بعض سونيتات لشكسبير

ترجمة وتعليق

محمود عباس مسعود


SONNET 1


From fairest creatures we desire increase,

That thereby beauty's rose might never die,

But as the riper should by time decease,

His tender heir might bear his memory:

But thou contracted to thine own bright eyes,

Feed'st thy light's flame with self-substantial fuel,

Making a famine where abundance lies,

Thy self thy foe, to thy sweet self too cruel:

Thou that art now the world's fresh ornament,

And only herald to the gaudy spring,

Within thine own bud buriest thy content,

And, tender churl, mak'st waste in niggarding:

Pity the world, or else this glutton be,

To eat the world's due, by the grave and thee.


من أجمل المخلوقات نبغي ازديادا

حتى لا تموت وردة الجمال أبدا

لكن بما أن الأكثر نضوجاً ستطاله يد المنون مع الزمن

فربما خلـّد وريثه الغض الإهاب ذكراه.

لكن رباطاً وثيقاً يربطك بعينيك البراقتين

وتغذي شعلة حياتك بوقود ذاتك الحيوي،

فتخلق مجاعة حيث الخيرات تفيض بوفرة

حقاً أنك لعدو ذاتك، وأنك لقاسٍ كل القسوة على نفسك العذبة.

أنت يا من أنت زينة الدنيا ورونقها،

والبشير الوحيد لربيع زاهي الألوان بهيج

إنك لتدفن بذور كيانك في برعم حياتك

وتهدر ما لديك هدراً، أيها الشحيح البخيل.

اشفق على العالم، أو كن هذا الجشع الأكول

لتلتهم أنت والقبر غلة هذه الدنيا ومحصولها


تعليق:

شكسبير يتودد هنا إلى نبيل من النبلاء أعزب، فينصحه بالتخلي عن عزوبيته والتفكير جدياً في الزواج والإنجاب. وقد صاغ أمنيته تلك بأسلوب بليغ، معتمداً التلميح دون التصريح، ناقلاً لذلك النبيل أفكاراً حافلة بالكنايات والمحسّنات، زاخرة بالعتاب والإغراء، لعله بذلك يستميله فيأخذ برأيه ويغيّر أسلوب حياته المتسم بالوحدة والتفرد.

لا بد أن ذلك النبيل كان من أصدقاء شكسبير، وكان لهذا الأخير دالة عليه، وإلا لما كان خاطبه بمثل هذا النداء الوجداني الحار الصاعد من أعماق الغيرة والإهتمام

يخاطبه بما معناه: أنت أجمل ما خلق الله ونودّ بحرارة أن يبقى هذا الجمال حياً فلا تعبث به يد الموت، ولذلك يجب التحضير للإستمرار حتى إن حانت ساعة الرحيل، تكون قد غرستَ بذور جمالك في هذه الأرض فتحيا بها وتخلد ذكرك من بعدك

ويؤكد له أن الأشياء تنضج مع الزمن، ونضوج الإنسان هنا هو تقدمه في العمر، وأن ثمرة عمره ستسقط عاجلاً أو آجلا من غصن شجرة الحياة، ولذلك تمس الضرورة إلى وريث يحتفظ بالذكر والذكرى مخلدين.

يقول له: إنك مرتبط ببريق عينيك بدل من استثمار ذلك البريق واستيلاد بريق آخر؛ وأنك تغذي شعلة حياتك بوقودك الذاتي بدلا من إيقاد شعلة أخرى تحمل نارك ونورك وتظل مشتعلة إلى ما لا نهاية

ثم يعاتبه قائلاً: الخيرات بك ومن حولك، ومع ذلك تخلق لنفسك مجاعة وهمية وغير مبررة. هذه المجاعة هي كناية عن العزوبية وعدم الإنجاب، مع أن الإمكانات والظروف متاحة، وما عليك إلا أن تبادر وتستفيد من عنصر الزمن

ويقسو عليه بالقول: في تصرفك هذا وحرمان نفسك من الولد أنت عدو نفسك وظالم لها. فأنت أيها الوسيم، يا بهجة الدنيا.. أنت وحدك تستطيع أن تخلق ربيعاً جديداً بإنجابك طفلاً يضارع ربيع الحياة رواءً وروعة. لكنك للأسف تدفن بذورك في برعم حياتك البشرية الفانية دون أن تغرسها في تربة بشرية تنبت زهوراً غضة تنفح أنفاسك وتحمل نسغاً من كيانك

ثم يتهمه بالبخل والشح لأنه لا يصرف ما لديه على ما فيه نفعه وصالحه بل يبدد طاقاته دون طائل، حيث لا نبت ولا إزهار ولا ثمر

ثم يوجّه له نصيحة أخيرة قائلاً: اشفق على هذا العالم ولا تحرمه من نسلك، فإن لم تفعل ستتحول إلى جشع مبطان، أو غول أكول، تساهم في إنقاص عدد البشر لامتناعك عن تكثيرهم ، وبذلك تساعد القبر على التهام غلة الدنيا، أي سكان الأرض



SONNET 2

When forty winters shall besiege thy brow

And dig deep trenches in thy beauty's field

Thy youth's proud livery so gazed on now

Will be a tattered weed of small worth held

Then being asked, where all thy beauty lies

Where all the treasure of thy lusty days

To say within thine own deep sunken eyes

Were an all-eating shame, and thriftless praise

How much more praise deserved thy beauty's use

If thou couldst answer 'This fair child of mine

Shall sum my count, and make my old excuse

Proving his beauty by succession thine

This were to be new made when thou art old

And see thy blood warm when thou feel'st it cold


ملاحظة: هناك احتمال أن سن الأربعين في زمن شكسبير كانت تعتبر خريف العمر،

ربما مرحلة ما بين العقدين السابع والثامن في وقتنا الحاضر.

عندما يحاصر جبينك أربعون شتاءً

وتحفر السنون أثلاماً عميقة في حقل جمالك

فإن عنفوان شبابك الذي نبصر نضرته الآن

لن يكون سوى نبتة ممزقة لا نفع منها ولا قيمة لها.

وإن سُئلت إذ ذاك عن مكمن جمالك

وعن الكنز الذي امتلكته إبان شبابك الطافح بالقوة والحيوية

ستجيب أنه مطمور في عينيك الغائرتين

وسط عار دائم النهش مقيم، وثناء عقيم.

لكن كم ستكون مستحقاً للثناء

لو استطعت الإجابة بالقول: "ها ابني الوسيم

يروي قصة حياتي ويؤكد أنني صرفت عمري كما ينبغي أن أصرفه."

عندئذٍ سيكون وريثك برهاناً على أن جماله قد ورثه عنك، فهو في الأصل جمالك.

بابنك سيتجدد شبابك في سن الشيخوخة،

وسيجري الدم حاراً في عروقك عندما تتسلل إليك رعشة البرد.


تعليق - يقول له

عندما تبلغ سن الأربعين، وتكون السنون قد عبثت بوجهك الجميل وتركت فيه تجاعيدَ وأخاديد، يتحول شبابك الغض، الذي نعاينه الآن حقيقة ماثلة أمامنا، إلى شيء لا رونق فيه ولا رواء

وإن سئلت آنذاك عن جمالك البهي ولمن أورثته، لن تتمكن من القول أنه ما زال محفوظاً بصورة وجه آخر، بل ستقول أنه مدفون في قبر عينيك الذي طمرتَ كيانك كله به عندما رفضت الخروج من ذلك السجن الذاتي بفعل أنانيتك وافتتانك بشخصك، ويا له من عار لن يزيله أو يعوّض عنه أي ثناء

أما لو تمكنت من الإجابة بالقول: "جمالي هو ما زال حياً في ابني هذا الذي يشع بجمالي ويسري دمي في عروقه، هو برهان حيّ على أنني أديتُ واجبي في الحياة.." عندئذ ستكون مستحقاً للإكبار ومحطاً للتقدير والإعتبار

ألا فاعلم أن وريثك سيكون برهاناً حيّاً على أنه ورث جماله منك، ولذلك لم يمت جمالك لأنه ما زال متوهجاً في ابنك الذي به يتجدد شبابُك، حتى عندما تنحلّ قواك وتبلغ من العمر عتيا

وحتى عندما تتسلل إلى أعصابك رعشة الشيخوخة وتحس ببردها القارس ستشعر مع ذلك بدم الشباب الحار يجري في عروقك فيبدد تلك الرعشة وتشعر بالدفء والراحة



SONNET 3

Look in thy glass and tell the face thou viewest

Now is the time that face should form another

Whose fresh repair if now thou not renewest

Thou dost beguile the world, unbless some mother

For where is she so fair whose uneared womb

Disdains the tillage of thy husbandry

Or who is he so fond will be the tomb

Of his self-love to stop posterity

Thou art thy mother's glass and she in thee

Calls back the lovely April of her prime

So thou through windows of thine age shalt see

Despite of wrinkles this thy golden time

But if thou live remembered not to be

Die single and thine image dies with thee


انظرْ في مرآتك وقل للوجه الذي تراه

لقد آن الأوان كي يصوغ هذا الوجه وجهاً آخر.

فإن لم تجدّد نضرة هذا الوجه

تخدع العالم وتحرم امرأة من أن تصبح أمّاً.

أية امرأة لم يُحرث رحمُها بعد

ترفض لكَ زرعاً؟

ومن هو ذلك الأحمق الذي يحوّل عشقه لنفسه قبراً

يبتلع ذريته ويقطع نسله؟

أنت مرآة أمِك وهي مرآتك

فبك تجدد شبابها وتستعيد ربيع حياتها

وهذا ما ستراه أيضاً في نسلك عند الكِبَر،

سترى أيامكَ الذهبية من نوافذ شيخوختك، باستثناء التجاعيد.

أما إن رغبت في أن لا تحيا في ذاكرة الأيام والبشر،

مُتْ أعزباً تمُتْ صورتك معك.


تعليق - يقول له

انهض إلى المرآة وحدّق جيداً بوجهك، وقل له: لقد آن الأوان كي يكون لهذا الوجه صنو وسيم

هذا الوجه الذي تراه في المرآة لن يحتفظ بحسنه إلى ما انتهاء، ولذلك يجب تجديده. هذا التجديد ممكن بالزواج والإنجاب. عندئذٍ سينتقل الجمال طبيعياً من وجهك إلى وجه ابنك ليستقر هناك

أما إن لم تبادر لتجديده تكون قد ظلمت العالم بحرمانه من إنسان جميل، وربما طيب، يعيش بين ظهرانيه، وستحرم أيضاً امرأة تحلم بطفل جميل يكون قرة عينها وبهجتها في الحياة

أتظن أن واحدة من النساء ستمتنع عليك وترفض أن تنجب لك وريثاً؟

أية حماقة ترتكب بتحويل عشقك لنفسك إلى قبر يفنيك ويفني ذريتك؟

ألا تعلم أنك مرآة أمك أو أبيك. فبك يجددان شبابهما ويستمتعان بربيع حياة جديد

وهذا بالضبط ما ستختبره أيضاً في وريثك عندما يتقدم بك العمر

ستنظر إذ ذاك من نوافذ شيخوختك لترى أيام العز ماثلة بوضوح أمامك في وجه ابنك الغض كالأماليد، الخالي من التجاعيد

أما إن وجدت لا حاجة لك بأن تحيا في ذاكرة الناس أو الزمن فما عليك إلا أن تمضي حياتك أعزباً وبذلك تموت ويُدفن جمالك معك وتلك ستكون نهايتك



SONNET 4

Unthrifty loveliness why dost thou spend

Upon thy self thy beauty's legacy

Nature's bequest gives nothing but doth lend

And being frank she lends to those are free

Then beauteous niggard why dost thou abuse

The bounteous largess given thee to give

Profitless usurer why dost thou use

So great a sum of sums yet canst not live

For having traffic with thy self alone

Thou of thy self thy sweet self dost deceive

Then how when nature calls thee to be gone

What acceptable audit canst thou leave

Thy unused beauty must be tombed with thee

Which used lives th' executor to be


يا ذا الوسامة والملاحة، يا من تجيد التبذير ولا تحسن الربح

لماذا تبدد إرث جمالك على نفسك دون سواك؟

الطبيعة ذات الثراء لا تعطي شيئاً دون مقابل، لكنها تـُقـْرض،

ولأنها سخية فإنها تقرض الكرماء.

فلماذا أيها الجميل البخيل تسيء استعمال

ذلك الكنز العريض الذي وُهِب لكَ كي تمنحه لغيرك؟

أيها المُرابي الخاسر، ما الفائدة من امتلاكك لهذا الكنز العظيم

دون معرفة كيفية صرفه وتصريفه على الوجه الصحيح؟

إنك تتاجر مع نفسك فقط وليس مع سواك،

ولذلك تخدع نفسك بنفسك.

وعندما تطلب منك الطبيعة مغادرتها

كيف سيكون سجلك الذي ستتركه خلفك؟

جمالك غير المستثمر سيُلحَدُ معكَ

لكنك إن استثمرته سيخلفك في الدنيا، ويبقي على أثرك.


تعليق - يقول له

أيها الرجل الوسيم، يا من يفيض الشباب من قسمات وجهك، حقاً أنك تحسن التبذير ولا تعرف السبيل إلى الربح. لقد ورثت كنز جمالٍ كبيراً، وها أنت تبدده على نفسك دون اعتبار لأحد سواك

اعلم أن الطبيعة ثرية وتحب العطاء، إنما عطاؤها مقترن بشروط. فهي في الأصل لا تعطي الناس هبات مجانية، بل تقرضهم قوى وإمكانات تتوقع منهم إعادتها إليها بصورة أو بأخرى

هي سخية تجود على الكرماء لعلمها أن الخيرات التي تمنحها لهم سيعيدونها إليها ربما مضاعفة

وها أنت تملك، أيها الوسيم المقتر، كنزاً على هيئة طاقات حيوية يمكن استثمارها في ابن لك، تساعد به نفسك والطبيعة والمجتمع

إنك بتصرفك غير المنطقي وغير المسؤول تشبه المرابي الخاسر الذي لا يحسن التصرف بما يتصل إليه من خيرات الحياة. فما الفائدة من امتلاكك كنز الشباب والنشاط والعزيمة والذكاء إن لم تستثمر هذا الكنز وتتأكد من استمراريته، فلا يحيق به النفاد؟!

إنك تشبه ذلك التاجر الذي يبيع لنفسه ويشتري من نفسه حصراً، فيضحك بذلك على نفسه

لا بد أن تطلب الطبيعة منك عاجلاً أم آجلاً مغادرة هذا المسرح الأرضي الذي أتيت لتؤدي به دوراً أناطته بك الحياة، فما هو الأثر الذي ستتركه بعدك؟

ألا فاعلم أنك إن لم تحسن التصرف بهبة الطبيعة (جمالك) سترحل وسيفنى جمالك برحيلك

أما إن عرفتَ كيف تبقيه حياً نابضاً فسيحلّ محلك ويخلـّد ذكرك



SONNET 5

Those hours that with gentle work did frame

The lovely gaze where every eye doth dwell

Will play the tyrants to the very same

And that unfair which fairly doth excel

For never-resting time leads summer on

To hideous winter and confounds him there

Sap checked with frost and lusty leaves quite gone

Beauty o'er-snowed and bareness every where

Then were not summer's distillation left

A liquid prisoner pent in walls of glass

Beauty's effect with beauty were bereft

Nor it nor no remembrance what it was

But flowers distilled though they with winter meet

Leese but their show, their substance still lives sweet


تلك الساعات، التي أبدعتْ بها الحياة عندما كوّنت

بلمساتها الرقيقة تلك الصورة البهية التي تستهوي النظر،

ستتحول إلى طاغية مستبدٍ ضد من أنعمت عليه

وضد الصورة التي فقدت جمالها دون أن تعوّضه بآخر.

فالزمن الذي لا يهدأ يولج الصيفَ في الشتاء الكريه

ويبقيه هناك حبيسا،

حيث يُجمّد الصقيعُ العصارة وتتساقط الأوراق النابضة بالحياة.

هكذا تطمر الثلوجُ الجمالَ ويمدّ القحط بساطه في كل مكان.

فإن لم تـُستقطر عطور الصيف وتـُختزن بين جدران القوارير

سيختفي الجمال وتتلاشى معه آثاره،

ولن يذكر الناسُ ذلك الجمال فيما بعد، ولن يعرفوا مواصفاته.

لكن الزهور التي تـُستقطر عصارتـُها وتـُحفظ خلاصتها

تستبقي على جوهرها حتى في قلب الشتاء،

فلا تفقد سوى مظهرها وتظل تنفح روائحها العطرية الطيبة.


تعليق - يقول له:

لقد صرفت الحياة ساعاتٍ ثمينة في تكوين صورتك الجميلة، فتركت لمساتـُها الرفيقة الرقيقة على محياك البديع الذي يحلو النظر إليه.

لكنك إن لم تعرف مقصد الحياة من تكوينك، وتصرّفت بكيفية مخالفة لقوانين الحياة، عندئذٍ ابشر بما يسؤك. فتلك الحياة التي احتضنتك وقرّبتك من قلبها ستتحول إلى قاضٍ صارم يحاسبك حساباً عسيراً على تقصيرك في حق نفسك وحق غيرك.

وسيقتص من صورتك الجميلة، التي لم تأتِ بصنوٍ لها، فيسلبها حسنها ورونقها.

إعلم أن الزمن لا تتوقف مسيرته ولا يهدأ نشاطه. فهو يزج الصيف البهيج في قلب الشتاء الكئيب الرهيب فيحبسه بين الجليد والصقيع.. يجمّد عصارته ويعرّي أشجاره من أوراقها الناضرة.

ثم يأتي الثلج ببساطه السميك ليطغي كل أثر لجمال الصيف وبهجته، فيحل الجدب في كل صقع.

في الصيف تنبت الورود ذات الأريج، لكن فصل الصيف قصير، وإن لم يتم الإحتفاظ بعطر تلك النوّارات وخزنه في قوارير محكمة السد، ستموت الزهور والورود وتتبدد معها روائحها الزكية.

أما أن تم تقطير عصارة تلك الورود الندية والزهور الغضة والإحتفاظ بخلاصتها، ستحافظ على مادتها ورائحتها حتى في عز الشتاء. وبالرغم من فقدانها لأوراقها وشكلها تبقى مع ذلك محتفظة بعبيرها تخليداً لفصل الورود والزهور والرياحين



SONNET 6

Then let not winter's ragged hand deface

In thee thy summer ere thou be distilled

Make sweet some vial; treasure thou some place

With beauty's treasure ere it be self-killed

That use is not forbidden usury

Which happies those that pay the willing loan

That's for thy self to breed another thee

Or ten times happier be it ten for one

Ten times thy self were happier than thou art

If ten of thine ten times refigured thee

Then what could death do if thou shouldst depart

Leaving thee living in posterity

Be not self-willed for thou art much too fair

To be death's conquest and make worms thine heir.


فلا تدع يد الشتاء تمحو صيفك

قبل استقطار جوهرك

عطـّر زجاجة بطيبك، واعمل على إغناء مكانٍ ما

بكنز الجمال، قبل أن يقتل نفسه بيديه.

ذلك استثمار غير محرّم الفائدة

بل يُسعد القارض عن طيب خاطر.

من حقك على نفسك أن تأتي بصورة أخرى لك،

أما إن أتيتَ بعشر صور، فستتضاعف سعادتك عشر مرات.

وإن كررتْ العشر صور صورتـَك عشر مرات

فما حيلة الموت إن حان موعد رحيلك

وأنت حيّ في ذريتك من بعدك؟

لا تكن عنيداً وتحجم، لأنك أبهى من أن تصبح فريسة للقبر

وتسمح للدود بأن يكون وريثك.


تعليق – يقول له:

كن يقظاً لئلا يسطو عليك شتاء العمر فيمحو صيف حياتك قبل أن تتمكن من مد جذورك وإنبات بذورك في تربة الحياة.

إن امرأة تمنحها شرف إنجاب ذرية لك ستتعطر حياتها بطيبك.

وإن مكاناً ستترك فيه خلفاً لك سيغتني بروح الجمال الذي هو كنز لمن يعرف قيمته.

سارع إلى ترسيخ أصول الحسن – حسنك – في هذه الأرض قبل فوات الأوان.

استثمارك في طفل تنجبه، هو فائدة مركبة لكنها محللة عليك.

واعلم أن الطبيعة التي أقرضتك جسماً وعقلاً وقدراتٍ ستفرح لك وتبارك ما تجنيه من فائدة جراء استثمارك الحصيف، إذ من حقك على نفسك، ومن حق نفسك عليك أن تنسخ صورتك قبل الرحيل.

إن أتيت بصورة واحدة ستبتهج نفسُك لتكرار صورتها. أما إن أتيت بعشر صور فستصبح بهجتك الواحدة عشر مباهج! وإن كررتْ الصورُ العشر نفسها عشر مرات، ستتضاعف صورك وتتكاثر بحيث تعجز يد الموت عن طمس إسمك ومحو رسمك من خريطة العالم عندما يحين موعد رحيلك، لأنك إذ ذاك ستحيا في كل واحد من نسلك.

دعك من العناد والإحجام عن الزواج. حرام يا رجل تغدو فريسة القبر، حيث سيكون الدود وريثك الذي ينهش لحمك ويعيث بجثمانك فساداً. فبئس الوريث الخبيث وبئس القرار قرارك إن تمسكت بعنادك وأحجمت عن الإنجاب.



SONNET 7

Lo in the orient when the gracious light

Lifts up his burning head, each under eye

Doth homage to his new-appearing sight

Serving with looks his sacred majesty

And having climbed the steep-up heavenly hill

Resembling strong youth in his middle age

Yet mortal looks adore his beauty still

Attending on his golden pilgrimage

But when from highmost pitch with weary car

Like feeble age he reeleth from the day

The eyes (fore duteous) now converted are

From his low tract and look another way

So thou, thy self out-going in thy noon

Unlooked on diest unless thou get a son


أنظر وتأمل! عندما ينبلج النور الرائع من المشرق

يرفع هامته المتوهجة عالياً، فتحتفي العيون بطلته الجديدة

وتظهر له التقدير اللائق، إذ تنبهر بجلاله المقدس.

وحتى بعد تسلقه التلة السماوية الضاربة صعوداً،

بهمة فتى قويّ معافى، في عز الشباب،

تظل أعين الناس مشدودة إليه معجبة ببهائه،

ومتتبعة لمسيرته الذهبية.

لكنه عندما يبلغ الذروة

يترنح من عبء النهار، وسط عربته التعبة

فتتحول عنه نفس العيون التي أبدت إعجابها به قبلاً

وتنأى ببصرها عن مساره الآخذ في الهبوط، لتنظر في اتجاه آخر.

هكذا ستكون أنت عندما تعبر ظهيرة عمرك:

ستمضي ولا من ينظر إليك، ما لم تنجب ابناً لكَ.


تعليق – يقول له:

خذ الدرس من الطبيعة! أنظر إلى الشمس عند شروقها البديع، فما أن تطل بوجهها الصبوح حتى تتجه الأبصار نحوها وتفرح بمصافحة محياها الجميل، مبدية دهشتها بدفئها وتوهجها، مبهورة بروعتها التي حباها الله بها.

تبزغ وتأخذ في الإرتفاع التدريجي والأبصار مشدودة إليها،تتعقب مسارها، متعجبة من قوتها الفتية الفوّارة بالعزم والنشاط والحيوية.

لكن ما أن تبلغ الذروة في كبد السماء، حتى تبدو وكأن مسيرتها النهارية قد أصابتها بالإعياء، فتتقلص هيبتها في العيون التي كانت ترنو إليها بإكبار وإعجاب، وتشيح تلك العيون ببصرها عن مسارها الآخذ في الاصفرار والإنحدار، لتنظر في اتجاه آخر.

وهكذا ستكون يا صاح عندما تجنح شمس حياتك نحو الغروب. ستتلاشى من أفق هذا العالم ولن يذكرك أحد ما لم تكن قد تركت أثراً ذهبياً لك يجدد ضياءك ويواصل تألقه في سمائك.



SONNET 8

Music to hear, why hear'st thou music sadly

Sweets with sweets war not, joy delights in joy

Why lov'st thou that which thou receiv'st not gladly

Or else receiv'st with pleasure thine annoy

If the true concord of well-tuned sounds

By unions married do offend thine ear

They do but sweetly chide thee, who confounds

In singleness the parts that thou shouldst bear

Mark how one string sweet husband to another

Strikes each in each by mutual ordering

Resembling sire, and child, and happy mother

Who all in one, one pleasing note do sing

Whose speechless song being many, seeming one

Sings this to thee, 'Thou single wilt prove none'


يا من أنت لحنٌ رائع يطيب الإستماع إليه،

لمَ تسمع النغم المذيب بحزنٍ كئيب؟

العذبُ لا يتصارع مع العذب، والفرح يبتهج بالفرح.

كيف يمكنك أن تحب ما لا تتقبله بسرور؟

أو لماذا تتقبل برضاء ما يجلب لك الإزعاج؟

إن كانت الأصوات الحسنة الإنسجام، المتآلفة النغم

تصك مسمعك وتخدش أذنيك

فهي بذلك تعاتبك عتاباً رقيقا،ً

يا من تقضي على عناصر حيوية بفعل عزوبيتك.

لاحظ ، يا من يليق بك أن تكون زوجاً لإحداهن،

كيف ترتبط الوشائج ببعضها باتساق متبادل،

بما يشبه حبل المودة الذي يربط ما بين الأب والإبن والأم السعيدة،

إذ ينشدون بنغمة عذبة، أنشودة صامتة

ومع أنها أكثر من أنشودة، لكنها تنطق بصوت واحد، قائلة لك:

إن حافظت على عزوبيتك فسيتقلص ظلك وتفقد اعتبارك.

تعليق – يقول له:

يا من تشبه اللحن البديع الذي يمتع الآذان ويريح الأعصاب! لماذا تصغي إلى أنغام الموسيقى العذبة بغمٍ واكتئاب؟ ألا تعلم أن العناصر التوافقية لا تخاصم بعضها، وأن المسرّات تتضاعف بالأفراح؟

لسبب ما لا يريحك سماع تلك الأنغام العذبة الرخيمة، لذلك تجد صعوبة في تقبلها والتلذذ بها.

ومع ذلك هناك أشياء تحبها مع أنها لا تجلب لك سوى المضايقة والإنزعاج.

الأنغام المريحة للنفس يبدو أنها لا تريحك بالرغم من عذوبتها وطبيعتها المنسجمة. أتدري لماذا؟ لأنها تخاطب حسّك الأدبي وتعاتبك على تقصيرك في أداء واجب حيوي مفروض عليك من الحياة نفسها. أجل، لقد وضعتْ الحياة بين يديك وديعة ثمينة ولا تريدك أن تفرّط بها لأنك ستـُسأل عنها.

حياة البشر متصلٌ بعضُها ببعض بتناغم طبيعي. هذا نلمسه في العلاقة الأسرية بين الأب والأم والأولاد، حيث تربط ما بين مشاعرهم عُرى المحبة والوئام.

فلماذا لا تبادر إلى ربط خيوط الحياة وتمتينها بدل تقطيعها وتمزيقها؟ ألا يجدر بك أن تتخذ لك زوجة تألف إليها وتأسس معها أسرة؟

إن فعلتَ ستباركك الحياة وستعزف لك أعذبَ أنغامِها. أما إن قررت عدم الإنصياع لنداء الحياة فسيتحول إنشادها إلى تقريع صاخب يترجم ذاته إلى عبارة مفادها:

إن عشت بقية عمرك أعزباً فستعزب عن الأذهان وتـُمحى من ذاكرة الإنسان.



SONNET 9

Is it for fear to wet a widow's eye

That thou consum'st thy self in single life

Ah, if thou issueless shalt hap to die

The world will wail thee like a makeless wife

The world will be thy widow and still weep

That thou no form of thee hast left behind

When every private widow well may keep

By children's eyes, her husband's shape in mind

Look what an unthrift in the world doth spend

Shifts but his place, for still the world enjoys it

But beauty's waste hath in the world an end

And kept unused the user so destroys it

No love toward others in that bosom sits

That on himself such murd'rous shame commits


هل الخوف من أن تتسبب في ترقرق الدمع في عين أرملة

يدفعك إلى التشبث بحياتك الفردية، حياة العزوبة؟

لكن واحسرتاه، إن متّ دون عقب

سيبكي العالم عليك بكاء الأرملة على زوجها الراحل.

وبالمثل، إن لم تترك صورة لك، ستكون الدنيا أرملتك

وتواصل نحيبها عليك،

في حين تحتفظ كل أرملة بصورة زوجها الراحل ماثلة في ذهنها

فتبصر شكله ومحياه في أعين أولادها.

إن ما ينفقه السخي في العالم يظل العالم يتمتع به، بالرغم من انتقال المانح منه.

لكن الحُسن المبدَّد يتلاشى من العالم،

وإذ يبقى غير مستثمَر، يقضي صاحبه عليه.

إن من يفعل ذلك لا يحتفظ بحبٍ لآخر في صدره،

بل يجلب على نفسه عاراً قاتل.


تعليق – يقول له:

ما الذي يمنعك من الزواج؟ هل هو خوفك من أن تتزوج ثم تموت عن أرملة ترثيك بدموعها السخية السخينة؟ ألهذا السبب تصر على صرف عمرك أعزبا؟

لكن يجب أن تعلم أنك إن متَّ دون إنجاب سيبكيك العالم ويتحسر عليك كما تبكي الأرملة على زوجها الذي اختطفته منها يد المنون.

وإن لم تخلـّف صورة لك في هذه الدنيا، فإنك سترمّل الحياة نفسها فتبكيك ويتواصل حدادها عليك.

الأرملة التي لها أولاد من زوجها الراحل تبقى صورته العزيزة حاضرة في ذهنها، إذ تراه ماثلاً في أعين أولادها فتتعزى بقربه وحضوره بالرغم من موت جسده.

السخي الذي يصرف على العالم ما لديه من إمكانات، أي يترك له صورة حية من ذاته، يساعد العالم بسخائه فيظل يتمتع بعطائه بالرغم من رحيل المانح عن هذه الأرض.

أما الذي يملك حسناً ولا يحسن تخليده بتجديده يضيّع ذلك الحسن فيزول من الدنيا ويصبح أثراً بعد عين. ونظراً لعدم استثمار صاحبه له يُعدِمه فيتلاشى مرة وإلى الأبد من هذا العالم. وكل من يفعل ذلك هو إنسان أناني لا يحب أحداً سوى ذاته، وبفعلته تلك يجلب على نفسه عاراً لا تغسله الأيام ولا تمحوه الأعوام.



SONNET 10

For shame deny that thou bear'st love to any

Who for thy self art so unprovident

Grant if thou wilt, thou art beloved of many

But that thou none lov'st is most evident

For thou art so possessed with murd'rous hate

That 'gainst thy self thou stick'st not to conspire

Seeking that beauteous roof to ruinate

Which to repair should be thy chief desire

O change thy thought, that I may change my mind

Shall hate be fairer lodged than gentle love

Be as thy presence is gracious and kind

Or to thy self at least kind-hearted prove

Make thee another self for love of me

That beauty still may live in thine or thee


عارٌ أن لا تحمل حباً لغيرك

يا من لا تحسن التدبير ويعوزك بعد النظر!

اعترف إن طاب لك الإعتراف، أنك محبوبٌ من قبل كثيرين،

لكن واضح أنك لا تحب أحداً

لأن كراهية مقيتة تتملكك وتنهشك نهشا

لدرجة أنك لا تتورع عن التآمر على نفسك،

وهدم سقف المنزل الجميل الذي هو منزلك.

ترميم هذا المنزل يجب أن يكون رغبتك الأساسية.

بالله عليك أن تغيّر نيتك حتى أغيّر رأيي بك.

أيجوز أن يستوطنك البغض بدل الحب الرقيق؟

كن كما يوحي حضورك، لطيفاً، كريم النفس

أو ارحم نفسك، على الأقل.

اصنع نفساً أخرى لك، إكراماً لخاطري

حتى يبقى الجمال حياً بك وبذريتك.


تعليق – يقول له:

لا يليق بك أن تقصِر حبك على نفسك فقط دون سواك. تعوزك الحكمة وحسن التصرف، وتحتاج إلى توسيع نظرتك حتى ترى الصورة الكبيرة بكل أبعادها.

سواء اعترفت أم لم تعترف، أنت تدرك جيداً أن لك محبين كثر، ومع ذلك لا يبدو أنك تحب أحداً من هؤلاء أو سواهم، لأن نار الكراهية تكويك وأنيابها القاطعة تمزق باطنك تمزيقا. ونتيجة لذلك فقدتَ الإحساس بما هو صحيح ولائق ورحت تتآمر حتى على نفسك، وتهدم سقف بيتك بيدك. هذا البيت هو أسرتك التي ينبغي لك أن تنشئها، وعدم اضطلاعك بالمهمة هو مِعْول هدمٍ لذلك المنزل الأسري الذي لا راحة لك بدونه ولا اطمئنان.

مهما تعددت رغباتك وتشعبت، يجب أن تأخذ في الإعتبار أن الرغبة الأولى يجب أن تنصَبّ على ترميم وصيانة البناء العائلي والتأكد من سلامته.

أناشدك أن تقلع عن هذا النمط الإنفرادي الذي ارتضيتـَه لنفسك حتى أغيّر رأيي بك وأنظم لك ثناءً عذباً بدل التقريع المرير.

غريب! أنت قادر على أن تفتح قلبك للحب الرقيق ومع ذلك تسمح للبغضاء بأن تسكن ذلك القلب وتملؤه أنانية وكراهية.

محضرُك سارٌ، يوحي باللطف ونبل الأخلاق، فلماذا لا تكون ذلك مَحْضراً ومخبراً؟ أشفِق على نفسك يا رجل، وانسخ لك صورة أخرى إكراماً لخاطري، حتى لا يزول الجمال بزوالك بل يحيا بذريتك من بعدك مثلما نراه الآن نابضاً بك، متدفقاً من شخصك المتألق حسناً وبهاءً.

والسلام عليكم