّة كلّها)) (9)غير أنّ النّواة الجذريّة 2 والنّواة 2 لا تتبيّنان في مستوى 1 3 الّتي في الكامل والوافر والخبب،أو الّتي ترد في ختام كلّ من البسيط والمنسرح والمقتضب. فهي تتحقّق إمّا في صورة نواة واحدة بثلاثة متحرّكات وساكن،وإمّا بنواتين من(فا).ولم يجد أبو ديب سوى أن يعرض أربعة مقترحات لتوزيع (علتن) الّتي في الكامل والوافر هي:

1- علتن 1 1 1 ه = عدد المتحركات

2- ف علن 1 3 =1 2 = عدد المتحركات

3- ف ف فا = 1 1 1 ه = 1-1-1 = عدد المتحركات

4- فا +1 فا - -/- ه = 1+1 1 ([1]*)(10) ؟؟؟؟؟؟

ويرى ((أنّ العرب تقبّلوا إمكانات رياضيّة أكبر لتطوير الإيقاع الشّعريّ ،أوّلا بإضافة النّواة 2 أو متحوّل عنها بين النّواتين الأساسيّتين للوحدة الإيقاعيّة،ثانيا بتقبّل تحوّل النّواة 2 لاعن طريق النّقص،بل عن طريق تحوّل ساكنها إلى متحرّك ))(11).

في كلّ الحالات سيظلّ الخبب بعيدا عن كفاية هذا المنطق الرّياضيّ،مع أنّ هذه النّماذج الرّياضيّة المقترحة لتوزيع 1 3 تشتغل ضدّ منطق فرضيّة النّوى،وأبو ديب نفسه يرفض هذا التّعامل الرّياضيّ مع النّوى الصّوتيّة بمثل قوله: ((إذا أصررنا على التصاقنا بحركيّة اللّغة ، وعلى أنّنا نصف النّماذج الإيقاعيّة بوحدات تمثّلها تمثيلا حقيقيّا ،ولا تفتعل وجود هذه النّماذج، فيجب أن نرفض تقسيم التّتابع 1 1 3 )إلى (1 – 3 )أو إلى أيّ شيء آخر)(12) وبالتّالي فإنّ اعتماد هذا التّحليل الرّياضيّ،على الرّغم من مخالفته للقيم الصّوتيّة،يشير إلى أنّ معطيات النّظام النّظريّ الرّياضيّ لا تقترن بالوقائع النّغميّة الّتي تتحرّك في صلب عمليّة الخلق الفنّيّ،ويتّضح هذا الأمر بشكل جليّ مع طريقة تأليف الوحدات الإيقاعيّة ؛إذ ينبغي أن تتحدّد الوحدات الإيقاعيّة باعتبارها وحدات صوتيّة لا رياضيّة فحسب، لأنّ البناء الإيقاعيّ بناء صوتيّ أو سمعيّ ، وأبو ديب نفسه يرى أنّ ((شعور المتلقّي باتّحاد إيقاع شطرين لا يكون نابعا من الكتلة الوزنيّة باعتبارها كلا واحدا لا يتجزّأ ،ولا بدّ أنّه تلقّى الكتلة الوزنيّة موزّعة في أجزاء (وحدات إيقاعيّة) أشعرته بأنّ الشّطرين متّحدا الإيقاع ، حتّى لو لم يدرك هذه الحقيقة إدراكا عقليّا واعيا))(13).فإذا كان الإيقاع عدديّا فإنّه ((يحتاج بالضّرورة إلى فواصل أو علامات تفصل بين الوحدات فتظهر ما بينها من التّماثل ))(14) أكثر ممّا يحتاجه الإيقاع الكمّيّ أو النّبريّ اللذان يعتمدان على تناسب المكوّنات الصّوتيّة،لكنّ مهمّة تعيين هذه الحدود الصّوتيّة لا يقوى على إبرازها سوى العنصر السّاكن الّذي يمثّل نهاية المدّ الصّوتيّ في الكلام العربيّ.وهذا الشّرط لم تحقّقه تفاعيل الخليل إلاّ جزئيّا وبالذّات مع التّفاعيل الّتي تنتهي بالوتد المجموع مثل :2 3 و2 2 3 و1 3 3 . ونرى أنّ أبا ديب لا يحقّق هذا الشّرط إلاّ جزئيّا ،وبالذّات في الوحدات الّتي تنتهي 3 ، كما في الرّمل والمديد وغيرهما، وبتوافر هذا الشّرط يتمكّن من كشف بعض خلل التّفاعيل الخليليّة بمساعدة الوحدات الإيقاعيّة الجديدة، بمثل قوله: (( في نظام الخليل حيث يتّخذ المديد الشّكل (2 3 2 – 2 3 – 2 3 2) يعني دخول الزّحاف تحوّلها إلى 2 3 1 ويوجب ذلك قراءة الوحدة الإيقاعيّة منتهية بمتحرّك،وهذا ثقل إيقاعيّ يتجنّبه الشّعر العربيّ كما يؤكّد ذلك نظام الخليل نفسه تأكيدا نسبيّا والنّظام الجديد تأكيدا مطلقا. أمّا في النّظام الجديد فإنّ المديد يتّخذ الشّكل:(2 3 – 2 2 3 – 2 3 2 )، وحين 2 الأوّلى من الوحدة الثّانية ،فإنّ النّاتج لا يشكّل خللا موسيقيّا يخرج عن طبيعة الإيقاع العربيّ ،لأنّ نهاية الوحدة الأوّلى هي ساكن ، والزّحاف الطّارئ يؤثّر على بدء الوحدة الثّانية ويصبح جزءا من تركيب الوحدة الجديدة. وهذا شيء عاديّ في إيقاع الشّعر العربيّ))(15) . فإذا افتقدت الوحدات هذا الشّرط الإيقاعيّ الصّوتيّ برزت ثغرات لا رادم لها . وعلى سبيل المثال كان أبو ديب قد وقف أمّام البيت الشّعريّ الآتي:

لئن خنت عهدي إنّني غير خائن............ وأيّ محبّ خان عهد حبيب (16)

هذا البيت يتوزّع شطره الأوّل في تتابعات حركيّة يمكن معها تحقيق التّوزيع الرّياضيّ المقترح لوحدات إيقاع الطّويل ،كما يتصوّرها الخليل وكمال أبو ديب

على السّواء ، كالآتي:

3 2 – 3 2 2 – 3 2 – 3 3

وبحسب عدد الخانات 3 4 3 4

في حين تتوزّع قيم الشّطر الثّاني بشكل التّتابعات الحركيّة الآتية:

3 1 3 2 2 3 1 3 2

فإذا اعتمدنا على قاعدة تحديد الوحدات الّتي تنصّ على الآتي: ((لتحديد الوحدات نقول أنّه ليس هناك وحدة تتألّف من تكرار 3 أكثر من مرّتين . وليس هناك وحدة تتألّف من جمع أكثر من نواة من 1 3 إلى 3 . وليس هناك وحدة تتألّف من جمع 2 إلى 1 3 إلاّ كانت 2 سابقة))(17)،هذه القاعدة والقواعد الأخرى، الّتي سبق ذكرها، لايمكن أن نصل معها إلى توفير وحدات تتعادل مع قيم وحدات الشّطر الأوّل، إلاّ إذا فصلنا التّتابع 1 3 بالشّكل 1 - 3 عندها تصير قيم الشّطر الثّاني موزّعة بشكل الوحدات الآتية:

3 1 – 3 2 2 – 3 1 – 3 2

وحسب عدد الخانات = 3 4 3 3

غير أنّ هذا التّوزيع ينسف فرضيّة النّوى من أساسها ،وأبو ديب نفسه يرفض مثل هذا التّوزيع ويقول صراحة: ((هذا تعسّف يفرض على التّعبير الشّعريّ ما ليس فيه، في التّعبير ثمّة التّتابعات الحركيّة التّالية ولاشيء آخر:( 3 – 1 3 – 2 – 2 – 3 – 1 3 – 3 - 2) (18)

وهنا ينكشف خلل التّصوّر الّذي قامت عليه الوحدات؛إذ روعيت النّوى من حيث هي قيم صوتيّة مميّزة بقرارها النّغميّ الممثّل بالسّاكن ولم تراع الوحدات إلاّ بوصفها قيما رياضيّة فحسب، وإذا افتقد التّحليل المبرّرات الصّوتيّة افتقد القدرة على استظهار قيم التناسب الّتي تقوم عليها أوزان الشّعر العربيّ .

وأخيرا يقرّ أبو ديب بمأزق هذا التّصوّر الرّياضيّ المعزول عن شروط البناء الصّوتيّ، فيرى أنّه ((إذا رفضنا نظريّة الزّحاف، كما تقترح هذه الدّراسة، ولم نلجأ إلى النّبر وسيلة لتحديد إيقاع البيت واجهتنا الصّعوبة المشار إليها أعلاه ، وفي (11-1) من الفصل الأوّل))(19)

ومع هذا الخلل الواضح في طريقة تحديد الوحدات الإيقاعيّة، فإنّ فكرة النّموّ الإيقاعيّ عبر إضافة النّواة (فا) إلى سياق النّواة (علن) لا تنحصر إشكاليتها مع أوزان الكامل والوافر والخبب فحسب، ذلك لأنّها تفتح المجال لاستخراج تشكّلات مهملة أكثر ممّا يسّرته دوائر العروض، ثمّ لا نجد في قواعد النّوى والأسس العدديّة أو في القانون الّذي يحدّد ما يكون عليه بدء التّشكّل ونهايته(20) ما يفسّر سبب إهمال هذه التّشكّلات الوزنيّة.وعلى سبيل المثال نكتفي باستنباط أربعة نماذج، تلتزم بكلّ الشّروط الّتي قدّرها أبو ديب، هي:

علن فا علن فا فا علن فا = 3 2 3 2 2 3 2 = 3 2 3 4 3 2

علن فا فا علن فا علن فا فا علن فا= 3 2 2 3 2 3 2 2 3 2 = 3 4 3 2 3 4 3 2

علن فا فا علن فا فا علن فا فا = 3 2 2 3 2 2 3 2 2 = 3 4 3 4 3 4

فا علن فا علن فا فا علن = 2 3 2 3 2 2 3

هذه التّشكّلات لا تجسّدها وقائع الشّعر العربيّ ولا بدّ أن يكون بها خلل في التّناسب الإيقاعيّ.

فإذا كانت الأسس العدديّة والنّوويّة الّتي قدّرها أبو ديب هي كلّ ما يعتمد عليه إيقاع الشّعر العربيّ، فإنّه ينبغي أن تكون قادرة على كشف الاختلالات المتضمّنة في مثل هذه التّشكّلات.لكنّها لم تنجز ذلك.ومن ثم لابدّ أن تكون للبنية الإيقاعيّة القائمة في الشّعر العربيّ أسس صوتيّة وإيقاعيّة أخرى أكثر كفاية على تفسير هذه الظّواهر وغيرها.

***

http://arood.com/vb/showthread.php?p=57565#post57565

يقول الدكتور سليمان ياقوت في كتابه ( الأوزان الشعرية) عن القواعد العروضية التي وضعها د. ‏كمال أبو ديب( ص- 193) : " إنه يعقد\ فصلا في كتابه ( في البنية الإيقاعية للشعر العربي : نحو بديل ‏جذري لعروض الخليل):‏

‏" ونلخص هذا البديل الجذري الذي وضعه أبو ديب تلخيصا أمينا فنقول إنه يمكن رد تفاعيل الخليل ‏كلها إلى تفعيلتين فعولن ..و...فاعلن ، والأرقام فيما يلي مني ‏

فعولن = 3 2 ‏

لن فعو = فا علن = 2 3 ‏

ثم يعرض أوزان البحور بطريقتي أبو ديبه والخليل وأنقل لك مثالا وهو الخفيف بالطريقتين وأضيف لها الرقمي

الخليـــل : فا – علا – تن – مس – تف – علن – فا – علا – تن ‏

أبو ديب : فا – علن – فــا – فــا – فــا – علن – فا - علن – فا ‏

الرقمي : 2 .....3 .....2 ....2....2......3.....2......3......2‏

ويضيف بعد مقارنة كافة أوزان البحور بالطريقتين :" وقد تعمدت أن أكتب تفاعيل الخليل مفرقة حتى ‏أساوي بينها وبين ( فا ) و ( علن )، وهما النواتان اللتان وضعهما أبو ديب، وما كانت هذه الطريقة في ‏الكتابة إلا لسبب واحد وهو تبرير قولي إن أبا ديب لم يفعل شيئا، فهو لم يعْدُ أن قسم تفعيلات الخليل ‏إلى سبب خفيف ( فا) + وتد مجموع ( علن ) وهذا التقسيم إنما هو من صنع الخليل"‏

إنتهى النقل، وتعليقي:

‏1-‏ أنت الأجدر بقول ما تقدم

‏2-‏ الرقمي قال إن مفردتي الرقمي 2 و3 وهما من إبداع الخليل. وأبو ديب قال إن فا و علن لديه بديل ‏عن عروض الخليل

‏3-‏ كما ترين إن أبا ديب أعاد تسمية مقاطع الخليل في التفاعيل

‏4-‏ لا الرقمي ولا أبو ديب جاءا ببديل شكلي عن عروض التفاعيل بل هما استعملا السبب والوتد . ‏كما فعل ذلك الخليل، وجديد الرقمي ليس الشكل بل شمولية المضمون المجردة من ملابسات الحدود تواصلا مع فكر ‏الخليل من وراء غلالات الشكل التفعيلي.‏

‏5-‏ ترى لو كان د. أبو ديب عرف الرقمي هل كان سيجعل ما يبدو من اختلاف الشكل مادة لكتاب ‏كبير.‏

‏6-‏ هل يعرف أهل الرقمي قيمة ما لديهم؟

يرعاك الله.‏

[1] - *الرموز (فا+ا فا ) تشير إلى الفرض الّذي يتحول به ساكن (فا) الأوّلى إلى متحرك .